كيف يُتوقع أن تسير أول انتخابات سورية منذ الإطاحة بالأسد؟

يتألف مجلس الشعب من 210 مقاعد... يُنتخب ثلثاها الأحد والثلث الآخر بالتعيين

أشخاص يعبرون مبنى مجلس الشعب في دمشق الأربعاء (أ.ف.ب)
أشخاص يعبرون مبنى مجلس الشعب في دمشق الأربعاء (أ.ف.ب)
TT

كيف يُتوقع أن تسير أول انتخابات سورية منذ الإطاحة بالأسد؟

أشخاص يعبرون مبنى مجلس الشعب في دمشق الأربعاء (أ.ف.ب)
أشخاص يعبرون مبنى مجلس الشعب في دمشق الأربعاء (أ.ف.ب)

تُجري سوريا انتخابات برلمانية يوم الأحد المقبل، وذلك لأول مرة منذ سقوط الرئيس السوري بشار الأسد الذي أطاح به هجوم شنته المعارضة في ديسمبر (كانون الأول).

وخلال حكم آل الأسد الذي دام 50 عاماً جرت انتخابات دورية شارك فيها جميع المواطنين السوريين. لكن عملياً، هيمن حزب البعث بقيادة الأسد على البرلمان دائماً، واعتُبرت هذه الانتخابات على نطاق واسع انتخابات صورية.

مع ذلك، لن تكون الانتخابات التي ستُجرى الأحد عملية ديمقراطية بالكامل، بل سيتم التصويت على معظم مقاعد مجلس الشعب من خلال هيئات انتخابية في كل دائرة، في حين سيتم تعيين ثلث المقاعد مباشرةً من قِبل الرئيس أحمد الشرع.

يقول تقرير لوكالة «أسوشييتد برس»، إنه بالرغم من أن هذه الانتخابات ليست تصويتاً شعبياً، فمن المرجح أن تؤخذ نتائجها مقياساً لمدى جدية السلطات في التعامل مع قضية الشمول، وخاصة فيما يتصل بالنساء والأقليات.

كيف تسير الانتخابات؟

يتألف مجلس الشعب من 210 مقاعد، سيتم انتخاب ثلثَيها يوم الأحد، والثلث الآخر بالتعيين. ويتم التصويت من قبل هيئات انتخابية في جميع أنحاء البلاد، مع توزيع عدد مقاعد كل منطقة حسب عدد السكان.

صحافيون يلتقطون صوراً داخل قاعة مجلس الشعب في دمشق قبيل انتخابات أعضاء مجلس الشعب في الخامس من أكتوبر الجاري (أ.ف.ب)

نظرياً، ينبغي أن يصوت ما مجموعه 7000 عضو من أعضاء الهيئة الانتخابية في 60 منطقة - جرى اختيارهم من بين مجموعة من المتقدمين في كل منطقة من قبل لجان معينة لهذا الغرض - على 140 مقعداً.

ومع ذلك، فقد تم تأجيل الانتخابات في محافظة السويداء وفي المناطق الشمالية الشرقية التي تسيطر عليها «قوات سوريا الديمقراطية» بقيادة «الإدارة الذاتية» الكردية، إلى أجل غير مسمى بسبب التوترات بين السلطات المحلية في تلك المناطق والحكومة المركزية في دمشق، مما يعني أن تلك المقاعد ستبقى شاغرة.

من الناحية العملية، سيصوت نحو 6000 عضو من أعضاء الهيئة الانتخابية في 50 منطقة لنحو 120 مقعداً. وأكبر دائرة انتخابية هي تلك التي تضم مدينة حلب، حيث سيصوت 700 عضو من أعضاء الهيئة الانتخابية لشغل 14 مقعداً، تليها مدينة دمشق، حيث سيصوت 500 عضو لشغل 10 مقاعد. وجميع المرشحين من أعضاء الهيئات الانتخابية.

بعد الإطاحة بالأسد، حلت السلطات المؤقتة جميع الأحزاب السياسية القائمة، والتي كان معظمها مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بحكومة الأسد، ولم تضع بعد نظاماً لتسجيل الأحزاب الجديدة؛ لذا يترشح جميع المرشحين كأفراد.

