الاتصالات والإنترنت... وسيلة حوثية لقمع اليمنيين

موالون للجماعة طالبوا بقطع الخدمة نهائياً

الحوثيون مستمرون منذ الانقلاب في استغلال قطاع الاتصالات اليمني (فيسبوك)
الحوثيون مستمرون منذ الانقلاب في استغلال قطاع الاتصالات اليمني (فيسبوك)
TT

الاتصالات والإنترنت... وسيلة حوثية لقمع اليمنيين

الحوثيون مستمرون منذ الانقلاب في استغلال قطاع الاتصالات اليمني (فيسبوك)
الحوثيون مستمرون منذ الانقلاب في استغلال قطاع الاتصالات اليمني (فيسبوك)

اشتكى سكان العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء ومدن أخرى خاضعة لسيطرة الحوثيين من تراجع حاد في خدمة الإنترنت وانقطاع الاتصالات، بالتزامن مع حلول الذكرى الـ62 لـ«ثورة 26 سبتمبر/ أيلول» التي أطاحت بحكم أسلاف الجماعة شمال اليمن، وذلك بالتزامن مع حملات قمع واعتقالات نفذتها الجماعة ضد ناشطين وصحافيين ومواطنين اتُّهموا بالاحتفال بالمناسبة الوطنية.

مصادر في قطاع الاتصالات الخاضع للجماعة أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن قيادات حوثية رفيعة أصدرت توجيهات إلى شركتَي «تيليمن» و«يمن موبايل» تقضي بإبطاء سرعة الإنترنت وخفض جودة الاتصالات، لمنع السكان من تبادل التهاني أو تنظيم أي أنشطة مرتبطة بذكرى الثورة.

وأوضحت المصادر أن القرار جاء بالتزامن مع تكثيف الاعتقالات في صنعاء وذمار وإبّ وحجة، حيث استهدفت الجماعة ناشطين وإعلاميين ومثقفين نشروا تغريدات أو مقاطع مصورة تعبّر عن تمسكهم بالقيم الجمهورية.

اليمن يعاني من تدهور في كفاءة الاتصالات منذ الانقلاب الحوثي (إكس)

ولم يقتصر الأمر على إضعاف الشبكة؛ إذ عمدت الجماعة خلال الأيام الماضية إلى تعطيل جزئي أو كلي لخدمة الاتصالات في قرى نائية بمحافظات صنعاء وإبّ وذمار والمحويت وعمران وريمة. وبحسب المصادر، فإن الهدف هو عزل تلك المناطق ومنع أي تنسيق أو دعوات محلية للاحتفال بذكرى الثورة أو التعبير عن رفض سلطة الجماعة.

ويقول سكان في صنعاء إن الإنترنت أصبح «رديئاً إلى حد غير مسبوق»، خصوصاً في أوقات الذروة؛ ما يعوق دخولهم إلى مواقع التواصل أو إنجاز أعمالهم. وأكد آخرون أن خدمة الاتصالات في مناطق ريفية حول صنعاء انقطعت منذ أيام عبر شبكة «يمن موبايل»، الأمر الذي صعّب تواصلهم مع أقاربهم.

تعطيل متعمّد

سمير، أحد سكان مديرية بني مطر في غرب صنعاء، أوضح أنه عجز عن الاطمئنان على قريب له في محافظة إبّ أجرى عملية جراحية. وقال: «حاولت مراراً من هاتفي ومن هواتف أصدقائي، لكن الشبكة مقطوعة عمداً. واضح أن الهدف منع الناس من التواصل أو الاحتفال بـ(سبتمبر)».

إلى جانب ذلك، تلقى مشتركون في صنعاء وإبّ وحجة رسائل نصية من شركات الاتصالات تحثهم على الاستجابة لدعوات عبد الملك الحوثي للمشاركة في فعاليات ذات صبغة طائفية، محذّرة في الوقت ذاته من «الانجرار وراء دعوات أعداء الثورة»، في إشارة إلى الاحتفال بذكرى «سبتمبر».

مقر شركة «تيليمن» التي يسيطر عليها الحوثيون ويتحكمون من خلالها بالاتصالات (إكس)

الإجراءات الحوثية جاءت بعد دعوات أطلقها ناشطون موالون للجماعة على منصات التواصل، طالبوا فيها بقطع الإنترنت والاتصالات بشكل كامل عن «العملاء والمحرضين»، على حد وصفهم، متهمين من يتمسكون بذكرى الثورة بأنهم يعملون لإسقاط مشروع الجماعة الانقلابي.

