لبنان يتنفس من جديد: صيفه الذهبي أعاد الحياة إلى بيروت

استثمارات فندقية تبشر بالخير وتجذب الزوار

بيروت تتنفس وتنتعش سياحيا (الشرق الاوسط)
بيروت تتنفس وتنتعش سياحيا (الشرق الاوسط)
TT

لبنان يتنفس من جديد: صيفه الذهبي أعاد الحياة إلى بيروت

بيروت تتنفس وتنتعش سياحيا (الشرق الاوسط)
بيروت تتنفس وتنتعش سياحيا (الشرق الاوسط)

كلما أعود إلى بيروت، أشعر وكأنني أزور مدينة جديدة تماماً، رغم أنني أعرف كل زاوية فيها وأحمل بين طيّات ذاكرتي كل تفاصيلها. بعد سنوات الغربة، تبدو لي بيروت كأنها تحيا من جديد، تحمل في طياتها روحها الأصيلة الممزوجة بحيوية الشباب ونبض المدينة المليئة بالحياة.

المشي على كورنيش البحر، شم رائحة القهوة من المقاهي القديمة، والاستماع إلى صخب الناس في الأسواق والأسطح، كل ذلك يجعلني أشعر وكأنني سائحة تستكشف عاصمة لم يسبق لها أن زارتها. بيروت بالنسبة لي ليست موطني فقط، بل هي تجربة متجددة لا تنتهي، مليئة بالمفاجآت، والدفء، والفرح الذي يحيي القلب.

في كل زيارة، أكتشف فيها شيئاً جديداً، وأعود بشغف لأروي قصص المدينة التي لا تعرف للملل طريقاً.

رحلة بالقارب الى صخرة الروشة (الشرق الاوسط)

هذه المرة غير كل المرات، لأنه وببعد سنوات من التحديات، تعود بيروت لتثبت مجدداً أنها قلب السياحة النابض في المنطقة. فقد شهدت العاصمة اللبنانية خلال هذا الصيف انتعاشاً ملحوظاً في الحركة السياحية، حيث امتلأت شوارعها بالزوار من مختلف أنحاء العالم العربي والغربي، الباحثين عن جمالها الفريد ودفء أهلها. وافتتاح فندق فوكو الجديد في وسطها يضفي لمسة من الحداثة والضيافة على مشهدها السياحي، ويبشر بأن المدينة بدأت تستعيد عافيتها، مستقبلة المستقبل بثقة وأمل واستثمارات جديدة.

قلعة بعلبك (الشرق الاوسط)

كل فندق في بيروت له قصة طويلة مع الحرب ومع الإقفال والتضرر من الأزمات المتتالية التي لحقت بلبنان على مدى سنين طويلة ولأسباب عديدة، لذا من السهل تسمية الفنادق الشهيرة في بيروت وخارجها لأنها قديمة، كما أنها بمثابة معالم سياحية مهمة، واليوم وبعد إقبال المستثمرين على وضع ثقتهم في لبنان نرى مشاريع فندقية جديدة كان آخرها فندق فوكو التابع لسلسلة «IHG Hotels & Resorts»، وقد تمّ توقيع اتفاقية امتياز مع شركة «DIA SARL» لإطلاق العلامة التجارية «voco» لأول مرة في لبنان، ما يجعله علامة مميزة في السوق الفندقي المحلي حيث يمزج بين سمات الفنادق المستقلة من حيث الطابع الجمالي والشخصية المحلية، مع مستوى الجودة الفندقية العالمية.

جانب من مطعم بي بي عبد في جبيل (الشرق الاوسط)

لا يمكن التكلم عن هذا الفندق من دون ذكر موقعه الرائع في وسط بيروت، تحديداً في شارع كينيدي مقابل ممشى «زيتونة باي» حيث ترسو أكبر وأجمل اليخوت في لبنان وتنتشر المقاهي والمطاعم بمحاذاة الماء.

زيارة البترون مهمة جدا لانها من أجمل المناطق السياحية (الشرق الاوسط)

ميزة فوكو بيروت أنه مصمم بطريقة تناسب الزوار العرب، فالغرف واسعة وتطل مباشرة على الكورنيش البحري مع إطلالة جميلة تمتع عينيك بها صباح كل يوم، فترتشف قهوتك من خلال نافذة بلورية عملاقة ترى من خلالها حركة مستمرة، وأشخاصاً يمارسون الرياضة الصباحية، يركضون وكأنهم يتسابقون مع شروق الشمس، وفترة المساء يتبدل المشهد إلى أناس يأتون إلى المكان نفسه لكي يودعوا «شمس لبنان»، نعم شمس لبنان لأنها تبدو لي «غير»، ولا أعرف السبب، لكني أراها دائماً مختلفة من حيث اللون والجمال، أعرف أن الشمس هي نفسها في كل مكان ولكن كلماتي نابعة من القلب وليس من العلم والمنطق.

قلعة جبيل القديمة (الشرق الاوسط)

الفندق يناسب السياح ورجال الأعمال لأنه عملي جداً ويضم جميع المميزات التي تجعل منه عنواناً مثالياً للراحة ولإجراء الاجتماعات، فيضم أيضاً بركة سباحة خارجية ومركزاً صحياً.

ومن الضروري ذكر الفطور المميز الذي يقدم كل صباح في مطعم «أتريو»، وفيه تتناول ألذ منقوشة يحضرها الشيف أمامك بالإضافة إلى ألذ بيض طازج مقلي.

