البيانات الأميركية «محتجزة» تحت وطأة الإغلاق الحكومي... والأسواق تترقب

«الفيدرالي» محاصر بالضغوط وسط غموض اقتصادي متزايد

إشارة عبور للمشاة مضاءة أمام مبنى الكابيتول في واشنطن (أ.ب)
إشارة عبور للمشاة مضاءة أمام مبنى الكابيتول في واشنطن (أ.ب)
TT

البيانات الأميركية «محتجزة» تحت وطأة الإغلاق الحكومي... والأسواق تترقب

إشارة عبور للمشاة مضاءة أمام مبنى الكابيتول في واشنطن (أ.ب)
إشارة عبور للمشاة مضاءة أمام مبنى الكابيتول في واشنطن (أ.ب)

بدأ الإغلاق الحكومي يوم الأربعاء ليحرم صانعي السياسات والمستثمرين من بيانات اقتصادية أساسية يعتمدون عليها في قراراتهم، في وقت يسوده قدر غير مسبوق من الضبابية بشأن مسار الاقتصاد الأميركي.

ويُتوقع أن يظهر أثر هذا الغياب سريعاً، إذ من المرجح تأجيل صدور التقرير الشهري للوظائف الحكومية المقرر يوم الجمعة، إلى جانب التقرير الأسبوعي حول طلبات إعانات البطالة، وهو مؤشر رئيسي على وتيرة التسريحات ويُنشر عادةً كل خميس، وفق «وكالة أسوشييتد برس».

وإذا كان الإغلاق قصير الأمد، فقد لا تتجاوز تداعياته حدود التعطيل المؤقت. أما إذا امتد لأسابيع أو أكثر، فقد يشكل تحدياً حقيقياً، خصوصاً لمجلس «الاحتياطي الفيدرالي» الذي يكافح لتحديد سعر الفائدة الرئيسي وسط مؤشرات متناقضة: تضخم لا يزال أعلى من هدفه البالغ 2 في المائة، مقابل تباطؤ في وتيرة التوظيف وارتفاع معدل البطالة في أغسطس (آب). ففي العادة، يلجأ الفيدرالي إلى خفض الفائدة مع زيادة البطالة، لكنه يرفعها، أو يثبتها، إذا تسارع التضخم.

ومع اجتماع «الفيدرالي» المقبل يومي 28 و29 أكتوبر (تشرين الأول)، قد يجد صانعو السياسة أمامهم نقصاً في البيانات الفيدرالية المستجدة، رغم التوقعات بأن يُقدِم البنك على خفض جديد للفائدة.

وقال مايكل ليندن، كبير باحثي السياسات في «مركز واشنطن للنمو العادل»، إن «سوق العمل كان مصدر قوة حقيقية للاقتصاد، لكنه تباطأ بوضوح في الأشهر الأخيرة»، مضيفاً: «من المهم معرفة ما إذا كان هذا التباطؤ مؤقتاً أم مستمراً أو حتى متسارعاً».

وكان «الفيدرالي» قد خفض سعر الفائدة ربع نقطة مئوية في وقت سابق من سبتمبر (أيلول)، وأشار إلى أنه مرشح لمزيد من الخفض مرتين إضافيتين هذا العام، مؤكّداً أن قراراته ستبقى رهينة مسار التضخم والبطالة.

ومن المنتظر صدور تقرير رئيسي عن التضخم في 15 أكتوبر، يليه تقرير مبيعات التجزئة الحكومية في اليوم التالي. وقال رئيس «الفيدرالي»، جيروم باول، في مؤتمر صحافي مؤخراً: «نعقد اجتماعات متقاربة وسنواصل النظر بدقة في البيانات».

ورغم تباطؤ التوظيف، تلوح مؤشرات على أن النمو الاقتصادي قد يستعيد بعض زخمه، إذ عزز المستهلكون إنفاقهم، وقدّر بنك «الاحتياطي الفيدرالي» في أتلانتا أن الاقتصاد توسع بوتيرة جيدة في الربع الممتد من يوليو (تموز) إلى سبتمبر، بعد نمو قوي بين أبريل (نيسان) ويونيو.