ويرى مراقبون أن هذا الاستهداف لقطاع الاتصالات يعكس خشية الحوثيين من الدور المتزايد الذي يلعبه الناشطون على شبكات التواصل في تشكيل رأي عام مناهض لسياساتهم. ويؤكد هؤلاء أن الجماعة تدرك أن أي مساحة تواصل أو تداول للمعلومات تمثل خطراً على سلطتها القائمة على القمع والرقابة.

استغلال قطاع حيوي

ويعد قطاع الاتصالات من أهم الموارد المالية التي تسيطر عليها الجماعة منذ اندلاع الحرب؛ إذ تحتكر البنية التحتية عبر شركتَي «تيليمن» و«يمن موبايل»، وتوظف عوائدهما في تمويل عملياتها العسكرية. لكن في الوقت ذاته، تستخدمهما كأداة للابتزاز السياسي والاجتماعي، سواء عبر مراقبة المستخدمين أو حرمانهم من الخدمة متى ما أرادت فرض مزيد من العزلة والسيطرة.

ناشطون في صنعاء استنكروا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» ما وصفوه بـ«الاستغلال الفجّ» لأهم قطاع خدمي، مؤكدين أن الجماعة حوّلت الاتصالات من وسيلة لخدمة الناس إلى أداة لتكميم الأفواه ومصادرة الحريات.

مبنى شركة «يمن موبايل» الخاضعة للحوثيين في صنعاء (إكس)

ويشير بعضهم إلى تكثيف الحوثيين لعمليات الرقابة على الشبكات المحلية خلال الأيام الماضية، في محاولة للسيطرة الكاملة على الفضاء الإلكتروني.

يأتي ذلك في سياق حملة أوسع من الإجراءات الأمنية المشددة، تشمل استحداث نقاط تفتيش ومداهمات واعتقالات، وسط تنامي السخط الشعبي من حكم الجماعة. ويؤكد مراقبون أن الانقلابيين يلجأون إلى هذه السياسات القمعية بشكل دوري مع اقتراب المناسبات الوطنية، خشية تحوّلها إلى بؤر احتجاجية ضدهم.

ويرى متابعون للشأن اليمني أن ما يحدث يوضح حجم القلق الحوثي من ذكرى «ثورة 26 سبتمبر»، التي تمثل رمزاً لهزيمة حكم أجدادهم الإماميين.


مقالات ذات صلة

إشادة سعودية بالاتفاق اليمني في مسقط لتبادل المحتجَزين

العالم العربي اتفاق بين الحكومة اليمنية والجماعة الحوثية في مسقط على تبادل 2900 محتجَز وأسير (إكس)

إشادة سعودية بالاتفاق اليمني في مسقط لتبادل المحتجَزين

وسط ترحيب دولي ومحلي أشادت السعودية بالاتفاق اليمني في مسقط لتبادل المحتجَزين والأسرى وقالت إن ذلك يعزز جهود التهدئة وبناء الثقة

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

العليمي يجدد التحذير من مخاطر إجراءات «الانتقالي» الأحادية

جدّد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي من خطورة الإجراءات الأحادية التي اتخذها المجلس الانتقالي الجنوبي في محافظتي حضرموت والمهرة

«الشرق الأوسط» (جدة)
الخليج جانب من المشاركين في مشاورات مسقط بشأن المحتجزين والأسرى اليمنيين (إكس)

السعودية تُرحب بـ«اتفاق مسقط» لتبادل الأسرى والمحتجزين في اليمن

رحبت السعودية بالاتفاق الذي وُقّع عليه في مسقط لتبادل الأسرى والمحتجزين في اليمن، وعدته خطوةً مهمةً تُسهم في تخفيف المعاناة الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي مُوالون للمجلس الانتقالي الجنوبي بمحافظة لحج شمال عدن (أ.ف.ب)

وزارات يمنية ترفض بيانات «الانتقالي» وتؤكد التزامها بإعلان نقل السلطة

رفضت وزارات بالحكومة اليمنية سلسلة البيانات المنسوبة إليها أو إلى موظفين فيها، والتي تحدثت عن انحياز مؤسسات حكومية لصالح المجلس الانتقالي الجنوبي.

«الشرق الأوسط» (جدة)
العالم العربي جانب من المشاركين في مشاورات مسقط بشأن المحتجزين والأسرى اليمنيين (إكس)

صفقة يمنية ضخمة في مسقط لتبادل 2900 أسير ومحتجز

توصلت الحكومة اليمنية إلى اتفاق مع الحوثيين يقضي بالإفراج عن نحو 2900 محتجز وأسير من الطرفين، في إطار الجولة العاشرة من المشاورات التي استضافتها مسقط.

