لماذا تخطف القوات الخاصة الإسرائيلية بعض الغزيين؟

اتهامات لمجموعة «أبو شباب»... وتقديرات بأهداف «معلوماتية» وراء العمليات

الدخان يتصاعد إثر عملية عسكرية بمدينة غزة يوم الخميس (رويترز)
الدخان يتصاعد إثر عملية عسكرية بمدينة غزة يوم الخميس (رويترز)
TT

لماذا تخطف القوات الخاصة الإسرائيلية بعض الغزيين؟

الدخان يتصاعد إثر عملية عسكرية بمدينة غزة يوم الخميس (رويترز)
الدخان يتصاعد إثر عملية عسكرية بمدينة غزة يوم الخميس (رويترز)

في تكثيف لنشاط القوات الإسرائيلية الخاصة، والتي يُطلق عليها «المستعربون»، باتت هذه القوات تعمل في عمق المناطق السكنية بقطاع غزة، ونفذت سلسلة عمليات لخطف فلسطينيين، سواء من حركة «حماس» وغيرها من الفصائل أو من المدنيين.

وتكرر خطف شخصيات فلسطينية في عمليات كان أحدثها تلك التي كشفت عنها عائلة الممرضة تسنيم الهمص، ابنة الدكتور مروان الهمص، الذي اختطفته قوة مماثلة في 21 يوليو (تموز) الماضي، ولا يزال محتجزاً.

وأصدرت عائلة الهمص، صباح الخميس، بياناً قالت فيه إن تسنيم اختُطفت من محيط مستشفى ميداني في مواصي خان يونس جنوب قطاع غزة؛ وهو مكان قريب من ذلك الذي اختُطف فيه والدها.

وأدانت العائلة واقعة الاختطاف الجديدة، مؤكدةً مشاركة مجموعة مسلحة تتبع ياسر أبو شباب، الذي يُطلِق على جماعته «القوات الشعبية»، في العملية التي نفذتها قوات إسرائيلية خاصة.

ومثلما لم تتكشف أسباب اختطاف الأب، لم تنكشف أيضاً أسباب خطف الابنة بعد أكثر من شهرين من الحادثة الأولى. غير أن البعض يربط الواقعتين بعمليات أخرى من هذا النوع جرت في الأسابيع القليلة الماضية، ويستشفون منها أن غالبية عمليات الاختطاف تتعلق بأشخاص يبدو أن لهم نشاطاً ما يتعلق بمصير الرهائن الإسرائيليين.

هل عالجا رهائن إسرائيليين؟

وبسؤال مصادر من «حماس» وخارجها عن ذلك، لم تجزم هذه المصادر أن يكون الدكتور الهمص، أو ابنته، قد عالج رهائن إسرائيليين. غير أن المصادر لم تستبعد أيضاً في حديثها لـ«الشرق الأوسط» مثل هذا الخيار، رغبة من إسرائيل في الحصول من أي منهما على معلومات بشأن حياة رهائن ربما يكونون قد تلقوا العلاج في مستشفيات داخل القطاع بعد هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، حيث نُقل بعض المصابين منهم حينها لمستشفيات عامة.

نازحون سيراً من مدينة غزة باتجاه الجنوب يوم الخميس (رويترز)

وربطت مصادر ميدانية اعتقال تسنيم الهمص بتحقيقات إسرائيلية جرت مع والدها حول قضايا لم تُعرف بعد لعدم توافر أي معلومات بخصوصها لديها أو لدى مصادر «حماس» التي أكدت أيضاً أن عائلته لا تعرف الكثير عن أسباب اختطافه وابنته.

والهمص مسؤول في وزارة «صحة غزة» التابعة لحكومة «حماس»، ومسؤول المستشفيات الميدانية فيها والناطق باسمها، وهو وصف وظيفي جديد ظهر خلال الحرب بعد انتشار تلك المستشفيات، في حين كان سابقاً مسؤول «مستشفى أبو يوسف النجار»، وقد قُصف بيته.