إذا كنت تزور لبنان بهدف الاستجمام والسياحة، فمن الممكن الاستعانة بخدمة الكونسييرج في الفندق لوضع جدول سياحي يتناسب مع ما تفضله من زيارات، ومن الممكن أيضا تأمين سيارة مع سائق ودليل سياحي يرافقك طيلة اليوم، وإذا كنت من محبي الرحلات البحرية فمن الممكن أيضا التنسيق مع الفندق للقيام برحلة بحرية على متن اليخت التابع للفندق، الذي يحمل اسمه ويرسو عند ممشى «زيتونة باي».

أما نحن وبالتنسيق مع الفندق فاخترنا الجدول السياحي التالي...

جانب من قلعة بعلبك (الشرق الاوسط)

البترون... مدينة البحر والتاريخ

تتربع هذه المدينة الرائعة التي لا تكتمل زيارة لبنان من دون أن تعرج إليها، كواحدة من أقدم المدن الساحلية في الشرق الأوسط، وكنز ثقافي وتاريخي وسياحي يزدهر عاماً بعد عام. تبعد نحو 50 كيلومتراً شمال بيروت، وتُعدّ إحدى الوجهات المثالية للهروب من صخب العاصمة، حيث تلتقي الضيافة اللبنانية العريقة مع جمال البحر المتوسط وسحر الآثار القديمة.

تاريخ البترون يعود إلى العصور الفينيقية، ويُقال إن اسمها مأخوذ من الكلمة الفينيقية «بترونا»، أي «بيت الصخر». حافظت المدينة على هويتها عبر العصور، من الفينيقيين والرومان، إلى العهدين البيزنطي والعثماني، ولا تزال بعض المعالم التاريخية شاهدة على ذلك، مثل...

> السور الفينيقي: بقايا جدار ضخم بُني ليحمي المدينة من أمواج البحر والعواصف، ويُعدّ من أقدم المعالم المعمارية الساحلية في المنطقة.

> الكنائس القديمة: ككنيسة مار إستفانوس (St. Stephen) المبنية على الطراز البيزنطي، وكنيسة مار جرجس ذات الطابع الماروني العريق.

> الحمّام الروماني: معلم أثري يدل على حقبة الرفاه التي عاشتها المدينة في زمن الإمبراطورية الرومانية.

خلال السنوات الأخيرة، تحوّلت البترون إلى واحدة من أكثر الوجهات السياحية شعبية في لبنان، خصوصاً في فصل الصيف. تتميز بـ:

> الشواطئ الرملية والصخرية: مياه نظيفة، وشواطئ عامة وخاصة، تناسب السباحة والرياضات المائية.

> مقاهٍ ومطاعم على الواجهة البحرية: تقدم مأكولات بحرية طازجة ومأكولات لبنانية تقليدية، إلى جانب أجواء عصرية تجذب الشباب والعائلات.

> البلدة القديمة: أزقة مرصوفة بالحجر، بيوت تراثية، وأسواق حرفية تعكس روح المدينة.

> الحياة الليلية البترون اليوم تضمّ مجموعة من المقاهي العصرية، التي أصبحت محطّ أنظار عشاق السهر في لبنان، وأصبحت البترون أخيراً مقصداً لتصوير المسلسلات والأفلام، فعندما تزورها لا بد من التوجه إلى مينائها ولقاء «سوسن» البجعة الشهيرة التي عرفت بالمسلسل اللبناني «بالدم».

الصفيحة البعلبكية (الشرق الاوسط)

جبيل

جبيل، أو بيبلوس كما كانت تُعرف قديماً، هي واحدة من أقدم المدن المأهولة في العالم، وتقع على الساحل اللبناني شمال بيروت بنحو 37 كيلومتراً. تعود جذورها إلى أكثر من 7000 عام، وكانت مهداً للحضارة الفينيقية ومنطلقاً لاختراع الأبجدية الأولى.

تجمع جبيل بين التراث والتاريخ، حيث تحتضن قلعة صليبية، أطلالاً رومانية، وأسواقاً قديمة مرصوفة بالحجارة، إلى جانب مرفأ قديم ما زال ينبض بالحياة. كما تشتهر بمهرجاناتها الثقافية، مطاعمها البحرية، وحياتها الليلية الراقية. من أهم ما يمكنك أن تقوم به فيها...

> زيارة القلعة الصليبية: استكشف قلعة جبيل القديمة المبنية في القرن الـ12. ستجد من داخلها إطلالة بانورامية على البحر والمدينة.

> جولة في الموقع الأثري: بجوار القلعة، يمكنك مشاهدة المعابد الفينيقية، المسرح الروماني، والمتحف الصغير الذي يشرح تاريخ المدينة.

> الغداء في المرفأ القديم: تناول وجبة بحرية طازجة في أحد مطاعم الواجهة البحرية مثل «Pepe’s» أو «Bab El Mina»، حيث تمتزج النكهات المحلية مع إطلالة على المراكب القديمة.

> التنزه في السوق القديم: استمتع بالتجوال في السوق الحجري التاريخي، حيث تجد محلات تبيع الحرف اليدوية، المجوهرات، التذكارات، الصابون اللبناني المعطّر.

> زيارة الكنائس القديمة: مرّ على كنيسة مار يوحنا التي تعود للقرن الـ12، وتتميّز بعمارتها الفريدة وحديقتها الهادئة.

من آثار فقرا (الشرق الاوسط)

بعلبك

زيارة بعلبك ليست مجرّد رحلة إلى مدينة، بل هي عبور إلى عمق التاريخ وسحر الأسطورة. تقع هذه المدينة العريقة في سهل البقاع اللبناني، وتُعدّ من أبرز المعالم الأثرية في الشرق الأوسط، بل العالم أجمع.

