ماذا تحمل الأيام المقبلة للاتحاد الأوروبي بعد فوز الشعبويين بانتخابات التشيك؟

رئيس الوزراء المحتمل: لا أموال لأوكرانيا لشراء الأسلحة

الملياردير اليميني الشعبوي أندريه بابيش (إ.ب.أ)
الملياردير اليميني الشعبوي أندريه بابيش (إ.ب.أ)
TT

ماذا تحمل الأيام المقبلة للاتحاد الأوروبي بعد فوز الشعبويين بانتخابات التشيك؟

الملياردير اليميني الشعبوي أندريه بابيش (إ.ب.أ)
الملياردير اليميني الشعبوي أندريه بابيش (إ.ب.أ)

في أعقاب فوزه الساحق بالانتخابات البرلمانية بجمهورية التشيك التي جرت نهاية الأسبوع الماضي، أكد الملياردير اليميني الشعبوي أندريه بابيش موقفه المؤيد للاتحاد الأوروبي، غير أن بعض سياساته قد تشكل خطورة على السياسة الصناعية للتكتل وعلى دعمه لأوكرانيا.

ويسعى بابيش الآن إلى تشكيل حكومة أقلية، بعدما صار حزبه الشعبوي «آنو» (نعم)، المعارض، القوة السياسية الأقوى في البلاد؛ إثر حصوله على ما يربو قليلاً على 34.5 في المائة من أصوات الناخبين.

الملياردير اليميني الشعبوي أندريه بابيش يعقد مشاورات مع الرئيس التشيكي (إ.ب.أ)

وقال بابيش إنه سوف يسعى إلى الحصول على دعم لحكومته من حزب «الحرية والديمقراطية المباشرة» اليميني المتطرف، الذي نال 7.8 في المائة (15 مقعداً)، وحزب «سائقو السيارات» اليميني الشعبوي، الجديد، الذي حصل على 6.8 في المائة و13 مقعداً.

وعقب استقباله بابيش في وقت مبكر صباح يوم الأحد الماضي، قال الرئيس التشيكي بيتر بافيل إنه سوف يعلن تشكيل الحكومة الجديدة في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، على أقرب تقدير، كي يعطي الساسة مجالاً لإجراء مفاوضات.

وسوف يشغل حزب «آنو» 80 مقعداً من أصل 200 في مجلس النواب. ونال تحالف سبولو (معاً) الذي ينتمي ليمين الوسط، بقيادة رئيس الوزراء اليميني الوسطي بيتر فيالا 23.4 في المائة من الأصوات، مقابل 27.8 في المائة في انتخابات عام 2021، ووصلت نسبة مشاركة الناخبين في التصويت 69 في المائة، وهي أعلى من النسبة المسجلة في 2021.

مصدر إزعاج آخر لبروكسل

وإثر فوزه في الانتخابات، شدّد بابيش على أنه مؤيد لأوروبا، وأنه يريد «أن تسير أوروبا على نحو جيد». ولكن من المتوقع أن يكون بابيش، الذي شغل منصب رئيس الوزراء خلال الفترة من 2017 وحتى 2021، شريكاً صعباً لأوروبا، حيث إنه تعهد خلال الحملة الانتخابية، بوقف شحنات الأسلحة لأوكرانيا، وبـ«تدمير» الاتفاق الأخضر (الصفقة الأوروبية الخضراء - برنامج الاتحاد الأوروبي للحياد المناخي) - وإنهاء حزمة الهجرة واللجوء الأوروبية (ميثاق الهجرة واللجوء).

رئيس الوزراء الحالي بيتر فيالا (رويترز)

وبحسب كاريل هافليتشك، الرجل الثاني في حزب «آنو»، سوف تبعث الحكومة المقبلة، على الفور، برسالة إلى بروكسل تخطرها بأن جمهورية التشيك لن تطبق حصص الانبعاثات بالنسبة للمنازل، وأنها تعتزم رفض ميثاق الهجرة واللجوء.