صبية سوريون يركبون دراجاتهم الهوائية في دمشق القديمة الخميس (أ.ب)

لماذا لا يوجد تصويت شعبي؟

تقول السلطات السورية إنه سيكون من المستحيل إنشاء سجل دقيق للناخبين وإجراء تصويت شعبي في هذه المرحلة؛ نظراً لأن ملايين السوريين نزحوا داخلياً أو خارجياً بسبب الحرب الأهلية التي استمرت قرابة 14 عاماً في البلاد، وفقد الكثير منهم وثائقهم الشخصية. وستكون مدة ولاية هذا البرلمان 30 شهراً، ومن المفترض أن تُمهّد الحكومة خلالها الطريق لإجراء تصويت شعبي في الانتخابات المقبلة. وقد أثار غياب التصويت الشعبي الانتقادات لكونه غير ديمقراطي، لكن بعض المحللين يقولون إن أسباب الحكومة مشروعة. من هؤلاء بنيامين فيف، كبير محللي الأبحاث في شركة «كرم شعار» الاستشارية التي تركز على سوريا؛ إذ يقول: «لا نعرف حتى عدد السوريين في سوريا اليوم» بسبب العدد الكبير من النازحين. وأضاف: «سيكون من الصعب حقاً وضع قوائم انتخابية اليوم في سوريا»، أو ترتيب اللوجستيات اللازمة للسوريين في الشتات للتصويت في بلدان إقامتهم.

وقال حايد حايد، الباحث البارز في «مبادرة الإصلاح العربي» ومركز «تشاتام هاوس للأبحاث»، إن أكثر القضايا إثارة للقلق هي عدم وجود معايير واضحة لاختيار الناخبين. وأضاف: «خاصةً عندما يتعلق الأمر باختيار اللجان الفرعية والهيئات الانتخابية، لا توجد رقابة. والعملية برمتها معرضة للتلاعب». وكانت هناك اعتراضات واسعة النطاق بعد أن «حذفت السلطات الانتخابية أسماءً من القوائم الأولية التي نُشرت، ولم تقدم معلومات مفصلة عن سبب حذف تلك الأسماء»، كما قال.

رسم كاريكاتيري يظهر الرئيس السوري السابق بشار الأسد وهو يبيع المشروبات الغازية في مدينة دمشق القديمة الخميس (أ.ب)

أسئلة حول الشمولية

لا توجد حصة محددة لتمثيل المرأة والأقليات الدينية أو العرقية في البرلمان. وكان مطلوباً أن تشكل النساء نسبة 20 في المائة من أعضاء الهيئة الانتخابية، لكن هذا لا يضمن أن يشكلن نسبة مماثلة من المرشحين أو المنتخبين.

وكانت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، قد نقلت عن رئيس اللجنة الوطنية للانتخابات، محمد طه الأحمد، أن النساء شكلن 14 في المائة من أصل 1578 مرشحاً وصلوا إلى القوائم النهائية. وفي بعض الدوائر الانتخابية تشكل النساء 30 أو 40 في المائة من إجمالي المرشحين، في حين أنه في دوائر أخرى لا توجد مرشحات.

في غضون ذلك، أثار استبعاد محافظة السويداء ذات الأغلبية الدرزية، والمناطق التي يسيطر عليها الأكراد في الشمال الشرقي، بالإضافة إلى عدم وجود حصص محددة للأقليات، تساؤلات حول تمثيل المجتمعات التي لا تُشكل جزءاً من الأغلبية القومية العربية السنية.

وتُعد هذه القضية حساسة بشكل خاص بعد اندلاع أعمال العنف الطائفي في الأشهر الأخيرة، والتي قُتل فيها مئات المدنيين من الأقليتين العلوية والدرزية، وكثير منهم على يد مقاتلين تابعين للحكومة.

أحد أفراد قوات الأمن السورية يقف في ساحة عامة بحلب حيث شاشات تنقل كلمة الرئيس أحمد الشرع في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في 24 سبتمبر الماضي (رويترز)

لكن فيف أشار إلى أن الدوائر الانتخابية قد رُسمت بطريقة تُنشئ دوائر انتخابية للأقلية والأغلبية. وقال: «كان بإمكان الحكومة فعله لو أرادت الحد من عدد الأقليات؛ بدمج هذه الدوائر أو هذه المناطق مع الدوائر ذات الأغلبية السنية»، و«كان بإمكانهم في الأساس إغراق الأقليات، وهو ما لم يفعلوه».