ويبقى السؤال المحوري أمام «الفيدرالي» ما إذا كان هذا النمو كافياً لإنعاش سوق العمل، وهو ما كان تقرير الوظائف المنتظر يوم الجمعة كفيلاً بإيضاحه. الاقتصاديون توقعوا إضافة 50 ألف وظيفة فقط في سبتمبر، مع بقاء معدل البطالة عند 4.3 في المائة.

وفي «وول ستريت»، يحظى تقرير الوظائف الشهري بمتابعة دقيقة كونه مقياساً رئيسياً لصحة الاقتصاد ومؤشراً لتوجهات السياسة النقدية. وحتى الآن، لا يبدو أن الإغلاق الحكومي أزعج الأسواق، إذ أغلق مؤشر «ستاندرد آند بورز 500»، الأربعاء، على ارتفاع طفيف مسجلاً مستوى قياسياً جديداً.

إلى جانب المستثمرين، تعتمد الشركات الأميركية أيضاً على البيانات الحكومية لتقدير اتجاه الاقتصاد. فمثلاً، يوفّر تقرير مبيعات التجزئة الشهري من وزارة التجارة صورة شاملة عن القوة الشرائية للمستهلكين، وهو عامل أساسي في خطط الشركات للتوسع أو تقليص أعمالها.

وفي ظل غياب البيانات الرسمية، من المرجح أن يركز «الفيدرالي» والاقتصاديون على البيانات الخاصة. فقد أظهرت شركة «إيه دي بي» لخدمات الرواتب يوم الأربعاء أن القطاع الخاص ألغى 32 ألف وظيفة في سبتمبر، ما يعكس ضعفاً إضافياً. لكن كبيرة الاقتصاديين في الشركة، نيلا ريتشاردسون، شددت على أن تقرير «إيه دي بي» لا يُقصد به أن يكون بديلاً عن الإحصاءات الحكومية، لافتةً إلى أن غياب البيانات الرسمية من قطاعات مثل الوكالات الحكومية يجعل الصورة غير مكتملة.

وأوضحت: «الاعتماد على مزيج من بيانات القطاعين الخاص والعام يمنحنا رؤية أفضل لاقتصاد شديد التعقيد في عالم لا يقل تعقيداً».

ويظل مجلس «الاحتياطي الفيدرالي»، بمنأى عن تداعيات الإغلاق، إذ يمول أنشطته من أرباح السندات والأوراق المالية التي يمتلكها، وسيواصل إصدار بياناته الشهرية الخاصة بالإنتاج الصناعي، بما يشمل التعدين والتصنيع والخدمات، على أن يُنشر التقرير التالي في 17 أكتوبر.


مقالات ذات صلة

وول ستريت تتسم بالهدوء والترقب قبيل قرار الاحتياطي الفيدرالي

الاقتصاد متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)

وول ستريت تتسم بالهدوء والترقب قبيل قرار الاحتياطي الفيدرالي

تذبذبت مؤشرات الأسهم الرئيسية في وول ستريت بين مكاسب وخسائر طفيفة، يوم الخميس، حيث قام المستثمرون بتحليل مجموعة من البيانات لتحديد توقعاتهم بشأن الفائدة.

«الشرق الأوسط» (نيويوك)
الاقتصاد الرئيس دونالد ترمب محاطاً بعدد من كبار تنفيذيي صناعة السيارات الأميركية في المكتب البيضاوي يوم 3 ديسمبر الحالي (أ.ف.ب)

ترمب ينقلب على معايير «الكفاءة الخضراء»

في خطوة تُعدّ انقلاباً مباشراً على إرث إدارة جو بايدن، أعلن الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، عن خطة شاملة لخفض معايير الكفاءة في استهلاك الوقود للسيارات والشاحنات.

إيلي يوسف (واشنطن)
الاقتصاد من داخل معرض وظيفي للموظفين الفيدراليين المفصولين حديثاً في كانساس سيتي مارس 2025 (رويترز)

انخفاض طلبات إعانة البطالة الأميركية إلى أدنى مستوى منذ 3 سنوات

انخفض عدد المتقدمين الجدد للحصول على إعانات البطالة بالولايات المتحدة الأسبوع الماضي إلى أدنى مستوى له منذ أكثر من ثلاث سنوات في إشارة إلى صمود سوق العمل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد لافتة «نوظف الآن» معلّقة على نافذة صالون حلاقة بمدينة ميدفورد الكبرى في ولاية ماساتشوستس (رويترز)

