«أزمة السبلايز»... مصريون يتندرون على «مغالاة المدارس»

في ظل ارتفاع الأسعار وازدياد متطلبات التعليم

طالبات في مدرسة «الكلية الأميركية» بالقاهرة (حساب المدرسة على «فيسبوك»)
طالبات في مدرسة «الكلية الأميركية» بالقاهرة (حساب المدرسة على «فيسبوك»)
TT

«أزمة السبلايز»... مصريون يتندرون على «مغالاة المدارس»

طالبات في مدرسة «الكلية الأميركية» بالقاهرة (حساب المدرسة على «فيسبوك»)
طالبات في مدرسة «الكلية الأميركية» بالقاهرة (حساب المدرسة على «فيسبوك»)

«والبوفتيك، لازم البوفتيك عشان ماحدّش يقول حاجة»؛ أشهر عبارات الفيلم العربي «الحفيد»، على لسان الفنانة كريمة مختار، التقطتها «السوشيال ميديا» للتعبير حديثاً عن ضرورة شراء قائمة الأدوات المدرسية للطلاب مع بداية العام الدراسي، حيث تحولت الجملة السينمائية على لسان الآباء إلى: «والسبلايز، لازم السبلايز عشان ماحدّش يقول حاجة».

مع حلول كل عام دراسي جديد، يتحول المشهد في البيوت المصرية إلى ما يشبه «معركة طريفة»، تتركز حول توفير قائمة الأدوات المدرسية، التي تُعرف حديثاً بمصطلح «السبلايز» (Supplies)، والتي أصبحت تمثل أزمة لميزانية الأسرة خصوصاً في ظل مغالاة المدارس في طلباتها.

وتضمنت قوائم «السبلايز» أدوات مدرسية أساسية، مثل الكراسات، والأقلام، والألوان، والمساطر، بالإضافة إلى لوازم أخرى مثل أدوات النظافة أو أدوات الأنشطة المحددة، التي تختلف من مدرسة إلى أخرى.

وبدأ العام الدراسي الجديد 2025-2026 في مصر مطلع الأسبوع الحالي، حيث استقبلت نحو 27 ألف مدرسة (تتنوع بين الحكومية والخاصة والدولية والتجريبية) 25 مليون طالب تقريباً في مرحلة التعليم الأساسي «قبل الجامعي»، وفق وزارة التربية والتعليم المصرية.

ولأن مصطلح «السبلايز» لا يزال غريباً على أذن جيل الآباء، فقد أصبح محط سخرية وتندٌّر واسع على منصات التواصل الاجتماعي، وعبّر قطاع كبير من المصريين عن صدمتهم من قوائم الطلبات وأسعارها المتزايدة، شاهرين سلاح التهكم لمواجهة هذا العبء المتكرر.

وأصبح «السبلايز» خلال الأيام الماضية بطلاً لمئات «الكوميكسات» و«البوستات» الساخرة التي انتشرت على منصات «تيك توك» و«إكس» و«فيسبوك»، التي أصبحت بمثابة مسرح يعرض مشاهد من «موقعة السبلايز».

«هو ده سبلايز والّا جهاز عروسة؟»، سؤال طرحه كثيرون بسخرية، في مقارنة تشير إلى ضخامة الطلبات المدرسية التي تفوق تجهيزات الزواج، حيث تتجاوز الأقلام والكراسات، لتشمل أدوات نظافة ومعقمات، ومواد للأنشطة الفنية، وحتى المناديل المبللة.

بينما جاءت مقارنات أخرى لتسخر من واقع الطلاب قديماً وحالياً، حيث بساطة الحياة اليومية في الماضي وتعقيدات السبلايز حالياً، وكيف كانت الأمهات يلجأن إلى الأكياس البلاستيكية لوضع ساندويتشات المدرسة بدلاً من «اللانش بوكس».

وتركز جانب آخر من التندر على المقارنة بين الماضي والحاضر، حيث يتذكر جيل سابق كيف كانت الأدوات المدرسية تقتصر على كراسة وقلم وأستيكة (ممحاة)، وكانت بشكل اختياري، بينما أصبحت اليوم قائمة «السبلايز» تكلّف آلاف الجنيهات.

وظهرت معاناة الآباء على وجه الخصوص محوراً لكثير من مقاطع الفيديو والتدوينات، حيث يشكون بشكل ساخر من أعباء ميزانية «السبلايز»، في ظل طلب أنواع بعينها باهظة الثمن.

