في لوس أنجليس... منازل ملوثة بسموم الحرائق بعد أشهر من اندلاعها

النيران تلتهم مبنى جراء اندلاع حريق باليساديس أثناء عاصفة رياح على الجانب الغربي من لوس أنجليس (رويترز)
النيران تلتهم مبنى جراء اندلاع حريق باليساديس أثناء عاصفة رياح على الجانب الغربي من لوس أنجليس (رويترز)
TT

في لوس أنجليس... منازل ملوثة بسموم الحرائق بعد أشهر من اندلاعها

النيران تلتهم مبنى جراء اندلاع حريق باليساديس أثناء عاصفة رياح على الجانب الغربي من لوس أنجليس (رويترز)
النيران تلتهم مبنى جراء اندلاع حريق باليساديس أثناء عاصفة رياح على الجانب الغربي من لوس أنجليس (رويترز)

بعد 9 أشهر من حرائق لوس أنجليس، لا تزال كارين غيرارد عاجزة عن العودة إلى منزلها، إذ تغلغل الدخان في الجدران والأرضيات الخشبية والأثاث، مُشكّلاً، كما في بيوت عدة أخرى، مزيجاً من المواد السامة يُجبرها على وضع كمامة في كل مرة تدخل فيها.

فمنزلها بات بالفعل ملوثاً بالمعادن الثقيلة، ومن بينها الرصاص والزرنيخ والزنك، وبمواد سامة متطايرة، قد تكون مسرطنة أحياناً، كالسيانيد والفورفورال.

وظنّت غيرارد للوهلة الأولى أنها محظوظة عندما التهمت النيران المنازل المجاورة فيما نجا منزلها من ألسنة اللهب.

وقالت هذه المرأة المقيمة في ضاحية ألتادينا لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنت سعيدة جداً، إلى درجة أنني فكرت في وجوب أن أشتري تذاكر يانصيب».

لكن خيبة أمل أصابتها تدريجياً، كلما كان يُجرى المزيد من الفحوص والتحاليل.

وتضيف المصممة البالغة 58 عاماً، باكية: «أدركتُ أنني قد أفقد منزلي رغم كونه لا يزال قائماً».

ونظراً إلى كونها تعاني الربو، كانت تُصاب بنوبات عنيفة كلما بقيت في المكان وقتاً طويلاً، إلى درجة أن طبيبها اضطر إلى تغيير علاجها.

كارثة خفية

كانت حرائق لوس أنجليس، التي أودت بحياة 31 شخصاً وأتت على أكثر من 16 ألف مبنى، مذهلة في حجمها، إذ اجتاحت مدينة ألتادينا وحي باسيفيك باليساديس المترف.

لكن وسط النيران، كانت تشتعل كارثة خفية أخرى هي التلوث الناجم عن احتراق عدد كبير من المباني والسيارات وأجهزة التلفزيون، وغيرها من المواد البلاستيكية.

وبفعل هبّات رياح وصلت سرعتها إلى 160 كيلومتراً في الساعة، تسرّب دخان سام تحت الأبواب وعبر فتحات التهوية.

ولاحظ أستاذ علوم البيئة في جامعة كاليفورنيا لوس أنجليس (UCLA)، مايكل جيريت، أن «السمية المحتملة للخليط المنبعث من هذه الحرائق قد تكون أكبر بكثير من سمية الحرائق الكبيرة الأخرى التي شهدتها الولايات المتحدة، لأن السابقة لم تطل الكثير من المباني المدنية».

وأجرى فريقه في الربيع اختبارات لأجواء المناطق التي شهدت حرائق، ووجدوا أنها تحوي مستويات تستدعي «يقظة متزايدة» من السلطات من مادة الكروم السداسي التكافؤ، وهو شكل مسرطن من الكروم.

وشرح أن من المحتمل أن تكون هذه الجسيمات النانوية تطايرت حتى مسافة تصل إلى عشرة كيلومترات من مناطق الكارثة، مما قد يؤثر على عشرات الآلاف من الناس.

