أزمة طويلة المدى... الإغلاق الحكومي الأميركي قد يتواصل أسابيع

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)
TT

أزمة طويلة المدى... الإغلاق الحكومي الأميركي قد يتواصل أسابيع

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)

يحذّر محللون بأن المواقف المتصلّبة التي أدت إلى الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة تجعل التوصل إلى تسوية أمراً بعيد المنال، وتهدد بتحويل الخلاف بين الديمقراطيين والجمهوريين إلى أزمة طويلة الأمد.

ومع دخول شلل الوكالات الفيدرالية أسبوعه الثاني، أفاد عدد من الخبراء الاستراتيجيين، الذين ما زالوا يتذكرون خلافات سابقة، وكالة الصحافة الفرنسية، بأن أحدث خلاف بين الرئيس دونالد ترمب وخصومه الديمقراطيين سيطول.

وقال آندرو كونيستشوسكي، الناطق السابق باسم السناتور تشاك شومر وهو الزعيم الديمقراطي الذي يعدّ في صلب الخلاف: «يمكن لهذا الإغلاق أن يتواصل أسابيع وليس أياماً فقط». وأضاف أن «الطرفين متشبثان حالياً بمواقفهما، والحديث عن تسوية محدود للغاية».

ومن بين أبرز أسباب الإغلاق مطالبة الديمقراطيين بتمديد حزم الدعم للرعاية الصحية التي تنقضي مهلتها قريباً؛ مما يعني زيادة كبيرة في التكاليف بالنسبة إلى ملايين الأميركيين من أصحاب الدخل المنخفض.

وحمّل ترمب، الأحد، الأقلية الديمقراطية في الكونغرس مسؤولية عرقلة قراره بشأن التمويل الذي يتطلب تمريره عدداً من أصواتهم.

وقال ترمب للصحافيين في البيت الأبيض: «إنهم يتسببون في الأمر. نحن على استعداد للعودة».

كما أفاد ترمب الصحافيين، الأحد، بأن إدارته بدأت بالفعل إقالة الموظفين الفيدراليين، وليس تسريحهم مؤقتاً فقط، محمّلاً خصومه مسؤولية «التسبب في خسارة كثير من الوظائف».

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)

وفي مارس (آذار)، عندما واجهت الحكومة خطر الإغلاق آخر مرة، بادر الديمقراطيون إلى التراجع عن موقفهم، وصوتوا لمصلحة قرار مدته 6 أشهر يتجنّب الشلل الفيدرالي رغم المخاوف السياسية.

لكن شومر، رئيس كتلة الديمقراطيين في مجلس الشيوخ، واجه انتقادات شديدة من قاعدة الحزب، وسيتردد في الخضوع هذه المرة لمطالب الجمهوريين، خصوصاً أنه يواجه تحديات كبيرة من اليسار.

اتفاق مؤقت؟

ويعتمد الجمهوريون في مجلس الشيوخ حالياً على إمكانية تراجع معارضيهم الديمقراطيين، ويصرّون مراراً على التصويت.

وقال المسؤول الرفيع السابق في كاليفورنيا، جيف لي، الذي تفاوض مع إدارة ترمب الأولى: «يمكنني رؤية اتفاق مؤقت من الحزبين بحلول أواخر أكتوبر (تشرين الأول)» الحالي.

وأضاف أن إطالة أمد الإغلاق أكثر من شهرين «سيوقف عمليات الحكومة بشكل جدي، ومن شأنه أن يؤثر على حسابات الأمنَين القومي والوطني، ويؤدي بالتالي إلى تحميل الحزبَين المسؤولية».

وأفاد محللون بأنه من شأن أي تحوّل في الاستراتيجية أن يعتمد على ملاحظة أي من الطرفين تغيّر الرأي العام ليصبح ضدّه.

وتباينت استطلاعات الرأي حتى الآن، رغم أن الانتقادات تطول الجمهوريين أكثر من الديمقراطيين بشكل عام.

وشهدت الحكومة أطول فترة إغلاق في تاريخها خلال ولاية ترمب الأولى بين عامين 2018 و2019 عندما توقفت الوكالات الفيدرالية عن العمل 5 أسابيع.

