العراق يطلق عملية عسكرية لملاحقة خلايا «داعش»

فرنسي مرتبط بهجوم نيس عام 2016 سيحاكَم في بغداد

جانب من عمليات الجيش العراقي ضد «داعش»... (وزارة الدفاع)
جانب من عمليات الجيش العراقي ضد «داعش»... (وزارة الدفاع)
TT

العراق يطلق عملية عسكرية لملاحقة خلايا «داعش»

جانب من عمليات الجيش العراقي ضد «داعش»... (وزارة الدفاع)
جانب من عمليات الجيش العراقي ضد «داعش»... (وزارة الدفاع)

أطلقت القوات العراقية مجدداً عملية عسكرية لتعقب خلايا تنظيم «داعش» في المناطق الحدودية بين محافظتي صلاح الدين وديالى.

وتهدف العملية إلى تطهير مناطق، مثل حمرين وحوض العظيم، تشهد توترات أمنية متكررة. وتقول السلطات إنها «تكثف الجهود الأمنية لمكافحة بقايا (داعش)» في المناطق التي غالباً ما تسميها «الرخوة» أمنياً.

وأكد مصدر أمني أن العملية، التي تشارك فيها وحدات من الجيش والشرطة، تأتي ضمن استراتيجية لتعزيز الاستقرار ومنع «داعش» من إعادة تنظيم صفوفه، وفق ما أوردته وكالة الأنباء العراقية الرسمية.

وقال المصدر: «التحرك يجري وفق خطط استخبارية دقيقة، ويستهدف الأودية والقرى النائية التي يتخذها المسلحون ملاذات آمنة».

عائدون من «الهول»

في سياق متصل، شدد وزير الداخلية العراقي، عبد الأمير الشمري، خلال زيارته محافظة الأنبار (غرب)، على أن جميع العائدين من «مخيم الهول» السوري يخضعون لإجراءات تدقيق أمني صارمة، بالإضافة إلى برنامج لإعادة التأهيل النفسي قبل دمجهم مجدداً في المجتمع.

وأوضح الشمري أن «العائدين يجري استقبالهم في معسكر (الأمل) بمحافظة نينوى، حيث يُخضعون للتدقيق والمطابقة البيانية؛ لتقييم التهديدات المحتملة»، مشيراً إلى أن السلطات تعمل بالتعاون مع منظمات دولية لإعادة دمج نحو 18 ألف شخص أعيدوا من المخيم، في وقت لا يزال فيه نحو 5 آلاف شخص داخله.

وفي عام 2019، بعد هزيمة «داعش»، جرى إيواء نحو 40 ألف فرد من عائلات العناصر في هذا المخيم الواقع بمنطقة يسيطر عليها الكرد في شمال شرقي سوريا.

لكن السلطات في بغداد تخشى أن يصبح المخيم أرضاً خصبة لعناصر جديدة للتنظيم؛ إذ يُعتقد أن هناك نحو 4500 من المسلحين، بينهم مقاتلون أجانب، محتجزون في سجون بهذه المنطقة.

مخيم الهول خلال عمليات تفتيش (أرشيفية - الشرق الأوسط)

محاكمة فرنسي

في تطوّر لافت، سيحاكم الفرنسي آدريان غيال، المعروف بـ«أبو أسامة الفرنسي»، في العراق، إلى جانب 46 فرنسياً آخرين، نقلوا من سوريا قبل نحو شهرين، وفق مصدر مقرب من التحقيق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

غيل، الذي يُعد أحد أبرز عناصر تنظيم «داعش»، كان قد أعلن تبنّي التنظيم هجوم مدينة نيس عام 2016، الذي أسفر عن مقتل 86 شخصاً.

وقال المصدر إن جميع المتهمين المنقولين من سوريا ينتمون إلى «داعش»، وإنهم قيد التحقيق حالياً لدى السلطات في بغداد، استعداداً لمحاكمتهم.