ولوقع كلمة «السبلايز» الغريب، أصبح نطقها بالإنجليزية ومعناها مادة خصبة للكوميديا.

السخرية لم تتوقف عند الأدوات، بل امتدت إلى المقارنات الاجتماعية، حيث كتب أحد المغردين: «من ساعة أدوات المدرسة ما أصبح اسمها سبلايز، والفستق بقى اسمه بيستاشيو، وإحنا في طريقنا للعباسية»، في إشارةٍ إلى أن هذا التناقض يؤدي إلى الجنون.

ولجأ البعض الآخر إلى عقد مقارنات ساخرة أخرى بامتداد طلبات «السبلايز» إلى العمل أو الجامعة، التي تتغير لتناسب طبيعة المكان، في إشارةٍ إلى أن كل مرحلة في الحياة باتت تتطلب تجهيزات تفوق طاقة الإنسان العادي.

وبعيداً عن السخرية، وفي ظل ارتفاع الأسعار وازدياد متطلبات التعليم، كانت «السوشيال ميديا» متنفساً أيضاً لغضب أولياء الأمور من قيمة «السبلايز».

وعبَّر أحد أولياء الأمور عن تعجبه من دفع 13 ألف جنيه لـ«السبلايز»، (الدولار يساوي 48.18 جنيه مصري).

وبدورها عبَّرت الإعلامية المصرية، إيمان عز الدين، عن انتقادها لارتفاع مصروفات المدارس وزيادتها بنحو 7 آلاف جنيه بسبب قائمة «السبلايز».

بينما تداول آخرون فيما بينهم، قوائم «السبلايز» التي تطلبها مدارس أطفالهم.

الخبيرة التربوية ومؤسس «ائتلاف أولياء أمور مصر»، داليا الحزاوي، تؤكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «هناك استياءً شديداً بين أولياء الأمور، لا سيما مَن يدرس أبناؤهم في المدارس الخاصة، من قيام بعض المدارس بفرض مستلزمات مدرسية من ماركات معينة باهظة الثمن، مما يثقل كاهلهم في ظل ازدياد متطلبات الإنفاق على التعليم»، لافتةً إلى أن «المدارس الخاصة تحتاج إلى حوكمة لعدم استغلال أولياء الأمور بالمبالغة في طلباتها أو مصروفاتها».

كما تنتقد داليا احتواء «السبلايز» المدرسي على أشياء لا تمتّ إلى العملية التعليمية بِصلة، مثل أدوات النظافة والمعقمات، التي من الطبيعي أن تتكفل بها إدارة المدرسة، وليس ولي الأمر، كما أن الكميات المطلوبة في كثير من الأحيان تكون غير منطقية.

وفي ظل واقع اقتصادي يزداد فيه العبء على الأسر المصرية، تنصح الخبيرة التربوية أولياء الأمور بالتعامل مع أزمة «السبلايز» من خلال مراجعة الأدوات المتبقية من الأعوام السابقة وإعادة استخدامها ما دامت في حالة جيدة، إلى جانب الشراء من المعارض الحكومية أو أماكن البيع بالجملة لتوفير التكلفة، مع أهمية توعية الأبناء بالحفاظ على هذه المستلزمات.

منصات التواصل الاجتماعي في مصر امتلأت بمئات «الكوميكسات» للتعبير عن أزمة «السبلايز»... (فيسبوك)

كان وكيل شعبة الأدوات المكتبية بالغرف التجارية المصرية، محمد الصفتي، قد استبق العام الدراسي بالإشارة إلى أنَّ المستلزمات المدرسية تشكل عبئاً على أولياء الأمور، كونها تمثل أحد صنوف الأحمال على ميزانية الأسرة.

وأوضح، في تصريحات متلفزة، أنّ «المدارس التي تطلب (سبلايز) بتكلفة مرتفعة لا تمثل النسبة الكبرى، إذ لا تتجاوز 15 في المائة، في حين أن الأغلب يتبع التعليم الحكومي»، ولفت إلى أن «السبلايز» المطلوبة لكل مدرسة تكون وفقاً للفلسفة التي تعتمد عليها، مشيراً إلى أن المدارس الدولية تعتمد أكثر على تنمية مهارات الأطفال، مما يجعل هذه المستلزمات الفنية كبيرة بشكل واضح.


