لبنان: اتفاق بين الحريري وجعجع على «تنظيم الخلاف»

مصادر في «14 آذار» لا تستبعد أن يطرأ خرق على الملف قبل عيد الميلاد

لبنان: اتفاق بين الحريري وجعجع على «تنظيم الخلاف»
TT

لبنان: اتفاق بين الحريري وجعجع على «تنظيم الخلاف»

لبنان: اتفاق بين الحريري وجعجع على «تنظيم الخلاف»

لا تزال التسوية الرئاسية التي طرحها رئيس تيار المستقبل، النائب سعد الحريري والتي تقضي بانتخاب رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، رئيسا، تأخذ الحيّز الأهم من الاهتمامات والمباحثات بين مختلف الأطراف اللبنانية في ظل تمسّك الأحزاب المسيحية، لغاية الآن، بقرارها الرافض لها.
وفي حين كانت قد نعت مصادر عدّة في فريق 8 آذار، هذه التسوية معتبرة أنّ الملف الرئاسي دخل مرحلة الجمود إلى العام المقبل، رأت مصادر في «قوى 14 آذار» في حديثها لـ«الشرق الأوسط» أنّ «هذه الصفحة لم تطو بل يبدو أن العمل عليها مستمر بعيدا عن الضجيج ولا سيما من قبل تيار المستقبل الذي لا يزال رئيسه متمسكا بها»، واضعة الزيارة التي قام بها كل من مستشاري الحريري، الوزير السابق غطاس خوري ونادر الحريري إلى فرنجية، قبل يومين، في خانة هذا الحراك، من دون أن تستبعد احتمال أن يطرأ خرق ما قبل عيد الميلاد المجيد.
ويوم أوّل من أمس، سجّل اتصال، هو الأول من نوعه منذ الإعلان عن التسوية، بين الحريري ورئيس «حزب القوات» سمير جعجع، وما رافقها من مواقف «عاتبة» ورافضة لها من قبل مسؤولين في القوات كما وصلت في بعض الأحيان إلى حد المواجهات بين مناصري الطرفين. وأوضحت مصادر في «القوات» لـ«الشرق الأوسط» أنّ جعجع هو من اتصل بالحريري، لافتة إلى أنّ الاتصال كان وديا وبحث خلاله موضوع رئاسة الجمهورية والتسوية المقترحة بإيجابياتها وسلبياتها بشكل دقيق ومعمّق إضافة إلى أهمية العمل للمحافظة على مصلحة ووحدة فريق 14 آذار. وأشارت إلى أنّه تم التوافق على «تنظيم الخلاف» واستمرار التواصل الذي لم ينقطع بين «القوات» و«المستقبل» ولا سيمّا في الأيام المقبلة للبحث بكل ما قد يطرأ من مستجدات.
وفي الإطار نفسه، دعا رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل كل مرشح للرئاسة أن «يقدم مشروعه»، قائلا في كلمة له خلال حفل قسم يمين للمنتسبين الجدد للحزب: «إذا رأينا أن مشروعه يلتقي مع مشروعنا فأهلا به»، مشددا على أنه «لا أحد يستطيع أن يجبر الكتائب على أن تمشي ضد قناعاتها».
وأكد أنه «حان الوقت للاعتراف أن نظامنا السياسي هو المشكلة، والتطلع للمستقبل عبر تطوير نظامنا السياسي». وأشار الجميل إلى أنه «لا دولة بالعالم تبنى بوجود سلاح خارج إطار السلطة الشرعية، هدفنا هو الوصول إلى حل مع حزب الله لإقناعه بالعودة إلى الدولة والدفاع سويا عن الدولة بوجه الإرهاب».
ولفت الجميل إلى أن «جزءا كبيرا من السياسيين والأحزاب يأخذون أوامرهم من الخارج ونحن ننتظر اتفاق الخارج للتنفيذ بالداخل»، معتبرا أن «المطلوب هو أن تكون الأولوية لمصلحة اللبنانيين وبئس الأيام التي بات علينا الاختيار بين بشار الأسد وداعش»، مضيفا: «حق الشعب أن يقرر مصيره، هذه الدول لم تكن لتقرر عنا من نريد رئيسا لنا لولا أن بعض السياسيين سلموا قرارهم للخارج، العلة موجودة بمن انتخبناهم نوابا لنا».
في المقابل، دعا وزير الدولة لشؤون مجلس النواب، المحسوب على حزب الله، محمد فنيش في كلمة له خلال رعايته حفل تخريج طلاب ثانوية صور الرسمية للبنات إلى «تفعيل الحوار بين مختلف القوى السياسية مهما كان هناك من انقسام أو خلاف، سواء كان هذا الحوار ثنائيًا أو على المستوى الوطني العام الذي هو أكثر من ضرورة وذلك من أجل أن تبقى الخلافات السياسية تحت سقف حماية الوطن وحفظ استقراره، وأيضًا من أجل إيجاد الحلول لأزمتنا السياسية وإعادة إحياء المؤسسات والاتفاق على قواعد سليمة وصحيحة وحقيقية لشراكة وطنية ولتعاون بين الجميع، لأن نظامنا السياسي لا يسمح لأي فئة أن تملي قرارها أو أن تمارس الغلبة في هذا البلد».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».