وقائع خطف متكررة

أكدت المصادر الميدانية لـ«الشرق الأوسط» أن القوات الإسرائيلية الخاصة تعمل، بمساعدة مجموعات مسلحة مختلفة في مناطق متفرقة من القطاع، على خطف عناصر بالفصائل، سواء من داخل المستشفيات أو من خارجها.

وذكرت أن قوات خاصة خطفت قبل نحو 45 يوماً زوج ابنة قيادي كبير في «الجهاد الإسلامي» بمدينة دير البلح وسط قطاع غزة، وأن طائرة مُسيّرة قتلت نجله في نفس العملية، وألقت تلك القوات ببطاقة هوية المخطوف ومقتنياته في مكان قصف مركبة مدنية كان بها فلسطينيان لا علاقة لهما بأي تنظيم.

دخان كثيف ناجم عن ضربة جوية لمخيم الشاطئ للاجئين بمدينة غزة يوم الخميس (إ.ب.أ)

ووفقاً للمصادر، فإن صهر القيادي تعامل في مرحلةٍ ما مع رهينة إسرائيلي ظهر في تسجيل مصور منذ فترة قصيرة وهو يعاني الجوع، مبينةً أن العملية استهدفت أيضاً إخراج القيادي في الحركة من مخبئه، لكنها لم تنجح في ذلك. وفور الحدث، نقلت الحركة رهينتها لمكان آخر؛ نظراً لما لدى صهر القيادي من معلومات أمنية.

وفي غضون أقل من 20 يوماً، خطفت قوة إسرائيلية خاصة من حي النصر ومخيم الشاطئ ثلاثة ناشطين من «كتائب القسام»، منهم اثنان ممن يعملون على حماية المحتجزين الإسرائيليين، في حين كان الثالث يعمل مراسلاً بريدياً لقيادة جهاز «استخبارات القسام».

استخلاص معلومات من المخطوفين

وأوضحت المصادر أن عمليات الخطف وقعت بشكل منفصل، وبعدها قصفت طائرات حربية إسرائيلية عدة منازل كان قد احتُجز فيها رهائن إسرائيليون.

وأشارت إلى أن إسرائيل حصلت فيما يبدو من أحد المخطوفين على خطة وضعتها «كتيبة الشاطئ» للتصدي لاقتحام المخيم في إطار العمليات بمدينة غزة، الأمر الذي دفع القوات البرية الإسرائيلية لتجنب الدخول من طرق فيها كمائن وعبوات ناسفة، وسهَّل العملية باتجاه المخيم.

ولا تزال القوات البرية تعمل في الأطراف الشمالية من المخيم، وقصفت إسرائيل جواً العديد من المنازل وغيرها.

ويبدو أن بعض العمليات التي نفذتها القوات الخاصة في الآونة الأخيرة لاختطاف نشطاء من «حماس» و«الجهاد الإسلامي» قادت لتنفيذ عمليات اغتيال بحق آخرين، منهم قيادات شاركوا في هجوم السابع من أكتوبر، أو ممن أشرفوا على حماية المختطفين ونقلهم من مكان إلى آخر، إلى جانب من شاركوا باحتفالات تسليمهم خلال آخر هدنة، والتي بدأت في يناير (كانون الثاني) الماضي وامتدت لما يزيد على شهرين.

وأعلن الجيش الإسرائيلي اغتيال حسن حسين، وهو قائد فصيل في نخبة «كتيبة البريج» وسط قطاع غزة، واغتيال موسى شلدان نائب قائد «كتيبة حي الزيتون» جنوب مدينة غزة، ووائل مطرية أحد قادة «كتيبة الشاطئ»، وآخرين اتهمهم بالمشاركة في تلك النشاطات المتعلقة بخطف واحتجاز رهائن والمشاركة باحتفالات تسليمهم.

ويشير البعض إلى أن إسرائيل تسعى فيما يبدو من عمليات الاختطاف للحصول على أكبر قدر من المعلومات عمن تبقى من رهائن بغزة، ومحاولة استعادة الأحياء منهم خاصةً. لكن بينما تبدو عاجزة حتى الآن عن فعل ذلك، تمكنت من الوصول لبعض الجثث بعد اختطاف نشطاء بفصائل فلسطينية.

