عمليات اعتقال تطال قيادات كبيرة لحزب البعث جنوبي العراق

بالتزامن مع حملة استبعادات لمشمولين بالمساءلة والعدالة

جنود عراقيون خلال جلسة تدريب بإشراف قوات فرنسية في قاعدة التاجي العسكرية شمال بغداد (أ.ف.ب)
جنود عراقيون خلال جلسة تدريب بإشراف قوات فرنسية في قاعدة التاجي العسكرية شمال بغداد (أ.ف.ب)
TT

عمليات اعتقال تطال قيادات كبيرة لحزب البعث جنوبي العراق

جنود عراقيون خلال جلسة تدريب بإشراف قوات فرنسية في قاعدة التاجي العسكرية شمال بغداد (أ.ف.ب)
جنود عراقيون خلال جلسة تدريب بإشراف قوات فرنسية في قاعدة التاجي العسكرية شمال بغداد (أ.ف.ب)

نفذَّت القوات الأمنية العراقية حملة واسعة أسفرت عن اعتقال مجموعات مرتبطة بحزب البعث، بينها شخصيات بارزة وقيادية، في الوقت الذي تواصل فيه الهيئة القضائية في مفوضية الانتخابات العراقية استبعاد مئات المرشحين للانتخابات البرلمانية المقبلة بتهم متنوعة، من بينها الانتماء إلى الحزب المحظور.

وقالت الهيئة الوطنية العليا للمساءلة والعدالة، المعنية بملف حزب البعث المنحل، في بيان الأربعاء إن استخبارات الحشد الشعبي، بالتنسيق مع قيادة شرطة ذي قار، نفذت عملية استخبارية «محكمة» أسفرت من اعتقال عدد من القيادات البعثية البارزة في محافظة ذي قار جنوبي العراق.

وأضاف البيان أن «العملية وصفت بأنها الأكبر من نوعها في مدينة الناصرية خلال السنوات الأخيرة، وجاءت بعد متابعة دقيقة لتحركات بعض العناصر التي كانت تعمل سراً على إعادة تنظيم نشاط الحزب المحظور».

وفقاً للبيان، أكدت الهيئة أن «العملية تأتي ضمن جهود مستمرة لاجتثاث بقايا الفكر البعثي ومحاسبة المتورطين بمحاولات إعادة إنتاج مرحلة القمع والاستبداد» التي عاشها العراقيون في عهد النظام السابق.

وتزامنت هذه العملية، مع جدل سياسي واسع وانتقادات من أطراف مختلفة بشأن قرارات استبعاد طالت مرشحين ونواباً سابقين، بعضهم شغل المنصب لدورات متعدّدة، بدعوى انتمائهم إلى الحزب المحظور بعد مراجعة سجلاتهم.

ورغم أن قرارات الاستبعاد التي طالت نواباً ومرشحين لم تقتصر على تهمة الانتماء إلى حزب البعث، بل شملت أيضاً قضايا تتعلق بـحسن السيرة والسلوك أو مخالفة الضوابط القانونية، فإن الاستبعاد بدعوى الانتماء إلى الحزب المحظور يظل الأوسع نطاقاً.

وإقرار البرلمان العراقي عام 2016 قانون حظر حزب البعث والكيانات المنحلة والأحزاب والأنشطة العنصرية والإرهابية، لكن اتهامات الانتماء إلى الحزب ما زالت مستمرة بعد أكثر من عقدين على سقوط نظام صدام حسين.

وفيما تعد المناطق الوسطى والغربية الحاضنة الرئيسية لحزب البعث، خصوصاً على مستوى القيادات العليا، حذرت شخصيات شيعية بارزة، وفي مقدمتها رئيس الوزراء الأسبق وزعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، أكثر من مرة خلال الفترة الأخيرة من محاولات الحزب استعادة نشاطه في مناطق مختلفة من العراق، بما في ذلك المناطق الجنوبية التي تهيمن عليها تقليدياً أحزاب شيعية مثل حزب الدعوة ومنظمة بدر والتيار الصدري.

