الهجرة والهوية وجوني ديب في معرض إسطنبول للفن المعاصر

في دورته الـ20... 51 صالة عرض من أنحاء العالم وحضور قوي لفناني تركيا

جانب من معرض إسطنبول للفن المعاصر (الشرق الأوسط)
جانب من معرض إسطنبول للفن المعاصر (الشرق الأوسط)
TT

الهجرة والهوية وجوني ديب في معرض إسطنبول للفن المعاصر

جانب من معرض إسطنبول للفن المعاصر (الشرق الأوسط)
جانب من معرض إسطنبول للفن المعاصر (الشرق الأوسط)

احتفلت مدينة إسطنبول في الأسبوع الأخير من شهر سبتمبر (أيلول) بإطلاق الدورة الـ20 من معرضها للفن المعاصر بمشاركة 51 صالة عرض من 16 دولة قدمت أعمال 579 فناناً مع مشاركة من 10 مؤسسات فنية و28 تمثيلاً لمتاحف و507 مقتنين للفنون.

تقدم الأرقام صورة لما نراه داخل قاعات المعرض بمنطقة ترسانة التاريخية (حوض بناء السفن التاريخي في القرن الذهبي)، غير أن الجولة على القاعات المشاركة ترسم لنا صورة أوضح لمشهد فني غني في تركيا.

قبل الدخول لقاعات العرض يستقبلنا معرض لعدد من مقتنيات مؤسسة سيغ الفنية يضم عدداً من الأعمال المميزة، منها عمل ضخم للفنانة المغربية ميريم بناني بعنوان «وينستون ورايبي» (2017) منفذ على الورق باستخدام الفحم، اللوحة تصور كتاباً مفتوحاً موضوعاً على طاولة وبجانبه أغراض متفرقة منها إناء للشرب من الفخار يحمل كلمات ونقوشاً عربية. بالحديث مع المشرفة على الصالة مورين سيغ نعرف أنَّ الفنانة استوحت كثيراً من عناصر ثقافة البوب في عملها مع إشارات إلى الحياة المعاصرة، وإلى بلدها المغرب. العمل ليس للبيع كما تشير سيغ، فهو ضمن أول معرض لمقتنيات من مؤسسة سيغ الفنية، ويضم أيضاً لوحة للممثل العالمي جوني ديب.

لوحة للممثل العالمي جوني ديب (الشرق الأوسط)

بداية الجولة

جانب من المعرض (خاص)

تأخذنا معروضات مؤسسة سيغ لأول القاعات التجارية المشاركة في المعرض لنبدأ رحلتنا مع عروض 51 صالة عرض مشاركة، اللافت فيها هو غياب الصالات العربية الشهيرة. نقطة لافتة أخرى خلال الجولة هي العودة القوية للوحات المرسومة بعد فترة سادت فيها الأعمال التركيبية وأعمال الفيديو. تثبت عودة اللوحات المرسومة بالزيت أو الأكريليك أو غيرها من الوسائط وجود ذائقة ورغبة شرائية لهذا النوع من الفنون.

بالنسبة إلى أهم الموضوعات المطروحة تظهر تيمات الهجرة والوطن في كثير من الأعمال، هناك أيضاً التعبير القوي عن النسوية والاعتزاز بالهوية والعزف على أوتار موضوعات التراث الغائب والمهدد، وأيضاً العولمة والنزعات الاستعمارية. هي وجبة فنية دسمة أمامنا، ويجب القول إنَّ الأعمال المميزة والقوية كانت مسيطرة على المعرض.