من اللحظة الأولى التي تقترب فيها من قلعة بعلبك، تشعر بعظمة الحضارات التي مرّت من هنا. أعمدة معبد جوبيتر العملاقة، ومعبد باخوس المُذهل بتفاصيله المنحوتة، تقف شاهدة على عبقرية الرومان وروعة العمارة القديمة. المكان يفيض برهبة التاريخ، ويمنح الزائر إحساساً بالتواضع أمام الزمن. أنصحك بحجز دليل سياحي متخصص بتاريخ القلعة فالمعلومات التي يقدمها إليك تجعلك تشعر وكأنك تعيش كل لحظة عاشتها كليوبترا والملوك، بالإضافة إلى لحظة غنت فيها فيروز وصدح صوتها العذب بين ثنايا أعمدتها المهيبة.

رحلة بالقارب الى صخرة الروشة (الشرق الاوسط)

بعد الجولة الأثرية، يمكن الاستمتاع بجولة في سوق المدينة الشعبي، حيث تمتزج روائح الزعتر البلدي، والصابون المصنوع يدوياً، والمنتجات المحلية. ولا تكتمل الزيارة من دون تذوّق طبق «الصفيحة البعلبكية» الشهير، في أحد المطاعم العائلية التي ما زالت تحافظ على الطابع الأصيل للضيافة اللبنانية. وأنصحك بتذوقها في مطعم القناطر الذي يقدم ألذ صفيحة بعلبكية.

البردونيتشتهر بكونها «عاصمة المطاعم اللبنانية التقليدية»، إذ تصطف على جانبي النهر سلسلة من المطاعم العائلية الفاخرة، التي تقدّم أشهى المأكولات اللبنانية، إلى جانب أجواء الضيافة الزحلاوية الأصيلة.

ابدأ يومك بفطور لبناني لذيذ (الشرق الاوسط)

رحلة بالقارب من المنارة إلى صخرة الروشة منطقة المنارة في بيروت ليست مكاناً لمشاهدة الغروب فقط، بل أيضاً نقطة انطلاق لواحدة من أجمل التجارب البحرية في العاصمة؛ رحلة بالقارب تأخذك مباشرة إلى حضن البحر، وصولاً إلى صخرة الروشة.

على مقربة من منارة بيروت، أو ما يُعرف بـ«الكورنيش البحري»، تصطف قوارب صغيرة يقودها بحارة محليون، ينتظرون الزوار الذين يرغبون باكتشاف بيروت من فوق صفحة الماء. مع نسمات البحر وصوت النوار، تبدأ الرحلة على نغمات صوت فضل شاكر وآدم.

تبحر القوارب بمحاذاة كورنيش بيروت، حيث تُشاهد المدينة وهي ترتفع خلفك تدريجياً، وتبدأ صخرة الروشة بالظهور أمامك بكل عظمتها. وما إن تقترب منها، حتى تنكشف تفاصيلها المدهشة؛ فتحة طبيعية في وسطها، صخور شاهقة نحتتها الأمواج عبر آلاف السنين، ومياه بلون أزرق فيروزي تحيط بها من كل الجهات.

اقامة واطلالة مباشرة على البحر (الشرق الاوسط)

حالفنا الحظ لأننا كنا على متن قارب صغير فاستطعنا الاقتراب كثيراً من الصخرة، ودخلنا في الفتحة الشهيرة وانتهى بنا المطاف في المغارة القابعة تحت الصخرة.

خلال الرحلة، ستجد نفسك تخرج الكاميرا تلقائياً؛ صخرة الروشة من البحر مشهد يستحق التوثيق. كما يتيح القارب لك رؤية المنحدرات البحرية والأجزاء المخفية من الكورنيش التي لا تراها من اليابسة.

كفر ذبيان والمزار

منطقة كفر ذبيان تُعدّ واحدة من أبرز المناطق السياحية في لبنان، وتقع في قضاء كسروان ضمن محافظة جبل لبنان. تتميّز بموقعها الجبلي الخلّاب على ارتفاع يتراوح بين 1200 و2800 متر فوق سطح البحر، ما يجعلها وجهة مثالية للسياحة الشتوية والصيفية على حد سواء.

عند وصولك إليها سوف تقف عاجزاً عند وصفك الطبيعة المحيطة بها، جبال ووديان وجسور طبيعية من الصخر. تصل إلى ساحتها وتقوم برحلة «سفاري» على متن مركبة رباعية الدفع تأخذك في رحلة إلى أهم معالم المنطقة.

أهم معالمها: معبد فقرا الروماني: تجد فيه معبداً رومانياً ضخماً يعود إلى القرن الأول الميلادي، محفوراً في الصخر.

اطلالة رائعة على زيتونة باي (الشرق الاوسط)

يحتوي على بقايا أعمدة، نقوش، ومغارة كبيرة كانت تستخدم لأغراض دينية أو كمكان للعبادة. ويعد هذا المعلم من أجمل المعالم الأثرية في الشرق الأوسط.

وبعدها تصل إلى نقطة عالية لتجد تمثال مار شربل العملاق المطل على أجمل المناظر الطبيعية الخلابة، وحينها يكون قد حان وقت الطعام فأنصحك بالتوجه إلى «Le Refuge» التابع لفندق إنتركونتيننتال المزار الذي يعتبر من أهم المعالم السياحية في كفر ذبيان وأحد أشهر المنتجعات الجبلية الفاخرة في لبنان وفي فصل الشتاء يتحول المطعم الرئيس إلى استراحة للمتزلجين. وفي فصل الصيف تجلس في الخارج وتتنشق الهواء النقي وتتذوق ألذ الأطباق اللبنانية والغربية.


