أنطوان واكد لـ«الشرق الأوسط»: تجاوزنا الصعوبات وبرنامجنا منوّع جداً

مهرجان «مسكون» في دورته السابعة غني بالأفلام العربية

«الصدى» فيلم لبناني لجوزيف مخلوف (الجهة المنظمة)
«الصدى» فيلم لبناني لجوزيف مخلوف (الجهة المنظمة)
TT

أنطوان واكد لـ«الشرق الأوسط»: تجاوزنا الصعوبات وبرنامجنا منوّع جداً

«الصدى» فيلم لبناني لجوزيف مخلوف (الجهة المنظمة)
«الصدى» فيلم لبناني لجوزيف مخلوف (الجهة المنظمة)

كان من المفترض أن يُقدّم منظمو مهرجان «مسكون» السينمائي نسخته السابعة في العام الماضي، لكنّ الحرب في لبنان حالت دون ذلك، فتمّ تأجيلها ليُحدَّد موعدها في 1 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي وحتى الخامس منه. سيكون اللبنانيون على موعد مع سلسلة من الأفلام المنوّعة التي تتناول موضوعات خيالية وأخرى تُعالج قضايا الساعة في المنطقة.

سبق أن عُرف مهرجان «مسكون» بسينما الرعب والفانتازيا والخيال، ومع مرور الوقت، بدأت عروضه تأخذ منحى متجدّداً عاماً بعد عام. ورغم أن أفلام الرعب هي الأكثر رواجاً عالمياً، وتدرّ أرباحاً طائلة على منتجيها، فإن الوضع في لبنان مختلف.

ينطلق «مسكون» السينمائي من 1 حتى 5 أكتوبر الحالي (الجهة المنظمة)

يوضح المدير الفني للمهرجان، أنطوان واكد، لـ«الشرق الأوسط»: «بشكل عام، نسبة قليلة من اللبنانيين يهوون مشاهدة أفلام الرعب، لذلك لا يتضمّن برنامجنا هذا العام أيّاً منها. لقد توجهنا أكثر نحو أفلام الكوميديا السوداء والفانتازيا وأخرى اجتماعية، لأن المهرجان يخاطب هواة السينما جميعاً، ويتيح لهم الاطلاع على إنتاجات حديثة لم تُعرض بعد في الصالات اللبنانية».

يفتتح المهرجان بالفيلم اللبناني «البحر وموجاته» للمخرجَين ليانا قصير ورونو باشو، ويتناول قصة وصول الشابة نجوى وشقيقها العازف منصور إلى بيروت في ليلة اكتمال القمر بحثاً عن مهرّبين يساعدونهما على الانتقال بحراً إلى النرويج، في حين يحاول سليم، حارس المنارة العجوز، إعادة النور إلى الحيّ الذي يسكنه. وكان قصير وباشو قد شاركا في نسخة «مسكون» عام 2018 بفيلم «نهر الكلب».

ويُشير أنطوان واكد إلى أن المهرجان واجه صعوبات كثيرة وتجاوزها ليرى النور هذه السنة، موضحاً: «إن طبيعة هذه الصعوبات يعرفها الجميع في لبنان. كلّنا تعبنا من الحروب والأوضاع المضطربة، كما أن التمويل الثقافي يتراجع يوماً بعد يوم. ومع ذلك أصررنا على إكمال المشوار، وبفضل دعم شركائنا استطعنا إطلاق النسخة السابعة. فلبنان بلد مشهور بصلابة شعبه وحبّه للحياة».

ويؤكد واكد أن معظم الأفلام المشاركة هذا العام عربية، مضيفاً: «في الماضي كنّا نجد صعوبة في العثور على أفلام تُلائم فكرة المهرجان، لكننا مع الوقت لاحظنا تغير التوجهات السينمائية في العالم العربي. لذلك جاءت خياراتنا لتدور في فلك السينما العربية التي باتت تنتج أعمالاً بالمستوى المطلوب، وتطرح قضايا اجتماعية نعيشها اليوم، وهو ما شجّعنا على إدراجها في برنامجنا».

