«حماس» تسعى لتعزيز «ضمانات» وقف حرب غزة... والوسطاء يعززون المشاركة

السيسي يدعو ترمب لحضور توقيع اتفاق حال التوصل إليه

فلسطينيون يمشون يوم الأربعاء بجوار أنقاض مبنى دمَّرته الغارات الإسرائيلية في حي صبرة بمدينة غزة (رويترز)
فلسطينيون يمشون يوم الأربعاء بجوار أنقاض مبنى دمَّرته الغارات الإسرائيلية في حي صبرة بمدينة غزة (رويترز)
TT

«حماس» تسعى لتعزيز «ضمانات» وقف حرب غزة... والوسطاء يعززون المشاركة

فلسطينيون يمشون يوم الأربعاء بجوار أنقاض مبنى دمَّرته الغارات الإسرائيلية في حي صبرة بمدينة غزة (رويترز)
فلسطينيون يمشون يوم الأربعاء بجوار أنقاض مبنى دمَّرته الغارات الإسرائيلية في حي صبرة بمدينة غزة (رويترز)

تدخل لقاءات رفيعة المستوى في مدينة شرم الشيخ المصرية، منطقة متقدمة في اتخاذ القرار؛ بحثاً عن إنهاء الحرب على القطاع التي دخلت عامها الثالث، ورأى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن تلك المساعي «تسير في شكل إيجابي»، ودعا إثرها نظيره الأميركي دونالد ترمب لحضور الاتفاق بشأنها حال تم التوصل إليه.

وزاد الزخم بشأن مستوى حضور المفاوضات الرامية إلى وقف الحرب في إطار خطة طرحها ترمب وحظيت بموافقة مبدئية من إسرائيل وحركة «حماس». وانضم إلى لقاءات شرم الشيخ بشأن غزة، الأربعاء، رئيس المخابرات العامة المصرية اللواء حسن رشاد، ورئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ورئيس المخابرات التركي إبراهيم قالين، بخلاف رئيس الوفد الإسرائيلي الوزير رون دريمر، والمبعوثين الأميركيين ستيف ويتكوف، وغاريد كوشنر.

تحصيل ضمانات

وقال مصدر في «حماس» لـ«الشرق الأوسط» إن الحركة تسعى إلى «تحصيل ضمانات» خشية انقلاب إسرائيل على الاتفاق بعد الحصول على محتجزيها، بينما عدَّ القيادي في الحركة عزت الرشق، في بيان، أن ترفيع مستوى المشاركة المصرية والقطرية والتركية في المفاوضات يمثل «دفعة قوية لتحقيق نتائج إيجابية لوقف الحرب وتبادل الأسرى»، مشيراً إلى أن ذلك التوجه «يضيّق هامش المناورة أمام (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو لمواصلة العدوان وإفشال المفاوضات».

ورغم أن مصادر من مستويات مختلفة داخل «حماس» لم تخفِ قلقها من «تلاعب إسرائيلي، أو انحياز أميركي»؛ فإنها نقلت في حديثها لـ«الشرق الأوسط» عن الوفد المفاوض أنه «يشعر هذه المرة أنه أكثر تفاؤلاً بشأن إمكانية الحصول على ضمانات واضحة، في ظل أيضاً تقديمها بشكل غير ملتبس من الوسطاء الذين نقلوا رسائل باسم الرئيس الأميركي بأنه سيقدم كل ما هو لازم من أجل ضمان أن تنتهي الحرب».

وأثناء ذلك الحراك، أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الأربعاء، أن مفاوضات شرم الشيخ تجري الآن لإنهاء الحرب على غزة وتسير بشكل إيجابي، وأن مصر تبذل جهوداً لم تتوقف لإنهاء الحرب على غزة.

صورة جوية تُظهِر حجم الدمار الذي خلّفه الهجوم الإسرائيلي على بيت لاهيا شمال قطاع غزة خلال الحرب (أ.ب)

ووجَّه الرئيس السيسي، في كلمة خلال حفل تخرج دفعة جديدة من طلبة أكاديمية الشرطة، رسالة لترمب بمواصلة دعمه للتوصل إلى اتفاق بشأن غزة، داعياً إياه لحضور توقيع اتفاق غزة في مصر حال التوصل إليه. وتنص خطة الرئيس الأميركي التي أُعلن عنها في 29 سبتمبر (أيلول) على وقف إطلاق النار، والإفراج عن الرهائن المحتجزين في غزة خلال 72 ساعة، والانسحاب التدريجي للجيش الإسرائيلي ونزع سلاح «حماس».

