أزمات فرنسا السياسية والاجتماعية تتراكم... والبلاد بلا حكومة

رئيسها المكلف يواصل مشاوراته ويواجه تعقيدات لبلورة تصور لميزانية عام 2026

رئيس الحكومة المعين سيباستيان لوكورنو (أ.ف.ب)
رئيس الحكومة المعين سيباستيان لوكورنو (أ.ف.ب)
TT

أزمات فرنسا السياسية والاجتماعية تتراكم... والبلاد بلا حكومة

رئيس الحكومة المعين سيباستيان لوكورنو (أ.ف.ب)
رئيس الحكومة المعين سيباستيان لوكورنو (أ.ف.ب)

في 9 سبتمبر (أيلول)، بعد أيام قليلة على استقالة حكومة فرنسوا بايرو، عقب فشل رئيسها في الحصول على ثقة الجمعية الوطنية (البرلمان)؛ بسبب رفض خطته لخفض مديونية الدولة وميزانية عام 2026، سمى رئيس الجمهورية، بموجب صلاحياته الدستورية، سيباستيان لوكورنو رئيساً للحكومة، والمفترض أن تكون أولى مهماته أن يعرض على الرئيس تشكيلته الحكومية ليتم إصدارها بمرسوم. والحال، أنه بعد مضي أكثر من 3 أسابيع، ما زالت فرنسا من غير حكومة، وما زال وزراء الحكومة السابقة يقومون بتصريف الأعمال العادية.

سيباستيان لوكورنو (يمين) وفرنسوا بايرو خلال عملية التسلم والتسليم في 10 سبتمبر (رويترز)

وتفيد الأوساط السياسية بأن لوكورنو لم يبدأ بعد بالنظر في الأسماء التي ستضمها حكومته العتيدة، بل إن اهتمامه منصب، من خلال المشاورات المُوسَّعة التي يقوم بها مع الأحزاب المُمثَّلة في البرلمان والنقابات وهيئات أرباب العمل على وضع الخطوات العريضة للميزانية المطلوبة، بينما أوضاع المالية العامة تتدهور، بحيث إن ديون فرنسا زادت على 3400 مليار يورو.

لوكورنو يراوح مكانه

حتى اليوم، حقَّق لوكورنو رقماً قياسياً، إذ تسلم المرتبة الأولى في طول المدة التي يحتاج إليها أي رئيس مكلف لتشكيل حكومته. والسبب في ذلك أنه يريد، قبل اختيار الأسماء، التوصُّل إلى تفاهمات حول شكل الميزانية المقبلة. وقال لوكورنو، في حديث مطول قبل يومين لصحيفة «لو باريزيان»: «الأهم هو المحتوى وليس أسماء الوزراء». وهنا، تكمن الصعوبة الكبرى، حيث إن اليسار مُمثَّلاً بـ«الحزب الاشتراكي» متمسك بأمرين أساسيَّين يربط بهما امتناعه عن رفض الثقة بالحكومة العتيدة، وبالتالي تجنب إسقاطها لدى أول اختبار: الأول، فرض ضريبة على الثروات الكبرى في البلاد، والتراجع عن قانون التقاعد الأخير أو على الأقل تجميد العمل به.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً يوم 24 سبتمبر في نيويورك بمناسبة «قمة المناخ» على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة (أ.ف.ب)

لكن «الكتلة المركزية» في البرلمان المُشكَّلة من الأحزاب الثلاثة الداعمة للرئيس ماكرون («النهضة»، و«هورايزون»، و«الحركة الديمقراطية») ومن حزب «الجمهوريون» اليميني التقليدي ترفض قطعياً المطلبَين اليساريَّين، وكذلك يرفضهما بشدة أرباب العمل، بينما تتمسَّك بهما النقابات. ولوكورنو نفسه يرفض التجاوب. إلا أنه يدعو بالمقابل إلى مزيد من «العدالة الضريبية» لكنه لا يوضح كيفية تحقيق ذلك الهدف. ولأن ماكرون ولوكورنو لا يتمتعان بالأكثرية المطلقة في الجمعية الوطنية، فإن وضعهما بالغ الهشاشة؛ بسبب استحالة التوفيق بين المطالب المتناقضة.

