تستعد مدينة جدة لاستضافة النسخة الثانية من برنامج «دار القلم» الذي ينظمه مركز الأمير محمد بن سلمان العالمي للخط العربي، وذلك بعد أن اختتمت مرحلة التقديم للفنانين المحليين والدوليين.
ويترقب المشهد الفني انطلاق البرنامج رسمياً في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، في خطوة جديدة ترسخ مكانة المملكة مركزاً ثقافياً رائداً في دعم الفنون العربية وتطوير ممارساتها المعاصرة.
ويأتي البرنامج ضمن سلسلة مبادرات تهدف إلى صون فن الخط العربي وإعادة اكتشافه في ضوء التحولات الإبداعية التي يشهدها المشهد الثقافي العالمي.
البرنامج، الذي سيُقام في «جدة التاريخية»، يستمر لثمانية أسابيع متواصلة، يشارك فيه 10 فنانين من داخل المملكة وخارجها، يجتمعون في بيئة فنية متكاملة لاستكشاف مسارات الخط العربي بين الجذور والحداثة والمستقبل.
وتتنوع مشاريع الإقامة بين الممارسات التقليدية والتجريبية والفنون البصرية والمفاهيمية، بما يفتح آفاقاً جديدة أمام هذا الفن الذي لطالما مثّل ركيزة للهوية الثقافية العربية والإسلامية.
ويتوّج البرنامج فعالياته بمعرض ختامي يمتد لثلاثة أيام، يُتيح للجمهور والمهتمين بالفنون فرصة الاطلاع على نتاج الفنانين المقيمين والتفاعل مع تجاربهم عن قرب.
وتُعد هذه الفعالية منصة للحوار بين الفنانين والجمهور، ومجالاً لتبادل الأفكار والرؤى حول مستقبل الخط العربي بوصفه فناً عالمياً يتجاوز حدود الورق والحبر إلى الفضاءات المعاصرة.
ويُقدّم البرنامج للفنانين المختارين مجموعة من المزايا التي تتيح لهم العمل في ظروف مثالية، كما يوفّر ورش عمل وجلسات حوارية مع خبراء في الفنون والخط العربي، إلى جانب جولات ثقافية تشمل زيارة المعارض واستوديوهات الفنانين والمواقع التاريخية في جدة.

وافتتحت أبواب التقديم للفنانين الذين تتجاوز أعمارهم 21 عاماً، ممن يمتلكون خبرة متوسطة في مجال الخط العربي أو الفنون البصرية ذات الصلة، مع اشتراط إجادة اللغة العربية أو الإنجليزية والقدرة على الالتزام الكامل بفترة الإقامة في جدة طوال مدة البرنامج.
وكان البرنامج قد بدأ في استقبال طلبات المشاركة من 21 سبتمبر (أيلول) حتى 5 أكتوبر (تشرين الأول) 2025، على أن تُعلن لجنة التحكيم أسماء المرشحين في منتصف أكتوبر، وتتواصل بعدها عملية فرز الترشيحات وإجراء المقابلات في الفترة بين 13و23 أكتوبر، فيما ينطلق البرنامج رسمياً في 16 نوفمبر 2025، ويُختتم بمعرض مفتوح في الأيام الأخيرة من الإقامة.
ويعد «دار القلم» من أبرز البرامج الفنية التي تجمع بين التراث والابتكار، إذ لا يكتفي بحفظ الأشكال التقليدية للخط العربي، بل يسعى إلى إعادة صياغتها ضمن رؤى معاصرة تحاكي تحولات الفن في العالم، مستفيداً من التقنيات الحديثة، ومن التفاعل الثقافي بين المشاركين المحليين والدوليين.
كما يرسخ البرنامج مفهوم الحوار الفني العابر للحدود من خلال إتاحة اللغة الإنجليزية للتواصل، وتسهيل مشاركة الفنانين الدوليين بتأشيرات ودعم لوجيستي متكامل، ما يجعله جسراً ثقافياً بين المملكة والعالم.
يمثل «دار القلم» أكثر من مجرد إقامة فنية، فهو مشروع ثقافي يربط الماضي بالحاضر، ويعيد طرح الخط العربي بوصفه فناً حيّاً ومتجدداً وقادراً على التعبير عن الهوية والابتكار في آن واحد.
ففي ظل الحراك الثقافي الذي تشهده المملكة، يصبح هذا البرنامج شاهداً على رؤية طموحة تسعى إلى أن تجعل من الخط العربي لغة بصرية عالمية تعبّر عن الجمال العربي وتواكب روح العصر.