ما بين التاريخ وعصر المسيّرات

في غاليري بايلوت Pilot نرى أكثر من عمل للفنان التركي هاليل التنديري منها لوحة ضخمة تمزج ما بين القديم والحديث، تصور مشهداً حربياً كأنه خارج من لوحة عثمانية قديمة حيث تمتزج ملامح الطبيعة من تلال وجبال وأشخاص المحاربين الأتراك بعمائمهم ودروعهم مع أحدث الآلات الحربية من القرن الـ21، التفاصيل كثيرة في هذا العمل، وسوف يجد المتفرج متعة في محاولة مواءمة الشخصيات التاريخية والجيش المحارب بعتاده وأحصنته مع الروبوتات التي تتجول معهم والإنسان الآلي الذي يحمل اسم «تسلا» بينما تعلو اللوحة كتابات بالخط العربي. العمل منفَّذ بأسلوب رسم المنمنمات فيستخدم التذهيب لخلق أرضية اللوحة، ويمنح العمل عنوان «هزيمة قلاع اليمن بواسطة المسيّرات»، العمل به لمحة ساخرة تبدو من خلال وجود تلك الأشكال الغربية المصدرة من القرن الحالي للماضي. الفنان عرض أعماله في عدد من المحافل العالمية، ومنها بينالي فينيسيا، وتحمل أعماله رسالة أو تعليقاً سياسياً يحاول من خلالها استكشاف الأعراف الاجتماعية والثقافية. نعرف أن اللوحة بيعت في اللحظات الأولى لافتتاح المعرض بـ20 ألف يورو.

عمل للفنان التركي هاليل التنديري (الشرق الأوسط)

في غاليري سيفيل دولماتشي من إسطنبول يقدم الفنان دانييل فيرمان منحوتة من البرونز لشخص يرقص غير أن المنحوتة مقسمة لأجزاء فكأنما تتبع كتل البرونز الحركات المختلفة للجسم هنا، ندور حول المنحوتة، وكأننا نتابع الحركة الراقصة، يشير الفنان فيرمان إلى أنه تعاون مع راقص محترف لتنفيذ هذا العمل، وطلب منه أن يتخيّل أنه يرقص برفقة ذاته. يقول إنَّ الناظر للعمل يمكن أن يحس بحركة الراقص بفعل طريقة تركيب أجزاء الجسد الراقصة.

عمل الفنان دانييل فيرمان (الشرق الأوسط)

نساء بطلاء شفاه أحمر

في غاليري زيلبرمان من إسطنبول وبرلين تقبع مجموعة من الأعمال المدهشة للفنانة التركية أزادي كوكر. تصور كوكر نساء في لوحاتها، غير واضحات المعالم، تجردهن لخطوط، وأشكال عائمة، نراهن واقفات أو جالسات بثقة، تختلف تفاصيلهن، وتوحدهن طبقة من طلاء الشفاه الأحمر.

اللوحات تحمل طاقة هائلة تنتقل للناظر بسهولة. تقول المشرفة على الغاليري إن أعمال الفنانة بيعت حتى قبل تعليقها في المعرض. تبرز في اللوحات الخلفيات المركبة من أكثر من طبقة، تستخدم أوراقاً خاصة بالتصوير لتحدث التأثير المدهش أمامنا و«العمق والمساحة الثنائية الأبعاد» بحسب محدثتنا. تتناول اللوحات المعروضة هنا تيمة أثيرة لدى الفنانة، وهي الهوية والانتماء. موضوعها هو النساء اللواتي يعشن في مجتمع يريد منهن الانصياع لفكرة موحدة عن مكان المرأة، ولذا نجد أن أغلب النساء في اللوحات أمامنا يتخذن وضعيات منزلية، فهن جالسات على المقاعد أو مستلقيات باسترخاء، في لوحة تتوحد المرأة الجالسة مع المقعد من خلال الألوان المشتركة. ما يختلف في نساء أزادي كوكر هنا هو طلاء الشفاه الأحمر، هنا الاستقلال والتفرد والتمرد أيضاً على الألوان الموحدة، اللون الأحمر يعكس قوة الشخصية، ويأخذ النساء من هذه اللوحات لعوالم أرحب.

