الإغلاق الحكومي في أميركا مستمر... ولا حلول في الأفق

صراع حزبي شرس يهدد بتوسيع الأزمة

لافتة أمام «الكابيتول» تشير إلى الإغلاق الحكومي يوم الأحد (رويترز)
لافتة أمام «الكابيتول» تشير إلى الإغلاق الحكومي يوم الأحد (رويترز)
TT

الإغلاق الحكومي في أميركا مستمر... ولا حلول في الأفق

لافتة أمام «الكابيتول» تشير إلى الإغلاق الحكومي يوم الأحد (رويترز)
لافتة أمام «الكابيتول» تشير إلى الإغلاق الحكومي يوم الأحد (رويترز)

يدخل الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة يومه السادس من دون حلحلة في الأفق، فيما يبدو أن التجاذبات الحزبية حالت دون إجراء مفاوضات جدية تهدف إلى التوصل إلى تسويات وإعادة فتح المرافق الحكومية التي أغلقت أبوابها صباح يوم الأربعاء الماضي.

ومنذ بدء الإغلاق الحكومي، يتخبط الحزبان في مستنقع انقسامات عميقة غابت عنها مساعي المفاوضات التي عادة ما تحدث بشكل مكثف خلال الإغلاقات الحكومية... فالجمهوريون مصرون على تحميل الديمقراطيين مسؤولية الإغلاق، ويعوّلون على انقسام ديمقراطي قد يدفع ببعض أعضاء الحزب في الشيوخ إلى الانشقاق عن صفوفه والتصويت معهم لإعادة فتح المرافق الحكومية، فيما يصر الديمقراطيون على موقفهم الداعي إلى ضرورة تمديد «إعفاءات برامج الرعاية الصحية (أوباما كير)» ودمجها في مشروع التمويل.

أوراق الضغط

زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ جون ثون ورئيس مجلس النواب يتحدثان مع الصحافيين يوم الجمعة الماضي (أ.ب)

فعلياً؛ يحتاج الجمهوريون إلى 8 أصوات ديمقراطية لإقرار التمويل المؤقت في مجلس الشيوخ، الذي يتطلب 60 صوتاً لتمريره، علماً بأن هؤلاء سبق لهم أن حصلوا على أصوات 3 مع الإشارة إلى وجود صوت واحد معارض في صفوفهم هو السيناتور راند بول. ولهذا السبب؛ فإن استراتيجية زعيم الجمهوريين في الشيوخ، جون ثون، تقضي بإعادة طرح مشروع التمويل نفسه الذي يبقي الحكومة مفتوحة حتى 21 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل من دون تعديلات بشكل متكرر إلى أن يتمكن من خرق الصف الديمقراطي. لكن أغلبية الديمقراطيين حتى الساعة مصرون على موقفهم، ويعوّلون على الرأي العام لقلب المعادلة، والحصول على مطالبهم بتمديد «الإعفاءات المرتبطة بالرعاية الصحية (أوباما كير)» التي تنتهي صلاحيتها بنهاية العام مما سيؤدي إلى ارتفاع في أسعار التأمين الصحي لملايين العائلات.

زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ تشاك شومر خلال مؤتمر صحافي يوم الجمعة الماضي (رويترز)

كما تسعى القيادات الديمقراطية إلى دفع الديمقراطيين المشككين إلى الانتظار حتى تاريخ 15 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي؛ موعد دفع الرواتب للعناصر العسكرية الأميركية. ففي حال استمرار الإغلاق حتى ذلك التاريخ، فإنه يُرجح ألا يحصل هؤلاء على رواتبهم؛ مما قد يشكل ورقة ضغط على الجمهوريين الذين تعهدوا على لسان الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، بعدم السماح للإغلاق بالتأثير على الجنود الأميركيين. وقال ترمب يوم الأحد أمام مجموعة من البحارة: «أريدكم أن تعلموا أنه، ورغم الإغلاق الذي تسببّ فيه الديمقراطيون، سوف نضمن حصول عناصر قواتنا على كل قرش من مستحقاتهم. لا تقلقوا بشأن ذلك». لكن هذا التعهد غير مضمون في حال عدم ضمان التمويل. ورغم ميزانية الطوارئ التي تتمتع بها «وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)»، والتي قد تمكنها من تسديد الرواتب، فإن هذه الميزانيات ستجف تدريجياً كلما طالت مدة الإغلاق، وستتخلف الحكومة الفيدرالية عن تسديد الرواتب لكل الموظفين الفيدراليين البالغ عددهم أكثر من 750 ألف موظف. وسيكون يوم الجمعة التاريخ الأول الذي لن يتقاضى فيه الموظفون الفيدراليون رواتبهم، إذا ما استمر الإغلاق، فيما سيطول الأمر عناصر الجيش الأميركي يوم الأربعاء 15 أكتوبر الحالي، إلا في حال لجوء «البنتاغون» إلى إجراءات استثنائية.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث مع صحافيين في البيت الأبيض الأحد (إ.ب.أ)

