رئيس حكومة فرنسا يرفض استخدام صلاحيات دستورية لتمرير الموازنة

قطاع الخدمات يسجل أسرع انكماش منذ أبريل بسبب عدم اليقين السياسي وضعف الطلب

رئيس الوزراء الفرنسي سيباستيان ليكورنو يُدلي ببيان في فندق ماتينيون في باريس (ا ف ب)
رئيس الوزراء الفرنسي سيباستيان ليكورنو يُدلي ببيان في فندق ماتينيون في باريس (ا ف ب)
TT

رئيس حكومة فرنسا يرفض استخدام صلاحيات دستورية لتمرير الموازنة

رئيس الوزراء الفرنسي سيباستيان ليكورنو يُدلي ببيان في فندق ماتينيون في باريس (ا ف ب)
رئيس الوزراء الفرنسي سيباستيان ليكورنو يُدلي ببيان في فندق ماتينيون في باريس (ا ف ب)

استبعد رئيس الوزراء الفرنسي سيباستيان ليكورنو، يوم الجمعة، استخدام صلاحيات دستورية خاصة لتمرير الموازنة عبر البرلمان دون تصويت، مُحمّلاً المشرعين مسؤولية التوصل إلى حل وسط.

جاء هذا التعهد قبل محادثات حاسمة مع خصومه السياسيين، بما في ذلك حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف والحزب الاشتراكي، حول كيفية إقرار موازنة مُصغّرة لعام 2026، وهي عملية تشريعية معقدة قد تُعرضه للإقالة، وفق «رويترز».

ليكورنو، الذي أصبح الشهر الماضي خامس رئيس وزراء للرئيس إيمانويل ماكرون، خلال عامين، أجرى محادثات مكثفة مع قادة الأحزاب والنقابات لإيجاد صيغة لتمرير الموازنة في برلمان منقسم بشدة بين 3 كتل آيديولوجية.

وقال في أول خطاب متلفز له منذ تعيينه: «في برلمان فعال، تم تجديده مؤخراً ويعكس صورة فرنسا، لا يمكنك فرض الأمور بالقوة».

ويتيح البند الخاص في المادة 49.3 من الدستور لرئيس الوزراء تجاوز التصويت وإقرار مشاريع القوانين، لكنه يعرض الحكومة لاحتمال التصويت بحجب الثقة، ما قد يؤدي إلى إسقاطها. ورفض ليكورنو استخدام هذا الحق، مُحمّلاً البرلمان مسؤولية التوصل إلى تسوية قبل نهاية العام، مضيفاً: «ما أدهشني هو أنه خلف أبواب مكتبي المغلقة، تُصبح التسويات ممكنة، والمناقشات جادة، ودائماً صادقة».

ورغم عدم الإدلاء بتفاصيل جوهرية، أبدى ليكورنو انفتاحه على «تحسين» إصلاح نظام التقاعد غير الشعبي، ومناقشة سبل جعل الضرائب أكثر عدالة، لا سيما على أغنى 0.1 في المائة من السكان، مع رفضه ضريبة زوكمان التي يروج لها اليسار.

في المقابل، أعلن اتحاد العمال العام (CGT)، يوم الخميس، أن المتظاهرين سينظمون المزيد من الاحتجاجات والإضرابات في أكثر من 240 موقعاً في أنحاء فرنسا، مطالبين الحكومة بإلغاء تخفيضات الموازنة الوشيكة. ويواجه ماكرون وليكورنو ضغوطاً للسيطرة على المالية العامة في ثاني أكبر اقتصاد بمنطقة اليورو.

ويطالب قادة النقابات، بمن فيهم اتحاد العمال العام وأكبر نقابة في فرنسا، الاتحاد الفرنسي للعمل (CFDT)، بزيادة الإنفاق على الخدمات العامة، ورفع الضرائب على الأثرياء، وإلغاء تعديل على معاشات التقاعد الحكومية. وقالت صوفي بينيه، الأمينة العامة لاتحاد العمال العام لقناة «بي إف إم»: «أولاً وقبل كل شيء، ما نريد معرفته هو مَن ستكون الحكومة... ثم نريد معرفة ماهية الموازنة، وإذا كانت هناك أي انتكاسات فيها، لن نسمح بتمريرها».