ويأتي هذا التحرك القضائي في ظل جهود عراقية متصاعدة لتقديم الجناة إلى العدالة، وتعزيز دور بغداد بوصفها شريكاً دولياً في مكافحة الإرهاب، سواء أكان عبر العمليات العسكرية الميدانية، أم المحاكمات القضائية المعتمدة على ملفات أمنية دقيقة.

وانتقل غيال إلى سوريا للالتحاق بالتنظيم في 2015، وألقت قوات «قسد» القبض عليه في الرقة (شمال) خلال مايو (أيار) 2018.وأمضى غيال سنوات في سجون الإدارة الذاتية الكردية في سوريا، قبل نقله مع 46 فرنسياً في يوليو (تموز) إلى العراق حيث يُحقق معهم في جرائم مرتبطة بالتنظيم يُفترض أنها ارتُكبت في البلاد.

وكان جهاز المخابرات العراقي قد أعلن أنه تسلم من الجانب السوري 47 فرنسياً ينتمون إلى «داعش» وأنهم مطلوبون للقضاء العراقي.

«مؤتمر ضحايا الإرهاب»

في نيويورك، أعلن نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، استعداد بغداد لاستضافة المؤتمر الدولي المقبل لضحايا الإرهاب في عام 2026.

جاء ذلك خلال ترؤسه الاجتماع الوزاري السادس لـ«مجموعة أصدقاء ضحايا الإرهاب»، الذي عُقد في مقر الأمم المتحدة، بحضور ممثلين عن دول عدة.

وقال حسين إن «العراق يعمل حالياً على تطوير استراتيجيته الوطنية لمكافحة الإرهاب للفترة من 2026 إلى 2030»، مؤكداً أن دعم ضحايا الإرهاب يشكل محوراً أساسياً في هذه الاستراتيجية. كما دعا إلى تعزيز التعاون الدولي لملاحقة مرتكبي الجرائم الإرهابية، خصوصاً تلك التي طالت الإيزيديين والمكونات الأخرى، والعمل على الاعتراف بها بوصفها جرائم إبادة جماعية.


مقالات ذات صلة

المشرق العربي قادمون من لبنان عند معبر «جديدة يابوس» جنوب غربي سوريا في 6 أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)

مسؤول أممي يتوقع عودة مليون لاجئ إلى سوريا في عام 2026

تقديرات «المفوضية» أن أكثر من 4 ملايين سوري سيعودون خلال فترة عامين، ما يجعل الدعم المالي الدولي مسألة عاجلة لضمان الاستقرار ومنع تفاقم الأزمات الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي رئيس مجلس القضاء العراقي فائق زيدان (موقع المجلس)

جدل في العراق بعد شكر القضاء للفصائل المسلحة على «نزع السلاح»

أثار البيان المقتضب الذي أصدره رئيس مجلس القضاء فائق زيدان حول قبول بعض قادة الفصائل المسلحة بمبدأ «حصر السلاح بيد الدولة» أسئلة وانتقادات.

فاضل النشمي (بغداد)
شمال افريقيا الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال محادثات مع رئيس حكومة كردستان - العراق مسرور بارزاني في القاهرة الأحد (الرئاسة المصرية)

مصر تشدد على دعمها الكامل لوحدة العراق وسلامة أراضيه

أشاد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بـ«مستوى التعاون القائم بين الأجهزة المصرية والعراقية في المجال الأمني».

وليد عبد الرحمن (القاهرة )
المشرق العربي عناصر من «الحشد الشعبي» يجلسون في سيارة بعد هجوم أميركي على مقر «النجباء» ببغداد في 4 يناير 2024 (رويترز)

دعوات حصر السلاح تربك الفصائل العراقية بين الرفض وشروط الضمانات

تترقب بغداد الزيارة المقررة لمبعوث الرئيس الأميركي، مارك سافايا، الذي سيصل قبل نهاية العام، بينما تتعدد المواقف بشأن دعوات حصر السلاح بيد الدولة.

