بشراكة سعودية - فرنسية... افتتاح «فيلا الحجر» في العلا

مجلس الأمناء بحث تحقيق مساعي المؤسسة للتبادل الثقافي العالمي

تعدّ «فيلا الحجر» أول مؤسسة ثقافية سعودية - فرنسية مشتركة (حساب الأمير بدر على إكس)
تعدّ «فيلا الحجر» أول مؤسسة ثقافية سعودية - فرنسية مشتركة (حساب الأمير بدر على إكس)
TT

بشراكة سعودية - فرنسية... افتتاح «فيلا الحجر» في العلا

تعدّ «فيلا الحجر» أول مؤسسة ثقافية سعودية - فرنسية مشتركة (حساب الأمير بدر على إكس)
تعدّ «فيلا الحجر» أول مؤسسة ثقافية سعودية - فرنسية مشتركة (حساب الأمير بدر على إكس)

عقد مجلس أمناء مؤسسة «فيلا الحجر» اجتماعه الأول، في العلا، الخميس، برئاسة الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، وزير الثقافة محافظ الهيئة الملكية لمحافظة العُلا، لبحث سبل تحقيق رسالة المؤسسة بوصفها مركزاً للتبادل الثقافي العالمي.

وافتتح وزير الثقافة السعودي ونظيرته الفرنسية رشيدة داتي، مبنى «فيلا الحجر» الإبداعية، التي تحتفي بالتراث الثقافي، وتطلق آفاقاً جديدة للإبداع والتبادل المعرفي عالمياً، وذلك بحضور عدد من كبار المسؤولين والمعنيين بالقطاع في البلدين.

وقال الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، في منشور عبر حسابه على منصة «إكس» للتواصل الاجتماعي، إن افتتاح المبنى جاء بدعم من الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس إدارة الهيئة، وتعدّ «فيلا الحجر» إحدى ثمار الشراكة الثقافية بين السعودية وفرنسا.

تفتح «فيلا الحجر» آفاقاً جديدة للإبداع والتبادل المعرفي عالمياً (حساب الأمير بدر على إكس)

واطّلع وزير الثقافة السعودي على مرافق المؤسسة المتخصصة في الفنون البصرية، والتصميم، والأفلام السينمائية والفنون الأدائية، كما استمع إلى شرح القائمين عليها، وما تقدمه بصفتها مركزاً عالمياً متخصصاً في التعليم والتدريب والإبداع الثقافي في قلب العُلا.

وثمَّن دور الأمير محمد بن سلمان، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في تعزيز الشراكة الثقافية بين البلدين، عادّاً «فيلا الحجر» محطة بارزة في مسارها، وأحد مشروعاتها الاستراتيجية بين الهيئة الملكية لمحافظة العُلا، والوكالة الفرنسية لتطوير العُلا.

وأشار الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان إلى أن «رؤية العُلا» تؤكد التعاون الثقافي الدولي بين الأصدقاء، وفتح مساحات أرحب للإبداع الثقافي بصفة الثقافة مساهمة في تعزيز التنمية المستدامة، مثنياً على جهود العاملين في المشروع لخلق منصة تُعزِّز مكانة العُلا على الساحة الدولية، وتفتح أبوابها للمبدعين من البلدين والعالم أجمع.

تُقدِّم «فيلا الحجر» تجربة ثقافية نوعية تنطلق من العلا إلى العالم (حساب الأمير بدر على إكس)

وتُشكِّل «فيلا الحجر» نموذجاً فريداً في التعاون الدولي؛ كونها أول مؤسسة ثقافية ثنائية سعودية - فرنسية، تُمثِّل امتداداً للعلاقات التاريخية بين البلدين. ويأتي افتتاحها ضمن الشراكة الاستراتيجية بين الهيئة والوكالة، التي تركّز على تعزيز التناغم بين الإنسان والمكان، والحفاظ على إرث العُلا الثقافي وبيئتها الطبيعية.

وتُقدِّم المؤسسة تجربة ثقافية نوعية تنطلق من العلا إلى العالم، لتسهم في تعزيز الاحتفاء بالمحافظة بصفتها وجهة عالمية للتراث والثقافة والفنون والسياحة المستدامة، عبر صرحٍ يضم مرافق للفنون البصرية، والتصميم، وقاعة سينما داخلية هي الأولى من نوعها في العلا، واستوديو متخصصاً بالفنون الأدائية.

