لماذا صنف ترمب حركة «أنتيفا» منظمة إرهابية؟

الإدراج يثير مخاوف بشأن حرية التعبير والتظاهر ويواجه عوائق قانونية

يحمل متظاهرون مضادون علم «العمل المناهض للفاشية» خارج وقفة احتجاجية يوم 18 سبتمبر 2025 للصلاة من أجل تشارلي كيرك الناشط والمعلق اليميني الأميركي وحليف الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي قُتل يوم 10 سبتمبر في بوسطن بماساتشوستس بالولايات المتحدة (رويترز)
يحمل متظاهرون مضادون علم «العمل المناهض للفاشية» خارج وقفة احتجاجية يوم 18 سبتمبر 2025 للصلاة من أجل تشارلي كيرك الناشط والمعلق اليميني الأميركي وحليف الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي قُتل يوم 10 سبتمبر في بوسطن بماساتشوستس بالولايات المتحدة (رويترز)
TT

لماذا صنف ترمب حركة «أنتيفا» منظمة إرهابية؟

يحمل متظاهرون مضادون علم «العمل المناهض للفاشية» خارج وقفة احتجاجية يوم 18 سبتمبر 2025 للصلاة من أجل تشارلي كيرك الناشط والمعلق اليميني الأميركي وحليف الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي قُتل يوم 10 سبتمبر في بوسطن بماساتشوستس بالولايات المتحدة (رويترز)
يحمل متظاهرون مضادون علم «العمل المناهض للفاشية» خارج وقفة احتجاجية يوم 18 سبتمبر 2025 للصلاة من أجل تشارلي كيرك الناشط والمعلق اليميني الأميركي وحليف الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي قُتل يوم 10 سبتمبر في بوسطن بماساتشوستس بالولايات المتحدة (رويترز)

أثار إقدام الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، على تصنيف حركة يسارية معروفة باسم حركة «أنتيفا» على «لائحة المنظمات الإرهابية»، كثيراً من التساؤلات بشأن أسباب تحميل هذه الحركة مسؤولية العنف السياسي في الولايات المتحدة، وتساؤلات عن كيفية تطبيق الأمر التنفيذي بتصنيف الحركة «منظمةً إرهابيةً» على الرغم من عدم وجود قانون أميركي يسمح بهذا التصنيف.

ترمب يصنف حركة «أنتيفا» منظمة إرهابية (متداولة)

وقبل مغادرته إلى مدينة نيويورك للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وقع الرئيس ترمب، يوم الاثنين، أمراً يصنف حركة «أنتيفا» منظمةً إرهابيةً، ملقياً بالمسؤولية على هذه الحركة الآيديولوجية - التي تتبني أفكاراً وفلسفة يسارية - في العنف السياسي عقب مقتل الناشط اليميني تشارلي كيرك.

ووفقاً للأمر التنفيذي، فقد أمر ترمب جميع الوكالات الحكومية بالتحقيق في أي عمليات تقوم بها حركة «أنتيفا» وأنصارها، والعمل على تعطيلها وتفكيكها. وهدد ترمب باتخاذ إجراءات تحقيقية وملاحقة قضائية ضد كل من يدعم هذه الحركة مالياً. وقد وصف ترمب الأسبوع الماضي هذه الحركة، خلال زيارته إلى المملكة المتحدة، بأنها «كارثة يسارية راديكالية مريضة وخطيرة».

وكشف هذا الأمر التنفيذي عن كراهية الرئيس ترمب الحركات اليسارية، التي حاربها خلال ولايته الأولى، وأشار البعض إلى محاولات ترمب تشتيت الانتباه عن الأسباب الحقيقية وراء تصاعد العنف السياسي والاستقطاب بإلقاء المسؤولية على اليسار وربط الحركات اليسارية بجرائم قتل، مثل قتل الناشط اليميني تشارلي كيرك رغم عدم وجود أي أدلة تشير إلى انتماء قاتل كيرك إلى هذه الحركة.

