بعد الخطاب الناري... نتنياهو يبدأ الكلام الجدّي مع ترمب

لن تستطيع حكومته ابتلاع نقاط الاتفاق لذا يراهن على رفض «حماس» له

فلسطينيون يحملون مساعدات حصلوا عليها من «منظمة غزة الإنسانية» المدعومة من إسرائيل وأميركا فيما يسمى «نتزاريم كوريدور» بالنصيرات وسط قطاع غزة الجمعة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يحملون مساعدات حصلوا عليها من «منظمة غزة الإنسانية» المدعومة من إسرائيل وأميركا فيما يسمى «نتزاريم كوريدور» بالنصيرات وسط قطاع غزة الجمعة (أ.ف.ب)
TT

بعد الخطاب الناري... نتنياهو يبدأ الكلام الجدّي مع ترمب

فلسطينيون يحملون مساعدات حصلوا عليها من «منظمة غزة الإنسانية» المدعومة من إسرائيل وأميركا فيما يسمى «نتزاريم كوريدور» بالنصيرات وسط قطاع غزة الجمعة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يحملون مساعدات حصلوا عليها من «منظمة غزة الإنسانية» المدعومة من إسرائيل وأميركا فيما يسمى «نتزاريم كوريدور» بالنصيرات وسط قطاع غزة الجمعة (أ.ف.ب)

حتى الإسرائيليون، الذين كان خطاب رئيس حكومتهم بنيامين نتنياهو، في الجمعية العامة، اليوم الجمعة، موجهاً إليهم بالأساس، يدركون أن الأمر الجدي سيُبحث في اللقاء المُعَد له مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، في البيت الأبيض، الاثنين المقبل، وهم يقدّرون أنه لن يستطيع ابتلاع عدد من النقاط الـ21 في مشروع التسوية المطروح، ولذلك سيعود إلى تكرار أسلوبه القديم بالاعتماد على رفض حركة «حماس»؛ لتبرير التهرب من المشروع.

ويتضح ذلك بشكل جلي أولاً في الخطاب الذي حدَّد فيه موقفه وهاجم فيه قادة دول الغرب «الذين لا يفقهون أن إسرائيل تدير الحرب مكانهم»، ويتضح أيضاً من المحادثات التمهيدية، التي جرت في الأسبوع الأخير بين الحكومة الإسرائيلية والإدارة الأميركية، والتي بلغت ذروتها في مكالمة مباشرة بين نتنياهو وترمب، والتي تسربت منها معلومات تُقلق حلفاء نتنياهو في اليمين المتطرف وقيادة المستوطنات، ولذلك أرسلوا بشكل مهرول وفداً عنهم إلى واشنطن ليلتقي نتنياهو، ومساعدي الرئيس الأميركي، فهم يجدون أن المشروع يتضمن بنوداً خطيرة، مثل الانسحاب الكامل، ولكن التدريجي، من قطاع غزة، ويخلو من بنود كانت قد طلبتها إسرائيل، إذ إن مشروع ترحيل أهل غزة لم يعد أولوية، والسلطة الفلسطينية ستكون شريكة في إدارة الشؤون الداخلية بقطاع غزة، ولو أنها لن تكون القائدة.

والمساعدات الإنسانية ستدخل عبر المؤسسات الدولية، وليس الشركات الأميركية الإسرائيلية. والرئيس ترمب يرفض الفكرة الإسرائيلية بضمّ الضفة الغربية لإسرائيل.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يلقي كلمة بالأمم المتحدة الجمعة (د.ب.أ)

وسيحاول نتنياهو العمل في عدة اتجاهات، مع الرئيس ترمب، على أساس التوجه الإيجابي مبدئياً مع وضع شروط جديدة تدفع «حماس» إلى الرفض.