مقالات ذات صلة

أين تُمضي عطلة الأعياد في لبنان؟

سفر وسياحة يتميز لبنان بزينة شوارعها خلال فترة الاعياد (إنستغرام)

أين تُمضي عطلة الأعياد في لبنان؟

في لبنان، تتحوّل عطلة الأعياد إلى تجربة لا تُنسى، تمتد بين الشمال والجنوب، وبين الساحل والجبال، وتجمع بين الطبيعة والثقافة والتاريخ، والطعام. فلكل منطقة طابعها

فيفيان حداد (بيروت)
سفر وسياحة تمثال رمسيس الثاني في بهو المتحف المصري الكبير حيث يمكنك قضاء تنرانزيت في القاهرة بصحبة الأثار المصرية القديمية (وزارة السياحة والآثار المصرية)

كيف تقضي احتفالات رأس السنة في بلدين مختلفين؟

بمزيد من التخطيط المبكر والاستفادة من التسهيلات التي تقدمها بعض شركات الطيران، يمكن قضاء احتفالات رأس السنة في بلدين مختلفين استغلالاً لمزايا الترانزيت الطويل ا

أحمد عدلي ( القاهرة)
آسيا الحكومة اليابانية تدرس فرض رسوم على الأجانب الزائرين (أ.ف.ب)

اليابان تدرس فرض رسوم على نظام جديد لفحص ما قبل السفر

أفاد مصدر مطلع في اليابان، الثلاثاء، بأن الحكومة تدرس فرض رسوم تتراوح بين نحو 2000 و3000 ين (13 دولاراً) على الأجانب الزائرين للبلاد.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
سفر وسياحة القاعة البيزنطية (الشرق الأوسط)

«قصر عابدين»... رحلة تاريخيّة في رحاب «مصر الملكية»

في قلب العاصمة المصرية، يتوسط قصر «عابدين» التاريخي واحداً من أشهر ميادين القاهرة والذي يحمل الاسم ذاته «عابدين».

فتحية الدخاخني (القاهرة)
سفر وسياحة طرق النقل التي تربط بوسان بباقي المدن في كوريا الجنوبية مميزة (نيويورك تايمز)

كيف تقضي رحلة قصيرة في بوسان بكوريا الجنوبية؟

إذا كانت مدينة سيول، عاصمة كوريا الجنوبية، هي المدينة الفاتنة ومحطّ الاهتمام ومحور الانتباه، فمدينة بوسان، ثاني أكبر المدن من حيث عدد السكان، هي المدينة اللطيفة

هانا يون (بوسان)

أين تُمضي عطلة الأعياد في لبنان؟

يتميز لبنان بزينة شوارعها خلال فترة الاعياد (إنستغرام)
يتميز لبنان بزينة شوارعها خلال فترة الاعياد (إنستغرام)
TT

أين تُمضي عطلة الأعياد في لبنان؟

يتميز لبنان بزينة شوارعها خلال فترة الاعياد (إنستغرام)
يتميز لبنان بزينة شوارعها خلال فترة الاعياد (إنستغرام)

في لبنان، تتحوّل عطلة الأعياد إلى تجربة لا تُنسى، تمتد بين الشمال والجنوب، وبين الساحل والجبال، وتجمع بين الطبيعة والثقافة والتاريخ، والطعام. فلكل منطقة طابعها الخاص، ولكل مدينة أو بلدة سحرها الذي يترك أثره في الذاكرة. وجميع هذه المدن والبلدات استعدّت لاستقبال مناسبات أعياد الميلاد ورأس السنة، لتتألّق في أجمل حلّة، وازدانت بالألوان والأنوار والزينة كي تبهج الأعين وتدفئ القلوب، فيفوح من أسواقها وساحاتها عطر الاحتفالات وروح العيد. ويجد كل زائر نفسه محاطاً بأجواء مميّزة تنتظره من عام إلى آخر، تحمل له فرحة اللقاء والبهجة والتقاليد التي تتجدّد مع كل موسم.

جونيه: العيد يحضر في أسواقها وساحاتها

كما في كل عام ترتدي مدينة جونيه حلّة أعياد الميلاد ورأس السنة. وتحت عنوان «الميلاد بنص جونيه» تطلق مجموعة من النشاطات الخاصة بهذه المناسبة.

وكأسواقها القديمة ومطاعمها ومقاهيها، كذلك تحتفي ساحاتها بالعيد من خلال إقامة حفلات موسيقية حية.

ولكن كيف نُمضي أيام العطلة في جونيه؟ أين نقيم؟ وأي مطاعم وبيوت ضيافة نقصد؟

إليك سلسلة عناوين لهذا النوع من الأماكن التي تشعرك بأجواء العيد.

شجرة العيد في البترون (إنستغرام)

التجول والاستمتاع بالأجواء الشتوية

الكورنيش البحري: المشي على الكورنيش وسط النسيم البحري ومشاهدة الغروب يعطي شعوراً مميزاً بالهدوء والراحة. أما أسواقها فتتوزع فيها المحلات التجارية التي يمكن أن تجد فيها الهدايا والتذكارات. وتزيّن الشوارع بالأضواء والزينة الميلادية، مما يضفي الشعور في الاحتفال بالعيد بأجواء جميلة.

كما تشهد شوارعها وساحاتها المهرجانات والعروض الموسيقية. وغالباً ما تُقام حفلات موسيقية وعروض مسرحية في مراكز المدينة خلال موسم الأعياد. بعض المقاهي والمساحات الثقافية تعرض أعمالاً فنية لفنانين محليين، مما يُضفي لمسة ثقافية على زيارتك. وفي موضوع المطاعم والمقاهي فإن جونيه تضم عدداً كبيراً منها. وتشتهر بالمطاعم التي تقدم المأكولات البحرية الطازجة، إلى جانب المطاعم اللبنانية التقليدية. ويمكن اختيار مطعم مطل على البحر للاستمتاع بعشاء رومانسي أو عائلي. المقاهي تقدم مشروبات دافئة مثل الشوكولاته الساخنة والكاكاو مع الحلويات الموسمية. كما يمكن للمقيم في أحد بيوت الضيافة أو الفنادق فيها اغتنام الفرصة للتوجه الى «كازينو لبنان»، ففي موسم الأعياد يقدم الكازينو برنامجاً فنياً غنياً من حفلات غنائية يحييها مطربون محليون.

