مصر تعوّل على الدعم الغربي لفوز مرشحها برئاسة «اليونيسكو»

خالد العناني ينافس الكونغولي فيرمين إدوار ماتوكو

خالد العناني وزير السياحة والآثار المصري السابق يتقدم وفق الترجيحات على منافسه مرشح الكونغو (أ.ف.ب)
خالد العناني وزير السياحة والآثار المصري السابق يتقدم وفق الترجيحات على منافسه مرشح الكونغو (أ.ف.ب)
TT

مصر تعوّل على الدعم الغربي لفوز مرشحها برئاسة «اليونيسكو»

خالد العناني وزير السياحة والآثار المصري السابق يتقدم وفق الترجيحات على منافسه مرشح الكونغو (أ.ف.ب)
خالد العناني وزير السياحة والآثار المصري السابق يتقدم وفق الترجيحات على منافسه مرشح الكونغو (أ.ف.ب)

تعوّل مصر على الدعم العربي والأفريقي والغربي لفوز مرشحها خالد العناني بمنصب مدير عام منظمة اليونيسكو، لا سيما بعد تعزيز فرصه عقب انسحاب مرشحة المكسيك من السباق، لتقتصر المنافسة على العناني والكونغولي فيرمين إدوار ماتوكو، مساعد المدير العام للمنظمة.

ومن المقرر أن تبدأ أعمال المجلس التنفيذي لليونسكو، صباح الاثنين، حيث يصوت الأعضاء لاختيار مدير جديد للمنظمة على أن يعين الفائز رسمياً في المؤتمر العام في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. وألقت مصر بثقلها السياسي والدبلوماسي لدعم مرشحها، وكان ترشيح العناني أحد موضوعات النقاش المطروحة على أجندة لقاءات وزير الخارجية المصرية مع ممثلي دول العالم خلال العامين الماضيين.

وشهدت الأيام الأخيرة الماضية تكثيفاً للجهود الرامية لحشد الدعم للعناني، حيث سافر وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي إلى العاصمة الفرنسية، باريس، يوم 2 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي لترؤس وفد بلاده في اجتماعات المجلس التنفيذي لليونسكو.

وإلى جانب فرنسا كانت إسبانيا قد أعلنت في وقت سابق دعمها ترشيح العناني، كما سبق وأشارت حملة المرشح المصري إلى دعم من ألمانيا.

وعلى مدار الأيام الماضية عقد عبد العاطي سلسلة اجتماعات مع سفراء الدول الأفريقية والعربية المعتمدين لدى «اليونيسكو»، حضر بعضها الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسى، وأثمرت تلك «الجهود المكثفة عن إعلان كل من سيريلانكا وباراغواي والمكسيك والأرجنتين تأييدها المرشح المصري لتنضم بذلك لقائمة كبيرة من الدول سبق وأعلنت ذلك رسمياً»، حسب إفادة رسمية لوزارة الخارجية المصرية.

وأعرب وزير الخارجية المصري عن تقديره للدعم الأفريقي والعربي، مؤكداً أن ترشيح العناني «يحمل أهمية بالغة للدول العربية والأفريقية، ويعد تجسيداً عملياً لثقل التراث المشترك لهذه الدول وإسهاماتها الثقافية على مدار التاريخ، ودورها في تعزيز الحوار بين الحضارات».

وأصدر الاتحاد الأفريقي 3 قرارات لاعتماد ترشيح العناني في القمم المتتالية في فبراير (شباط) ويوليو (تموز) 2024، ويوليو 2025، كما اعتمدت القمة العربية في دورتها الـ33 التي عقدت في البحرين في مايو (آيار) 2024 ترشيح العناني.

