زيادة «أخيرة» مرتقبة لأسعار الوقود تثير قلق مصريين من تداعياتها

ترقب زيادة جديدة في أسعار المحروقات بمصر وسط قلق من تأثيراتها في الأسعار (تصوير: رحاب عليوة)
ترقب زيادة جديدة في أسعار المحروقات بمصر وسط قلق من تأثيراتها في الأسعار (تصوير: رحاب عليوة)
TT

زيادة «أخيرة» مرتقبة لأسعار الوقود تثير قلق مصريين من تداعياتها

ترقب زيادة جديدة في أسعار المحروقات بمصر وسط قلق من تأثيراتها في الأسعار (تصوير: رحاب عليوة)
ترقب زيادة جديدة في أسعار المحروقات بمصر وسط قلق من تأثيراتها في الأسعار (تصوير: رحاب عليوة)

لاحظت الشابة الثلاثينية أميرة ياسين، زحاماً شديداً على محطة الوقود، صباح الثلاثاء، فربطت بينها وبين زيادة مرتقبة في أسعار الوقود، التي نوهت الحكومة المصرية عن حدوثها في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، قائلة بسخرية لـ«الشرق الأوسط»: «الكل يحاول أن يتجنب الزيادة ولو لأيام».

سئمت أميرة، التي تعمل مستشارة إعلامية، الزحام، وتركت المحطة إلى عملها، قائلة: «سواء ارتفع البنزين غداً أم بعد أسبوع فآثاره واقعة لا محالة»، مشيرة إلى أنها «لا تتحمل سوى مسؤولية نفسها وجزء تسهم به مع عائلتها»، لكن أكثر ما يشغلها «كيف ستتحمل الأسر التي تتكون من 4 و5 أشخاص، وبها أطفال في المدارس، هذه الزيادة التي يترتب عليها عادة زيادة في المواصلات، وكل شيء!».

وكان رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي، أعلن في 16 سبتمبر (أيلول) الحالي، عن زيادة للمحروقات في أكتوبر (تشرين الأول)، مع استمرار دعم السولار، قائلاً إنها «قد تكون الأخيرة فيما يخص الزيادات الحقيقية». الأمر نفسه، أكده وزير البترول، كريم بدوي، خلال لقاءه رؤساء تحرير الصحف، الاثنين.

وبينما تحاول الحكومة بث رسائل طمأنة أن الزيادة المرتقبة سيعقبها استقرار مأمول في أسعار المحروقات، يستقبل المواطنون شهر أكتوبر، بمزيد من التوتر والقلق.

الحكومة المصرية سترفع الدعم عن الوقود (تصوير: رحاب عليوة)

يحمل المحامي محمود أحمد (31 عاماً) هَمَّ الزيادة، خصوصاً وأنها تتزامن مع بدء تجهيزاته للزواج، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «الإقبال على خطوة كهذه يصبح أصعب في ظل الزيادات المستمرة في الأسعار». لدى محمود سيارة يستهلكها في كثير من المشاوير بحكم عمله؛ ما يجعل كل زيادة في أسعار الوقود عبئاً حقيقياً عليه.

وتعد الزيادة المرتقبة هي الثانية خلال العام الحالي، عقب تحريك أسعار الوقود في أبريل (نيسان) الماضي بنسبة وصلت إلى 14.5 في المائة.

بعد الزيادة السابقة، استبدل المحامي بنزين 80 ببنزين 92، رغم الأثر السلبي له على محرك سيارته، يقول: «فرق السعر بين المنتجين جعلني قادراً على استيعاب الزيادة»، لكنه لا يعلم كيف سيتصرف معها هذه المرة، خصوصاً إذا كانت كبيرة.

ولا تزال الحكومة تدرس مقدار الزيادة المرتقبة، وفق وزير البترول المصري، كريم بدوي، قائلاً خلال لقائه مع رؤساء تحرير الصحف، الاثنين، إن «سعر خام برنت ليس العامل الوحيد المؤثر في أسعار المواد البترولية، فهناك التكلفة الكلية ونسبة الاستيراد من الخارج، فهي معادلة تتضمن معايير عدة»، وفق صحيفة «المصري اليوم».

وأضاف وزير البترول: «الزيادة المقبلة إذا حدثت في أكتوبر فستكون الأخيرة الحقيقية، ولن يحدث بعدها زيادة أخرى حتى نهاية العام».