بعد 3 أسابيع من المراوحة، ما زال لوكورنو في المربع الأول، بينما الضغوط السياسية والاجتماعية تتصاعد عليه وعلى ماكرون. فمن جهة، يطالب حزب «التجمع الوطني» اليميني المتطرف الذي تتزعمه المرشحة الرئاسية السابقة مارين لوبان، ويرأسه النائب الأوروبي جوردان بارديلا، بانتخابات تشريعية مبكرة، وهو يعتقد أن «اللحظة السياسية» مواتية له وفق ما تنبئ به استطلاعات الرأي. وبالمقابل، يدعو حزب «فرنسا الأبية» اليساري المتشدد بزعامة المرشح الرئاسي الآخر جان لوك ميلونشون، إلى تنحية ماكرون والذهاب مباشرة إلى انتخابات رئاسية.

وحتى اليوم، يرفض ماكرون الطلبَين. فمن جهة، أكد أكثر من مرة أنه سيمارس ولايته الثانية حتى آخر لحظة وهي تنتهي في ربيع عام 2027. ومن جهة ثانية، يرفض حل الجمعية الوطنية مرة ثانية بعد الكارثة السياسية التي تسببت بها الانتخابات المبكرة صيف العام الماضي لأن مبادرة مثل هذه ستعني تراجع كثير من النواب الداعمين له، بينما تؤشر بعض الدراسات إلى أن اليمين المتطرف يمكن أن يحصل على الأكثرية المطلقة في البرلمان، ما سيعني أن فرنسا ستكون أول بلد أوروبي كبير يحكمه اليمين المتطرف.

الحراك الاجتماعي

بعد يوم واحد من تعيينه، نزل إلى الشوارع والساحات في مظاهرات جرارة ما يزيد على مليون شخص، بحسب النقابات العمالية. وقبل ذلك بأسبوع، شهدت فرنسا يوماً مطلبياً تحت شعار «لنشل كل شيء» في البلاد.

وتخطط النقابات مجدداً لمسيرات ومظاهرات كبرى يوم 2 أكتوبر (تشرين الأول) ولائحة مطالبهم طويلة: التخلي نهائياً عن مشروع الموازنة التي أعدتها حكومة بايرو، العودة عن القانون الذي يرفع سن التقاعد إلى 64 عاماً، ورفض الإصلاحات المخطط لها لقانون البطالة، وتعزيز الخدمات العامة (مدارس ومستشفيات وغيرها) مع مطالب قطاعية أخرى، وأخيراً التشديد على أهمية العدالة الضريبية التي تأخذ حيزاً واسعاً من الجدل السياسي في فرنسا... وما تتخوف منه السلطات أن تتراكم المطالب الاجتماعية ما ستكون له تبعاته على الاستقرار الاجتماعي، بينما البلاد تفتقر للاستقرار السياسي وتعاني من أزمة مديونية حادة برزت أولى تبعاتها في خفض التصنيف الائتماني لفرنسا، وارتفاع نسبة الفوائد المطلوبة منها، ما يعني آلياً زيادة قيمة هذه الفوائد التي يمكن أن تصل هذا العام إلى 60 مليار يورو.

ممثلو تحالف النقابات يغادرون قصر ماتينيون في باريس بعد اجتماع مع رئيس الوزراء الفرنسي... 24 سبتمبر 2025 (إ.ب.أ)

وهذا الوضع يضعف فرنسا في الداخل وعلى الصعيدين الأوروبي والعالمي، بينما الرئيس ماكرون يكرس كثيراً من وقته للأزمات الدولية سواء أكان في الشرق الأوسط (حرب غزة والحراك الدبلوماسي الناجح في الأمم المتحدة من أجل «حل الدولتين») أم بالنسبة للحرب في أوكرانيا والتهديدات الروسية، أو العلاقة الأوروبية مع الولايات المتحدة. وما كاد ماكرون يعود من نيويورك، فها هو يتأهب لزيارة الدنمارك وألمانيا ولوكسمبورغ، أيام الأربعاء والخميس والجمعة، ما يعني أن ولادة الحكومة الجديدة لن تحصل قبل الأسبوع المقبل.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الحكومة المعين سيباستيان لوكورنو (أ.ف.ب)

هبوط شعبية ماكرون

بيد أن هذا الحراك الدبلوماسي الخارجي لا ينعكس ارتفاعاً في شعبية ماكرون. فقد بيَّن استطلاع للرأي أجراه معهد «إيفوب» لصالح «صحيفة الأحد» الأسبوعية، والذي نشرته في عددها الأخير، أن شعبية الرئيس الفرنسي هبطت إلى حدود 17 في المائة، ما يمثل أسوأ نتيجة حصدها منذ وصوله إلى السلطة ربيع عام 2017. ورغم أن الانتخابات الرئاسية المقبلة لن تحصل قبل 19 شهراً، فإن التنافس بين المرشحين ممَّن تتشكَّل منهم «الكتلة المركزية» قد انطلق على أشده إلى جانب مرشحي الأحزاب الأخرى. المرشحون كثر وقد لا تكون لوائحهم قد اكتمل عددها.