لقاءات ثنائية

ولحشد الدعم للعناني، عقد وزير الخارجية المصري لقاءات ثنائية مع مندوبي عدد من الدول لدى «اليونيسكو» من بينهم موريشيوس، والغابون، وهايتي، وبارغواي، وموزمبيق، وكوبا وغيرها. كما التقى عبد العاطي، يوم الجمعة الماضي، نظيره الفرنسي جان نويل بارو، الذي جدد التأكيد على دعم باريس للمرشح المصري، «مبدياً التطلع لتهنئة القاهرة بالفوز في انتخابات اليونيسكو».

مبنى مقر «اليونيسكو» في باريس (رويترز)

وأعلنت مصر في أبريل (نيسان) 2023 ترشيح العناني لمنصب مدير عام منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «اليونيسكو»، وقال رئيس الوزراء المصري الدكتور مصطفى مدبولي، في مؤتمر صحافي وقتئذ، إن «اختيار العناني لهذا المنصب الرفيع يأتي استناداً للمؤهلات التي يحوزها، وإنجازاته الأكاديمية والتنفيذية الملموسة في مجالات عدة، فضلاً عن إسهاماته القيمة، على الصعيدين الوطني والدولي، في مجالات العلوم والتربية والثقافة».

بدوره، يرى الكاتب المصري محمد سلماوي أن «فرص العناني جيدة جداً وأفضل من أي محاولة مصرية سابقة»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أنه «في المرات السابقة رغم أفضلية المرشحين المصريين على منافسيهم كان هناك رفض سياسي مبدئي من جانب أميركا وإسرائيل لأي مصري وعربي»، مشيراً إلى أن «هذا الرفض حال دون فوز مرشحين لمصر والسعودية وقطر والجزائر بالمنصب».

وهذه هي المحاولة الثالثة رسمياً من جانب القاهرة لتولي رئاسة المنظمة، حيث سبق ورشحت وزير الثقافة الأسبق فاروق حسني عام 2009، والسفيرة مشيرة خطاب عام 2017، كما ترشح إسماعيل سراج الدين للمنصب عام 1999 بدعم من إحدى الدول.

انتخابات مختلفة

وقال سلماوي، الذي كان عضواً في حملة فاروق حسني لليونيسكو، إن «الانتخابات الجديدة مختلفة، حيث تعقد في ظل تراجع للنفوذ الأميركي والإسرائيلي في المنظمة، بسبب انشغال الطرفين بحرب غزة، وإعلان واشنطن عزمها الانسحاب من المنظمة في نهاية 2026، كما أنها لن تحضر اجتماع المجلس التنفيذي هذا العام، الذي تجري خلاله عملية التصويت».

وفي أغسطس (آب) الماضي انسحبت غابرييلا راموس، المديرة العامة المساعدة للعلوم الاجتماعية والإنسانية باليونيسكو من المنافسة على إدارة المنظمة لتعزز من فرص العناني في السباق، وفق خبراء.

وقال سلماوي إن «فرص العناني جيدة جداً، لا سيما وأن المنافسة أقل كثيراً من الجولات السابقة، بعد انسحاب مرشحة المكسيك»، مشيراً إلى أنه «رغم ضعف فرص المرشح الكونغولي مقارنة بالمرشح المصري فلا يجب الاستهانة به، لا سيما وأنه يعمل منذ سنوات مساعداً للمدير العام للمنظمة، ولديه علاقات قوية بأعضاء المجلس التنفيذي».

وأضاف أن «أعضاء المجلس التنفيذي الـ58 هم من يصوتون لاختيار المدير الجديد، في عملية اقتراع سري، لذلك لا توجد وسيلة لضمان أن ينفذ مندوب الدولة توجيهات دولته في التصويت»، لافتاً إلى أن «هذا ما حدث خلال انتخابات عام 2009، فرغم تأييد كثير من الدول رسمياً للمرشح المصري فإن تكتلاً معيناً صوّت بشكل مغاير لتوجيهات دوله».

رغم ذلك أكد سلماوي، الذي زار باريس أخيراً والتقى عدداً من مندوبي الدول لدى اليونيسكو، أن «حظوظ المرشح المصري هذه المرة كبيرة جداً وتفوق ما كان متاحاً سابقاً».

