أنطوان واكد لـ«الشرق الأوسط»: تجاوزنا الصعوبات وبرنامجنا منوّع جداً

مهرجان «مسكون» في دورته السابعة غني بالأفلام العربية

«الصدى» فيلم لبناني لجوزيف مخلوف (الجهة المنظمة)
«الصدى» فيلم لبناني لجوزيف مخلوف (الجهة المنظمة)
TT

أنطوان واكد لـ«الشرق الأوسط»: تجاوزنا الصعوبات وبرنامجنا منوّع جداً

«الصدى» فيلم لبناني لجوزيف مخلوف (الجهة المنظمة)
«الصدى» فيلم لبناني لجوزيف مخلوف (الجهة المنظمة)

كان من المفترض أن يُقدّم منظمو مهرجان «مسكون» السينمائي نسخته السابعة في العام الماضي، لكنّ الحرب في لبنان حالت دون ذلك، فتمّ تأجيلها ليُحدَّد موعدها في 1 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي وحتى الخامس منه. سيكون اللبنانيون على موعد مع سلسلة من الأفلام المنوّعة التي تتناول موضوعات خيالية وأخرى تُعالج قضايا الساعة في المنطقة.

سبق أن عُرف مهرجان «مسكون» بسينما الرعب والفانتازيا والخيال، ومع مرور الوقت، بدأت عروضه تأخذ منحى متجدّداً عاماً بعد عام. ورغم أن أفلام الرعب هي الأكثر رواجاً عالمياً، وتدرّ أرباحاً طائلة على منتجيها، فإن الوضع في لبنان مختلف.

ينطلق «مسكون» السينمائي من 1 حتى 5 أكتوبر الحالي (الجهة المنظمة)

يوضح المدير الفني للمهرجان، أنطوان واكد، لـ«الشرق الأوسط»: «بشكل عام، نسبة قليلة من اللبنانيين يهوون مشاهدة أفلام الرعب، لذلك لا يتضمّن برنامجنا هذا العام أيّاً منها. لقد توجهنا أكثر نحو أفلام الكوميديا السوداء والفانتازيا وأخرى اجتماعية، لأن المهرجان يخاطب هواة السينما جميعاً، ويتيح لهم الاطلاع على إنتاجات حديثة لم تُعرض بعد في الصالات اللبنانية».

يفتتح المهرجان بالفيلم اللبناني «البحر وموجاته» للمخرجَين ليانا قصير ورونو باشو، ويتناول قصة وصول الشابة نجوى وشقيقها العازف منصور إلى بيروت في ليلة اكتمال القمر بحثاً عن مهرّبين يساعدونهما على الانتقال بحراً إلى النرويج، في حين يحاول سليم، حارس المنارة العجوز، إعادة النور إلى الحيّ الذي يسكنه. وكان قصير وباشو قد شاركا في نسخة «مسكون» عام 2018 بفيلم «نهر الكلب».

ويُشير أنطوان واكد إلى أن المهرجان واجه صعوبات كثيرة وتجاوزها ليرى النور هذه السنة، موضحاً: «إن طبيعة هذه الصعوبات يعرفها الجميع في لبنان. كلّنا تعبنا من الحروب والأوضاع المضطربة، كما أن التمويل الثقافي يتراجع يوماً بعد يوم. ومع ذلك أصررنا على إكمال المشوار، وبفضل دعم شركائنا استطعنا إطلاق النسخة السابعة. فلبنان بلد مشهور بصلابة شعبه وحبّه للحياة».

ويؤكد واكد أن معظم الأفلام المشاركة هذا العام عربية، مضيفاً: «في الماضي كنّا نجد صعوبة في العثور على أفلام تُلائم فكرة المهرجان، لكننا مع الوقت لاحظنا تغير التوجهات السينمائية في العالم العربي. لذلك جاءت خياراتنا لتدور في فلك السينما العربية التي باتت تنتج أعمالاً بالمستوى المطلوب، وتطرح قضايا اجتماعية نعيشها اليوم، وهو ما شجّعنا على إدراجها في برنامجنا».

من المغرب، تشارك صوفيا العلوي بفيلمها الروائي الطويل الأول «أنيماليا»، المنتمي إلى فئة الخيال العلمي. ويروي قصة شابة مغربية حامل من وسط اجتماعي متواضع، تعيش مع أسرة زوجها الثرية، قبل أن تفصلها عنها أحداث خارقة أدخلت البلد في حالة طوارئ تنبئ بوقوع حادث غامض. ويعلّق واكد لـ«الشرق الأوسط»: «أعدّ هذا الفيلم من بين الأهم في المهرجان، إذ يقدّم موضوعاً اجتماعياً في قالب خيالي نجحت صوفيا في صياغته بمتعة سينمائية».