حمزة مصطفى (بغداد)

«قسد» تستهدف نقاطاً للأمن الداخلي في حلب

عناصر من «قوات سوريا الديمقراطية» في دير الزور بشرق سوريا (رويترز - أرشيفية)
عناصر من «قوات سوريا الديمقراطية» في دير الزور بشرق سوريا (رويترز - أرشيفية)
TT

«قسد» تستهدف نقاطاً للأمن الداخلي في حلب

عناصر من «قوات سوريا الديمقراطية» في دير الزور بشرق سوريا (رويترز - أرشيفية)
عناصر من «قوات سوريا الديمقراطية» في دير الزور بشرق سوريا (رويترز - أرشيفية)

ذكرت قناة «الإخبارية» السورية، الاثنين، أن «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) التي يقودها الأكراد شنت هجوماً استهدف نقاطاً لقوى الأمن الداخلي في حلب، في حين اتهمت «قسد» فصائل مسلحة تابعة لوزارة الدفاع بمهاجمة قواتها.

وأفاد «تلفزيون سوريا» باندلاع اشتباكات متقطعة بين قوات الجيش و«قوات سوريا الديمقراطية» في حلب الواقعة شمال البلاد.

بينما ذكر تلفزيون «حلب اليوم» نقلاً عن مصادره أن 5 جرحى وصلوا إلى مستشفى الرازي «بينهم عنصران من الدفاع المدني جراء إصابتهم برصاص قناصة (قسد) قرب دوار شيحان بحلب»، وأضاف المصدر نفسه أن «(قسد) تسحب عناصرها من الحواجز المشتركة مع الأمن الداخلي عند دوار شيحان بحلب، وتطلق النار بشكل مباشر على المدنيين».

على الجانب الآخر، قالت «قسد» في بيان إن اثنين من أفرادها في حلب أصيبوا بجروح إثر هجوم نفذته فصائل مرتبطة بوزارة الدفاع السورية على حاجز في دوار الشيحان.
وحملت قوات سوريا الديمقراطية حكومة دمشق «المسؤولية الكاملة عن هذه الاعتداءات».

وذكرت الوكالة العربية السورية للأنباء أن «قسد» شنت هجوماً بقذائف (آر.بي.جي) والهاون على محيط حي الأشرفية والمنطقة الممتدة من دوار شيحان إلى دوار الليرمون في حلب. وأفادت الوكالة الرسمية بإغلاق طريق غازي عنتاب-حلب بسبب هجمات «قسد».

وتأتي الاشتباكات في الوقت الذي قال فيه وزير الخارجية أسعد الشيباني، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره التركي هاكان فيدان، إن الحكومة السورية «لم تلمس مبادرة جدية» من «قسد» لتنفيذ اتفاق العاشر من مارس (آذار)، مشيراً إلى أنها تماطل في تنفيذ الاتفاق الذي يقضي بدمجها في مؤسسات الدولة.

وأضاف الشيباني: «قدمنا مقترحاً لـ(قسد) للمرونة، وتسلمنا ردها بالأمس، وتقوم وزارة الدفاع الآن بدراسته. أي تأخر من (قسد) في الاندماج مع الجيش السوري سيؤثر سلباً في استقرار المنطقة الشرقية».

وقال وزير الخارجية التركي إنه «لا نية لـ(قسد) لإحراز تقدُّم في اتفاق 10 مارس»، مضيفاً أن التنسيق بينها وبين إسرائيل يؤخر التوصل لنتيجة. وتابع قائلاً: «اندماج (قسد) في الحكومة السورية سيكون في صالح الجميع».