مقالات ذات صلة

تكرار وقائع «تحرش» بمدارس مصرية يفاقم أزمات وزير التعليم

العالم العربي وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)

تكرار وقائع «تحرش» بمدارس مصرية يفاقم أزمات وزير التعليم

فاقم تكرار وقائع تحرش بطلاب داخل مدارس دولية وخاصة الأسابيع الماضية الأزمات داخل وزارة التربية والتعليم التي صاحبت تعيين الوزير محمد عبد اللطيف.

رحاب عليوة (القاهرة)
العالم العربي توقيع اتفاقية ثلاثية لدعم التعليم في اليمن بتمويل سعودي قدره 40 مليون دولار (سبأ)

40 مليون دولار دعم سعودي إضافي للتعليم في اليمن بشراكة أممية

شهدت الرياض، الخميس، توقيع اتفاقية شراكة ثلاثية بين وزارة التربية والتعليم اليمنية، والبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن، ومنظمة اليونيسكو، بـ40 مليون دولار.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق من مراسم توقيع مذكرة التفاهم بين هيئة الموسيقى السعودية وشركة «ستاينواي آند صنز» (وزارة الثقافة)

هيئة الموسيقى السعودية تُعزِّز تطوير القطاع مع «ستاينواي آند صنز»

أبرمت هيئة الموسيقى السعودية مذكرة تفاهم مع شركة «ستاينواي آند صنز» العالمية المتخصصة بصناعة البيانو؛ لدعم تطوير قطاع الموسيقى في البلاد، وتعزيز برامجه المهنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق طفلان يكتبان بالقلم (بيكساباي)

لماذا يستمر الآباء في تعليم أطفالهم الكتابة اليدوية وسط التطور الرقمي؟

في هذه الأيام، يتعجب بعض الأطفال من ضرورة تعلمهم الكتابة يدوياً، في حين أن كل شيء يُكتب عادة على لوحة المفاتيح أو يُملى على الهاتف.

«الشرق الأوسط» «الشرق الأوسط» (برلين)
شمال افريقيا وزارة التربية والتعليم المصرية اتخذت إجراءات صارمة ضد مدرسة دولية جديدة بالإسكندرية (الوزارة)

مصر: اتهامات متعاقبة بـ«التحرش» تُصعّد الانتقادات للتعليم الخاص

بعد اتهامات متعاقبة بوجود وقائع «تحرش جنسي» داخل مدارس خاصة ودولية في مصر، تصاعدت الانتقادات الموجهة لهذه النوعية من المدارس.

أحمد جمال (القاهرة)

جدل «الست»... هل يثير شهية صناع الدراما لمعالجة السيّر الذاتية؟

لقطة من فيلم «الست» (حساب الكاتب أحمد مراد على موقع «فيسبوك»)
لقطة من فيلم «الست» (حساب الكاتب أحمد مراد على موقع «فيسبوك»)
TT

جدل «الست»... هل يثير شهية صناع الدراما لمعالجة السيّر الذاتية؟

لقطة من فيلم «الست» (حساب الكاتب أحمد مراد على موقع «فيسبوك»)
لقطة من فيلم «الست» (حساب الكاتب أحمد مراد على موقع «فيسبوك»)

أثار فيلم «الست» جدلاً وزخماً نقدياً مكثفاً خلال الأيام الماضية، منذ الإعلان عن صناعة الفيلم قبل أشهر عدة، وزادت حدته بالتزامن مع طرح «البرومو الترويجي»، وعقب طرحه للمشاهدة بدور العرض السينمائي في مصر، وعدد من الدول العربية قبل أيام.

ورغم تحقيق «الست» إيرادات مليونية، وتصدره قائمة الأفلام المعروضة حالياً، فإن النقد بين مؤيد ومعارض ما زال قائماً، حيث أكد عدد من النقاد والمتابعين على مواقع «سوشيالية» أن «الجدل» ساهم في شهرة الفيلم، والرغبة في متابعته.

وربما صاحب الجدل حول فيلم «الست»، الذي قدمت بطولته منى زكي، رغبة من بعض الصناع لتقديم أعمال «سير ذاتية» جديدة لمشاهير عدة، مثل طه حسين، وسعاد حسني، وفاتن حمامة، حسبما أعلنوا خلال الأيام الماضية، «فهل تسبب هذا الجدل في فتح شهيتهم لتقديم مزيد من معالجات السير الذاتية»؟

الكاتب والناقد الفني المصري عماد يسري، يرى أن أعمال «السير الذاتية» موجودة بالفعل وقدمت من قبل، لكن جدل «الست» مؤخراً ربما فتح الباب مجدداً، لافتاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الجدل بشكل عام مفيد، ولكن في بعض الأحيان لا يكون كذلك، بل ربما يتسبب في ردّ فعل عكسي عند البعض، لكن فيلم (الست) حالة خاصة نظراً لطبيعة شخصية أم كلثوم»، وفق قوله.