أعمال الفنانة التركية أزادي كوكر (الشرق الأوسط)

ما بين الواقع والذكرى

في غاليري مارتش آرت من إسطنبول تجذبنا أعمال الفنان الهولندي كاسبر فاسن التي تعتمد على التصوير وتغليفه بطبقة شبه شفافة من الورق لتصبح الصور خلفه غائمة الملامح تحمل ضبابية الأحلام. التأثير مدهش بالفعل، ويجذب الزائر فوراً لاستكشاف الأشكال الكامنة خلف تلك الطبقة الشفافة فلا هي صور واقعية بحتة يمكن التفاعل معها باعتبارها واقعاً، ولا هي حلم أو ذاكرة بعيدة أيضاً. في أحد الأعمال يجمع الفنان ما بين تسعة إطارات نرى من خلال كل منها قطعة أثرية، جرات مزخرفة وأجزاء من تماثيل لنساء قادمات من أعماق التاريخ، تلك القطع ما زالت تحمل ألوانها وزهاء نقوشها، ولكنها بعيدة أيضاً.

أعمال الفنان الهولندي كاسبر فاسن (الشرق الأوسط)

يقول الفنان خلال الحديث معه عن أعماله: «هي طريقتي لاستعادة تاريخ القطع الأثرية، في هذه السلسلة أشير إلى قطع أخذت من بلدانها، ونقلت إلى الخارج خلال حقب استعمارية، حاولت النظر إلى الأمر باعتباري شخصاً أبيض من هولندا نشأت محاطاً بكل القطع الفنية الرائعة. حاولت جمع هذه الصور لقطع فنية لأعيد عرضها في موطنها، فهنا ضمن الصور في الخلفية قطع تعود لمنطقة أنطاليا في تركيا. لكل قطعة منها قصة، وأحاول من خلال أعمالي جمع تلك القصص».

طريقة عرض صور القطع الأثرية تثير الشعور بأنها في طريقها للاختفاء والتواري، يعلق الفنان على ذلك قائلاً: «بالفعل، أقدّم القطع على أنها ذكرى». يمزج الفنان في طريقته هذه ما بين الرسم والتصوير، ويعلق: «بدأتُ رساماً، لذا بنيتُ العمل على طبقات مختلفة. أحاول أن أفصل نفسي عن الموضوع، كرسام أنت تميز نفسك باستخدام الألوان فقط. وفي التصوير الفوتوغرافي، أريد أن أصل إلى الشعور بالبعد نفسه».

الهجرة والوطن

يحاول الفنان التركي بلال هاكان كاراكايا التعبير عن الهاجس الدائم والشوق الذي لا ينتهي بعملين في غاليري آنا لوديل، يقدم من خلال عمله الأول حقيبة سفر مفتوحة أمامنا لا تحمل ملابس أو أغراضاً خاصة بل تحمل طبقتين معدنيتين تجسدان تصميماً معمارياً جذاباً لمحطة القطارات في إسطنبول. للعمل جماليات لافتة، وبه مشاعر مضطربة وأشواق وحزن ممتزج بحنين دائم إلى وطن يحمله معه الفنان في حقيبته.

حقيبة المهاجر للفنان التركي بلال هاكان كاراكايا

تشير المشرفة على الغاليري إلى أن العمل يعكس حركة الهجرة إلى ألمانيا في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، ولهذا اكتسبت محطة قطار سيركيجي الرئيسة في إسطنبول رمزيتها في عمل الفنان، تظهر تفاصيلها من خلال تصميمها، وأيضاً من خلال استخدام قطع الزجاج الملون إشارة إلى الزخارف والزجاج الملون في المحطة. «وضع الفنان هذه الزخارف داخل الأمتعة، وهو ما أشبه بإعادة الاتصال بالماضي، وكل الذكريات، لأن والد الفنان هاجر أيضاً إلى ألمانيا في تلك الأوقات، ويذكرنا بمحطات القطار في إسطنبول التي كانت بداية طريق الهجرة لكثيرين».


