ما بعد بريغوجين: تراجع النفوذ الروسي في أفريقيا يفتح الباب أمام عودة الغرب

منح خصوم موسكو فرصة للتحرك

عناصر من مجموعة «فاغنر» و«فيلق أفريقيا» أرسلتهم روسيا لمساعدة جيوش بلدان الساحل على التصدي للمتطرفين (أرشيفية - متداولة)
عناصر من مجموعة «فاغنر» و«فيلق أفريقيا» أرسلتهم روسيا لمساعدة جيوش بلدان الساحل على التصدي للمتطرفين (أرشيفية - متداولة)
TT

ما بعد بريغوجين: تراجع النفوذ الروسي في أفريقيا يفتح الباب أمام عودة الغرب

عناصر من مجموعة «فاغنر» و«فيلق أفريقيا» أرسلتهم روسيا لمساعدة جيوش بلدان الساحل على التصدي للمتطرفين (أرشيفية - متداولة)
عناصر من مجموعة «فاغنر» و«فيلق أفريقيا» أرسلتهم روسيا لمساعدة جيوش بلدان الساحل على التصدي للمتطرفين (أرشيفية - متداولة)

بعد مرور عامين على وفاة يفغيني بريغوجين، زعيم مجموعة «فاغنر» الروسية، تبدو خطط الكرملين في القارة الأفريقية وكأنها تواجه اختباراً صعباً يكشف حدود النفوذ الروسي هناك؛ فقد كان بريغوجين قد بنى لنفسه مكانة قوية داخل عدد من العواصم الأفريقية، عبر الجمع بين المرتزقة والمصالح التجارية والالتفاف على الضغوط الغربية.

لكن انهيار شبكته العسكرية والتجارية بعد تمرده على الرئيس فلاديمير بوتين ثم مقتله في حادث تفجير طائرته، ترك فراغاً لم يتمكن «فيلق أفريقيا» الجديد التابع لوزارة الدفاع الروسية من ملئه بالفاعلية نفسها.

تجد موسكو نفسها اليوم في موقع دفاعي بعدما كانت توصف قبل فترة وجيزة بأنها قوة صاعدة في أفريقيا. فالفيلق الذي أسسته لتولي أدوار «فاغنر»، فشل في إعادة إنتاج النجاحين المالي والسياسي الذي ميز المرحلة السابقة. بعض مشاريع «فاغنر» في مالي وأفريقيا الوسطى والسودان انهارت أو تقلصت، فيما أبدت المجالس العسكرية في مالي والنيجر وبوركينا فاسو نوعاً من «ندم المشتري»، بعد أن طردت القوات الغربية وقبلت بالدعم الروسي.

متظاهرون يرفعون لافتة كُتب عليها «شكراً فاغنر» خلال تجمع جماهيري في باماكو في 19 فبراير 2022 بعد أن أعلنت فرنسا انسحاب قواتها من مالي (أ.ف.ب)

بحسب تقرير في «وول ستريت جورنال»، يقول مسؤول عسكري أميركي رفيع إن بعض هذه الحكومات باتت تبحث من جديد عن قنوات تعاون مع واشنطن، ولو في شكل تدريبات محدودة، بعدما تبين أن الرهان على موسكو لم يوفر الأمن الموعود.

في المقابل، ترى الاستراتيجيات الغربية أن تراجع موسكو يفتح نافذة لإعادة التموضع في الساحل الأفريقي. غير أن القوانين الأميركية التي تقيد التعامل مع الأنظمة العسكرية تدفع واشنطن للبحث عن بدائل، مثل تدريب قوات محلية في دول ثالثة، فيما تجري شركات أمنية خاصة، مثل تلك التي يديرها الأميركي إريك برينس، محادثات مع عواصم أفريقية لتقديم خدماتها.

هذا التنافس يعكس تراجع اليد الروسية في المنطقة التي شهدت خلال العام الماضي سقوط نحو 11 ألف قتيل، بسبب تمرد جماعات إسلامية متطرفة، نصفهم تقريباً في معارك مباشرة، وفق بيانات مركز أفريقيا للدراسات الاستراتيجية.