ونبّه إلى أنها «صغيرة جداً إلى درجة أنها تستطيع دخول الأماكن المغلقة بفاعلية عالية، ومن المهم جداً أن يعالجها بشكل صحيح السكان الذين يرغبون في العودة إلى منازلهم».

ولكن يبدو أن من الصعوبة بمكان الحصول على تغطية تأمينية لهذا الإجراء الباهظ التكلفة. وبالتالي، وجدت جيرارد نفسها وسط معركة لا تنتهي بين الخبراء.

فخبير النظافة الذي استعانت به، أوصى باستبدال كل أثاثها وممتلكاتها، ومعالجة هيكل منزلها، وهدم الجدران لإعادة بنائها.

شركات التأمين مُلامة

وتستغرب المرأة الكاليفورنية «كيف يُمكن أن يحدث هذا؟»، متهمة شركة التأمين بأنها لا تكترث لصحتها.

وقالت: «بالنسبة لهم، الأمر يتعلق بالمال، لكن ليس بالنسبة لي. هذا منزلي. إنه مكان عشتُ فيه مدى عقود وأرغب بشدة في العودة إليه».

ولاحظت مؤسِسة جمعية «إيتون فاير ريزيدنتس يونايتد»، جاين لوتون، أن «لا معايير واضحة، فشركات التأمين قادرة على رفض ما تشاء».

وأجرت منظمتها أكثر من 200 اختبار على منازل في ألتادينا، أظهرت كلها درجات متفاوتة من التلوث.

وأعربت عن خشيتها من أن «يكون الوضع أشبه بأحداث 11 سبتمبر (أيلول)»، مذكّرة بأن المنطقة المُحيطة بمركز التجارة العالمي عانت بعد هجوم نيويورك عام 2001 من أمراض الجهاز التنفسي المُزمنة وارتفاع مُعدلات الإصابة بالسرطان.

إدراكا منها لهذه المُشكلة، شكلت كاليفورنيا فريق عمل في مايو (أيار) لفرض قواعد واضحة على شركات التأمين فيما يتعلق بالتعويضات عن أضرار دخان الحرائق.

وأكدت «ستيت فارم»، أكبر شركة تأمين في الولاية، أنها «دفعت أكثر من 4.5 مليار دولار» لضحايا حرائق يناير (كانون الثاني)، وأنها تقيّم كل مطالبة، ومنها تلك المتعلقة بالدخان، على أساس كل حالة على حدة.

لكنّ بريسيلا مونوز، عميلة شركة التأمين رأت أن الشركة تتلكأ.

وخاضت هذه المرأة المقيمة في باسادينا، على بُعد كيلومتر ونصف الكيلومتر من منطقة الكارثة، معركة استمرت أسابيع للحصول على تعويضات تُمكّنها من السكن في مكان آخر.

وأظهر تحليل منزلها الذي تحملت على نفقتها الخاصة تكلفته البالغة عشرة آلاف دولار، وجود مادة الرصاص. وحتى الآن، لا تعرف هذه المرأة البالغة 40 عاماً ما إذا كان التأمين سيغطي تكاليف التطهير، وهي قلقة جداً على طفليها.

وقالت: «الرصاص (...) يتسرب إلى الأشياء. لا أريدهما أن يلعبا بدمى سامة».


مقالات ذات صلة

إندونيسيا: مقتل 20 إثر اندلاع حريق بمبنى إداري في جاكرتا

آسيا صرّح رئيس شرطة مترو وسط جاكرتا المفوض الأول سوساتيو بورنومو كوندرو بأن 20 شخصاً على الأقل لقوا حتفهم (إ.ب.أ)

إندونيسيا: مقتل 20 إثر اندلاع حريق بمبنى إداري في جاكرتا

أعلنت الشرطة الإندونيسية مقتل ما لا يقل عن 20 شخصاً، إثر اندلاع حريق في مبنى إداري بالعاصمة جاكرتا، بحسب «رويترز».

«الشرق الأوسط» (جاكرتا)
آسيا حريق المجمع السكني في هونغ كونغ (أ.ب)

هونغ كونغ تشكّل «لجنة مستقلة» للتحقيق في حريق المجمع السكني

أعلن الرئيس التنفيذي لهونغ كونغ الثلاثاء إنشاء «لجنة مستقلة» برئاسة قاضٍ للتحقيق بالحريق المدمر الذي اندلع في مجمع سكني وأودى بحياة 151 شخصاً الأسبوع الماضي.