وأوضح يسري أن «السير الذاتية» السليمة هي التي يكتبها الشخص بنفسه، أو يحكيها لشخص آخر، لتكون موثوقة، لكن ما يقدم عن بعض الشخصيات هي «سير ذاتية» من وجهة نظر كاتبها.

ودعا الناقد الفني من لديهم حماس لتقديم مزيد من «السير الذاتية»، بأن يحرصوا على أن تكون لديهم كتابة شاملة لجوانب عدة، وتابع: «في حال مخالفة ذلك سيكون العمل ناقصاً، لأن هذه الأعمال تتطلب صناعاً على قدر من الخبرة والكفاءة اللازمة لتحقيق النجاح المطلوب، خصوصاً مع التغيير الكبير في فكر وثقافة وذائقة المتلقي».

كواليس تصوير فيلم «الست» (حساب الكاتب أحمد مراد على «فيسبوك»)

في السياق، أعلن عدد من صناع الدراما والسينما في مصر عن رغبتهم في تقديم أعمال «سير ذاتية» لمشاهير، من بينهم الكاتب أحمد مراد مؤلف فيلم «الست»، الذي أشار في لقاء تلفزيوني إلى رغبته في كتابه عمل عن «عميد الأدب العربي» طه حسين، وكذلك المخرج مجدي أحمد علي، الذي أعلن في تصريحات متلفزة عن البدء في كتابة عمل عن الفنانة سعاد حسني، كما أعلنت الفنانة إلهام صفي الدين، ابنة شقيقة الفنانة إلهام شاهين، رغبتها في تقديم سيرة الفنانة فاتن حمامة «نظراً للشبة الكبير الذي يجمعهما»، وفق تصريحات لها.

من جانبها، أوضحت الكاتبة والناقدة الفنية المصرية، صفاء الليثي، أن الجدل حول أعمال «السير الذاتية» لا ينتهي، وفي حالة «الست»، كان له دور إيجابي في البحث عن تفاصيله ومشاهدته، وأرجعت توجه البعض وحماسهم للعمل على صناعة دراما من السيرة الذاتية إلى رغبة البعض في استعادة حقائق ووقائع حياة المشاهير، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «هذا مكسب للمُشاهد بكل فئاته، لرغبته في معرفة مزيد من الحكايات الخفية عن شخصياته المفضلة».

وتشير الليثي إلى أن «هناك بعض الأعمال التي أصابت الجمهور بصدمة، باعتبار أن الشخصية الشهيرة بارعة في مجالها فقط، وليس بالضرورة أن تكون لها جوانب سلبية»، لافتة إلى «أن البعض وصل به الحال لتقديس شخصيات بعينها ورفض التطرق لعيوبها».

وذكرت الليثي أن كتابة «السير الذاتية» تتطلب البحث والتحري، والحصول على شهادات من بعض المعاصرين، بهدف كتابة معالجة مناسبة للزمن الحالي، وعدم الاعتماد على الحكايات والقصص الشائعة.


مصر: تصريحات نقيب الفلاحين عن فوائد «دود المش» تخطف الاهتمام

زراعة الطماطم تتم في عدة مواسم (وزارة الزراعة المصرية)
زراعة الطماطم تتم في عدة مواسم (وزارة الزراعة المصرية)
TT

مصر: تصريحات نقيب الفلاحين عن فوائد «دود المش» تخطف الاهتمام

زراعة الطماطم تتم في عدة مواسم (وزارة الزراعة المصرية)
زراعة الطماطم تتم في عدة مواسم (وزارة الزراعة المصرية)

خطفت تصريحات صحافية لنقيب الفلاحين بمصر، الاهتمامَ، بعد حديثه عن الفوائد الموجودة بـ«دود المش»، ووصفه له بأنه بروتين لا ضرر منه، في سياق حديثه عن الدود الذي يُصاب به محصول الطماطم، مشبهاً هذا بذاك.

وتصدر اسم «نقيب الفلاحين» حسين أبو صدام «الترند » على موقع «إكس» في مصر، الجمعة، وأبرزت الكثير من المواقع، إضافة لمستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي تصريحات له قال فيها إن الدود الذي قد يظهر في بعض الأحيان بثمار الطماطم لا يشكل أي خطر على صحة المواطنين، تعليقاً على ما انتشر من أخبار حول تعرض كميات من محصول الطماطم للتسوس.

