بعد عاصفة من الجدل حول تغيير اسم مدرسة نزار قباني في مدينة حلب، قال وزير الثقافة السوري إنه تدخل لدى وزارة التربية للتراجع عن هذا القرار، بينما أكدت وزارة التربية أنها لن تسمح بإزالة اسم نزار قباني عن أي منشأة تابعة للوزارة، وذلك بعد بدء مديرية تربية حلب تنفيذ قرارها تغيير أسماء 128 مدرسة تحمل أسماء شهداء حرب تشرين، وشخصيات سورية وعربية تاريخية وثقافية شهيرة، واستبدال أسماء شخصيات من التاريخ الإسلامي بها، وسط أنباء عن قرارات شفوية بفصل الذكور عن الإناث في المدارس الابتدائية، وانتشار الملصقات الدعوية عند أبواب المدارس.
انطلاقا من واجبنا كحرّاس أمناء على الثقافة السورية العريقة ورموزها، تواصلت مع معالي الأخ وزير التربية والتعليم الدكتور محمد عبدالرحمن تركو بخصوص تسمية مدرسة نزار قباني في حلب.أكّد معالي الوزير مشكورا أنه لن يسمح بإزالة اسم نزار عن أي منشأة تعود إلى وزارته الموقرة.إن نزار...
— محمد ياسين صالح (@AL_SAALEH) September 23, 2025
ولإنهاء الجدل الذي أثير في مواقع التواصل الاجتماعي، قال وزير الثقافة محمد ياسين الصالح إن مدرسة نزار قباني في حلب ستبقى باسم الشاعر السوري الكبير، ولن يتم تغيير الاسم. وأوضح في منشور له على منصة «إكس»: «انطلاقاً من واجبنا كحرّاس أمناء على الثقافة السورية العريقة ورموزها»، تواصلت مع وزير التربية والتعليم محمد عبد الرحمن تركو بخصوص تسمية مدرسة نزار قباني في مدينة حلب... وقد أكد وزير التربية أنه لن يسمح بإزالة اسم نزار قباني عن أي منشأة تابعة للوزارة، فنزار لم يكن شاعر دمشق فحسب، بل شاعر سوريا والعرب جميعاً.

وكانت مديرية التربية والتعليم في حلب أصدرت قراراً إدارياً يقضي بتغيير أسماء 128 مدرسة، من بينها مدرسة نزار قباني للتعليم الأساسي حلقة أولى، في حي الزهراء بحلب. وبحسب القرار يصبح اسم المدرسة «حذيفة بن اليمان». وتغيير اسم مدرسة «محمد عبد الله عجوز» إلى «عائشة أم المؤمنين». إضافة إلى تغيير اسم مدرسة «ميخائيل كشور» إلى «بيت العلم». ومدرسة «سامي كيالي» إلى «الإمام الغزالي». ومدرسة «سما خياطة» إلى «فجر الإسلام». ومدرسة «أحمد شاهين» إلى «أنس بن مالك». ومدرسة «أنطوان أسود «إلى «سمية بنت خياط». ومدرسة «يحيى بن محمود حيلاني» إلى «عمر بن الخطاب». ومدرسة «محمد الفيتوري» إلى «آفاق المستقبل». ومدرسة «يوسف مروش» إلى «البركة»... إذ يقضي القرار الإداري بتغيير أسماء المدارس التي تحمل أسماء شهداء وشخصيات سورية وعربية تاريخية وثقافية، واستبدال أسماء تقتصر على التاريخ والثقافة الإسلامية بها.
