مع تراجع وست هام إلى المركز الـ19 في جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز، قرر النادي التعاقد مع نونو إسبيريتو سانتو؛ خلفاً لغراهام بوتر، على رأس القيادة الفنية للفريق. وخلال فترة تدريبه كلاً من وولفرهامبتون ونوتنغهام فورست، أظهر المدير الفني البرتغالي قدرته - وفق عمر عرفان على موقع «بي بي سي» - على رفع مستوى الفريقين، وتحقيق نتائج تفوق التوقعات. وعلى الرغم من أن تجربته مع توتنهام كانت مخيبة للآمال، فإن وست هام حالياً أقرب إلى وضع نوتنغهام فورست الذي وجد نونو سانتو نفسه فيه عندما تولى قيادته.
واعترف نونو سانتو، مدرب وست هام الجديد، بأن ناديه «أمامه كثير من العمل» رغم أنه كان متفائلاً بأداء الفريق اللندني في مستهل مشواره معه. وافتتح المدرب البرتغالي مسيرته مع وست هام بالتعادل 1 - 1 مع مضيفه إيفرتون، في ختام المرحلة الـ6 من بطولة الدوري الإنجليزي الممتاز. التقرير التالي يلقي الضوء على الموسم الأخير لنونو مع نوتنغهام فورست، ويسعى إلى محاولة فهم ما إذا كان المدير الفني البرتغالي خياراً مناسباً لوست هام أم لا.
البراغماتية مقابل الهجوم
يسعى مالكو الأندية في جميع أنحاء العالم بشكل متصاعد إلى إعطاء الأولوية للمديرين الفنيين الذين يعتمدون على طريقة اللعب الهجومية والاستحواذ على الكرة. وعلى الرغم من أن ديفيد مويز قاد وست هام إلى الفوز بلقب «دوري المؤتمر الأوروبي» عام 2023، فإن أسلوبه لم يكن بالإيجابية نفسها التي تلعب بها الأندية الأخرى، وكان كثيراً ما يتعرض للانتقادات من المشجعين الذين سئموا طريقة لعبه البرغماتية.
لكن من كان يتولى قيادة وست هام قبل مويز، مانويل بيليغريني، ومن تولى المهمة من بعده، جولين لوبيتيغي وغراهام بوتر، أخفقوا في بناء فريق ناجح يعتمد على الاستحواذ على الكرة. واتبع نونو سانتو طوال مسيرته التدريبية فلسفة تبدو أعلى انسجاماً مع مبادئ مويز، الذي يُعد أنجح مدير فني لوست هام خلال العقد الماضي. وغالباً ما تستحوذ الفرق التي يتولى قيادتها نونو على الكرة بشكل أقل قبل أن تشن هجمات مرتدة سريعة. وكان متوسط استحواذ نوتنغهام فورست على الكرة في الموسم الماضي ثالث أقل معدل بين جميع أندية الدوري الإنجليزي الممتاز (41 في المائة).
ومن خلال الاعتماد على التكتل الدفاعي، يُجبر نونو سانتو المنافسين على التحرك في مساحات محدودة بالخلف، وبالتالي لا يتاح لهم كثير من الفرص. وعليه؛ فإن تعيينه على رأس القيادة الفنية لوست هام يبدو اعترافاً بأن التغيير في طريقة اللعب لم يُناسب وست هام والجيل الحالي من اللاعبين.
ما أسلوب لعب نونو سانتو؟
في وولفرهامبتون، اشتهر نونو سانتو بطريقته الدفاعية والاعتماد على 5 لاعبين في الخط الخلفي. ومع ذلك، بدأ نوتنغهام فورست الموسم الماضي معظم مبارياته بطريقة 4 - 2 - 3 - 1. وعند فقدان الكرة، كان نوتنغهام فورست يدافع بطريقة 4 - 2 - 4. لكن خلال معظم فترات المباراة، كان الفريق يعمل على غلق المساحات في عمق الملعب، مع تقريب المساحات بين المدافعين، الذي يتمركزون بالقرب من مرمى فريقهم ولا يتركون مساحات واسعة خلفهم.
وعندما كان نوتنغهام فورست يتقدم في النتيجة، كان نونو سانتو يُشرك المدافع البرازيلي موراتو ويعود إلى اللعب بـ5 لاعبين في الخلف. ومن المثير للإعجاب أن نوتنغهام فورست لم يُهدر أي نقطة بعدما يدخل موراتو من على مقاعد البدلاء بهذه الطريقة، على الرغم من أن هذا التعديل كان يجبر نوتنغهام فورست على التراجع إلى الخلف تحت ضغط أكبر من المنافسين في فترات لاحقة من المباريات.