وتصل أسعار الطماطم في مصر إلى 10 جنيهات للكيلو (الدولار يساوي 47.6 جنيه مصري)، وتتراوح في بعض الأسواق من 6 إلى 12 جنيهاً، وفق ما نُشر بموقع لسوق العبور (شرق القاهرة).

ووصف حسين أبو صدام الآفة التي يتعرض لها محصول الطماطم بأنها «يرقات حشرات غير مضرة بصحة الإنسان»، وقال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «هذه اليرقات لا تضر الإنسان وإنما تضر المحصول وتقلل إنتاجية الطماطم وطبعاً تشوه الثمار، وهو أمر يؤدي إلى تراجع أسعار المحصول، بالتالي يجب مكافحتها بالمبيدات ولكن إذا تناول الإنسان هذه اليرقات المسماة (التوتا أبسلوتا) المعروفة بحفار الطماطم فهي لا تضر صحته»، وأضاف أن «بعض هذه اليرقات يعد بمثابة بروتين بالنسبة للإنسان وفي دول أخرى يتم تناولها بشكل طبيعي، كم نتناول نحن المش بالدود ولا نصاب بسوء بل بالعكس هذا الدود يرتقي لمنزلة البروتينات».

وتزرع مصر نحو 500 ألف فدان من الطماطم سنوياً، بمعدل يزيد على 6 ملايين طن سنوياً، ويتراوح سعرها بين فترة وأخرى بين الارتفاع والانخفاض، فتصل أحياناً إلى 5 جنيهات (الدولار يساوي 47.6 جنيهات) وهو السعر الأدنى وفي بعض المواسم تصل إلى 20 جنيهاً، وفق تصريحات متلفزة لنقيب الفلاحين.

ووصف مستخدمون لوسائل التواصل الاجتماعي تصريحات نقيب الفلاحين بأنها «غريبة»، وعدّ البعض هذا الوصف غير مقبول، خصوصاً أن «التوتا أبسلوتا»، كما قال، تقلل الإنتاج وتؤثر سلباً على جودة الثمار، وإن كان النقيب يستهدف طمأنة الجمهور فربما لم يفعل ذلك بالطريقة المناسبة.

ندوات إرشادية بخصوص مقاومة الآفات وزيادة إنتاجية المحاصيل (وزارة الزراعة المصرية)

ويرى الدكتور خالد عياد، الخبير بمركز البحوث الزراعية، أن «الدود أو اليرقات الموجودة في الطماطم تختلف عن اليرقات الموجودة في المش، فيرقات الطماطم قد تكون (توتا أبسلوتا) تسبب ثقوباً للثمرات»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «حتى لو الإنسان تناول هذه اليرقات فلا يتعرض لمشكلة صحية، وهذه تختلف تماماً عن يرقات المش، فدود المش هو يرقات لبيض الذباب، تتطور حتى تصبح عذارى»، وأشار إلى أن «الذباب المنزلي خطر لأنه يحمل العديد من الملوثات، ووصفه بالبروتين قد يكون صحيحاً لكنَّ اليرقة تكون محملة بالباثوزين والمسببات المرضية والبيكتريا، فهذه الأسباب مع التراكم تؤذي الصحة، وإن كان الفلاحون يتركون بلاص المش بالعام والعامين فيتكون به فطريات وبيكتريا، تفرز سموماً تسمى (الميكرودوكس) قد تصيب الإنسان بأمراض».

وكشفت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي عن نجاح لجنة مبيدات الآفات الزراعية، في تدريب وتأهيل 345 كادراً في مختلف التخصصات المتعلقة بمكافحة الآفات وتداول المبيدات، خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وذلك في إطار خطة الدولة للارتقاء بمنظومة الاستخدام الآمن للمبيدات، وفق بيان لها.


إنتاج وقود مبتكر للطائرات من مخلّفات الطماطم

المشروع يركز على استغلال مخلفات الطماطم لإنتاج وقود طيران مستدام (جامعة غراتس للتكنولوجيا)
المشروع يركز على استغلال مخلفات الطماطم لإنتاج وقود طيران مستدام (جامعة غراتس للتكنولوجيا)
TT

إنتاج وقود مبتكر للطائرات من مخلّفات الطماطم

المشروع يركز على استغلال مخلفات الطماطم لإنتاج وقود طيران مستدام (جامعة غراتس للتكنولوجيا)
المشروع يركز على استغلال مخلفات الطماطم لإنتاج وقود طيران مستدام (جامعة غراتس للتكنولوجيا)

أعلن تحالف بحثي أوروبي، تقوده جامعة غراتس للتكنولوجيا في النمسا، عن مسار مبتكر لإنتاج وقود طيران مستدام من مخلفات إنتاج ومعالجة الطماطم.