ووفق مصدر سياسي رفيع في تل أبيب، نُشرت أقواله في صحيفة «هآرتس»، اليوم الجمعة، سيقبل نتنياهو فكرة إقامة منظومة حكم في قطاع غزة بقيادة طوني بلير، رئيس حكومة بريطانيا السابق، كإدارة مؤقتة دون تدخُّل السلطة الفلسطينية في المرحلة الأولى.

لكن نتنياهو سيوضح أن سلطة بلير مغلفة بكثير من الضبابية، ومن شأنها أن تعمل بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية، تمهيداً لتسليم هذه السلطة الحكم.

وأكد المصدر أن نتنياهو، ووزير الشؤون الاستراتيجية في حكومته رون ديرمر، يعارضان سيطرة السلطة الفلسطينية في غزة. ووفق المصدر الإسرائيلي، فإن هناك «حساسية» حول نقل السلطة إليها.

وقال: «السلطة هي أمر معقد، هذا يمكن أن يكون بصورة معينة، لكنني لا أرى أن السلطة الفلسطينية ستتحمل مسؤولية معينة بصورة رسمية». وأكد المصدر أن هناك تفاصيل دقيقة تتكشف بشأن استمرار وجود «حماس» في القطاع، ويجب تغييرها وتعديلها بحيث لا يكون لـ«حماس» أي وجود.

يهود أرثوذكس متشددون يتظاهرون ضد نتنياهو في نيويورك الجمعة (رويترز)

وقال مصدر آخر، لصحيفة «معاريف»، إنه، وعلى الرغم من أن ترمب يُبدي جدية في إنهاء الحرب والتوصل إلى صفقة هذه المرة، لكن البند الذي يتحدث عن تجريد «حماس» من السلاح ومن الحكم هو اللغم الذي قد يُفجر المفاوضات.

فإسرائيل تريد خطة واضحة تضمن ذلك. صحيح أن دولاً عربية، مثل مصر والإمارات أو الأردن، وحتى إندونيسيا، ستكون مستعدّة لإرسال جنودها إلى القطاع إذا انسحبت إسرائيل منه، ومصر تدرب الآن بضعة آلاف من الجنود الفلسطينيين من الضفة كي يأخذوا على عاتقهم السيطرة الأمنية في غزة عندما يحين الوقت، لكن المشكوك فيه أن تُقْدم هذه القوات على محاربة «حماس» بشكل فعلي.

ووفق المصدر السياسي المذكور، فإن كثيراً من هذه الأسئلة يتوقع أن تطرح في اللقاء بين نتنياهو وترمب، في مقدمتها «التصريح الخطير» الذي ألقاه الرئيس الأميركي حول رفضه ضم الضفة الغربية. وسيحاول نتنياهو الحصول على تعويض ملائم، مثل الموافقة على ضم قسم من المستوطنات، خصوصاً في جنوب القدس، أو تحويل المناطق «ب» التي تعني سيطرة فلسطينية مدنية وسيطرة أمنية إسرائيلية، إلى مناطق «ج» التي تقع تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة الأمنية والإدارية.

دخان فوق مدينة غزة بعد قصف إسرائيلي الجمعة (أ.ب)

كان نتنياهو قد ألقى خطاباً وصفه مكتبه بأنه «تاريخي» و«جبار»، حرص فيه على تعزيز معسكر اليمين الملتفّ حوله في إسرائيل، ووجّه فيه رسائل تمجيد وتبجيل إلى الرئيس ترمب، حتى يواصل مساندته له ويتقبل مطالبه وشروطه لوقف الحرب في غزة، ولا ينضم إلى بقية دول الغرب في محاصرتها حكومة إسرائيل.

تجدر الإشارة إلى أن قادة المستوطنين طالبوا نتنياهو بإعطاء «الرد الصهيوني المناسب على الانجرار العالمي وراء الاعتراف بالدولة الفلسطينية»، وحددوه على النحو التالي: «فرض السيادة الإسرائيلية على أجزاء في يهودا والسامرة، التي ليست مناطق أ. فقط خسارة جغرافية، مثل 1948، ستكوي وعي الفلسطينيين، وكذلك وعي إيمانويل ماكرون (الرئيس الفرنسي) وكير ستارمر (رئيس الوزراء البريطاني)».