وكانت الحكومة قد واجهت احتجاجات وإضرابات، في سبتمبر (أيلول)، حين خرج مئات الآلاف من الأشخاص، بمن فيهم معلمون وسائقو قطارات وصيادلة وموظفو مستشفيات، للتعبير عن اعتراضهم على موازنة فرنسا المقترحة لعام 2026؛ حيث أغلق مراهقون عشرات المدارس الثانوية لساعات.

يُذكر أن عجز موازنة فرنسا، العام الماضي، بلغ نحو ضعف الحد الأقصى المسموح به في الاتحاد الأوروبي البالغ 3 في المائة. وسيواجه ليكورنو معركة صعبة لحشد الدعم البرلماني لموازنة 2026. وتتفق الأحزاب على ضرورة خفض العجز، الذي بلغ 5.8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في 2024. لكنها تختلف على آلية تحقيق ذلك. وأُقيل سلفه فرنسوا بايرو من منصبه في البرلمان في 8 سبتمبر، بسبب خطته لتقليص الموازنة بقيمة 44 مليار يورو (51.70 مليار دولار).

قطاع الخدمات يسجل أسرع انكماش

وفي السياق الاقتصادي، أظهرت البيانات تراجع نشاط قطاع الخدمات الفرنسي؛ إذ انكمش أكثر من التقديرات الأولية في سبتمبر، مسجلاً أسرع انخفاض منذ أبريل (نيسان)، نتيجة حالة عدم اليقين السياسي وضعف الطلب. وانخفض مؤشر مديري المشتريات النهائي لقطاع الخدمات إلى 48.5 نقطة مقارنة بـ49.8 في أغسطس (آب)، متراجعاً عن مستوى 50 نقطة الفاصل بين النمو والانكماش، ومُستمر دون هذا المستوى منذ 13 شهراً.

وأوضح جوناس فيلدهوزن، الخبير الاقتصادي المساعد في بنك هامبورغ التجاري: «السياسات الفرنسية الحالية تقدّم دعماً محدوداً للشركات، ويزيد الجمود السياسي من حالة عدم اليقين ويضعف الثقة».

وعلى الرغم من التباطؤ، استمر التوظيف في قطاع الخدمات للشهر الثاني على التوالي، وإن بوتيرة أبطأ من أغسطس، مع توقع الشركات تحسن الطلب مستقبلاً. كما سجلت الأسعار التي تفرضها شركات الخدمات انخفاضاً طفيفاً لأول مرة منذ مايو (أيار)، نتيجة المنافسة السوقية، فيما ارتفعت تكاليف الإنتاج، لكن التضخم بقي دون المستويات التاريخية.

وانخفض مؤشر مديري المشتريات المركَّب، الذي يشمل قطاعي التصنيع والخدمات، إلى 48.1 نقطة في سبتمبر، مسجلاً أسرع تراجع في نشاط القطاع الخاص منذ أبريل.


مقالات ذات صلة

الجدعان: نظام رقابة مالي جديد يحمي المال العام ويرصد المخاطر مبكراً

الاقتصاد وزير المالية السعودي محمد الجدعان (الشرق الأوسط)

الجدعان: نظام رقابة مالي جديد يحمي المال العام ويرصد المخاطر مبكراً

أكد وزير المالية السعودي، محمد الجدعان، أن نظام الرقابة المالية الجديد يعد تحولاً جوهرياً في منهجية الرقابة، عبر نموذج أكثر مرونةً وشمولاً، يركز على التمكين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
آسيا صورة غير مؤرخة لمنظر طبيعي وبحيرة في ريف كابل بأفغانستان (شاتر ستوك)

المعادلة العابرة لأفغانستان... ساحة تنافس أم مجال لمصلحة مشتركة؟

لم تعد عودة إحياء «الممر العابر لأفغانستان» مجرد مشروع نقل بديل، بل باتت مؤشراً حاسماً على الكيفية التي ستتموضع بها دول آسيا الوسطى جيوسياسياً في المستقبل.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد - كابل )
الاقتصاد مقر شركة «بايت دانس» الصينية في مدينة سان خوسيه بولاية كاليفورنيا الأميركية (إ.ب.أ)

«بايت دانس» الصينية توافق على صفقة انتقال إدارة «تيك توك الأميركي»