من المغرب، تشارك صوفيا العلوي بفيلمها الروائي الطويل الأول «أنيماليا»، المنتمي إلى فئة الخيال العلمي. ويروي قصة شابة مغربية حامل من وسط اجتماعي متواضع، تعيش مع أسرة زوجها الثرية، قبل أن تفصلها عنها أحداث خارقة أدخلت البلد في حالة طوارئ تنبئ بوقوع حادث غامض. ويعلّق واكد لـ«الشرق الأوسط»: «أعدّ هذا الفيلم من بين الأهم في المهرجان، إذ يقدّم موضوعاً اجتماعياً في قالب خيالي نجحت صوفيا في صياغته بمتعة سينمائية».

من المغرب أيضاً يشارك فيلم «عصابات» للمخرج كمال الأزرق، وهو جريمة مشوّقة عُرض للمرة الأولى في قسم «نظرة ما» ضمن مهرجان «كان» السينمائي.

أما تونس فتحضر بفيلم «وراء الجبال» للمخرج محمد بن عطية، وهو شريط درامي مؤثر وغامض عُرض للمرة الأولى في مهرجان «فينيسيا».

ومن لبنان، يُعرض فيلمان قصيران: «الحارس» لعلي شري، الذي يروي حكاية حارس حدودي يقضي أيامه معزولاً مترقّباً عدواً لن يأتي، و«لم أفعل ذلك أبداً» لجويس نشواتي، وهو فيلم تشويق مرعب عن امرأة تستيقظ لتجد نفسها مقيّدة ومكمّمة الفم في سيارة يقودها رجل غامض.

فيلم «الحارس» للمخرج اللبناني علي شري (الجهة المنظمة)

كما يدرج «مسكون» العام الحالي في فئة الكلاسيكيات تحفة المخرج الكوري بارك شان-ووك «Oldboy (2003)» بعد ترميمها عام 2023، ويستذكر المهرجان المخرج الكبير ديفيد لينش الذي رحل مطلع العام الحالي من خلال عرض وثائقي عنه بعنوان «Lynch/Oz» للمخرج ألكسندر فيليب، وفيلم مرمم للمخرج الراحل هو «Twin Peaks: Fire Walk with Me».

وفي مسابقة «مسكون» للأفلام القصيرة يشارك من لبنان فيلم «الصدى» لجوزيف مخلوف، و«رجل الغراب» ليوهان عبد النور.

ومن مصر يُعرض «ستين جنيه» لعمرو سلامة الذي يعالج قضايا العنف الأسري، وفيلم «لن تشرق الشمس» لأدهم خالد، عن محاولة فتاة وشقيقها النجاة في عالم افتراضي موازٍ دُمّرت فيه الحضارة الإنسانية بسبب الحروب. أما السعودية فتحضر بفيلم «روج» لسماهر موصللي، وهو كوميديا سوداء تتناول موضوع جراحات التجميل النسائية.

ويرى أنطوان واكد أن النسخة السابعة من المهرجان تتميز بتنوع ملحوظ، إذ تطرح الأفلام المشاركة قضايا حساسة، مثل الحروب، والمعتقلات، وتهريب المهاجرين، والعنف الأسري، والتحرش الجنسي، وعمليات التجميل. وعن طبيعة البرنامج يقول: «لم نقم بأي تغيير على لائحة أفلام النسخة المؤجَّلة من العام الماضي، فقد اخترناها بدقة، وكلّها تستحق أن يشاهدها عشاق السينما في لبنان».

تعرض جميع الأفلام في صالات سينما «متروبوليس»، ويعلّق واكد: «لقد عدنا إلى المكان الذي انطلقنا منه عام 2016. وكان حينها يقع في مركز صوفيل بالأشرفية، أما اليوم فنلتقي مجدداً في مركز جديد في منطقة مار مخايل».

وعلى هامش العروض، تُقام حلقتان نقاشيتان: الأولى تضمّ المخرجة ليانا قصير والمصور السينمائي مارك خليفة والمنتج ماتيو مولييه-غريفيث، ويتناولون فيها رحلة فيلم «البحر وموجاته» منذ ولادة الفكرة وحتى عرضه في مهرجان «كان»، بإدارة مدير برنامج المواهب في مهرجان برلين توبياس بوزنغر. أما الحلقة الثانية فتشهد حواراً مع الفنان والمخرج علي شري، تديره المديرة التنفيذية لـ«آفاق» ريما المسمار.