«الشرق الأوسط» (هونغ كونغ)
شؤون إقليمية اشتعال النيران في ناقلة النفط «كايروس» التابعة لـ«أسطول الظل» الروسي إثر هجوم أوكراني عليها بالبحر الأسود قبالة ساحل تركيا يوم 28 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)

تركيا قلقة إزاء هجمات أوكرانيا على ناقلتين تابعتين لـ«أسطول الظل» الروسي

عبّرت تركيا عن قلقها إزاء هجمات تبنتها أوكرانيا على ناقلتَيْ نفط تابعتين لـ«أسطول الظل» الروسي، في المنطقة الاقتصادية الخالصة التابعة لها بالبحر الأسود.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا ضباط الشرطة في هونغ كونغ يحملون جثة تم انتشالها من مبنى سكني متضرر بفعل الحريق (رويترز) play-circle

تصاعد الغضب في هونغ كونغ مع ارتفاع حصيلة الحريق المدمر إلى 146 قتيلاً

تصاعد الغضب في هونغ كونغ، اليوم (الأحد)، بشأن الحريق الذي اندلع في مجمع سكني بالمدينة، الأربعاء الماضي، وحصد أرواح أكثر من 128 شخصاً.

«الشرق الأوسط» (هونغ كونغ)
أوروبا رجل إطفاء يعمل في موقع غارة بطائرة من دون طيار في خاركيف (رويترز)

اندلاع حريق في مصفاة نفط روسية بعد هجوم أوكراني بمُسيرات

كشفت السلطات الروسية اليوم السبت أن سقوط حطام طائرات مسيرة تسبب في اندلاع حريق في مصفاة أفيبسكي النفطية في منطقة كراسنودار بجنوب روسيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

ترمب يعطي الأولوية للقمر في مشاريع الفضاء

قمر مكتمل وأمامه صاروخ «ناسا» مخصص لمهمة الإطلاق نحو القمر ضمن برنامج «أرتيميس 1»... في مركز كيندي للفضاء في كيب كانافيرال بولاية فلوريدا الأميركية (رويترز - أرشيفية)
قمر مكتمل وأمامه صاروخ «ناسا» مخصص لمهمة الإطلاق نحو القمر ضمن برنامج «أرتيميس 1»... في مركز كيندي للفضاء في كيب كانافيرال بولاية فلوريدا الأميركية (رويترز - أرشيفية)
TT

ترمب يعطي الأولوية للقمر في مشاريع الفضاء

قمر مكتمل وأمامه صاروخ «ناسا» مخصص لمهمة الإطلاق نحو القمر ضمن برنامج «أرتيميس 1»... في مركز كيندي للفضاء في كيب كانافيرال بولاية فلوريدا الأميركية (رويترز - أرشيفية)
قمر مكتمل وأمامه صاروخ «ناسا» مخصص لمهمة الإطلاق نحو القمر ضمن برنامج «أرتيميس 1»... في مركز كيندي للفضاء في كيب كانافيرال بولاية فلوريدا الأميركية (رويترز - أرشيفية)

أكد الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الخميس، عزمه على إعادة الأميركيين إلى القمر في أقرب وقت ممكن، معطياً استكشاف المريخ أولوية أقل، وذلك في مرسوم رئاسي يسلّط الضوء على السياسة الفضائية للولايات المتحدة.

ويضع هذا المرسوم عودة البشر إلى القمر كأولوية مُطلقة «بحلول عام 2028 ضمن برنامج أرتيميس التابع لوكالة ناسا»، والذي أُعلن عنه خلال ولايته الرئاسية الأولى.

وينص المرسوم على أن هذه العودة «ستُعزز دور الولايات المتحدة الريادي في الفضاء، وتُرسّخ أسس التنمية الاقتصادية على القمر، وتُهيئ للرحلة إلى المريخ، وتُلهم الجيل المقبل من المستكشفين الأميركيين»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأشار أيضاً إلى ضرورة إنشاء قاعدة قمرية بحلول عام 2030، مؤكداً خطط الولايات المتحدة لتركيب مفاعل نووي على سطح القمر.