تُعزِّز «فيلا الحجر» الاحتفاء بالعلا بوصفها وجهة عالمية للتراث والثقافة والفنون والسياحة (حساب الأمير بدر على إكس)

وبوصفها مركزاً للتعليم والتدريب والإبداع الثقافي، ستسهم «فيلا الحجر» في تمكين المواهب من أبناء وبنات البلاد والعالم، مع فتح آفاق ثقافية جديدة لأهالي وسكان العُلا.

وتعدّ «فيلا الحجر» منصة استراتيجية للاستثمار في الثقافة؛ كونها محركاً للتنمية الشاملة المستدامة، التي تُعبّر عن تطلعات السعودية لتمكين التبادل المعرفي، ومد جسور الحوار الحضاري مع مختلف دول العالم، حيث ستشكل المؤسسة محوراً رئيسياً في الموسم الثقافي، باستضافة برامج إقامات فنية، وورش عمل، وعروض مسرحية وسينمائية وموسيقية، وفنون الأداء، تجمع بين المكونات الثقافية للعُلا والمملكة والمدارس الفنية العالمية.

وستنضم «فيلا الحجر» رسمياً إلى قائمة البيوت الثقافية الفرنسية «Viva Villa» التي تضم أعرق المؤسسات حول العالم؛ مثل: فيلا ميديتشي (روما)، وفيلا ألبرتينا (نيويورك)، ما يُعزِّز من حضور العُلا في المشهد الثقافي العالمي.

استُوحِيت «فيلا الحجر» من طراز المؤسسات الثقافية في فرنسا (حساب الأمير بدر على إكس)

وتعمل الهيئة على تنفيذ استراتيجية شاملة وفقاً لرؤيتها المتماشية مع «رؤية السعودية 2030»، التي تسعى للاستثمار في الصناعات الإبداعية، وبناء شراكات مع مؤسسات ثقافية وتعليمية عالمية، وتطوير مبادرات نوعية تركز على البحث العلمي، والتوثيق، ونقل المعرفة للأجيال القادمة.


مقالات ذات صلة

وصول الطائرة السعودية الـ76 لإغاثة أهالي غزة

الخليج حملت الطائرة الإغاثية على متنها سلالاً غذائية وحقائب إيوائية تمهيداً لنقلها إلى المتضررين من الشعب الفلسطيني داخل غزة (واس)

وصول الطائرة السعودية الـ76 لإغاثة أهالي غزة

وصلت إلى مطار العريش بمصر، الاثنين، الطائرة السعودية الإغاثية الـ76، حاملة على متنها سلالاً غذائية وحقائب إيوائية تمهيداً لنقلها إلى المتضررين في غزة.

«الشرق الأوسط» (العريش)
الاقتصاد البنك المركزي السعودي (ساما) (الشرق الأوسط)

البنك المركزي السعودي يعتمد اللائحة التنفيذية المحدثة لمراقبة شركات التمويل

أعلن البنك المركزي السعودي (ساما) اعتماد اللائحة التنفيذية لنظام مراقبة شركات التمويل المحدثة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق مؤسسة «فيلم إندبندنت» تنظم ورشة عمل لصناع الأفلام ومنتجي التلفزيون السعوديين (الشرق الأوسط)

الشراكات الأميركية - السعودية تعيد تشكيل «المشهد السينمائي»

بمشهد يعكس تحوّل السينما من فعل ثقافي إلى صناعة عابرة للحدود حضرت البعثة الأميركية لدى المملكة العربية السعودية على هامش «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي».

أسماء الغابري (جدة)
الاقتصاد مركز عمليات البرج الافتراضي - الملاحة الجوية (الشرق الأوسط)

«الملاحة الجوية السعودية»: أبراج افتراضية لرفع الكفاءة وتمكين سعوديات من المراقبة والصيانة

تواصل السعودية تسريع وتيرة التحول الرقمي في قطاع الطيران، مع دخول تقنية أبراج المراقبة الافتراضية حيز التشغيل الفعلي.

سعيد الأبيض (جدة)
الاقتصاد الشراكات الاستراتيجية تدعم توجهات السعودية في تنويع الاقتصاد (الشرق الأوسط)

دراسة: الشراكات الاستراتيجية للسعودية بوابة للنمو وتنويع الاقتصاد وتجاوز التحديات

دعت دراسة اقتصادية إلى ضرورة تعزيز الشراكات السعودية الاستراتيجية بما يتوافق مع مستهدفات «رؤية المملكة 2030»، عبر تبنّي اتفاقيات نوعية.

