مانشستر: مرتكب حادث الكنيس الإرهابي لم يحمل معه قنابل... قتيلان وارتفاع عدد المصابين إلى 4 أشخاص

المهاجم بريطاني من أصل سوري يبلغ من العمر 35 عاماً

محققو الأدلة الجنائية في موقع الحادث بالقرب من «كنيس هيتون بارك» اليهودي في كرامبسال بمانشستر حيث قُتل شخصان في هجوم إرهابي (د.ب.أ)
محققو الأدلة الجنائية في موقع الحادث بالقرب من «كنيس هيتون بارك» اليهودي في كرامبسال بمانشستر حيث قُتل شخصان في هجوم إرهابي (د.ب.أ)
TT

مانشستر: مرتكب حادث الكنيس الإرهابي لم يحمل معه قنابل... قتيلان وارتفاع عدد المصابين إلى 4 أشخاص

محققو الأدلة الجنائية في موقع الحادث بالقرب من «كنيس هيتون بارك» اليهودي في كرامبسال بمانشستر حيث قُتل شخصان في هجوم إرهابي (د.ب.أ)
محققو الأدلة الجنائية في موقع الحادث بالقرب من «كنيس هيتون بارك» اليهودي في كرامبسال بمانشستر حيث قُتل شخصان في هجوم إرهابي (د.ب.أ)

قالت الشرطة البريطانية، إن مرتكب حادث الهجوم الدموي على كنيس يهودي خارج مانشستر، لم يكن يحمل معه أي قنابل، وإن رجال الشرطة الذين أطلقوا عليه النار وقتلوه الخميس، استغرقوا بعض الوقت للتأكد من وفاته؛ لأنه كان يرتدي سترةً جعلته يبدو كأنه يحمل متفجرات، مضيفةً أن الحادث أسفر عن مقتل شخصين وإصابة 4 آخرين. وأعلنت الشرطة البريطانية، في وقت سابق الخميس، أن الحادث «هجوم إرهابي».

وقال ستيف واتسون قائد شرطة مانشستر الكبرى إن المهاجم الذي أرداه أفراد الشرطة قتيلاً لم يكن بحوزته سلاح ناري، لكن أحد القتلى لقي حتفه؛ بسبب طلقة.

وأضاف، في بيان: «لذلك تلك الإصابة ربما وقعت من تبعات مأساوية وغير متوقعة لتصرف ضباطي بالسرعة العاجلة المطلوبة لوضع حدٍّ لهذا الهجوم الآثم».

تعهدات

أشار واتسون إلى أن شخصاً آخر يُعتَقد أنه أُصيب بعيار ناري لكنه لا يهدد حياته، ويعتقد أنه والقتيل كانا قرب بعضهما بعضاً خلف باب الكنيس مع محاولة زواره منع المهاجم من الدخول.

وتعهدت الحكومة البريطانية، اليوم الجمعة، بمضاعفة جهودها للتصدي لمعاداة السامية، في الوقت الذي لا يزال فيه اليهود يعانون من صدمة هجوم مانشستر.

وزار رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر موقع الهجوم وتحدَّث إلى يهود من المجتمع المحلي، لكنه لم يدلِ بأي تصريحات علنية. وقال في وقت سابق إن المهاجم، جهاد الشامي، أراد «مهاجمة اليهود لأنهم يهود».

الشرطة في موقع الحادث بالقرب من «كنيس هيتون بارك» اليهودي في كرامبسال بمانشستر حيث قُتل شخصان في هجوم إرهابي صباح الخميس (د.ب.أ)

وقال لورانس تايلور، مساعد مفوض شرطة العاصمة في مانشستر، إن رجال الشرطة قتلوا منفِّذ الهجوم، وتمَّ القبض على مشتبه بهما آخرَين. ولم يدلِ بمزيد من التفاصيل بشأن الاعتقالات. وأضاف تايلور أن الشرطة تعتقد أنها تعرف هوية الرجل الذي نفَّذ الهجوم، لكنها لم تؤكدها.

ووقع الهجوم بينما تجمّع أشخاص في كنيس لليهود الأرثوذكس في عيد يوم كيبور، يوم تكفير الذنوب وأقدس يوم في التقويم اليهودي.

وارتفع عدد الهجمات المعادية للسامية في المملكة المتحدة عقب الهجمات التي شنَّتها حركة «حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على إسرائيل والحملة العسكرية التي شنَّتها إسرائيل على غزة في أعقاب الهجوم، وفقاً لمجموعة «كوميونيتي سيكيوريتي ترست» للدفاع عن اليهود البريطانيين.