وتحفظ الخبير الاقتصادي وائل النحاس على وصف «الزيادة الأخيرة»، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»، إن ما ننتظره هو «التحريك الأخير لسعر الوقود في إطار برنامج الحكومة لرفع الدعم عن المحروقات، لكن ذلك لا يعني أن أسعار المحروقات لن تشهد زيادات جديدة».

وتعد الزيادة المرتقبة جزءاً من «برنامج إصلاح اقتصادي» تتّبعه مصر ضمن خطة «صندوق النقد الدولي»، بينما تترقب صرف حزمة جديدة من قرض الصندوق قيمتها 1.2 مليار دولار، عقب مراجعة خامسة وسادسة يفترض أن تعقدها الحكومة مع الصندوق في أكتوبر المقبل.

وأوضح النحاس: «بعد هذا التحريك، والمتوقع أن يصنع فجوة كبيرة في السوق، سيصبح سعر البنزين حراً مثل سعر صرف الدولار، ومرتبطاً بالأسواق العالمية؛ لذا قد نشهد ارتفاعات أو تغيرات في الأسعار سريعة هبوطاً أو ارتفاعاً».

وأشار النحاس إلى أن «الدول تتعامل في هذه الحالة وفق سيناريوهين، إما أن تتدخل في تحديد سعر المحروقات عند حد معين حتى لو أعلى من السعر العالمي، مع ادخار الفارق لضخه عند ارتفاع السعر العالمي، فلا يشعر المواطن به، أو تترك السوق حرة، وفق السعر العالمي؛ ما قد يجعل الأسعار تتحرك سريعاً بين ساعة وأخرى. وتابع أن «كلاً من السيناريوهين يحتاج لخطة وإعلان، ويجب أن تعلن الحكومة ما تنوي أن تتبعه الفترة المقبلة».

ورد عضو اللجنة الاقتصادية في مجلس النواب (البرلمان)، محمود الصعيدي، أن «تحريك أسعار المحروقات يعني تخفيف عبء دعمها (عدا السولار) عن الموازنة العامة للدولة، مع توظيف هذا الدعم في بنود أخرى مثل الصحة والتعليم».

وأوضح لـ«الشرق الأوسط»: «رفع الدعم وربط أسعار المحروقات بالسوق العالمية لا يعني أن نشهد تذبذب للأسعار على مدار الساعة وفق السعر العالمي، فلجنة التسعير الحكومية ستظل هي المنوطة بتحديد سعر المحروقات وإعلانها، وفق التغيرات التي تحدث في السوق العالمية؛ لذا، قد تضطر لتحريك السعر في فترات أقرب من الشهور الثلاثة التي مضت عليها الفترة الماضية، وقد تأتي التغيرات ارتفاعاً أو هبوطاً».

وحذر الخبير الاقتصادي من التداعيات الاقتصادية لزيادة الوقود، متوقعاً أن نشهد «ليس مجرد تضخم ولكن موجة غلاء»، موضحاً أن «الأولى تعني تذبذباً في الأسعار نتيجة العرض والطلب، لكن الثانية موجة ارتفاع في ظل زيادة كبيرة في مدخل من مدخلات الإنتاج. ولفت أن ذلك سيدفع المزيد من التجار والمصنعين إلى التخارج من السوق؛ ما سيزيد حالة الركود في السوق.

لكن عضو مجلس النواب رأى أن استمرار الحكومة في دعم السولار، حتى خلال الزيادة المرتقبة، من شأنه أن يحافظ على ضبط السوق، قائلاً إن «السولار هو العنصر الأهم الذي يتأثر به المواطن، إذ إن غالبية سيارات النقل التي تنقل المواد الغذائية تعتمد على السولار وكذلك وسائل النقل العام، فمن غير المتوقع حدوث ارتفاعات كبيرة في الأسعار بعد زيادة المحروقات الأخرى، وما نحتاجه هو تشديد الرقابة على الأسواق بعدها، لمنع مغالاة التجار والسائقين».