ورغم ذلك، سوف يواجه بابيش مشاكل أقرب إلى وطنه عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع حزب الحرية والديمقراطية المباشرة، بما في ذلك، على سبيل المثال، ضغوط الحزب اليميني المتطرف لإجراء استفتاء على الخروج من الاتحاد الأوروبي، بحسب ما ذكره بيتر غوست، المحلل من جامعة «متروبوليتان» في العاصمة التشيكية براغ.

وقال غوست: «من الواضح أن هذه القضية سوف تكون مطروحة على الطاولة، وسوف تصبح قضية لبعض المساومات»، مضيفاً أن ذلك يمنح حزب «الحرية والديمقراطية المباشرة» بعض «إمكانية للابتزاز»، حيث لن يتمكن بابيش من الحكم من دونه.

ولكن بابيش «لن يكون مهتماً بالطبع، باتخاذ أي خطوات متسرعة فيما يتعلق (بعضوية) الاتحاد الأوروبي»، بحسب غوست، الذي أشار إلى مصالح زعيم «آنو» التجارية في غرب أوروبا.

ويمتلك الملياردير بابيش شبكة تضم أكثر من 250 شركة، كما أسس شركة «أجروفيرت»، وهي شركة قابضة تعمل في مجال الزراعة والكيماويات الزراعية، ويعمل بها قرابة 31 ألف شخص.

كما يمثل المؤيدون المحتملون الآخرون لبابيش مشكلة للاتحاد الأوروبي: وترك حزب «سائقو السيارات» بصمته الأولى على الخريطة السياسية التشيكية عندما حصل على مقعدين بالبرلمان الأوروبي في انتخابات عام 2024. وانتقد الحزب الصفقة الخضراء للاتحاد الأوروبي، ودعا إلى خفض الضرائب وتقليص الإجراءات البيروقراطية في مجالات الأعمال التجارية والمدارس والإسكان وحماية البيئة والزراعة وغيرها. ويريد الحزب إعفاء من تعهد البلاد بالانضمام إلى منطقة اليورو في مرحلة ما، ودعا إلى مزيد من الاستقلالية داخل الاتحاد الأوروبي، رغم أنه يوافق على العضوية في التكتل.

الملياردير اليميني الشعبوي أندريه بابيش زعيم حزب «آنو» (نعم) (أ.ب)

أصدقاء في أماكن مثيرة للاهتمام

يعد بابيش صديقاً لأكثر المنتقدين صراحة داخل الاتحاد الأوروبي، وهو رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، كما أنه يعلن بشكل واضح عن إعجابه بالرئيس الأميركي دونالد ترمب.

وأسس بابيش مجموعة «وطنيون من أجل أوروبا» في البرلمان الأوروبي، بالاشتراك مع أوربان. ومع ذلك، لا يراه المحللون آيديولوجياً أو استراتيجياً متشككاً بقوة في الاتحاد الأوروبي، بل يرونه سياسياً براغماتياً.

ولذلك، ليس هناك ما يدعو إلى إجراء تغيير جذري في السياسة الخارجية للتشيك، وفقاً لما يراه مارتن فوكاليك، من فرع مركز الأبحاث التشيكي «يوروبيوم»، في بروكسل، وأيضاً المحلل البلجيكي جان ميشال دي وايل، من جامعة «بروكسل الحرة».

وقال فوكاليك إن حزب «آنو» تمكن من استغلال حالة الإحباط لتعبئة ناخبيه، واستطاع جذب بعض من مؤيدي الأحزاب المتطرفة والاحتجاجية، لكن المجتمع التشيكي لا يريد «الابتعاد تماماً عن الإطار الديمقراطي وعن التوجه الأوروبي للبلاد».

وقال فوكاليك: «لا أتوقع تغييراً جذرياً في السياسة الخارجية للتشيك تحت قيادة رئيس الوزراء المحتمل بابيش، رغم أن ذلك سيعتمد إلى حد ما على الشكل النهائي لحكومته».

وفيما يتعلق بالتداعيات على الاتحاد الأوروبي، قال دي وايل إن هذا بالتأكيد ليس نبأ ساراً، مضيفاً أن الحكومة التشيكية بقيادة بابيش قد تعقد بناء أوروبا بشكل أقوى وأكثر وحدة من الناحية الاقتصادية والاجتماعية والعسكرية.