القوائم شارفت على الانتهاء

وكشفت مصادر لـ«الشرق الأوسط» عن أن «المفاوضات المتعلقة بأسماء قوائم الأسرى من الجانبين شارفت على الانتهاء، وبالتزامن يجري البحث في خطوط الانسحاب من داخل المدن الفلسطينية داخل القطاع، وكذلك في الحصول على ضمانات أوضح وخطية من الولايات المتحدة».

وفي قطاع غزة، أفادت مصادر ميدانية من الفصائل الفلسطينية ببدء «حصر أسماء ما تبقى من مختطفين على قيد الحياة وأماكنهم، إلى جانب حصر مواقع الجثث لإتاحة الفرصة للبحث عنها وانتشالها». وتوضح المصادر أن «عملية تجميع المختطفين الأحياء والأموات لن تبدأ قبل وقف الطلعات الجوية الحربية والاستخباراتية، إلى جانب انسحاب القوات البرية الإسرائيلية من بعض المناطق مبدئياً لإتاحة الفرصة أمام انتشال بعض جثامين المختطفين من مناطق موجودة بها تلك القوات أو بالقرب منها».

ويرى المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أن هذا الزخم سواء باللقاءات أو بدعوة الرئيس المصري لترمب يزيد التفاؤل بقرب التوصل إلى اتفاق أو أن هامش الفيتو والخلافات، لا سيما بمرحلة بحث أسماء الأسرى وجغرافيا الانسحابات باتت محدودة، مستدركاً: «لكن (حماس) تريد ضمانات لتنفيذ الاتفاق ولو حضر الرئيس الأميركي ووقَّع؛ فهذا ضمانة واضحة ويمكن التفاؤل بعدها أكثر».

الرئيس المصري خلال مشاركته في حفل تخرج دفعة جديدة من طلبة أكاديمية الشرطة الأربعاء (الرئاسة المصرية)

حراك في باريس

وبعد حديث وزير خارجية مصر، بدر عبد العاطي، في مؤتمر صحافي، الثلاثاء، عن تحرك بأوروبا للإعداد لاعتماد مقترح ترمب بمجلس الأمن، أفادت تقارير بأن وزراء خارجية دول أوروبية وعربية يعقدون اجتماعاً في باريس، بشأن غزة، الخميس.

وقالت مصادر لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن الاجتماع الوزاري سيناقش خصوصاً «قوة الاستقرار الدولية والحكم الانتقالي في غزة والمساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار ونزع سلاح (حماس) ودعم السلطة الفلسطينية وقوات الأمن الفلسطينية».

وقالت ثلاثة مصادر دبلوماسية، الأربعاء، لـ«رويترز» إن من المتوقع أن يشارك وزير الخارجية الأميركي مارك روبيو في اجتماع باريس مع أطراف أوروبية وعربية، ومن دول أخرى لمناقشة خطط الوضع بعد انتهاء الحرب في غزة.

وأضافت المصادر أن هذا الاجتماع يُعدّ استمراراً للمبادرة الفرنسية - السعودية الداعمة لحل الدولتين، والتي تُوّجت بإقرار «إعلان نيويورك» في سبتمبر بشأن الاعتراف بدولة فلسطين، و«سهّلت اعتماد الخطة الأميركية» لإنهاء الحرب في قطاع غزة.

وإلى جانب السعودية وفرنسا، من المتوقع أن يشارك في الاجتماع كل من ألمانيا، وإسبانيا، وإيطاليا، والمملكة المتحدة، ومصر، وقطر، والإمارات العربية المتحدة والأردن، بالإضافة إلى إندونيسيا، وكندا وتركيا التي ترغب في المشاركة بفاعلية في إنشاء بعثة استقرار في غزة بعد وقف إطلاق النار.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ووزير الخارجية السعودي يترأسان قمة الاعتراف بفلسطين وحل الدولتين بالجمعية العامة في نيويورك الشهر الماضي (إ.ب.أ)

ويرى الرقب أن هذه الجهود تعني أن هناك «حرصاً عربياً وإسلامياً متواصلاً على تطويق أي محاولات للالتفاف على خطة ترمب، والمضي في زيادة ضمانات نجاحها بشكل كبير»، مؤكداً أن الساعات المقبلة حاسمة في إنهاء الحرب في ضوء مفاوضات شرم الشيخ واجتماع باريس.