مقالات ذات صلة

ملتقى القاهرة للخط العربي... رحلة بصرية بين هيبة التراث وروح الحداثة

يوميات الشرق استعرضت بعض اللوحات أساليب مبتكرة في التكوين (الشرق الأوسط)

ملتقى القاهرة للخط العربي... رحلة بصرية بين هيبة التراث وروح الحداثة

احتفاءً بالخط العربي بوصفه فناً أصيلاً يحمل بين ثناياه دعوة للسلام، والانسجام الإنساني، أطلقت مصر الدورة العاشرة من «ملتقى القاهرة الدولي لفنون الخط العربي».

نادية عبد الحليم (القاهرة)
يوميات الشرق طفل يبحث عما يشبهه من كتب تحاكي ذاته (الشرق الأوسط)

650 ألف زائر يرسخ مكانة معرض جدة للكتاب كمنصة ثقافية إقليمية

مع رحيل آخر أيام معرض جدة للكتاب، يطرح المشهد الثقافي جملةً من الأسئلة حول المعرض وترسيخ مكانته كأحد أبرز الفعاليات الثقافية في المملكة.

سعيد الأبيض (جدة)
يوميات الشرق عبد الحليم رضوي... طاقات تعبيرية ودلالات مفاهيمية ذات طابع معاصر (الشرق الأوسط)

القاهرة تحتفي برائد الفن السعودي عبد الحليم رضوي

يُصاحب معرض رضوي تقديم أعمال نخبة من رواد وكبار التشكيليين المعاصرين في المملكة.

نادية عبد الحليم (القاهرة )
يوميات الشرق جانب من توقيع الاتفاق لتحويل رواية «القبيلة التي تضحك ليلاً» إلى فيلم (الشرق الأوسط)

السينما السعودية تمدّ جسورها إلى الأدب في معرض جدة للكتاب

لم يعد سؤال صنّاع السينما يدور حول عدد العناوين، بل حول أيّ الروايات تصلح لأن تُروى على الشاشة...

سعيد الأبيض (جدة)
يوميات الشرق تحاول الفنانة التشكيلية في هذه المجموعة العبور من المحدود إلى المطلق (الغاليري)

معرض «تفتّحت الزهور من بين حجار الإسمنت المكسور»... عود على بدء

تستخدم ندى صحناوي الألوان الزاهية، بالإضافة إلى الأسود والأبيض. وفي قوالب الزهور الحمراء والبيضاء، يخال للناظر إليها أنها تُشبه كعكة عيد...

فيفيان حداد (بيروت)

وزير الإعلام السعودي: لا تسامح مع استخدام حرية التعبير لخلق فوضى

وزير الإعلام السعودي سلمان الدوسري والعضو المنتدب لشركة «القدية للاستثمار» عبد الله الداود خلال المؤتمر (وزارة الإعلام)
وزير الإعلام السعودي سلمان الدوسري والعضو المنتدب لشركة «القدية للاستثمار» عبد الله الداود خلال المؤتمر (وزارة الإعلام)
TT

وزير الإعلام السعودي: لا تسامح مع استخدام حرية التعبير لخلق فوضى

وزير الإعلام السعودي سلمان الدوسري والعضو المنتدب لشركة «القدية للاستثمار» عبد الله الداود خلال المؤتمر (وزارة الإعلام)
وزير الإعلام السعودي سلمان الدوسري والعضو المنتدب لشركة «القدية للاستثمار» عبد الله الداود خلال المؤتمر (وزارة الإعلام)

شدد سلمان الدوسري وزير الإعلام السعودي، الاثنين، على عدم التسامح مع من يحاولون استخدام «حرية التعبير» لخلق فوضى في الفضاء الإعلامي، أو استخدام خطاب شعبوي زائف الهدف منه زيادة أعداد المتابعين، وذلك خلال المؤتمر الصحافي الحكومي بالعاصمة الرياض.