من المغرب أيضاً يشارك فيلم «عصابات» للمخرج كمال الأزرق، وهو جريمة مشوّقة عُرض للمرة الأولى في قسم «نظرة ما» ضمن مهرجان «كان» السينمائي.

أما تونس فتحضر بفيلم «وراء الجبال» للمخرج محمد بن عطية، وهو شريط درامي مؤثر وغامض عُرض للمرة الأولى في مهرجان «فينيسيا».

ومن لبنان، يُعرض فيلمان قصيران: «الحارس» لعلي شري، الذي يروي حكاية حارس حدودي يقضي أيامه معزولاً مترقّباً عدواً لن يأتي، و«لم أفعل ذلك أبداً» لجويس نشواتي، وهو فيلم تشويق مرعب عن امرأة تستيقظ لتجد نفسها مقيّدة ومكمّمة الفم في سيارة يقودها رجل غامض.

فيلم «الحارس» للمخرج اللبناني علي شري (الجهة المنظمة)

كما يدرج «مسكون» العام الحالي في فئة الكلاسيكيات تحفة المخرج الكوري بارك شان-ووك «Oldboy (2003)» بعد ترميمها عام 2023، ويستذكر المهرجان المخرج الكبير ديفيد لينش الذي رحل مطلع العام الحالي من خلال عرض وثائقي عنه بعنوان «Lynch/Oz» للمخرج ألكسندر فيليب، وفيلم مرمم للمخرج الراحل هو «Twin Peaks: Fire Walk with Me».

وفي مسابقة «مسكون» للأفلام القصيرة يشارك من لبنان فيلم «الصدى» لجوزيف مخلوف، و«رجل الغراب» ليوهان عبد النور.

ومن مصر يُعرض «ستين جنيه» لعمرو سلامة الذي يعالج قضايا العنف الأسري، وفيلم «لن تشرق الشمس» لأدهم خالد، عن محاولة فتاة وشقيقها النجاة في عالم افتراضي موازٍ دُمّرت فيه الحضارة الإنسانية بسبب الحروب. أما السعودية فتحضر بفيلم «روج» لسماهر موصللي، وهو كوميديا سوداء تتناول موضوع جراحات التجميل النسائية.

ويرى أنطوان واكد أن النسخة السابعة من المهرجان تتميز بتنوع ملحوظ، إذ تطرح الأفلام المشاركة قضايا حساسة، مثل الحروب، والمعتقلات، وتهريب المهاجرين، والعنف الأسري، والتحرش الجنسي، وعمليات التجميل. وعن طبيعة البرنامج يقول: «لم نقم بأي تغيير على لائحة أفلام النسخة المؤجَّلة من العام الماضي، فقد اخترناها بدقة، وكلّها تستحق أن يشاهدها عشاق السينما في لبنان».

تعرض جميع الأفلام في صالات سينما «متروبوليس»، ويعلّق واكد: «لقد عدنا إلى المكان الذي انطلقنا منه عام 2016. وكان حينها يقع في مركز صوفيل بالأشرفية، أما اليوم فنلتقي مجدداً في مركز جديد في منطقة مار مخايل».

وعلى هامش العروض، تُقام حلقتان نقاشيتان: الأولى تضمّ المخرجة ليانا قصير والمصور السينمائي مارك خليفة والمنتج ماتيو مولييه-غريفيث، ويتناولون فيها رحلة فيلم «البحر وموجاته» منذ ولادة الفكرة وحتى عرضه في مهرجان «كان»، بإدارة مدير برنامج المواهب في مهرجان برلين توبياس بوزنغر. أما الحلقة الثانية فتشهد حواراً مع الفنان والمخرج علي شري، تديره المديرة التنفيذية لـ«آفاق» ريما المسمار.


مقالات ذات صلة

«مناوبة متأخرة»... فيلم ألماني يرد الاعتبار للممرضات في مهرجان «البحر الأحمر»

يوميات الشرق الفيلم يركزعلى الصعوبات التي تواجه الممرضات في عملهن (الشركة المنتجة)

«مناوبة متأخرة»... فيلم ألماني يرد الاعتبار للممرضات في مهرجان «البحر الأحمر»

ترى المخرجة أن مهنة التمريض رغم اعتمادها على النساء فإنها لا تمنحهن التقدير المستحق، ولذلك تسعى إلى إبراز هذا التناقض والاعتراف بقيمة جهودهن الحقيقية.