وقُتل شخصان وجُرح 4، الخميس، في عملية دهس وطعن أمام كنيس يهودي في مانشستر بشمال غربي إنجلترا، حسبما أعلنت الشرطة البريطانية.

يقف ضباط الشرطة حراساً عند الطوق الخارجي للمعبد اليهودي في مانشستر... 3 أكتوبر 2025 (رويترز)

وأعلنت الشرطة أنها أردت المشتبه به، وأوقفت شخصين آخرَين في غضون ساعات على الهجوم الذي وقع في وقت تحيي فيه الجالية اليهودية «يوم الغفران» أو «كيبور» الذي يعدُّ الأكثر قداسةً في التقويم العبري.

وقالت الشرطة البريطانية إن المهاجم يدعى جهاد الشامي، وهو بريطاني من أصل سوري يبلغ من العمر 35 عاماً، قاد سيارته نحو المارة خارج «كنيس هيتون بارك هيبرو كونغريغيشين» قبل أن يهاجمهم بسكين. وقد قُتل برصاص الشرطة في مكان الحادث.

وأكدت شرطة مانشستر أن القتيلين يهوديان، في وقت أعلنت فيه شرطة لندن لمكافحة الإرهاب أن ما حصل هو «حادث إرهابي». وأُصيب 4 أشخاص بجروح خطيرة.

يقف ضباط الشرطة حراساً عند الطوق الخارجي للمعبد اليهودي في مانشستر... 3 أكتوبر 2025 (رويترز)

وارتدى المهاجم «سترة بدت كأنها متفجِّرة»، لكن شرطة مانشستر الكبرى كشفت، مساء الخميس، عن أنها لم تكن حقيقية.

حالة تأهب قصوى

ورفعت بريطانيا حالة التأهب، الجمعة، وقال رئيس الوزراء كير ستارمر الذي زار موقع عملية الدهس والطعن في شمال غربي إنجلترا، إن الإجراءات الأمنية ستُعزَّز في دور العبادة اليهودية بجميع أنحاء البلاد.

وأكدت وزيرة الداخلية شبانة محمود، الجمعة، أن البلاد في «حالة تأهب قصوى» مع نشر موارد شرطية إضافية في أنحاء بريطانيا، مضيفة أن «أولويتنا أن نضمن سلامة مواطنينا».

وقال المهندس سام مارتن (41 عاماً) لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «إنه يوم حزين جداً. أعيش هنا منذ 7 سنوات. لم أرَ إلا اللطف والمودة من الجالية اليهودية. إنهم أشخاص جيدون جداً».

وأعلن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الذي غادر قمة سياسية أوروبية في الدنمارك لترؤس اجتماع طارئ في لندن للاستجابة للحادثة، تعزيز الإجراءات الأمنية في الكُنس اليهودية في البلاد.

وفي خطاب متلفز موجَّه إلى الجالية اليهودية بعد وقت قصير على الاجتماع، تعهّد ستارمر «بالقيام بكل ما في وسعي؛ لضمان الأمن الذي تستحقونه».

وأضاف أنه بينما لا تعدُّ معاداة السامية أمراً جديداً، فإنه «علينا أن نكون واضحين بأن الكراهية تتصاعد مجدداً، وعلى بريطانيا هزيمتها مرة أخرى».

وعُدَّ اعتداء مانشستر من بين أسوأ الهجمات المعادية للسامية في أوروبا منذ هجوم «حماس» على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023 الذي أشعل حرب غزة.

من جانبه، دان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الهجوم «الهمجي» قائلاً إن إسرائيل «تشاطر الجالية اليهودية في المملكة المتحدة الحزن».

وصلت وزيرة الداخلية البريطانية شبانة محمود إلى شارع كرامبسال برفقة رئيس شرطة مانشستر الكبرى ستيفن واتسون للإدلاء ببيان (رويترز)

وذكرت شرطة مانشستر الكبرى أنها تلقت بلاغاً بعد الساعة 9.30 صباحاً (8.30 توقيت غرينتش) بوقت قصير بأن سيارة هاجمت حشداً خارج «كنيس هيتون بارك» وأن عنصر أمن تعرَّض للطعن.