ورغم ذلك، قال عالم السياسة السلوفاكي رادوسلاف شتفانشيك، من جامعة «براتيسلافا» للاقتصاد والأعمال، إن بابيش لا يظهر موقفاً مؤيداً لروسيا بقدر ما يفعل أوربان، أو رئيس الوزراء السلوفاكي روبرت فيكو.

ويعتقد شتفانشيك أنه نظراً لأن جمهورية التشيك تخلصت من اعتمادها على واردات الطاقة من روسيا، فإن بابيش لن يدافع عن العلاقات مع روسيا بالطريقة نفسها التي يفعلها أوربان وفيكو.

رئيس الوزراء الحالي بيتر فيالا (رويترز)

متاعب محتملة لكييف

أكد بابيش موقفه بعدم إرسال أموال لشراء الأسلحة لأوكرانيا في حربها ضد الغزو الروسي. وأعلن الأربعاء، في براغ: «لن نعطي أوكرانيا كرونة واحدة من ميزانيتنا لشراء الأسلحة». وأضاف أن الحكومة لا تمتلك حتى المال الكافي لتغطية احتياجات جمهورية التشيك.

وجمهورية التشيك لا تزال تستخدم عملتها الخاصة، الكرونة. وأشار بابيش، إلى أن كييف تتلقى بالفعل مساعدات مالية بمليارات الدولارات عبر الاتحاد الأوروبي. لكنه أوضح أن شركات الأسلحة التشيكية يمكنها الاستمرار في تصدير الأسلحة إلى أوكرانيا. وأضاف بابيش البالغ 71 عاماً: «ليس لدينا أي مشكلة في ذلك». وفي الوقت ذاته، دعا بابيش حلف «الناتو» إلى تبني مبادرة تشيكية بشأن الذخائر.

ويذكر أنه تم تزويد أوكرانيا بحوالي 3.5 مليون طلقة من الذخيرة ذات العيار الأعلى من 20 ملم ضمن هذا المشروع، الذي كان مبادرة رئيسية من جانب ائتلاف يمين الوسط بقيادة رئيس الوزراء التشيكي الذي سيترك منصبه بيتر فيالا. وتأتي هذه الذخيرة من دول ثالثة لم يتم الكشف عن أسمائها، وتعد ألمانيا من بين المساهمين الماليين في هذه المبادرة. وقال إنه مستعد لمناقشة مستقبل الخطة مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. كما صرح بابيش لوسائل الإعلام الأوكرانية بأن كييف «غير مستعدة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي... وعلينا إنهاء الحرب أولاً».

ومع ذلك، شدّد على دعمه لجيرانه البولنديين، وأعلن أن بولندا «كانت دوماً أقرب شريك لجمهورية التشيك». وقال: «إذا وقع أمر ما، لا قدر الله، فسوف نقف إلى جانب بولندا»، مضيفاً أن هذا الدعم يمتد أيضاً إلى الحدود الشرقية لبولندا مع أوكرانيا.

وانتقد بابيش الحكومة المنتهية ولايتها في التشيك بسبب «طمرها» مجموعة فيسيغراد، وهي شكل من أشكال التعاون الإقليمي يضم جمهورية التشيك وبولندا والمجر وسلوفاكيا. وقال رئيس الوزراء السلوفاكي فيكو، يوم الأحد الماضي، إنه يتوقع أن تعزز عودة بابيش للسلطة مجموعة فيسيغراد. ويهتم فيكو بالمجموعة بوصفها لاعباً إقليمياً قوياً في تعزيز المصالح الوطنية، ويأمل في تقوية دورها تجاه بروكسل.

تهنئة من بودابست وبراتيسلافا و«وطنيون من أجل أوروبا»

وعلى مستوى الاتحاد الأوروبي، انتقل حزب «آنو» من مجموعة «تجديد أوروبا» الليبرالية في الاتحاد الأوروبي إلى مجموعة «وطنيون من أجل أوروبا»، اليمينية في عام 2024، حيث يجلس هناك جنباً إلى جنب مع حزب «فيدس» المجري، وحزب «الحرية» النمساوي، وحزب «التجمع الوطني» الفرنسي، بقيادة مارين لوبان. وغرّد أوربان على منصة «إكس»، عقب الانتخابات التشيكية، مشيراً إلى خطوة واسعة للجمهورية: «سادت الحقيقة».

