عندما قال ديفيد مويز، في وقتٍ سابق، إن على وست هام أن «يتسوّق أحياناً في متاجر ألدي وليس دائماً في هارودز»، كان يقصد أن الذكاء في الصفقات أهم من حجم الإنفاق. واليوم، يجد النادي اللندني نفسه عالقاً في أزمة تجسّد هذا المبدأ تماماً: صفقة نيكلاس فولكروغ.
وحسب شبكة «The Athletic»، ومنذ انضمامه من بوروسيا دورتموند في صيف 2024 مقابل 27 مليون جنيه إسترليني، لم يقدّم المهاجم الألماني المخضرم (32 عاماً) ما يبرر تلك الكلفة أو راتبه المرتفع. الإصابات المتكرّرة في عضلة السمانة والفخذ عطّلت انطلاقته، لكنه حتى حين شارك، بدا غريباً عن المنظومة.
في الخسارة الأخيرة أمام آرسنال (0-2)، أضاع فولكروغ فرصة سهلة بضربة رأس في الدقائق الأولى، ثم اختفى تقريباً عن الأنظار. لمس الكرة 18 مرة فقط طوال المباراة، وهو أقل رقم لأي لاعب بدأ اللقاء.
لم يسجّل أي هدف في آخر 13 مباراة بالدوري، وهي أطول فترة صيام له منذ 2017.
خلال آخر 11 مباراة بدأها، لم يلمس الكرة أكثر من 8 مرات داخل منطقة الجزاء في أي منها. الأرقام الرسومية التي أوردها التقرير تُظهر مدى محدودية تحركاته: 17 مرة فقط ركض فيها خلف المدافعين، 10 مرات فقط كان متقدماً على الكرة، بينما يقوم بمعظم تحركاته في مساحات جانبية أو متراجعة (أكثر من 60 مرة). باختصار، فولكروغ لا يهاجم المساحات، ولا يضغط، ولا يقدّم المجهود المطلوب لتفعيل خطة نونو سانتو القائمة على الضغط والتحول السريع.
المدرب البرتغالي يعتمد على انطلاقات غارود بوين وكريسنسيو سامرفيل لصناعة الخطورة، لكن غياب الحركة في العمق يعطل فاعليتهما. في السابق، حتى عندما تراجع مستوى ميكايل أنطونيو، كان يمنح الفريق طاقة بدنية وضغطاً مستمراً على الخصم.
نونو جرّب كذلك كالوم ويلسون القادم من نيوكاسل، لكنه لم يشارك أمام آرسنال. المفاجأة كانت بإشراك الشاب كالوم مارشال (20 عاماً) في الدقيقة 61 بدلاً من فولكروغ.
يقول نونو بعد اللقاء: «ليس سهلاً أن تضع شاباً صغيراً قبل ويلسون، لكننا نحتاج أن نعرف لاعبينا جيداً. مارشال يملك طاقة كبيرة، يتحرك بذكاء ويعرف كيف يجد المساحات».
مارشال، الذي تألق مع هدرسفيلد في دوري الدرجة الأولى الموسم الماضي بتسجيله 10 أهداف و4 تمريرات حاسمة، عبّر عن امتنانه للفرصة: «كنت أعرف أن المباراة صعبة، لكنني حاولت أن أضغط وأجلب طاقة جديدة. المدرب يريد منا أن نكون شجعاناً ونبادر، لا أن ننتظر ما يفعله الخصم».
ما التالي؟ وست هام أمام معضلة حقيقية: فولكروغ مكلف مالياً وغير مؤثر، ويلسون كبير في السن ويعاني بدنياً، مارشال موهبة واعدة لكنها تفتقر إلى الخبرة. الخيارات محدودة، ما يعني أن النادي قد يُضطر في يناير (كانون الثاني) المقبل إلى البحث عن مهاجم جديد رغم الضغوط المالية. وحتى يحدث ذلك، يبدو أن نونو سيمنح الفرصة للطاقات الشابة لإثبات الذات.
صفقة فولكروغ تحولت من رهان على الخبرة إلى عبء ثقيل على منظومة وست هام. المدرب الجديد يحتاج إلى مهاجم «يُحرك الفريق لا يثقله»، ومع استمرار الجفاف التهديفي، يبدو أن الحل المقبل سيكون من الأكاديمية... لا من السوق.