في السياق ذاته، شدّد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على أهمية استثمار الزخم الناتج من الخطة الأميركية والاعترافات الدولية بدولة فلسطين، والعمل على إطلاق مسار سياسي سلمي يفضي إلى حل الدولتين وفقاً لمقررات الشرعية الدولية.

وخلال اتصال هاتفي أجراه الرئيس المصري، الأربعاء، بنظيره الجزائري عبد المجيد تبون، أطلع السيسي نظيره الجزائري على الجهود التي تبذلها مصر لإنهاء الحرب في غزة، ومسار المفاوضات التي تستضيفها وتيسرها مصر في شرم الشيخ بين حركة «حماس» والجانب الإسرائيلي بمشاركة قطر والولايات المتحدة.

ووفق بيان رئاسي مصري، أشاد الرئيس الجزائري بجهود مصر في وقف الحرب، وتسهيل وصول المساعدات، ورفض تهجير سكان غزة، مؤكداً دعم الجزائر الكامل لهذه الجهود الرامية إلى إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني.


مقالات ذات صلة

تحذيرات مصرية من عرقلة «مسار اتفاق غزة» وتجزئة الإعمار

تحليل إخباري فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين بغزة (أ.ف.ب)

تحذيرات مصرية من عرقلة «مسار اتفاق غزة» وتجزئة الإعمار

تتواصل جهود الوسطاء للدفع بالمرحلة الثانية في اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وسط مخاوف وتحذيرات مصرية

محمد محمود (القاهرة )
الولايات المتحدة​ ويتكوف في برلين في 15 ديسمبر 2025 (أ.ب)

مبعوثو ترمب إلى الشرق الأوسط... تغريد خارج سرب البيروقراطية

لم يدخل الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض في عهده الثاني برتابة الرؤساء السابقين الذين التزموا بالسياسات الأميركية التقليدية والأعراف الدولية.

رنا أبتر (واشنطن)
المشرق العربي الدخان يتصاعد بعد انفجارات نفذها الجيش الإسرائيلي داخل الخط الأخضر شمال شرقي بيت لاهيا بغزة (أ.ف.ب) play-circle

الجيش الإسرائيلي يقتل فلسطينيين اثنين في غزة

كشف الجيش الإسرائيلي اليوم (الجمعة) أنه قتل فلسطينيين اثنين في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
أوروبا وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول (د.ب.أ)

ألمانيا لن تشارك في قوة استقرار بغزة «في المستقبل المنظور»

أعلن وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول أن ألمانيا لن تشارك في المستقبل المنظور في قوة دولية للاستقرار في غزة ضمن خطة السلام الخاصة بالقطاع.

«الشرق الأوسط» (برلين)
العالم العربي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

رئيس هيئة الاستعلامات المصرية: نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق غزة

قال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية ضياء رشوان اليوم الخميس إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

تحذيرات مصرية من عرقلة «مسار اتفاق غزة» وتجزئة الإعمار

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين بغزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين بغزة (أ.ف.ب)
TT

تحذيرات مصرية من عرقلة «مسار اتفاق غزة» وتجزئة الإعمار

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين بغزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين بغزة (أ.ف.ب)

تتواصل جهود الوسطاء للدفع بالمرحلة الثانية في اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وسط مخاوف وتحذيرات مصرية، من عرقلة ذلك المسار المرتقب أن يدخل حيز التنفيذ بعد أقل من أسبوع في يناير (كانون الثاني) المقبل.

ذلك الموقف المصري، الرافض لتجزئة الإعمار أو تقسيم قطاع غزة أو وضع شروط إسرائيلية بشأن قوات الاستقرار في القطاع، يحمل رسائل مهمة للضغط على إسرائيل قبل لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في 29 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وفق تقديرات خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، وتوقعوا أن تضغط واشنطن لبدء المرحلة الثانية في ضوء تلك الرسائل المصرية.

وأعلن وزير الخارجية الألماني، يوهان فاديفول، في تصريحات، الجمعة، أن ألمانيا لن تشارك في المستقبل المنظور في قوة دولية للاستقرار في غزة ضمن خطة السلام الخاصة بالقطاع المتوقع أن تنتشر الشهر المقبل.