العزف على وتر «البعث»

ويرى كثير من القوى والمراقبين السياسيين أن استدعاء ملف البعث في كل دورة انتخابية، بعد سنوات من المطاردة والاعتقالات التي طالت كبار قياداته الذين ما زال من تبقّى منهم على قيد الحياة خلف القضبان، «يستخدم أداةً لتصفية الحسابات مع الخصوم من جهة، ولتخويف الجمهور الشيعي من جهة أخرى» بهدف حشده خلف الأحزاب الشيعية، التي تتعرض بدورها لانتقادات جمهورها بسبب ما يعد إخفاقاً في تحقيق الوعود بعد سقوط نظام صدام حسين.

وتستمر حملات «التسقيط الانتخابي» بين القوى الشيعية، إلى حد توجيه اتهامات بالانتماء السابق للبعث ضد شخصيات بارزة، كان آخرها ما طال رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، بعدما نشرت صورة قديمة له خلال اجتماع إداري قبل سقوط النظام السابق، تظهر خلفه صورة الرئيس الأسبق صدام حسين.

ولم تتوقف الاتهامات عند السوداني نفسه - الذي شغل حينها منصب مدير الزراعة - بل طالت أيضاً والده الذي أعدمه النظام السابق، حيث حاول خصومه الإيحاء بانتمائه إلى البعث، وهو ما نفاه السوداني مستنداً إلى وثائق رسمية.

من بين أبرز القيادات الشيعية، يواصل زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي التحذير من محاولات عودة البعثيين إلى السلطة في العراق، حتى أنه تحدث عن أعداد كبيرة من المنتسبين الجدد للحزب تصل إلى عشرات الآلاف.

وكان المالكي قد حذَّر مؤخراً مما وصفه بـ«خطر تسلل أعضاء حزب البعث المحظور إلى مجلس النواب ومؤسسات الدولة الأمنية والاقتصادية»، مشدداً في بيان له على ضرورة منعهم من المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقررة في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وداعياً إلى حماية العملية السياسية وتطبيق إجراءات الهيئة الوطنية للمساءلة والعدالة.

بحسب بيان أصدره نوري المالكي، فإن «الدستور العراقي نص في مادته السابعة صراحة على حظر حزب البعث ومنع رموزه من العودة إلى الحياة السياسية تحت أي مسمى، واعتبر الانتماء إلى الحزب جريمة لا تسقط بالتقادم».

وأضاف المالكي أن «أي تساهل أو تغاضٍ عن هذه الإجراءات يفتح الباب أمام اختراق مؤسسات الدولة وعودة الفكر البعثي عبر قنوات التشريع أو الأمن أو الاقتصاد»، معتبراً ذلك «تهديداً مباشراً لمسار الدولة الديمقراطية واستخفافاً بتضحيات العراقيين الذين قاوموا الاستبداد ودفعوا ثمناً باهظاً لبناء عراق جديد».

يذكر أن الحاكم المدني الأميركي للعراق بول بريمر أصدر عام 2003 قراراً بحل حزب البعث الذي كان يقوده الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، وشكل حينها لجنة باسم «اجتثاث البعث»، والتي تغير اسمها لاحقاً إلى «الهيئة الوطنية لاجتثاث البعث»، قبل أن تعرف حالياً باسم «الهيئة الوطنية العليا للمساءلة والعدالة»، المكلفة بإبعاد الحزب وأفكاره عن مؤسسات الدولة.