إيطاليا تطلب رسمياً من لبنان إبقاء قواتها في الجنوب بعد انسحاب «اليونيفيل»

ضابط في الجيش اللبناني إلى جانب ضابط إيطالي ضمن عديد «اليونيفيل» خلال مهمة مشتركة في جنوب لبنان (اليونيفيل)
ضابط في الجيش اللبناني إلى جانب ضابط إيطالي ضمن عديد «اليونيفيل» خلال مهمة مشتركة في جنوب لبنان (اليونيفيل)
TT

إيطاليا تطلب رسمياً من لبنان إبقاء قواتها في الجنوب بعد انسحاب «اليونيفيل»

ضابط في الجيش اللبناني إلى جانب ضابط إيطالي ضمن عديد «اليونيفيل» خلال مهمة مشتركة في جنوب لبنان (اليونيفيل)
ضابط في الجيش اللبناني إلى جانب ضابط إيطالي ضمن عديد «اليونيفيل» خلال مهمة مشتركة في جنوب لبنان (اليونيفيل)

طلبت إيطاليا رسمياً من لبنان، إبقاء قوات لها في منطقة العمليات الدولية جنوب الليطاني بجنوب البلاد بعد انسحاب «اليونيفيل» منها، وهو مطلب رحب به لبنان، معتبراً أن وجود هذه القوات، إلى جانب قوات أوروبية أخرى تشارك روما هذه الرغبة، «يساعد الجيش اللبناني في حفظ الأمن والاستقرار على الحدود اللبنانية الجنوبية، بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من التلال والأراضي التي تحتلها»، حسبما قال الرئيس اللبناني جوزيف عون.

وقرر مجلس الأمن الدولي أواخر أغسطس (آب) الماضي، تمديد مهمة قوة الأمم المتحدة لحفظ السلام في جنوب لبنان (اليونيفيل) لمرة أخيرة مع وضع برنامج لانسحابها عام 2027، بعدما طالبت إسرائيل والولايات المتحدة بذلك. ونص قرار المجلس، الذي تم تبنيه بالإجماع، على «تمديد تفويض (اليونيفيل) مرة أخيرة حتى 31 ديسمبر (كانون الأول) 2026، والبدء بعملية تقليص وانسحاب منسقة وآمنة بدءاً من 31 ديسمبر 2026 ضمن مهلة عام واحد».

وزير الدفاع الإيطالي

وشدد وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروسيتو، خلال لقائه بالرئيس اللبناني جوزيف عون في بيروت الاثنين، على دعم إيطاليا للبنان في المجالات كافة، لا سيما في مجال حفظ الأمن والاستقرار بالجنوب، مشيراً إلى أن بلاده ترغب في إبقاء قوات لها في منطقة العمليات الدولية جنوب الليطاني بعد انسحاب «اليونيفيل» منها، لافتاً إلى وجود دول أوروبية أخرى تنوي أيضاً اتخاذ الموقف نفسه.

وقال كروسيتو إن هذه الخطوة تهدف إلى دعم الجيش اللبناني في مهامه بالجنوب، لأن إيطاليا تعتبر أن أمن لبنان والمنطقة والبحر المتوسط يتحقق من خلال تعزيز دور الجيش اللبناني وتوفير الإمكانات الضرورية له، حسبما أفادت الرئاسة اللبنانية.

الرئيس اللبناني جوزيف عون يستقبل وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروسيتو (الرئاسة اللبنانية)

ويبلغ عدد الدول التي تتألف منها «اليونيفيل» 49 دولة، حيث تشارك بما مجموعه 9,923 جندياً لحفظ السلام، وتتصدر إيطاليا قائمة الدول الأوروبية بالعديد، إذ بلغ عدد الجنود المشاركين 1,099 جندياً، فيما يبلغ عدد الجنود الإسبان في البعثة 824 جندياً، و762 فرنسياً، و414 آيرلندياً، و217 بولندياً، و221 ألمانياً. أما كبرى البعثات، فهي من إندونيسيا بـ1232 جندياً.

وأشار كروسيتو إلى أن بلاده تواصل اتصالاتها بهدف تثبيت الاستقرار في الجنوب، وتتابع تطورات التفاوض الذي بدأه لبنان، وسوف تعمل كي تتحقق نتائج عملية منه، لأنه لا مصلحة لأحد في استمرار التوتر بالجنوب، وعلى إسرائيل أن تدرك هذا الأمر جيداً. وأكد الوزير الإيطالي أن المساعدات الإيطالية للجيش سوف تستمر وفق ما تم الاتفاق عليه مع وزير الدفاع اللبناني خلال محادثاتهما اليوم.