وقّعت شركة «بايت دانس» الصينية، المالكة لتطبيق «تيك توك»، يوم الخميس، اتفاقيات ملزمة لنقل إدارة عمليات التطبيق في الولايات المتحدة إلى مجموعة من المستثمرين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن - بكين)
الاقتصاد مبنى البنك المركزي الروسي في موسكو (رويترز)

«المركزي الروسي» يخفّض الفائدة إلى 16% مع تباطؤ التضخم

خفض البنك المركزي الروسي يوم الجمعة سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 50 نقطة أساس ليصل إلى 16 في المائة، بما يتماشى مع توقعات المحللين، وسط تباطؤ التضخم.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد سفينة الحاويات «ميرسك هانغتشو» تبحر في قناة وييلينغن بويسترسشيلد (رويترز)

«ميرسك» تُكمل أول رحلة لها في البحر الأحمر منذ عامين تقريباً

أعلنت شركة الشحن الدنماركية «ميرسك» يوم الجمعة أن إحدى سفنها نجحت في عبور البحر الأحمر ومضيق باب المندب لأول مرة منذ نحو عامين.

«الشرق الأوسط» (كوبنهاغن )

بلغت 3.7 مليار دولار.. 26 % زيادة في تحويلات المصريين بالخارج خلال أكتوبر

مقر البنك المركزي المصري بوسط القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مقر البنك المركزي المصري بوسط القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

بلغت 3.7 مليار دولار.. 26 % زيادة في تحويلات المصريين بالخارج خلال أكتوبر

مقر البنك المركزي المصري بوسط القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مقر البنك المركزي المصري بوسط القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

أعلن البنك المركزي المصري، الأحد، أن تحويلات المصريين العاملين في الخارج ارتفعت بمعدل 26.2 في المائة خلال أكتوبر (تشرين الأول) 2025، لتسجل 3.7 مليار دولار، مقارنة مع نحو 2.9 مليار دولار في أكتوبر 2024.

وقال المركزي في بيان صحافي: «حققت تحويلات المصريين العاملين بالخارج تدفقات قياسية خلال الشهور ⁠العشر الأولى من العام ‌الحالي... لتسجل نحو ‍33.9 ‍مليار دولار مقابل ‍نحو 23.7 مليار دولار خلال الفترة نفسها من العام السابق. ​وعلى المستوى الشهري، ارتفعت التحويلات خلال ⁠شهر أكتوبر 2025 بمعدل 26.2 في المائة لتسجل نحو 3.7 مليار دولار مقابل نحو 2.9 مليار دولار خلال شهر أكتوبر 2024».


دعم شراء السيارات الكهربائية في ألمانيا قد يعزز الواردات من الصين

سيارات «بي واي دي» الكهربائية تنتظر التحميل في ميناء ليانيونقانغ بمقاطعة جيانغسو الصينية (رويترز)
سيارات «بي واي دي» الكهربائية تنتظر التحميل في ميناء ليانيونقانغ بمقاطعة جيانغسو الصينية (رويترز)
TT

دعم شراء السيارات الكهربائية في ألمانيا قد يعزز الواردات من الصين

سيارات «بي واي دي» الكهربائية تنتظر التحميل في ميناء ليانيونقانغ بمقاطعة جيانغسو الصينية (رويترز)
سيارات «بي واي دي» الكهربائية تنتظر التحميل في ميناء ليانيونقانغ بمقاطعة جيانغسو الصينية (رويترز)

توقعت شركة الاستشارات الإدارية «ديلويت» أن تؤدي الحوافز التي أعلنتها الحكومة الألمانية لشراء السيارات الكهربائية إلى زيادة كبيرة في المبيعات، لكنها حذرت بأن غياب إجراءات وقائية قد يجعل البرنامج يصب في مصلحة المنافسين الصينيين.

وقدر خبراء «ديلويت» أن يصل عدد السيارات الكهربائية الإضافية المبيعة في ألمانيا إلى 180 ألف سيارة سنوياً، معظمها سيارات تعمل بالبطارية فقط، فيما يمكن أن يغطي صندوق الدعم، البالغ 3 مليارات يورو، حتى عام 2030 نحو 750 ألف سيارة إضافية على الطرق الألمانية.