هذه الخطوة تعزز مخاوف مصرية، تحدث بها رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، ضياء رشوان، متهماً نتنياهو بأنه «يحاول إعادة صياغة المرحلة الثانية وحصرها في مطلب نزع سلاح المقاومة، وهو ما لا ينص عليه الاتفاق، وتدركه الولايات المتحدة جيداً»، مشيراً إلى مساعٍ إسرائيلية لإقحام قوة حفظ الاستقرار في أدوار لا تتعلق بتكليفها، مثل نزع السلاح، وهو أمر لن توافق عليه الدول المشاركة.

وأكد رشوان، الخميس، وفق ما أوردت قناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، أن «محاولات نتنياهو قد تؤدي إلى تأجيل أو إبطاء التنفيذ، لكنها لن تنجح في إيقاف المرحلة الثانية»، مشيراً إلى أن «نتنياهو يسعى بكل السبل لتجنب الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، ودفع واشنطن إلى مواجهة مع طهران، بما قد يعيد إشعال غزة ويُفشل المرحلة الثانية من الاتفاق».

والخميس، نقل موقع «واي نت» الإخباري الإسرائيلي عن مصدر عسكري قوله إن نتنياهو سيُطلع ترمب على معلومات استخباراتية عن خطر الصواريخ الباليستية الإيرانية خلال اجتماعهما المرتقب قبل نهاية العام الحالي، لافتاً إلى أن بلاده قد تضطر لمواجهة إيران إذا لم تتوصل أميركا لاتفاق يكبح جماح برنامج الصواريخ الباليستية - الإيرانية.

أمين عام «مركز الفارابى للدراسات السياسية»، الدكتور مختار غباشي، قال إن التصريحات المصرية واضحة وصريحة، وتحمل رسائل للكيان الإسرائيلي وواشنطن قبل الزيارة المرتقبة، مؤكداً أن الغضب المصري عندما يصل لهذه المرحلة من الرسائل المباشرة، تضع واشنطن في حساباتها الوصول لنقطة تقارب بين القاهرة وتل أبيب.

وأكد المحلل السياسي الفلسطيني، نزار نزال، أن التصريحات المصرية تحمل في طياتها رسائل ومخاوف حقيقية من ترسيخ إسرائيلي للوضع القائم من منظور أمني وليس سياسياً، على أمل أن تتحرك واشنطن بجدية لوضع نهاية له.

منازل مدمرة في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

ولا يتوقف الموقف المصري عند مجرد المخاوف، بل يحمل تحذيرات واضحة، وقال وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، الخميس، في مقابلة مع التلفزيون المصري، إن «هناك خطين أحمرين في غزة، الخط الأحمر الأول يتمثل في عدم الفصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة، هذا مستحيل، المنطقتان تشكلان وحدة واحدة لا تتجزأ للدولة الفلسطينية القادمة، والخط الأحمر الثاني عدم تقسيم قطاع غزة».

وأضاف أن «الكلام اللغو الذي يقال عن وجود تقسيم القطاع إلى مناطق حمراء وخضراء أو أن الأماكن التي تقع تحت سيطرة إسرائيل مباشرة تأكل وتشرب وترى إعماراً، بينما الـ90 في المائة من الفلسطينيين الموجودين في الغرب تحت دعاوى أن (حماس) موجودة لا يأكلون ولا يشربون، هذا عبث ولن يتم ولن يتم التوافق عليه».

وفي ضوء ذلك، شدد مختار غباشي على أن مصر عندما تعلن خطوطاً حمراء، فهذا حد فاصل، وثمة مخالفات على أرض الواقع غير مقبولة، للقاهرة، مشيراً إلى أن القاهرة تتعمد هذه الرسائل في هذا التوقيت على أمل أن تعزز مسار الوسطاء نحو بدء المرحلة الثانية قريباً، خاصة أنه «إذا أرادت واشنطن فعلت ما تريد، خصوصاً إن كان الأمر يتعلق بضغط على الكيان لوقف مساراته المعرقلة للاتفاق».

وذكرت صحيفة «إسرائيل اليوم»، الخميس، أن لقاء نتنياهو وترمب المرتقب سيختتم ببيان عن التقدم المحرز نحو المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة.

وأكد رشوان أن جميع الشواهد تؤكد أن الإدارة الأميركية حسمت موقفها من بدء المرحلة الثانية مطلع يناير المقبل، لافتاً إلى أن استقبال ترمب لرئيس الوزراء الإسرائيلي في 29 ديسمبر الحالي يرجح أن يكون إشارة الانطلاق الفعلية للمرحلة الثانية دون لبس.