لبنان يرحب

من جهته، أبلغ عون وزير الدفاع الإيطالي بأن لبنان يرحب بمشاركة إيطاليا ودول أوروبية أخرى في أي قوة تحل محل القوات الدولية العاملة في الجنوب (اليونيفيل) بعد اكتمال انسحابها عام 2027، وذلك لمساعدة الجيش اللبناني في حفظ الأمن والاستقرار على الحدود اللبنانية الجنوبية، بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من التلال والأراضي التي تحتلها.

جنود في الكتيبة الإيطالية بـ«اليونيفيل» خلال مهمة مشتركة مع الجيش اللبناني (اليونيفيل)

وقال الرئيس عون إن خيار التفاوض الذي اعتمده لبنان، وكلف سفيراً سابقاً ترؤس الوفد اللبناني في لجنة «الميكانيزم»، هدفه وقف الأعمال العدائية، وتحقيق الانسحاب الإسرائيلي، وإعادة الأسرى المعتقلين في إسرائيل، وإعادة السكان الجنوبيين إلى قراهم وممتلكاتهم، مضيفاً: «لبنان ينتظر خطوات إيجابية من الجانب الإسرائيلي، ونعتمد على دول صديقة مثل إيطاليا، للدفع في اتجاه إنجاح العملية التفاوضية، والوصول إلى نتائج إيجابية».

وأكد الرئيس عون لوزير الدفاع الإيطالي أن لبنان بلد محب للسلام، ولا يريد الحرب؛ بل يعمل لحفظ الأمن وحماية الحدود وبسط سيادة الدولة، وهذا ما يجب أن يتولاه الجيش اللبناني بالتعاون مع الدول الصديقة الراغبة في مساعدته، «لا سيما أننا تعلمنا من الحروب المتتالية على أرضنا، أنه لا يمكن أن ينتصر فريق على آخر، ولا بد في النهاية من التفاوض».

ولفت رئيس الجمهورية إلى أن الجيش هو العمود الفقري لضمان الاستقرار؛ ليس في لبنان فحسب بل في المنطقة كلها التي تتأثر حكماً بما يكون عليه الواقع الأمني في لبنان. وأشار إلى أهمية توفير الدعم للجيش الذي لا تقتصر مهماته على الحدود فقط؛ بل على كل لبنان، «وبالتالي فإن أي مساعدة تقدمها الحكومة الإيطالية للجيش اللبناني والقوى المسلحة اللبنانية هي موضع شكر وتقدير من الدولة اللبنانية».

سياسياً، اعتبر رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميّل، أنّ المرحلة المقبلة تشكّل امتحاناً حاسماً للدولة اللبنانية و«حزب الله»، مشدداً على أنّ استكمال انتشار الجيش وبسط سلطة الدولة على كامل الأراضي هما المعيار الفعلي لتجنيب لبنان حرباً جديدة وإطلاق مسار الاستقرار.

وقال الجميل بعد لقائه السفير الأميركي لدى لبنان ميشال عيسى، إن «الطريقة الوحيدة لحماية لبنان ومنع تكرار المآسي هي بسط سلطة الجيش اللبناني على كامل الأراضي اللبنانية»، مضيفاً: «كل منطقة يوجد فيها الجيش تكون محمية، وكل منطقة خارجة عن سلطة الدولة وسيادتها تكون عرضة للخطر، خصوصاً في الجنوب».

وأشار الجميّل إلى ضرورة انتقال الجيش اللبناني فور انتهاء المهلة المحددة في خطته إلى منطقة شمال الليطاني، موضحاً أن «منطقة جنوب الليطاني باتت خالية من أي سلاح، وهذا أمر يجب أن يُعلن رسمياً في وقت قريب، كي يشعر أهل الجنوب بالأمان ويتوقف تعرضهم للقصف والأذى».