مقالات ذات صلة

مصر تستكمل مساعيها بزيارة رئيس وزرائها بيروت الأسبوع المقبل

المشرق العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون يستقبل السفير المصري علاء موسى (الرئاسة اللبنانية)

مصر تستكمل مساعيها بزيارة رئيس وزرائها بيروت الأسبوع المقبل

تعمل مصر على محاولة تخفيف حدة التوتر، وتجنيب لبنان أي تطور عسكري إسرائيلي، ضمن مبادرة متواصلة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شمال افريقيا القائد العام للقوات المسلحة المصرية يلتقي عدداً من قوات حرس الحدود (المتحدث العسكري المصري)

وزير الدفاع المصري يطالب الجيش بـ«الاستعداد الدائم» لمواجهة «التحديات المحتملة»

طالب القائد العام للقوات المسلحة المصرية، وزير الدفاع والإنتاج الحربي، الفريق أول عبد المجيد صقر، قوات الجيش بـ«الاستعداد الدائم لمواجهة التحديات المحتملة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق صورة لملصق دعائي لطبق الكشري كما أعلنت عنه وزارة الثقافة المصرية

الكشري المصري يدخل القائمة التمثيلية للتراث غير المادي لـ«اليونيسكو»

أعلنت وزارة الثقافة المصرية أنها نجحت في إدراج أكلة الكشري في القائمة التمثيلية للتراث غير المادي للإنسانية لمنظمة «اليونيسكو».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا وزارة التربية والتعليم المصرية اتخذت إجراءات صارمة ضد مدرسة دولية جديدة بالإسكندرية (الوزارة)

مصر: اتهامات متعاقبة بـ«التحرش» تُصعّد الانتقادات للتعليم الخاص

بعد اتهامات متعاقبة بوجود وقائع «تحرش جنسي» داخل مدارس خاصة ودولية في مصر، تصاعدت الانتقادات الموجهة لهذه النوعية من المدارس.

أحمد جمال (القاهرة)
شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال افتتاح بعض مشروعات منصة «مصر الرقمية» (الرئاسة المصرية)

الحكومة المصرية تطمح لـ«رقمنة الخدمات»... فماذا عن عقبة «الأمية»؟

أعلن رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي عن توجه حكومي للإسراع في قصر إتاحة بعض الخدمات على الإنترنت.

رحاب عليوة (القاهرة)

توتر بين «الدعم السريع» وقوات جنوب السودان

صورة ملتقطة من فيديو وزعته «الدعم السريع» في أبريل 2023 لمقاتلين في منطقة شرق النيل بالخرطوم (أرشيفية - أ.ف.ب)
صورة ملتقطة من فيديو وزعته «الدعم السريع» في أبريل 2023 لمقاتلين في منطقة شرق النيل بالخرطوم (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

توتر بين «الدعم السريع» وقوات جنوب السودان

صورة ملتقطة من فيديو وزعته «الدعم السريع» في أبريل 2023 لمقاتلين في منطقة شرق النيل بالخرطوم (أرشيفية - أ.ف.ب)
صورة ملتقطة من فيديو وزعته «الدعم السريع» في أبريل 2023 لمقاتلين في منطقة شرق النيل بالخرطوم (أرشيفية - أ.ف.ب)

بينما أكدت تقارير في جوبا حدوث توتر بين «قوات الدعم السريع» وقوات دفاع جنوب السودان، في منطقة هجليج النفطية بولاية جنوب كردفان، نفت «الدعم السريع» وقوع أي اشتباكات مسلحة بين الجانبين.

وأفادت صحيفة «جوبا بوست» بأن توتراً حادّاً حدث ليل السبت - الأحد بين القوات الجنوبية الموكَلة إليها حماية حقول النفط في هجليج - باتفاق ثلاثي بين جوبا وبورتسودان ونيالا - و«قوات الدعم السريع» التي سيطرت على المنطقة، بعد انسحاب الجيش السوداني منها إلى الدولة الجارة.

لكن الباشا طبيق، مستشار قائد «الدعم السريع»، قال في تغريدة على «فيسبوك» إن ما تناولته صحفٌ ووسائل إعلام سودانية موالية للجيش بشأن وقوع «اشتباكات في هجليج لا أساس له من الصحة». من جهة أخرى، تواصلت عمليات إجلاء العاملين في المنظمات الإنسانية والأممية من كادوقلي، عاصمة ولاية جنوب كردفان، التي تحاصرها «قوات الدعم السريع» بالاشتراك مع حليفتها «قوات الحركة الشعبية لتحرير السودان - تيار عبد العزيز الحلو».


