مع انطلاق الحملات الدعائية لمرشحي الانتخابات العامة في العراق، المقررة في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، بدأ الحديث عن أموال طائلة تنفقها التحالفات السياسية، إلى جانب تجاوزات يرتكبها مرشحون في الشوارع والأماكن العامة، فضلاً عن مؤسسات حكومية.
ورغم أن الحملات الدعائية بدأت الجمعة، وهو التاريخ الرسمي الذي حددته مفوضية الانتخابات، فإن صور المرشحين وشعاراتهم الانتخابية قد غزت شوارع وأرصفة معظم المدن قبل هذا الموعد، وهو الأمر الذي لم يكن حاضراً في الدورات الانتخابية السابقة.
ويبدو أن المرشحين هذه المرة وجدوا «حيلة» للالتفاف على تعليمات المفوضية من خلال عدم وضع رقمي المرشح وقائمته الانتخابية على لافتات الدعاية لتفادي الإجراءات العقابية ضد مخالفة بدء الحملة قبل موعدها.
مبالغ طائلة
تتحدث معظم الشخصيات والأحزاب المشاركة في الانتخابات عن «فتح الخزائن» لإنفاق أموال طائلة رصدت للحملات الانتخابية، وتتمحور حول نشر ملصقات وصور المرشحين في الشوارع وعلى الأرصفة والبنايات، إلى جانب مؤتمرات انتخابية غالباً ما تنتهي بإقامة ولائم غذاء عامرة للناخبين، وهناك من يقوم بإيصال بعض الخدمات البلدية للأهالي، مثل تبليط الشوارع وتبديل محولات الكهرباء المتهالكة على أمل كسب رضا الناخبين وتالياً الفوز بأصواتهم.
وتشتكي قوى وأحزاب من «شراء بطاقات الناخبين لضمان تصويتهم»، وتحدث رئيس منظمة «بدر» هادي العامري، عن وصول مبلغ شراء البطاقة الواحدة إلى 300 ألف دينار عراقي (نحو 200 دولار أميركي). وتحدث آخرون عن وصول سعر البطاقة إلى نحو 700 ألف دينار.
وبضوء هذا الرقم الافتراضي، فإن على المرشح أن ينفق نحو مليار ونصف مليار دينار (نحو مليون دولار) في حال قرر شراء 2000 بطاقة.
ويؤكد المرشح المستبعد من لائحة المرشحين يزن مشعان الجبوري في تصريح صحافي، أن «المقعد النيابي الواحد كان يكلف في السابق، من 700 مليون إلى مليار ونصف المليار، فيما بلغت اليوم نحو 5 مليارات دينار».
وأبلغ أحد المرشحين في بغداد «الشرق الأوسط»، أن «أحد التحالفات الكبيرة يقوم بتصنيف مرشحيه إلى ثلاث فئات، فيمنح الفئة الأولى مبلغ 500 مليون دينار، ويمنح الثاني 300 مليون دينار، ويعطي للفئة الثالثة 100 مليون دينار لإدارة حملاتهم الدعائية». ورفض المرشحون الحديث عن مصادر تلك الأموال الطائلة التي ينفقها التحالف.
وتواجه الحملات الانتخابية التي تنفق أموالاً طائلة إلى انتقادات شعبية، وغالباً ما يربط المواطنون العاديون بين تلك الحملات وعمليات الفساد التي تعاني منها البلاد منذ سنوات، وتوجه الانتقادات غالباً إلى شخصيات وأحزاب متنفذة متهمة بالتورط في الفساد واستثمار أموال الدولة في حملاتها الانتخابية. وينظر إلى كثرة الأموال المستخدمة في الحملات بوصفها «آلية غير عادلة» ولا تسمح بالتنافس العادل بين المرشحين، خصوصاً أولئك الذي يترشحون أول مرة وليس لديهم القدرة المالية الكافية لمعادلة إنفاق الأحزاب والكتل الكبيرة.

مليون صورة
كشف «المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق»، السبت، عن أن عدد صور مرشحي الانتخابات التشريعية بلغ أكثر من مليون صورة في عموم محافظات العراق، خلال اليومين الأول والثاني من انطلاق الحملات الدعائية رسمياً.
وقال نائب رئيس المركز، حازم الرديني، في بيان، إن «عدد الصور التي ثبتت في الشوارع بلغت أكثر من مليون صورة، وغالبية هذه الصور في جانب الرصافة من العاصمة بغداد». وتوجد في بغداد أكثر كتلة انتخابية بالنظر لعدد سكان العاصمة الكبير الذي يزيد على 9 ملايين نسمة وأكثر من نصف هذا العدد يسكن جهة الرصافة في المدينة.
وذكر الرديني أنه رصد الكثير من المخالفات في اليوم الأول من انطلاق الحملات الانتخابية تراوحت بين «تعليق الصور على الجزرات الوسطية، وتثبيت البعض الآخر على المباني الحكومية». ودعا المفوضية العليا للانتخابات إلى اتخاذ إجراءات رادعة بحق المخالفين.
ورجح الرديني زيادة عدد الصور والملصقات الدعائية مع اقتراب اليوم الأخير من انتهاء الحملات الانتخابية في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
مخالفات انتخابية
وكشف رئيس شبكة «شمس» لمراقبة الانتخابات، هوكر جتو، عن رصد 301 مخالفة قانونية في الحملات الانتخابية. وقال، في تصريحات صحافية، إن «محافظة بغداد تأتي في المرتبة الأولى من حيث عدد المخالفات المرتكبة قبل بدء الحملة، وشملت المخالفات نشر الإعلانات الصورية، وزيارات المرشحين إلى دوائر الدولة واللقاء بالموظفين أثناء الدوام الرسمي، واستخدام ممتلكات الدوائر الحكومية، فضلاً عن استخدام مواقع التواصل الاجتماعي تحت عناوين مختلفة، واستغلال النفوذ، ونشر الكراهية».
وأضاف أن «الشبكة ستقوم بإعداد تقرير مفصل ونشره عن هذه المخالفات قبل بدء الحملة الدعائية للانتخابات، وأن المخالفين ستحاسبهم المفوضية العليا المستقلة للانتخابات وفق القوانين المعمول بها».
وأعلنت مفوضية الانتخابات، الأسبوع الماضي، عن مصادقة مجلس المفوضين على 7768 مرشحاً، منهم 2248 من الإناث، و5520 من الذكور.
وطبقاً للمفوضية أيضاً، فإن عدد الناخبين المؤهلين للتصويت يبلغ أكثر من 21.4 مليون شخص، بينهم نحو 20 مليوناً في التصويت العام، وقرابة 1.3 مليون في التصويت الخاص من القوات الأمنية والنازحين.