وقال وزير الإعلام السعودي إن القوانين والأنظمة في السعودية تكفل حرية التعبير كحق أصيل، لكن في الوقت نفسه تميز بوضوح بين الرأي المسؤول والنقد البناء، وبين التحريض الذي يهدف إلى التضليل أو تأجيج الرأي العام.

وبيّن أن إجراءات هيئة تنظيم الإعلام لا تستهدف الآراء أو النقد البناء، بقدر ما تأتي في إطار تطبيق الأنظمة تجاه أي ممارسات تتجاوز المسؤولية الإعلامية وتمس السلم المجتمعي.

وكشف الوزير الدوسري خلال المؤتمر، الذي عقد للحديث عن تطورات مشروع مدينة القدية، أن العمل جارٍ لإطلاق مشروع «مدرسة الموهوبين الإعلاميين»، وذلك بالتعاون مع وزارة التعليم، لاكتشاف ورعاية الموهوبين من مراحل مبكرة.

وأوضح أن مدينة القدية ستستضيف الملتقى الثاني لصناع التأثير إمباك 2026، لافتاً إلى أن العمل قائم مع الشركاء في القدية لإطلاق مشروع «بيت إمباك».

واستعرض وزير الإعلام السعودي مجموعة من الإنجازات التي حققتها السعودية خلال الفترة الماضية، ومن ذلك زيادة مساهمة الأنشطة غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، حيث بلغت 55.4 في المائة خلال الربع الثالث من العام الماضي، مقارنة بـ45.9 في المائة في الربع الثالث من عام 2016. فيما ⁠«بلغت نسبة تملُّك الأسر السعودية للمنازل في نهاية العام الماضي 65.4 في المائة».

وتابع: ⁠«احتلّت المملكة المركز الأول عالمياً في عدد الجوائز التي نالتها في مسابقة الذكاء الاصطناعي العالمية للشباب بـ26 جائزة، كأكبر دولة في العالم تنال هذا العدد من الجوائز في تاريخ المسابقة».

وأضاف الوزير الدوسري أن قطار الرياض استقبل 120 مليون راكب منذ بدء انطلاق المشروع وحتى أكتوبر (تشرين الأول) 2025، وسجّل أعلى درجات الانضباط في التشغيل، بنسبة التزام بلغت 99.8 في المائة لعام 2025. مشيراً إلى أن السعودية تستهدف تنفيذ المرحلة السابعة من مشروع قطار الرياض خلال العام المقبل.

من جهته، قال العضو المنتدب لشركة «القدية للاستثمار»، عبد الله الداود، أن القدية مدينة فريدة من نوعها تجمع أكثر من 70 أصلاً في مكانٍ واحد، من بينها استاد الأمير محمد بن سلمان، ومجمع التنس الوطني، ومركز الفنون الأدائية، والعديد من الأصول النوعية الأخرى. ‏وأكد الداود أن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان يؤمن بالمشاريع النوعية التي تضيف لحياة الناس ولها القدرة على خلق اقتصادات وقطاعات جديدة، ولذلك كان كل العمل منصباً على تنفيذ أفكار الأمير محمد وتطلعاته، مشيراً إلى أن مشروع القدية يأتي من قلب «رؤية 2030»، وأن القدية تتبنى مفهوماً متكاملاً يندمج فيه الترفيه والرياضة والثقافة والسياحة بشكل متجانس.

وأعلن العضو المنتدب لشركة «القدية للاستثمار»، خلال المؤتمر، أن تاريخ 31 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، هو موعد افتتاح مدينة القدية لأول أصولها، منتزه «سيكس فلاغز»، مؤكداً أن الافتتاح سيشكل نقلة نوعية تحولية في مسيرة المدينة.

وأضاف الدواد أن منتزه «Six Flags» نجح في كسر عدد من الأرقام القياسية، وذلك من خلال 5 ألعاب في مكان واحد، من أبرزها لعبة أفعوانية الصقر التي تحطم 3 أرقام قياسية كأطول أفعوانية في العالم، وأسرع أفعوانية في العالم، وأعلى أفعوانية في العالم.