مراقبة وتنصت

وكانت مصادر ميدانية قد قالت لـ«الشرق الأوسط» قبل نحو ثلاثة أسابيع إن القوات الإسرائيلية الخاصة كثفت نشاطها في الأشهر الماضية داخل قطاع غزة، وكان لها دور في محاولة تحديد أماكن معينة ومراقبتها، ومن يتحرك ويتنقل منها وإليها، كما عملت بمساعدة متخابرين على مراقبة بعض المنازل وأماكن أخرى لمحاولة معرفة من يتردد عليها.

فلسطينية تنزح سيراً من مدينة غزة صوب الجنوب حاملة أغراضها يوم الخميس (رويترز)

وقالت المصادر إنه أمكن ضبط متخابرين اعترفوا بذلك، واتُّخذت بحقهم إجراءات ميدانية بعد التحقيق معهم.

وذكرت المصادر أن تلك القوات زرعت كاميرات وأجهزة تنصت بهدف التجسس بطرق مختلفة على تحركات النشطاء والمواطنين وبعض الأماكن، ومنها مستشفيات، لمعرفة من يتردد عليها، وأشارت إلى كشف الكثير من تلك الأجهزة في الآونة الأخيرة.

وأضافت المصادر أن هناك متابعة حثيثة من قبل أمن «كتائب القسام» وجهاز استخباراتها لمحاولات القوات الخاصة العمل بحرية أكبر، وأنه «صدرت تعليمات حازمة لنشطاء الفصائل بالانتباه واليقظة وحمل أسلحتهم الخفيفة والقنابل اليدوية لمواجهة أي خطر من هذا القبيل».


مقالات ذات صلة

تقرير: أميركا وحلفاؤها يجددون مساعيهم لعقد مؤتمر حول إعادة إعمار غزة

المشرق العربي منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة (أ.ف.ب)

تقرير: أميركا وحلفاؤها يجددون مساعيهم لعقد مؤتمر حول إعادة إعمار غزة

ذكرت وكالة «بلومبرغ» للأنباء، نقلاً عن مصادر مطلعة، اليوم الاثنين، أن الولايات المتحدة وحلفاءها يجددون مساعيهم لعقد مؤتمر حول إعادة إعمار قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية جندي إسرائيلي ينبطح أرضاً لدى سماعه دوي صفارات الإنذار بغلاف غزة في أكتوبر 2023 (أ.ب) play-circle

نتنياهو يدفع لتحقيق منزوع الصلاحيات حول هجوم «7 أكتوبر»

صادقت لجنة وزارية إسرائيلية على مشروع قانون قدمه حزب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لتشكيل لجنة تحقيق في هجوم «7 أكتوبر» (تشرين الأول).

«الشرق الأوسط» (تل أبيب - غزة )
المشرق العربي فلسطيني يحمل جثمان رضيع توفي بسبب البرد القارس في خان يونس جنوب غزة (رويترز)

إسرائيل تُحرّك الخط الأصفر في جباليا لتعميق سيطرتها شمال غزة

تواصل القوات الإسرائيلية تعميق سيطرتها داخل قطاع غزة عبر إحكام قبضتها على العديد من المناطق، إذ توغلت آلياتها العسكرية بشكل مفاجئ في مخيم جباليا شمال القطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

نتنياهو يواصل الاعتراض على تشكيل لجنة تحقيق مستقلة في 7 أكتوبر

يواصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رفض فتح تحقيق مستقل في الهجمات غير المسبوقة التي شنتها حركة «حماس» وغيرها من المسلحين في إسرائيل قبل عامين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
العالم امرأة فلسطينية تبكي وهي تحمل طفلاً رضيعاً قُتل في غارة إسرائيلية بمدينة غزة (أ.ف.ب)

«حرب على الأمومة»... كيف أصبحت النساء الحوامل والأطفال أهدافاً في النزاعات؟

كشف تحقيق جديد عن مستوى غير مسبوق من العنف يطول النساء الحوامل والأطفال حديثي الولادة، في ظل النزاعات المشتعلة حول العالم.