مقالات ذات صلة

ترمب «عرَّاب» اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

خاص ترمب يعرض النسخة التي وقَّع عليها لاتفاق غزة في شرم الشيخ (أرشيفية - أ.ف.ب) play-circle

ترمب «عرَّاب» اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

في قطاع غزة كان لإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب دور بارز في إقناع «حماس» وإسرائيل بالتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار، وإعلان انتهاء الحرب التي استمرت عامين.

«الشرق الأوسط» (غزة)
خاص الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزوجته سارة عند المدخل الجنوبي للبيت الأبيض يوم 7 يوليو 2025 (د.ب.أ)

خاص نتنياهو لا يزال يدرس «ترمب الجديد»

الخبراء بتل أبيب يلفتون الانتباه إلى «أزمة خطيرة بمكانة إسرائيل لدى واشنطن لدرجة الحديث عن تشكيل تهديد استراتيجي» وترمب يثق في أنه يعرف مصلحة إسرائيل أكثر منها

نظير مجلي (تل أبيب)
خاص صورة لاجتماع ترمب والرئيس السوري أحمد الشرع في واشنطن بتاريخ 10 نوفمبر الماضي (أ.ف.ب) play-circle

خاص كيف غيَّرت قرارات ترمب وجه سوريا؟

بعد سنوات من سياسات أميركية اتسمت بالتردد وتضارب الأجندات، تتجه واشنطن اليوم بخطى ثابتة نحو سياسة أكثر مباشرة و«براغماتية» عنوانها تحقيق النتائج على الأرض.

سلطان الكنج
الاقتصاد علم الولايات المتحدة، ونموذج طلب تأشيرة "إتش - 1بي"، وشعارات شركات معروضة في هذه الصورة التوضيحية (رويترز)

القضاء يرفض الطعن ضد رسم ترمب 100 ألف دولار على تأشيرات «إتش- 1 بي»

رفضت قاضية المحكمة الجزئية الأميركية، بيريل هاول، في واشنطن العاصمة، حجج غرفة التجارة الأميركية التي قالت إن الرسم يتعارض مع قانون الهجرة الاتحادي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ أحد المؤيدين لترمب يحمل لافتة مكتوباً عليها «ترحيل المهاجرين غير الشرعيين الآن» خلال تجمع انتخابي العام الماضي (أ.ف.ب)

واشنطن تبحث نقل رعايا دول ثالثة إلى بالاو

قالت الولايات المتحدة إن نائب وزير الخارجية كريستوفر لانداو أجرى اتصالاً هاتفياً مع سورانغيل ويبس، رئيس بالاو، بحثا خلاله نقل رعايا دول ثالثة إليها.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

غارات إسرائيلية على النبطية بجنوب لبنان

دخان يتصاعد جراء غارات إسرائيلية سابقة على جنوب لبنان (أرشيفية - د.ب.أ)
دخان يتصاعد جراء غارات إسرائيلية سابقة على جنوب لبنان (أرشيفية - د.ب.أ)
TT

غارات إسرائيلية على النبطية بجنوب لبنان

دخان يتصاعد جراء غارات إسرائيلية سابقة على جنوب لبنان (أرشيفية - د.ب.أ)
دخان يتصاعد جراء غارات إسرائيلية سابقة على جنوب لبنان (أرشيفية - د.ب.أ)

أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» اللبنانية الأربعاء، بأن الطيران الإسرائيلي شن سلسلة غارات على منطقة النبطية في جنوب البلاد، فيما قال الجيش الإسرائيلي إنه هاجم ما اعتبرها «مواقع إطلاق» تابعة لـ«حزب الله» في الجنوب.