ويجب ألا ينسى زائر جونيه استخدام «التلفريك» (مصعد كهربائي) للقيام بنزهة بين الساحل وجبل حريصا، ليستمتع مناظر طبيعية خلابة.

متحف هنري في البترون (إنستغرام)

مدينة جبيل: مساحات ترفيهية وثقافية

تُعرف جبيل (بيبلوس) بالمدينة الساحلية التاريخية شمال بيروت. وتتحوّل في موسم عيد الميلاد إلى وجهة ساحرة تجمع بين التاريخ والثقافة والأجواء الاحتفالية. وكما كل عام ينتظر زوارها التمتع بمشهد شجرة الميلاد. وقد وصفتها صحيفة «الغارديان» في عام 2015 بين الأجمل في العالم. ويرافقها هذا اللقب في كل سنة بحيث يقصدها الآلاف من الناس للوقوف على أحدث الابتكارات التي تحملها شجرة العيد. تتزيّن شوارع جبيل وأحياؤها بالأضواء والزينة الميلادية، لا سيما في محيط البلدة القديمة والمرفأ القديم.

وفي متاجر الهدايا والمصنوعات اليدوية المنتشرة في أسواقها، تقدم خيارات رائعة لشراء هدايا فريدة. مثل الحرف الخشبية والتحف التقليدية. وعادةً تُقام حفلات موسيقية وعروض فنية في المسرح الروماني والمراكز الثقافية القريبة. ويمكن لهواة المعارض والمتاحف القيام بزيارات معارض فنية حرفية وأخرى خاصة بالمونة اللبنانية. وكذلك التوجه إلى متاحف صغيرة مثل متحف جبيل الوطني، الذي يضيف بعداً ثقافياً إلى التجربة. ويعرض آثاراً عمرها آلاف السنين تغطي عصوراً مختلفة من تاريخ المدينة. ومتحف الشمع الذي يروي تاريخ لبنان بالتماثيل الشمعية. ويضم المتحف مشاهد متعددة من تاريخ لبنان القديم والحديث والفنون الشعبية، حيث يأخذ زواره في رحلة عبر تاريخ لبنان منذ الفينيقيين مروراً بالقرون الوسطى والعصر الحديث حتى استقلال لبنان الحديث. كما تعكس بعض المشاهد حياة القرية اللبنانية وعاداتها.

وتقدّم مطاعم جبيل مروحة واسعة من أطباق المأكولات اللبنانية التقليدية ومأكولات بحرية طازجة. وبعض المطاعم توفر قوائم خاصة بمناسبة عيد الميلاد، تشمل الحلويات والمشروبات الشتوية مثل الشوكولاته الساخنة أو القهوة المميزة.

ومن الجولات التي تحمل المتعة لصاحبها هناك أماكن عدة من بينها زيارة الميناء القديم أو القيام بجولة على كورنيش جبيل، للاستمتاع بالبحر والأجواء الشتوية.

ومن بيوت الضيافة المشهورة في جبيل «بيت فارس ولوسيا» وهو بيت أثري قديم، و«بيت لو بلان بلو» و«بيت نيولي» الذي يبعد نحو 400 متر عن قلعة جبيل الأثرية.

البترون: عاصمة الميلاد

في أوائل ديسمبر (كانون الأول) من كل عام تطلق البترون نشاطاتها الترفيهية والفنية في مناسبة الميلاد ورأس السنة. تفتتح سوق عيد الميلاد في ساحة مار اسطفان. ويجري على جدران الكنيسة عروض ثلاثية الأبعاد بتصاميم غرافيكية تنسجم مع المناسبة، وتحضر أجواء الميلاد بالصوت والصورة، كما تنبض بفعاليات متنوعة تشمل الأكشاك، والهدايا، والمأكولات، والحرف اليدوية، والعروض الفنية، فتصبح البترون مجدداً «عاصمة الميلاد في لبنان» ووجهة سياحية رئيسية لموسم الأعياد.

وتعدّ البترون، إحدى أقدم المدن الساحلية في لبنان، وتتحوّل خلال عطلة عيد الميلاد ورأس السنة إلى وجهة نابضة بالحياة تجمع بين الطبيعة والشواطئ والتقاليد الثقافية. ويمكن لمن يقصدها لقضاء عطلة الأعياد أن يتمشّى في وسط المدينة وشوارعها الرئيسية، فتتزيّن بالأضواء والزينة الميلادية، خصوصاً حول الساحات والمحال التجارية. وتعرض أسواقها المحلية منتجات الحرف اليدوية والهدايا الموسمية، بما في ذلك الحلوى التقليدية والمربيات المحلية.

وخلال إقامة الزائر في هذه المدينة الساحلية، يمكنه التعرّف إلى مواقع تاريخية عدة، مثل قلعة البترون القديمة وكنيسة القديس جرجس، حيث يمكن الاستمتاع بجو احتفالي مليء بالتراث، وكذلك في إمكانه زيارة متاحف صغيرة وبينها «هنري بي بي».

وتنظّم بلدية البترون أنشطة بحرية وطبيعة. وبينها رحلات في القوارب إذا كان الجو معتدلاً لاستكشاف الساحل الشمالي.

ومن ضمن نشاطات أخرى وضعتها البلدية في مناسبة الأعياد، يستطيع الزائر حضور أمسيات موسيقية، والمشاركة في «بازار الميلاد» داخل أسواقها القديمة.

