بدأ رئيس المجلس العسكري الحاكم في النيجر، الفريق عبد الرحمن تياني (السبت) جولة تستمر أياماً عدة، في منطقة تيلابيري الواقعة ضمن «مثلث الموت»، وهو لقب اشتُهرت به المنطقة الحدودية بين النيجر ومالي وبوركينا فاسو؛ حيث توجد معاقل تنظيم «داعش» الإرهابي.

وأطلق تياني من تيلابيري نداءً للصمود الشعبي في وجه «الإرهاب»، طالباً من السكان المحليين الوقوف إلى جانب الجيش وقوات الدفاع والأمن، من أجل «تجاوز التحديات الأمنية المستمرة في المنطقة وفي عموم البلاد»، وفق تعبيره.
وتيلابيري هي محافظة تقع غربي النيجر، على الحدود مع مالي وبوركينا فاسو، وهي واحدة من أخطر المناطق في الساحل الأفريقي، والأكثر تضرراً من الهجمات الإرهابية، وينشط فيها تنظيم «داعش» في منطقة الصحراء الكبرى، منذ قرابة عشر سنوات.
وفي الأسابيع الأخيرة، ارتفعت وتيرة الهجمات الإرهابية في تيلابيري، ليقرر الرئيس التوجه نحوها رفقة وفد ضمَّ أعضاء من المجلس العسكري ووزير الدفاع سَليفو مودي، وقائد أركان الجيش موسى سالاو بارمو، وقيادات عسكرية وأمنية.
ورغم الوضع الأمني الصعب على الأرض، فإن الموكب الرئاسي وصل إلى تيلابيري براً، وتوقف مرات عدة في بعض القرى الصغيرة - مثل: كارما، وسانسانه هاوسا- للحديث مع سكانها، والاستماع إلى شكاواهم؛ حسبما أوردت مصادر شبه رسمية.

وفي خطابه أمام السكان، قال تياني، إن النيجر «لن تركع» أمام الجماعات الإرهابية، مؤكداً أن قوات الدفاع والأمن «تقوم بمهامها في غاية الشجاعة والتفاني، وستواصل أداء مهمتها التي هي حماية النيجر ضد التهديدات الإرهابية ومحاولات زعزعة الاستقرار».
وفي السياق ذاته، شدد تياني على أن «المواطن هو أيضاً يجب أن يلعب دوره المهم في هذه الحرب؛ لأن اليقظة والدعم الشعبي ضروريان لنجاح العمليات الأمنية»، وقال: «يجب أن تكونوا في صلب المقاربة الأمنية. تعاونكم أساسي؛ بل ضروري لهزيمة العدو الذي قد يختبئ بيننا».

وحذَّر تياني من محاولات تقسيم المواطنين، وقال: «الشعب النيجري شعبٌ واحد لا يمكن تقسيمه، وعلى كل مواطن أن يلعب دوره في حماية الوطن»، وأوضح أن «العدو الإرهابي غالباً ما يتقمَّص شكل الحمل الوديع بيننا، لذا يقظتكم والتزامكم ضروريان لكشف مخططاته».
وشجَّع تياني السكان المحليين على المساهمة والتبرع في «صندوق التضامن لحماية الوطن»، وهو صندوق أطلقته الدولة ليتبرع المواطنون لصالح تعزيز القدرات العسكرية للجيش، وقال تياني: «إن أي مساهمة -مهما كانت متواضعة- بإمكانها أن ترفع مخصصات تصل إلى مليارات من الفرنك الأفريقي، مما سيدعم أمن وتنمية المنطقة والبلد بأسره».
المفوض قاسمي أمادو أوسيني عمرو، المكلَّف بالبلدية الحضرية لتيلابيري، وصف زيارة الرئيس بأنها ذات «رمزية»؛ حيث «تأتي كدليل على الالتزام الرسمي باستعادة الأمن والسلام في المنطقة». بينما قال محافظ تيلابيري ماينا بوكار، إن المحافظة عاشت على وقع «هجمات إرهابية، وأعمال نهب، ونزاعات بين المجتمعات، وعمليات اختطاف، وتحركات قسرية للسكان».
وأوضح المحافظ أن هذه الزيارة وإجراءات أخرى اتخذها رئيس المجلس العسكري «ساهمت في إعادة الثقة وتهدئة الأجواء، مما دعم التماسك الاجتماعي والتنمية المحلية»، وفق تعبيره.
وبينما كان الفريق عبد الرحمن تياني وكبار المسؤولين الأمنيين في تيلابيري، كثفت القوات النيجرية عمليات الاستطلاع لتأمين المنطقة، ما أسفر ليل الخميس- الجمعة، عن اعتراض سيارتين تحملان إمدادات ضخمة كانت موجهة إلى جماعات مسلحة إرهابية في قرية نامارو.
والقرية تتبع محافظة تيلابيري، ولكنها أقرب إلى الحدود مع بوركينا فاسو، وتشكل نقطة عبور لإمداد الجماعات الإرهابية، بينما قال الجيش في نشرته الأسبوعية إن إحباط هذه العملية «ضربة موجعة لشبكات الإمداد اللوجستي التابعة للجماعات الإرهابية».

وقال الجيش في نشَرته، إن التفتيش أسفر عن مصادرة «كمية كبيرة من المواد المتفجرة والقابلة للاشتعال، من بينها: 45 أسطوانة غاز، و150 لتراً من البنزين، و101 صاعق تفجير، وبكرة من الأسلاك الناسفة، وكمية معتبرة من المتفجرات».
وقال المحققون العسكريون إن «هذه المواد كانت موجهة لصناعة عبوات ناسفة يدوية الصنع»، بينما يجري التحقيق مع سائقي السيارتين للحصول على تفاصيل أكثر.
وتأتي هذه العملية ضمن عملية عسكرية واسعة النطاق، أطلقها جيش النيجر تحت اسم «نايا»، هدفها الأول تفكيك شبكة الإمداد اللوجستي التي تستخدمها التنظيمات الإرهابية لتنفيذ عملياتها العسكرية على أراضي النيجر، وتستهدف العملية العسكرية بشكل مكثف المناطق الحدودية.