الرئيس إيمانويل ماكرون يصافح وزير الداخلية برونو روتايو... وظهر في الصورة وزير العدل جيرالد دارمانان وإلى جانبه وزير الدفاع سيباستيان لو كورنو (أ.ف.ب)

ويبيِّن استطلاع آخر نشرت نتائجه الثلاثاء صحيفة «أوبينيون» احتلال مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان، أو مرشحه جوردان بارديلا، المرتبة الأولى في التنافس الرئاسي المقبل، متقدماً بنسبة كاسحة على منافسيه. وهذه النسب تضغط على ماكرون وتضعفه، وقد ظهر ذلك بشكل بين الأحد قبل الماضي في خطاب ألقاه غبريال أتال، رئيس الحكومة الأسبق ورئيس حزب «النهضة» الذي أسَّسه ماكرون. أتال قال بوضوح إنه يريد «القطيعة مع الممارسات السياسية السابقة»، وإن هناك «ضوءاً في نهاية النفق» أي بعد انتهاء عهد ماكرون. وللتذكير فإن أتال «صنيعة» ماكرون الذي جاء به وزيراً ناطقاً باسم الحكومة ثم رئيساً للحكومة وكان الأصغر في تاريخ فرنسا. إلا أنه عزم على التحرر من الإرث الماكروني والتهيؤ للاستحقاقات المقبلة.

مارين لوبان في الجمعية الوطنية (رويترز)

هكذا تعيش فرنسا استحقاقات صعبة في الداخل والخارج. والمحبط فيها أن لا مخارج واضحة لقلب صفحة الأزمات المتداخلة والمتناسلة في بلد لم يعتد، كما حال ألمانيا أو بلجيكا أو دول أوروبية أخرى، على قيام تحالفات سياسية على أساس برامج محددة ولفترات زمنية محددة.



سيارة تدهس حشداً في هولندا وتصيب 9 بينهم 3 بجروح خطيرة

عناصر من شرطة هولندا (أرشيفية - د.ب.أ)
عناصر من شرطة هولندا (أرشيفية - د.ب.أ)
TT

سيارة تدهس حشداً في هولندا وتصيب 9 بينهم 3 بجروح خطيرة

عناصر من شرطة هولندا (أرشيفية - د.ب.أ)
عناصر من شرطة هولندا (أرشيفية - د.ب.أ)

قالت الشرطة إن سيارة اندفعت نحو حشد من الأشخاص الذين كانوا ينتظرون مشاهدة عرض في مدينة بشرق هولندا، مساء اليوم الاثنين، ما أسفر عن إصابة تسعة أشخاص، ثلاثة منهم على الأقل إصاباتهم خطيرة.

وأوضحت شرطة جيلدرلاند، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أن الحادث لا يبدو متعمداً في الوقت الحالي، لكنها فتحت تحقيقاً.

وكان الناس ينتظرون مشاهدة عرض لمركبات مزينة بأضواء عيد الميلاد في مدينة نونسبيت، الواقعة على بعد نحو 80 كيلومتراً شرق أمستردام.

وقالت بلدية إلبورج المجاورة، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إن العرض توقف بعد الحادث.

وقال رئيس البلدية يان ناثان روزندال في بيان: «ما كان ينبغي أن يكون لحظة تضامن انتهى بقلق وحزن كبيرين».

وأضافت الشرطة أن السائقة، وهي امرأة (56 عاماً) من نونسبيت، أصيبت بجروح طفيفة، وتم توقيفها «كما هو معتاد في حوادث المرور الخطيرة»، دون تقديم مزيد من التفاصيل.