ما «حركة أنتيفا»؟

اسم الحركة هو اختصار لكلمة ألمانية تعني «مناهض الفاشية»، وهي حركة دون هيكل قيادي هرمي، وتضم مجموعات وأفراداً مستقلين، ونشاطها يتخطى الحدود الوطنية والإقليمية، وهي ليست منظمة واحدة، بل شاملة الجماعات المسلحة ذات الميول اليسارية التي تقاوم النازيين الجدد والمتعصبين البيض، وهي كذلك حركة لا مركزية تنظم مسيرات احتجاج، وتتبني آراء مناهضة للرأسمالية والاستبداد، ومعظم المشاركين فيها من الشيوعيين والاشتراكيين الذين يصفون انفسهم بالثوريين، ومن بينهم دعاة حماية البيئة، و«مجتمع الميم»، والمدافعون عن حقوق السكان الأصليين.

وتشجع أدبيات حركة «أنتيفا» أتباعها على ممارسة أنشطة احتجاجية قانونية، ومراقبة أنشطة الجماعات العنصرية البيضاء، وتطوير برامج تدريبية للدفاع عن النفس، وإطلاق تهم على أي شخص يتبني الفكر اليميني بأنه شخص صاحب توجه فاشي. وقد نمت هذه الحركة بعد انتخاب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة عام 2016، ووجدت الحركة دعماً أحياناً، وانتقاداً أخرى لتنفيذها أعمال عنف خلال الاحتجاجات والمسيرات.

وقد شارك كثير من المنتمين إلى حركة «أنتيفا» في مظاهرات واسعة خلال السنوات الماضية، بما في ذلك احتجاجات ضد العنصرية البيضاء في شارلوتسفيل وفي فرجينيا عام 2017، واشتبكوا مع جماعات اليمين المتطرف في بورتلاند بولاية أوريغون، وشارك أتباع الحركة في احتجاجات «حياة السود مهمة».

ويعتقد كثير من مؤيدي «أنتيفا» أن ترمب شخص ديماغوجي فاشي يهدد الديمقراطية الأميركية متعددة الأعراق، ويصف مؤيدو «أنتيفا» المنتمين إلى حركة «ماغا» اليمينية بالفاشيين.

عوائق وتحديات

ويعيد الأمر التنفيذي إلى الأذهان محاولات ترمب السابقة لتصنيف «أنتيفا» منظمة إرهابية خلال ولايته الأولى بعد انتشار الاحتجاجات ضد وحشية الشرطة ومقتل جورج فلويد؛ الرجل الأسود، على يد الشرطة في مينيابوليس خلال مايو (أيار) 2020 وتحول بعض الاحتجاجات إلى أعمال شغب. وفي ذلك الوقت، دفع ترمب بكل أجهزة إنفاد القانون لتحديد هوية النشطاء في حركة «أنتيفا» ورصد دورهم في الاحتجاجات ومحاولة إظهار وجود هيكل تنظيمي للحركة، لكن هذه الجهود باءت بالفشل. وأثار ذلك تساؤلات أخرى بشأن ما إذا كانت إدارة ترمب ستنجح هذه المرة في تحقيق نتيجة مختلفة.

ويشير الخبراء إلى عائقين أساسيين أمام هذا التصنيف، وتقول فايزة باتيل، مديرة «برنامج الحركة والأمن القومي» في «مركز برنان للعدالة»: «العائق الأول هو أن حركة (أنتيفا) معروفة بأنها حركة فكرية فضفاضة، وليس لها هيكل تنظيمي وإداري ومالي، والعائق الثاني هو الجانب القانوني، فلا يوجد قانون أميركي يعطي سلطة تصنيف حركة محلية مثل (أنتيفا) منظمةً إرهابيةً، والقانون يقتصر فقط على المنظمات الأجنبية».

