تمكّن فريق بقيادة جامعة كاليفورنيا من رصد غاز غامض في الغلاف الجوي للقزم البني «وولف 1130C»، باستخدام تلسكوب «جيمس ويب» الفضائي التابع لـ«ناسا».
وأوضح الباحثون أنّ هذا الاكتشاف يُعدّ الأول من نوعه بهذا الوضوح في قزم بني، ما يعزّز الآمال في استخدام غاز الفوسفين الغامض مؤشراً مُحتملاً للبحث عن الحياة خارج الأرض؛ وقد نُشرت النتائج، الخميس، في دورية «ساينس».
ويُعدّ الفوسفين من المركبات النادرة؛ إذ يتكوَّن على الأرض فقط نتيجة تحلُّل المواد العضوية في البيئات الرطبة الخالية من الأكسجين؛ ولهذا ارتبط منذ سنوات بفكرة كونه مؤشراً مُحتملاً على وجود حياة. ورغم أنّ الغاز شديد السمّية والانفجار قد وُثّق مسبقاً في أجواء كوكبَي المشتري وزحل، فإنّ ظهوره في قزم بني قديم يثير تساؤلات بشأن سبب غيابه في أقزام أخرى مشابهة.
ويؤكد العلماء أنّ ظهوره في الأقزام البنية غير الصالحة للحياة يفتح الباب أمام فهم جديد لكيمياء الفوسفور في الكون. ويقع «وولف 1130C» على بُعد نحو 54 سنة ضوئية في كوكبة الدجاجة، ويدور ضمن نظام نجمي ثلاثي يُعرف بـ«وولف 1130ABC»، يضم نجماً قزماً أحمر وقزماً أبيض كثيفاً يدوران معاً عن قرب، بينما يتخذ القزم البني مداراً أوسع حولهما. ويفتقر هذا القزم للعناصر الثقيلة مقارنة بالشمس، ما يجعله مثالياً لاختبار النماذج الخاصة بكيمياء الأغلفة الجوية.
جرى الكشف عن الفوسفين باستخدام تلسكوب «جيمس ويب»، أول مرصد فضائي يمتلك الحساسية الكافية لدراسة هذه الأجرام بتفصيل. لكنّ المعضلة ليست في وجوده في هذا القزم، بل في غيابه عن الأقزام البنية والكواكب الغازية العملاقة الأخرى.
وفي أجواء الكواكب الغازية الغنية بالهيدروجين مثل المشتري وزحل، يتكوّن الفوسفين طبيعياً، ومن هنا توقَّع العلماء وجوده أيضاً في الأقزام البنية والكواكب الغازية خارج المجموعة الشمسية، لكن معظم الملاحظات السابقة أظهرت عكس ذلك، مما يشير إلى فجوة في فهم الكيمياء الفوسفورية.
وبخلاف الأقزام الأخرى، أظهر الطيف الضوئي للقزم «وولف 1130C» بصمة واضحة للفوسفين. ولتحديد نسبته بدقة، أظهرت النماذج أن تركيزه في الغلاف الجوّي للقزم يبلغ نحو 100 جزء في المليار، مطابقة للتوقعات النظرية.
ويرجّح الباحثون أنّ ظهور الفوسفين هنا مرتبط بقلّة المعادن، التي تمنع الفوسفور من الاتحاد مع الأكسجين، ما يتيح له التفاعل مع الهيدروجين. كما أشاروا إلى احتمال آخر، هو أنّ الفوسفور قد أُنتج سابقاً في انفجارات نجمية للقزم الأبيض المرافق للنظام، ما أغنى البيئة المحيطة بالعناصر الضرورية.
ووفق الباحثين، فإنّ الاكتشاف له أثر كبير في البحث عن الحياة في الكواكب الصخرية خارج النظام الشمسي؛ إذ يساعد على فهم مصادر الفوسفين غير الحيوية وتجنب التفسير الخاطئ عند رصده في أجواء كواكب يُحتمل أن تكون صالحة للحياة.
ويأمل الفريق أن تُسهم هذه النتائج في إعادة النظر بكيمياء الفوسفور في الأقزام البنية والكواكب، وهو أمر بالغ الأهمية عند استخدام الفوسفين مؤشراً للبحث عن الحياة خارج المجموعة الشمسية.