وعلى مدار 30 شهراً، زار العناني، بتنسيق من وزارة الخارجية المصرية، أكثر من 60 دولة حول العالم أجرى خلالها لقاءات مع المسؤولين لعرض رؤيته لإدارة اليونيسكو، حسب ما كتبه عبر حسابه على «إنستغرام». وقال العناني إن «كل لقاء عزز قناعته بأن اليونيسكو يجب أن تبقى قريبة من الشعوب، حاضنة للجميع، وذات وجود ملموس على مستوى العالم».

رؤية المرشح المصري

وتحمل رؤية المرشح المصري التي قدمها للمنظمة عنوان «اليونيسكو من أجل الشعوب»، وتقوم على «تعزيز دور المنظمة العالمي في مواجهة التحديات الراهنة، والعمل بروح الشراكة والتعاون مع كافة الدول الأعضاء، وبأن تكون المنظمة بيتاً جامعاً للتنوع الثقافي والفكري، ورسالة سلام وتفاهم بين شعوب العالم».

وشغل العناني منصب وزير الآثار في الفترة من مارس (آذار) 2016 حتى ديسمبر (كانون الأول) 2019، ثم منصب وزير السياحة والآثار حتى أغسطس 2022، بعد دمج الوزارتين معاً. وهو أستاذ في علم المصريات بكلية السياحة والفنادق بجامعة حلوان (جنوب القاهرة)، وحصل على الدكتوراه في علوم المصريات من جامعة بول فاليري مونبلييه الفرنسية عام 2001، وعمل أستاذاً زائراً بالجامعة ذاتها بين 2006 و2013.

وتأسست «اليونيسكو» عام 1945، ومقرها باريس، بهدف الحفاظ على التراث الثقافي والإنساني في العالم، وتتولى رئاستها حالياً الفرنسية أودري أزولاي.


مقالات ذات صلة

احتفاء مصري باعتماد فوز العناني برئاسة اليونيسكو

يوميات الشرق الدكتور خالد العناني أمين عام اليونيسكو (وزارة التعليم العالي المصرية)

احتفاء مصري باعتماد فوز العناني برئاسة اليونيسكو

احتفت مصر بفوز وزير السياحة والآثار الأسبق، خالد العناني، بمنصب مدير عام منظمة اليونيسكو، وتصدَّر اسم العناني «الترند» على «إكس» بمصر، الخميس.

محمد الكفراوي (القاهرة)
شمال افريقيا د. خالد العناني (اليونيسكو - إكس)

«اليونيسكو» تنتخب خالد العناني مديراً عاماً للمنظمة

اعتمد المؤتمر العام لمنظمة «اليونيسكو»، اليوم (الخميس)، الدكتور خالد العناني مديراً عاماً للمنظمة، بأغلبية 172 صوتاً من أصل 174 صوتاً.

«الشرق الأوسط» (سمرقند (أوزبكستان))
يوميات الشرق وزير الثقافة السعودي خلال مشاركته في أعمال الدورة الـ43 للمؤتمر العام لليونيسكو المنعقد في سمرقند (وزارة الثقافة السعودية)

السعودية وسوريا لتعزيز التعاون الثقافي عبر «اليونيسكو»

بحثت السعودية وسوريا، التعاون الثقافي بين البلدين عبر الأطر الدولية وفي مقدمتها منظمة اليونيسكو ومؤسسة التحالف الدولي لحماية التراث (ألف).

«الشرق الأوسط» (سمرقند)
يوميات الشرق الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان يلقي كلمة أمام المؤتمر العام لـ«اليونيسكو» بمدينة سمرقند الأوزبكية الثلاثاء (حسابه على «إكس»)

بدر بن عبد الله بن فرحان: «رؤية 2030» جعلت الثقافة في قلب التنمية

قال الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة السعودي، إن ما حققته بلاده من منجزات متنوعة على الأصعدة كافة يُمثّل ترجمة عملية لـ«رؤية المملكة 2030».