كما في الإمكان زيارة جبال قريبة من البترون. وفيها مزارات دينية مشهورة. فيقصد دير مار يوسف في بلدة جربتا حيث مزار القديسة رفقا. وكذلك يمكن رؤية دير مار مارون في عنايا حيث يقع مزار القديس شربل. وهو المكان الذي أُدرج في زيارة البابا ليون الرابع عشر إلى لبنان، مؤخراً.

وتقدّم مطاعم البترون مأكولات بحرية طازجة ومأكولات لبنانية تقليدية. أما بيوت الضيافة فهي كناية عن بيوت قديمة من الطابع التراثي اللبناني الأصيل. ومن أشهرها «بترون لوفت» و«أولد تاون» و«وايف سايد» القريب من أسواق البترون القديمة.


كيف تقضي احتفالات رأس السنة في بلدين مختلفين؟

تمثال رمسيس الثاني في بهو المتحف المصري الكبير حيث يمكنك قضاء تنرانزيت في القاهرة بصحبة الأثار المصرية القديمية (وزارة السياحة والآثار المصرية)
تمثال رمسيس الثاني في بهو المتحف المصري الكبير حيث يمكنك قضاء تنرانزيت في القاهرة بصحبة الأثار المصرية القديمية (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

كيف تقضي احتفالات رأس السنة في بلدين مختلفين؟

تمثال رمسيس الثاني في بهو المتحف المصري الكبير حيث يمكنك قضاء تنرانزيت في القاهرة بصحبة الأثار المصرية القديمية (وزارة السياحة والآثار المصرية)
تمثال رمسيس الثاني في بهو المتحف المصري الكبير حيث يمكنك قضاء تنرانزيت في القاهرة بصحبة الأثار المصرية القديمية (وزارة السياحة والآثار المصرية)

بمزيد من التخطيط المبكر والاستفادة من التسهيلات التي تقدمها بعض شركات الطيران، يمكن قضاء احتفالات رأس السنة في بلدين مختلفين استغلالاً لمزايا الترانزيت الطويل الذي تتيحه الشركات، ويسمح بقضاء مدد متباينة في عدد من العواصم خلال الترانزيت في الذهاب أو العودة، فما بين القاهرة ودبي وأبوظبي وإسطنبول يمكن الاستمتاع بعطلات سريعة ما بين يوم إلى أربعة أيام.

تقدم شركات طيران عدة ومن بينها «الخطوط التركية»، و«طيران الإمارات»، و«مصر للطيران»، فرصة التسهيل للحصول على تأشيرة المدن التي تنطلق منها مع ساعات انتظار أطول وأسعار تذاكر لا تختلف كثيراً عن الأسعار المعتادة في الرحلات المباشرة للوجهات السياحية التي تطير إليها.

يتضمن الانتظار في الطيران التركي رحلات متعددة (وزارة السياحة التركية)

جولة في القاهرة

في حال كانت وجهتك تمر عبر ترانزيت في القاهرة، سواء مع شركة «مصر للطيران» أم عبر رحلات بشراكة مع شركات طيران أخرى، يمكن الحصول على فيزا «ترانزيت» بشكل مجاني من المطار لغالبية الجنسيات تصل لمدة 96 مع إبقاء الحقائب كبيرة الحجم في المطار بانتظار وجهتك النهائية سواء في الذهاب أم العودة.

يمكن الحصول على الفيزا المجانية والخروج من المطار، والاستمتاع بالتحرك في القاهرة، ومشاهدة الأهرامات، وزيارة المتحف المصري الكبير الذي افتُتح مؤخراً ويعد الأكبر عالمياً المخصص لعرض آثار حضارة واحدة بالتاريخ، بالإضافة إلى التسوق في منطقة وسط البلد القديمة، وربما شراء بعض الهدايا التذكارية من حي «خان الخليلي».

جولة اليوم الواحد في القاهرة يمكن أن تشمل زيارة عدد المواقع الأخرى منها «متحف الفن الإسلامي» و«المتحف القبطي» وحتى المتحف المصري بالتحرير، مع خيارات متنوعة للإقامة في الفنادق تبدأ من الفنادق الصغيرة بأسعار تبدأ من 7 دولارات وتصل إلى 500 دولار في الفنادق الكبرى.

أماكن السهر المتعددة في القاهرة تكون وجهة مثالية لمن لديهم طائرات تصل في المساء المبكر، فما بين الحفلات اليومية في الكافيهات الكبرى مروراً بالرحلات النيلية التي لا تتوقف حتى الساعات الأولى من الصباح مع وجود العديد من المطاعم العائمة التي تتيح الاستمتاع بمشاهدة النيل مع سهرات غنائية طوال الليل.

يمكن زيارة مواقع عدة داخل دبي خلال رحلة الترانزيت (حكومة دبي)

أنشطة مختلفة في دبي

إذا كنت مسافراً عبر «طيران الإمارات» فإن لديك فرصة للعديد من الزيارات والتسوق من دبي عبر ميزة «الترانزيت» التي يمكن ترتيبها مسبقاً سواء بالحصول على تأشيرة حال كان جواز سفرك يحتاج لتأشيرة الترانزيت أم الدخول إلى المدينة والتجول فيها خلال فترة انتظار الطائرة قاصداً وجهتك النهائية.

تتيح «طيران الإمارات» عبر مكاتبها امتيازات عدة عند التخطيط المبكر لرحلات الترانزيت تبدأ من استقبال في المطار وإمكانية حجز فندق بسعر تنافسي وصولاً إلى تنظيم جولات بالعديد من المواقع الترفيهية وأماكن التسوق، من برج خليفة إلى مول دبي ومول الإمارات لشاطئ جميرا، تتنوع الأنشطة التي يمكن قضاء حتى 4 أيام فيها.