أوكرانيا: القوات الروسية تلجأ إلى التنقل بالخيول في ساحة المعركة

الدمار يظهر في حي أوكراني بمنطقة دونيتسك (الجيش الأوكراني - أ.ف.ب)
الدمار يظهر في حي أوكراني بمنطقة دونيتسك (الجيش الأوكراني - أ.ف.ب)
TT

أوكرانيا: القوات الروسية تلجأ إلى التنقل بالخيول في ساحة المعركة

الدمار يظهر في حي أوكراني بمنطقة دونيتسك (الجيش الأوكراني - أ.ف.ب)
الدمار يظهر في حي أوكراني بمنطقة دونيتسك (الجيش الأوكراني - أ.ف.ب)

قالت القوات الأوكرانية إنها رصدت جنوداً روساً يمتطون الخيول قرب خط المواجهة، في مؤشر على الأساليب الارتجالية التي تستخدم في ساحة المعركة.

ونشر اللواء الهجومي 92 التابع للجيش الأوكراني، اليوم الاثنين، مقطع فيديو يظهر على ما يبدو عدداً من الجنود الروس يتنقلون على ظهور الخيل أو البغال، ويتعرضون لهجمات بطائرات مسيرة صغيرة، وفقاً لـ«وكالة الأنباء الألمانية».

وقال اللواء 92، في منشور عبر تطبيق «تلغرام»، «يخسر المحتلون الروس معداتهم بسرعة كبيرة في هجماتهم المباشرة التي لا توفر سوى فرص ضئيلة للنجاة، إلى درجة أنهم باتوا مضطرين للتحرك على ظهور الخيل».

لقطة من فيديو نشرته القوات الأوكرانية تظهر ما يبدو وكأنه جندي روسي يمتطي جواداً ويحاول عبور منطقة مفتوحة قبل أن تصيبه طائرة مسيرة

وقال محللون إنه من المرجح أنه تم تصوير مقطع الفيديو في منطقة دنيبروبيتروفسك جنوبي البلاد، على الرغم من عدم إمكانية التحقق من الموقع بشكل مستقل.

وبحسب ما يظهر في اللقطات، كان الجنود الروس يحاولون عبور حقل واسع ومفتوح بأسرع ما يمكن.

وتعتمد القوات الروسية بشكل متزايد على مجموعات هجومية صغيرة للتقدم بسرعة نحو المواقع الأوكرانية ثم محاولة التحصن فيها. وأظهرت مقاطع فيديو سابقة جنوداً روساً يستخدمون دراجات نارية مخصصة للطرق الوعرة، ودراجات رباعية الدفع، ودراجات كهربائية كوسيلة للتنقل.

كما شوهد جنود أوكرانيون يستخدمون الدراجات الجبلية الكهربائية والدراجات النارية للتنقل بسرعة عبر ساحة المعركة.


شبهات «تجسس ألماني» أجبرت مدير مدرسة ملك بريطانيا على مغادرة اسكوتلندا

كورت هان (ويكيبيديا)
كورت هان (ويكيبيديا)
TT

شبهات «تجسس ألماني» أجبرت مدير مدرسة ملك بريطانيا على مغادرة اسكوتلندا

كورت هان (ويكيبيديا)
كورت هان (ويكيبيديا)

كشفت وثائق حكومية بريطانية رُفعت عنها السرّية مؤخراً، أن كورت هان، مؤسس مدرسة «غوردونستون» الشهيرة التي تلقّى فيها الملك تشارلز تعليمه في شبابه، خضع لمراقبة دقيقة من جهاز الاستخبارات الداخلية البريطاني (MI5)، على خلفية تقارير وُصفت آنذاك بـ«المقلقة»، شككت في ولائه لبريطانيا خلال سنوات الحرب العالمية الثانية، وفقاً لصحيفة «التايمز».

وتُظهر الملفات، التي كان مقرراً الإبقاء عليها سرية حتى عام 2046، أن هان أُجبر فعلياً على مغادرة اسكوتلندا عام 1940، بعد اتهامات رسمية بأنه قد يكون «جاسوساً ألمانياً خطيراً»، في واحدة من أكثر القضايا المثيرة للجدل في تاريخ التعليم البريطاني الحديث.

وكان هان، المولود في ألمانيا، يُشاد به بوصفه مربياً رائداً وصاحب رؤية تربوية ثورية، إذ أسس مدرسة «غوردونستون» عام 1934 في مقاطعة موراي شمال شرقي اسكوتلندا، بعدما اضطر إلى مغادرة بلاده بسبب انتقاداته العلنية لهتلر. ولاحقاً، استضافت المدرسة ثلاثة أجيال من العائلة المالكة البريطانية، من بينهم الأمير فيليب، دوق إدنبرة، والملك تشارلز.