وأشار المسؤولون أيضاً إلى أن ثلث أعضاء البرلمان سيعيّنه الشرع مباشرةً كآلية لـ«ضمان تحسين شمولية الهيئة التشريعية»، كما قال حايد الذي أضاف أن الفكرة هي أنه إذا انتخبت الهيئات الانتخابية عدداً قليلاً من النساء أو الأقليات، فسيُدرج الرئيس نسبة أعلى في اختياراته.

وتابع حايد أن نقص تمثيل السويداء والشمال الشرقي لا يزال يُمثل مشكلة، حتى لو عيّن الشرع أعضاءً من تلك المناطق، وأضاف: «الخلاصة هي أنه بغض النظر عن عدد الأشخاص الذين سيتم تعيينهم من تلك المناطق، فإن الخلاف بين سلطات الأمر الواقع ودمشق حول مشاركتهم في العملية السياسية سيظل قضية رئيسية».


مقالات ذات صلة

ميانمار إلى صناديق الاقتراع وسط حرب أهلية وأزمة إنسانية حادة

آسيا لوحة إعلانية تحمل صور مرشحين من حزب الشعب في رانغون (أ.ف.ب)

ميانمار إلى صناديق الاقتراع وسط حرب أهلية وأزمة إنسانية حادة

يتوجه الناخبون في ميانمار (بورما) إلى صناديق الاقتراع غداً لاختيار برلمانهم في خضم حرب أهلية دمرت أجزاء من البلاد وسببت واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في آسيا.

«الشرق الأوسط» (رانغون)
شمال افريقيا شكّل التراجع النسبي لنفوذ «جهاز الردع» محطةً مفصليةً في هذا التحول عززت سيطرة «الوحدة» على العاصمة (الشرق الأوسط)

سقوط قادة ميليشيات يُعيد رسم خريطة النفوذ الأمني في العاصمة الليبية

يرى مراقبون ليبيون أن التحول الأبرز في المشهد المسلح بغرب ليبيا تمثل في مقتل عبد الغني الككلي، رئيس جهاز «دعم الاستقرار»، قبل سبعة أشهر، ثم التخلص من الدباشي.

جاكلين زاهر (القاهرة)
المشرق العربي إحدى جلسات البرلمان العراقي (إ.ب.أ)

أحزاب عراقية تحت الضغط قبل تجاوز المدد الدستورية

تعتمد القوى العراقية في مفاوضاتها على ما يُعرف بمعادلة النقاط مقابل المناصب، وهي آلية غير رسمية تقوم على تحويل عدد المقاعد البرلمانية رصيداً من النقاط.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي قوى «الإطار التنسيقي» خلال أحد اجتماعاتها بحضور رئيس الحكومة محمد شياع السوداني (أرشيفية - واع)

سباق مع الوقت لحسم الرئاسات العراقية الثلاث

تتسابق القوى السياسية العراقية مع الوقت لحسم اختيار الرئاسات الثلاث، وسط انسداد سياسي وتعدد المرشحين.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي اجتماع سابق لرئيس الجمهورية جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام ورئيس البرلمان نبيه بري (الوكالة الوطنية للإعلام)

عون: مصممون على إجراء الانتخابات في موعدها

أكد الرئيس اللبناني جوزيف عون مجدداً، اليوم (الخميس)، أن إجراء الانتخابات استحقاق دستوري يجب أن يتم تنفيذه في وقته.


حمص تشيّع ضحايا المسجد... و«داعش» يهدّد مجدداً

حمص تشيّع ضحايا المسجد... و«داعش» يهدّد مجدداً
TT

حمص تشيّع ضحايا المسجد... و«داعش» يهدّد مجدداً

حمص تشيّع ضحايا المسجد... و«داعش» يهدّد مجدداً

شهدت مدينة حمص، أمس، مراسمَ تشييع جثامين ضحايا التفجير الذي استهدف مسجد الإمام علي بن أبي طالب في حي وادي الذهب أثناء صلاة الجمعة، بمشاركة شعبية ورسمية واسعة، وتحت إجراءات أمنية مشددة. وأعادت جماعة «سرايا أنصار السنة» المتطرفة، المرتبطة بتنظيم «داعش»، تأكيد تبنّيها التفجير، متوعدة بتنفيذ هجمات مماثلة في الفترة المقبلة. وأسفرَ الهجوم عن مقتل 8 أشخاص وإصابة 18 آخرين، في حادثة قوبلت بإدانات عربية ودولية، وأثارت مخاوف متزايدة لدى الأقليات في البلاد.