مقالات ذات صلة

الحكومة العراقية الجديدة مفتوحة على المفاجآت

المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)

الحكومة العراقية الجديدة مفتوحة على المفاجآت

توتر سياسي واسع داخل المعسكر الشيعي الحاكم في العراق بعد التراجع عن إدراج «حزب الله» اللبناني وجماعة «الحوثي» اليمنية على قوائم الإرهاب.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي مقاتلون حوثيون خلال استعراض في صنعاء باليمن 21 سبتمبر 2024 (رويترز)

الرئاسة العراقية تنفي علمها بقرار اعتبار «حزب الله» والحوثيين «جماعتَين إرهابيتَين»

نفت رئاسة الجمهورية العراقية علمها أو مصادقتها على قرار اعتبار جماعتَي «أنصار الله (الحوثيين)»، و«حزب الله» اللبناني إرهابيَّتين، وتجميد أصولهما وأموالهما.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)

العراق يصنف «سهواً» حلفاء إيران «إرهابيين»... وارتباك داخل «التنسيقي»

في غضون ساعات، تراجع العراق عن وضع «حزب الله» وجماعة «الحوثي» على قائمة إرهاب، بعد ارتباك وذهول بين أوساط حكومية وسياسية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي مناصرون يحملون أعلام «حزب الله» اللبناني في بيروت (رويترز)

السوداني يوجه بالتحقيق في خطأ يتعلق بقائمة لتجميد أموال شملت «حزب الله» و«الحوثيين»

وجَّه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، اليوم الخميس، بتحقيق عاجل ومحاسبة المقصرين بشأن الخطأ بقرار لجنة تجميد الأموال.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
تحليل إخباري ولدان يجلسان على خط الأنابيب العراقي - التركي في قضاء زاخو بمحافظة دهوك بإقليم كردستان العراق (روترز)

تحليل إخباري صراع خطوط الأنابيب... ازدياد النفوذ الأميركي في العراق وتراجع الهيمنة الإيرانية

شهدت الأشهر القليلة الماضية تصعيداً خفياً وفعالاً للضغط الدبلوماسي الأميركي على الحكومة العراقية، نتج عنه إعادة فتح خط أنابيب كركوك-جيهان.

«الشرق الأوسط» (بغداد، واشنطن)

احتفالات بذكرى سقوط الأسد... وأنصاره يخططون لـ«انتفاضتين»

حشد كبير في ساحة العاصي بحماة أمس احتفالا بالذكرى السنوية الأولى لسقوط نظام بشار الأسد أمس (إ.ب.أ)
حشد كبير في ساحة العاصي بحماة أمس احتفالا بالذكرى السنوية الأولى لسقوط نظام بشار الأسد أمس (إ.ب.أ)
TT

احتفالات بذكرى سقوط الأسد... وأنصاره يخططون لـ«انتفاضتين»

حشد كبير في ساحة العاصي بحماة أمس احتفالا بالذكرى السنوية الأولى لسقوط نظام بشار الأسد أمس (إ.ب.أ)
حشد كبير في ساحة العاصي بحماة أمس احتفالا بالذكرى السنوية الأولى لسقوط نظام بشار الأسد أمس (إ.ب.أ)

في موازاة احتفالات مستمرة في سوريا بمرور قرابة سنة على إسقاط حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد، تسربت معلومات أمس عن خطط يقف وراءها رئيس سابق للمخابرات السورية وابن خال الأسد لإطلاق انتفاضتين في الساحل السوري ضد حكم الرئيس أحمد الشرع.

وجاءت هذه المعلومات، في وقت شهدت ساحة العاصي بمدينة حماة، الجمعة، فعالية حاشدة بمناسبة مرور عام على تحريرها من قوات الأسد. ورفع مشاركون في الفعالية علماً سوريّاً بطول 500 متر، وعرض 4 أمتار، وسط الساحة «في مشهد رمزي يؤكد وحدة الأرض والشعب»، بحسب ما جاء في تقرير لوكالة «سانا» الرسمية.

تزامناً مع هذه الاحتفالات، نشرت «رويترز» تحقيقاً ذكرت فيه أن اللواء كمال حسن المسؤول السابق في المخابرات السورية، وابن خال الأسد الملياردير، رامي مخلوف، ينفقان ملايين الدولارات على عشرات الآلاف من المقاتلين المحتملين؛ أملاً في إشعال انتفاضتين ضد الحكومة الجديدة.