صمت مالك سفينة «النيترات» يراكم تعقيدات التحقيق في انفجار مرفأ بيروت

من اعتصام سابق لأهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت (أرشيفية - الشرق الأوسط)
من اعتصام سابق لأهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

صمت مالك سفينة «النيترات» يراكم تعقيدات التحقيق في انفجار مرفأ بيروت

من اعتصام سابق لأهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت (أرشيفية - الشرق الأوسط)
من اعتصام سابق لأهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت (أرشيفية - الشرق الأوسط)

لم تحقق مهمة المحقّق العدلي في ملفّ انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار غايتها في العاصمة البلغارية صوفيا، إذ لم يتمكن من استجواب مالك الباخرة روسوس إيغور غريتشوشكين، جرّاء اعتصام الأخير بالصمت، ورفضه الإجابة عن الأسئلة، وهو ما زاد تعقيدات التحقيق الذي يراوح مكانه منذ سنوات بين العوائق القانونية، والسياسية الداخلية، والحسابات الدولية.

وكان البيطار توجّه الأربعاء الماضي إلى صوفيا، لاستجواب غريتشوشكين، مالك سفينة أقلت نيترات الأمونيوم التي انفجرت في مرفأ بيروت في 4 أغسطس (آب) 2020، وهو موقوف في صوفيا منذ ثلاثة أشهر، بموجب مذكرة توقيف صادرة عن القضاء اللبناني، ومعممة عبر الإنتربول الدولي. وعقد البيطار جلسة في حضور وكيلته، وقضاة بلغاريين، في مكان الاحتجاز المؤقت، حيث جرى توجيه الأسئلة له عبر قاضي تحقيق بلغاري، التزاماً بالأصول القانونية المعتمدة في التعاون القضائي الدولي.

قاضي التحقيق اللبناني في ملف انفجار مرفأ بيروت طارق البيطار (الوكالة الوطنية للإعلام)

وقال مصدر قضائي لبناني لـ«الشرق الأوسط» إنّ المدعى عليه «رفض الإجابة عن أي سؤال، ملتزماً الصمت كلياً، باستثناء عبارة واحدة، حين قال إنه يكتفي بالإفادة التي سبق أن أدلى بها خلال استجوابه من قبل شعبة المعلومات اللبنانية في قبرص في العام 2020، وليس لديه ما يضيفه بشأنها.

تهرّب من المواجهة

وأضفى الصمت مزيداً من الشكوك حول دور غريتشوشكين وسفينته التي نقلت نيترات الأمونيوم من جورجيا إلى مرفأ بيروت في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2013 في خطوة اعتبرها مصدر قضائي رفيع «محاولة واضحة للتهرّب من مواجهة أسئلة يعتبرها التحقيق أساسية في تحديد المسؤوليات».

لكن المصدر أثنى عبر «الشرق الأوسط» على «التعاون الكامل الذي أبداه القضاء البلغاري مع المحقّق العدلي، سواء على مستوى القضاة، أو إدارة السجن في صوفيا»، مشيراً إلى أن الفريق القضائي البلغاري «أجرى محاولات متكررة لإقناع غريتشوشكين بالإدلاء بأقواله، إلا أنّه أصرّ على موقفه، وامتنع نهائياً عن التحدّث».

علامات استفهام

وقال إن «امتناع مالك السفينة روسوس هو حق قانوني له، إلا أنّه يطرح علامات استفهام كبرى حول ما يحمله من معطيات قد تكون مفصلية في رسم صورة كاملة لمسار شحنة نيترات الأمونيوم منذ تحميلها وحتى انفجارها»، لافتاً إلى أن البيطار كان «يهدف إلى كشف حقيقة من اشترى نيترات الأمونيوم ولصالح من؟ وهل أن حمولة الباخرة كانت بالفعل ذاهبة إلى موزمبيق، أو أن هناك عملية تحايل غيرت وجهتها إلى مرفأ بيروت؟».