وكشف الداود أنه تم الانتهاء الكامل من منتزه «Six Flags» الذي صمم لاستقبال نحو 10 آلاف زائر يومياً، ومن المتوقع أن يتجاوز أعداد زوار المنتزه مليوني زائر خلال 2026، فيما تم الانتهاء من أكثر من 95 في المائة من منتزه أكواريبيا المائي وسيفتتح خلال العام المقبل، إضافة إلى المرحلة الأولى للبنية التحتية في الطرق والكهرباء والاتصالات وخدمات الطوارئ.


«خريطة رأس السنة»... دراما مصرية عن الأمومة و«متلازمة داون»

ريهام وأسماء أبو اليزيد في العرض الخاص (الشركة المنتجة)
ريهام وأسماء أبو اليزيد في العرض الخاص (الشركة المنتجة)
TT

«خريطة رأس السنة»... دراما مصرية عن الأمومة و«متلازمة داون»

ريهام وأسماء أبو اليزيد في العرض الخاص (الشركة المنتجة)
ريهام وأسماء أبو اليزيد في العرض الخاص (الشركة المنتجة)

يقدّم الفيلم المصري «خريطة رأس السنة» تجربة سينمائية إنسانية تنطلق من علاقة عائلية واضحة منذ اللحظة الأولى؛ إذ يعرف الطفل «نور» (يقوم بدوره الطفل آسر) أن «حبيبة» (ريهام عبد الغفور) هي خالته، ويتعامل معها على هذا الأساس، فالطفل المتفوق في المدرسة الداخلية التي يدرس فيها بالمجر، يخطط لمفاجأة والدته في رأس السنة بزيارتها في باريس مع تحضير مفاجأة لها، لتكون العطلة بمثابة بداية لأيام مختلفة في حياته.

نشاهد الفيلم من منظور الطفل «نور» على مدار الأحداث، بداية من المدرسة الداخلية التي يدرس فيها بالمجر والتي تقع بالقرب من منزل «حبيبة» وصديقتها التي تقيم معها، وكلتاهما من أصحاب «متلازمة داون»، مروراً بتواصله مع «سارة» (هنادي مهنا) باعتبارها والدته التي لم تأتِ لزيارته ولقائه من باريس منذ عامين، في حين يقتصر التواصل بينهما على الاتصالات الهاتفية.

يعتمد الفيلم بالكامل على رؤية العالم من خلال «نور»، فنحن نراه ونفهمه كما يراه هو، ونشهد تحوّلاته النفسية من دون تدخل تفسيري مباشر للقاءات التي يخوضها في الطريق مع غرباء، وتبدّل الأمكنة، والضغط المتواصل الناتج عن السفر، والظروف الاضطرارية التي تعوق ترتيب رحلته وإكمالها بالطريقة التي يريدها، مع إعادة ترتيب الأنشطة والأماكن التي يوجد فيها قبل الوصول إلى والدته.

في الأحداث التي تستمر على مدار أكثر من 90 دقيقة نتابع رحلة «نور» التي تشمل توقفات بعدد من المدن الأوروبية قبل الوصول لوجهته النهائية في باريس؛ توقفات لرغبته في تنفيذ مفاجأة استثنائية لوالدته وهدية لذكرى والده الراحل.

ريهام عبد الغفور مع عدد من الحضور في العرض الخاص (الشركة المنتجة)

الفيلم الذي شارك في بطولته إلى جوار ريهام وآسر كل من هنادي مهنا، وأسماء أبو اليزيد، وعدد من الممثلين الأجانب، كتبه يوسف وجدي، ويخرجه رامي الجندي في أولى تجاربه الإخراجية، في حين صُوّر بين 6 مدن أوروبية مختلفة على مدار أكثر من عام.

