بعد أشهر من المطالب المتكررة من الرئيس الأميركي دونالد ترمب لوزارة العدل بفتح تحقيقات مع بعض خصومه السياسيين، وجّهت مدعية عامة في فيرجينيا اتّهامات على خلفية احتيال عقاري ضد المدعية العامة لنيويورك الديمقراطية ليتيسيا جيمس، التي أغضبت ترمب بعد ولايته الأولى بدعوى قضائية تتهمه ببناء إمبراطوريته التجارية على أكاذيب بشأن ثروته.
وقدمت المدعية العامة الفيدرالية العليا للمنطقة الشرقية من فيرجينيا، ليندسي هاليغان، وهي مساعدة سابقة لترمب في البيت الأبيض، قراراً اتهامياً إلى هيئة محلفين كبرى، مضمّنة إياه اتهامات ضد جيمس (66 عاماً) بأنها قامت بعملية احتيال مصرفي وأدلت بتصريحات كاذبة لمؤسسة مالية في ما يتعلق بشراء منزل في نورفولك، فيرجينيا خلال عام 2020.
ويعد القرار الاتهامي، الذي صدر بعد نحو أسبوعين من قضية جنائية منفصلة ضد مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي «إف بي آي» السابق جيمس كومي بالكذب على الكونغرس، أحدث مؤشر على تصميم ترمب على استخدام صلاحيات إنفاذ القانون التي تتمتع بها وزارة العدل لملاحقة خصومه السياسيين والشخصيات العامة التي حققت معه سابقاً.
وقدمت هاليغان بنفسها القضية ضد جيمس، على غرار ما فعلته في القضية المرفوعة ضد كومي. ومن المقرر أن تمثل جيمس للمرة الأولى أمام المحكمة الفيدرالية في نورفولك، فيرجينيا، في 24 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي.
منزل ثان
يتعلق القرار الاتهامي بشراء جيمس منزلاً في نورفولك، حيث تعيش عائلتها. وأثناء البيع، وقعت على وثيقة تُسمى «ملحق المنزل الثاني» وافقت فيها على الاحتفاظ بالعقار في المقام الأول «لاستخدامها الشخصي ومتعتها لمدة عام واحد على الأقل»، ما لم يوافق المُقرض على خلاف ذلك.
وبدلاً من استخدام المنزل مسكناً ثانياً، يزعم القرار الاتهامي أن جيمس أجرته لعائلة مكونة من ثلاثة أفراد، مضيفاً أن هذا التضليل سمح لجيمس بالحصول على شروط قرض مواتية غير متاحة للعقارات الاستثمارية. وقالت هاليغان في بيان إن «لا أحد فوق القانون»، مضيفة أن التهم «تُمثل أفعالاً جرمية متعمدة وانتهاكات جسيمة لثقة الجمهور. الحقائق والقانون في هذه القضية واضحان، وسنواصل متابعتهما لضمان تحقيق العدالة».
ونددت جيمس بالقرار الاتهامي. ووصفته في بيان بأنه «ليس سوى استمرار لسياسة الرئيس اليائسة في تسليح نظامنا القضائي»، مضيفة أن «هذه الاتهامات لا أساس لها، وتصريحات الرئيس العلنية توضح أن هدفه الوحيد هو الانتقام السياسي بأي ثمن». واعتبرت أن «تصرفات الرئيس تمثل انتهاكاً خطيراً لنظامنا الدستوري، وأثارت انتقادات لاذعة من أعضاء كلا الحزبين» الجمهوري والديمقراطي.

واتّبعت قضيتا كومي وجيمس مساراً غير تقليدي نحو توجيه الاتهام، إذ تضمن أيضاً قيام إدارة ترمب الشهر الماضي بطرد المدعي العام المخضرم أريك سيبرت الذي أشرف على التحقيقين لأشهر، وقاوم الضغوط لتوجيه اتهامات. واستبدل به ليندسي هاليغان، التي عملت أيضاً محامية لترمب، ولم تشتغل سابقاً مدعية عامة فيدرالية. ووصفت جيمس قرار إقالة سيبرت واستبدال مدعية عامة «مخلصة تماماً» للرئيس ترمب به بأنه «يتعارض مع المبادئ الأساسية لبلدنا»، مؤكدة تمسكها بتحقيقها مع ترمب وشركته، معتبرة أنه «مبني على الحقائق والأدلة - وليس على أسس سياسية».
«رغبة في الانتقام»
وأفاد وكيل الدفاع عن جيمس المحامي آبي لويل، الذي يمثل العديد من أهداف ترمب، بأن جيمس «تنفي هذه التهم بشكل قاطع وحازم». وقال في بيان: «نشعر بقلق بالغ من أن هذه القضية مدفوعة برغبة الرئيس ترمب في الانتقام»، مضيفاً أنه «عندما يوجه الرئيس علناً توجيه اتهامات ضد شخص ما - في حين أفادت التقارير بأن المحامين المحترفين خلصوا إلى عدم وجود مبرر - فإن ذلك يمثل اعتداءً خطيراً على سيادة القانون. سنحارب هذه الاتهامات بكل الطرق التي يسمح بها القانون».
وتشغل جيمس منصب المدعية العامة منذ عام 2019 لتكون المرأة السوداء الأولى التي تُنتخب لهذا المنصب على مستوى ولاية نيويورك. وهي فازت بسهولة بإعادة انتخابها عام 2022.
ويدافع ترمب منذ أشهر عن توجيه الاتهامات إلى جيمس، وينشر على وسائل التواصل الاجتماعي أنها «مذنبة تماماً». كما تُجري وزارة العدل تحقيقات في ادعاءات تتعلق بالرهن العقاري ضد عضوة مجلس الاحتياط الفيدرالي ليزا كوك، والسيناتور الديمقراطي آدم شيف.