تتنوع تكلفة الرحلات التي يمكن القيام بها بحسب الميزانية التي يتم رصدها، فما بين استخدام المترو والتاكسي والسيارات الخاصة تتغير التكلفة مع وجود خيارات متنوعة للتنقل داخل دبي، وتعدد الأماكن التي يمكن السهر فيها ليلاً والحفلات الفنية والعروض الموسيقية التي تحتضنها المدينة الإماراتية.

تتيح طيران الإمارات فرصة الترانزيت لمدة 96 ساعة في دبي (مطار دبي)

إسطنبول وجهة زاخرة بالتنوع

توفر الخطوط الجوية التركية خدمة مجانية لعدد من الجولات السياحية المنظمة لتمنح المسافرين العابرين في إسطنبول لمحة عن تاريخ المدينة وثقافتها وحياتها اليومية، وتتنوع الجولات بحسب وقت الترانزيت المتاح؛ إذ توجد جولات قصيرة تمتد بضع ساعات وأخرى أطول قد تستغرق نصف يوم أو يوماً كاملاً، وكلها تتضمن النقل من المطار وإليه ووجبات مجانية وإرشاداً سياحياً بالإنجليزية.

تبدأ الرحلات عادة من مطار إسطنبول الدولي مروراً بجسر السلطان محمد الفاتح أو الطريق السريع الأوروبي وصولاً إلى منطقة السلطان أحمد، وهي القلب التاريخي لإسطنبول، حيث يتوقف المشاركون لزيارة مسجد السلطان أحمد (الجامع الأزرق) الذي يُعد أحد أشهر المعالم العثمانية في العالم، ثم ينتقلون إلى «آيا صوفيا»، التحفة المعمارية التي جمعت بين الطرازين البيزنطي والعثماني.

كما تتضمن الجولات عادة زيارة إلى قصر «طوب كابي»، المقر القديم للسلاطين العثمانيين، والذي يضم اليوم متحفاً يحتوي على مقتنيات تاريخية نادرة من بينها أسلحة وتحف وقطع فنية تعود إلى القرون الماضية.

بعدها يتجه المسافرون إلى ميدان «الهيبودروم»، الذي كان مركزاً للحياة الاجتماعية في العهد البيزنطي ومكاناً لسباقات الخيول والعربات، قبل أن يواصلوا المسير إلى البازار الكبير، إحدى أقدم وأكبر الأسواق المغطاة في العالم، حيث يمكنهم التجول بين مئات المتاجر التي تبيع السجاد والجواهر والتوابل والهدايا التذكارية.

وفي الجولات التي تمتد فترة أطول، قد تشمل الرحلة المرور على مضيق البوسفور للاستمتاع بالإطلالة المائية الخلابة التي تفصل بين قارتي آسيا وأوروبا، أو زيارة منطقة «أمينونو» المطلة على القرن الذهبي، وتذوق الأطعمة المحلية مثل السمك المشوي أو الكنافة التركية، كما تقدم بعض الجولات فرصة لزيارة برج غلاطة الشهير الذي يوفّر مشهداً بانورامياً للمدينة القديمة.

تُختتم الجولة عادة بتناول وجبة تركية تقليدية في أحد المطاعم القريبة من منطقة الفاتح أو تقسيم، ثم يعود المسافرون إلى المطار قبل موعد رحلتهم التالية بوقت كافٍ.


«قصر عابدين»... رحلة تاريخيّة في رحاب «مصر الملكية»

القاعة البيزنطية (الشرق الأوسط)
القاعة البيزنطية (الشرق الأوسط)
TT

«قصر عابدين»... رحلة تاريخيّة في رحاب «مصر الملكية»

القاعة البيزنطية (الشرق الأوسط)
القاعة البيزنطية (الشرق الأوسط)

في قلب العاصمة المصرية، يتوسط قصر «عابدين» التاريخي واحداً من أشهر ميادين القاهرة والذي يحمل الاسم ذاته «عابدين».

يقف «قصر عابدين» الذي يعود تاريخه للقرن التاسع عشر، شاهداً على أحداث عدة أسهمت في تشكيل تاريخ مصر الحديث، حيث كان القصر مقراً للحكم منذ افتتاحه عام 1872 وصولاً إلى نهاية العهد الملكي عقب «ثورة 1952»، كما اتخذه الرئيس الراحل محمد أنور السادات مقراً للحكم الرئاسي، وفقاً لموقع رئاسة الجمهورية المصرية، الذي يشير إلى أن «القصر بُنيَ على أطلال منزل قديم كان يملكه عابدين بك، أحد أمراء الأتراك، الذي كان يشغل وظيفة أمير اللواء السلطاني، وتم ردم برك عدة وشراء مبانٍ ملاصقة لفيلا عابدين بك، حتى وصلت مساحة أرض القصر إلى 25 فداناً، وكان قصر وميدان عابدين يمثلان مركز المدينة الجديدة التي أنشأها الخديو إسماعيل.

ساعة نابليون (الشرق الأوسط)القاعة البيزنطية (الشرق الأوسط)الصالون الأحمر (الشرق الأوسط)قاعة قناة السويس (الشرق الأوسط)مكتب الملك (الشرق الأوسط)

كان القصر جزءاً من أحداث سياسية واجتماعية حافلة، بات اليوم مزاراً سياحياً وترفيهياً، تستقبل حديقته أنشطة فنية وثقافية، خاصة وعامة، حيث يمكن حجز حديقة القصر ومسرحه لإقامة حفل فني أو مؤتمر علمي. كما يمكن أيضاً للزوار حجز جولة سياحية بمتاحف القصر أو بمبناه الرئيسي، يتجولون بين أروقته في محاولة لاستكشاف بقايا عهد الملكية، عبر رحلة تاريخيّة تبدأ بالحدائق التي تضم نباتات نادرة أشهرها شجرة «التين البنغالي».