صورة من مقطع فيديو نُشر 20 مايو 2023 على «تلغرام» التابع للخدمة الصحافية لشركة «كونكورد» المرتبطة برئيس «فاغنر» يفغيني بريغوجين الذي يظهر واقفاً أمام عَلَم وطني روسي مع جنوده (أ.ف.ب)

حضور «فاغنر» في مالي شكّل نموذجاً صارخاً لفشل موسكو في تحويل المرتزقة إلى مكسب استراتيجي؛ فرغم أن باماكو دفعت 10 ملايين دولار شهرياً للمرتزقة، منذ أواخر 2021؛ فإن النتائج جاءت عكسية. تقارير بحثية، بينها تقرير صادر عن منظمة «سينتري» المناهضة للفساد، كشفت أن عمليات «فاغنر» في مالي اتسمت بالعشوائية والقسوة، إذ ارتكب المرتزقة مجازر ضد المدنيين، وأثاروا الرعب داخل المؤسسة العسكرية؛ ما أدى إلى تقويض التعاون المحلي وزيادة فرص تجنيد المتمردين. وحتى المشاريع الاقتصادية التي روجت لها «فاغنر» لم تحقق عائداً، إذ لم يتمكن مقاتلوها من الوصول إلى مناجم الذهب التي كانوا يعوّلون عليها بسبب انعدام الأمن، فيما تأخر دفع مستحقاتهم لأشهر.

عناصر «فاغنر» في مالي (أ.ب)

رحيل «فاغنر» من مالي منتصف 2024 مثّل اعترافاً ضمنياً بالفشل. وحين حاول «فيلق أفريقيا» ملء الفراغ والتأكيد على التزام موسكو، لم تمضِ أيام حتى تعرضت قافلة مشتركة من قواته والقوات المالية لكمين في شمال البلاد أدى إلى مقتل العشرات وتدمير نصف عرباته المدرعة. وفي أفريقيا الوسطى، التي كانت أحد أبرز مراكز نفوذ «فاغنر»، اقتصرت أنشطة الروس الجدد على التدريب العسكري داخل الثكنات، فيما يتعرضون لضغط من موسكو لإعادة التفاوض على عقود مالية مباشرة، ما قلل من تأثيرهم الفعلي على الأرض.

أما في السودان؛ فقد انهارت الشراكة التي رعتها «فاغنر» هناك، بعد مقتل بريغوجين. محاولات موسكو لتأمين مناجم الذهب وحمايتها باءت بالفشل، مع تعرضها لهجمات وعمليات سطو، وصولاً إلى انسحاب الحراس الروس في منتصف 2025. وفي بوركينا فاسو، لم يختلف المشهد كثيراً؛ إذ استدعيت قوة روسية صغيرة للقتال في أوكرانيا بعد بضعة أشهر من وصولها، بينما يقتصر وجود الفيلق حالياً على مهام محدودة في مجال الطائرات المسيّرة وحماية قائد المجلس العسكري.

أرشيفية لعنصرين من «فاغنر» في مالي (متداولة)

هذا التراجع الروسي منح خصوم موسكو فرصة للتحرك؛ فقد زار مبعوثون أميركيون وفرنسيون عدداً من العواصم الأفريقية لبحث سبل استئناف التعاون العسكري، فيما أرسلت باريس عناصر لتدريب قوات أفريقية في أراضيها. بالنسبة إلى العديد من الأنظمة التي انجذبت في البداية إلى وعود بريغوجين بالدعم غير المشروط، باتت النتائج مخيبة، لا سيما بعد أن تبيّن أن موسكو، المنخرطة أساساً في حرب أوكرانيا، لا تملك الموارد الكافية لتأمين حضور فاعل في أكثر من جبهة.

خبراء أمنيون غربيون يرون أن إخفاقات «فاغنر» و«فيلق أفريقيا» تكشف محدودية القوة الروسية عندما تغيب القيادة الفردية والمرونة المالية التي كان بريغوجين يوفرها. فروسيا الرسمية، المحكومة بقيود بيروقراطية وتحديات عسكرية داخلية، لم تتمكن من تحويل وجودها العسكري إلى نفوذ سياسي واقتصادي مستدام. على العكس، ساهمت تدخلاتها في تدهور الوضع الأمني في الساحل، الذي تحول اليوم إلى ساحة مواجهة بين الإرهابيين والغرب، في ظل فراغ لم تعد موسكو قادرة على ملئه.

عناصر «فاغنر» في مالي (أ.ب)

المرحلة التي تلت بريغوجين أظهرت بوضوح أن روسيا، رغم طموحاتها، عاجزة عن ترسيخ حضور طويل الأمد في أفريقيا بالأسلوب الذي حاولت فاغنر ابتكاره. وبينما تحاول موسكو إعادة صياغة أدواتها، عبر «فيلق أفريقيا»، تبدو أبواب القارة مفتوحة مجدداً أمام منافسين دوليين، من الولايات المتحدة وفرنسا، إلى لاعبين من القطاع الخاص، وهو ما يضعف الرهان الروسي على أن أفريقيا ستظل إحدى ساحات نفوذه الصاعدة في عالم ما بعد الحرب الباردة.