«الشرق الأوسط» (لندن)

تقرير: أميركا وحلفاؤها يجددون مساعيهم لعقد مؤتمر حول إعادة إعمار غزة

منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة (أ.ف.ب)
منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة (أ.ف.ب)
TT

تقرير: أميركا وحلفاؤها يجددون مساعيهم لعقد مؤتمر حول إعادة إعمار غزة

منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة (أ.ف.ب)
منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة (أ.ف.ب)

ذكرت وكالة «بلومبرغ» للأنباء، نقلاً عن مصادر مطلعة، اليوم الاثنين، أن الولايات المتحدة وحلفاءها يجددون مساعيهم لعقد مؤتمر حول إعادة إعمار قطاع غزة، في ظل سعي إدارة الرئيس دونالد ترمب لإعطاء زخم جديد لاتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس».

وقالت المصادر إنه جرت دراسة واشنطن كمكان محتمل للمؤتمر الذي قد يُعقد مطلع الشهر المقبل على أقرب تقدير، وأن مصر من بين عدة مواقع أخرى قيد الدراسة.

وأضاف مصدر أن المؤتمر لن يُعقد على الأرجح إلا بعد أن يُكمل المسؤولون تشكيل «مجلس السلام» بقيادة ترمب، والمقرر أن يشرف على الحكومة الانتقالية، بموجب اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بين إسرائيل و«حماس» في أكتوبر.

ترمب يعرض النسخة التي وقَّع عليها لاتفاق غزة في شرم الشيخ (أرشيفية - أ.ف.ب)

وأشارت «بلومبرغ» إلى أن المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف التقى مسؤولين من مصر وتركيا وقطر في فلوريدا خلال عطلة نهاية الأسبوع لبحث تنفيذ وقف إطلاق النار.

وأضافت أن المؤتمر جزء من جهد أوسع نطاقاً للحفاظ على زخم خطة السلام التي وضعها الرئيس الأميركي والمؤلفة من 20 بنداً، والتي قُسّمت إلى مرحلتين، تهدف الأولى إلى وقف القتال وتأمين إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين، أما المرحلة الثانية، والأكثر صعوبة، فتتمثل في الانتقال إلى إدارة طويلة الأمد لغزة، مع نزع سلاح «حماس» وتشكيل قوة دولية لتحقيق الاستقرار.

وذكرت «بلومبرغ» أن مسؤولين أميركيين أقروا بصعوبة المرحلة الثانية، إذ يواجه مجلس السلام العديد من التساؤلات، بدءاً من تحديد أعضائه، كما لم يتم بعد إنشاء قوة الاستقرار الدولية، في حين أن أصعب مهام المرحلة الثانية ربما تكون نزع سلاح «حماس».


واشنطن تتدخل لتهدئة الاشتباكات بين «قسد» والأمن السوري

أفراد مسلحون من الشرطة العسكرية التابعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» يشاركون في مظاهرة تحت شعار «بإرادتنا سنحمي ثورتنا» في القامشلي السورية الأربعاء الماضي (رويترز)
أفراد مسلحون من الشرطة العسكرية التابعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» يشاركون في مظاهرة تحت شعار «بإرادتنا سنحمي ثورتنا» في القامشلي السورية الأربعاء الماضي (رويترز)
TT

واشنطن تتدخل لتهدئة الاشتباكات بين «قسد» والأمن السوري

أفراد مسلحون من الشرطة العسكرية التابعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» يشاركون في مظاهرة تحت شعار «بإرادتنا سنحمي ثورتنا» في القامشلي السورية الأربعاء الماضي (رويترز)
أفراد مسلحون من الشرطة العسكرية التابعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» يشاركون في مظاهرة تحت شعار «بإرادتنا سنحمي ثورتنا» في القامشلي السورية الأربعاء الماضي (رويترز)

أفادت مصادر في واشنطن للشرق الأوسط، بأن المبعوث الأميركي توم برّاك وقائد القيادة المركزية الأميركية براد كوبر، يجريان اتصالات لتهدئة الاشتباكات التي اندلعت مجدداً، الاثنين، بين «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) والجيش السوري في حيي الشيخ مقصود والأشرفية عند مدخل حلب الشمالي، بهدف منع تصعيد تستفيد منه «داعش»، وتستفيد منه قوى إقليمية معادية.