«الشرق الأوسط» (سمرقند)
يوميات الشرق محافظة الجيزة المصرية ضمن المدن الإبداعية باليونيسكو (صفحة المحافظة على «فيسبوك»)

اختيار «الجيزة المصرية» ضمن شبكة المدن الإبداعية باليونيسكو في مجال السينما

انضمت مدينة الجيزة المصرية لشبكة المدن الإبداعية بمنظمة اليونيسكو ضمن 58 مدينة أخرى، على مستوى العالم.

محمد الكفراوي (القاهرة )

«البحر الأحمر» يُعيد للسينما سحرها... افتتاح مدهش يُكرّم مايكل كين ويحتفي بالبدايات الجديدة

‎لحظة تاريخية لتكريم النجم الأميركي مايكل كين في حفل الافتتاح (إدارة المهرجان)
‎لحظة تاريخية لتكريم النجم الأميركي مايكل كين في حفل الافتتاح (إدارة المهرجان)
TT

«البحر الأحمر» يُعيد للسينما سحرها... افتتاح مدهش يُكرّم مايكل كين ويحتفي بالبدايات الجديدة

‎لحظة تاريخية لتكريم النجم الأميركي مايكل كين في حفل الافتتاح (إدارة المهرجان)
‎لحظة تاريخية لتكريم النجم الأميركي مايكل كين في حفل الافتتاح (إدارة المهرجان)

في لحظة يصعب نسيانها، ظهر النجم الأميركي فين ديزل، وهو يدفع الأسطورة البريطانية مايكل كين على كرسيه المتحرّك فوق خشبة مسرح حفل افتتاح مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي»، مساء الخميس، في مشهد بدا كأنه يُلخّص روح دورة خامسة تجمع بين شغف السينما وامتنانها لرموزها، وبين حضور دولي يُرسّخ جدة منصةً تلتقي فيها قصص نجوم «هوليوود» و«بوليوود» والعالم العربي.

وقف ديزل على المسرح لتقديم الجائزة التكريمية، قائلاً: «هذه الليلة مميّزة بالنسبة إليّ، لأنني أقدّم جائزة لشخص تعرفونه جميعاً بأنه من أفضل الممثلين الذين عاشوا على الإطلاق... مايكل كين يملك من الكاريزما ما يفوق ما لدى معظم نجوم هوليوود». أمّا كين، الذي بلغ التسعين من عمره، فصعد إلى المسرح بدعم 3 من أحفاده، وقال مازحاً: «أتيتُ لأتسلم جائزة، ولا يفاجئني ذلك... فقد فزت بأوسكارين».

مايكل كين متأثّراً خلال كلمته على المسرح (إدارة المهرجان)

كان ذلك المشهد الشرارة التي أعطت مساء الافتتاح طابعاً مختلفاً؛ إذ لم تكن الدورة الخامسة مجرّد احتفاء بفنّ السينما، وإنما إعلان عن نقلة نوعية في موقع السعودية داخل الخريطة العالمية، حيث تتقاطع الأضواء مع الطموح السينمائي، ويتحوَّل الافتتاح من استقطاب للنجوم وعروض الأفلام، إلى قراءة لصناعة تتشكَّل أمام العالم.

وانضم إلى مايكل كين في قائمة النجوم المكرّمين لهذا العام: سيغورني ويفر، وجولييت بينوش، ورشيد بوشارب، وستانلي تونغ، فيما استمرَّت أسماء عالمية في التوافد إلى جدة في اليومين الماضيين، من بينهم جيسيكا ألبا، وأدريان برودي، ودارين أرونوفسكي، والمخرجة كوثر بن هنية.

وينسجم ذلك مع كلمة وزير الثقافة السعودي الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، خلال الحفل، بأنّ المهرجان أصبح منصةً تعكس التحوّل الكبير الذي يشهده القطاع الثقافي في المملكة، ويُظهر دور الشباب في تشكيل مشهد سينمائي ينسجم مع طموحات «رؤية 2030»، مشيراً إلى أنّ الثقافة تُعد إحدى أقوى أدوات التأثير عالمياً.