ويتوقع نزار نزال أن يحاول نتنياهو في مقابلة ترمب، تمرير سردية بقاء إسرائيل في الخط الأصفر وتقسيم غزة وبدء الإعمار في الجزء الذي يقع تحت سيطرتها، موضحاً: «لكن الرسائل المصرية التحذيرية خطوة استباقية لتفادي أي عراقيل جديدة أو تناغم أميركي إسرائيلي يعطل مسار الاتفاق».


ضربة سعودية تحذيرية في حضرموت... والانتقالي «منفتح على التنسيق»

قوات في عدن خلال مسيرة مؤيدة للمجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (إ.ب.أ)
قوات في عدن خلال مسيرة مؤيدة للمجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (إ.ب.أ)
TT

ضربة سعودية تحذيرية في حضرموت... والانتقالي «منفتح على التنسيق»

قوات في عدن خلال مسيرة مؤيدة للمجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (إ.ب.أ)
قوات في عدن خلال مسيرة مؤيدة للمجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (إ.ب.أ)

فيما أعاد البيان الصادر عن وزارة الخارجية السعودية رسم المسار المطلوب للتهدئة، شرق اليمن، إذ شدد على وقف التحركات العسكرية الأحادية، مع المطالبة بعودة قوات المجلس الانتقالي الجنوبي إلى مواقعها السابقة خارج حضرموت والمهرة، أكدت الرياض موقفها ميدانياً عبر توجيه ضربة جوية تحذيرية، وفق ما أكدته مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط».

وأوضحت المصادر أن الضربة جاءت لإيصال رسالة مفادها عدم السماح بفرض وقائع جديدة بالقوة أو تجاوز الأطر المؤسسية التي تحكم الملف الأمني في المحافظات الشرقية، محذرةً من أن أي تصعيد إضافي سيقابل بإجراءات أشد صرامة.

الخارجية السعودية كانت وصفت تحركات «الانتقالي» بأنها أحادية وأضرت بمسار التهدئة، داعيةً إلى خروج عاجل ومنظم للقوات وتسليم المعسكرات تحت إشراف التحالف وبالتنسيق مع مجلس القيادة الرئاسي والسلطات المحلية.

من جهته، أصدر المجلس الانتقالي الجنوبي بياناً، الجمعة، حاول فيه تبرير تحركاته العسكرية، معتبراً أنها جاءت استجابةً لـ«دعوات شعبية جنوبية» لمواجهة التهديدات الإرهابية وقطع خطوط تهريب الحوثيين.

وأكد «الانتقالي»، في بيانه، أنه منفتح على أي تنسيق أو ترتيبات مع السعودية، معتبراً الضربة الجوية «قصفاً مستغرباً» لا يخدم مسارات التفاهم.

وقال مراقبون لـ«الشرق الأوسط» إن التنسيق والترتيبات سيكون مرحباً بهما من قبل السعودية إذا كانت تصب في إنهاء التصعيد وخروج قوات «الانتقالي الجنوبي» واستلام قوات «درع الوطن» الجنوبية والسلطة المحلية المعسكرات والأمن في محافظتي حضرموت والمهرة. والجلوس للتشاور والحوار من دون الحاجة لاستخدام القوة.

ويتوقع مراقبون أن تؤدي الضربة التحذيرية إلى توصيل رسالة واضحة بأن الرياض قد تضطر للانتقال من سياسة الاحتواء الهادئ إلى فرض خطوط حمر لمنع أي تصعيد بالقوة.

وتشير مصادر «الشرق الأوسط» إلى أن أي تسوية مستقبلية ستقوم على عودة الأوضاع إلى ما قبل التصعيد، مدخلاً أساسياً للحفاظ على وحدة الصف اليمني، ومنع انزلاق المحافظات الشرقية إلى مسار يهدد جهود السلام.

كان البيان السعودي أكد على دعم الرياض الكامل لوحدة اليمن وأمنه واستقراره، مشدداً على أن معالجة القضية الجنوبية العادلة لا تتم عبر القوة، بل من خلال حوار سياسي شامل، ضمن المرجعيات المتفق عليها، وفي مقدمتها اتفاق الرياض وإعلان نقل السلطة.