«الشرق الأوسط» (عدن)

الشرطة البريطانية: لن يُتّخذ أي إجراء ضد فرقة «بوب فيلان» لهتافها ضد الجيش الإسرائيلي

ثنائي الهيب هوب بوب فيلان في حفل توزيع جوائز موبو الخامس والعشرين بلندن (أرشيفية-رويترز)
ثنائي الهيب هوب بوب فيلان في حفل توزيع جوائز موبو الخامس والعشرين بلندن (أرشيفية-رويترز)
TT

الشرطة البريطانية: لن يُتّخذ أي إجراء ضد فرقة «بوب فيلان» لهتافها ضد الجيش الإسرائيلي

ثنائي الهيب هوب بوب فيلان في حفل توزيع جوائز موبو الخامس والعشرين بلندن (أرشيفية-رويترز)
ثنائي الهيب هوب بوب فيلان في حفل توزيع جوائز موبو الخامس والعشرين بلندن (أرشيفية-رويترز)

أعلنت الشرطة البريطانية، الثلاثاء، أنها لن تقاضي مغنيَي فرقة «بوب فيلان» اللذين أثارت شعاراتهما المعادية للجيش الإسرائيلي على خشبة المسرح في مهرجان غلاستونبري هذا الصيف جدلاً واسعاً.

وخلال حفلتهم الموسيقية في نهاية يونيو (حزيران) في المهرجان الذي يقام كل عام في جنوب غرب إنجلترا، ردد أحد مغنيَي الفرقة شعار «الموت، الموت للجيش الإسرائيلي!»، وطلب من الجمهور ترديده.

أرشيفية لمغني الراب بوبي فيلان بين جمهوره في غلاستونبري وتظهر الأعلام الفلسطينية في الخلفية (أ.ف.ب)

وأثار ذلك انتقادات واسعة النطاق وندد بها رئيس الوزراء كير ستارمر، واصفاً إياها بأنها «خطاب كراهية». وأعرب منظمو المهرجان عن «استيائهم الشديد" وتعهدت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، الجهة الناقلة للحدث، عدم بث أي حفلات موسيقية أخرى تعتبر «عالية الخطورة» على الهواء مباشرة.

وفي وقت لاحق، أطلقت شرطة أفون وسومرست تحقيقاً.

وأعلنت الثلاثاء أنه «بعد مراجعة كل الأدلة خلصت إلى أن الوقائع لا تفي بالمعايير التي حددتها هيئة الادعاء البريطانية لتشكيل جريمة جنائية».

وبالتالي «لن يتم اتخاذ أي إجراء آخر، بسبب عدم وجود أدلة كافية لدعم الإدانة» وفق ما أضافت في بيان، مقرّة في الوقت نفسه بأن التصريحات التي أدلي بها «أثارت غضباً واسع النطاق».

وانتقدت السفارة الإسرائيلية في لندن القرار وقالت على منصة «إكس»، وقالت: «من المؤسف جداً رؤية هذه الدعوات العلنية البغيضة والمتكررة للعنف والتي تُطلق دون ندم، تُقابل بتجاهل تام».

كما أعربت المنظمة اليهودية البريطانية، عن أسفها للقرار الذي اعتبرت أنه «يرسل رسالة خاطئة في أسوأ وقت ممكن».

وفي بيان نُشر على حسابها في «إنستغرام» عقب ظهورها في مهرجان غلاستونبري، قالت الفرقة: «نحن لا نريد موت اليهود أو العرب أو أي عرق أو مجموعة أخرى من الأشخاص. نحن نريد تفكيك آلة عسكرية عنيفة».


مبعوث ترمب إلى غرينلاند: واشنطن لن تغزو الجزيرة الدنماركية

حاكم ولاية لويزيانا جيف لاندري يتحدث في البيت الأبيض بينما الرئيس الأميركي دونالد ترمب يستمع في الخلفية (أرشيفية - إ.ب.أ)
حاكم ولاية لويزيانا جيف لاندري يتحدث في البيت الأبيض بينما الرئيس الأميركي دونالد ترمب يستمع في الخلفية (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