مقالات ذات صلة

المحكمة الدولية: عقد جلسات استماع في غياب بوتين ونتنياهو وارد

أوروبا مبنى المحكمة الدولية في لاهاي (رويترز)

المحكمة الدولية: عقد جلسات استماع في غياب بوتين ونتنياهو وارد

اعتبر نائب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أن عقد جلسات استماع في غياب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وارد.

«الشرق الأوسط» (لاهاي)
أوروبا مبنى يضم مكاتب حكومية في جمهورية الشيشان ضربته مسيرة اليوم (الإعلام الروسي)

موسكو: مسيّرة تضرب برجاً في الشيشان واندلاع حريق

ضربت مسيّرة، اليوم (الجمعة)، مبنى يضم مكاتب حكومية في جمهورية الشيشان الروسية، ما أدى إلى اندلاع حريق امتد على عدة طوابق.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
تحليل إخباري المستشار الألماني ميرتس مع الرئيس الفرنسي ماكرون ورئيس الوزراء الكندي كارني (رويترز) play-circle

تحليل إخباري انقسام غربي وتخوّف أوروبي من «سلام أميركي متسرّع» في أوكرانيا

يتعاظم القلق الأوروبي من النهج الأميركي في إدارة مفاوضات السلام مع موسكو. فالتسارع عزَّز مخاوف من «اتفاق متعجِّل» قد يدفع أوكرانيا إلى تقديم تنازلات غير مضمونة.

إيلي يوسف (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ترمب وإنفانتينو في حديث سابق حول المونديال (أ.ف.ب)

لماذا يُثير حصول ترمب على «جائزة فيفا للسلام» جدلاً؟

يُتوقع أن يُسلم رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) جياني إنفانتينو، للرئيس الأميركي دونالد ترمب "جائزة الفيفا للسلام" عند إجراء قرعة كأس العالم يوم الجمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن )
أوروبا حريق في منطقة ستافروبول (أرشيفية)

الجيش الأوكراني يعلن استهداف مصنع كبير للكيماويات في جنوب روسيا

قال الجيش الأوكراني في ساعة متأخرة من يوم الخميس إن قواته ضربت مصنعا كبيرا للمواد الكيميائية في منطقة ستافروبول بجنوب روسيا، ما أدى إلى اندلاع حريق.

«الشرق الأوسط» (كييف)

بعد ساعات من استضافة ترمب اجتماعاً للسلام... القتال يحتدم في الكونغو

ترمب متوسطاً رئيس رواندا بول كاغامي (يسار) ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)
ترمب متوسطاً رئيس رواندا بول كاغامي (يسار) ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)
TT

بعد ساعات من استضافة ترمب اجتماعاً للسلام... القتال يحتدم في الكونغو

ترمب متوسطاً رئيس رواندا بول كاغامي (يسار) ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)
ترمب متوسطاً رئيس رواندا بول كاغامي (يسار) ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)

احتدم القتال في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية اليوم (الجمعة)، بعد يوم واحد من استضافة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لزعيمي الكونغو ورواندا في واشنطن لتوقيع اتفاقات جديدة تهدف إلى إنهاء سنوات من الصراع في منطقة غنية بالمعادن، حسب ما نشرت «رويترز».

وأكد الرئيس الرواندي بول كاغامي، ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي، أمس الخميس، التزامهما باتفاق السلام الذي توسطت فيه الولايات المتحدة في يونيو (حزيران) لتوطيد الاستقرار، وفتح الباب أيضاً أمام المزيد من الاستثمارات الغربية في مجال التعدين.

وقال ترمب، الذي تدخلت إدارته في سلسلة من النزاعات حول العالم لتعزيز صورته صانعاً للسلام، وكذلك لتعزيز المصالح التجارية الأميركية: «إننا نضع حلاً لحرب دائرة منذ عقود».

ولكن على أرض الواقع، استمر القتال العنيف مع تبادل الاتهامات بين الأطراف المتحاربة.

وقالت حركة «23 مارس» المدعومة من رواندا، التي استولت على أكبر مدينتين في شرق الكونغو في وقت سابق من هذا العام، وغير ملزمة باتفاق واشنطن، إن القوات الموالية للحكومة تشن هجمات واسعة النطاق.

ومن ناحيته، قال متحدث باسم جيش الكونغو الديمقراطية إن الاشتباكات مستمرة، وإن القوات الرواندية تشن هجمات قصف.