من ناحيتهم، يوظف الجمهوريون ورقة ضغط مختلفة، تتمثل في تهديد ترمب بطرد الآلاف من الموظفين الفيدراليين وإنهاء برامج حكومية في ولايات زرقاء؛ أملاً في إغضاب الناخبين في تلك الولايات؛ مما قد يكلف الديمقراطيين مقاعد في الانتخابات التشريعية المقبلة. وقال ترمب إن عمليات الطرد بدأت فعلياً «بسبب الديمقراطيين. إنه إغلاقهم، وليس إغلاقنا». وواقعياً؛ ما يهدد به ترمب ليس سوى جزء من خطته العلنية لتقليص حجم الحكومة الفيدرالية، التي تعهد بتطبيقها في مسار السباق الانتخابي وتصدرت أجندته منذ اليوم الأول الذي تسلم فيه الرئاسة مع إنشاء دائرة «دوج» الحكومية التي تمكنت من طرد موظفين فيدراليين وإلغاء برامج ومؤسسات كاملة؛ على رأسها «الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID)».

ولعلّ أبرز اسم تجدر مراقبته في هذه المرحلة هو مدير مكتب الميزانية، راسل فوت، المعروف بأنه عراب «المشروع 2025» الذي يتضمن أجندة المحافظين التي تشمل تقليص حجم الحكومة الفيدرالية وإلغاء برامج. وهو قد وعد كذلك بالاستمرار في هذا النهج مع استمرار الإغلاق الحكومي.

«مجلس النواب» غائب

رئيس مجلس النواب مايك جونسون في الكونغرس يوم الجمعة الماضي (أ.ب)

وفي حين يراهن كل طرف على رضوخ الآخر في عملية كسر العظام هذه، يبقى لافتاً غياب مجلس النواب عن المعادلة. فالمجلس في إجازة تشريعية منذ الأسبوع الماضي، وقد رفض رئيس المجلس الجمهوري مايك جونسون إعادة الأعضاء إلى واشنطن وعقد جلسات هذا الأسبوع، مبرراً قراره بأن المجلس أدى عمله عندما أقر مشروع تمويل الحكومة حتى 21 نوفمبر (تشرين الثاني) قبل مغادرته، رامياً الكرة في ملعب مجلس الشيوخ الذي يسعى من دون نجاح لإقرار المشروع نفسه في مراهنة خطيرة سياسياً بمرحلة حساسة من هذا النوع.

ومع المراهنات الحزبية والسياسية يبقى العامل المشترك مئات الآلاف من الناخبين الأميركيين الذين يدفعون ثمن هذه التجاذبات، وهم الذين سيقررون في نهاية المطاف من يتحمل مسؤولية هذا الإخفاق الحكومي في التمويل على حساب معيشتهم.


مقالات ذات صلة

ترمب مدفوعاً بحمى المونديال: كرة القدم الأميركية يجب إعادة تسميتها!

رياضة عالمية أميركيون يتابعون مراسم القرعة على شاشة عملاقة في التايمز سكوير (رويترز)

ترمب مدفوعاً بحمى المونديال: كرة القدم الأميركية يجب إعادة تسميتها!

قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الجمعة، إن رياضة كرة القدم الأميركية (أميريكان فوتبول) يجب أن تُعاد تسميتها.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)

المحكمة العليا ستنظر في مرسوم ترمب حول إلغاء حق المواطنة بالولادة

وافقت المحكمة العليا الأميركية على مراجعة دستورية المرسوم الذي أصدره الرئيس دونالد ترمب ويلغي حق المواطنة بالولادة لأطفال المهاجرين غير النظاميين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الرياضة الرئيس دونالد ترمب يرقص رقصته الشهيرة خلال قرعة كأس العالم لكرة القدم 2026 في مركز كينيدي في واشنطن (أ.ب) play-circle

لقب «فيفا للسلام» «يحرك» ترمب... ورقصته الشهيرة تعود بعد قرعة كأس العالم

لفت الرئيس الأميركي دونالد ترمب الأنظار بعد انتهاء مراسم قرعة كأس العالم 2026، بعدما ظهر وهو يؤدي رقصته الشهيرة احتفالاً أمام الحضور.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
رياضة عالمية قرعة كأس العالم أسفرت عن مباراة افتتاح بين المكسيك وجنوب أفريقيا (إ.ب.أ)

المكسيك تواجه جنوب أفريقيا في افتتاح مونديال 2026

ستنطلق نهائيات كأس العالم لكرة القدم المقررة العام المقبل في 11 يونيو (حزيران) بمواجهة المكسيك، إحدى ثلاث دول تستضيف البطولة، أمام جنوب أفريقيا في استاد أزتيكا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
رياضة عربية قرعة نهائيات كأس العالم لكرة القدم 2026 (رويترز)

مجموعات متباينة القوة للمنتخبات العربية في قرعة مونديال 2026

أسفرت قرعة نهائيات كأس العالم لكرة القدم 2026، التي جرت الجمعة، بمركز كيندي في العاصمة الأميركية واشنطن، عن مجموعات متباينة للفرق العربية.

مهند علي (القاهرة)

«أبل» و«غوغل» ترسلان إخطارات بشأن تهديدات إلكترونية للمستخدمين في أكثر من 150 دولة

شعار «أبل» مُعلّقاً فوق مدخل متجرها في الجادة الخامسة بحي مانهاتن بمدينة نيويورك 21 يوليو 2015 (رويترز)
شعار «أبل» مُعلّقاً فوق مدخل متجرها في الجادة الخامسة بحي مانهاتن بمدينة نيويورك 21 يوليو 2015 (رويترز)
TT

«أبل» و«غوغل» ترسلان إخطارات بشأن تهديدات إلكترونية للمستخدمين في أكثر من 150 دولة

شعار «أبل» مُعلّقاً فوق مدخل متجرها في الجادة الخامسة بحي مانهاتن بمدينة نيويورك 21 يوليو 2015 (رويترز)
شعار «أبل» مُعلّقاً فوق مدخل متجرها في الجادة الخامسة بحي مانهاتن بمدينة نيويورك 21 يوليو 2015 (رويترز)

قالت شركتا «أبل» و«غوغل» إنهما أرسلتا، هذا الأسبوع، مجموعة جديدة من إشعارات بشأن التهديدات الإلكترونية للمستخدمين في جميع أنحاء العالم، معلنتين عن أحدث جهودهما لحماية العملاء من تهديدات المراقبة والتجسس.

و«أبل»، و«غوغل» المملوكة لـ«ألفابت»، من بين عدد محدود من شركات التكنولوجيا التي تصدر بانتظام تحذيرات للمستخدمين عندما تتوصل إلى أنهم ربما يكونون مستهدفين من قراصنة مدعومين من حكومات.

وقالت «أبل» إن التحذيرات صدرت في الثاني من ديسمبر (كانون الأول)، لكنها لم تقدم سوى تفاصيل قليلة متعلقة بنشاط القرصنة المزعوم، ولم ترد على أسئلة عن عدد المستخدمين المستهدفين أو تُحدد هوية الجهة التي يُعتقد أنها تُقوم بعمليات التسلل الإلكتروني.

وأضافت «أبل»: «أبلغنا المستخدمين في أكثر من 150 دولة حتى الآن».

ويأتي بيان «أبل» عقب إعلان «غوغل» في الثالث من ديسمبر أنها تحذر جميع المستخدمين المعروفين من استهدافهم باستخدام برنامج التجسس (إنتلكسا)، والذي قالت إنه امتد إلى «عدة مئات من الحسابات في مختلف البلدان، ومنها باكستان وكازاخستان وأنغولا ومصر وأوزبكستان وطاجيكستان».

وقالت «غوغل» في إعلانها إن (إنتلكسا)، وهي شركة مخابرات إلكترونية تخضع لعقوبات من الحكومة الأميركية، «تتفادى القيود وتحقق نجاحاً».