واندلعت الاشتباكات بعد استهداف قناصة قوات (قسد) للمناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية في انتهاك لاتفاقيات وقف إطلاق النار المبرمة بين الجانبين حيث يقاوم الأكراد المدعومون من الولايات المتحدة خطط الاندماج في الحكومة الانتقالية في دمشق خوفاً من فقدان الحكم الذاتي شمال شرقي سوريا.

ويخيم شبح التدخلات الإيرانية على هذه الاشتباكات التي تستهدف تقويض سيطرة الحكومة السورية الجديدة، حيث كشفت تقارير استخباراتية أميركية، أن إيران تقوم بتكثيف جهودها للحفاظ على تدفق الأسلحة إلى سوريا وإلى ميليشياتها في المنطقة، والتكيف مع الإجراءات التي اتخذتها دمشق لتفكيك الطرق غير المشروعة لتهريب الأسلحة.

كما أشارت عدة تقارير إلى قيام «قسد» بتعزيز علاقاتها مع «حزب الله» في لبنان، وعقدت اجتماعاً سرياً في بيروت مع ممثلين من «حزب الله» برئاسة عمار الموسوي بهدف تقييم التحديات الأمنية في سوريا وسط الخلافات بين «قسد» وحكومة أحمد الشرع مع تجدد الاشتباكات العسكرية بين الجانبين.

دبلوماسيون عاينوا نفقاً لـ«حزب الله» حيّده الجيش اللبناني في منطقة جنوب الليطاني خلال جولة برفقة الجيش اللبناني بجنوب لبنان (مديرية التوجيه)

3 ممرات للتهريب

قال تقرير بمعهد دراسات الحرب (isw) إن إيران تعيد إحياء طرق التهريب، ومساعدة تنظيم «داعش» لشن هجمات داخلية لتقويض ثقة الولايات المتحدة بالشريك السوري، محذراً من تصاعد صراعات بالوكالة وانتشار شبكات التهريب في ظل حالة عدم الاستقرار التي تمر بها سوريا خلال المرحلة الانتقالية.

وكشفت التقارير أن تهريب الأسلحة الإيرانية إلى سوريا يتخذ مزيجاً من المسارات التقليدية وأخرى جديدة، لكن الطرق البرية والشاحنات تظل هي الأساسية في المسارات التي تتخذها طهران لتهريب الأسلحة عبر 3 ممرات أساسية، الأول من بغداد إلى دمشق عبر الرمادي والبوكمال ودير الزور وتدمر، والثاني من طهران عبر البصرة وبغداد والتنف إلى دمشق، أما الأقل نشاطاً فهو الطريق الثالث من إيران عبر الموصل والحسكة إلى اللاذقية؛ ما يسهل نقلها لاحقاً إلى «حزب الله» في لبنان. وتولي إيران أهمية كبيرة لشمال شرقي سوريا الذي تسيطر عليه «قوات سوريا الديمقراطية».

ضبط صواريخ من نوع «سام - 7» معدة للتهريب خارج البلاد في البوكمال شرق سوريا (سانا)

وكشفت التقارير أن الشحنات تشمل عبوات ناسفة وقذائف «هاون» وألغاماً مضادة للدبابات ومتفجرات بلاستيكية وصواريخ مضادة للطائرات وأنظمة دفاع جوي وقاذفات قنابل يدوية وطائرات من دون طيار. وتسربت تقارير عن شبكة أنفاق تحت الأرض بالقرب من الحدود السورية العراقية في البوكمال يرجح أن «الحرس الثوري» الإيراني أنشأها منذ عام 2018، وكان يستخدمها لنقل الأسلحة عبر سوريا إلى «حزب الله».