ويكثّف الرئيس هذه المرة الضغط عبر تهديد أولويات الليبراليين والتوعد بعمليات تسريح كبيرة لموظفي القطاع العام.

تأثير ترمب

يرى أستاذ السياسات في جامعة روتشستر، جيمس دراكمان، أن تعنّت ترمب يدفع به إلى الاعتقاد أن الخلاف هذه المرة سيؤدي إلى إغلاق أطول من ذاك الذي حدث في 2019.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «إدارة ترمب ترى أن لديها تفويضاً غير محدود، وبالتالي فإنها لا تتنازل بالمجمل».

وأضاف أن «الديمقراطيين واجهوا انتقادات لأنهم لم يواجهوا بالقوة الكافية، ولم يفض آخر تنازل إلى أي نتيجة إيجابية بالنسبة إلى الديمقراطيين. لذا؛ فإنهم يميلون سياسياً إلى التمسّك بموقفهم».

وكلّف إغلاق 2018 - 2019 الاقتصاد 11 مليار دولار في الأمد القصير، وفق «مكتب الكونغرس للموازنة». ولم يُسترد مبلغ قدره 3 مليارات دولار.

ترمب يتحدث للإعلام في واشنطن بينما تطالب نقابات الموظفين الفيدراليين قاضياً بوقف التسريحات الجماعية خلال الإغلاق الحكومي (إ.ب.أ)

وحذّر وزير الخزانة الأميركي، سكوت بيسنت، بأن الإغلاق الأخير قد يؤثر بشكل كبير على نمو الناتج المحلي الإجمالي.

وبالنسبة إلى المحلل المالي مايكل آشلي شولمان، الذي يتّخذ من كاليفورنيا مقراً، فإن الواقع الاقتصادي للإغلاق قد يجبر الطرفين على التوصل إلى تسوية.

وقال: «إذا انتاب الفزع (وول ستريت) وارتفعت عوائد سندات الخزانة، فسيكتشف حتى أكثرهم تشدداً فكرياً فجأة التزاماً عميقاً بالحلول التي يمكن أن ترضي الحزبين».

ولا يشعر جميع المحللين بالتشاؤم حيال إمكانية التوصل إلى حل سريع.

ويرى رئيس «قسم الرقابة والتحقيقات في الكونغرس» لدى شركة المحاماة العالمية «هوغان لوفيلز»، آرون كاتلر، الذي كان موظفاً في مجلس النواب، أن الإغلاق سيستمر 12 يوماً في حد أقصى.

وقال إن «الديمقراطيين في مجلس الشيوخ سيتراجعون أولاً... مع تواصل الإغلاق، لم تكون هناك أي جلسات استماع في الكونغرس، وسيتوقف كثير من العمل في الوكالات» الفيدرالية.

وأضاف: «هذا انتصار بالنسبة إلى كثير من الديمقراطيين في الكونغرس، لكنهم لا يريدون أن يُحمَّلوا مسؤوليته».


مقالات ذات صلة

قاضية أميركية توقف إنهاء الحماية من الترحيل للمهاجرين من جنوب السودان

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ب)

قاضية أميركية توقف إنهاء الحماية من الترحيل للمهاجرين من جنوب السودان

​أوقفت قاضية اتحادية تنفيذ خطط إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب ‌لإنهاء ‌وضع ‌الحماية ⁠المؤقتة ​من ‌الترحيل الممنوح لمئات من مواطني جنوب السودان.

«الشرق الأوسط» (بوسطن)
المشرق العربي سكان يسيرون في أحد الشوارع خلال دورية للجيش الأميركي بشمال شرقي سوريا (رويترز)

أميركا وقوات متحالفة قتلت أو احتجزت نحو 25 من «داعش» في سوريا

كشف الجيش الأميركي، الثلاثاء، أن ​الولايات المتحدة وقوات متحالفة قتلوا أو احتجزوا ما يقرب من 25 عنصراً من تنظيم «داعش» منذ غارة جوية ‌في سوريا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ النائبة الأميركية شيلا تشيرفيلوس (أ.ب)

نائبة أميركية تؤكد براءتها من تهمة سرقة أموال مخصصة لمكافحة «كورونا»

أكدت شيلا تشيرفيلوس ماكورميك، عضو مجلس النواب الأميركي عن ولاية فلوريدا، الاثنين، براءتها من تهمة التآمر لسرقة 5 ملايين دولار.