وكشف البيان عن تنسيق سعودي - إماراتي لإرسال فريق عسكري مشترك إلى عدن، لوضع آلية لإعادة انتشار القوات ومنع تكرار التصعيد، في خطوة عدها مراقبون انتقالاً من التحذير السياسي إلى الضبط التنفيذي الميداني.


بعد 9 أشهر... الحوثيون يعترفون بمقتل قادة طيرانهم المسيّر

مركبات عسكرية تحمل نعوشاً وصوراً لكبار قادة الحوثيين العسكريين الذين قُتلوا في غارة جوية أميركية (إ.ب.أ)
مركبات عسكرية تحمل نعوشاً وصوراً لكبار قادة الحوثيين العسكريين الذين قُتلوا في غارة جوية أميركية (إ.ب.أ)
TT

بعد 9 أشهر... الحوثيون يعترفون بمقتل قادة طيرانهم المسيّر

مركبات عسكرية تحمل نعوشاً وصوراً لكبار قادة الحوثيين العسكريين الذين قُتلوا في غارة جوية أميركية (إ.ب.أ)
مركبات عسكرية تحمل نعوشاً وصوراً لكبار قادة الحوثيين العسكريين الذين قُتلوا في غارة جوية أميركية (إ.ب.أ)

بعد 9 أشهر من الإنكار والتكتم، أقرّت الجماعة الحوثية بخسارة إحدى أهم وحداتها القتالية، مع تشييع قائد سلاح الطيران المسيّر اللواء زكريا حجر وعدد من أبرز معاونيه، الذين يرجح أنهم قُتلوا في غارة أميركية استهدفتهم داخل أحد المنازل بحي الجراف شرق صنعاء خلال شهر رمضان الماضي.

الاعتراف الحوثي المتأخر أعاد فتح ملف الخسائر العسكرية الثقيلة التي مُني بها جناح الجماعة العسكري، وكشف جانباً من حجم الضربات التي طالت بنيته القيادية والتقنية خلال الأشهر الماضية.

وجاء هذا الإقرار من قبل الجماعة المتحالفة مع إيران بعد أشهر من إقرار مماثل بمقتل رئيس هيئة أركانها محمد الغماري، عبر مراسم تشييع نُظمت في صنعاء.

وشملت مراسم تشييع حجر، التي أقيمت الخميس، كلاً من مدير العمليات في وحدة الطيران المسيّر اللواء محمد الحيفي، واللواء عبد الله حجر، والعميد أحمد حجر، والعميد حسين الهاشمي. ويُعد هؤلاء من أبرز القادة في وحدة الطيران المسيّر التي أُنشئت بإشراف وتدريب مباشر من الحرس الثوري الإيراني والجناح العسكري لـ«حزب الله» اللبناني، وشكّلت خلال السنوات الماضية أحد أهم أذرع الحوثيين في تنفيذ الهجمات العابرة للحدود.

الحوثيون تعمّدوا التكتم على خبر مقتل حجر 9 أشهر (إعلام محلي)

وعلى الرغم من أن هذه الخسارة تُعد ثاني أكبر خسارة تعترف بها الجماعة بعد مقتل الغماري، فإن اللافت في مراسم التشييع كان الغياب شبه الكامل للقيادات العسكرية البارزة. إذ غاب وزير دفاع الجماعة محمد العاطفي، الذي تُرجّح مصادر إصابته في غارة إسرائيلية استهدفت اجتماعاً للحكومة غير المعترف بها في نهاية أغسطس (آب) الماضي، ومنذ ذلك الحين اختفى عن الأنظار.

كما غاب رئيس هيئة الأركان الجديد يوسف المدني، إلى جانب معظم القادة العسكريين، واقتصر الحضور على مفتي الجماعة شمس الدين شرف الدين، والقائم بأعمال رئيس الحكومة غير المعترف بها محمد مفتاح، في مؤشر فسّره مراقبون بحجم الإرباك الذي تعانيه القيادة العسكرية للجماعة.

ضربات موجعة

يرى مراقبون عسكريون أن الهجمات الأميركية التي استهدفت مخابئ القادة الحوثيين ومخازن أسلحتهم ومراكز القيادة والسيطرة، قبل التوصل إلى هدنة بين الطرفين، كادت أن تُخرج القوة الصاروخية وسلاح الطيران المسيّر عن الخدمة. فقد خسر الحوثيون خلال تلك الضربات أبرز كوادرهم المتخصصة، من قائد الوحدة ومسؤول العمليات والدراسات، إلى المسؤولين التقنيين والمشرفين على ورش تركيب وتجهيز الطائرات المسيّرة، إضافة إلى مختصين بعمليات الإطلاق والتوجيه.