وأكد قائد الشرطة، ستيفن واتسون، لاحقاً أن «اثنين من أفراد جاليتنا اليهودية قُتلا للأسف» بينما أردى عناصر الشرطة المهاجم في غضون 7 دقائق على ورود أول اتصال طارئ.

وأضاف أن 4 أشخاص ما زالوا في المستشفى، حيث يعانون «إصابات حرجة».

وذكر أن «سائق السيارة شوهد وهو يحاول مهاجمة أشخاص بسكين»، بينما كان يرتدي سترة ناسفة زائفة.

وأشادت الشرطة بالاستجابة السريعة للناس الذين قاموا بالإبلاغ عن الهجوم، مشيرة إلى أن ذلك منع المشتبه به من دخول الكنيس.

وأفاد شاهد عيان إذاعة «بي بي سي» بأنه رأى الشرطة تطلق النار على رجل بعد حادث سيارة. وأضاف: «وجّهوا له تحذيرات عدة ولم ينصت إلى أن أطلقوا النار». وقال الملك تشارلز الثالث إنه والملكة كاميلا «يشعران بصدمة وحزن عميقَين».

وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ومسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس، من بين زعماء العالم الذين دانوا الهجوم. وقال غوتيريش: «إن دور العبادة أماكن مقدّسة، حيث يمكن للناس أن يجدوا السلام».

وأضاف: «إن استهداف كنيس في يوم كيبور فعل شنيع».

معاداة السامية

يأتي الهجوم قبل أيام على حلول الذكرى السنوية الثانية لهجوم السابع من أكتوبر 2023 على إسرائيل الذي أشعل حرب غزة، التي أدت بدورها إلى خروج احتجاجات في بريطانيا وغيرها من البلدان الأوروبية، وتسببت بتوترات بين الحكومتين الإسرائيلية والبريطانية.

وأكد أنصار منظمة «فلسطين أكشن» (التحرك من أجل فلسطين) من جهتهم أنهم سيمضون قدماً بمسيرة مقررة السبت رغم مناشدتهم الشرطة تأجيلها.

ومانشستر المعروفة عالمياً بنادي كرة القدم في الدوري الإنجليزي الممتاز وتاريخها الصناعي العريق، تضم إحدى أكبر الجاليات اليهودية في المملكة المتحدة.

وكان عدد أفرادها أكثر من 28 ألف نسمة في 2021، وفقاً لـ«معهد أبحاث السياسات اليهودية».

وشهدت المدينة هجمات عدة أوقعت قتلى، أبرزها في عام 2017 عندما فجّر الانتحاري سلمان عبيدي قنبلةً يدوية الصنع أمام «مانشستر أرينا»، حيث كانت تقام حفلة موسيقية للمغنية أريانا غراندي.

وأسفر الهجوم عن مقتل 22 شخصاً بعضهم أطفال، وإصابة المئات.


مقالات ذات صلة

نيجيريا: مسلّحون يختطفون 28 شخصاً كانوا في طريقهم لحفل ديني

أفريقيا الطرق بين المدن هي الأكثر عرضة لتنفيذ عمليات الخطف الجماعي بعد المدارس (إعلام محلي)

نيجيريا: مسلّحون يختطفون 28 شخصاً كانوا في طريقهم لحفل ديني

اختطفت مجموعة مسلّحة مجهولة 28 مدنياً في ولاية بلاتو بوسط نيجيريا، وطلبوا دفع فدية 28 ألف دولار للإفراج عن الرهائن.

الشيخ محمد (نواكشوط)
آسيا تحدث رئيس وزراء ولاية نيو ساوث ويلز كريس مينز عن التشريع الجديد المقترح في سيدني - الثلاثاء 23 ديسمبر 2025 (أ.ب)

ولاية أسترالية تستعد لإقرار قوانين أكثر صرامة بشأن الأسلحة النارية

تستعد ولاية نيو ساوث ويلز في أستراليا لإقرار قوانين أكثر صرامة بشأن حيازة الأسلحة النارية وحظر عرض ​الرموز المرتبطة بالإرهاب والحد من الاحتجاجات.

«الشرق الأوسط» (سيدني )
أوروبا أفغان ضمن برامج الاستقبال الفيدرالية في مطار هانوفر... وقد نقلت رحلة طيران مستأجرة نظمتها الحكومة الألمانية 141 أفغانياً إلى ألمانيا يوم الاثنين (د.ب.أ)

ألمانيا تستقبل دفعة جديدة تضم 141 أفغانياً ضمن «برنامج الإيواء»

وصل 141 أفغانياً إلى ألمانيا على متن رحلة طيران مستأجرة (شارتر) نظمتها الحكومة الألمانية.