تجديد ولاية بعثة «مونوسكو» دفعة لجهود السلام في شرق الكونغو

جندي من «بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو الديمقراطية» يصطحب امرأة كونغولية نازحة داخلياً (رويترز)
جندي من «بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو الديمقراطية» يصطحب امرأة كونغولية نازحة داخلياً (رويترز)
TT

تجديد ولاية بعثة «مونوسكو» دفعة لجهود السلام في شرق الكونغو

جندي من «بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو الديمقراطية» يصطحب امرأة كونغولية نازحة داخلياً (رويترز)
جندي من «بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو الديمقراطية» يصطحب امرأة كونغولية نازحة داخلياً (رويترز)

جدد مجلس الأمن الدولي ولايةَ «بعثة منظمة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو الديمقراطية (مونوسكو)» حتى 20 ديسمبر (كانون الأول) 2026، وسط مسار سلام يراوح في مكانه رغم تعدد الاتفاقات، مع عودة العنف مجدداً إلى صدارة المشهد.

هذه الخطوة الدولية، التي تضمنت دعوات إلى انسحاب حركة «23 مارس (إم 23)» المتمردة من مناطق احتلتها، يراها خبير في الشؤون الأفريقية، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، دفعةً لجهود السلام في شرق الكونغو الذي يعاني صراعات على مدى عقود عدة، موضحاً أن «غيابها يعني مزيداً من الفوضى؛ لكن مع التمديد يمكن تقديم دعم إضافي لمسار السلام المتعثر حالياً، على الرغم من الاتفاقات؛ لأسباب مرتبطة بعدم وجود تفاهمات حقيقية على الأرض».

وتتصدر أزمة شرق الكونغو، الممتدة منذ 3 عقود، الاهتمامات الأفريقية. وبحث وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، ونظيره الرواندي، أوليفييه أندوهونجيريهي، في لقاء بالقاهرة، سبلَ إرساء الاستقرار والسلم والأمن في منطقة شرق الكونغو، مؤكداً دعمَ مصر الكامل الجهودَ كافة الرامية إلى تثبيت الأمن والاستقرار، وفق بيان من «الخارجية المصرية» الأحد.

وجاء اللقاء عقب قرار مجلس الأمن الدولي تمديد ولاية «بعثة منظمة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو الديمقراطية (مونوسكو)» حتى 20 ديسمبر 2026، مع الحفاظ على سقف القوات المصرح به عند 11 ألفاً و500 فرد عسكري، و600 مراقب عسكري وضابط أركان، و443 فرد شرطة، و1270 فرداً من وحدات الشرطة المشكّلة، ومطالبة رواندا بوقف دعمها حركة «إم 23» المتمردة.

ويرى المحلل السياسي التشادي الخبير في الشؤون الأفريقية، صالح إسحاق عيسى، أن تجديد ولاية بعثة «مونوسكو» يمكن أن يشكل دفعة لجهود السلام في شرق الكونغو، «إذا اقترن بتغييرات عملية في أسلوب عملها، وتعاون حقيقي مع السلطات المحلية والمجتمعات المتضررة... فالوجود الأممي يوفر غطاء دولياً لحماية المدنيين، ودعماً لوجيستياً ومؤسساتياً للجيش والشرطة، كما يساهم في مراقبة حقوق الإنسان، وتهيئة بيئة أفضل أمناً للعمل الإنساني والحوار السياسي. لكن نجاح التجديد لا يعتمد على الاستمرار الشكلي، إنما على معالجة أسباب الصراع المزمنة، مثل ضعف الدولة، وتعدد الجماعات المسلحة، والتنافس على الموارد، وانعدام الثقة بين السكان والبعثة»، وفق عيسى.

وإذا ركزت «مونوسكو» على «دعم حلول سياسية محلية، وتعزيز المصالحة، وبناء قدرات مؤسسات الدولة، والاستجابة لمطالب السكان بشأن الحماية والشفافية، فقد ينعكس التجديد إيجاباً على الاستقرار»؛ يضيف عيسى، موضحاً: «أما إذا استمر الشعور بعدم الفاعلية أو غياب التنسيق، فقد يحد ذلك من أثرها... لذلك؛ يكون التجديد فرصة حقيقية للسلام عندما يُستثمر لإصلاح الأداء وتوجيه الجهود نحو جذور الأزمة».

ويسلط القرار الدولي الضوء على «الأزمة الأمنية والإنسانية المتدهورة بسرعة» في شرق الكونغو الديمقراطية بسبب هجوم حركة «23 مارس» في شمال وجنوب كيفو «بدعم وبمشاركة مباشرة من قوات الدفاع الرواندية»، وفق بيان «المجلس».

وقالت المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة، جنيفر لوسيتا، مساء الجمعة، إن «المفاوضات التي تقودها تعطلت مرة أخرى بسبب تقدم حركة (23 مارس) المدعومة من قوات الدفاع الرواندية».