غياب القادة العسكريين لجماعة الحوثي عن مراسم التشييع (إعلام محلي)

وفي هذا السياق، وصفت منصة «ديفانس أونلاين» المتخصصة في الشؤون العسكرية والأمنية زكريا حجر (39 عاماً) بأنه خبير محوري في منظومة الصواريخ وبرنامج الطيران المسيّر لدى الحوثيين، وأحد الفنيين الذين عملوا إلى جانب خبراء ومستشارين من «الحرس الثوري» و«فيلق القدس»، إضافة إلى جنسيات عربية، على تطوير القدرات القتالية للجماعة.

وأشارت المنصة إلى أن حجر يرتبط بعلاقة مصاهرة مع عائلة عبد الملك الحوثي، وأن عدداً من إخوته وأفراد أسرته يشغلون مواقع مهمة داخل هياكل الجماعة.

وحسب المعلومات، جرى تعيين حجر عقب اجتياح صنعاء ضمن هياكل وزارة الدفاع التابعة للجماعة، ومنح رتبة عسكرية رفيعة، قبل أن يتولى الإشراف على برنامج الطيران المسيّر ضمن منظومة «القوة النوعية» المرتبطة بالمجلس الجهادي للحوثيين. وتؤكد مصادر متطابقة أن هذه الوحدة لعبت دوراً رئيسياً في الهجمات التي استهدفت العمق اليمني ودول الجوار وخطوط الملاحة الدولية.

اعترافات متأخرة

تشير منصة «ديفانس أونلاين» إلى أن حجر يُعد من العناصر المطلوبين للقضاء اليمني، وقد ورد اسمه ضمن قائمة قيادات خضعت للمحاكمة أمام القضاء العسكري في مأرب منذ مطلع 2022، بتهم تتعلق بالتمرد والقتل والإرهاب.

كما أدرجه التحالف الداعم للشرعية ضمن قوائم الإرهاب في أغسطس (آب) من العام نفسه، إلى جانب أربعة آخرين، لارتباطهم المباشر بعمليات إطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، وتهريب الأسلحة الإيرانية، والمشاركة في الهجمات على الشحن الدولي في البحر الأحمر والبحر العربي وخليج عدن.

ويؤكد الصحافي المتخصص في شؤون الحوثيين، عدنان الجبرني، أن وحدة الطيران المسيّر تلقت «ضربات قاتلة» جراء الغارات الأميركية التي نُفذت خلال الأشهر الأولى من ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترمب. وأوضح أن حجر قُتل في غارة استهدفت منزلاً بحي الجراف، ومعه اثنان من أبرز مساعديه، أثناء تناول وجبة الإفطار في شهر رمضان، إلا أن الجماعة فرضت تعتيماً مشدداً على هوية المستهدفين.

ناشطون حوثيون كشفوا عن مقتل ثمانية من أشقاء حجر خلال تجنيدهم مع الجماعة (إكس)

وفي نعي آخر، أقرت قيادات حوثية بأن حجر قُتل قبل مصرع محمد الغماري، الذي يُرجّح أنه لقي حتفه في غارة استهدفت منزلاً بحي حدة جنوب صنعاء، كان الحوثيون قد استولوا عليه وحولوه إلى مركز للعمليات العسكرية، رغم ترويج شائعات آنذاك عن نجاته ومغادرته المكان قبل دقائق من الضربة.

وتجمع مصادر حكومية ومراقبون على أن هذه الخسائر القيادية والتقنية كانت عاملاً رئيسياً وراء عرض الحوثيين هدنة مع الجانب الأميركي، التزموا بموجبها بوقف استهداف السفن في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن، مقابل وقف الضربات الأميركية التي استهدفت قيادات مهمة في جناحهم العسكري، ودمرت مخازن سرية للأسلحة ومراكز للقيادة والسيطرة في صنعاء وصعدة والحديدة.

ويذهب هؤلاء إلى أن الاعتراف المتأخر بمقتل قادة الطيران المسيّر يعكس حجم الضرر الذي أصاب أحد أهم أذرع الجماعة، ويؤشر إلى مرحلة جديدة من إعادة ترتيب الصفوف تحت ضغط الخسائر.