حشد سينمائي عالمي كبير في الحفل (إدارة المهرجان)

السعودية... بدايات هوليوود

ومثل عادة المهرجانات، اتّجهت الأنظار نحو السجادة الحمراء، فامتلأت «الريد كاربت» الواقعة في منطقة البلد التاريخية بطيف نادر من نجوم السينما العالمية؛ من داكوتا جونسون، وآنا دي أرماس، ورئيس لجنة التحكيم شون بيكر وأعضاء اللجنة رض أحمد، وناعومي هاريس، ونادين لبكي، وأولغا كوريلنكو، إضافة إلى كوين لطيفة، ونينا دوبريف؛ اللتين شاركتا في جلسات حوارية مُعمَّقة قبل الافتتاح.

وخلال الحفل، أكد رئيس لجنة التحكيم شون بيكر، أنه متحمّس جداً للحضور في السعودية، التي شبَّهها بـ«هوليوود في أيامها الأولى»، مضيفاً: «بينما نُقاتل للحفاظ على دور العرض في الولايات المتحدة، افتُتِحت هنا مئات الصالات خلال 5 سنوات، لتصبح السعودية أسرع أسواق شباك التذاكر نمواً في العالم. ما يحدث هنا مُلهم ودافئ للقلب».

رئيسة مجلس أمناء مؤسّسة «البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد (إدارة المهرجان)

من جهتها، تحدَّثت رئيسة مجلس أمناء مؤسّسة «البحر الأحمر السينمائي»، جمانا الراشد، عن أثر المؤسّسة خلال السنوات الخمس الماضية، قائلة: «لقد بنينا بهدوء ما كان كثيرون يرونه مستحيلاً: منظومة تمنح صنّاع الأفلام من آسيا وأفريقيا والعالم العربي القدرة على القيادة». وأشارت إلى أنّ 7 أفلام دعمها «صندوق البحر الأحمر» اختارتها بلدانها لتمثيلها في «الأوسكار»، وهو دليل على أثر الصندوق الذي دعم أكثر من 130 مشروعاً خلال 5 سنوات فقط. وأوضحت أنّ الدورة الخامسة تضم هذا العام 111 فيلماً من أكثر من 70 دولة، وتسلّط الضوء على 38 مُخرجة، مؤكدة أنّ حضور المرأة في هذه الدورة يُسهم في إعادة تعريف حدود السرد السينمائي، ويشكّل جزءاً أساسياً من روح المهرجان.

«العملاق»... فيلم الافتتاح

وفي نهاية الحفل، بدأ عرض فيلم الافتتاح «العملاق» للمخرج البريطاني - الهندي روان أثالي، وهو عمل يستعيد سيرة الملاكم البريطاني - اليمني الأصل نسيم حمد «برنس ناز»، والفيلم من إنتاج سيلفستر ستالون، ويقدّم فيه الممثل المصري - البريطاني أمير المصري أهم أدواره حتى الآن، بينما يلعب بيرس بروسنان دور المدرّب الذي شكّل مسيرة ناز.

ورغم أنّ السِّير الرياضية مألوفة في السينما العالمية، فإنّ اختيار هذا الفيلم تحديداً يحمل دلالة ضمنية؛ فهو عن شاب صنع مساراً لم يكن موجوداً، وعَبَر حدود التصوّرات الطبقية والثقافية ليصنع له مكاناً يُشبهه. بما يُشبه إلى حد كبير قصة الصناعة السينمائية المحلّية التي تُحاول إعادة تعريف صورتها أمام العالم، وتبني حضورها من نقطة البدايات، بمزيج من الحلم والهوية والإصرار، لتصل اليوم إلى مرحلة النضج في دورة تحتفي بشعار «في حبّ السينما»، وتحمل معها 10 أيام من عروض وتجارب تُعيد إلى الفنّ السابع قدرته الأولى على الدهشة.