كما جاءت التهنئة لحزب «آنو» من زملاء في المجموعة البرلمانية الأوروبية «وطنيون من أجل أوروبا»، جوردان بارديلا من فرنسا، وماتيو سالفيني من إيطاليا. ويقول بارديلا، تمثل نتائج الانتخابات التشيكية موجة من الدعم «لصالح حرية المشاريع، وإنهاء السياسات البيئية القمعية، ومناهضة الهجرة غير المنضبطة».

الملياردير اليميني الشعبوي أندريه بابيش زعيم حزب «آنو» (نعم) (إ.ب.أ)

وقال سالفيني، نائب رئيسة وزراء إيطاليا، إن المجموعة البرلمانية تكتسب مزيداً من الدعم في أنحاء أوروبا. وغرّد سالفيني عبر منصة «إكس»: «صديقنا أندريه بابيش يفوز في انتخابات جمهورية التشيك، ويهزم اليسار، ويستعد لقيادة حكومة ستركز على مكافحة الهجرة غير الشرعية، ومعارضة الحرب، ووقف السياسات المجنونة التي تتبعها بروكسل».

وحال انضمام حزب «سائقو السيارات» إلى «آنو»، فقد تصبح براغ مصدر قلق لرئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين.

وقد يقف بابيش عائقاً أمام بعض القضايا الرئيسية، مثل توفير أموال لإعادة إعمار كييف باستخدام الأصول الروسية المجمدة لدى الاتحاد الأوروبي، أو إطلاق المراحل المستقبلية من عملية انضمام أوكرانيا للتكتل.


مقالات ذات صلة

تقرير: زيلينسكي مستعد للدعوة لاستفتاء على خطة ترمب بعد التوصل لوقف النار

أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (إ.ب.أ) play-circle

تقرير: زيلينسكي مستعد للدعوة لاستفتاء على خطة ترمب بعد التوصل لوقف النار

نقل موقع «أكسيوس» عن الرئيس الأوكراني قوله إنه «مستعد» للدعوة إلى إجراء استفتاء على خطة الرئيس الأميركي لإنهاء الحرب في أوكرانيا إذا وافقت روسيا على وقف النار.

«الشرق الأوسط» (كييف)
الولايات المتحدة​ صورة للقاء عاصف بين ترمب وزيلينسكي في البيت الأبيض يوم 28 فبراير (أ.ف.ب)

ترمب وزيلينسكي يبحثان «عقبتين رئيسيتين» أمام اتفاق السلام

أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أنه سيلتقي نظيره الأميركي دونالد ترمب، الأحد، في محاولة لوضع اللمسات الأخيرة على خطة السلام الأميركية لأوكرانيا.

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأميركي جورج دبليو بوش خلال مؤتمرهما الصحافي في مدينة سوتشي على البحر الأسود جنوب روسيا 6 أبريل 2008 (أ.ب)

بوتين لبوش عام 2001: أوكرانيا مصطنعة وكانت تابعة لروسيا

في وثائق سرية أميركية، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لنظيره الأميركي جورج بوش الابن عام 2001 إن أوكرانيا «مصطنعة» وكان يفترض أن تكون تابعة لروسيا.

علي بردى (واشنطن)
تحليل إخباري ماكرون يستقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بمقر إقامته الصيفي في حصن بريغانسون يوم 19 أغسطس 2019 (د.ب.أ)

تحليل إخباري باريس ترسم خريطة الضمانات الأمنية لكييف قبيل زيارة زيلينسكي إلى واشنطن

فرنسا تركز على تنسيق المواقف بين أوكرانيا وأوروبا والولايات المتحدة، ومصدر رئاسي فرنسي: قمة لـ«تحالف الراغبين» الشهر المقبل، ولا خطط لماكرون بعدُ لزيارة موسكو.