وأشار هارالد بروف، خبير قطاع السيارات في «ديلويت»، إلى أن الإنتاج الأوروبي لن يكفي لتلبية الطلب بالكامل، داعياً إلى ربط الدعم بمنطقة التصنيع، وقال: «لتحقيق دعم فعلي لصناعة السيارات الأوروبية، يجب وضع معايير لـ(المحتوى المحلي) حتى لا نخاطر بتمويل واردات من الصين بأموال الضرائب الألمانية».

ويقصد بـ«المحتوى المحلي» نسبة القيمة المضافة التي تُنتَج داخل المنطقة وليس استيرادها.

وكانت الحكومة الألمانية أعلنت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي عن إعادة العمل بحوافز شراء السيارات الكهربائية، على أن يبدأ البرنامج العام المقبل.

وتشمل الحوافزُ شراءَ أو استئجارَ سياراتٍ كهربائية بحتةٍ أو هجين قابلة للشحن، وتستهدف الأسر ذات الدخل المحدود، حيث حُدد سقف الدخل السنوي عند 80 ألف يورو للأسرة، مع إضافة 5 آلاف يورو لكل طفل؛ مع طفلين بحد أقصى.

ووفق الوضع الحالي، فسيطلق البرنامج دون تطبيق معايير «المحتوى المحلي» التي تطالب بها «ديلويت». وأكدت وزارة البيئة الألمانية أنها تعمل على وضع قواعد متوافقة مع «الاتحاد الأوروبي» لتطبيقها لاحقاً ضمن البرنامج.

يأتي ذلك في وقت تواجه فيه شركات السيارات الصينية فائض إنتاج كبيراً وتبحث عن أسواق خارجية لتعزيز أرباحها.


الجدعان: نظام رقابة مالي جديد يحمي المال العام ويرصد المخاطر مبكراً في السعودية

وزير المالية السعودي محمد الجدعان (الشرق الأوسط)
وزير المالية السعودي محمد الجدعان (الشرق الأوسط)
TT

الجدعان: نظام رقابة مالي جديد يحمي المال العام ويرصد المخاطر مبكراً في السعودية

وزير المالية السعودي محمد الجدعان (الشرق الأوسط)
وزير المالية السعودي محمد الجدعان (الشرق الأوسط)

كشف وزير المالية السعودي محمد الجدعان عن أن نظام الرقابة المالية الجديد يمثل «تحولاً جوهرياً» في منهجية الرقابة، عبر نموذج أكثر مرونةً وشمولاً، يرتكز على التمكين وحماية المال العام، ويسهم في تعزيز الرقابة التقنية، والكشف المبكر عن المخاطر ومعالجتها بكفاءة.

وجاءت تصريحات الجدعان خلال فعاليات النسخة الأولى من «ملتقى الرقابة المالية»، الأحد، في الرياض، حيث شدد على أن بناء منظومة رقابية حديثة لا يكتمل من خلال الأنظمة وحدها، بل عبر الاستثمار في الكفاءات الوطنية، وتعزيز ثقافة العاملين داخل المؤسسات، مؤكداً أن التطوير الحقيقي تقوده العقول قبل اللوائح.

وأشار وزير المالية إلى نجاح التحول في نظام المراقبة، لافتاً إلى أن هذا النجاح يعتمد على تضافر الجهود بين الجهات ذات العلاقة، في مقدمتها وزارة المالية والديوان العام للمحاسبة، بما يضمن رفع جودة الحوكمة على المال العام، وتحسين الاستجابة للمخاطر قبل تفاقمها.

وانعقد الملتقى تحت عنوان «رفع الوعي بأهمية الرقابة المالية وتعظيم أثرها»، بتنظيم مشترك بين الديوان العام للمحاسبة ووزارة المالية، وبحضور عدد من القيادات العليا والمختصين في المالية العامة، وذلك في قاعة المؤتمرات بالمقر الرئيس للديوان العام للمحاسبة في مدينة الرياض.

يأتي تنظيم الملتقى في إطار التعاون القائم والأدوار التكاملية بين الديوان العام للمحاسبة ووزارة المالية في مجال الرقابة المالية على إيرادات الدولة ومصروفاتها وكافة أموالها المنقولة والثابتة، إلى جانب تعزيز التزام الجهات الحكومية بالأنظمة واللوائح والقرارات والتعليمات ذات الصلة، بما يدعم كفاءة الإنفاق ويرسخ مبادئ الشفافية والمساءلة.