ابتلعها بهدف سرقتها... استعادة قلادة مستوحاة من أفلام جيمس بوند من أحشاء رجل نيوزيلندي

شرطي يعرض بيضة فابرجيه خضراء مرصعة بالماس في أوكلاند بعد مراقبة دامت 6 أيام للص المتهم بابتلاعها (أ.ف.ب)
شرطي يعرض بيضة فابرجيه خضراء مرصعة بالماس في أوكلاند بعد مراقبة دامت 6 أيام للص المتهم بابتلاعها (أ.ف.ب)
TT

ابتلعها بهدف سرقتها... استعادة قلادة مستوحاة من أفلام جيمس بوند من أحشاء رجل نيوزيلندي

شرطي يعرض بيضة فابرجيه خضراء مرصعة بالماس في أوكلاند بعد مراقبة دامت 6 أيام للص المتهم بابتلاعها (أ.ف.ب)
شرطي يعرض بيضة فابرجيه خضراء مرصعة بالماس في أوكلاند بعد مراقبة دامت 6 أيام للص المتهم بابتلاعها (أ.ف.ب)

كشفت شرطة نيوزيلندا، التي أمضت 6 أيام في مراقبة كل حركة أمعاء لرجل متهم بابتلاع قلادة مستوحاة من أحد أفلام جيمس بوند من متجر مجوهرات، اليوم (الجمعة)، أنها استعادت القلادة المزعومة.

وقال متحدث باسم الشرطة إن القلادة البالغة قيمتها 33 ألف دولار نيوزيلندي ( 19 ألف دولار أميركي)، تم استردادها من الجهاز الهضمي للرجل مساء الخميس، بطرق طبيعية، ولم تكن هناك حاجة لتدخل طبي.

يشار إلى أن الرجل، البالغ من العمر 32 عاماً، والذي لم يكشف عن هويته، محتجز لدى الشرطة منذ أن زعم أنه ابتلع قلادة الأخطبوط المرصعة بالجواهر في متجر بارتريدج للمجوهرات بمدينة أوكلاند في 28 نوفمبر (تشرين الثاني)، وتم القبض عليه داخل المتجر بعد دقائق من السرقة المزعومة.

وكانت المسروقات عبارة عن قلادة على شكل بيضة فابرجيه محدودة الإصدار ومستوحاة من فيلم جيمس بوند لعام 1983 «أوكتوبوسي». ويدور جزء أساسي من حبكة الفيلم حول عملية تهريب مجوهرات تتضمن بيضة فابرجيه مزيفة.

وأظهرت صورة أقل بريقاً قدمتها شرطة نيوزيلندا يوم الجمعة، يداً مرتدية قفازاً وهي تحمل القلادة المستعادة، التي كانت لا تزال متصلة بسلسلة ذهبية طويلة مع بطاقة سعر سليمة. وقال متحدث إن القلادة والرجل سيبقيان في حوزة الشرطة.

ومن المقرر أن يمثل الرجل أمام محكمة مقاطعة أوكلاند في 8 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وقد مثل أمام المحكمة لأول مرة في 29 نوفمبر.

ومنذ ذلك الحين، تمركز الضباط على مدار الساعة مع الرجل لانتظار ظهور الدليل.


إزالة غامضة لـ«جدار الأمل» من وسط بيروت... ذاكرة المدينة مُهدَّدة بالمحو!

كان الجدار يقول إنّ العبور ممكن حتى في أصعب الأزمنة (صور هادي سي)
كان الجدار يقول إنّ العبور ممكن حتى في أصعب الأزمنة (صور هادي سي)
TT

إزالة غامضة لـ«جدار الأمل» من وسط بيروت... ذاكرة المدينة مُهدَّدة بالمحو!