وقال 4 أشخاص مقربين من العائلة إن الأسد، الذي فرّ إلى روسيا في ديسمبر (كانون الأول) 2024، استسلم إلى حد كبير لفكرة العيش في المنفى بموسكو.


قاسم يؤيد «الدبلوماسية» ويتمسك بسلاح «حزب الله»

أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)
أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

قاسم يؤيد «الدبلوماسية» ويتمسك بسلاح «حزب الله»

أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)
أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)

رفع الأمين العام لـ«حزب الله»، نعيم قاسم، أمس، سقف خطابه السياسي، مؤكداً أنّ المشاركة برئيس مدني في لجنة وقف إطلاق النار تمثل «إجراءً مخالفاً للتصريحات والمواقف الرسمية السابقة»، التي كانت تشترط، حسب تعبيره، وقف الأعمال العدائية من قبل إسرائيل قبل إشراك أي مدني في آلية التنفيذ.

وفيما أعرب قاسم عن تأييده «خيار الدبلوماسية» الذي تتبعه السلطات اللبنانية، رأى أن تعيين السفير سيمون كرم على رأس الوفد اللبناني «تنازل مجاني لن يغيّر من موقف إسرائيل ولا من عدوانها ولا من احتلالها»، مشيراً إلى أنّ «المندوب المدني ذهب واجتمع فازداد الضغط، وأن إسرائيل ومعها أميركا تريدان إبقاء لبنان تحت النار». وأضاف: «نحن مستعدون للتضحية إلى الأقصى، ولن نستسلم».


«ونعمين» و«صياح» يحلقان بكأسي ولي العهد في السباق الفروسي الكبير

أمير الرياض يسلم الأمير متعب بن عبدالله كأس ولي العهد خلال مراسم التتويج (واس)
أمير الرياض يسلم الأمير متعب بن عبدالله كأس ولي العهد خلال مراسم التتويج (واس)
TT

«ونعمين» و«صياح» يحلقان بكأسي ولي العهد في السباق الفروسي الكبير

أمير الرياض يسلم الأمير متعب بن عبدالله كأس ولي العهد خلال مراسم التتويج (واس)
أمير الرياض يسلم الأمير متعب بن عبدالله كأس ولي العهد خلال مراسم التتويج (واس)

تحت رعاية الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، ونيابة عنه، حضر الأمير فيصل بن بندر أمير منطقة الرياض، أولى السباقات الكبرى للفئة الأولى على كأسي ولي العهد لشوطي الخيل المنتجَة «محليًا»، والشوط مفتوح الدرجات «إنتاج محلي ومستورد» المصنف دوليًا بدرجة «ليستد»، والمقام ضمن الحفل الثالث والأربعين من موسم سباقات الرياض بميدان الملك عبد العزيز في الجنادرية، وبجائزة مالية قدرها مليونا ريال.

وفي الشوط الثامن على كأس ولي العهد للإنتاج محلي الفئة الأولى مسافة 2400 متر، أحرز الجواد «ونعمين» العائدة ملكيته إلى أبناء الملك عبد الله بن عبد العزيز بالمركز الأول، وسلم أمير منطقة الرياض كأس الشوط للأمير متعب بن عبدالله بن عبد العزيز.

وفاز بجائزة الشوط التاسع على كأس ولي العهد المصنف دوليًا «ليستد» على مسافة 2400 متر الجواد «صياح»، العائدة ملكيته إلى أبناء الملك عبد الله بن عبد العزيز، وسلم أمير منطقة الرياض كأس الشوط للأمير متعب بن عبد الله بن عبد العزيز.

يذكر أن الكأس يمثل أهمية كونه يحمل اسم ولي العهد إلى جانب أهميته الكبيرة في خارطة السباقات السعودية، بسبب فئويته العالية وقيمة جوائزه، إضافةً إلى مستوى المشاركة الفني الكبير، إذ أظهر البرنامج النهائي مشاركة نخبة من أقوى الخيل في الميدان السعودي على مسافة 2400 متر.