تحتفل مصر باليوم العالمي للسياحة عبر إبراز كنوزها الأثرية في أكثر من موقع ومتحف، فضلاً عن استعادة خبراء آثار لحدث مهم يتزامن مع هذه المناسبة، وهو فك رموز حجر رشيد في 27 سبتمبر (أيلول) 1822.
وأبرز المتحف المصري بالتحرير عدداً من كنوزه الأثرية احتفالاً باليوم العالمي للسياحة، وكتب المتحف في صفحته على «فيسبوك»: «ابدأ رحلتك من حيث بدأ التاريخ، في ميدان التحرير، يقف المتحف المصري شامخاً، ليس مجرد مبنى، بل هو سجل حافل يروي للأجيال والأمم فصول أعظم الحضارات. إنه يمثل نقطة التقاء العالم مع تاريخ مصر القديم العظيم. ففي كل ركن من أركانه، وفي كل قطعة أثرية تُزيِّن واجهاته وقاعاته، دعوة صامتة تخاطب الروح والذهن».

وعدّ «المتحف» نفسه رمزاً ووجهةً أساسيةً لهذا اليوم، فبينما يحتضن المتحف كنوزاً لا تُقدَّر بثمن، وعلى رأسها روعة مجموعة كنوز ملوك مصر القديمة، وكنوز تانيس ويويا وثويا، فإنه يدعو الزائر ليكون شاهداً على براعة الأجداد وعظمة الفن. وعرض المتحف تمثالاً جالساً للملك منكاورع (الأسرة الرابعة نحو سنة 2490 قبل الميلاد) من ضمن القطع الأثرية الفريدة التي يضمها.
ويرى الخبير الآثاري المصري، الدكتور عبد الرحيم ريحان، عضو لجنة السياحة والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة، أن «احتفال هذا العام يأتي تحت شعار (السياحة والتحول المستدام) في إطار إبراز دور السياحة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «المحافظات المصرية تشهد احتفالاً بهذا اليوم وسط عروض فنية مبهرة، فقد تحوَّلت ساحة معبد الكرنك بالأقصر إلى كرنفال عالمي احتفالاً بيوم السياحة العالمي، واستقبلت مكتبة مصر العامة بواحة سيوة عدداً من الوفود السياحية».

ونشر المتحف المصري الكبير، المقرر افتتاحه رسمياً أول نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل مقطع فيديو للمتحف وزوّاره، وكتب على صفحته بـ«فيسبوك»: «في يوم السياحة العالمي، نحتفل بمتعة السفر وما يبعثه من روابط إنسانية تجمع الشعوب. زوّار من مختلف أنحاء العالم شاركوا انطباعاتهم عن مصر، وتجربتهم في المتحف المصري الكبير، ليؤكدوا أن كل رحلة تبدأ بشغف الاكتشاف، وتزداد ثراءً بما تحمله من لحظات وتجارب مشتركة».
وقرَّرت منظمة السياحة العالمية تخصيص يوم 27 سبتمبر من كل عام يوماً عالمياً للسياحة منذ عام 1980، ويهدف هذا الاحتفال إلى زيادة الوعي بدور السياحة داخل المجتمع الدولي، وإظهار كيفية تأثيرها على القيم الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية في جميع أنحاء العالم.
وشهدت محافظة الأقصر، احتفالية كبرى بمناسبة يوم السياحة العالمي، أُقيمت بساحة معبد الكرنك الأثري وسط أجواء كرنفالية وعروض فنية فلكلورية، واستقبال حافل للسائحين بالورود.
يقول الخبير السياحي المصري، محمد كارم، إن «يوم السياحة العالمي يأتي تزامناً مع الاحتفال بمرور 203 أعوام على فك رموز حجر رشيد؛ مما يكسب مصر ميزة خاصة، حيث تجمع بين التاريخ والحضارة المعاصرة»، ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «لم يكن حجر رشيد مجرد كشف أثري، بل كان مفتاحاً لفهم الحضارة المصرية القديمة، وإبراز مصر لكنوزها بهذه المناسبة يعكس بوضوح أن السياحة الثقافية المصرية جسر للتواصل بين الماضي والحاضر، وستظل آثار مصر العنصر الأهم في صياغة الهوية السياحية العالمية، ومن ثم تبرز أهمية الاستثمار في هذا المجال، والترويج للمنتج السياحي المصري بوصفه مقصداً ثقافياً عالمياً يمنح السائح تجربةً فريدةً، تُعزِّز حضور مصر على الخريطة السياحية العالمية».

في الوقت نفسه، أشار ريحان إلى تزامن الاحتفال بيوم السياحة العالمي مع الذكري الـ203 لفك رموز حجر رشيد، وقال: «إن قصة فك الرموز بدأت بعد أن حصل الشاب الفرنسي چان-فرانسوا شامبليون على نسخة من الحجر كما حصل عليها غيره من الباحثين، وعكف على دراسته معتمداً على خبرته الطويلة في اللغة اليونانية القديمة وفي اللغات القديمة بوجه عام، والحجر يتضمَّن مرسوماً من الكهنة المجتمعين في مدينة منف يشكرون فيه الملك بطليموس الخامس (إبيفانس 204 ق.م - 180 ق.م) نحو عام 196 ق.م؛ لقيامه بوقف الأوقاف على المعابد، وإعفاء الكهنة من بعض الالتزامات، وسُجِّل هذا المرسوم بخطوط 3 هي الهيروغليفية (كتابة الكهنة)، والديموطيقية (كتابة الشعب)، واليونانية (كتابة الحكام)، وقد فقد الجزء الأكبر من الخط الهيروغليفي وجزء بسيط من النص اليوناني». وأوضح عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة، أن هذا الأثر الموجود في المتحف البريطاني منذ عام 1802 يعد الأهم على الإطلاق في فهم ومعرفة كل ما وصلنا من الحضارة المصرية القديمة. وأكد ريحان أن «خروج حجر رشيد من مصر تم في ظروف الاستعمار فلم يُهدَ من أي مصري، ولم يخرج بإذن تصدير وفق قانون معين كان يبيح تصدير الآثار، فلا يوجد أي سندات شرعية تثبت ملكية بريطانيا للحجر، حيث تم الاستيلاء عليه بواسطة الجيش البريطاني عام 1801 ليستقر بالمتحف البريطاني منذ يونيو (حزيران) عام 1802».