«الشرق الأوسط» (هانوفر (ألمانيا))
آسيا رئيس أركان الجيش الباكستاني عاصم منير يحمل ميكروفوناً خلال زيارته ميادين الرماية في تيلا لمشاهدة تدريب «ضربة المطرقة» وهو تمرين ميداني عالي الكثافة أجراه «فيلق مانغلا» الضارب التابع للجيش الباكستاني في مانغلا بباكستان يوم 1 مايو 2025 (أرشيفية - رويترز)

مقتل 5 من أفراد الشرطة الباكستانية في كمين

قالت الشرطة الباكستانية إن 5 من أفرادها لقوا حتفهم، الثلاثاء، ​عندما تعرضت سيارتهم لكمين وهجوم بالقنابل وإطلاق نار في شمال غربي البلاد.

«الشرق الأوسط» ( بيشاور)
الولايات المتحدة​ إحباط اعتداء على غرار هجمات سبتمبر 2001 (أرشيفية - متداولة)

أميركا: السجن المؤبد لكيني في حركة «الشباب» خطط لهجوم إرهابي

حكم القضاء الأميركي على عضو كيني في حركة «الشباب» الصومالية تلقى تدريباً على الطيران في الفلبين، بالسجن مدى الحياة بتهمة التآمر لشن هجوم مشابه لهجمات سبتمبر

«الشرق الأوسط» «الشرق الأوسط» (واشنطن - مقديشو )

تساؤلات حول مبادرة ماكرون باستئناف الحوار مع بوتين

الرئيسان الروسي والفرنسي في لقاء سابق (إ.ب.أ)
الرئيسان الروسي والفرنسي في لقاء سابق (إ.ب.أ)
TT

تساؤلات حول مبادرة ماكرون باستئناف الحوار مع بوتين

الرئيسان الروسي والفرنسي في لقاء سابق (إ.ب.أ)
الرئيسان الروسي والفرنسي في لقاء سابق (إ.ب.أ)

يعود آخر اتصال هاتفي بين الرئيس الفرنسي ونظيره الروسي بمبادرة من الأول إلى يوم الثلاثاء في 1 يوليو (تموز) الماضي. وقتها، أفاد قصر الإليزيه بأن الاتصال دام أكثر من ساعتين، وتركز بشكل خاص على الملف النووي الإيراني، وذلك بعد أيام قليلة على الضربات الإسرائيلية والأميركية التي استهدفت المنشآت النووية والخبراء وأعضاء في القيادات العسكرية الإيرانية.

لكن الاتصال تطرق أيضاً للحرب في أوكرانيا. ووفق الإليزيه، فقد كان أشبه بـ«حوار طرشان» للتمايز العميق في مقاربة الطرفين. ورغم ذلك، أفاد بيان الإليزيه بأن ماكرون وبوتين «قررا استكمال التواصل بينهما حول هذه النقطة».

كان ماكرون الوحيد بين القادة الغربيين، باستثناء الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، الذي كسر قاعدة فرض العزلة الدبلوماسية على بوتين رغم أنه، في العامين الأخيرين، سعى لتزعم الجناح المتشدد في التعاطي مع روسيا، إن لجهة فرض العقوبات المالية والاقتصادية عليها، أو في دعم أوكرانيا مالياً وعسكرياً، أو في الدعوة إلى إنشاء «تحالف الراغبين» في إرسال وحدات عسكرية ترابط على الأراضي الأوكرانية لـ«ردع» روسيا عن مهاجمة جارتها أوكرانيا بعد التوصل إلى اتفاق لوقف الأعمال العدائية.

كذلك، سعى ماكرون ليكون «مرجعاً» للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي دعاه إلى باريس ثلاث مرات في الآونة الأخيرة ووقَّع معه «مذكرة تفاهم» لتزويد أوكرانيا بمائة طائرة مقاتلة من طراز «رافال» من الجيل الرابع.

