شنَّت إسرائيل غارات على قطاع غزة، بعد إقرار اتفاق وقف إطلاق النار في مدينة شرم الشيخ المصرية، ودخوله حيز التنفيذ، بعد تأخر «الكابينت» في المصادقة عليه.
تلك الخروق الإسرائيلية المتكررة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، مُعتادة من إسرائيل، حسب وقائع سابقة، وستكون هناك لجنة مراقبة لتنفيذ اتفاق شرم الشيخ للنظر فيها ووقفها، وتكون عادة من الوسطاء، وتوقعوا ألا تستمر الخروق، وأن يواصل الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، دعم تنفيذ الاتفاق.
ورغم إعلان مصر وقطر وترمب، الخميس، التوصُّل لاتفاق وقف إطلاق النار بين «حماس» وإسرائيل، عقب اجتماعات بشرم الشيخ، قصفت قوات الجيش الإسرائيلي، فجر الجمعة، مدينتي خان يونس وغزة.
وأفادت «وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا)» بأن قوات الجيش الإسرائيلي قصفت منطقة الكتيبة وسط مدينة خان يونس جنوب القطاع بعدة قذائف مدفعية، تزامناً مع تحليق طيران مسيّر في أجواء المدينة، الجمعة.
كما شهد شرق مدينة غزة غارة لطائرات إسرائيلية، وقصفاً مدفعياً، وإطلاق نار من طائرات مروحية، وفق ما نقلته «وكالة الأنباء الألمانية»، في حين ذكرت «وفا» مساء الخميس، أن 33 شخصاً قُتِلوا، وفُقد 40 آخرون، إثر غارات نفّذها الطيران الإسرائيلي وعمليات نسف للمنازل في جميع أنحاء القطاع.
والجمعة، أعلن المتحدّث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، أن اتفاق وقف إطلاق النار دخل حيّز التنفيذ، اليوم، في تمام الساعة 12:00 (بالتوقيت المحلي)، بعد إعلان مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مصادقة الحكومة على مقترح ترمب، مما يعني بدء المرحلة الأولى من الاتفاق، التي تشمل تسليم رهائن خلال 72 ساعة، مع انسحاب إسرائيلي من عدة مناطق.
وقال نتنياهو، في تصريحات، الجمعة، إن القوات الإسرائيلية ستبقى في غزة للضغط على حركة «حماس» حتى تلقي سلاحها، وتُعَد تلك القضية محل مشاورات مقبلة بعد تسليم الرهائن وانسحاب إسرائيلي أولي.

وفي السياق، أعلن الدفاع المدني في غزة، الجمعة، أن القوات الإسرائيلية بدأت الانسحاب من مناطق عدة في القطاع، لا سيما من مدينتي غزة وخان يونس، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».
وقال مبعوث الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، على منصة «إكس»، إن القيادة الوسطى للجيش الأميركي أكدت أن الجيش الإسرائيلي «أنجز المرحلة الأولى من الانسحاب إلى الخط الأصفر عند الظهر بالتوقيت المحلي»، مضيفاً أن «فترة الـ72 ساعة لإطلاق سراح الرهائن بدأت».
وقال الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء سمير فرج، إنه سيتم تشكيل لجنة مراقبة بشأن تنفيذ اتفاق شرم الشيخ، وستتلقى الشكاوى لمعالجتها، مشيراً إلى أن الخروقات معتادة من الجانب الإسرائيلي، وفقاً لسوابق في قطاع غزة، لكنها لن تصل لتكرار سيناريو جنوب لبنان، لأن المواقف مختلفة تماماً، وهناك إصرار أميركي على تنفيذ الاتفاق.

وأوضح المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، أن إسرائيل تعاملت مع الاتفاق، منذ الجمعة، وأن ما سبق لم يكن ملزماً لها، لأنها كانت تنتظر المصادقة أولاً، وغير مستبعَد تنفيذ سيناريو جنوب لبنان والضربات المتكررة، حال رفضت «حماس» نزع سلاحها.
ويرى مطاوع أن نتنياهو متقبّل خطة ترمب، ويراها لا تعارض أهدافه بتفكيك «حماس» ونزع سلاحها، وسيكون حريصاً على استكمالها. أما الأزمة، فستكون عند «حماس»، وإن أصرَّت على افتعال أزمات فهذا سيكون انتحاراً وإضراراً بمسار الاتفاق.
وبخلاف تسليم الرهائن والانسحاب، تترقب الأوساط الفلسطينية والعربية والدولية توقيع الاتفاق رسمياً. وأعلنت الرئاسة المصرية، في بيان، الخميس، أن ترمب قبل دعوة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، لحضور مراسم التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وذلك عقب اتصال هاتفي بينهما.
تأتي هذه الزيارة رغم أن ترمب لم يفزْ الجمعة، بـ«جائزة نوبل للسلام» لهذا العام، رغم توسُّطه في اتفاق وقف إطلاق نار تاريخي بين إسرائيل وحركة «حماس»، بعد أكثر من عامين من الحرب، وتلميحه أكثر من مرة إلى أنه يستحقها.
وقالت صحيفة «نيويورك بوست» الأميركية، الجمعة، إن ذلك لم يكن ازدراءً، بل مجرد سوء توقيت؛ فقد اتخذت اللجنة المسؤولة عن اختيار الفائز بالجائزة المكونة من 5 أعضاء قرارها، يوم الاثنين، قبل يومين من إبرام اتفاق السلام، بمنح الجائزة لزعيمة المعارضة الفنزويلية، ماريا كورينا ماتشادو.
ويعتقد فرج أن وصول ترمب لمصر لحضور مراسم توقيع الاتفاق سيزيد من دعم التنفيذ بشكل أكبر، مستبعداً أن يتأثر الاتفاق بعدم حصول الرئيس الأميركي على «جائزة نوبل»، خصوصاً أنه سيكون حريصاً على إتمامه كاملاً ليحصل عليها، العام المقبل، وفرصه ستكون أكبر آنذاك.
ولا يرى مطاوع أن لجائزة نوبل تأثيراً كبيراً في مسار ترمب لدعم تنفيذ الاتفاق، مشيراً إلى أن الرئيس الأميركي لديه مخططات كبيرة، ويريد أن يتفرغ لأوكرانيا والصين وملف إيران، وبالتالي سيكون أحرص على إغلاق ملف غزة.