مقالات ذات صلة

«بين ثقافتين» يَعبر الحدود ويبرز تنوع الثقافتين السعودية والصينية تحت سقف واحد

يوميات الشرق ثقافتان تتشاركان التعبير عن الموروث وصور الإبداع في مكانٍ واحد (وزارة الثقافة)

«بين ثقافتين» يَعبر الحدود ويبرز تنوع الثقافتين السعودية والصينية تحت سقف واحد

يعود مهرجان «بين ثقافتين» ليعبر حدود الثقافة، ويحتفي بتجارب استثنائية تجمع بين الفنون والموسيقى، جامعاً في نسخته الثالثة بين الثقافتين السعودية والصينية.

عمر البدوي (الرياض)
يوميات الشرق خلال تسلم الجائزة في «مهرجان البحر الأحمر» (إدارة المهرجان)

كريم الألفي: «مهرجان البحر الأحمر» يتيح مساحة مميزة للأصوات الجديدة

يقدّم المخرج وكاتب السيناريو المصري كريم الدين الألفي عملاً سينمائياً ينتمي إلى عالم متخيَّل.

أحمد عدلي (جدة)
يوميات الشرق المخرج العراقي زرادشت أحمد (الشركة المنتجة للفيلم)

«الأسود على نهر دجلة»... صراع إنساني تكشفه بوابة نجت من الدمار

يقدّم فيلم «الأسود على نهر دجلة» تجربة تتقاطع فيها الذاكرة الشخصية بالذاكرة الجماعية، ويعود فيها المخرج زرادشت أحمد إلى المُوصل.

أحمد عدلي (القاهرة)
يوميات الشرق الفنان محمد بكري في لقطة مع أسرته من فيلم «اللي باقي منك» (الشركة المنتجة)

كيف تمكنت 4 أفلام عربية من الوصول لقائمة الأوسكار المختصرة؟

لعلها المرة الأولى التي تنجح فيها 4 أفلام عربية في الوصول لـ«القائمة المختصرة» بترشيحات الأوسكار لأفضل فيلم دولي، وهو ما اعتبره سينمائيون عرب إنجازاً كبيراً.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق فيونوالا هاليغان (مهرجان البحر الأحمر السينمائي)

فيونوالا هاليغان: نجوم عالميون معجبون بدعم «البحر الأحمر» لصناع الأفلام

بعد ختام الدورة الخامسة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي، والتي مثّلت المحطة الأولى لفيونوالا هاليغان في موقعها مديرة للبرنامج الدولي، بدت أصداء التجربة واضحة.

أحمد عدلي (جدة)

مصر: الكشف عن ورش أثرية لتجهيز السمك المملح وجبّانة رومانية في البحيرة

منحوتات من العصر البطلمي في الجبانة الأثرية (وزارة السياحة والآثار)
منحوتات من العصر البطلمي في الجبانة الأثرية (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر: الكشف عن ورش أثرية لتجهيز السمك المملح وجبّانة رومانية في البحيرة

منحوتات من العصر البطلمي في الجبانة الأثرية (وزارة السياحة والآثار)
منحوتات من العصر البطلمي في الجبانة الأثرية (وزارة السياحة والآثار)

أعلنت البعثة الأثرية المصرية الإيطالية المشتركة، بين المجلس الأعلى للآثار وجامعة بادوفا الإيطالية، الثلاثاء، اكتشاف عدد من الورش الصناعية التي ترجع إلى العصر المتأخر وبدايات العصر البطلمي، إلى جانب الكشف عن جزء من جبانة رومانية تضم أنماطاً متنوعة من الدفن، أثناء أعمالها بموقعي كوم الأحمر وكوم وسيط بمحافظة البحيرة (غرب الدلتا).

ويساهم هذا الكشف في تعميق فهم طبيعة الحياة والنشاط البشري في مناطق غرب دلتا النيل والمناطق الداخلية المحيطة بمدينة الإسكندرية، وفق الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار الدكتور محمد إسماعيل خالد، موضحاً في بيان للوزارة، الثلاثاء، أن «هذه الاكتشافات تمثل إضافة علمية مهمة لدراسة أنماط الاستيطان والممارسات الجنائزية والأنشطة الصناعية في غرب الدلتا، كما تسهم في تقديم رؤى جديدة حول شبكات التواصل الإقليمي منذ العصر المتأخر وحتى العصرين الروماني والإسلامي المبكر».

وتتكون الورش الصناعية المكتشفة من مبنى كبير مقسّم إلى ما لا يقل عن ست غرف، خُصصت اثنتان منها لمعالجة الأسماك، حسب تصريحات رئيس قطاع الآثار المصرية، محمد عبد البديع، حيث عثرت البعثة على نحو 9700 عظمة سمك، بما يشير إلى وجود نشاط واسع لصناعة السمك المملح في تلك الفترة.