ميشال أبونجم (باريس)
الولايات المتحدة​ ويتكوف في برلين في 15 ديسمبر 2025 (أ.ب)

مبعوثو ترمب إلى الشرق الأوسط... تغريد خارج سرب البيروقراطية

لم يدخل الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض في عهده الثاني برتابة الرؤساء السابقين الذين التزموا بالسياسات الأميركية التقليدية والأعراف الدولية.

رنا أبتر (واشنطن)

إصابة 3 نساء بجروح في عمليات طعن بمترو باريس

قطار يدخل محطة مترو في باريس (أ.ف.ب)
قطار يدخل محطة مترو في باريس (أ.ف.ب)
TT

إصابة 3 نساء بجروح في عمليات طعن بمترو باريس

قطار يدخل محطة مترو في باريس (أ.ف.ب)
قطار يدخل محطة مترو في باريس (أ.ف.ب)

أقدم رجل مسلّح بسكين، الجمعة، على مهاجمة عدة نساء على الخط الثالث لمترو العاصمة الفرنسية باريس.

ووفقاً لعدة مصادر أمنية، قام رجل بإخراج سكين وطعن ثلاث نساء في محطات مختلفة على الخط الذي يربط بين باغنوليه ولوفالوا-بيريه.ووقعت الاعتداءات بين الساعة 16:15 و16:45 بالتوقيت المحلي وفق ما ذكرته وسائل إعلام فرنسية نقلاً عن مصدر أمني.

وجرى إسعاف الضحايا بسرعة من قبل فرق إطفاء باريس. وأشارت مصادر أمنية إلى أن إصابات النساء الثلاث وُصفت بالطفيفة.

وقالت شاهدة عيان كانت حاضرة في محطة ريبوبليك وقت الاعتداء: «أصيبت شابة في منطقة الفخذ، وكان هناك الكثير من الدم، لقد كان جرحاً عميقاً».

ولاذ المشتبه به بالفرار عبر الخط الثامن للمترو، قبل أن يتم توقيفه لاحقاً في منزله بمدينة سارسل الشمالية التابعة لإقليم فال دواز.

وأفاد مصدر أمني أن الرجل من أصول مالية، ومن مواليد عام 2000. واستُبعد، وفقاً للمصدر ذاته، وجود أي دافع إرهابي وراء الحادث، مرجّحاً أن يكون الفعل ناتجاً عن شخص مختل نفسياً أو يعاني من هشاشة نفسية.

وبعد نحو ساعتين من وقوع الاعتداءات، عاد الخط الثالث للمترو للعمل بشكل طبيعي.


تقرير: زيلينسكي مستعد للدعوة لاستفتاء على خطة ترمب بعد التوصل لوقف النار

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (إ.ب.أ)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (إ.ب.أ)
TT

تقرير: زيلينسكي مستعد للدعوة لاستفتاء على خطة ترمب بعد التوصل لوقف النار

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (إ.ب.أ)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (إ.ب.أ)

نقل موقع «أكسيوس» الإخباري عن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قوله إنه «مستعد» للدعوة إلى إجراء استفتاء على خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنهاء الحرب في أوكرانيا إذا وافقت روسيا على اتفاق لوقف إطلاق النار.

وأكّد الموقع الأميركي أن زيلينسكي ما زال يأمل في تحسين بنود خطة ترمب لإنهاء الحرب، وأشار إلى أنه سيسعى إلى الحصول على موافقة الشعب على الخطة إذا لم يتم التوصل لاتفاق «قوي» بشأن الأراضي.

ونقل «أكسيوس» عن زيلينسكي قوله إن الحد الأدنى لمدة وقف إطلاق النار من أجل ترتيب وإجراء الاستفتاء في أوكرانيا هو 60 يوماً.

وفيما يتعلق بالاتفاقات الأميركية-الأوكرانية، قال زيلينسكي إن مدة اتفاق الضمانات الأميركية يجب ألا تقل عن 15 عاماً، مشيراً إلى أن موافقة ترمب على ذلك الأمر في الاجتماع المزمع بين الرئيسين، بعد غد الأحد، في فلوريدا سيعدّ «نجاحاً كبيراً».