وقالت الوكالة اللبنانية إن الجيش الإسرائيلي نفذ سلسلة غارات على وادي النميرية في منطقة النبطية، ثم شن بعدها بدقائق غارة جوية استهدفت وادي حومين.

في المقابل، نشر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، عبر حسابه الرسمي علي موقع «إكس» أنه جرى استهداف مواقع إطلاق صواريخ تابعة لـ«حزب الله». وأضاف: «أغار جيش الدفاع قبل قليل على عدة مواقع إطلاق تابعة لحزب الله في عدة مناطق بجنوب لبنان. خلال الغارة تم تدمير مبانٍ عسكرية وبنى تحتية إرهابية إضافية عمل منها عناصر إرهابية من (حزب الله) في الفترة الأخيرة».

واعتبر المتحدث أن «وجود مواقع الإطلاق التي تم استهدافها يشكل خرقاً للتفاهمات بين إسرائيل ولبنان».

يأتي ذلك فيما تواصل الدولة العبرية تنفيذ غارات جوية على مناطق مختلفة في لبنان تقول إنها تهدف إلى منع «حزب الله» من إعادة بناء قدراته بعد تكبده خسائر كبيرة في الحرب الدامية بين الطرفين التي استغرقت أكثر من عام قبل التوصل الى وقف لإطلاق النار دخل حيز التنفيذ في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024.

وبموجب الاتفاق، يفترض أن ينتشر الجيش اللبناني في المنطقة الحدودية، بينما يعمل بالتوازي على نزع سلاح «حزب الله» بموجب خطة أقرتها الحكومة اللبنانية.

ويفترض أن ينهي الجيش المرحلة الأولى من الخطة، والتي تشمل منطقة جنوب نهر الليطاني (على مسافة نحو 30 كلم من الحدود)، بحلول نهاية العام الجاري.

ويواجه لبنان ضغوطا متصاعدة من الولايات المتحدة واسرائيل لتسريع نزع سلاح الحزب. وعلى وقع الضغوط، سمّت السلطات اللبنانية مطلع الشهر الحالي السفير السابق سيمون كرم كممثل مدني في اجتماعات لجنة مراقبة وقف إطلاق النار التي تضمّ الولايات المتحدة وفرنسا والأمم المتحدة واسرائيل.


الجيش الإسرائيلي يعلن القضاء على مسؤول مالي في «حماس»

عناصر من «كتائب القسام» خلال مراسم تسليم جثامين أربع رهائن إسرائيليين بخان يونس في فبراير الماضي (د.ب.أ)
عناصر من «كتائب القسام» خلال مراسم تسليم جثامين أربع رهائن إسرائيليين بخان يونس في فبراير الماضي (د.ب.أ)
TT

الجيش الإسرائيلي يعلن القضاء على مسؤول مالي في «حماس»

عناصر من «كتائب القسام» خلال مراسم تسليم جثامين أربع رهائن إسرائيليين بخان يونس في فبراير الماضي (د.ب.أ)
عناصر من «كتائب القسام» خلال مراسم تسليم جثامين أربع رهائن إسرائيليين بخان يونس في فبراير الماضي (د.ب.أ)

أعلن الجيش الإسرائيلي اليوم (الأربعاء) مقتل عبد الحي زقوت، الذي وصفه بأنه ينتمي لقسم التمويل في «كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس» الفلسطينية، في غزة.

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي عبر موقع التواصل الاجتماعي «إكس»: «في نشاط مشترك لجيش الدفاع وجهاز الأمن العام (الشاباك)، قبل أسبوعين، تم القضاء على المخرب عبد الحي زقوت من (حماس)، من سكان مدينة غزة، والذي ينتمي إلى قسم الأموال في الذراع العسكرية للمنظمة».

وأضاف في بيان له: «تم القضاء عليه في أثناء وجوده في مركبته، إلى جانب المدعو رائد سعد. خلال العام الأخير، كان زقوت مسؤولاً عن تجنيد عشرات ملايين الدولارات وتحويلها إلى الذراع العسكرية لـ(حماس)، بهدف مواصلة القتال ضد دولة إسرائيل».