أحمد عدلي (جدة)
يوميات الشرق بوستر الوثائقي السعودي «سبع قمم» (الشرق الأوسط)

من «المنطقة المميتة» إلى شاشات جدة... حين تتحوَّل القمم إلى مرآة للإنسان

قدَّم وثائقي «سبع قمم» سيرة رجل فَقَد ملامح المدير التنفيذي عند «المنطقة المميتة» في "إيفرست"، ليبقى أمام عدسة الكاميرا إنساناً يسأل نفسه: لماذا أواصل؟

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ‎لحظة تاريخية لتكريم النجم البريطاني مايكل كين في حفل الافتتاح (إدارة المهرجان)

«البحر الأحمر» يُعيد للسينما سحرها... افتتاح مدهش يُكرّم مايكل كين ويحتفي بالبدايات الجديدة

مثل عادة المهرجانات، اتّجهت الأنظار نحو السجادة الحمراء، فامتلأت «الريد كاربت» الواقعة في منطقة البلد التاريخية بطيف نادر من نجوم السينما العالمية...

إيمان الخطاف (جدة)
يوميات الشرق جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي تتوسط أعضاء لجنة تحكيم مسابقة البحر الأحمر للأفلام (إدارة المهرجان) play-circle 01:19

بشعار «في حب السينما»... انطلاق عالمي لمهرجان البحر الأحمر

تحت شعار «في حب السينما»، انطلقت فعاليات الدورة الخامسة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي في جدة.

إيمان الخطاف (جدة)
يوميات الشرق خلال حضورها حفل افتتاح مهرجان البحر الأحمر السينمائي (إدارة المهرجان)

نينا دوبريف تستعيد مسيرتها الفنية في «البحر الأحمر السينمائي»

بدت الممثلة البلغارية الكندية، نينا دوبريف، خلال ندوة خصصت لها في «مهرجان البحر الأحمر السينمائي» وكأنها تعيد قراءة الطريق الذي قادها إلى التمثيل.

أحمد عدلي (جدة)

من دون قهوة... كيف تتغلب على النعاس بعد تناول الغداء؟

الخروج في نزهة قصيرة لتجديد نشاطك قد يساعدك في محاربة النعاس بعد تناول الغداء (بكسلز)
الخروج في نزهة قصيرة لتجديد نشاطك قد يساعدك في محاربة النعاس بعد تناول الغداء (بكسلز)
TT

من دون قهوة... كيف تتغلب على النعاس بعد تناول الغداء؟

الخروج في نزهة قصيرة لتجديد نشاطك قد يساعدك في محاربة النعاس بعد تناول الغداء (بكسلز)
الخروج في نزهة قصيرة لتجديد نشاطك قد يساعدك في محاربة النعاس بعد تناول الغداء (بكسلز)

هل تجد صعوبة في إبقاء عينيك مفتوحتين بعد الغداء؟ كثيراً ما يبدأ الناس يومهم بنشاط ثم تنهار طاقتهم بعد الغداء. هناك العديد من الأسباب التي تجعل الأشخاص يشعرون بانخفاض نشاطهم في فترة ما بعد الظهر، وخاصةً بين الساعة الواحدة ظهراً والرابعة عصراً.

كشف الدكتور أنتوني ريفي، اختصاصي النوم السلوكي في مركز هنري فورد الصحي: «الإيقاع اليومي الطبيعي لجسمنا، وهو الساعة الداخلية التي تعمل على مدار 24 ساعة وتساعد على تنظيم عملياتنا البيولوجية، يرسل إشارات إلى الدماغ خلال النهار ليبقينا متيقظين ونشيطين. مع حلول وقت الغداء، تنخفض هذه الإشارات مما قد يجعلنا نشعر بالنعاس».

إليك طرق تساعدك في التغلب على نعاس ما بعد الظهر دون احتساء رشفة من القهوة:

استمع إلى الموسيقى

أثبتت الدراسات أن الاستماع إلى موسيقى مُبهجة يُحسّن المزاج ومستوى الطاقة. للحفاظ على نشاطك خلال النهار بعد الغداء، أنشئ قائمة تشغيل لأغانٍ مُبهجة لتسلية نفسك. ولأن الموسيقى نشاط ممتع في كثير من الأحيان، فإنها تُحفز إفراز هرمون السعادة الذي يُبقيك نشيطاً.