تراجع حاد في تسريحات العمال الأميركيين رغم استمرار تباطؤ التوظيف

تراجعت عمليات تسريح العمالة المعلنة من جانب أصحاب العمل الأميركيين بشكل حاد خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، غير أن نيات التوظيف واصلت التباطؤ.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد سكوت بيسنت يتحدث خلال قمة «نيويورك تايمز ديلبوك 2025» في مركز جاز لينكولن (أ ف ب)

بيسنت متفائل بموافقة المحكمة العليا على رسوم ترمب الجمركية

أعرب وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت، يوم الأربعاء، عن تفاؤله بأن المحكمة العليا ستؤيِّد قانونية الرسوم الجمركية الشاملة التي فرضها الرئيس دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (نيويورك )

دراسة: شركات سويسرية تخطط لنقل عملياتها إلى الخارج لمواجهة الرسوم

علم سويسرا في ميناء جنيف (رويترز)
علم سويسرا في ميناء جنيف (رويترز)
TT

دراسة: شركات سويسرية تخطط لنقل عملياتها إلى الخارج لمواجهة الرسوم

علم سويسرا في ميناء جنيف (رويترز)
علم سويسرا في ميناء جنيف (رويترز)

أظهرت دراسة أجرتها جمعية الأعمال «إيكونومي سويس»، أن الشركات السويسرية تخطط لنقل جزء من عملياتها وإنتاجها إلى الخارج لمواجهة تأثير الرسوم الجمركية الأميركية.

واستطلعت الدراسة آراء أكثر من 400 شركة قبل وبعد موافقة سويسرا الشهر الماضي، على اتفاق لخفض الرسوم الجمركية الأميركية من 39 في المائة إلى 15 في المائة، حيث حدد نحو ربع الشركات بالفعل خطوات ملموسة ستتخذها، وفق «رويترز».

وأشارت الدراسة إلى أن ما يقرب من ثلث هذه الشركات قررت زيادة استثماراتها خارج سويسرا، ونقل إنتاجها وعملياتها إلى الخارج. وأفاد نحو 16 في المائة من الشركات بأنها ستنقل عملياتها إلى دول خارج الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة، فيما ستتجه 10 في المائة إلى الولايات المتحدة، و5 في المائة أخرى نحو الاتحاد الأوروبي.

وشملت الخيارات الأخرى البحث عن أسواق جديدة، ورفع الأسعار، وحتى تعليق الصادرات إلى الولايات المتحدة.

وقال رودولف مينش، كبير الاقتصاديين في «إيكونومي سويس»، إن نقل العمليات والاستثمار في الخارج لم يضر بسويسرا، التي تظل وجهةً تجارية جاذبة، مع التأكيد على ضرورة الحفاظ على الوظائف التي تتطلب مهارات عالية وأنشطة البحث والتطوير.

وكجزء من الاتفاق، تعهدت برن أيضاً باستثمارات بقيمة 200 مليار دولار من شركاتها في الولايات المتحدة، ما أثار مخاوف بشأن التأثير الاقتصادي المحتمل على المدى الطويل.

وأشار بنك «يو بي إس» إلى أنه في حال نقل صناعة الأدوية - أكبر قطاع تصدير في سويسرا - جميع إنتاجها المتجه إلى الولايات المتحدة إلى هناك، فإن النمو الاقتصادي التراكمي السويسري على مدى 5 سنوات سينخفض من 10 في المائة إلى 7.7 في المائة.

وأضاف مينش أن سويسرا أصغر من أن تستوعب مبلغ 200 مليار دولار، لكنها تمتلك تاريخاً طويلاً في الاستثمار بالخارج، وقد ساعدت هذه الاستثمارات أيضاً في تأمين فرص عمل داخل البلاد.