وتشير التقارير إلى أن الحكومة السورية الجديدة لا تملك قدرات واضحة لفرض السيطرة على جميع أراضيها، وأنها تحتاج إلى سنوات؛ كي تتمكن من ضبط الحدود، ومنع التهريب عبر أراضيها.

إحباط المحاولات

تجتهد السلطات السورية في التصدي لمحاولات التهريب الإيرانية، وفي ديسمبر (كانون الأول) الحالي، أشادت القيادة المركزية الأميركية بالقيادة في دمشق، لاعتراضها شحنات متجهة إلى «حزب الله».

الخبير بشؤون الشرق الأوسط عطا محمد تبريز، ذكر أنه «لا توجد تقارير موثقة حول تصرفات إيران، لكن وسائل إعلام مختلفة نشرت تقارير حول جهود طهران لإعادة بناء قوات موالية لها في سوريا»، مضيفاً، أنها «تحاول التعاون مع القوات المعارضة لحكومة الشرع، وتضخيم أصواتها»، مؤكداً أنه لا إمكانية لقبول نفوذ إيران مرة أخرى في سوريا.

مراسم إعادة جثامين الجنود الأميركيين الذين قُتلوا في هجوم لتنظيم «داعش» في (أ.ب)

ويقول مايكل نايتس، الباحث الأول بمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، إنه على الرغم من أن انهيار نظام بشار الأسد أمر مشجع، فإن هذا لا يعني أن إيران، الداعم السابق لنظام الأسد، ستتخلى ببساطة عن استخدام سوريا لإعادة تشكيل «حزب الله» في لبنان.

ويشير نايتس إلى أنه مع رفع العقوبات عن سوريا، من المفترض أن تشهد تدفقاً من المركبات والأموال والمساعدات الإنسانية ومواد إعادة الإعمار والسلع الاستهلاكية، ومعظمها يتم عبر النقل بالشاحنات من الدول المجاورة. ويمكن لإيران بسهولة استخدام هذا التدفق لإعادة إمداد أذرعها في سوريا والعراق ولبنان بالسلاح.

ويحذر نايتس من أن إيران ليس لديها أي تردد في إبرام ترتيبات تكتيكية مع الجماعات الجهادية السنية - مثلما حدث في الماضي مع تنظيم «القاعدة» و«طالبان» - وقد تتبنى هذا التكتيك في سوريا مع تنظيم «داعش».


ائتلاف السوداني يطرح «مبادرة شاملة» لحسم ملف رئاسة وزراء العراق

جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)
جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)
TT

ائتلاف السوداني يطرح «مبادرة شاملة» لحسم ملف رئاسة وزراء العراق

جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)
جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)

أعلن ائتلاف «الإعمار والتنمية»، الذي يقوده رئيس الوزراء بحكومة تصريف الأعمال محمد شياع السوداني، الاثنين، أنه بصدد طرح «مبادرة سياسية شاملة» لحسم منصب رئاسة الوزراء وإنهاء حالة الانسداد.

وذكر إعلام «تيار الفراتين»، الذي يتزعمه السوداني، في بيان، أن الأخير ترأس اجتماعاً دورياً للائتلاف في مكتبه، خُصص لمناقشة التطورات المتسارعة في المشهد السياسي، ومراجعة نتائج الحوارات المكثفة التي أجراها الائتلاف مع القوى السياسية والوطنية خلال المرحلة الماضية، فضلاً عن تثبيت ملامح رؤيته لإدارة الدولة في الاستحقاق المقبل.

وأشار البيان إلى أن ائتلاف «الإعمار» يعمل على «بلورة مبادرة سياسية متكاملة» تهدف إلى كسر حالة الانسداد السياسي، وإنهاء المراوحة التي عطّلت حسم ملف رئاسة مجلس الوزراء، من خلال طرح معالجات «واقعية» تستند إلى التوافق الوطني والاستحقاق الدستوري.