الكشف عن جبانة رومانية بمصر (وزارة السياحة والآثار)

ويرجح تخصيص الغرف الأخرى لإنتاج الأدوات المعدنية والصخرية، وتمائم الفيانس، إذ عُثر على عدد من التماثيل الجيرية غير المكتملة، إلى جانب قطع أخرى في مراحل تصنيع مختلفة.

وأسفر الكشف أيضاً عن العثور على جرار أمفورا مستوردة وقطع من الفخار اليوناني، الأمر الذي يؤرخ نشاط هذه الورش إلى القرن الخامس قبل الميلاد.

وأسفرت أعمال الحفائر كذلك عن اكتشاف جزء من جبانة رومانية تضم عدة دفنات بثلاثة أنماط رئيسية، شملت الدفن المباشر في الأرض، والدفن داخل توابيت فخارية، بالإضافة إلى دفنات أطفال داخل أمفورات كبيرة، وفق بيان الوزارة.

فيما أوضحت رئيسة البعثة من جامعة بادوفا الإيطالية، الدكتورة كريستينا موندين، أن فريق العمل يجري حالياً عدداً من الدراسات البيو - أثرية على الهياكل العظمية المكتشفة، بهدف تحديد النظام الغذائي، والعمر، والجنس، والحالة الصحية للمدفونين بالموقع، والبالغ عددهم 23 شخصاً من الذكور والإناث والأطفال والمراهقين والبالغين.

وأشارت إلى أن النتائج الأولية لهذه الدراسات تشير إلى أن هؤلاء الأفراد عاشوا في ظروف معيشية جيدة نسبياً، دون وجود دلائل واضحة على إصابتهم بأمراض خطيرة أو تعرضهم لأعمال عنف.

وعدّ عالم الآثار المصرية، الدكتور حسين عبد البصير، هذه الاكتشافات، تمثل إضافة نوعية لفهم تاريخ غرب الدلتا خلال العصر الروماني، إذ تكشف بوضوح عن تداخل الحياة الاقتصادية مع الممارسات الاجتماعية والدينية في تلك المنطقة، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «ورش تجهيز السمك المملح تعكس نشاطاً صناعياً منظماً يعتمد على استغلال الموارد الطبيعية، ما يدل على أهمية غرب الدلتا بوصفها مركزَ إنتاجٍ غذائي وتجاري مرتبط بشبكات أوسع داخل مصر وخارجها».

من القطع المكتشفة في الجبانة (وزارة السياحة والآثار)

كما رأى عبد البصير أن «الكشف عن الجبانة الرومانية يقدّم مادة علمية ثرية لدراسة المعتقدات الجنائزية والبنية الاجتماعية للسكان، من خلال تنوع طقوس الدفن واللقى المصاحبة».

ونجحت البعثة في الكشف عن عشرات الأمفورات الكاملة (جرار خزفية)، بالإضافة إلى زوج من الأقراط الذهبية يعود لفتاة شابة، وقد نُقلت هذه القطع الأثرية إلى المتحف المصري في القاهرة، تمهيداً لإجراء أعمال الدراسة والترميم اللازمة لها، وفق بيان الوزارة.

وقال الخبير الآثاري والمتخصص في علم المصريات، أحمد عامر، إن «هذا الاكتشاف الأثري في غرب الدلتا يفتح آفاقاً جديدة لفهم فترة حكم العصور المتأخرة وما تلاها من حقب تعاقبت على الحضارة المصرية القديمة، بل وتعيد قراءة التاريخ المصري القديم من منظور جديد».

من القطع الأثرية المكتشفة (وزارة السياحة والآثار)

ويضيف لـ«الشرق الأوسط» أن «هذا الكشف سوف يضيف لنا علمياً كثيراً عن تلك الحقبة، كما أنه معروف أن الأمفورات كانت تستخدم في عمليات التجارة الخارجية، وكان يوضع بها النبيذ، وأحياناً في نقل السمك المملح، وهذه ليست المرة الأولى في العثور على الأمفورات، حيث كانت متداولة في التجارة الخارجية للدولة المصرية مع اليونان في فترات كثيرة».