حكومة اليابان تترقب مستقبل الفائدة وتحركات الين

زوار لجناح بأحد معارض الألعاب في بلدة تشيبا قرب العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)
زوار لجناح بأحد معارض الألعاب في بلدة تشيبا قرب العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)
TT

حكومة اليابان تترقب مستقبل الفائدة وتحركات الين

زوار لجناح بأحد معارض الألعاب في بلدة تشيبا قرب العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)
زوار لجناح بأحد معارض الألعاب في بلدة تشيبا قرب العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)

أكّد وزراء في الحكومة اليابانية، يوم الجمعة، أن تحديد أدوات السياسة النقدية يظل من اختصاص بنك اليابان بالكامل، وذلك وسط توقعات متزايدة بأن يقدم البنك على رفع أسعار الفائدة خلال اجتماعه في ديسمبر (كانون الأول) الجاري. وقال وزير إنعاش الاقتصاد مينورو كيووتشي إن الحكومة «تأمل أن يواصل بنك اليابان إدارة السياسة النقدية بالشكل المناسب لتحقيق استقرار التضخم عند 2 في المائة، بالتعاون الوثيق مع الحكومة»، مضيفاً أن قرار رفع الفائدة وآلياته أمر يعود للبنك المركزي وحده.

وفي مؤتمر منفصل، أعرب كبير أمناء مجلس الوزراء مينورو كيّهارا عن قلق طوكيو من التحركات السريعة من جانب واحد في سوق العملات، خصوصاً مع تراجع الين لمستويات قرب 155 للدولار. وقال كيّهارا: «نراقب السوق عن كثب، ومستعدون لاتخاذ الإجراءات المناسبة ضد التحركات المفرطة أو غير المنتظمة، بما في ذلك سلوكيات المضاربة». وتأتي تلك التصريحات في حين يقترب بنك اليابان من إنهاء مرحلة أسعار الفائدة شديدة الانخفاض بعد عقود من السياسات التيسيرية.

وفي تحليل نشرته «رويترز»، أفاد مسؤولون بأن رئيسة الوزراء ساناي تاكايتشي بدأت تنتهج خطاباً أكثر حذراً تجاه الأسواق بعد ارتفاع حاد في عوائد السندات اليابانية طويلة الأجل إلى أعلى مستوياتها منذ 2007. وخلال اجتماع مع فريقها الاقتصادي في 17 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عرضت وزيرة المالية ساتسوكي كاتاياما على تاكايتشي مخططاً يوضح تسارع عمليات بيع السندات وارتفاع تكلفة الاقتراض، وهو ما جعل تعبيرات رئيسة الوزراء «أكثر جدية»، وفق مصدر مطّلع. وتاكايتشي، التي تُعد من ورثة «أبينوميكس»، تواجه تحدياً كبيراً في تمويل خطتها التحفيزية البالغة 137 مليار دولار، والمعتمدة في جزء كبير منها على إصدار ديون جديدة. وتحاول رئيسة الوزراء تهدئة الأسواق، نافية أن تواجه اليابان سيناريو مشابهاً لـ«صدمة تراس» في بريطانيا عام 2022، التي شهدت انهيار السندات والإطاحة بالحكومة على خلفية تمويل خطط إنفاق غير ممولة.

وتكشف التحليلات أن تراجع مشتريات بنك اليابان وشركات التأمين المحلية يضع عبئاً كبيراً على سوق السندات؛ إذ تشير تقديرات بنك أوف أميركا إلى أن صافي المعروض سيرتفع بـ11 تريليون ين إضافية في 2026. وقال مدير محافظ في طوكيو: «خطة تاكايتشي تعتمد على نمو اقتصادي قوي... لكن إذا لم يتحقق هذا النمو، فلن يبقى إلا جبل الديون». كما بدأ بعض المستثمرين بالرهان على مزيد من انخفاض الين وارتفاع عوائد السندات، بسبب التوقعات برفع الفائدة قريباً.

من جانبه، قال محافظ بنك اليابان كازو أويدا إن هناك «عدم يقين» بشأن المستوى المناسب لرفع الفائدة مستقبلاً، لافتاً إلى أن المعدل الطبيعي (الحيادي) في اليابان يتراوح بين 1 في المائة و2.5 في المائة. ومن المتوقع أن يصبح مؤتمر أويدا الصحافي في 19 ديسمبر (كانون الأول) الحدث الأكثر أهمية للأسواق، مع محاولة المستثمرين استشراف مسار التشديد النقدي في 2026.