الرئيس الأركاني فولوديمير زيلينسكي محاطاً في برلين بقادة أوروبيين وبأمين عام الحلف الأطلسي والمفاوضين الأميركيين في ملف الحرب الأوكرانية 15 ديسمبر (إ.ب.أ)

يغرّد خارج السرب الأوروبي

مرة أخرى، يغرّد ماكرون خارج السرب الأوروبي. ففي المؤتمر الصحافي، الذي عقده عقب انتهاء القمة الأوروبية الأخيرة في بروكسل التي أقرَّت قرضاً لأوكرانيا قيمته 90 مليار يورو، فاجأ ماكرون جميع الحاضرين بدعوته إلى معاودة الحوار المباشر مع بوتين. وبرر دعوته بقوله: «أرى أن هناك أشخاصاً يتحدثون إلى فلاديمير بوتين؛ لذا أعتقد أنه من مصلحتنا نحن الأوروبيين والأوكرانيين إيجاد إطار لإعادة فتح هذه المناقشة بشكل رسمي وإلا سنظل نناقش الأمور فيما بيننا، بينما يتفاوض المفاوضون وحدهم مع الروس. وهذا ليس مثالياً».

وكان ماكرون يشير إلى الرئيس الأميركي الذي لا يجد غضاضة في الاجتماع مع بوتين وجهاً لوجه كما حصل في ألاسكا، أو التواصل معه هاتفياً أكثر من مرة. وجاء الرد من الرئيس الروسي سريعاً؛ إذ قال يوم الأحد، بمناسبة مؤتمره الصحافي السنوي، إنه «مستعد للحوار» مع ماكرون. لذا؛ سارعت مصادر الرئاسة الفرنسية إلى القول إنه «من المرحّب به أن يمنح الكرملين موافقته العلنية على هذه المبادرة. سننظر خلال الأيام المقبلة في أفضل طريقة للمضي قدماً».

ولأن مبادرة ماكرون جاءت مفاجئة، فإن مصادر الإليزيه حرصت على الرد سلفاً على أي انتقادات بتأكيدها أن «أي نقاش مع موسكو سيتم بكل شفافية» مع زيلينسكي ومع الأوروبيين، وأن هدفها يظل التوصل إلى «سلام متين ودائم» للأوكرانيين. وفي معرض تبريره غياب الحوار مع ورسيا، قال قصر الإليزيه: «إن غزو أوكرانيا وإصرار الرئيس بوتين على الحرب وضعا حداً لأي إمكانية للحوار خلال السنوات الثلاث الماضية». أما توقيت استئنافه، فإنه سيحصل بمجرد أن تتضح ملامح وقفٍ لإطلاق النار و(انطلاق) مفاوضات سلام، (عندها) يصبح من المفيد مجدداً التحدث إلى بوتين».

الرئيس الأوكراني وجهاً لوجه مع الرئيسين الأميركي والفرنسي ورئيس الوزراء البريطاني في البيت الأبيض 18 أغسطس (أ.ب)

مبررات مبادرة ماكرون

تقول مصادر ديبلوماسية أوروبية في باريس إن مبادرة ماكرون تعكس، وإن جاءت متأخرة، قلقاً فرنسياً - أوروبياً مما هو جارٍ على صعيد الوساطة التي تتفرد الولايات المتحدة بين روسيا وأوكرانيا. ورغم نجاح الأوروبيين في حجز مقعد لهم في الأسابيع الأخيرة، فإنهم يستشعرون رغبة أميركية في استبعادهم عنها. ثم جاء كلام ترمب لموقع «أطلنتيكو» الأسبوع الماضي صادماً؛ إذ قال فيه إن الأوروبيين «يتحدثون كثيراً ولا يفعلون شيئاً، والدليل أن الحرب ما زالت قائمة...». كذلك، نددت تولسي غابارد، مديرة المخابرات الوطنية الأميركية بالأوروبيين وذلك في تغريدة على منصة «إكس» الأسبوع الماضي أيضاً؛ إذ اتهمتهم واتهمت الحلف الأطلسي بـ«تصعيد الحرب وسعيهم لاجتذاب الولايات المتحدة في نزاع مباشر مع روسيا». وإضافة إلى ما سبق، تتساءل المصادر المشار إليها: «لماذا لا يحق للأوروبيين أن يتناقشوا مع بوتين، خصوصاً أنهم هم من يتحمل عبء الحرب من خلال دعم كييف بينما قطعت واشنطن عنها المساعدات عنها» لتضيف أن مصير الحرب يمس أمن وسلامة دول الاتحاد الأوروبي والقارة القديمة بشكل عام؛ ولذا من الضروري والمهم أن يكون هناك حوار مباشر وليس بالواسطة مع بوتين.