للمرة الأولى عالمياً... نحل الأمازون يحصل على حقوق قانونية

مدينتان في بيرو تمنحان النحل غير اللاسع حقوقاً قانونية (ميريان ديلغادو)
مدينتان في بيرو تمنحان النحل غير اللاسع حقوقاً قانونية (ميريان ديلغادو)
TT

للمرة الأولى عالمياً... نحل الأمازون يحصل على حقوق قانونية

مدينتان في بيرو تمنحان النحل غير اللاسع حقوقاً قانونية (ميريان ديلغادو)
مدينتان في بيرو تمنحان النحل غير اللاسع حقوقاً قانونية (ميريان ديلغادو)

يواجه أحد أقدم أنواع النحل على كوكب الأرض، والمُلقِّح الأساس في غابات الأمازون، تهديدات متزايدة نتيجة إزالة الغابات، والتغيرات المناخية، وتلوث المبيدات، والمنافسة من نحل العسل الأوروبي العدواني.

في خطوة تاريخية، أصبح نحل الأمازون غير اللاسع، أي الذي لا يلسع على عكس نحل العسل الأوروبي «النحل العدواني»، أول الحشرات في العالم التي تُمنح حقوقاً قانونية، تشمل الحق في الوجود، والازدهار، والحماية القانونية في حال التعرض للأذى.

وقد أُقرّت هذه القوانين في بلديتين في بيرو هما: ساتيبو وناوتا، بعد سنوات من البحث وجهود الضغط التي قادتها روزا فاسكيز إسبينوزا، مؤسسة منظمة «أمازون ريسيرتش إنترناشيونال».

يُربي السكان الأصليون هذا النوع من النحل منذ عصور ما قبل كولومبوس، ويُعد مُلقحاً رئيسياً يساهم في الحفاظ على التنوع البيولوجي وصحة النظم البيئية، إذ يلقح أكثر من 80 في المائة من النباتات، بما في ذلك محاصيل الكاكاو، والقهوة، والأفوكادو. وأظهرت أبحاث إسبينوزا، التي بدأت عام 2020، أن عسل هذا النحل يحتوي على مئات المركبات الطبية المضادة للالتهاب والفيروسات والبكتيريا، كما وثقت المعرفة التقليدية في تربيته وجني عسله.

أفاد السكان الأصليون بتراجع أعداد النحل وصعوبة العثور على الأعشاش، كما كشف التحليل الكيميائي للعسل عن آثار المبيدات حتى في المناطق النائية. وأظهرت الدراسات صلة بين إزالة الغابات وتراجع أعداد النحل، بالإضافة إلى المنافسة المتزايدة من نحل العسل الأفريقي المهجن، الذي بدأ في إزاحة النحل غير اللاسع من موائله الطبيعية منذ القرن الـ20.

وفقاً لكونستانزا برييتو، مديرة قسم شؤون أميركا اللاتينية في «مركز قانون الأرض»، تمثل هذه القوانين نقطة تحوُّل في علاقة البشر بالطبيعة، إذ تعترف بالنحل غير اللاسع بوصفه من الكائنات الحاملة للحقوق وتؤكد أهميته البيئية.

وأوضح زعيم السكان الأصليين آبو سيزار راموس أن القانون يحتفي بالمعرفة التقليدية ويعترف بالدور الحيوي للنحل غير اللاسع في دعم نُظم الأمازون البيئية وثقافات الشعوب الأصلية.

تتطلب هذه القوانين، حسبما ذكرت «الغارديان» البريطانية، استعادة المَواطن البيئية، وتنظيم استخدام المبيدات، واتخاذ تدابير للحد من آثار تغيُّر المناخ، وقد اجتذبت عريضة عالمية مئات الآلاف من التوقيعات، في حين أبدت دول أخرى اهتماماً بتطبيق نموذج بيرو لحماية المُلقِّحات المحلية.


«قصر القطن» بالإسكندرية... لتوديع الظلام واستقبال السائحين

المبنى يطل على البحر مباشرة في منطقة المنشية بالإسكندرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
المبنى يطل على البحر مباشرة في منطقة المنشية بالإسكندرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

«قصر القطن» بالإسكندرية... لتوديع الظلام واستقبال السائحين

المبنى يطل على البحر مباشرة في منطقة المنشية بالإسكندرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
المبنى يطل على البحر مباشرة في منطقة المنشية بالإسكندرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

يشكل إعلان الحكومة المصرية على لسان وزير قطاع الأعمال العام المصري المهندس محمد شيمي، عن سعيها للاستحواذ على مبنى قصر القطن في مدينة الإسكندرية المجاور للنصب التذكاري للجندي المجهول طاقة نور لإخراج المبنى من حالة الجمود واستغلاله سياحياً بعد تحويله إلى فندق.