فتح الرحمن يوسف (الرياض)

«خريطة رأس السنة»... دراما مصرية عن الأمومة و«متلازمة داون»

ريهام وأسماء أبو اليزيد في العرض الخاص (الشركة المنتجة)
ريهام وأسماء أبو اليزيد في العرض الخاص (الشركة المنتجة)
TT

«خريطة رأس السنة»... دراما مصرية عن الأمومة و«متلازمة داون»

ريهام وأسماء أبو اليزيد في العرض الخاص (الشركة المنتجة)
ريهام وأسماء أبو اليزيد في العرض الخاص (الشركة المنتجة)

يقدّم الفيلم المصري «خريطة رأس السنة» تجربة سينمائية إنسانية تنطلق من علاقة عائلية واضحة منذ اللحظة الأولى؛ إذ يعرف الطفل «نور» (يقوم بدوره الطفل آسر) أن «حبيبة» (ريهام عبد الغفور) هي خالته، ويتعامل معها على هذا الأساس، فالطفل المتفوق في المدرسة الداخلية التي يدرس فيها بالمجر، يخطط لمفاجأة والدته في رأس السنة بزيارتها في باريس مع تحضير مفاجأة لها، لتكون العطلة بمثابة بداية لأيام مختلفة في حياته.

نشاهد الفيلم من منظور الطفل «نور» على مدار الأحداث، بداية من المدرسة الداخلية التي يدرس فيها بالمجر والتي تقع بالقرب من منزل «حبيبة» وصديقتها التي تقيم معها، وكلتاهما من أصحاب «متلازمة داون»، مروراً بتواصله مع «سارة» (هنادي مهنا) باعتبارها والدته التي لم تأتِ لزيارته ولقائه من باريس منذ عامين، في حين يقتصر التواصل بينهما على الاتصالات الهاتفية.

يعتمد الفيلم بالكامل على رؤية العالم من خلال «نور»، فنحن نراه ونفهمه كما يراه هو، ونشهد تحوّلاته النفسية من دون تدخل تفسيري مباشر للقاءات التي يخوضها في الطريق مع غرباء، وتبدّل الأمكنة، والضغط المتواصل الناتج عن السفر، والظروف الاضطرارية التي تعوق ترتيب رحلته وإكمالها بالطريقة التي يريدها، مع إعادة ترتيب الأنشطة والأماكن التي يوجد فيها قبل الوصول إلى والدته.

في الأحداث التي تستمر على مدار أكثر من 90 دقيقة نتابع رحلة «نور» التي تشمل توقفات بعدد من المدن الأوروبية قبل الوصول لوجهته النهائية في باريس؛ توقفات لرغبته في تنفيذ مفاجأة استثنائية لوالدته وهدية لذكرى والده الراحل.

ريهام عبد الغفور مع عدد من الحضور في العرض الخاص (الشركة المنتجة)

الفيلم الذي شارك في بطولته إلى جوار ريهام وآسر كل من هنادي مهنا، وأسماء أبو اليزيد، وعدد من الممثلين الأجانب، كتبه يوسف وجدي، ويخرجه رامي الجندي في أولى تجاربه الإخراجية، في حين صُوّر بين 6 مدن أوروبية مختلفة على مدار أكثر من عام.

وقال المخرج رامي الجندي لـ«الشرق الأوسط» إن نقطة الانطلاق في «خريطة رأس السنة» كانت تحديد زاوية الرؤية للأحداث، وإن القرار الأهم تمثّل في أن يُروى الفيلم بالكامل من داخل وعي الطفل «نور»، فالمتفرج لا يُفترض به أن يرى الشخصيات من الخارج، بل يختبر العالم بذات الدرجة من البراءة والارتباك والأسئلة غير المكتملة التي يعيشها البطل، وهو ما فرض إيقاعاً هادئاً ولغة بصرية تميل إلى المراقبة أكثر من الشرح، وفق تعبيره.

وأوضح الجندي أن «العلاقة بين (نور) و(حبيبة) لا تقوم على المفاجأة أو الاكتشاف، بل على المعرفة المسبقة، وهو ما منح الفيلم مساحة أعمق للاشتغال على الاختبار الإنساني، لا الصدمة الدرامية»، مشيراً إلى أن هذا الاختيار أتاح له التركيز على التفاصيل الصغيرة في العلاقة، وعلى التحوّلات التدريجية في فهم الطفل لمعنى المسؤولية، بدلاً من اللجوء إلى حلول سردية مباشرة.