وبالتوازي مع التطورات الأمنية، أعلنتِ السلطات السورية توقيف 12 شخصاً، بينهم ضباط من النظام السابق، على الحدود السورية اللبنانية أثناء محاولتهم العبور بشكل غير شرعي.

وفي سياق سياسي متصل، تضاربت أمس الأنباء عن زيارة متوقعة لقائد «قوات سوريا الديمقراطية»، مظلوم عبدي، لدمشق خلال الأيام المقبلة؛ لبحث التنفيذ العملي لاتفاق اندماج قواته في الجيش السوري، في وقت تتصاعد فيه حدة التوتر في حلب.


سوريا: اعتقال 5 بعضهم من عناصر نظام الأسد أثناء محاولتهم دخول البلاد بطريقة غير قانونية

قوات من الجيش السوري أثناء عرض عسكري بدير الزور يوم 8 ديسمبر (إكس)
قوات من الجيش السوري أثناء عرض عسكري بدير الزور يوم 8 ديسمبر (إكس)
TT

سوريا: اعتقال 5 بعضهم من عناصر نظام الأسد أثناء محاولتهم دخول البلاد بطريقة غير قانونية

قوات من الجيش السوري أثناء عرض عسكري بدير الزور يوم 8 ديسمبر (إكس)
قوات من الجيش السوري أثناء عرض عسكري بدير الزور يوم 8 ديسمبر (إكس)

ألقت قوات حرس الحدود السورية القبض على 5 أشخاص في ريف طرطوس، أثناء محاولتهم الدخول إلى الأراضي السورية بطريقة غير قانونية، وفقا لوكالة الأنباء السورية (سانا).

وأوضحت إدارة الإعلام والاتصال في وزارة الدفاع، السبت، أن "التحقيقات الأولية مع المقبوض عليهم أظهرت أن بعضهم كانوا من عناصر النظام البائد"، مشيرةً إلى أنه "سيتم تحويلهم إلى الجهات المختصة لاستكمال التحقيقات والإجراءات اللازمة".

عناصر من الجيش السوري (أ.ف.ب)

وذكرت الوكالة أن هذه العملية "تأتي في إطار الجهود المستمرة التي تبذلها قوات الجيش لحماية الحدود ومنع أي محاولات تسلل غير شرعية، بما يضمن الحفاظ على أمن الوطن وسلامة أراضيه".


تقارير: الجيش الإسرائيلي يستهدف تل الأحمر في ريف القنيطرة بسوريا

آليات عسكرية إسرائيلية تتوغل في مناطق بجنوب سوريا (الجيش الإسرائيلي)
آليات عسكرية إسرائيلية تتوغل في مناطق بجنوب سوريا (الجيش الإسرائيلي)
TT

تقارير: الجيش الإسرائيلي يستهدف تل الأحمر في ريف القنيطرة بسوريا

آليات عسكرية إسرائيلية تتوغل في مناطق بجنوب سوريا (الجيش الإسرائيلي)
آليات عسكرية إسرائيلية تتوغل في مناطق بجنوب سوريا (الجيش الإسرائيلي)

قال تلفزيون «الإخبارية» إن القوات الإسرائيلية استهدفت، يوم السبت، بالأسلحة الرشاشة تل الأحمر الشرقي في ريف القنيطرة الجنوبي.

واستولت القوات الإسرائيلية على مزيد من الأراضي في سوريا عقب سقوط نظام بشار الأسد، بالمخالفة لاتفاقية فض الاشتباك لعام 1974 كما كانت منزوعة السلاح، وتنفذ من وقتها غارات جوية وتوغلات برية في سوريا.

وسبق أن ذكرت وكالة «سانا» الرسمية أن إسرائيل «تواصل سياساتها العدوانية وخرقها اتفاق فض الاشتباك عام 1974 عبر التوغل في أرياف القنيطرة ودرعا والاعتداء على المواطنين، فيما تطالب سوريا باستمرار، بخروج الاحتلال من أراضيها، وتدعو المجتمع الدولي إلى الاضطلاع بمسؤولياته وردع هذه الممارسات غير المشروعة».