استمر بالحركة

إذا شعرت بالنعاس بعد تناول الطعام بعد الظهر، يمكنك الخروج في نزهة قصيرة لتجديد نشاطك. يعتقد الخبراء أن ممارسة الرياضة تُنشط عقلك وجسمك. كما أنها تُعرّضك للهواء النقي والإضاءة الطبيعية، مما يُحقق لك نتائج جيدة.

اخرج إلى الشمس

اخرج إلى الشمس لضبط ساعتك البيولوجية وتوفير فيتامين «دي» الضروري. يمكن لأشعة الشمس الطبيعية أن تمنع إنتاج هرمون النوم (الميلاتونين) في جسمك. إذا كنت في المكتب، ولا يسمح لك ذلك بالتعرض لأشعة الشمس، يمكنك تشغيل أضواء السقف الساطعة وتجنب الظلام، خاصةً بعد استراحة الغداء.

حافظ على رطوبة جسمك

يُعد الحفاظ على رطوبة الجسم أمراً بالغ الأهمية لأداء وظائفك اليومية. ويؤكد الباحثون أن الجفاف، حتى لو كان خفيفاً، قد يؤدي إلى التعب، مما قد يؤثر على قدرتك على التركيز. يقول الدكتور ريفي: «للأسف، يُصاب الكثير من الناس بالجفاف المزمن لمجرد أنهم لا يشربون كمية كافية من الماء لأداء أنشطتهم اليومية».

تناول غداءً متوازناً

احرص على تناول نظام غذائي متوازن غني بالبروتين والألياف والدهون الصحية خلال النهار. اتباع هذه النصيحة الواعية سيساعدك على التغلب على مشكلة النوم بعد الظهر، التي تأتي فجأةً بعد الغداء، خاصةً بين الساعة الأولى ظهراً والرابعة عصراً.

اتبع نمط نوم جيداً

النوم الجيد ليلاً أمرٌ لا غنى عنه، خاصةً إذا كنت تحاول إدارة انخفاض الطاقة بعد الغداء. يوصي الخبراء بأن ينام الشخص البالغ من 7 إلى 9 ساعات على الأقل ليلاً ليشعر بالنشاط خلال النهار. يوضح الدكتور ريفي: «كمية النوم التي يحتاج إليها كل شخص تختلف من فرد لآخر، وتتغير على مدار حياته».


«الشاطئ الأخير»... فيلم بلجيكي يرصد مأساة واقعية من قلب أفريقيا

صوَّر المخرج الفيلم في ظروف صعبة (الشركة المنتجة)
صوَّر المخرج الفيلم في ظروف صعبة (الشركة المنتجة)
TT

«الشاطئ الأخير»... فيلم بلجيكي يرصد مأساة واقعية من قلب أفريقيا

صوَّر المخرج الفيلم في ظروف صعبة (الشركة المنتجة)
صوَّر المخرج الفيلم في ظروف صعبة (الشركة المنتجة)

لم يتخيّل المخرج البلجيكي جان فرانسوا رافانيان أن مقطعاً مصوَّراً عابراً على مواقع التواصل الاجتماعي سيقوده، بعد سنوات من البحث، إلى قلب أفريقيا، وتحديداً إلى قرية نائية في غامبيا، ليغوص عميقاً في مأساة إنسان يُدعى «باتيه سابالي».

الشاب الذي هزّ غرقُه في القناة الكبرى بالبندقية عام 2017 الرأيَ العام العالمي، حين اكتفى العشرات من المتفرجين بالصراخ وإطلاق الإهانات العنصرية بدلاً من مدّ يد العون له، كان مقطعُ الفيديو المصوَّرُ له الشرارةَ الأولى لفيلمه الوثائقي «الشاطئ الأخير»، الذي يحاول أن يعيد لهذا الشاب اسمه وصوته وحكايته.

قال رافانيان لـ«الشرق الأوسط»، إنه يتذكّر اللحظة الأولى جيداً؛ «كان الأمر صفعةً. رأيتُ الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، كما شاهده آلاف غيري في ذلك الوقت. صدمتني اللامبالاة، والكلمات العنصرية، والجمود الكامل أمام غرق شاب لا يحاول أحد مساعدته. في البداية لم أفكّر في فيلم؛ فكّرتُ بصفتي صحافياً: مَن هذا الشاب؟ ماذا حدث؟ ولماذا لم يتحرّك أحد؟».