الاقتصاد اليوناني يواصل تعافيه في الربع الثالث

إشعال الشعلة الأولمبية في معبد البارثينيون بجبل أكروبوليس في اليونان (أ.ف.ب)
إشعال الشعلة الأولمبية في معبد البارثينيون بجبل أكروبوليس في اليونان (أ.ف.ب)
TT

الاقتصاد اليوناني يواصل تعافيه في الربع الثالث

إشعال الشعلة الأولمبية في معبد البارثينيون بجبل أكروبوليس في اليونان (أ.ف.ب)
إشعال الشعلة الأولمبية في معبد البارثينيون بجبل أكروبوليس في اليونان (أ.ف.ب)

يواصل الاقتصاد اليوناني مسار التعافي بثبات، بعدما سجل نمواً بنسبة 0.6 في المائة في الربع الثالث من 2025 مقارنة بالربع السابق، مدفوعاً بارتفاع الاستثمارات وتحسن الاستهلاك المحلي، وفقاً للبيانات الأولية الصادرة عن هيئة الإحصاء اليونانية يوم الجمعة.

وجرى تعديل نمو الربع الثاني بالخفض إلى 0.4 في المائة، إلا أن الربع الثالث أظهر ديناميكية أقوى في القطاعات الإنتاجية والاستهلاكية، في مؤشر على استمرار زخم النمو رغم الضغوط التي تواجه الاقتصاد الأوروبي عموماً.

وأظهرت البيانات المعدلة موسمياً ارتفاع الإنفاق الاستهلاكي النهائي بنسبة 0.6 في المائة، حيث ارتفع استهلاك الأسر بنسبة 1.2 في المائة، وزاد إنفاق القطاع الحكومي بنسبة 2.3 في المائة. ويعكس هذا الاتجاه تحسناً في ثقة المستهلكين، وتوسّعاً في الطلب المحلي، وهو عامل أساسي في اقتصاد يعتمد على الاستهلاك والسياحة.

وسجّل إجمالي تكوين رأس المال الثابت، وهو مؤشر رئيسي لقياس الاستثمار في الأصول طويلة الأجل، مثل المنشآت والبنية التحتية، ارتفاعاً لافتاً بلغ 3.5 في المائة، مقارنة بالربع السابق. ويأتي هذا التحسن في إطار سعي أثينا إلى جذب مزيد من الاستثمارات المدعومة بإصلاحات هيكلية وبرامج تمويل أوروبية ضمن خطة التعافي من آثار الجائحة.

كما سجّلت الصادرات، وخدمات السياحة التي تُعد ركيزة مهمة للدخل القومي، ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.2 في المائة. وفي حين تراجعت الواردات إجمالاً بنسبة 1.6 في المائة، وكانت الواردات السلعية الأكثر تأثراً بتراجع بلغ 2.3 في المائة، فقد ارتفعت واردات الخدمات 1 في المائة. وساهم تراجع الواردات في تخفيف الضغط على الميزان التجاري خلال الربع الثالث.

وفي تطور لافت يعزز صورة التعافي الاقتصادي، انخفض معدل البطالة في اليونان خلال الربع الثالث إلى 8.2 في المائة، مقارنة بـ8.6 في المائة في الربع الثاني، وفق بيانات هيئة الإحصاء الصادرة يوم الخميس. وحسب الأرقام، فقد بلغت البطالة بين النساء 10.6 في المائة مقابل 6.2 في المائة للرجال. وكان ما يقرب من 59 في المائة من العاطلين عن العمل هم من العاطلين لفترات طويلة (12 شهراً فأكثر). ويمثل هذا المعدل الأدنى للبطالة منذ أكثر من عقد، في بلد كان قد سجّل معدلات بطالة تجاوزت 27 في المائة خلال الأزمة الاقتصادية التي ضربته قبل سنوات.

وتعتمد اليونان في نموها على مزيج من نشاط السياحة القوي وارتفاع الاستهلاك المحلي وتحسّن الاستثمارات المرتبطة بخطة التعافي الأوروبية، إضافة إلى إصلاحات مالية وهيكلية دعمت ثقة المستثمرين. ومع ذلك، لا تزال التحديات قائمة، بما في ذلك ارتفاع الأسعار، وتكاليف الاقتراض الأوروبية، واستمرار حساسية الاقتصاد تجاه أي تباطؤ في قطاع السياحة... لكن بيانات الربع الثالث تعطي انطباعاً بأن اليونان تسير بثبات نحو تعزيز نموها الاقتصادي بعد سنوات من التقشف والأزمات.