ولم يرد مسؤولون تنفيذيون مرتبطون بشركة (إنتلكسا) بعدُ على الرسائل.

واحتلت موجات التحذيرات العناوين الرئيسية للأخبار، ودفعت هيئات حكومية، منها الاتحاد الأوروبي، إلى إجراء تحقيقات، مع تعرض مسؤولين كبار فيه للاستهداف باستخدام برامج التجسس في السابق.


المحكمة العليا ستنظر في مرسوم ترمب حول إلغاء حق المواطنة بالولادة

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)
TT

المحكمة العليا ستنظر في مرسوم ترمب حول إلغاء حق المواطنة بالولادة

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)

وافقت المحكمة العليا الأميركية ذات الغالبية المحافظة، الجمعة، على مراجعة دستورية المرسوم الذي أصدره الرئيس دونالد ترمب ويلغي حق المواطنة بالولادة لأطفال المهاجرين غير النظاميين.

وأعلنت المحكمة في بيان موجز أنها ستنظر في طعن إدارة ترمب في أحكام صادرة من محاكم أدنى خلصت جميعها إلى أنه غير دستوري.

ويحظر الأمر التنفيذي على الحكومة الفيدرالية إصدار جوازات سفر أو شهادات جنسية للأطفال الذين تقيم أمهاتهم بشكل غير قانوني أو مؤقت في الولايات المتحدة.

كما يستهدف النص الأطفال الذين يقيم آباؤهم بشكل مؤقت في الولايات المتحدة بتأشيرة دراسة أو عمل أو سياحة.

بعد تعليق العديد من المحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف مراسيم رئاسية وقرارات حكومية، أصدرت المحكمة العليا حكماً في 27 يونيو (حزيران) يقيّد سلطة قضاة المحاكم الأدنى في تعليق قرارات الإدارة على مستوى البلاد.

ووقع ترمب المرسوم المتعلق بحق المواطنة بالولادة فور عودته إلى البيت الأبيض في 20 يناير (كانون الثاني)، وأدرجه في سياق مساعيه لمكافحة الهجرة غير النظامية.

وتطبق الولايات المتحدة منذ 150 عاماً مبدأ المواطنة بالولادة، المنصوص عليه في التعديل الرابع عشر للدستور، ويرد فيه أن أي شخص يولد في الولايات المتحدة هو مواطن أميركي تلقائياً.

تم اعتماد التعديل الرابع عشر عام 1868، بعد الحرب الأهلية وإلغاء العبودية، لضمان حقوق العبيد المحررين وذريتهم.


أميركا: قاضٍ فيدرالي يأمر بكشف محاضر هيئة المحلفين الكبرى في تحقيق إبستين

جيفري إبستين (أ.ب)
جيفري إبستين (أ.ب)
TT

أميركا: قاضٍ فيدرالي يأمر بكشف محاضر هيئة المحلفين الكبرى في تحقيق إبستين

جيفري إبستين (أ.ب)
جيفري إبستين (أ.ب)

أمر قاضٍ فيدرالي في فلوريدا، اليوم (الجمعة)، بكشف محاضر هيئة المحلفين الكبرى المتعلقة بقضايا الاتجار بالجنس الفيدرالية الخاصة بجيفري إبستين وغيسلين ماكسويل.

وقال قاضي المحكمة الجزئية، رودني سميث، إن القانون الفيدرالي، الذي صدر مؤخراً، والذي يأمر بالكشف عن المحاضر المتعلقة بالقضايا يتجاوز القاعدة الفيدرالية، التي تحظر الكشف عن الأمور المطروحة أمام هيئة محلفين كبرى.

والشهر الماضي، طلبت وزارة العدل الأميركية من قاضٍ فيدرالي، رفع السرية عن مواد هيئة المحلفين الكبرى، وإلغاء الأوامر الحمائية المرتبطة بقضيتي جيفري إبستين وغيلين ماكسويل، وذلك بعد توقيع الرئيس دونالد ترمب «قانون شفافية ملفات إبستين»، وفق ما نشرت شبكة «فوكس نيوز».

وبموجب القانون، الذي وقّعه ترمب في 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2025، يتعين على وزيرة العدل بام بوندي نشر جميع السجلات والاتصالات والمواد التحقيقية غير المصنفة المرتبطة بإبستين خلال 30 يوماً.