ولفت المخرج إلى أن «اختيار التصوير في أجواء (الكريسماس) بأوروبا كان تحدياً كبيراً؛ إذ يُعد هذا التوقيت الأصعب من حيث الإجازات والتحكم في المواقع وحركة المدن»، على حد تعبيره، وقال إنه قام بتقسيم التصوير إلى ثلاث مراحل، عبر ست دول أوروبية مختلفة، معتبراً أن السيطرة على هذا الكم من التفاصيل لم تكن سهلة، لكنها كانت حاسمة للحفاظ على الإحساس الحقيقي بالطريق.

وأضاف الجندي أن «العمل مع ممثلين أجانب جرى بالكامل عبر الإنترنت، من خلال شركات متخصصة، وهو ما تطلّب تحضيرات طويلة قبل التصوير».

الملصق الترويجي للفيلم (الشركة المنتجة)

وأكد مؤلف الفيلم يوسف وجدي لـ«الشرق الأوسط» أن العمل لا يتعامل مع «متلازمة داون» بوصفها موضوعاً مستقلاً، بل كجزء من نسيج إنساني أوسع، موضحاً أن «التحدي الحقيقي كان في تجنّب الخطاب المباشر أو التفسير الأخلاقي الجاهز، خصوصاً أن ما شغله منذ البداية مرتبط بطبيعة الاختلاف بين كل حالة، والتفاوت الموجود لدى كل شخص، وكيف يمكن أن يستفيد منه ليعيش حياته بشكل أفضل».

وأضاف وجدي أن «فكرة العمل استُلهمت جزئياً من قضايا حقيقية أُثيرت في فرنسا، تتعلق بالأهلية الأسرية، وبالنظرة القانونية والاجتماعية إلى مفهوم المسؤولية لمن يعاني من (متلازمة داون)»، مشيراً إلى أن هذه القضايا فتحت أمامه مساحة للتفكير في الفجوة بين القانون والمشاعر، وبين ما يُعتبر صحيحاً على الورق وما يحدث فعلياً داخل البيوت والعلاقات اليومية.


معرض تراثي في متحف الحضارة المصرية يحتفي بفنون الخط العربي

الاحتفاء بالخط العربي في المتحف القومي للحضارة المصرية (المتحف القومي للحضارة المصرية)
الاحتفاء بالخط العربي في المتحف القومي للحضارة المصرية (المتحف القومي للحضارة المصرية)
TT

معرض تراثي في متحف الحضارة المصرية يحتفي بفنون الخط العربي

الاحتفاء بالخط العربي في المتحف القومي للحضارة المصرية (المتحف القومي للحضارة المصرية)
الاحتفاء بالخط العربي في المتحف القومي للحضارة المصرية (المتحف القومي للحضارة المصرية)

ضمن فعاليات متنوعة احتفاء باليوم العالمي للغة العربية، استضاف المتحف القومي للحضارة المصرية معرضاً تراثياً لفنون الخط العربي، وتضمنت الفعاليات معرضاً فنياً ضم مجموعة من اللوحات التي تُبرز جماليات فن الخط العربي، إلى جانب معرض متميز لأعمال ومقتنيات عائلة صوفي زاده، شمل لوحات فنية وأفلاماً تسجيلية توثّق مسيرتها الفنية بوصفها رائدة في فنون الخط العربي.

وتحت شعار «إرث يتجدد بخط يتألق»، جاءت الفعاليات المتنوعة، بالتعاون مع سفارة سلطنة عُمان بالقاهرة، وجمعية أصدقاء المتحف القومي للحضارة المصرية، ومشيخة الأزهر الشريف، والمجمع اللغوي بالقاهرة، وعائلة صوفي زاده؛ تأكيداً على الدور المحوري للغة العربية بوصفها أحد أهم روافد الهوية الثقافية والإنسانية.

واحتفلت أكثر من مؤسسة مصرية باليوم العالمي للغة العربية المقرر في 18 ديسمبر (كانون الأول) عبر ندوات وأنشطة ومعارض متنوعة، من بينها: ندوة مشتركة بين كلية دار العلوم ودار الكتب والوثائق القومية، واحتفالية بجامعة الدول العربية، وفعاليات ملتقى القاهرة الدولي للخط العربي الذي أقيم في قصر الفنون وضم لوحات العديد من رواد الخط العربي فضلاً عن الفنانين المعاصرين.