غير أن اندلاع الحرب العالمية الثانية أعاد فتح ملف ولاء هان، وسط تصاعد المخاوف من غزو نازي محتمل للسواحل الاسكوتلندية. وتكشف مراسلات رسمية أن الدعوة إلى التحقيق معه، قادها توماس كوبر، المدعي العام الاسكوتلندي آنذاك، إلى جانب جيمس ستيوارت، نائب كبير منسقي الانضباط الحزبي لرئيس الوزراء ونستون تشرشل.

وفي رسالة بعث بها كوبر إلى وزارة الداخلية في يونيو (حزيران) 1940، قال إن «الملف المُعد ضد هان، ربما يكون أخطر من أي ملف آخر»، مضيفاً أن جهاز «MI5»؛ «يعرف كل شيء عن هذا الرجل»، وأنه «إما جاسوس خطير أو عميل بريطاني».

واتهم كوبر مدرسة «غوردونستون» بأنها تشكّل موقعاً مثالياً للتجسس، نظراً لموقعها المشرف على خليج موراي، وقربها من مطارات ومحطة لاسلكية، فضلاً عن امتلاكها تجهيزات اتصالات مكثفة وعدداً كبيراً من أجهزة الاستقبال اللاسلكي. كما أشار إلى وجود عدد كبير من الألمان ضمن طاقم المدرسة، بعضهم ضباط سابقون في الجيش الألماني.

وأضاف أن مراقبة هواتف المدرسة خلال شتاء 1939 - 1940 كشفت عن مكالمات بعيدة المدى تتناول موضوعات تبدو «تافهة» عن الزراعة والماشية، لكنها، بحسب تقديره، كانت رسائل «مشفّرة».

وفي السياق نفسه، بعث جيمس ستيوارت برسالة إلى وزير الأمن الداخلي، السير جون أندرسون، متسائلاً عن إمكانية نقل المدرسة إلى «منطقة أقل حساسية». وجاء الرد أن هان يعتزم نقل المؤسسة إلى ويلز، وهو ما تم بالفعل في يوليو (تموز) 1940، «لتهدئة المخاوف المحلية»، وفق تعبير الوزارة.

وتضم الملفات أيضاً رسالة من مدير مدرسة مجاورة، اتهم فيها هان باستقبال نازي ألماني كان يتردد ليلاً على المدرسة، ويقوم بجولات تصوير للساحل الاسكوتلندي ومنشآت حيوية قريبة.

وعلى الرغم من كل تلك الشبهات، تُظهر السجلات الأمنية اللاحقة أن أجهزة الاستخبارات لم تعثر على أي دليل يثبت تورط هان في نشاط معادٍ لبريطانيا. وخلص تقرير رسمي لوزارة الداخلية إلى أنه «لا يوجد ما يبرر القلق»، مؤكداً أن هان «معجب بالمؤسسات البريطانية» ولا يكنّ أي عداء للبلاد.

كما تكشف الوثائق أن هان كان يزوّد مكتب الدعاية البريطاني بمعلومات بشكل غير رسمي، من دون علم وزارة الداخلية أو جهاز «MI5»، ما يرجّح أنه كان أقرب إلى متعاون غير معلن منه إلى مشتبه به حقيقي.

وإلى جانب الجدل الأمني، تسلّط الوثائق الضوء على فلسفة هان التربوية المثيرة للجدل، التي قامت على ما وصفه بـ«مختبر تربوي» قاسٍ، شمل تعريض التلاميذ لظروف بدنية شديدة؛ مثل الجري حفاة في الثلج، والاستحمام بالماء البارد، والتدريب البدني الصارم، في إطار إيمانه بأن «قوة الطفولة الروحية» يمكن الحفاظ عليها ومنع «تشوّه المراهقة».

وكان الأمير فيليب من أبرز المدافعين عن هان، واستلهم لاحقاً أفكاره في تأسيس «جائزة دوق إدنبرة». في المقابل، لم يُخفِ الملك تشارلز استياءه من سنوات دراسته في «غوردونستون»، واصفاً إياها لاحقاً بأنها «سجن بلباس اسكوتلندي».

وتوفي كورت هان عام 1974 عن عمر ناهز 88 عاماً في ألمانيا، بينما لا تزال مدرسته تواجه إرثاً مثقلاً بالانتقادات؛ ففي العام الماضي، قدمت «غوردونستون» اعتذاراً رسمياً بعد تحقيق اسكوتلندي خلص إلى وجود «ثقافة مروّعة من الإساءة والعنف» داخل المدرسة قبل عام 1990.