وأُرجئت مهمة «أرتيميس 3» المقرر إطلاقها في منتصف عام 2027 والتي تهدف إلى إعادة رواد فضاء أميركيين إلى سطح القمر، مرات عدة، ومن المرجح أن تتأجل مجدداً نظراً إلى عدم جاهزية مركبة الهبوط القمرية التي ابتكرتها شركة «سبايس إكس» التابعة لإيلون ماسك بحسب خبراء في الفضاء.


ترمب يعلِّق برنامج قرعة «غرين كارد» للمهاجرين

وزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم (أرشيفية - أ.ب)
وزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم (أرشيفية - أ.ب)
TT

ترمب يعلِّق برنامج قرعة «غرين كارد» للمهاجرين

وزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم (أرشيفية - أ.ب)
وزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم (أرشيفية - أ.ب)

علَّق الرئيس الأميركي دونالد ترمب يوم الخميس برنامج قرعة «غرين كارد» الذي سمح للمشتبه به في حادثي إطلاق النار بجامعة براون ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بدخول الولايات المتحدة.

وقالت وزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم في منشور على منصة التواصل الاجتماعي «إكس»، إنها بناء على توجيهات ترمب تأمر خدمات المواطنة والهجرة الأميركية بوقف البرنامج مؤقتاً. ويوفر برنامج تأشيرة التنوع ما يصل إلى 50 ألف «غرين كارد» كل عام عن طريق القرعة لأشخاص من دول تمثيلها منخفض في الولايات المتحدة، وكثير منها في أفريقيا.

وتابعت نويم في المنشور: «ما كان ينبغي أبداً السماح لهذا الفرد الشنيع بدخول بلادنا».

ويوفر برنامج تأشيرة التنوع ما يصل إلى 50 ألف «غرين كارد» كل عام عن طريق القرعة لأشخاص من دول تمثيلها ضئيل في الولايات المتحدة، وكثير منها في أفريقيا.

وقد تقدّم ما يقرب من 20 مليون شخص لقرعة تأشيرة عام 2025، وتم اختيار أكثر من 131 ألف شخص عند احتساب الأزواج مع الفائزين. وبعد الفوز، يجب أن يخضعوا لعملية فحص من أجل الحصول على إذن دخول إلى الولايات المتحدة.


الجيش الأميركي: 5 قتلى في ضربات على سفينتين يشتبه في تهريبهما مخدرات

لقطة من فيديو نشره الرئيس الأميركي دونالد ترمب لقارب يحترق قبالة سواحل فنزويلا بعد إصابته بغارة أميركية (أرشيفية - رويترز)
لقطة من فيديو نشره الرئيس الأميركي دونالد ترمب لقارب يحترق قبالة سواحل فنزويلا بعد إصابته بغارة أميركية (أرشيفية - رويترز)
TT

الجيش الأميركي: 5 قتلى في ضربات على سفينتين يشتبه في تهريبهما مخدرات

لقطة من فيديو نشره الرئيس الأميركي دونالد ترمب لقارب يحترق قبالة سواحل فنزويلا بعد إصابته بغارة أميركية (أرشيفية - رويترز)
لقطة من فيديو نشره الرئيس الأميركي دونالد ترمب لقارب يحترق قبالة سواحل فنزويلا بعد إصابته بغارة أميركية (أرشيفية - رويترز)

قال الجيش الأميركي أمس الخميس إنه نفذ ‌ضربات ‌استهدفت ‌سفينتين يشتبه ⁠في ​قيامهما ‌بتهريب مخدرات في شرق المحيط الهادي.

وذكرت القيادة الجنوبية ⁠الأميركية ‌عبر إكس «قُتل ‍ما مجموعه خمسة ‍إرهابيين من مهربي المخدرات خلال ​هذه العمليات، ثلاثة منهم ⁠في السفينة الأولى واثنان في الثانية. ولم تتعرض أي قوات عسكرية أميركية للضرر».