وأضاف الرئيس الأوكراني أن الغرض من اجتماع الأحد المقبل هو استغلال التقدم الذي جرى إحرازه من أجل وضع إطار عام لإنهاء الحرب.

محاولة «نسف»

واتهمت روسيا، الجمعة، أوكرانيا بمحاولة «نسف» المفاوضات بشأن الخطة الأميركية لإنهاء الحرب، مشيرة إلى أن النص الجديد الذي قدّمته كييف هذا الأسبوع «يختلف اختلافاً جذرياً» عما تفاوضت عليه موسكو مع الأميركيين.

وقال نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، في تصريحات متلفزة نقلتها «وكالة الصحافة الفرنسية» إن «قدرتنا على بذل الجهد النهائي والتوصل إلى اتفاق تعتمد على عملنا والإرادة السياسية للطرف الآخر، ولا سيما في ظل تكثيف كييف وداعميها -خصوصاً داخل الاتحاد الأوروبي الذين لا يؤيدون الاتفاق- جهودهم لنسفه».

وأضاف ريابكوف: «دون حلٍّ جذري للمشكلات الكامنة وراء هذه الأزمة، سيكون من المستحيل التوصل إلى اتفاق نهائي»، داعياً إلى الالتزام بالإطار الذي وضعته قمة الرئيسين فلاديمير بوتين ودونالد ترمب في ألاسكا في أغسطس (آب) 2025، وإلا «فلا يمكن التوصل إلى أي اتفاق».

وقدّم زيلينسكي، الأربعاء، النسخة المنقحة من الخطة الأميركية، التي جرى تحديثها بعد مفاوضات مع كييف مقارنة بالنسخة الأصلية التي عُرضت قبل أكثر من شهر.

وتقترح هذه الوثيقة الجديدة المكونة من 20 بنداً تجميد خطوط المواجهة من دون تقديم حل فوري للقضايا المرتبطة بالأراضي، كما تُسقط مطلبين رئيسيين من موسكو؛ هما انسحاب القوات الأوكرانية من منطقة دونباس، والتزام أوكرانيا القانوني بعدم الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو).

وأشار ريابكوف، الجمعة، إلى أن «هذه الخطة، إن صحّ التعبير، تختلف اختلافاً جذرياً عن النقاط الـ27 التي وضعناها في الأسابيع الأخيرة، منذ بداية ديسمبر(كانون الأول) بالتعاون مع الجانب الأميركي».


باريس ترسم خريطة الضمانات الأمنية لكييف قبيل زيارة زيلينسكي إلى واشنطن

زيلينسكي يتوسّط قادة أوروبيين ومفاوضين أميركيين خلال محادثات في برلين حول أوكرانيا يوم 15 ديسمبر (د.ب.أ)
زيلينسكي يتوسّط قادة أوروبيين ومفاوضين أميركيين خلال محادثات في برلين حول أوكرانيا يوم 15 ديسمبر (د.ب.أ)
TT

باريس ترسم خريطة الضمانات الأمنية لكييف قبيل زيارة زيلينسكي إلى واشنطن

زيلينسكي يتوسّط قادة أوروبيين ومفاوضين أميركيين خلال محادثات في برلين حول أوكرانيا يوم 15 ديسمبر (د.ب.أ)
زيلينسكي يتوسّط قادة أوروبيين ومفاوضين أميركيين خلال محادثات في برلين حول أوكرانيا يوم 15 ديسمبر (د.ب.أ)

بينما تتجه الأنظار إلى الاجتماع المرتقب بين الرئيسين الأميركي دونالد ترمب، والأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في الساعات القليلة المقبلة، بمناسبة الزيارة الجديدة التي سيقوم بها فولوديمير زيلينسكي إلى الولايات المتحدة الأحد، عجّلت باريس بعرض رؤيتها للمرحلة المقبلة وللتحركات التي تنوي القيام بها، فضلاً عن الأولويات التي يتعيّن أن تدور حولها المناقشات للتوصل إلى وقف لإطلاق النار، والتي تشكل الضمانات الأمنية المفترض أن تقدم لكييف عصبها الأساسي.