وسط الحدائق الغنَّاء لا يمكن للزائر أن يغفل مكانين من أجمل أماكن الحديقة بُنيا في عهد الملك فؤاد الأول، وهما «كشك الشاي» و«كشك الموسيقى» المطل على حمام سباحة بجواره أحد أشهر معالم القصر وهو «باب باريس».

مساحة مباني القصر الضخمة البالغة نحو خمسة فدادين، لا تتيح للزائر التجول في جميع أروقته وغرفه البالغ عددها 550 غرفة، لكن مسار الزيارة السياحية يتيح جولة بأهم قاعات «السلاملك»، مقر الحكم والمقابلات، و«الحرملك» مقر إقامة العائلة المالكة.

الصالون الأحمر (الشرق الأوسط)

فور عبور الباب الرئيسي لمبنى القصر، يشعر الزائر بأنه عاد بالزمن إلى عصر الفنون الكلاسيكية، حيث يتوسط شعار المملكة المصرية أعلى البهو، الذي تملأ جنباته تماثيل كلاسيكية عريقة، وأعمدة رخامية تقودك إلى «سلم المرايا» في نهاية البهو.

يقود السلم للطابق الثاني من الأقصر، حيث يقودنا ممر مزين بالأعمال الفنية إلى «قاعة قناة السويس»، تحكي القاعة عبر مجموعة من اللوحات التاريخية قصة حفر قناة السويس وحفل افتتاحها الأسطوري عام 1869.

وفي أحد جوانب القاعات ذات الطابع الفرنسي في الأثاث والديكور، يقع مكتب الملك المميز بكرسي من خمس أرجل، على الجدار «ساعة نابليون» التي أهدتها الإمبراطورة أوجيني للخديو إسماعيل بمناسبة افتتاح القناة.

بعد ذلك تستكمل الجولة بعدد من الصالونات التي يشتهر بها القصر والتي يحمل كل منها اسماً تبعاً لوظيفته التاريخية، أو لون جدرانه، لكنها جمعياً تضم مدفأة تعلوها ساعة فرنسية.

تبدأ الجولة بصالون العلماء، حيث كان الملك يستقبل العلماء، ثم الصالونات الأحمر والأبيض والأخضر والأزرق، وفي الممر الفاصل بين الصالونين الأحمر والأخضر توجد «فازة» مزينة بنقوش تحكي شجاراً بين زوجين، لتجسد «فازة» أخرى موجودة عند «قاعة محمد علي»، وعليها نقوش تحكي «نهاية الشجار».

قاعة قناة السويس (الشرق الأوسط)

كان الصالون الأحمر مخصصاً لانتظار ضيوف الملك، وبه توجد قطعة فنية تحكي تاريخ الفاتيكان وأشهر معالمها.

نستكمل الجولة بقاعة الاجتماعات الرسمية التي تضم طاولة بيضاوية الشكل ونحو 22 كرسياً، بعد ذلك ندخل إلى «قاعة محمد علي باشا»، مؤسس مصر الحديثة، والتي تضم قطع أثاث نادرة من طراز لويس السادس عشر.

لم يتجاهل القصر الطراز العربي، حيث يبدو واضحاً في قاعة الطعام التي تتزين بزخارف إسلامية على جدرانها، ونقوش وكتابات لحِكَم عربية.

من قاعة الطعام نستكمل الجولة في مسرح القصر الذي وقف أشهر نجوم الغناء وكبار الشخصيات وشهد حفلات موسيقية لضيوف في مصر في عهد الملكية وحتى في العصر الحالي.

قبل الوصول إلى واحدة من أهم قاعات القصر، ندخل الصالون الأبيض، وهو الصالون الأهم بين الأربعة، حيث كان ينتظر به كبار الشخصيات. وبجوار الصالون الأبيض توجد «قاعة العرش» التي بُنيت في عهد الملك فؤاد الأول على الطراز الإيطالي، وتوجد بها «فازة» بقاعدة متحركة مقاومة للزلازل.

مكتب الملك (الشرق الأوسط)

نخرج من قاعة العرش ونسير عبر ممر طويل يحمل اسم «ممر الصيد»، حيث تزدان جدرانه بلوحات عن الصيد.

من «السلاملك» مقر الحكم، نستكمل الجولة بـ«الحرملك» مقر إقامة العائلة، وتبدأ الجولة من جناح الملكة الأم «نازلي»، ينقسم كل جناح في الحرملك إلى أربعة أقسام؛، نوم وملابس وحمام، وصالون استقبال. في الحرملك توجد القاعة البيزنطية ذات التصميم البيزنطي في الجدران والإسلامي في الأعمدة والقبطي في الأيقونات.

ومن أشهر الأجنحة في «الحرملك»، الجناح البلجيكي الذي سُمي بهذا الاسم لأن أول من أقام به كان ملك بلجيكا، و«جناح الملكة فريدة» زوجة الملك فاروق الأولى، الذي تحول فيما بعد لجناح الملكة ناريمان الزوجة الثانية للملك، وعلى أحد جدرانه توجد صورة زفاف الملكة ناريمان. أما جناح الملك فاروق فيتميز على خلاف باقي الأجنحة بالبساطة والحداثة. وقبل أن ننهي الجولة في «الحرملك» ندخل قاعة طعام العائلة والتي تزينها الحروف الأولى من اسمي الخديو إسماعيل والملك فؤاد.

لا تقتصر الجولة السياحية في قصر عابدين على مبناه الرئيسي وغرفه وأجنحته، حيث يضم عدداً من المتاحف؛ متحف النياشين والأوسمة، ومتحف الأسلحة، ومتحف الفضيات، ومتحف السلام ومتحف الوثائق التاريخية، يمكن للزائر حجز جولة منفصلة بهم.