ويقول محللون إن الجهود الدبلوماسية الأميركية أوقفت تصعيد القتال في شرق الكونغو لكنها فشلت في حل القضايا الجوهرية، مشيرين إلى عدم وفاء الكونغو ورواندا بالتعهدات التي قطعها الجانبان في اتفاق يونيو (حزيران).

وأظهرت مقاطع فيديو نشرت على الإنترنت الجمعة عشرات العائلات النازحة وهي تفر سيراً على الأقدام مع أخذ الأمتعة والماشية في إقليم جنوب كيفو بشرق الكونغو.

اقرأ أيضاً


بوركينا فاسو تعيد عقوبة الإعدام لمواجهة توسع الإرهاب

الكابتن إبراهيم تراوري خلال ترؤسه اجتماع الحكومة أمس الخميس (وكالة أنباء بوركينا فاسو)
الكابتن إبراهيم تراوري خلال ترؤسه اجتماع الحكومة أمس الخميس (وكالة أنباء بوركينا فاسو)
TT

بوركينا فاسو تعيد عقوبة الإعدام لمواجهة توسع الإرهاب

الكابتن إبراهيم تراوري خلال ترؤسه اجتماع الحكومة أمس الخميس (وكالة أنباء بوركينا فاسو)
الكابتن إبراهيم تراوري خلال ترؤسه اجتماع الحكومة أمس الخميس (وكالة أنباء بوركينا فاسو)

قررت السلطات العسكرية في بوركينا فاسو، الخميس، إعادة العمل بعقوبة الإعدام التي أُلغيت عام 2018، خصوصاً فيما يتعلق بتهمة الإرهاب والخيانة العظمى والتجسس، في وقت يعيش فيه البلد تصاعداً في الهجمات الإرهابية التي تنفذها مجموعة مرتبطة بتنظيمي «القاعدة» و«داعش».

وأُعلن القرار في بيان صادر عقب اجتماع مجلس الوزراء، وقالت الحكومة إنها صدّقت على «مشروع قانون العقوبات»، الذي يحدد عقوبات صارمة تجاه عدد كبير من الجرائم والجنايات، ذات الطابع الأمني والاقتصادي والسياسي.

وأضافت الحكومة موضحة أن مشروع القانون «يُعيد العمل بعقوبة الإعدام لعدد من الجرائم، من بينها الخيانة العظمى، والأعمال الإرهابية، وأعمال التجسس، وغيرها».

وقال وزير العدل وحقوق الإنسان، إداسو رودريغ بايالا، في بيان الحكومة، إن اعتماد هذا المشروع «يندرج ضمن الإصلاحات الواسعة التي يشهدها القطاع، بهدف تحقيق عدالة تلبي التطلعات العميقة للشعب».

كما يتضمن مشروع القانون الجديد تجريم «الترويج والممارسات المثلية والأفعال المرتبطة بها»، وفق ما أعلنته الحكومة، علماً بأنه سبق أن اعتمدت بوركينا فاسو في سبتمبر (أيلول) الماضي قانوناً يستهدف «مرتكبي الممارسات المثلية» بعقوبات تصل إلى خمس سنوات سجناً.

غرامات وأعمال مفيدة

أوضح الوزير رودريغ بايالا أن مشروع القانون اعتمد «العمل للمصلحة العامة» بوصفه عقوبة رئيسية، وهو ما يعني إحلال عقوبة تقوم على إلزام الشخص المحكوم عليه بأداء أعمال مفيدة للمجتمع، تحت إشراف السلطات، ووفق ضوابط قانونية محددة، محل بعض العقوبات التقليدية، مثل السجن أو الغرامة.

في غضون ذلك، شهدت الغرامات المالية المرتبطة بجميع المخالفات، سواء الجنح أو الجرائم، زيادة ملحوظة في مشروع القانون الجديد؛ إذ ارتفع الحد الأدنى للغرامة من 250 ألف فرنك أفريقي (450 دولاراً أميركياً) إلى 500 ألف فرنك أفريقي (900 دولار أميركي).

لقطة من فيديو لمعسكر تدريب لمقاتلي «القاعدة» في بوركينا فاسو (تواصل اجتماعي)

وأشار الوزير إلى أن العقوبات المتعلقة بسلامة المرور «رُفعت بشكل خاص، لأننا لاحظنا أن 90 إلى 95 في المائة من حوادث السير التي تفجع الأسر البوركينابية سببها المستخدمون أنفسهم»، على حد تعبيره.

وحول الجرائم الاقتصادية، مثل الاختلاس وأعمال الفساد، يمكن أن تصل العقوبات إلى السجن المؤبد عندما تتجاوز قيمة الأموال المختلسة، أو موضوع الجريمة، 5 مليارات فرنك أفريقي (نحو 9 ملايين دولار أميركي)، حسب الوزير.