وتسعى الفعاليات التي نظمها متحف الحضارة إلى «نشر الوعي بالتراث المصري وتعزيز قيمه الحضارية، وإيماناً بأهمية اللغة العربية ومكانتها التاريخية بوصفها وعاءً للهوية وذاكرة للأمة»، وفق بيان للمتحف.

وأكد الدكتور الطيب عباس، الرئيس التنفيذي لهيئة المتحف القومي للحضارة المصرية، أهمية هذه الفعاليات في «صون التراث المصري وتعزيز الوعي به»، مشيراً في البيان إلى أن اللغة العربية ليست مجرد أداة للتواصل، بل هي وعاء الحضارة وذاكرة الأمة، وحلقة الوصل بين الماضي والحاضر، بما تحمله من قيم ثقافية وجمالية قادرة على التعبير عن هوية الشعوب وصون تراثها عبر العصور».

ولفت إلى أن مقتنيات المتحف تضم العديد من القطع الأثرية، لا سيما الإسلامية منها، التي تزخر بنماذج راقية من الفنون والزخارف والخطوط العربية، وتعكس تطور الكتابة وجمالياتها عبر العصور، بما يجعلها شاهداً حياً على عبقرية الفنان المصري وقدرة اللغة العربية على التجدد والتألق.

فيما عدّ المستشار محمد شيرين فهمي، رئيس مجلس إدارة جمعية أصدقاء المتحف القومي للحضارة المصرية، اللغة العربية «ركيزة أساسية في حفظ الذاكرة الحضارية المصرية ونقلها إلى الأجيال المتعاقبة»، مشيداً بالدور الذي يقوم به المتحف في صون هذا الإرث الثقافي.

وتضمّنت الفعالية عرض فيلم تسجيلي قصير عن تراث عائلة صوفي زاده، إحدى أعرق العائلات التي توارثت فنون الخط العربي والزخرفة والرسم والنحت والتذهيب عبر خمسة أجيال متعاقبة.

وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة أصدرت قراراً عام 1973 بإدراج اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل بالأمم المتحدة، في 18 ديسمبر، وهي المناسبة التي تم خلالها عدّ هذا اليوم يوماً عالمياً للغة العربية.


مصر: مخاوف متجددة من «فوضى» حفلات الزفاف بالمساجد التاريخية

صحن مسجد محمد علي   (وزارة السياحة والآثار)
صحن مسجد محمد علي (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر: مخاوف متجددة من «فوضى» حفلات الزفاف بالمساجد التاريخية

صحن مسجد محمد علي   (وزارة السياحة والآثار)
صحن مسجد محمد علي (وزارة السياحة والآثار)

تجددت الانتقادات والجدل في أوساط الآثاريين والمهتمين بالسياحة بمصر حول استخدام المواقع الآثارية في استضافة الفعاليات والاحتفالات الجماهيرية الصاخبة، عقب ظهور فيديو يصور عمليات تجهيز مسجد محمد علي بالقلعة لاستقبال حفل زفاف، مساء السبت، وطالب خبراء آثار بالتوقف عن تلك النشاطات، لما تمثله من خطورة بالغة على الأثر، فيما دعا آخرون لفرض مزيد من الإجراءات والضوابط حتى لا تتضرر المواقع وتتعرض للتشويه.

وذكر خبراء آثار أن استضافة المواقع الآثارية حفلات الزفاف وعقد القران، وغير ذلك مما تسمح به وزارة الآثار والسياحة المصرية داخل ساحاتها، يمثل خطراً كبيراً على الأثر، وقال الدكتور فاروق شرف، استشاري ترميم الآثار، ومدير عام إدارة ترميم الآثار الإسلامية والقبطية السابق، إن مسجد محمد علي مبني على أطلال قصر الأبلق، وأغلب الظن أن هناك أسفل المسجد فراغات كثيرة أقيمت فوقها أساساته، وهي على هذه الحال يمكن أن تتأثر سلبياً في حالة تسرب المياه إليها من الأمطار، أو حتى من مخلفات تلك الاحتفالات، مما يؤدي لخلخلة في التربة.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك مخاوف من حدوث أي انهيار في بعض أجزاء المسجد»، مشيراً إلى أن «وجود أعداد ضخمة من الحضور والمعازيم يمكن أن يؤدي لكارثة، يجب أن يوضع كل هذا في الحسبان، من أجل تلافي أي أضرار قد تلحق بالمسجد، ناهيك عن عمليات تجهيز مسرح في صحن المسجد ووضع المقاعد، وما يصاحب كل هذا من عمليات طرق بأدوات شديدة الخطورة على المسجد، تتسم بالاستهتار واللامبالاة في التعامل مع أرضياته الرخامية الأصلية المصنوعة من الألبستر المصري»، على حد تعبيره.