كان نوتنغهام فورست أضعف دفاعياً في آخر 15 دقيقة من المباريات، حيث استقبل 12 هدفاً خلال هذه الفترات في الموسم الماضي. وتُعدّ الهجمات المباشرة السريعة هي السمة المميزة لأسلوب نونو سانتو، وكان نوتنغهام فورست يُطورها في الوسط ويمرر الكرات المباشرة إلى المهاجم الصريح كريس وود. كما كان نوتنغهام فورست يلعب بسرعة على الأطراف، ولا يغامر بتمرير الكرة عبر لاعبي خط الوسط. ومن خلال التمرير المباشر إلى المهاجم الصريح أو التمرير على الأطراف، كانت الرسالة واحدة: تمرير الكرة بشكل مباشر وسريع إلى الأمام. وخلال الموسم الماضي، كان نوتنغهام فورست هو أعلى فرق الدوري الإنجليزي الممتاز اعتماداً على التمريرات الأمامية المباشرة، بمعدل 2.04 متر في الثانية.
كيف سيلعب وست هام؟
مع وضع ذلك في الحسبان، يبدو تعيين نونو سانتو مُبررَاً، فأسلوبه الذي لا يعتمد على الاستحواذ على الكرة كثيراً، والهجمات المرتدة السريعة، يُقلل من نقاط ضعف وست هام، ويُساعد على استغلال نقاط قوة لاعبيه على أكمل وجه ممكن. واجه وست هام صعوبة كبيرة في بناء الهجمات من الخلف تحت الضغط، ولم يكن قادراً على خلق فرص خطيرة بسهولة. وخلال المواسم القليلة الماضية، قدم وست هام أفضل مستوياته عندما كان يعتمد على التحولات الهجومية السريعة، مستغلاً بذلك نقاط قوة أفضل لاعبيه، خصوصاً جارود بوين.
كان نوتنغهام فورست تحت قيادة نونو سانتو ينطلق بسرعة للأمام، مستغلاً سرعة رباعي الخط الأمامي لخلق مساحات في الثلث الأخير من الملعب، وهي طريقة اللعب التي تناسب لاعبين في وست هام مثل كريسينسيو سامرفيل ولوكاس باكيتا وبوين. وإذا أراد نونو سانتو إعطاء الأولوية للصلابة الدفاعية في البداية، فقد يبدأ بالاعتماد على 5 لاعبين في الخط الخلفي، لكن لن يكون من المستغرب أن يعتمد على طريقته المفضلة 4 - 2 - 3 - 1.

وعلى الرغم من أن نونو سانتو يلعب بطريقة عامة، فإنه يغير أدوار اللاعبين داخل الملعب وفقاً لقدراتهم وإمكاناتهم ومهاراتهم. ولنضرب مثلاً على ذلك بالجناحين، حيث سيطلب نونو سانتو من كالوم هيدسون أودوي وأنتوني إيلانغا اللعب على الطرفين. وأمام فولهام الموسم الماضي، كان الجناحان هما إليوت آندرسون ونيكولاس دومينغيز، اللذين كان يحثهما نونو على الدخول إلى عمق الملعب لاستغلال مهاراتهما الكبيرة. سيدرس نونو سانتو قدرات لاعبيه جيداً، ثم يسعى إلى بناء فريق يسمح لهم بالقيام بما يجيدونه.
لذا؛ فمن المرجح أن يسعى نونو سانتو لتحقيق أقصى استفادة ممكنة من القدرات الهجومية الرائعة للحاج مالك ضيوف في مركز الظهير المتقدم هذا الموسم، في حين سيلجأ المدير الفني البرتغالي إلى التأمين الدفاعي في أماكن أخرى من الملعب. وعلاوة على ذلك، فإن كلاً من نيكلاس فولكروغ، وسامرفيل، وسونغوتو ماغاسا، وماتيوس فرنانديز، وباكيتا، وماكس كيلمان، يُناسبون تماماً طريقة لعب نونو التي تعتمد على التحولات الهجومية السريعة.