وتضيف: «لا توجد طريقة قانونية لتصنيف منظمة محلية (إرهابيةً)، فالقانون الحالي ينص على تصنيف جماعات معينة (منظمات إرهابية أجنبية)، وهي عملية تقع على عاتق وزارة الخارجية الأميركية، وهذه الآلية هي التي على أساسها صُنّفت تنظيمات مثل (القاعدة) و(داعش) على لائحة المنظمات الإرهابية. وهذا التصنيف يتطلب شروطاً؛ منها أن يكون مقر المنظمة في الخارج، وأن تكون كياناً متهماً بممارسة أنشطة إرهابية، وأن تكون هناك أدلة دامغة على تورطها في أنشطة إرهابية، وأن تشكل هذه المنظمة تهديداً لمصالح الأمن القومي الأميركي... وبالتالي؛ فلا تنطبق هذه المعايير على حركة (أنتيفا)، ولا يوجد قانون لتصنيف حركات محلية (إرهابيةً)».

الخلط الخطابي والتمويل

وتشير باتيل إلى أن قرار ترمب التنفيذي «ركز على التمويل المالي، ونص على ملاحقة أي شخص يقدم الدعم المالي لهذه الحركة، وهو ما قد يعوق قدرات بقية المنظمات المحلية التي تعمل في مجال العدالة المجتمعية والعرقية والاجتماعية في الحصول على المال من الداعمين؛ بسبب هذا الخلط الخطابي الخاطئ بين (أنتيفا) و(الإرهاب)، وبالتالي؛ يمكن توقع أن إدارة ترمب سيكون بإمكانها استهداف أي شخص تعدّه مناهضاً يسارياً».

وقال جيسون بلازاكيس، الأستاذ في «معهد ميدلبري للدراسات الدولية» المدير السابق لمكتب مكافحة تمويل الإرهاب في وزارة الخارجية الأميركية، إن «إصدار ترمب أمراً تنفيذياً يصنف حركة (أنتيفا) جماعةً إرهابيةً قد يقود إلى رفع طعون قانونية على هذا القرار؛ لأنه لم يسبق على مدى التاريخ فرض عقوبات على أي جماعات فكرية محلية».

وأوضح توم برزوزوفسكي، المستشار السابق لشؤون الإرهاب الداخلي في وزارة العدل، الفارق بين تعامل القانون مع المنظمات الإرهابية الأجنبية والمنظمات المحلية، ويقول: «إذا أرسلت هدية بقيمة 20 دولاراً إلى منظمة مدرجة على قائمة وزارة الخارجية الأميركية على أنها (منظمة إرهابية أجنبية)، فقد أواجه عقوبة السجن 20 عاماً. أما إذا أرسلت الهدية نفسها إلى الجماعة المحلية (كو كلوكس كلان)، (وهي جماعة يمينية متطرفة من المسيحين البروتستانت نفذت أعمال عنف وأنشطة إرهابية ضد السود) فلن أتعرض لأي عقوبة جنائية على الإطلاق».

ويشير برزوزوفسكي إلى أن ترمب قد يطلب من الكونغرس إقرار تشريع يسمح لوزارتي الخارجية والخزانة بتصنيف منظمات محلية «منظماتٍ إرهابيةً»، «لكن مثل هذه الخطوة قد تواجه تحديدات قانونية ودستورية، فمن المؤكد أنها ستثير اعتراضات بوصفها تنتهك بنود الدستور الذي يحمي حرية التجمع والتعبير، كما أن (التعديل الثاني للدستور الأميركي) يحمي حرية حمل السلاح، وكل هذه العوامل تفسر القلق العميق لدى المسؤولين الحكوميين من تصنيف الجماعات المحلية (منظماتٍ إرهابيةً). وحتى إذا فشل التصنيف نتيجة هذه العوائق، فسيثير كثيراً من التداعيات واسعة النطاق».


مقالات ذات صلة

نيجيريا: مسلّحون يختطفون 28 شخصاً كانوا في طريقهم لحفل ديني

أفريقيا الطرق بين المدن هي الأكثر عرضة لتنفيذ عمليات الخطف الجماعي بعد المدارس (إعلام محلي)

نيجيريا: مسلّحون يختطفون 28 شخصاً كانوا في طريقهم لحفل ديني

اختطفت مجموعة مسلّحة مجهولة 28 مدنياً في ولاية بلاتو بوسط نيجيريا، وطلبوا دفع فدية 28 ألف دولار للإفراج عن الرهائن.