مبعوث ترمب إلى غرينلاند: واشنطن لن تغزو الجزيرة الدنماركية

حاكم ولاية لويزيانا جيف لاندري يتحدث في البيت الأبيض بينما الرئيس الأميركي دونالد ترمب يستمع في الخلفية (أرشيفية - إ.ب.أ)
حاكم ولاية لويزيانا جيف لاندري يتحدث في البيت الأبيض بينما الرئيس الأميركي دونالد ترمب يستمع في الخلفية (أرشيفية - إ.ب.أ)

قال المبعوث الذي عينه الرئيس الأميركي دونالد ترمب حديثا مبعوثا إلى غرينلاند، الثلاثاء، إن الإدارة الجمهورية تسعى إلى بدء حوار مع سكان الجزيرة الدنماركية شبه المستقلة حول أفضل السبل للمضي قدما بالنسبة لهذه المنطقة ذات الأهمية الاستراتيجية.

وفي أول تصريحات مطولة له منذ تعيينه في المنصب هذا الأسبوع، قال حاكم ولاية لويزيانا، جيف لاندري، إن إدارة ترمب «لن تدخل هناك محاولة غزو أي أحد»، ولا تسعى «للاستيلاء على بلد أي شخص». وبدت تصريحات الحاكم متعارضة إلى حد ما مع مواقف ترمب، الذي كرر مرارا أن الولايات المتحدة بحاجة إلى السيطرة على الجزيرة «لأسباب تتعلق بالأمن القومي الأميركي»، ولم يستبعد استخدام القوة العسكرية للسيطرة على الجزيرة الغنية بالمعادن وذات الموقع الاستراتيجي في القطب الشمالي.

وقال لاندري في مقابلة مع برنامج «ذا ويل كين شو» على قناة فوكس نيوز: «أعتقد أن نقاشاتنا يجب أن تكون مع الناس الفعليين في غرينلاند... سكان غرينلاند أنفسهم. ماذا يريدون؟ ما الفرص التي لم يحصلوا عليها؟ ولماذا لم يحصلوا على الحماية التي يستحقونها فعلا؟». وأعاد إعلان ترمب تعيين لاندري مبعوثا إلى غرينلاند إثارة القلق في الدنمارك وأوروبا.

وقال وزير الخارجية الدنماركي لوسائل إعلام محلية إنه سيستدعي السفير الأميركي إلى وزارته.


اختفاء ضابط لبناني على صلة بملف رون آراد

دبابات إسرائيلية تجري مناورات قرب الحدود مع لبنان استعداداً لتوغل بري العام الماضي (أ.ب)
دبابات إسرائيلية تجري مناورات قرب الحدود مع لبنان استعداداً لتوغل بري العام الماضي (أ.ب)
TT

اختفاء ضابط لبناني على صلة بملف رون آراد

دبابات إسرائيلية تجري مناورات قرب الحدود مع لبنان استعداداً لتوغل بري العام الماضي (أ.ب)
دبابات إسرائيلية تجري مناورات قرب الحدود مع لبنان استعداداً لتوغل بري العام الماضي (أ.ب)

قال مصدر قضائي لبناني لـ«الشرق الأوسط» إن تحقيقات تجريها قوى الأمن الداخلي ترجح أن إسرائيل اختطفت النقيب المتقاعد أحمد شكر، خلال «عملية استدراج استخباراتي» للاشتباه بعلاقته بملف الطيار الإسرائيلي المفقود رون آراد، منذ 1986.

وتتركز الجهود الأمنية على كشف مصيره في منطقة البقاع (شرق لبنان)، حيث يُعتقد أن العملية نُفذت بواسطة شخصين سويديّيْن، أحدهما من أصل لبناني. ويرتبط شكر، وهو من متقاعدي الأمن العام، بعائلة ذات صلات بـ«حزب الله»، مما يعيد إثارة النزاعات حول قضية رون آراد. وقال المصدر القضائي إنه يخشى أن يكون اختفاء شكر جزءاً من مسلسل العمليات الإسرائيلية في لبنان.

وتتعدد السيناريوهات بشأن مصير الضابط المتقاعد، بين احتمال تصفيته، على غرار ما نُسب إلى جهاز «الموساد» في قضية اغتيال الصراف أحمد سرور، المرتبط بـ«حزب الله»، العام الماضي، وبين فرضية أكثر خطورة لكنها الأكثر واقعية، وهي نقله إلى خارج لبنان، أي إلى إسرائيل.

ويعيد هذا العمل الأمني الخطير فتح سجل طويل من العمليات الإسرائيلية التي استهدفت أشخاصاً على صلة مباشرة أو غير مباشرة بملف رون آراد، سواء عبر الاغتيال أو الاختطاف أو محاولات التجنيد.