وأضاف المخرج، الذي عُرض فيلمه للمرة الأولى عربياً في مهرجان «الدوحة السينمائي»، أن الأمر تحوّل إلى هاجس، بيد أنه اصطدم منذ اللحظة الأولى بحقيقة أن التحقيقات في إيطاليا كانت مغلقة بالكامل، مما جعل الوصول إلى أي معلومة أمراً معقّداً وصعباً.

المخرج البلجيكي (الشركة المنتجة)

ولأن الطريق إلى الحقيقة كان مسدوداً، اختار المخرج البلجيكي طريقاً آخر، وهو البحث عن عائلة باتيه. يقول: «استغرق الأمر عامين كاملين لأجد أثرهم في غامبيا، وعندما وصلت أخيراً إلى القرية، أدركت أن الغضب الذي اجتاحني أمام شاشة الكمبيوتر في أوروبا كان صورة مختلفة. فالعائلة دعتني إلى رؤية الأمور من زاوية أخرى: زاوية الفقد، والغياب، والبحث عن المعنى. عند تلك اللحظة تغيّر الفيلم تماماً».

يشير رافانيان إلى أن «أصعب ما واجهته في البداية لم يكن الطبيعة أو الظروف، بل بناء الثقة مع العائلة»، مضيفاً: «عندما تصل إلى قرية بعيدة، وتكون غريباً، عليك أن تدرك أن لكل عائلة سرديّتها الخاصة. كان عليّ أن أجد الطريقة المناسبة للوقوف بالكاميرا، وأن أتجنّب أي منظور قد يُشعِرهم بأننا نمسك بموقع قوة أو وصاية. الثقة كانت المفتاح، لا الأدوات ولا الموقع ولا التقنية».

وعن ظروف التصوير في القرية، يشرح رافانيان أن «الفريق كان صغيراً للغاية؛ كنت أنا، ومدير التصوير، ومساعدة تنتمي إلى مجتمع الفولا، تتحدث لغتهم وتفهم ثقافتهم. ولم تكن المسألة لغةً فقط، بل سلوكاً ومعتقدات ونظرة إلى الحياة. كنا نقيم في القرية أياماً طويلة بلا كهرباء، نصحو مع الفجر وننام مع المغيب؛ لا فنادق ولا راحة، فقط الحياة اليومية كما هي. وكل 8 أيام نعود إلى المدينة لشحن البطاريات وإحضار حاجات العائلة، ثم نعود من جديد. كان الوجود الدائم ضرورياً، لأن أقرب مدينة تبعد أربعين دقيقة بالسيارة، ولأن الحياة في القرية تبدأ وتنتهي مبكراً».

المخرج حاول تسليط الضوء على هوية العائلة في فيلمه (الشركة المنتجة)

اختار المخرج ألّا يُظهر باتيه، رغم امتلاكه صوراً عدّة له سواء من العائلة أو من الإنترنت، لكنه لم يرغب في استخدامها، وهو ما يفسّره قائلاً: «أردتُ أن يراه الجمهور من خلال غيابه، كما تعيشه عائلته. أردتُه غائباً، حاضراً بالصوت وبالأثر. فالصوَر قد تعيد تجسيده، لكنها قد تُسطّح ما تعرّض له، بينما الصوت، صوت العائلة وذاكرتها، يعيد إنسانيته كاملة».

وعن كيفية حماية العائلة في هذا النوع من الأفلام الحسّاسة، يقول رافانيان إن ما فعله يشبه عمل الصحافة أكثر منه عملاً سينمائياً؛ فالعائلة لم تكن تعرف تفاصيل ما حدث في القناة، ولم يرغب في أن يضع الفيديو أمامهم أو أن يعرّضهم لصدمة جديدة. وحين سألته الأم عمّا وقع لابنها، قال لها الحقيقة بالكلمات. ويضيف: «لم تشأ أن ترى الفيديو، واكتفت بأن تعرف. كان هناك أيضاً تقريرٌ من 200 صفحة صادر عن السلطات الإيطالية، لم يكن من حقّهم الحصول عليه، فساعدناهم على الوصول إليه. كان الفيلم أيضاً وسيلة لكشف الحقيقة لهم، ولإنصافهم أسرياً».