الشيخ محمد (نواكشوط)
آسيا تحدث رئيس وزراء ولاية نيو ساوث ويلز كريس مينز عن التشريع الجديد المقترح في سيدني - الثلاثاء 23 ديسمبر 2025 (أ.ب)

ولاية أسترالية تستعد لإقرار قوانين أكثر صرامة بشأن الأسلحة النارية

تستعد ولاية نيو ساوث ويلز في أستراليا لإقرار قوانين أكثر صرامة بشأن حيازة الأسلحة النارية وحظر عرض ​الرموز المرتبطة بالإرهاب والحد من الاحتجاجات.

«الشرق الأوسط» (سيدني )
أوروبا أفغان ضمن برامج الاستقبال الفيدرالية في مطار هانوفر... وقد نقلت رحلة طيران مستأجرة نظمتها الحكومة الألمانية 141 أفغانياً إلى ألمانيا يوم الاثنين (د.ب.أ)

ألمانيا تستقبل دفعة جديدة تضم 141 أفغانياً ضمن «برنامج الإيواء»

وصل 141 أفغانياً إلى ألمانيا على متن رحلة طيران مستأجرة (شارتر) نظمتها الحكومة الألمانية.

«الشرق الأوسط» (هانوفر (ألمانيا))
آسيا رئيس أركان الجيش الباكستاني عاصم منير يحمل ميكروفوناً خلال زيارته ميادين الرماية في تيلا لمشاهدة تدريب «ضربة المطرقة» وهو تمرين ميداني عالي الكثافة أجراه «فيلق مانغلا» الضارب التابع للجيش الباكستاني في مانغلا بباكستان يوم 1 مايو 2025 (أرشيفية - رويترز)

مقتل 5 من أفراد الشرطة الباكستانية في كمين

قالت الشرطة الباكستانية إن 5 من أفرادها لقوا حتفهم، الثلاثاء، ​عندما تعرضت سيارتهم لكمين وهجوم بالقنابل وإطلاق نار في شمال غربي البلاد.

«الشرق الأوسط» ( بيشاور)
الولايات المتحدة​ إحباط اعتداء على غرار هجمات سبتمبر 2001 (أرشيفية - متداولة)

أميركا: السجن المؤبد لكيني في حركة «الشباب» خطط لهجوم إرهابي

حكم القضاء الأميركي على عضو كيني في حركة «الشباب» الصومالية تلقى تدريباً على الطيران في الفلبين، بالسجن مدى الحياة بتهمة التآمر لشن هجوم مشابه لهجمات سبتمبر

«الشرق الأوسط» «الشرق الأوسط» (واشنطن - مقديشو )

مادورو يطالب ترمب بالاهتمام بأميركا بدل التركيز على فنزويلا

الرئيس الأميركي دونالد ترمب في مارالاغو بفلوريدا (أ.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب في مارالاغو بفلوريدا (أ.ب)
TT

مادورو يطالب ترمب بالاهتمام بأميركا بدل التركيز على فنزويلا

الرئيس الأميركي دونالد ترمب في مارالاغو بفلوريدا (أ.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب في مارالاغو بفلوريدا (أ.ب)

وجّه الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، تحذيراً جديداً للرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، مطالباً إياه بالتنحي، في تصريحات أثارت مزيداً من التوتر بين البلدين، في وقت ضرب فيه الجيش الأميركي قارباً آخر، شرق المحيط الهادئ، يشتبه في تهريبه المخدرات إلى الولايات المتحدة، ما أدى إلى مقتل شخص واحد.

وكان ترمب محاطاً بكبار مساعديه في مجلس الأمن القومي، وأبرزهم وزيرا الخارجية ماركو روبيو والدفاع بيت هيغسيث، حين أعلن في فلوريدا خططاً لبناء سفينة حربية كبيرة جديدة. ولمح إلى أنه مستعد لتصعيد حملة الضغط التي بدأها منذ 4 أشهر ضد حكومة مادورو، التي بدأت بهدف مُعلن، هو وقف تدفق المخدرات غير المشروعة من فنزويلا، لكن أهدافها الحقيقية لا تزال غامضة.

