إذا كان هذا المشهد فيلماً، لكانت قصته جديرة بجائزة الأوسكار: منتخب سيدات إنجلترا للرغبي يضع حداً لثماني سنوات من الإحباط بعد خسارتين متتاليتين في نهائي كأس العالم، ليكتب فصلاً جديداً من المجد بالفوز على كندا 33 - 13 في النهائي، ويتوج باللقب العالمي للمرة الثالثة في تاريخه، أمام حضور جماهيري قياسي بلغ 81.885 متفرجاً في ملعب «تويكنهام»، وهو أكبر عدد يشهده تاريخ اللعبة النسائية.
بحسب «الغارديان البريطانية»، انتصار إنجلترا لم يكن مجرد رفع للكأس، بل كان إعلاناً عن تحول جذري في مكانة اللعبة داخل البلاد. قبل سنوات قليلة، كنّ يلعبن أمام آلاف قليلة تبقى بعد مباريات الرجال، أما الآن فهن يجذبن الجماهير بعشرات الآلاف، ويحققن عوائد مالية للاتحاد الإنجليزي، ويجلبن الألقاب في الوقت ذاته.

تألق كيلدن وماتيوز وكابييا
النجمة إيلي كيلدن خطفت الأضواء مرة أخرى بأدائها الفردي المذهل الذي صنع الفارق في لحظات حاسمة، لكن زميلتيها أليكس ماتيوز وساديا كابييا تقاسمتا المجد أيضاً. ماتيوز، التي شاركت في تتويج 2014، سجلت محاولتين وأكدت ثبات مستواها، فيما برزت كابييا في الدفاع لتنال جائزة أفضل لاعبة في المباراة.
كندا بدأت المباراة بسرعة كما كان متوقعاً، وسجلت أولاً عبر آسيا هوغان روتشستر بعد خطأ في خط التماس، لكن إنجلترا ردت سريعاً بعرض هجومي حاسم. كيلدن اخترقت الدفاعات بحركة فردية خلابة لتعيد التوازن، ثم جاء الدور على آيمي كوكين عبر هجمة «كاتش أند درايف»، لتمنح «الورود الحمراء» التقدم. ماتيوز أضافت ثالث المحاولات قبل الاستراحة، فيما اكتفت كندا بركلة جزاء عبر قائدتهن صوفي دي غويدي لتصبح النتيجة 21 - 8 مع نهاية الشوط الأول.

الشوط الثاني: صمود وفرض الهيمنة
دخلت إنجلترا النصف الثاني بعزيمة واضحة، وسجلت آبي وارد محاولة مبكرة زادت الفارق. كندا استغلت طرد هانا بوترمان بالبطاقة الصفراء لتعود عبر هوغان روتشستر، لكن دفاع إنجلترا، بقيادة القائدة زوي ألدكروفت، صمد في وجه الضغط المتواصل.
في اللحظات الأخيرة، جاءت مكافأة الهيمنة عبر ماتيوز مرة أخرى التي حسمت النتيجة بمحاولة رابعة بعد سيطرة مطلقة على صراعات «السكرام»، التي شكلت سلاح إنجلترا السري طوال المباراة.

فرحة التتويج ورسائل أبعد من الملعب
ألدكروفت قادت زميلاتها لرفع الكأس لأول مرة منذ 11 عاماً وسط الألعاب النارية، بينما نال المدرب جون ميتشل جائزة أفضل مدرب في العالم، وفازت الكندية دي غويدي بجائزة أفضل لاعبة لعام 2025.

هذا التتويج بدا أكثر من مجرد بطولة؛ كان نقطة تحول لرياضة الرغبي النسائية في إنجلترا. السؤال الذي طاردهن لسنوات: «هل يمكن تحويل السيطرة إلى لقب؟» وجد إجابته أخيراً. إنجلترا باتت على قمة العالم مجدداً، والجماهير خرجت من «تويكنهام» وهي تدرك أن هذه الليلة قد تؤسس لعصر جديد للعبة.