ويعود المبنى لفترة الثمانينات، وأقيم مكان قصر القطن التاريخي زمن السادات، ويعدُّ أكبر منشأة في منطقة المنشية تطل على البحر مباشرة وسط مدينة الإسكندرية، ويتميز «قصر القطن» بطرازه المعماري ما جعله فريداً بين المنشآت والبنايات الموجودة في المنطقة من حيث الارتفاع والضخامة والعناصر الهندسية والمعمارية.

وقال الفنان فتحي بركات، رئيس جمعية الفنانين والكتاب «أتيليه الإسكندرية»، إن مبنى «قصر القطن» كان في البداية مملوكاً لشركة الأقطان الشرقية بالإسكندرية، وكانت هناك محاولة لأن يكون أعلى مبنى في المدينة ليتشكل من 45 طابقاً، لكن لم يتم الموافقة على مخطط بنائه، واقتصر على 22 طابقاً فقط، ومنذ إنشائه زمن السادات في موقع قصر القطن التاريخي لم يُستغل بشكل مثالي. «والآن تشغل جزءاً منه جامعة سنجور الفرنسية، بالإضافة إلى طابقين حكوميين، لكن تظل باقي الأدوار بلا أي نوع من الإشغال، وفق كلام بركات الذي أضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «المبنى محاط بمنطقة مزدحمة بالبائعين، منطقة المنشية، ويجاور النصب التذكاري للجندي المجهول وإعادة الحياة له ربما يعيد الهدوء مرة أخرى للمكان، ويضفي طابعاً مختلفاً لها يعيدها للزمن الجميل، وهو يمتلك إمكانات تؤهله للاستغلال الفندقي، حيث يتضمن جراجاً في الدور الأرضي، بالإضافة لإجراء الكثير من التغييرات الداخلية لاستغلال مكوناته، أما عن شكله الخارجي فلا توجد هناك مساحة لأي تغييرات، لأن واجهته زجاجية، ولا يمكن تغييرها».

المبنى المراد تحويله إلى فندق (تصوير: عبد الفتاح فرج)

كان المهندس محمد شيمي، وزير قطاع الأعمال العام، قال خلال لقائه عدداً من الصحافيين بمقر الوزارة بالعاصمة الإدارية الجديدة، الثلاثاء، إن الحكومة المصرية تعمل حالياً على خطة تهدف إلى إعادة إحياء الأصول التاريخية وتعظيم الاستفادة منها، من بينها أحد القصور الأثرية المميزة بمدينة الإسكندرية، وهو «قصر القطن» الواقع بجوار النصب التذكاري، مشيراً إلى أنه من المستهدف تطوير القصر وإعادة تشغيله فندقاً سياحياً متميزاً.

وأضاف شيمي أن المشروع المقترح يتضمن إنشاء فندق بارتفاع 22 طابقاً، يسهم في دعم الطاقة الفندقية بالإسكندرية وتعزيز المنتج السياحي، والحفاظ على الطابع التراثي وتحقيق عوائد اقتصادية مستدامة، ولتحقيق ذلك أجرت الوزارة دراسة استغلال المبنى بوضع تصور شامل لتحقيق الاستغلال الأمثل له، وتحويله إلى مركز استثماري متعدد الاستخدامات الفندقية والإدارية والتجارية، وتسهم في تعظيم العائد منه، وتنشيط ودعم الحركة السياحية والتجارية في الإسكندرية وتوفير فرص عمل إضافية.

من جهته قال الباحث في شؤون الحركة الفنية المصرية الدكتور حسام رشوان إن «اتجاه مصر لتطوير واستغلال قصر القطن وتحويله إلى فندق سياحي، سيُعيد صياغة المكان، عبر إزالة الكثير من الساحات التي تشوه المنطقة، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «هذه المنطقة صارت مزدحمة جداً، فضلاً عن عشوائيتها، لذا سيكون مشروع الفندق بمثابة رئة تعيد ساحة النصب التذكاري ومنطقة المنشية لسماتها السياحية والتراثية التي فقدتها منذ سنين».