وكان الجيش الإسرائيلي قد أعلن قبل نحو أسبوعين أنه قتل سعد في غارة على سيارة في مدينة غزة، ووصفه بأنه أحد مدبري هجمات السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وسعد هو أبرز شخصية قيادية في «حماس» يتم اغتيالها منذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في أكتوبر، وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس حينها أن استهداف سعد جاء رداً على إصابة جنديين من جراء انفجار عبوة ناسفة في جنوب قطاع غزة.

قتيل و4 جرحى بقصف إسرائيلي على جباليا

قتل مواطن فلسطيني وأصيب آخرون اليوم الأربعاء في استهداف الجيش الإسرائيلي، لمواطنين في جباليا شمالي قطاع غزة.
وذكرت وكالة الصحافة الفلسطينية ( صفا ) أن «مواطنا استشهد برصاص قوات الاحتلال بمنطقة الجرن في جباليا البلد شمال غزة».

كما استهدفت المدفعية الإسرائيلية الحربية صباح اليوم مناطق شرقي قطاع غزة، وشن الطيران الحربي غارتين جويتين شرقي خان يونس جنوبي القطاع.

وأفادت الوكالة بأن مدينة خانيونس شهدت عمليات نسف ضخمة لمنازل المواطنين.


الحكومة الإيرانية تعرض موازنة تتجاوز 107 مليارات دولار

بزشكيان يسلم مسودة مشروع الموازنة إلى قاليباف الثلاثاء (الرئاسة الإيرانية)
بزشكيان يسلم مسودة مشروع الموازنة إلى قاليباف الثلاثاء (الرئاسة الإيرانية)
TT

الحكومة الإيرانية تعرض موازنة تتجاوز 107 مليارات دولار

بزشكيان يسلم مسودة مشروع الموازنة إلى قاليباف الثلاثاء (الرئاسة الإيرانية)
بزشكيان يسلم مسودة مشروع الموازنة إلى قاليباف الثلاثاء (الرئاسة الإيرانية)

قدّمت الحكومة الإيرانية، الثلاثاء، مشروع موازنة العام الجديد إلى البرلمان بقيمة تتجاوز 107 مليارات دولار، في أول موازنة تُقدم رسمياً بالريال الجديد بعد حذف أربعة أصفار من العملة الوطنية.

وسلّم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان مشروع الموازنة إلى رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف خلال الجلسة العلنية، مؤكداً أن الموازنة أُعدت على أسس الشفافية والانضباط المالي، والواقعية في تقدير الموارد والمصروفات.

وأفادت وكالة «إيسنا» الحكومية بأن إجمالي موارد ومصارف الموازنة العامة يبلغ 14.44 تريليون تومان (ريال جديد)، أي ما يعادل نحو 107.4 مليار دولار، وفق سعر صرف 134,450 للدولار الواحد.

وذكرت وكالة «مهر» أن موازنة العام الجديد الذي يبدأ 21 مارس (آذار) المقبل، جاءت مختلفة من حيث الشكل، إذ قُدمت من دون مواد وأحكام تفصيلية، واقتصرت على «مادة واحدة»، على أن تعرض الأرقام والبيانات في صيغة جداول.

ومن المنتظر أن يباشر البرلمان خلال الأيام المقبلة مناقشة بنود مشروع الموازنة داخل لجانه المختصة، تمهيداً لإحالته إلى الجلسة العامة للتصويت عليه، وسط توقعات بجدل واسع حول تقديرات الإيرادات، ومستويات الإنفاق، وانعكاسات الموازنة على معيشة المواطنين، في ظل التضخم المرتفع، وتراجع قيمة العملة.