وجاء ذلك مع بدء العام الدراسي الجديد، وإعادة عشرات المدارس المدمرة إلى الخدمة بعد ترميمها، وعودة آلاف اللاجئين إلى مناطقهم، ولوحظ في العديد من المناطق انتشار الملصقات الدعوية على أبواب المدارس، لا سيما مدارس البنات، وهي مظاهر قوبلت بجدل من الأهالي بين مرحب بتلك المظاهر، وآخر مستغرب، أو رافض، لا سيما أنها ترافقت مع تبليغات شفوية في بعض المدارس في محافظة حمص بفصل الذكور عن الإناث في الحلقة الأولى «الابتدائية»، والتي قوبلت باحتجاج الأهالي لما تسببه من ارتباك، لا سيما في فصل الأطفال الأشقاء، في حين نفت مديرية التربية في محافظة حمص صحة هذا التوجه، مشيرةً إلى أنه لم يصدر أي قرار من مديرية التربية أو الوزارة بهذا الخصوص.

تقول هنا إبراهيم، المديرة السابقة لمدرسة ابتدائية، إن عملية فصل الذكور عن الإناث جرت أيضاً في مدارس بريف دمشق، وهذا يتم بشكل إداري، وبناء على طلب من المجتمع المحلي، لافتة لـ«الشرق الأوسط» إلى أن عملية الفصل ليست جديدة، فالمجتمعات المحافظة في بعض المناطق تفضل الفصل بين الجنسين، لا سيما في الريف. كما أـن هناك أسراً لا ترغب في إرسال بناتها إلى مدارس مختلطة، حتى لو اضطرت إلى حرمانهن من التعليم.
إلا أن مبادئ التربية الحديثة تقول إن المرحلة الأولى من التعليم هي التي تؤسس الهوية الاجتماعية التي يتعلم فيها الطفل مهارات التفاعل مع الجنس الآخر بشكل طبيعي، وصحي. كما أن الدمج يعزز الثقة بالنفس وهو على الضد من الفصل الذي قد يؤدي إلى خلل في بناء العلاقات الاجتماعية، كونه يزيد الفضول السلبي، والتوجهات غير السليمة.
وبحسب خبرتها التعليمية، رأت أن فرض الفصل يعزز التمييز المبكر المبني على الجنس، ويتعارض مع مبادئ حقوق الطفل، واتفاقيات اليونيسكو، والأمم المتحدة. وقالت إن «الوضع السوري الهش يفرض علينا التأني في القرارات، وتجنب كل ما يثير التصادم، والعمل من خلال الحوار لرفع الوعي، وتوفير كافة الخيارات للجميع».
وحول تغيير تسميات المدارس، رأت التربوية هنا إبراهيم أنه «يصب في إطار الإقصاء ذاته»، وقالت: «من الأفضل افتتاح مدارس جديدة تحمل تسميات جديدة، وتجنب المساس بالذاكرة الجمعية، مع التأكيد على أن تعميم تسميات من لون واحد على المدارس يفقر الثقافة والهوية السورية شديدة التنوع، كما يحد من آفاق التربية التي تتطلب انفتاحاً يواكب التطورات التربوية الحديثة».
وأثار تغيير تسميات المدارس غضب النشطاء السوريين في وسائل التواصل الاجتماعي، باعتبار أن القرار يعزز الخطاب الطائفي، ويهدد السلم المجتمعي في وقت تحتاج فيه سوريا إلى خطاب وطني جامع.
ومع بدء العام الدراسي أعلنت وزارة التربية السورية ترميم وإعادة تأهيل 531 مدرسة في عدد من المحافظات، مع استمرار العمل على ترميم 676 مدرسة أخرى. منها 117 في حلب، و267 في إدلب، و66 في ريف دمشق، و39 في دمشق، و40 في حمص، و49 في حماة، و7 في طرطوس، و3 في القنيطرة، و25 في دير الزور، و19 في اللاذقية، و38 في درعا، و6 في السويداء.
ويشار إلى أن أكثر من 40 في المائة من المدارس السورية تعرضت للتدمير الكلي أو الجزئي خلال الحرب، وبحسب أرقام الأمم المتحدة، ما بين 40 و50 في المائة من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و15 عاماً باتوا خارج النظام التعليمي.