لم تنزل مبادرة ماكرون برداً وسلاماً على شركائه في الاتحاد الأوروبي، لا على زيلينسكي ولا على المستشار الألماني الذي يريد أن يلعب دور الزعيم الأوروبي في مواجهة روسيا. واكتفى شتيفن ماير، نائب الناطق باسم الحكومة الألمانية، بالقول إن الحكومة «أٌحيطت علماً» بمبادرة ماكرون، مضيفاً أنه «لا توجد مخاوف من تصدع الوحدة الأوروبية بسبب هذا الملف».

ماكرون ونابليون بونابرت

يؤخذ على ماكرون أمران أساسيان: الأول، تغير نهجه من السعي لممارسة أقصى الضغوط على روسيا وبوتين إلى الانتقال إلى الحوار معه مع وجود كثير من التحفظات حول ما يمكن أن يحصل عليه ولم يحصل عليه المفاوض الأميركي؛ والآخر، أن ماكرون كسر الجدار الأوروبي والعزلة الدبلوماسية المُحكمة التي أقيمت حول بوتين؛ فهو بمبادرته يوفر له الفرصة للعب على الانقسامات الداخلية الأوروبية وعلى افتراق الرؤى مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً في مؤتمر صحافي ببروكسل عقب انتهاء القمة الأوروبية حيث أعلن انفتاحه على محادثات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ف.ب)

وكتبت صحيفة «لو موند» في عددها ليوم الاثنين، أن زيلينسكي اعترف بأن ماكرون ناقش معه مبادرته، وأنه أبدى تحفظات بشأنها. كذلك نقلت عن دبلوماسي أوروبي قوله: «الجميع في أوروبا يدرك أنه سيتعيّن في يومٍ ما التحدث إلى بوتين، ولا سيما إذا ما فشلت الوساطة الأميركية. أما ما سيكون معقداً، فهو مسألة الإطار الأنسب لإجراء هذه المناقشات، هل يكون ذلك ضمن صيغة (الترويكا الأوروبية) أم في إطار أوسع». وتضم «الترويكا» فرنسا وألمانيا وبريطانيا. ويعني هذا التساؤل ما إذا كان ماكرون سيتحدث باسم فرنسا أم أنه سينال تفويضاً من زيلينسكي ومن نظرائه الأوروبيين للتحدث باسمهم؟

لا شك أن هناك تنافساً بين قادة «الترويكا» الثلاثة وإن بقي مضمراً. وفي أي حال، يبدو من المبكر التكهن بما قد يحصل في الأيام والأسابيع المقبلة، وما ستكون عليه الصيغة التي يريدها بوتين الذي لم يتردد، في مؤتمره الصحافي الأخير عن وصف القادة الأوروبيين بـ«صغار الخنازير». أما الصحافة الروسية، فإنها لا تتردد بتذكير ماكرون بالهزيمة التي ألحقتها روسيا القيصرية بالإمبراطور الفرنسي نابليون بونابرت الذي غزا روسيا عام 1812، حيث خسر جيشه الجرار وكانت تلك المغامرة بداية سقوطه.


رئيس وزراء غرينلاند: مصير الإقليم يُحسم على أراضيه

رجل يمر بجوار تمثال لهانز إيغيده الذي اضطلع بدور مهم في تاريخ غرينلاند ويبدو العلم الدنماركي (رويترز)
رجل يمر بجوار تمثال لهانز إيغيده الذي اضطلع بدور مهم في تاريخ غرينلاند ويبدو العلم الدنماركي (رويترز)
TT

رئيس وزراء غرينلاند: مصير الإقليم يُحسم على أراضيه

رجل يمر بجوار تمثال لهانز إيغيده الذي اضطلع بدور مهم في تاريخ غرينلاند ويبدو العلم الدنماركي (رويترز)
رجل يمر بجوار تمثال لهانز إيغيده الذي اضطلع بدور مهم في تاريخ غرينلاند ويبدو العلم الدنماركي (رويترز)

أكد رئيس وزراء غرينلاند، الثلاثاء، أن القرارات المتعلقة بمستقبل الجزيرة تُتَّخذ على أراضيها، وذلك ردّاً على محاولات الرئيس الأميركي دونالد ترمب المتكررة لضمّ هذا الإقليم الدنماركي المتمتع بحكم ذاتي.