ثلاث ضمانات

من هذا المنظور، ركّز مصدر رفيع المستوى في القصر الرئاسي على الأهداف التي تعمل فرنسا على تحقيقها، أبرزها «تكتيكي»، ويتمثّل في تدعيم وحدة المقاربة والهدف بين أوكرانيا وأوروبا والولايات المتحدة، بهدف التوصل إلى «قواعد واضحة» لتحقيق وقف لإطلاق النار يمكن التحقق منه، ولطمأنة الطرف الأوكراني بأن روسيا لن تعتدي عليه مجدداً.

الرئيس الفرسي إيمانويل ماكرون متحدثاً للصحافة بعد انتهاء أعمال القمة الأوروبية في بروكسل يوم 18 ديسمبر (أ.ب)

وتُركّز باريس على أن الضمانات الأمنية يتعين أن تندرج في ثلاثة سياقات: الأول، توفير الدعم الكامل للجيش الأوكراني الذي ترى فيه «الضمانة الأولى» للدفاع عن أوكرانيا. من هنا، تشيد باريس بالقرار الذي توصل إليه القادة الأوروبيون مؤخراً في بروكسل بمنح كييف قروضاً قيمتها 90 ملياراً للعامين المقبلين، تنقسم إلى مساعدات عسكرية وأخرى لدعم ميزانية البلاد. أما الضمانة الثانية، فمصدرها «تحالف الراغبين» الذي يضم نحو 35 دولة، أكثريتها الساحقة أوروبية، والذي يخطط لنشر قوة مساندة ليست مهمّتها الدخول في قتال مع القوات الروسية، بل ستنتشر بعيداً عن خط وقف إطلاق النار، فتكون بمثابة «قوة طمأنة» لأوكرانيا، وتقوم بعدة مهمات، منها التدريب ونزع الألغام والرقابة. والضمانة الثالثة يُفترض أن توفرها الولايات المتحدة لأوكرانيا ولـ«تحالف الراغبين».

ورغم غياب توصيف دقيق لما ستوفره، فإن الجانب الأوكراني يتحدث عن ضمانات تُشبه ما توفره «الفقرة الخامسة» من معاهدة الحلف الأطلسي، التي تنصّ على أن أي اعتداء على عضو في الحلف يُعدّ اعتداءً على كل الأعضاء. وأكّد المصدر الرئاسي أن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، الذي شارك في اجتماع سابق لـ«تحالف الراغبين»، عبّر عن التزام بهذا المعنى.

وبرأيه، فإن الطرف الأميركي منخرط «جدياً» في تقديم الضمانات التي ترى فيها باريس الشرط الأول للاتفاق. ولبّ هذه الضمانة أن معاودة روسيا حربها على أوكرانيا ستعني أنها ستجد في وجهها الأوروبيين والأميركيين معاً، ما يوفر المصداقية لـ«قوة الطمأنة».

قمة «تحالف الراغبين»

من هذه الزاوية، تُفهم أهمية القمة التي سيدعو إليها الرئيس إيمانويل ماكرون لـ«تحالف الراغبين» الشهر المقبل، وتأمل باريس أن تتم بحضور أميركي رفيع. ومن المرتقب أن يشارك في القمّة الرئيس الأوكراني، وسيكون غرضها وضع اللمسات الأخيرة على ما سيقدمه «التحالف». وتكمن أهمية المشاركة الأميركية في ملف الضمانات في أن العديد من أعضاء «التحالف» ربطوا مشاركتهم بالتزام أميركي واضح بالدفاع عن أوكرانيا (وأيضاً عن الأوروبيين)، في حال تجدد الحرب.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال اجتماعه برئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك في وارسو يوم 19 ديسمبر (إ.ب.أ)

ويتمسك الأوروبيون بأن تكون مهمة الطرف الأميركي الرقابة على خط وقف إطلاق النار، ليس من خلال نشر قوات مراقبة ميدانياً، بل من خلال وسائل المراقبة الإلكترونية والجوية عبر طائرات وأقمار اصطناعية ومجسّات.