ورداً على سؤال عما إذا ‌كان الهدف هو ‌إجبار مادورو على التنحي، أجاب ترمب: «حسناً، أعتقد أن ذلك على الأرجح... الأمر متروك له في ما يريد أن يفعله. أعتقد أنه سيكون من الحكمة منه أن يفعل ذلك. ولكن مرة أخرى، سنكتشف ذلك». وأضاف أنه «إذا أراد أن يفعل شيئاً، أو أن يبدي شجاعة في المواجهة، فستكون هذه هي المرة الأخيرة التي يستطيع فيها القيام بذلك».

طائرة حربية أميركية تقلع من قاعدة في بورتوريكو (رويترز)

واستهدف ترمب في تصريحاته أيضاً الرئيس الكولومبي غوستافو ‌بيترو، معتبراً أنه «ليس صديقاً للولايات المتحدة. إنه سيئ جداً. رجل سيئ للغاية. عليه أن يحذر لأنه يصنع الكوكايين ويرسلونه إلى الولايات المتحدة».

وتزامن هذا التهديد مع مواصلة خفر السواحل الأميركي مطاردة ناقلة نفط خاضعة للعقوبات، وتصفها إدارة ترمب بأنها جزء من «أسطول ظل» تستخدمه فنزويلا للالتفاف على العقوبات الأميركية. وحتى الثلاثاء، لم تسيطر القوات الأميركية على الناقلة التي «ترفع علماً مزيفاً». بيد أن ترمب قال: «سنحصل عليها في النهاية».

وهذه الناقلة هي الثالثة التي يطاردها خفر السواحل الأميركي، علماً أنه صادر سفينة باسم «سنتشاريز»، السبت الماضي، وقبلها الناقلة «سكيبر» في 10 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وبعد عملية الاستيلاء الأولى، أعلن ترمب فرض «حصار» على فنزويلا، مؤكداً أن أيام مادورو في السلطة «معدودة».

وعندما سئل عما سيحدث للنفط المصادر، قال ترمب: «ربما سنبيعه، وربما سنحتفظ به»، مضيفاً أنه قد يستخدم أيضاً لسدّ النقص في الاحتياطي الاستراتيجي للولايات المتحدة.

«قرصان الكاريبي»

مؤيدون لحكومة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو في كراكاس (أ.ب)

ومن دون أن يشير مباشرة إلى هذه التصريحات من ترمب، رأى مادورو أن على كل زعيم أن يهتم بالشؤون الداخلية لبلده. وقال: «إذا تحدثت معه مرة أخرى، سأقول له إن على كل بلد أن يهتم بشؤونه الداخلية»، في ‌إشارة إلى مكالمة هاتفية بينهما في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. ورأى أنه «من غير المعقول أن يخصص (ترمب) 70 في المائة من خطاباته ومن تصريحاته ومن وقته، لفنزويلا. ماذا عن الولايات المتحدة؟ الولايات المتحدة المسكينة التي تحتاج إلى مساكن ووظائف يجب توفيرها! فليهتم كل ببلده».

والاثنين، تنكر عشرات راكبي الدراجات النارية في زي قراصنة، وجابوا شوارع كراكاس احتجاجاً على مطاردة الولايات المتحدة السفن التي تحمل النفط الفنزويلي. وقال أحدهم: «خرجنا للتنديد بأكبر قرصان في منطقة الكاريبي».

وقالت وزيرة الأمن الداخلي، كريستي نويم، التي تشرف وكالتها على خفر السواحل، عبر شبكة «فوكس نيوز» الأميركية للتلفزيون، إن استهداف ناقلات النفط يهدف إلى توجيه «رسالة إلى العالم، مفادها أن النشاط غير القانوني الذي يمارسه مادورو لا يمكن السكوت عنه»، مضيفة أنه «يجب أن يرحل، وأننا سندافع عن شعبنا».

وفي غضون ذلك، كشف مسؤول استخباري أوروبي، طلب عدم نشر اسمه، أن وزارة الخارجية الروسية بدأت بإجلاء عائلات الدبلوماسيين من كراكاس، موضحاً أن عمليات الإجلاء، التي بدأت الجمعة الماضي، تشمل النساء والأطفال. وأضاف أن مسؤولي وزارة الخارجية الروسية يُقيّمون الوضع في فنزويلا بنبرة «قاتمة للغاية».