كان الجدار يقول إنّ العبور ممكن حتى في أصعب الأزمنة (صور هادي سي)
كان الجدار يقول إنّ العبور ممكن حتى في أصعب الأزمنة (صور هادي سي)

اختفت من وسط بيروت منحوتة «جدار الأمل» للفنان هادي سي، أحد أبرز أعمال الفضاء العام التي وُلدت من انتفاضة 17 أكتوبر (تشرين الأول). العمل الذي استقرّ منذ عام 2019 أمام فندق «لوغراي»، وتحوَّل إلى علامة بصرية على التحوّلات السياسية والاجتماعية، أُزيل من دون إعلان رسمي أو توضيح. هذا الغياب الفجائي لعمل يزن أكثر من 11 طناً يفتح الباب أمام أسئلة تتجاوز الشقّ اللوجستي لتطول معنى اختفاء رمز من رموز المدينة وواقع حماية الأعمال الفنّية في فضاء بيروت العام. وبين محاولات تتبُّع مصيره، التي يقودها مؤسِّس مجموعة «دلول للفنون» باسل دلول، يبقى الحدث، بما يحيطه من غموض، مُشرَّعاً على استفهام جوهري: بأيّ معنى يمكن لعمل بهذا الوزن المادي والرمزي أن يُزال من عمق العاصمة من دون تفسير، ولمصلحة أيّ سردية يُترك هذا الفراغ في المكان؟

من هنا عَبَر الأمل (صور هادي سي)

ليست «جدار الأمل» منحوتة جيء بها لتزيين وسط بيروت. فمنذ ولادتها خلال انتفاضة 17 أكتوبر، تحوَّلت إلى نقطة التقاء بين الذاكرة الجماعية والفضاء العام، وعلامة على رغبة اللبنانيين في استعادة مدينتهم ومخيّلتهم السياسية. بدت كأنها تجسيد لما كان يتشكّل في الساحات. للحركة، وللاهتزاز، وللممرّ البصري نحو مستقبل أراده اللبنانيون أقل التباساً. ومع السنوات، باتت المنحوتة شاهدة على الانفجار الكبير في المرفأ وما تبعه من تغيّرات في المزاج العام، وعلى التحوّلات التي أصابت الوسط التجاري نفسه. لذلك، فإنّ إزالتها اليوم تطرح مسألة حماية الأعمال الفنّية، وتُحيي النقاش حول القدرة على الاحتفاظ بالرموز التي صنعتها لحظة شعبية نادرة، وما إذا كانت المدينة تواصل فقدان معالمها التي حملت معنى، واحداً تلو الآخر.

في هذا الركن... مرَّ العابرون من ضيقهم إلى فسحة الضوء (صور هادي سي)

ويأتي اختفاء «جدار الأمل» ليعيد الضوء على مسار التشكيلي الفرنسي - اللبناني - السنغالي هادي سي، الذي حملت أعماله دائماً حواراً بين الذاكرة الفردية والفضاء المشترك. هاجس العبور والحركة وإعادة تركيب المدينة من شظاياها، شكّلت أساسات عالمه. لذلك، حين وضع عمله في قلب بيروت عام 2019، لم يكن يضيف قطعة إلى المشهد بقدر ما كان يُعيد صياغة علاقة الناس بالمدينة. سي ينتمي إلى جيل يرى أنّ الفنّ في الفضاء العام مساحة نقاش واحتكاك، ولهذا يصعب عليه أن يقرأ ما جرى على أنه حادثة تقنية، وإنما حدث يُصيب صميم الفكرة التي يقوم عليها مشروعه.