ويشهد شرق الكونغو، الغني بالموارد الطبيعية والمجاور لرواندا، نزاعات مسلحة متواصلة منذ نحو 3 عقود، وتصاعدت حدة العنف بين يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) الماضيين، بعدما سيطرت حركة «23 مارس»، بدعم من كيغالي، على مدينتَي غوما وبوكافو الرئيسيتَين في الإقليم. وشنّت «23 مارس»، بدعم من رواندا، هجوماً جديداً في بداية ديسمبر الحالي بإقليم جنوب كيفو شرق البلاد على طول الحدود مع بوروندي، وأحكمت سيطرتها على بلدة أوفيرا الاستراتيجية في 11 ديسمبر الحالي.

وجاء التقدم الأخير للحركة في شرق الكونغو الغني بالمعادن بعد أسبوع من لقاء الرئيسَين؛ الكونغولي فيليكس تشيسيكيدي والرواندي بول كاغامي الرئيسَ الأميركي دونالد ترمب في واشنطن خلال وقت سابق من هذا الشهر، وأكدا التزامهما اتفاق سلام توسطت فيه الولايات المتحدة.

ووسط أنباء عن انسحاب الحركة من المنطقة المحتلة حديثاً، قال مسؤولون في «الصليب الأحمر»، الخميس الماضي، إن «شهر ديسمبر هو الأعلى حدة في النزاع».

ويعدّ الاتفاق بين رواندا والكونغو الديمقراطية بواشنطن في مطلع ديسمبر الحالي هو الأحدث ضمن سلسلة «تفاهماتٍ بإطار» أُبرمت خلال يونيو (حزيران) الماضي في واشنطن، إضافة إلى «إطار عمل الدوحة لاتفاقية سلام شاملة»، الذي وقعته كينشاسا وحركة «23 مارس» في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي في قطر، استكمالاً لاتفاقٍ يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

ويرى الخبير في الشؤون الأفريقية أن المطالب الدولية بانسحاب «23 مارس» من المناطق التي سيطرت عليها في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، تعبر عن ضغط سياسي ودبلوماسي متصاعد، «لكنها لا تعني بالضرورة أن الانسحاب يمكن تحقيقه قريباً». وأوضح أن «الحركة» ما زالت «تمتلك قوة عسكرية على الأرض، وتستفيد من تعقيدات المشهد الإقليمي، وضعف سلطة الدولة في بعض المناطق؛ مما يجعل استجابتها للضغوط وحدها أمراً غير مضمون».

وأضاف: «كما أن تجارب سابقة أظهرت أن بيانات الإدانة والمطالب الدولية لا تتحول سريعاً إلى واقع ميداني ما لم تُدعم بآليات تنفيذ واضحة، مثل عقوبات فعالة، أو ضغط إقليمي من الدول المؤثرة، أو تقدم حقيقي في المسارات التفاوضية».

في المقابل؛ قد يصبح الانسحاب ممكناً، وفق صالح إسحاق عيسى، «إذا ترافقت هذه المطالب مع تحرك منسق من (الاتحاد الأفريقي)، ومع ضمانات أمنية وسياسية تعالج دوافع الحركة، إضافة إلى تعزيز قدرات الدولة الكونغولية على بسط سيطرتها بعد أي انسحاب؛ لتفادي فراغ أمني». لذلك؛ «يبقى تحقيق الانسحاب القريب مرتبطاً بمدى جدية المجتمعَين الدولي والإقليمي في الانتقال من المطالبة إلى الفعل، وبإيجاد تسوية أوسع تعالج جذور الصراع»؛ وفق ما خلص إليه عيسى، وسط تفاقم الأزمة بشرق الكونغو.


ليبيا: «مفوضية الانتخابات» لإعلان نتائج المرحلة الثالثة من استحقاق البلديات

صورة وزعتها مفوضية الانتخابات لمركزها للعد والإحصاء الأحد (مفوضية الانتخابات)
صورة وزعتها مفوضية الانتخابات لمركزها للعد والإحصاء الأحد (مفوضية الانتخابات)
TT

ليبيا: «مفوضية الانتخابات» لإعلان نتائج المرحلة الثالثة من استحقاق البلديات

صورة وزعتها مفوضية الانتخابات لمركزها للعد والإحصاء الأحد (مفوضية الانتخابات)
صورة وزعتها مفوضية الانتخابات لمركزها للعد والإحصاء الأحد (مفوضية الانتخابات)

تستعد المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في ليبيا لإعلان نتائج المرحلة الثالثة من انتخابات المجالس البلدية التي أُجريت مؤخراً في مدن شرق البلاد وجنوبها.