وتجدر الإشارة إلى أن هيئة أركان مشتركة أُنشئت منذ عدة أشهر، ومقرها العاصمة الفرنسية، تعمل على بلورة الخطط العسكرية للانتشار الميداني المحتمل. لكن الصعوبة أنه، حتى اليوم، لم تُعرف هوية الدول الراغبة في إرسال وحدات عسكرية للمشاركة في «قوة الطمأنة». وعلى المستوى الأوروبي، أكّدت فرنسا وبريطانيا مشاركتهما، وهما الدولتان اللتان ترأسان بالتناوب «التحالف»، في حين تدرس ألمانيا هذه المسألة، ولم تتخذ بعدُ قرارها. وخلاصة الملف أن الأطراف الثلاثة تريد تعزيز التنسيق للتوصل إلى خطة تحرك متوافق عليها.

روسيا «ليست في موقع قوة»

تعتبر المصادر الرئاسية الفرنسية أن التوصل إلى اتفاق لوضع حدّ للحرب، الدائرة بين روسيا وأوكرانيا منذ بداية عام 2022، ممكن قبل نهاية العام، إلا أن شرطه أن تقنع المقترحات المشتركة الأوكرانية والأوروبية والأميركية روسيا بالتجاوب معها، و«هذه مسؤولية الطرف الأميركي بالتشاور والتنسيق مع الطرفين الآخرين».

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (إ.ب.أ)

وترفض باريس فكرة أن روسيا بصدد الانتصار وفي موقع قوة. وأدلتها على ذلك كثيرة؛ فميدانياً «عجزت القوات الروسية حتى اليوم عن تحقيق اختراق حاسم في إقليم دونباس»، في حين أن القوات الأوكرانية ما زالت صامدة. كذلك، تعاني روسيا من تمويل حربها، ما دفعها لبيع بعض مخزونها من الذهب، ولرفع مستوى ضريبة القيمة المضافة.

أما دبلوماسياً، فإن موسكو تجد نفسها في مواجهة تقارب العواصم الأوكرانية والأوروبية والأميركية، كما أنها لا تملك أفقاً واضحاً للتوصل إلى اتفاق مع واشنطن التي غيرت سياساتها مرات عديدة. وخلاصة باريس أن ما سبق يعد «أوراقاً ضاغطة» على السلطات الروسية، تُكمّل العقوبات الأوروبية والأميركية المفروضة على الاقتصاد الروسي.

اتصال ماكرون - بوتين

عند انتهاء القمة الأوروبية في بروكسل يوم 18 من الشهر الحالي، فاجأ ماكرون الجميع بإعلانه أنه ينوي التحدث مجدداً مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. ويعود آخر تواصل بين الرئيسين إلى شهر يوليو (تموز) الماضي، وقد كُرّس في غالبيته للملف النووي الإيراني.

ماكرون يستقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بمقر إقامته الصيفي في حصن بريغانسون يوم 19 أغسطس 2019 (د.ب.أ)

وحرص المصدر الرئاسي على طمأنة الأوروبيين بأن ماكرون حريص على «التشاور والشفافية» مع القادة الأوروبيين، وأنه لا يقوم بخطوة منفردة. ومنطلقه في ذلك أنه «لا يجوز ترك مهمة التفاوض مع الطرف الروسي للجانب الأميركي في مسائل تهم الأمن الأوروبي»، وأن الحوار المرغوب مع بوتين يجب أن يكون «متطلباً ومتشدداً».

بيد أن الإليزيه نفى الأخبار التي نشرتها الصحافة الروسية، والتي تتحدث عن زيارة ماكرون لموسكو. كذلك نفى أن يكون قد حصل اتصال بين الرئيسين. ورحب المصدر الرئاسي بالدعوة التي صدرت عن مسؤول ألماني للقيام بمبادرة فرنسية - ألمانية مشتركة في موضوع معاودة التواصل مع بوتين، إلا أنه أعرب عن الرغبة في العمل مع الأوروبيين الآخرين «رغم المسؤولية الخاصة» التي يتحملها الطرفان الألماني والفرنسي بشأن الحرب في أوكرانيا.