لم يُنكر المخرج البلجيكي وجود صعوبات عدّة أثناء التصوير في غامبيا، من الإجراءات الأمنية والبيروقراطية المعقّدة، إلى عدم اعتياد السكان على الكاميرا، فضلاً عن عزلة القرية نفسها وافتقارها إلى الكهرباء والمياه العامة، واعتماد حياتها اليومية على الزراعة وتربية النحل. لكنه، رغم ذلك، لا يُخفي سعادته بهذه التجربة التي وثّقت اسم «باتيه سابالي».


رابح صقر وناصر نايف يفتتحان «صدى الوادي» بليلة طربية في وادي صفار

وادي صفار معروف بمكانته التاريخية وموقعه الحيوي (موسم الدرعية)
وادي صفار معروف بمكانته التاريخية وموقعه الحيوي (موسم الدرعية)
TT

رابح صقر وناصر نايف يفتتحان «صدى الوادي» بليلة طربية في وادي صفار

وادي صفار معروف بمكانته التاريخية وموقعه الحيوي (موسم الدرعية)
وادي صفار معروف بمكانته التاريخية وموقعه الحيوي (موسم الدرعية)

ساعات من الطرب والحماسة شهدتها أولى حفلات برنامج «صدى الوادي» في وادي صفار، مع صقر الأغنية الخليجية رابح صقر، والفنان ناصر نايف، ضمن فعاليات موسم الدرعية.

وانطلقت، الخميس، أولى حفلات برنامج «صدى الوادي»، في مشهد جمع بين القيمة التاريخية للمكان والإيقاع الفنّي الذي يُقدّمه موسم الدرعية 25-26، ضمن برامجه التي تمزج بين التاريخ والتراث والسياحة والترفيه.

وبدأت الأمسية على المسرح المفتوح بتصميمه الذي ينسجم مع الطبيعة الآسرة لوادي صفار شمال غربي مدينة الرياض، مع الفنان السعودي الشاب ناصر نايف الذي تفاعل معه الجمهور وهو يؤدّي أغنياته المُحبَّبة.

وتصاعدت حماسة الحضور مع ظهور صقر الأغنية الخليجية رابح صقر الذي لفت الأنظار بأدائه في عدد من أغنياته، أبرزها: «يوم ما أنا ضحّيت ما أقصد جحود»، و«حبيبي اللي همّه رضاي»، إلى جانب أداء ناصر الاستثنائي في «نسايم نجد»، و«خلي الليالي سعادة»، ومجموعة أخرى من الأغنيات التي أشعلت شتاء وادي صفار في أولى حفلات موسم الدرعية هذا العام.

الفنان ناصر نايف خلال الحفل (موسم الدرعية)

الفنان رابح صقر خلال الحفل (موسم الدرعية)

ويأتي اختيار وادي صفار لتنظيم الأمسية لما يمثّله من قيمة تاريخية وموقع حيوي كان على مدى العصور مَعْبراً للمسافرين وقوافل التجارة، وملتقى اجتماعياً لأهالي الدرعية، قبل أن يتحوَّل اليوم إلى مسرح مفتوح يحتضن فعاليات ثقافية وفنية تعكس حضور الموسم وتنوّع عروضه. ويندرج هذا الحفل ضمن برنامج موسيقي واسع يشارك فيه فنانون من أبرز الأسماء العربية؛ من بينهم: فنان العرب محمد عبده، وقيثارة العرب نوال، وراشد الفارس، وأميمة طالب، وفنانو حفل اليوم، الجمعة، عايض يوسف، وزينة عماد، بالإضافة إلى مجموعة من المواهب السعودية الممّيزة.

أجواء تراثية وطربية في ليالي «صدى الوادي» (موسم الدرعية)

ويُقدّم برنامج «صدى الوادي» سلسلة من الحفلات التي تستضيف أبرز الفنانين في العالم العربي، عبر إثراء التجربة الفنية لزوار موسم الدرعية من خلال عروض موسيقية متنوّعة تشمل السامري وفنون الأداء الجماعي، وتُبرز جماليات المكان بتكوينه الطبيعي وشواهده التاريخية.

وتشمل تفاصيل «صدى الوادي» تجربة متكاملة تبدأ باستقبال الزوار بطابع الضيافة السعودية، مروراً بعروض شعرية وغنائية، وصولاً إلى مرافق فنّية ومعارض تفاعلية، من بينها معرض السامري الذي يُقدّم سرداً بصرياً وثقافياً لتراث فنون الأداء النجدية عبر تقنيات رقمية وآلات موسيقية معروضة، بما يعزّز دور البرنامج في الحفاظ على الفنون التقليدية وإبرازها بأسلوب معاصر.