وأعلنت المفوضية في بيان، الأحد، أن مركزها للعدّ والإحصاء استكمل إدخال جميع بيانات استمارات النتائج الواردة من المكاتب الانتخابية، في إطار الإجراءات الفنية المعتمدة و«وفق أعلى معايير الدقة والمراجعة»، مشيرة إلى أن «العمل حالياً متوقف عند انتظار أحكام القضاء المختص بشأن الطعون المقدمة؛ التزاماً بمبدأ سيادة القانون، وضماناً لنزاهة وشفافية العملية الانتخابية».

ونفت المفوضية ما جرى تداوله بشأن صدور النتائج الأولية لهذه الانتخابات، مؤكدة أن الإعلان عن أي نتائج سيتم فقط عبر القنوات الرسمية للمفوضية، وبعد استكمال جميع المراحل القانونية والإجرائية، مجددة «التزامها بإطلاع الجميع على أي مستجدات في حينها وبكل شفافية».

وتنتظر المفوضية أحكام المحاكم المختصة في 7 طعون بالبلديات التي أجريت بها عملية الاقتراع السبت الماضي؛ لإعلان النتائج الأولية.

من جهة أخرى، أدانت لجنة متابعة الأجهزة الرقابية بمجلس النواب بشرق ليبيا، الهجوم الذي استهدف مقر «الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد» في مدينة جنزور بالعاصمة طرابلس، وعدّته «اعتداءً خطيراً على مؤسسات الدولة، ومحاولة لإفشال جهود مكافحة الفساد وتقويض ثقة المواطنين».

وطالبت اللجنة، في بيان مساء السبت، بفتح تحقيق عاجل وشفاف لملاحقة الجناة وتقديمهم للعدالة، مع اتخاذ إجراءات لحماية المؤسسات الرقابية، مؤكدة تضامنها الكامل مع العاملين بالهيئة، واستمرار دعمها لمسار الإصلاح وبناء دولة القانون.

وكان مقر هيئة مكافحة الفساد في جنزور بغرب ليبيا، تعرض لهجوم الأسبوع الماضي، أدى إلى أضرار مادية دون إصابات بشرية، وسط تعهدات بتحقيق سريع وإدانات رسمية؛ باعتباره استهدافاً مباشراً لمؤسسة رقابية معنية بحماية المال العام.

وفي شأن يتعلق بالأرصدة الليبية المجمدة في الخارج، قال رئيس لجنة التحقق من الأموال الليبية المجمّدة بالخارج بمجلس النواب، يوسف العقوري، إنه «يتابع باهتمام بالغ، إحاطة مجلس الأمن الدولي التي عُقدت الجمعة، وذلك في إطار متابعة ملف الأموال الليبية المجمّدة في الخارج، وما يحيط به من تجاوزات خطيرة».

ونقل العقوري مساء السبت، عن السفير عمار بن جمعة، المندوب الدائم للجزائر لدى الأمم المتحدة، قوله إن «الأرصدة المالية الليبية المجمّدة تتعرض للتآكل وسوء الاستخدام من قبل بعض المؤسسات المالية الأجنبية المودعة لديها، في خرق واضح للقانون الدولي وللقرارات الأممية ذات الصلة».

وقال العقوري إن السفير الجزائري، طالب باسم بلاده وباسم المجموعة الأفريقية، «بضرورة إجراء عملية محاسبة شاملة وشفافة، ومساءلة الجهات المسؤولة عن هذه الانتهاكات، مع إلزامها بتعويض الدولة الليبية عن أي خسائر لحقت بهذه الأرصدة».

ورحب العقوري بـ«الدعم الدولي لموقف ليبيا الذي يطالب بتدقيق مالي لجميع الأرصدة، وتعويضها عن أي مخالفات بشأنها»، وأضاف أن «أي تلاعب أو سوء إدارة لهذه الأرصدة، يُعدّ اعتداءً مباشراً على السيادة الليبية وحقوق الأجيال القادمة».

وانتهى إلى أن اللجنة «لن تتهاون في هذا الملف، وستتخذ كل الإجراءات البرلمانية والقانونية والدولية اللازمة لملاحقة المتسببين، وضمان حماية الأموال الليبية واسترداد حقوق الدولة كاملة بالتنسيق الكامل مع الدول الصديقة الأعضاء في مجلس الأمن».