في انتظار قرار البرلمان

من أجل أن يصبح مشروع القانون الجديد ساري المفعول، لا بد من موافقة الجمعية التشريعية الانتقالية التي أنشأتها السلطة العسكرية، بوصفها بديلاً للبرلمان الذي تم حله في أعقاب الانقلاب العسكري.

ويتوقع المراقبون أن مشروع القانون الجديد لن يجد أي مشكلة أمام الجمعية التشريعية الانتقالية، حيث تتماهى هذه الجمعية مع سياسات الحكومة، ولم يسبق أن رفضت أي قانون مقترح من طرف السلطة التنفيذية.

وحسب منظمة العفو الدولية، فإن آخر تنفيذ لعقوبة الإعدام في بوركينا فاسو كان عام 1988، خلال حكم الرئيس الأسبق توماس سانكارا، وهو أيقونة التحرر الأفريقي، ويتخذ منه الرئيس الحالي إبراهيم تراوري نموذجاً.

لكن عقوبة الإعدام أُلغيت في بوركينا فاسو منذ عام 2018، في عهد الحكومة المدنية برئاسة روش مارك كريستيان كابوري الذي أُطيح به في انقلاب عسكري عام 2021، ويحكم البلاد منذ 2022 الكابتن إبراهيم تراوري، ومنذ وصوله إلى السلطة، انتهج تراوري سياسات مناهضة للغرب، وابتعد عن فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة، في الوقت الذي عزز فيه علاقاته مع روسيا.

توسع الإرهاب

رغم التحالف مع روسيا وإعادة هيكلة الجيش في بوركينا فاسو، لا يزال الإرهاب يتوسع في البلاد، حيث تشير تقارير إلى أن الجماعات الإرهابية تسيطر على أكثر من 40 في المائة من مساحة البلد الواقع في غرب أفريقيا.

وكثفت «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين»، التابعة لتنظيم «القاعدة»، هجماتها في شمال وشرق بوركينا فاسو خلال الأسابيع الأخيرة، وأعلنت، الخميس، أنها سيطرت على ثكنة عسكرية في قرية باكاسولوغو، في ولاية كايا، الواقعة في الوسط الشرقي من بوركينا فاسو.

كما نشرت الجماعة الإرهابية مقطع فيديو دعائياً، الجمعة، يظهر معسكر تدريب لمقاتليه في بوركينا فاسو، ويكشف الفيديو عن وجود مئات المقاتلين في المعسكر، يرتدون ملابس شبه عسكرية، ويقومون بحركات قتالية.


النيجر تتهم «أورانو» الفرنسية بالتسبب في تلوث إشعاعي

منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)
منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)
TT

النيجر تتهم «أورانو» الفرنسية بالتسبب في تلوث إشعاعي

منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)
منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)

اتهمت النيجر شركة «أورانو» الفرنسية للوقود النووي بـ«السلوك الاستغلالي» وارتكاب جرائم بيئية، في تصعيد جديد لنزاع محتدم حول السيطرة على مناجم اليورانيوم في الدولة الواقعة بغرب أفريقيا.

وذكرت الحكومة التي يقودها الجيش أن شركة «أورانو» يمكن أن تواجه إجراءات جنائية بتهمة ارتكاب «جرائم جماعية» بعد أن أفادت السلطات بالعثور على 400 برميل من المواد الأساسية المشعة في منطقة ماداويلة بالقرب من منطقة أرليت.

وقالت شركة «أورانو»، المملوكة بنسبة 90 بالمائة للدولة الفرنسية، إنها لم تتلقَّ أي إشعار رسمي بالإجراءات القانونية، ونفت العمل في منطقة ماداويلة.

وأضافت الشركة، في رد مكتوب على أسئلة وكالة «رويترز»، «(أورانو) لا تملك رخصة تشغيل لموقع ماداويلة، ولم تقم بأي عمليات هناك».

وقال وزير العدل أليو داوودا إن الإشعاع في المنطقة تجاوز المعدلات الطبيعية بشكل كبير؛ إذ بلغ نحو سبعة إلى عشرة ميكروسيفرت في الساعة، مقارنة بالمعدل المعتاد البالغ 0.5 ميكروسيفرت. ووجدت الفحوص مادتين مرتبطتين بمشاكل تنفسية يمكن أن تشكل ضرراً على صحة الناس.

يأتي هذا الخلاف عقب تأميم النيجر منجم «سومير» في يونيو (حزيران)، مما أدى إلى تجريد «أورانو» من حصتها البالغة 63.4 بالمائة.