طالبت منظمات حقوقية وأحزاب مصرية بتوسيع النقاشات حول تعديل قانون «الإجراءات الجنائية» خارج مجلس النواب (البرلمان) بعد إعادة القانون للمجلس بقرار رئاسي، مؤكدة تطلعها لإجراء «حوار مجتمعي» يتضمن «صياغة شاملة لمواده»، وذلك قبل أيام من عودة انعقاد الجلسات.
ومن المقرر أن يعود مجلس النواب للانعقاد في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، لاستكمال مدته القانونية، على أن ينتهي في 12 يناير (كانون الثاني) وفقاً للدستور، لمناقشة القوانين والقرارات الطارئة وذات الأهمية الخاصة، وعلى رأسها «الإجراءات الجنائية» وبحث الاعتراضات على مواده.
وأصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قراراً، الأحد الماضي، بإعادة مشروع قانون «الإجراءات الجنائية» لمجلس النواب لبحث الاعتراضات على عدد من مواده، وطالب «النواب» بإعادة النظر في بعض المواد المعترض عليها، بما «يعزز الضمانات المقررة لحرمة المسكن ويحمي حقوق المتهمين أمام جهات التحقيق والمحاكمة».

وقال عضو «مجلس أمناء الحوار الوطني»، نجاد البرعي، إن «مواد القانون، التي يتجاوز عددها 500 مادة، بحاجة لمنح مزيد من الوقت الكافي للحوار والنقاش في دوائر حقوقية خارج البرلمان، أو الاستعانة بتوصيات الحوار الوطني بشأن الحبس الاحتياطي، وغيرها من المواد المرتبطة بإجراءات التقاضي، وتلافي الوقوع في الاستعجال الذي قاد في النهاية لأن تكون مواده بحاجة للمراجعة».
وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «الكرة الآن في ملعب البرلمان ليقرر ما إذا كان سيُنجز التعديلات في غضون أيام قليلة قبل الانتخابات، أم يقرر ترك الأمر برمته للبرلمان الذي يليه، وفي تلك الحالة سيأخذ القانون حقه في النقاشات».
ولم يُفتح بعد باب الترشح لانتخابات مجلس النواب رسمياً، لكن وفق القانون، يجب إجراء الانتخابات قبل 60 يوماً من انتهاء مدة المجلس الحالي في يناير 2026، أي قبل نهاية هذا العام.
وفي أغسطس (آب) 2024، بدأ مجلس النواب المصري مناقشة مشروع قانون «الإجراءات الجنائية»، قبل أن يصوّت عليه بشكل نهائي لإقراره في أبريل (نيسان) 2025.
وتضمن بيان الرئاسة المصرية توجيهاً بـ«إعادة دراسة بعض المواد لتحقيق مزيد من الضمانات المقررة لحرمة المسكن ولحقوق المتهم أمام جهات التحقيق والمحاكمة، وزيادة بدائل الحبس الاحتياطي للحدّ من اللجوء إليه، وإزالة أي غموض في الصياغة يؤدي إلى تعدد التفسيرات أو وقوع مشاكل عند التطبيق على أرض الواقع».

ودعا «المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة» (حقوقي)، الأربعاء، إلى أن «تُتبع خطوة رد المشروع بإجراءات أخرى، بينها إطلاق حوار مجتمعي يشارك فيه أساتذة الجامعات وخبراء مستقلون ومنظمات مدنية، وتشكيل لجنة خبراء مستقلة تضم ممثلين عن كليات الحقوق والنقابات المهنية لصياغة مشروع جديد يوازن بين المصلحة العامة وضمانات المحاكمة العادلة».
بدورها، أكدت عضو مجلس النواب عن الحزب «المصري الديمقراطي الاجتماعي»، النائبة مها عبد الناصر، أن الأحزاب والقوى السياسية تنتظر ما سيحدده البرلمان بشأن طريقة التعاطي مع رد القانون، وأن حزبها «عقد مائدة مستديرة للتباحث حول المواد التي ستكون بحاجة للتعديل، واستدعاء المواد التي جرى الاعتراض عليها لإعادة تقديمها إلى البرلمان».
وأشارت لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «الأحزاب والنقابات ومنظمات المجتمع المدني أرسلت رؤيتها من قبل لتعديلات مواد مشروع القانون ويمكن إعادة تقديمها مجدداً والأخذ بها، والمهم أن يستجيب البرلمان لتلك التعديلات».
وأوضحت أن أبرز التعديلات تتعلق بـ«بدائل الحبس الاحتياطي، وتنظيمه وتخفيف العبء على الدولة ومصلحة السجون عبر تطبيق البدائل الإلكترونية التي تُطبق بالفعل في العديد من الدول».
وأوضح وزير «الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي»، المستشار محمود فوزي، في تصريحات لوسائل إعلام محلية، الأربعاء، أن «البرلمان سيناقش الاعتراضات، على أن تمر على مرحلتين، من خلال اللجنة العامة لمجلس النواب لدراسة أوجهها، وفي حال قبول الاعتراض، يتم تشكيل لجنة خاصة لإعادة دراسة النصوص محل الملاحظات في ضوء المناقشات والمبادئ التي يقرها المجلس».
وكانت «20» منظمة حقوقية محلية ودولية، من بينها «الجبهة المصرية لحقوق الإنسان»، طالبت الثلاثاء، بـ«تصحيح المسار وإعادة صياغة شاملة لمشروع قانون الإجراءات الجنائية»، وأكدت تطلعها لـ«إجراء حوار مجتمعي واسع النطاق، والتشاور مع من لديهم خبرة في القانون والقضاء وحقوق الإنسان لإعادة صياغة مواده».
وفي مايو (أيار) الماضي، أصدر مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة بياناً دعا فيه مصر إلى «النظر بعناية في مشروع قانون الإجراءات الجنائية المقترح، قبل منحه أي موافقة، بهدف ضمان امتثاله التام لالتزامات مصر الدولية في مجال حقوق الإنسان».