وأوضح الباحثون أن هذه الخطوة تُعد واعدة لتقليل انبعاثات الكربون في أحد أكثر القطاعات صعوبة في التحول إلى الطاقة النظيفة، وفق النتائج المنشورة، الخميس، على موقع جامعة غراتس للتكنولوجيا.

وتُعد الطماطم ثاني أكثر الخضراوات استهلاكاً في العالم بعد البطاطس، في حين يحتل الاتحاد الأوروبي المرتبة الثالثة عالمياً في إنتاجها، بإجمالي حصاد يبلغ نحو 17 مليون طن سنوياً. إلا أن هذا الإنتاج يخلّف كميات ضخمة من الكتلة الحيوية المتبقية، غالباً ما يتم حرقها أو التخلص منها بتكاليف مرتفعة.

ويحمل المشروع البحثي اسم (ToFuel)، ويسعى إلى تطوير مفهوم مبتكر لمصفاة حيوية متكاملة تستغل مخلفات الطماطم، مثل الأوراق والسيقان والبذور والقشور والثمار غير الناضجة أو التالفة، لإنتاج وقود طيران مستدام، إلى جانب أسمدة وأعلاف حيوانية وزيوت غذائية. ويهدف فريق البحث لبناء عملية خالية من النفايات ومحايدة مناخياً، مع ضمان جدواها الاقتصادية.

ويعتمد المشروع على تقنيتين رئيسيتين لمعالجة الكتلة الحيوية. الأولى تركز على معالجة المخلفات بالحرارة والضغط ثم تُفكك خلاياها بشكل مفاجئ، ما يجعلها مناسبة لعمليات التخمر التي تُنتج دهوناً (ليبيدات) تُحوَّل لاحقاً إلى وقود طيران. أما التقنية الثانية فتحوّل الكتلة الحيوية تحت ضغط وحرارة مرتفعين إلى زيت حيوي وفحم حيوي.

وقبل تحويل الزيت الحيوي إلى وقود، تتم تنقيته من الشوائب؛ خصوصاً المركبات المحتوية على النيتروجين، لضمان جودة الوقود النهائي. وتشارك في تطوير هذه العمليات مؤسسات بحثية من البرتغال وكرواتيا والنمسا في تعاون وثيق. ثم تُحوَّل الدهون والزيوت الحيوية باستخدام تقنية مبتكرة ومعتمدة عالمياً لإنتاج وقود الطيران المستدام.

وأكدت مديرة المشروع، مارلين كينبرغر، أن الهدف لا يقتصر على الابتكار العلمي، بل يشمل تحقيق جدوى اقتصادية حقيقية، مشيرة إلى أن وقود الطيران المستدام «يجب أن يكون منافساً من حيث التكلفة ليتم اعتماده على نطاق واسع». كما أظهرت التحليلات البيئية أن العملية المقترحة تقترب من مفهوم «صفر نفايات»، مع إمكانية تحقيق حياد مناخي.

وينطلق المشروع رسمياً في 1 يناير (كانون الثاني) 2026، بمشاركة 11 شريكاً من 7 دول أوروبية، من بينها جامعات ومراكز بحثية مرموقة مثل جامعة زغرب، وجامعة فيينا للتكنولوجيا، وجامعة لابينرانتا الفنلندية، ومعهد فراونهوفر الألماني. كما يشارك شركاء صناعيون لتوفير مخلفات الطماطم وخبراتهم الصناعية.

ويبلغ إجمالي ميزانية المشروع 3.5 مليون يورو على مدى 4 سنوات، يحصل من بينها منسق المشروع، جامعة غراتس للتكنولوجيا، على مليون يورو. كما يشمل المشروع تدريب طلاب دكتوراه وماجستير وبكالوريوس، إلى جانب إعداد استراتيجية شاملة للتسويق والنشر العلمي.

ويعتبر الباحثون أن المشروع يمثل خطوة عملية نحو تحويل النفايات الزراعية إلى مصدر طاقة نظيف، مع خلق فرص اقتصادية جديدة لصناعة الأغذية ودعم التحول الأخضر في قطاع الطيران الأوروبي.