جانب من تنظيم الحفلات بمسجد محمد علي (صورة من فيديو نشرته المرشدة السياحية هدى راضي)

وأظهر فيديو بثته هدى راضي، وهي مرشدة سياحية كانت توجد في المسجد أثناء عمليات تجهيزه لاستقبال عقد قران، عدداً من الأفراد يستخدمون مطارق حديدية ثقيلة، ويقومون برص قوائم من الحديد على أرضيات صحن المسجد، فضلاً عن تجهيزات مسرح، وقالت المرشدة السياحية وهي تستعرض حجم الضجيج الحادث في المكان: «هذا لا يليق بأثر مهم مثل مسجد محمد علي، ناهيك عن حرمة المسجد أصلاً، الرخام معظمه تضرر، وحين تحدثنا مع المسؤولين قالوا إنه غير أصلي، ويمكن استبداله». وأضافت أن «التعامل مع الأثر غير حذر ولا يحترم قيمته، ناهيك عن قدسية المكان بصفته مسجداً تقام فيه الصلاة، ولا يجب أن يشهد مثل هذه الممارسات».

ويتضمن المسجد مئذنتين، ارتفاع كل واحدة منهما 83 متراً، وهما وفق الدكتور فاروق شرف «معرضتان للسقوط حال حدوث أي هبوط أرضي للمسجد». والمئذنتان مصممتان على الطراز العثماني، وتتميزان بانسيابية ورشاقة كبيرة، وتشبهان القلم الرصاص، وعن المردود المالي المتحصل من تأجير المناطق الأثرية في غير ما خُصصت له، يقول شرف: «لا قيمة له، فلن تعوض النقود ضياع أثر يشكل جزءاً من التراث المصري الذي لا يُقدر بثمن».

وأشار إلى أنه مقتنع تماماً بتوظيف الأثر، وليس ضد السعي لتحقيق أي مردود اقتصادي منه، لكن يجب أن يكون هذا وفقاً لشروط تحمي المواقع من أي ضرر، وأضاف: «في أوروبا يفعلون هذا عندما يكون لديهم مكان ذو قيمة تاريخية، لكنهم يمنعون بتاتاً استخدام النار، والمياه، ويوفرون إجراءات تأمين قوية حال حدوث أي طارئ».

من جهته، قال الباحث الآثاري إبراهيم طايع إن «السماح باستخدام المساجد والمواقع الأثرية في الحفلات والفعاليات غير المنضبطة يمثل خطراً داهماً على الآثار»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «طالبنا كثيراً بمنع تلك الممارسات، لكن دون جدوى، وصار مسجد محمد علي مقصداً لحفلات الزفاف، بما فيها من ضجيج وتجهيزات يراها الجميع، ويدركون مخاطرها، ناهيك عما فيها من انتهاك لحرمة المسجد، بصفته مكاناً للصلاة».

بدأ تشييد مسجد محمد علي عام 1830 ميلادياً، واستمر بناؤه 19 عاماً على مساحة 5 آلاف متر، ويتضمن المقبرة التي دفن فيها الملك عام 1849، ويتميز المسجد الذي يحاكي مسجد «السلطان أحمد» بإسطنبول باستخدام المرمر أو الألبستر في تكسية أرضياته وجدرانه، كما يتميز بقباب المآذن المتعددة، وهو المبنى الأكثر بروزاً في القلعة، وبه منبران أحدهما من الخشب المطليّ بالأخضر والذهبي، وهو المنبر الأصلي، بالإضافة إلى منبر آخر من الرخام أضيف إلى المسجد لاحقاً، وفق وزارة السياحة والآثار المصرية.​

من جهتها، قالت أماني توفيق مدير عام قلعة محمد علي لـ«الشرق الأوسط » إن «أي يوم يشهد احتفالاً بالمسجد، تكون هناك مجموعة كاملة تعمل طوال اليوم تتكون من خبراء آثار، وحماية مدنية وفنيين، ورجال أمن يعملون جميعاً على صون المسجد، وتطبيق البروتوكول الموقّع مع شركة (كنوز) المسؤولة عن تنظيم الاحتفالات للحفاظ على المسجد، وفي حالة المخالفة يتم اتخاذ الإجراءات القانونية الكاملة».