وكتب ينس فريدريك نيلسن، عبر «فيسبوك»: «غرينلاند بلدنا. قراراتنا تُتَّخذ هنا». وأعرب عن «حزن» بعد سماعه ترمب يُكرر رغبته في السيطرة على غرينلاند.

وكان ترمب كرّر، الاثنين، أنّ بلاده «بحاجة» إلى غرينلاند؛ لضمان أمنها في مواجهة الصين وروسيا. وسبق له أن أدلى بهذا التصريح بعد انتخابه رئيساً للولايات المتحدة.

وقال نيلسن: «هذه الكلمات تختزل بلدنا في مسألة أمن وسلطة. هذه ليست نظرتنا إلى أنفسنا، ولا يمكن ولا يجوز أن تُوصف حالتنا في غرينلاند بهذه الطريقة».

وشكر شعب غرينلاند على ردّ فعله «الهادئ والراقي». وأعرب عن امتنانه لدعم عدد كبير من الدول، مضيفاً: «هذا الدعم يؤكد أننا لسنا وحدنا هنا على أرضنا».

في غضون ذلك، أعلن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أن غرينلاند «ملك لشعبها» وأن «الدنمارك هي ضامنتها». وكتب عبر منصة «إكس»: «أضمّ صوتي إلى أصوات الأوروبيين لأعرب عن تضامننا الكامل».


الملجأ المضاد للإشعاعات بمحطّة تشيرنوبيل النووية قد ينهار بضربة روسية

محطّة تشيرنوبيل النووية التي توقّفت عن العمل راهناً في أوكرانيا (أ.ف.ب)
محطّة تشيرنوبيل النووية التي توقّفت عن العمل راهناً في أوكرانيا (أ.ف.ب)
TT

الملجأ المضاد للإشعاعات بمحطّة تشيرنوبيل النووية قد ينهار بضربة روسية

محطّة تشيرنوبيل النووية التي توقّفت عن العمل راهناً في أوكرانيا (أ.ف.ب)
محطّة تشيرنوبيل النووية التي توقّفت عن العمل راهناً في أوكرانيا (أ.ف.ب)

قد تؤدّي ضربة روسية إلى انهيار الملجأ المضاد للإشعاعات داخل محطّة تشيرنوبيل النووية التي توقّفت عن العمل راهناً في أوكرانيا، بحسب ما قال مدير المنشأة سيرغي تاراكانوف لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وصرّح تاراكانوف خلال مقابلة أجرتها معه «وكالة الصحافة الفرنسية» الأسبوع الماضي: «في حال أصابه صاروخ أو مسيّرة مباشرة أو حتّى سقط في محيطه مثلاً صاروخ من نوع (إسكندر)، لا قدّر الله، فقد يُحدث ذلك زلزالاً صغيراً في المنطقة».

وأكّد أن «لا أحد في وسعه أن يضمن أن الملجأ سيبقى قائماً بعد ذلك. وهذا هو أكبر تهديد».

والمحطّة النووية مدّعمة بهيكل من الفولاذ والإسمنت من الداخل أقيم على عجالة بعد الكارثة النووية سنة 1986 وهي مغلّفة أيضاً بغلاف خارجي حديث وعالي التطوّر يطلق عليه اسم «عازل الأمان الجديد» (NSC).

وقد تعرّض الغلاف الخارجي لأضرار كبيرة إثر ضربة بمسيّرة روسية في فبراير (شباط) تسبّبت في حريق ضخم في التكسية الخارجية للهيكل الفولاذي.

وأشار تاراكانوف إلى أن «عازلنا خسر الكثير من مهامه الرئيسية. ونحن بحاجة إلى ثلاث أو أربع سنوات لإعادة هذه الخصائص».

وما زال مستوى الإشعاعات في الموقع «مستقرّاً وبحدود العادة»، وفق المدير.

وأعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في مطلع الشهر أن بعثة تفتيش لاحظت أن الملجأ «فقد مهامه الأمنية الأساسية، لا سيّما قدراته العازلة، لكن ما من أضرار دائمة في الهيكليات الداعمة أو أنظمة المراقبة».

وتمّت تغطية الفجوة التي خلّفتها الغارة الروسية بستار حامٍ، بحسب تاراكانوف، لكن لا بدّ من سدّ 300 ثغرة صغيرة أحدثها عناصر الإطفاء لمكافحة النيران.

وكان الجيش الروسي قد استولى على المحطّة في بداية الحرب سنة 2022 قبل أن ينسحب منها بعد بضعة أسابيع.