وقال المخرج رامي الجندي لـ«الشرق الأوسط» إن نقطة الانطلاق في «خريطة رأس السنة» كانت تحديد زاوية الرؤية للأحداث، وإن القرار الأهم تمثّل في أن يُروى الفيلم بالكامل من داخل وعي الطفل «نور»، فالمتفرج لا يُفترض به أن يرى الشخصيات من الخارج، بل يختبر العالم بذات الدرجة من البراءة والارتباك والأسئلة غير المكتملة التي يعيشها البطل، وهو ما فرض إيقاعاً هادئاً ولغة بصرية تميل إلى المراقبة أكثر من الشرح، وفق تعبيره.

وأوضح الجندي أن «العلاقة بين (نور) و(حبيبة) لا تقوم على المفاجأة أو الاكتشاف، بل على المعرفة المسبقة، وهو ما منح الفيلم مساحة أعمق للاشتغال على الاختبار الإنساني، لا الصدمة الدرامية»، مشيراً إلى أن هذا الاختيار أتاح له التركيز على التفاصيل الصغيرة في العلاقة، وعلى التحوّلات التدريجية في فهم الطفل لمعنى المسؤولية، بدلاً من اللجوء إلى حلول سردية مباشرة.

ولفت المخرج إلى أن «اختيار التصوير في أجواء (الكريسماس) بأوروبا كان تحدياً كبيراً؛ إذ يُعد هذا التوقيت الأصعب من حيث الإجازات والتحكم في المواقع وحركة المدن»، على حد تعبيره، وقال إنه قام بتقسيم التصوير إلى ثلاث مراحل، عبر ست دول أوروبية مختلفة، معتبراً أن السيطرة على هذا الكم من التفاصيل لم تكن سهلة، لكنها كانت حاسمة للحفاظ على الإحساس الحقيقي بالطريق.

وأضاف الجندي أن «العمل مع ممثلين أجانب جرى بالكامل عبر الإنترنت، من خلال شركات متخصصة، وهو ما تطلّب تحضيرات طويلة قبل التصوير».

الملصق الترويجي للفيلم (الشركة المنتجة)

وأكد مؤلف الفيلم يوسف وجدي لـ«الشرق الأوسط» أن العمل لا يتعامل مع «متلازمة داون» بوصفها موضوعاً مستقلاً، بل كجزء من نسيج إنساني أوسع، موضحاً أن «التحدي الحقيقي كان في تجنّب الخطاب المباشر أو التفسير الأخلاقي الجاهز، خصوصاً أن ما شغله منذ البداية مرتبط بطبيعة الاختلاف بين كل حالة، والتفاوت الموجود لدى كل شخص، وكيف يمكن أن يستفيد منه ليعيش حياته بشكل أفضل».

وأضاف وجدي أن «فكرة العمل استُلهمت جزئياً من قضايا حقيقية أُثيرت في فرنسا، تتعلق بالأهلية الأسرية، وبالنظرة القانونية والاجتماعية إلى مفهوم المسؤولية لمن يعاني من (متلازمة داون)»، مشيراً إلى أن هذه القضايا فتحت أمامه مساحة للتفكير في الفجوة بين القانون والمشاعر، وبين ما يُعتبر صحيحاً على الورق وما يحدث فعلياً داخل البيوت والعلاقات اليومية.


معرض تراثي في متحف الحضارة المصرية يحتفي بفنون الخط العربي

الاحتفاء بالخط العربي في المتحف القومي للحضارة المصرية (المتحف القومي للحضارة المصرية)
الاحتفاء بالخط العربي في المتحف القومي للحضارة المصرية (المتحف القومي للحضارة المصرية)
TT

معرض تراثي في متحف الحضارة المصرية يحتفي بفنون الخط العربي

الاحتفاء بالخط العربي في المتحف القومي للحضارة المصرية (المتحف القومي للحضارة المصرية)
الاحتفاء بالخط العربي في المتحف القومي للحضارة المصرية (المتحف القومي للحضارة المصرية)