وعند تحليل طريقة لعب نوتنغهام فورست تحت قيادة نونو سانتو، فمن المهم أيضاً ملاحظة التعديلات التكتيكية الذكية التي كان يجريها الموسم الماضي، مُبدداً بذلك المقولة بأنه مدير فني يعتمد فقط على «التكتل الدفاعي والهجمات المرتدة». فاز نوتنغهام فورست على برايتون في ربع نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي الموسم الماضي وهو يعتمد على 5 لاعبين في خط الوسط: دانيلو، وآندرسون، وغيبس وايت، ورايان ييتس، ودومينغيز؛ مما سمح للاعبي نوتنغهام فورست بالسيطرة على خط الوسط والحد كثيراً من خطورة برايتون. وبالتالي، فإن هذه التعديلات الخاصة بكل مباراة؛ وفق نقاط قوة وضعف المنافس، التي غالباً ما تكون ضمن خطة عامة واضحة، تُشير إلى قدرة نونو على التكيف خلال الأشهر الأخيرة.
بداية جديدة
يُعدّ الاعتماد على طريقة لعب تناسب نقاط قوة وضعف اللاعبين أمراً بالغ الأهمية، كما أن الخطط التكتيكية تؤثر كثيراً على أداء اللاعبين. وعلاوة على ذلك، فمن المهم للغاية أن يتواصل المدير الفني بشكل جيد مع لاعبيه. وتفيد تقارير بأن بوتر دخل في خلافات مع لاعبين مثل فولكروغ وإيدسون ألفاريز وجان كلير توديبو؛ مما يشير إلى أن الأجواء داخل النادي أصبحت تتسم بالتوتر، بينما لا يزال نونو سانتو يحظى بإشادة كبيرة من لاعبيه السابقين، بمن فيهم مدافع وولفرهامبتون السابق كونور كودي.
وقال كودي: «أعتقد أن وست هام تعاقد مع مدير فني رائع، وأعتقد أنهم سيحبونه كثيراً. إنه مدير فني رائع فيما يتعلق بأسلوبه في التعامل مع اللاعبين وطريقة حديثه معهم، ثم طريقة عمله معهم، وكيف يساعدهم على التحسن والتطور. هذا التغيير في الأسلوب سيساعد النادي كثيراً. نونو شخص عقلاني لا يبالغ في الأمور؛ سواء أكان بالسلب أم بالإيجاب. وست هام فريق يعتمد على الهجمات المرتدة، وسيعتمد على التحولات الهجومية السريعة. كان يعتمد دائماً على خط الوسط، وكان الفريق تحت قيادته يدرك تماماً ما يتعين عليه القيام به».
يفتخر المدير الفني الجديد لوست هام بأنه يعمل وفق نظام يتماشى جيداً والفريق الحالي، لكن المهارات الشخصية التي يجلبها إلى منصبه الجديد قد تكون بالقدر نفسه من الأهمية في إخراج وست هام من وضعه الحالي.

وقال سانتو عقب المواجهة أمام إيفرتون: «الانطباع الأول هو أنني أعتقد أن الفريق تنافس بشكل جيد. هذا ملعب صعب للغاية. لقد كانت مباراة جيدة؛ وحماسية، وسنحت لكلا الفريقين فرص عدة. الرسالة لنا هي: كيف يمكننا المنافسة الآن؟». وأضاف مدرب وست هام: «إنها رسالة بسيطة... أساسيات مباراة كرة القدم هي الدفاع الجيد والهجوم. نحن الآن في طور معرفة أنفسنا بشكل أفضل لنتمكن من إيجاد خيارات وحلول جيدة». وتابع: «عندما تصل إلى العمل في أحد الأندية، فإنك تحاول ببطء وتدريجاً إيجاد الخيارات والحلول المناسبة. انظر إلى اللاعب وحاول تطويره». وشدد: «نحن نبدأ الآن. أمامنا كثير من العمل، لكننا سعداء ونقبل التحدي. اللاعبون الذين انضموا إلى الفريق قدموا أداءً جيداً، وهذا ما نتوقعه من فريقنا».
وبشأن استعادة دعم الجماهير، شدد سانتو على أن الأمر متروك له وللاعبين لكسب تأييد الجماهير. وأوضح: «أولويتنا الآن هي التقرب من جماهيرنا. ينبغي علينا أن نقدم لهم ما يرضيهم حتى يقدروا جهود اللاعبين... من المهم المضي قدماً نحو تقديم نتائج جيدة في الفترة المقبلة».