«الشرق الأوسط» (ميامي)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يصافح وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو بالقدس 23 أكتوبر 2025 (رويترز)

نتنياهو يجتمع مع وزيري الحرب والخارجية الأميركيين قبل لقاء ترمب

اجتمع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليوم الاثنين مع وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو ووزير الحرب بيت هيغسيث في ولاية فلوريدا  

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب يلتقي برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال اجتماع ثنائي في مقر إقامة ترمب مارالاغو في بالم بيتش بفلوريدا 29 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

ترمب: سأدعم هجوماً سريعاً على إيران إذا عاودت بناء برنامجها النووي

أكد الرئيس الأميركي ترمب خلال لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، الاثنين، أنه سيدعم هجوماً سريعاً على إيران إذا عاودت بناء برنامجها النووي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

قاضية أميركية توقف إنهاء الحماية من الترحيل للمهاجرين من جنوب السودان

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ب)
TT

قاضية أميركية توقف إنهاء الحماية من الترحيل للمهاجرين من جنوب السودان

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ب)

​أوقفت قاضية اتحادية، اليوم الثلاثاء، تنفيذ خطط إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب ‌لإنهاء ‌وضع ‌الحماية ⁠المؤقتة ​من ‌الترحيل الممنوح لمئات من مواطني جنوب السودان المقيمين في الولايات المتحدة.

واستجابت ⁠أنجيل كيلي ‌القاضية في ‍المحكمة الجزئية في بوسطن لطلب عاجل قدمه عدد من مواطني جنوب ​السودان ومنظمة معنية بحقوق المهاجرين لمنع ⁠انتهاء أجل هذا الوضع كما كان مقرراً بعد الخامس من يناير (كانون الثاني).


«يونيسف»: 2025 كان الأسوأ لملايين الأطفال بسبب الجوع والحروب

طفلة فلسطينية تنتظر الحصول على طعام من مطبخ خيري في خان يونس (رويترز)
طفلة فلسطينية تنتظر الحصول على طعام من مطبخ خيري في خان يونس (رويترز)
TT

«يونيسف»: 2025 كان الأسوأ لملايين الأطفال بسبب الجوع والحروب

طفلة فلسطينية تنتظر الحصول على طعام من مطبخ خيري في خان يونس (رويترز)
طفلة فلسطينية تنتظر الحصول على طعام من مطبخ خيري في خان يونس (رويترز)

أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسف» أن الجوع والحروب والأمراض شكلت حياة ملايين الأطفال خلال عام 2025، وفق ما نشرت «وكالة الأنباء الألمانية».

وأوضحت المنظمة في تقريرها السنوي لعام 2025 أن أطفالاً في مناطق النزاعات مثل أوكرانيا والسودان يواجهون يومياً خطر الموت.

وقال المدير التنفيذي لـ«يونيسف» في ألمانيا، كريستيان شنايدر، الذي زار الشهر الماضي عائلات في أوكرانيا: «الأطفال في مناطق الحرب بعيدون تماماً عن طفولة تستحق هذا الاسم».

وأضاف: «الخوف يسيطر على حياتهم ليلاً ونهاراً، وكثير منهم يعاني من الاكتئاب واضطرابات النوم وتأخر النمو». كما أشار إلى أن المدارس وأماكن اللعب في أوكرانيا تتعرض للقصف.

وفي السودان وقطاع غزة سجلت المنظمة أول مرة في عام واحد حدوث مجاعة في بلدين، مؤكدة أن «المجاعة في الحالتين كانت من صنع الإنسان بسبب الحرب والصراعات».

طفل فلسطيني يبلغ من العمر عامين ويعاني من سوء التغذية (أ.ف.ب)

ففي مناطق من دارفور بالسودان رصدت المجاعة عامي 2024 و2025، وفي قطاع غزة تم الإعلان عن مجاعة في أجزاء من مدينة غزة خلال صيف 2025 بعد الحرب والحصار اللذين منعا وصول المساعدات، ورغم عدم وجود مجاعة حالياً فإن الوضع لا يزال هشاً، حيث يعاني 100 ألف طفل في القطاع من انعدام شديد للأمن الغذائي.