بزشكيان يلقي خطاباً أمام البرلمان على هامش تقديم مشروع الموازنة (الرئاسة الإيرانية)

وبعد تقديم مشروع الموازنة، قال بزشكيان للصحافيين إن الحوارات بين الحكومة والبرلمان، مع التركيز على معيشة الشعب، ستتواصل خلال العامين الحالي والمقبل، بهدف التوصل إلى رؤية مشتركة قائمة على موارد حقيقية، مؤكداً أن الحكومة ستعمل على تهيئة الظروف اللازمة للحفاظ على مستوى المعيشة.

وأضاف أن مسار النقاش بين الحكومة والبرلمان يهدف، سواء لهذا العام أو العام المقبل، إلى اعتماد لغة ورؤية مشتركتين بشأن معيشة المواطنين، مشدداً على أن مسعى الحكومة هو تمكين الشعب، في العام المقبل أيضاً، من تأمين الحد الأدنى من المعيشة بالأسعار الحالية، حتى في حال ارتفاع معدلات التضخم، حسب وكالة «إرنا».

وكان المصرف المركزي الإيراني قد أعلن مطلع ديسمبر (كانون الأول) أن معدل التضخم السنوي بلغ 41 في المائة، وهو رقم لا يعكس بدقة الارتفاعات الحادة في أسعار السلع الأساسية، وفق ما أوردته «وكالة الصحافة الفرنسية»، الاثنين الماضي.

وسجل الريال الإيراني خلال الأيام الأخيرة أدنى مستوياته التاريخية أمام الدولار في السوق غير الرسمية، عند نحو 1.3 مليون ريال للدولار، مقارنة بنحو 770 ألف ريال قبل عام.

رجل يمر أمام لافتة في مكتب صرافة للعملات مع تراجع قيمة الريال الإيراني بطهران السبت الماضي (رويترز)

ويؤدي التراجع السريع للعملة إلى تفاقم الضغوط التضخمية، وارتفاع أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية الأخرى، ما يزيد من الضغط على ميزانيات الأسر.

ويأتي تدهور العملة في ظل ما يبدو تعثراً للجهود الرامية إلى إحياء المفاوضات بين واشنطن وطهران بشأن البرنامج النووي الإيراني، إلى جانب استمرار حالة عدم اليقين حيال خطر تجدد الصراع، عقب الحرب التي استمرت 12 يوماً بين إيران وإسرائيل في يونيو (حزيران) الماضي.

كما يخشى كثير من الإيرانيين من احتمال اتساع رقعة المواجهة بما قد يجر الولايات المتحدة إليها، وهو ما يفاقم حالة القلق في الأسواق.

ويعاني الاقتصاد الإيراني منذ سنوات من وطأة العقوبات الغربية، لا سيما بعد انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترمب في ولايته الأولى، عام 2018، من الاتفاق النووي الموقع عام 2015، الذي كان قد خفض بشكل حاد تخصيب اليورانيوم الإيراني ومخزوناته مقابل تخفيف العقوبات. آنذاك كان سعر صرف الريال الإيراني يقارب 32 ألف ريال للدولار الواحد.

وبعد عودة ترمب إلى البيت الأبيض لولاية ثانية في يناير (كانون الثاني)، أعادت إدارته إحياء حملة «الضغط الأقصى»، موسعة نطاق العقوبات التي تستهدف القطاع المالي الإيراني وصادرات الطاقة. ووفق بيانات أميركية، عادت واشنطن إلى ملاحقة الشركات المنخرطة في تجارة النفط الخام الإيراني، بما في ذلك عمليات البيع بأسعار مخفّضة لمشترين في الصين.

وتصاعدت الضغوط في أواخر سبتمبر (أيلول) الماضي، عندما أعادت الأمم المتحدة فرض عقوبات مرتبطة بالبرنامج النووي الإيراني عبر ما وصفه دبلوماسيون بآلية «العودة السريعة»، ما أدى إلى تجميد أصول إيرانية في الخارج، وتعليق صفقات الأسلحة مع طهران، وفرض قيود إضافية مرتبطة ببرنامج الصواريخ الباليستية.