ضمن فعاليات متنوعة احتفاء باليوم العالمي للغة العربية، استضاف المتحف القومي للحضارة المصرية معرضاً تراثياً لفنون الخط العربي، وتضمنت الفعاليات معرضاً فنياً ضم مجموعة من اللوحات التي تُبرز جماليات فن الخط العربي، إلى جانب معرض متميز لأعمال ومقتنيات عائلة صوفي زاده، شمل لوحات فنية وأفلاماً تسجيلية توثّق مسيرتها الفنية بوصفها رائدة في فنون الخط العربي.

وتحت شعار «إرث يتجدد بخط يتألق»، جاءت الفعاليات المتنوعة، بالتعاون مع سفارة سلطنة عُمان بالقاهرة، وجمعية أصدقاء المتحف القومي للحضارة المصرية، ومشيخة الأزهر الشريف، والمجمع اللغوي بالقاهرة، وعائلة صوفي زاده؛ تأكيداً على الدور المحوري للغة العربية بوصفها أحد أهم روافد الهوية الثقافية والإنسانية.

واحتفلت أكثر من مؤسسة مصرية باليوم العالمي للغة العربية المقرر في 18 ديسمبر (كانون الأول) عبر ندوات وأنشطة ومعارض متنوعة، من بينها: ندوة مشتركة بين كلية دار العلوم ودار الكتب والوثائق القومية، واحتفالية بجامعة الدول العربية، وفعاليات ملتقى القاهرة الدولي للخط العربي الذي أقيم في قصر الفنون وضم لوحات العديد من رواد الخط العربي فضلاً عن الفنانين المعاصرين.

وتسعى الفعاليات التي نظمها متحف الحضارة إلى «نشر الوعي بالتراث المصري وتعزيز قيمه الحضارية، وإيماناً بأهمية اللغة العربية ومكانتها التاريخية بوصفها وعاءً للهوية وذاكرة للأمة»، وفق بيان للمتحف.

وأكد الدكتور الطيب عباس، الرئيس التنفيذي لهيئة المتحف القومي للحضارة المصرية، أهمية هذه الفعاليات في «صون التراث المصري وتعزيز الوعي به»، مشيراً في البيان إلى أن اللغة العربية ليست مجرد أداة للتواصل، بل هي وعاء الحضارة وذاكرة الأمة، وحلقة الوصل بين الماضي والحاضر، بما تحمله من قيم ثقافية وجمالية قادرة على التعبير عن هوية الشعوب وصون تراثها عبر العصور».

ولفت إلى أن مقتنيات المتحف تضم العديد من القطع الأثرية، لا سيما الإسلامية منها، التي تزخر بنماذج راقية من الفنون والزخارف والخطوط العربية، وتعكس تطور الكتابة وجمالياتها عبر العصور، بما يجعلها شاهداً حياً على عبقرية الفنان المصري وقدرة اللغة العربية على التجدد والتألق.

فيما عدّ المستشار محمد شيرين فهمي، رئيس مجلس إدارة جمعية أصدقاء المتحف القومي للحضارة المصرية، اللغة العربية «ركيزة أساسية في حفظ الذاكرة الحضارية المصرية ونقلها إلى الأجيال المتعاقبة»، مشيداً بالدور الذي يقوم به المتحف في صون هذا الإرث الثقافي.

وتضمّنت الفعالية عرض فيلم تسجيلي قصير عن تراث عائلة صوفي زاده، إحدى أعرق العائلات التي توارثت فنون الخط العربي والزخرفة والرسم والنحت والتذهيب عبر خمسة أجيال متعاقبة.

وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة أصدرت قراراً عام 1973 بإدراج اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل بالأمم المتحدة، في 18 ديسمبر، وهي المناسبة التي تم خلالها عدّ هذا اليوم يوماً عالمياً للغة العربية.