وأكد أن المبادرة تمثل خطوة سياسية مسؤولة لإعادة تحريك العملية السياسية ووضعها على مسارها الصحيح، مشيراً إلى أن تفاصيلها ستُطرح أمام قوى «الإطار التنسيقي» في اجتماعه المرتقب، بما يفتح الباب أمام تفاهمات سياسية جادة تفضي إلى تشكيل حكومة مستقرة وقادرة على إدارة المرحلة المقبلة.

وشدد البيان على أن المبادرة «تنطلق من قناعة راسخة لدى قيادة (تيار الفراتين) وائتلاف (الإعمار والتنمية) بضرورة حسم الخيارات السياسية بعيداً عن التسويف، والعمل على تشكيل حكومة قوية وفاعلة تعبّر عن تطلعات الشارع العراقي، وتضع أولويات الإصلاح والاستقرار السياسي والاقتصادي في صدارة برنامجها الحكومي».

إلى ذلك، قال العضو في ائتلاف «الإعمار والتنمية»، قصي محبوبة، لـ«الشرق الأوسط»، إن «المبادرة ستكون عبارة عن شروط الائتلاف لاختيار رئيس الوزراء».

ولم يدلِ محبوبة بتفاصيل أخرى حول المبادرة، مكتفياً بالقول إن «تفاصيلها ستُعلن كاملة في اجتماع قوى (الإطار) المتوقع مساء اليوم (الاثنين)».

ويرجّح مصدر مسؤول في قوى «الإطار التنسيقي» أن تتمحور مبادرة السوداني حول «اختيار شخصية أخرى من داخل ائتلاف (الإعمار والتنمية) لشغل منصب رئاسة الوزراء، بالنظر إلى الممانعة التي تبديها بعض أطراف (الإطار) حيال تولّي السوداني ولاية ثانية».

ولا يستبعد المصدر، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن «تتضمّن مبادرة السوداني آلية اختيار رئيس الوزراء الجديد، سواء عبر انتخابات داخلية بين الشخصيات المتنافسة داخل (الإطار)، أو من خلال اتفاق أغلبية قادة (الإطار)».

وأضاف المصدر أنه «من غير المتوقع أن يقبل قادة (الإطار) بأي شروط يطرحها تحالف السوداني؛ فهم لا يمانعون تقديم شخصية أخرى غيره للمنصب، لكن من دون إلزام أو شرط بقبولها لشغل المنصب».

ويؤكد المصدر أن رئيس ائتلاف «دولة القانون» نوري المالكي «لا يزال متمسّكاً بترشيحه لمنصب رئيس الوزراء، ويرفض تولّي السوداني المنصب لولاية ثانية، في مقابل وجود بعض القيادات الداعمة لبقاء السوداني، لكن وفق شروط جديدة تضمن توازنَ المصالح بين أطراف (الإطار التنسيقي) كافة».

وكان «الإطار التنسيقي» قد دعا، الأسبوع الماضي، إلى عقد جلسة مجلس النواب وانتخاب هيئة رئاسته، بعد إخفاقه في التوافق على اختيار مرشح لرئاسة الوزراء.

ويتوقع أغلب المراقبين استمرار حالة عدم الاتفاق على اسم محدد لرئاسة الحكومة، خصوصاً مع الفسحة الزمنية التي تفصل القوى السياسية عن مواعيد انعقاد الجلسة الأولى للبرلمان، ثم انتخاب رئيس الجمهورية الذي سيكلّف الكتلة الكبرى بتقديم مرشحها لرئاسة الوزراء، وهي إجراءات تمتد لمدّة تصل إلى ثلاثة أشهر كحدٍّ أعلى وفق التوقيتات الدستورية.

وكان رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد قد حدّد، الأسبوع الماضي، يوم 29 ديسمبر (كانون الأول) الحالي موعداً لعقد الجلسة الأولى للبرلمان الجديد، والتي يُفترض أن يجري خلالها انتخاب رئيس المجلس ونائبَيه.