وفي جمهورية الكونغو الديمقراطية تم تسجيل أكثر من 35 ألف حالة عنف جنسي ضد أطفال خلال الأشهر التسعة الأولى من هذا العام، كما شهدت البلاد أسوأ تفشٍ للكوليرا منذ 25 عاماً.

وقال شنايدر: «الجوع وفقر الأطفال ليسا قدراً مثل كارثة طبيعية تفاجئنا، بل يعكسان فشلاً صارخاً في سياساتنا العالمية ومجتمعاتنا تجاه الأطفال»، وأضاف أن الأطفال يدفعون الثمن الأكبر رغم أنهم أبرياء من هذه الصراعات.

أمٌّ تحمل طفلها الذي يعاني من سوء تغذية حاد في جناح الأطفال بمستشفى أم الرحمة في جيديل جنوب كردفان-السودان (رويترز)

وأشارت «يونيسف» إلى أن عدد الأطفال في مناطق الأزمات والصراعات لم يكن بهذا الحجم من قبل، إذ يعيش نحو طفل من بين كل خمسة أطفال في هذه الظروف، أي ما يقارب ضعف العدد في منتصف تسعينات القرن الماضي.

كما سجلت الأمم المتحدة أعلى مستوى لانتهاكات جسيمة لحقوق الأطفال والهجمات على العاملين في المجال الإنساني، حيث تم توثيق 41 ألفاً و370 انتهاكاً خطيراً في عام 2024 بزيادة 25 في المائة عن العام السابق. ولم تصدر بعد أرقام عام 2025، لكن المنظمة لا تتوقع تحسناً في ظل الأزمات الحالية.

وشددت «يونيسف» على أن برامج المساعدات الفعالة أثبتت كفاءتها في إنقاذ الأرواح وتوفير مستقبل أفضل حتى في أصعب الظروف، مؤكدة أن عام 2026 سيكون أيضاً مليئاً بالتحديات، وأنها ستواصل بذل كل الجهود لحماية الأطفال قدر الإمكان.


ترمب يخيّر إيران بين صفقة وضربة

ترمب يخيّر إيران بين صفقة وضربة
TT

ترمب يخيّر إيران بين صفقة وضربة

ترمب يخيّر إيران بين صفقة وضربة

وضع الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، إيران بين خياري إبرام صفقة بشأن اتفاق حول برنامجها النووي، أو توجيه ضربة جديدة لقدراتها.

وقال ترمب، خلال استقباله رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس (الاثنين)، في فلوريدا، إنه سمع أن إيران تحاول بناء مواقعها النووية مجدداً، مضيفاً: «إذا كان الأمر كذلك، فعلينا أن نقضي عليها. سنوجه لها ضربة قاضية».

وعاد ترمب للتأكيد أنه لا يزال منفتحاً على التفاوض على «اتفاق» مع إيران، واصفاً إياه بأنه سيكون «أكثر ‌ذكاء»، وعاداً أنه «لولا توجيه ضربة لإيران لما كانت هناك فرصة للسلام في الشرق الأوسط».

وفي ملف غزة، أعرب ترمب عن أمله في التوصل السريع إلى المرحلة الثانية من خطته لوقف إطلاق النار في القطاع، مشدداً على ضرورة نزع سلاح حركة «حماس» لإتمام الاتفاق على عجل.

وأشار الرئيس الأميركي إلى أن إعادة إعمار القطاع ستبدأ قريباً، مؤكداً استمرار العمل بكل ما في الاستطاعة للعثور على جثة آخر أسير إسرائيلي في القطاع.

وقيّم ترمب علاقته مع نتنياهو بأنها «استثنائية»، واصفاً إياه بأنه «رجل قوي، رغم أنه يكون صعباً في بعض الأحيان».

من جهته، أشاد نتنياهو بترمب، وأكد أن إسرائيل لم يكن لديها في أي وقت رئيس أميركي قريب مثل ترمب، وأضاف: «هذا حظ كبير للعالم الحر، وليس لإسرائيل فقط».