يروي باسل دلول ما جرى: «حين أُعيد افتتاح (لوغراي) في وسط بيروت، فضّل القائمون عليه إزالة المنحوتة». يُقدّم تفسيراً أولياً للخطوة، ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «قبل 2019، كانت المنحوتة تستمدّ الكهرباء اللازمة لإضاءتها من الفندق وبموافقته. ثم تعاقبت الأحداث الصعبة فأرغمته على الإغلاق. ومع إعادة افتتاحه مؤخراً، طلب من محافظ بيروت نقل المنحوتة إلى مكان آخر». يصف دلول اللحظة قائلاً إنّ العملية تمّت «بشكل غامض بعد نزول الليل، إذ جِيء برافعة لإزالة العمل بلا إذن من أحد». أما اليوم، فـ«المنحوتة موجودة في ثكنة مُغلقة بمنطقة الكارنتينا».

كأنّ المدينة فقدت أحد أنفاسها (صور هادي سي)

دلول الذي يتابع مسارات فنانين، من بينهم هادي سي، لا يتردَّد في الإجابة بـ«نعم» حين نسأله إن كان يرى الحادثة «محاولة محو للذاكرة». يخشى أن تصبح الأعمال الفنّية في بيروت مهدَّدة كلّما حملت رمزية جماعية أو امتداداً لذاكرة سياسية لا ترغب المدينة في مواجهتها. يرفض أن يتحوَّل الفضاء العام إلى مساحة بلا سردية، ويُحزنه، كما يقول، صدور هذا الارتكاب عن فندق «يُطلق على نفسه أوتيل الفنّ»، حيث تتوزَّع اللوحات في أروقته ويتميَّز تصميمه الداخلي بحسّ فنّي واضح. ومع ذلك، يُبدي شيئاً من التفاؤل الحَذِر حيال مصير المنحوتة: «نُحاول التوصّل إلى اتفاق لإيجاد مكان لائق بها، ونأمل إعادتها إلى موقعها».

أما هادي سي، فلا يُخفي صدمته لحظة تلقّي الخبر: «شعرتُ كأنّ ولداً من أولادي خُطف منّي». نسأله: هل يبقى العمل الفنّي امتداداً لجسد الفنان، أم يبدأ حياته الحقيقية حين يخرج إلى العلن؟ فيُجيب: «بعرضه، يصبح للجميع. أردته رسالة ضدّ الانغلاق وكلّ ما يُفرّق. في المنحوتة صرخة تقول إنّ الجدار لا يحمينا، وإن شَقَّه هو قدرُنا نحو العبور».

كان الجدار مفتوحاً على الناس قبل أن تُغلق عليه ليلة بيروت (صور هادي سي)

ما آلَمَه أكثر هو غياب أيّ إشعار مُسبَق. فـ«منحوتة ضخمة تُزال بهذه الطريقة» جعلته يشعر بأنّ «الفنان في لبنان غير مُحتَرم ومُهدَّد». يؤكد أنّ «الفعل مقصود»، لكنه يمتنع عن تحديد أيّ جهة «لغياب الأدلّة».

يؤمن سي بأنّ الفنّ أقرب الطرق إلى الإنسان، والذاكرة، وإنْ مُحيَت من المكان، لا تُنتزع من أصحابها. كثيرون تواصلوا معه تعاطفاً، وقالوا إنهم لم يتعاملوا مع المنحوتة على أنها عمل للمُشاهدة فقط، وإنما مرّوا في داخلها كأنهم يخرجون من «رحم أُم نحو ولادة أخرى». لذلك يأمل أن تجد مكاناً يسمح بقراءتها من جديد على مستوى المعنى والأمل: «إنها تشبه بيروت. شاهدة على المآسي والنهوض، ولم تَسْلم من المصير المشترك».

من جهتها، تُشدّد مديرة المبيعات والتسويق في «لوغراي»، دارين مدوّر، على أنّ الفندق «مساحة لاحتضان الفنّ واستضافة المعارض ومواكبة الحركة الثقافية البيروتية». وتنفي لـ«الشرق الأوسط» أيّ علاقة للفندق بقرار إزالة المنحوتة: «الرصيف الذي وُضعت عليه لا يعود عقارياً لنا، ولا نملك سُلطة بتّ مصيرها. بُلِّغنا، كما الجميع، بتغيير موقعها، لا أكثر ولا أقل».