الدخان يتصاعد من موقع انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس 2020 (رويترز)

ونقل المصدر القضائي عن مسؤولي السجن المؤقت الذي يحتجز فيه غريتشوشكين أن الأخير «يعاني وضعاً نفسياً صعباً منذ اعتقاله» في منتصف شهر سبتمبر (أيلول) الماضي في صوفيا، أثناء توجهه من قبرص إلى موسكو. وأوضحت أن البيطار أبلغه بأنه «ليس متهماً، بل مشتبه به، وإذا ما أدلى بإفادته قد يكون ذلك سبباً لوقف الإجراءات القائمة بحقه، لكن ذلك لم يغير شيئاً بقناعاته». وأوضح المصدر أن غريتشوشكين «أجلس على كرسي وضع مقابل القاضي البيطار، حيث أغمض عينيه بيديه ولم ينظر إلى المحقق العدلي، ولا حتى للقضاة البلغاريين، مكتفياً بالقول أنا لا أعرف لماذا أنا مسجون هنا؟ وليس لدي ما أقوله».

مواكبة أمنية

في الإطار اللوجستي، والمواكبة الأمنية والدبلوماسية للمهمّة، علمت «الشرق الأوسط» أن مهمة البيطار «أحيطت بعناية كبيرة، حيث توجّه من منزله إلى مطار رفيق الحريري الدولي بمواكبة من مخابرات الجيش اللبناني، ومتابعة حثيثة من وزير العدل عادل نصّار». ووفق المعلومات فإنّ سفيرة لبنان في بلغاريا رحاب أبو زين «لعبت دوراً مهمّاً في تهيئة الظروف الملائمة لإنجاح مهمة البيطار في صوفيا، حيث استقبلته في المطار، ورافقته إلى مكان إقامته، كما تولّت السفيرة شخصياً تأمين كاتب محضر التحقيق، ومترجمين اثنين، وسبق ذلك أن نسّقت مع السلطات البلغارية لتأمين المواكبة الأمنية له»، مشيرة إلى أن ذلك «عكس جدّية الجانب اللبناني في استكمال التحقيق رغم العراقيل».

وإزاء هذا التطوّر، يطرح السؤال مجدداً عن مصير غريتشوشكين: هل ستفرج عنه السلطات البلغارية أم ستسلّمه إلى لبنان؟ حتى الآن، لا يوجد جواب حاسم. إلا أنّ المصدر القضائي يؤكد أنّ لبنان «لم يفقد الأمل بإمكانية تسلمه، لا سيما أن محكمة الاستئناف البلغارية ستعقد جلسة هذا الأسبوع للنظر في طعن النائب العام بقرار رفض تسليمه». وشدد على أنه «حتى لو أطلقت بلغاريا سراحه فإن مذكرة التوقيف الدولية الصادرة بحقه ما زالت سارية المفعول، وتتيح توقيفه في أي بلد يتوجّه إليه، باستثناء روسيا التي يحمل جنسيتها».

تقدير سيادي

في هذا السياق، يلفت المصدر القضائي إلى أنّ قرار بلغاريا المحتمل بعدم التسليم، في حال تثبيته «لا يشكّل سابقة ملزمة لدول أخرى، فلكل دولة تقديرها السيادي، وتعاونها القضائي قد يتغيّر تبعاً للضمانات المقدّمة، والظروف السياسية، والقانونية المحيطة بكل حالة»، لافتاً إلى «وجود أمل كبير بأن تقرر محكمة الاستئناف في بلغاريا تسليمه إلى لبنان، وأن سفيرة لبنان في صوفيا تتابع عن كثب تطورات هذا الملفّ مع السلطات البلغارية».

ووفق المصدر فإن «مذكرة التوقيف الغيابية بحق مالك السفينة روسوس ستبقى سارية المفعول، وإن البيطار فور عودته إلى لبنان سيقرر الخطوات التي سيتخذها في حال رفضت محكمة الاستئناف في صوفيا تسليمه إلى لبنان».