استهداف جديد

صورة بالأقمار الاصطناعية للناقلة «سكيبر» التي صادرتها القوات الأميركية (رويترز)

في غضون ذلك أيضاً، واصلت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، بأوامر من الرئيس ترمب، حملتها لشنّ هجمات على قوارب صغيرة في منطقة البحر الكاريبي وشرق المحيط الهادئ.

وأعلنت القيادة الجنوبية الأميركية توجيه ضربة جديدة لقارب في المحيط الهادئ. ونشرت على وسائل التواصل الاجتماعي أن «المعلومات الاستخبارية أكدت أن القارب، الذي كان يسير في منطقة هادئة، كان يعبر طرق تهريب مخدرات معروفة في شرق المحيط الهادئ، وكان يُشارك في عمليات تهريب مخدرات». وأكدت مقتل شخص كان على متن القارب.

ويُظهر مقطع فيديو، نشرته القيادة الجنوبية، تناثر الماء قرب أحد جوانب القارب. وبعد وابل ثانٍ من الصواريخ، اشتعلت النيران فيه. ثم اجتاح مزيد من الصواريخ القارب، وازدادت النيران اشتعالاً. وفي الثانية الأخيرة من الفيديو، يُمكن رؤية القارب ينجرف في الماء، وبجانبه كتلة كبيرة من اللهب.

وحتى الآن، قُتل ما لا يقل عن 105 أشخاص في 29 غارة معروفة منذ 2 سبتمبر (أيلول) الماضي. وواجهت هذه الضربات تدقيقاً من المشرعين الأميركيين ونشطاء حقوق الإنسان، الذين يؤكدون أن الإدارة لم تقدم سوى أدلة ضئيلة على أن أهدافها هم بالفعل مهربو مخدرات، وأن الضربات المميتة ترقى إلى عمليات قتل خارج نطاق القضاء.


«فئة ترمب»... الرئيس الأميركي يكشف عن السفينة الحربية «الأقوى»

ترمب مغادراً بعد الإعلان عن مبادرة «الأسطول الذهبي» للبحرية الأميركية الاثنين (أ.ف.ب)
ترمب مغادراً بعد الإعلان عن مبادرة «الأسطول الذهبي» للبحرية الأميركية الاثنين (أ.ف.ب)
TT

«فئة ترمب»... الرئيس الأميركي يكشف عن السفينة الحربية «الأقوى»

ترمب مغادراً بعد الإعلان عن مبادرة «الأسطول الذهبي» للبحرية الأميركية الاثنين (أ.ف.ب)
ترمب مغادراً بعد الإعلان عن مبادرة «الأسطول الذهبي» للبحرية الأميركية الاثنين (أ.ف.ب)

في خطوة تجمع بين الطموح العسكري والعلامة التجارية الشخصية، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، مساء الاثنين، عن خطط لإنشاء فئة جديدة من السفن الحربية تحمل اسمه، «فئة ترمب»، كجزء من مبادرة أوسع يطلق عليها «الأسطول الذهبي» بهدف الحفاظ على التفوق العسكري الأميركي وبث الخوف في أعداء أميركا في جميع أنحاء العالم.

وقال ترمب إن السفن الجديدة ستكون «أكبر وأسرع وأقوى بمائة مرة» من أي سفن حربية سابقة، مع حمولة تتجاوز 30 ألف طن – أكبر من المدمرات الحالية مثل فئة أرلي بورك التي لا تتجاوز حمولتها 9 آلاف طن. ستشمل التجهيزات أحدث التقنيات، مثل الذكاء الاصطناعي للتحكم، وأسلحة ليزر ذات طاقة موجهة، وصواريخ فرط صوتية، وصواريخ كروز برؤوس نووية.

ترمب يتحدث خلال الإعلان عن مبادرة «الأسطول الذهبي» للبحرية الأميركية الاثنين (رويترز)

ويبدأ البرنامج ببناء سفينتين، مع خطط لتوسعة إلى 20-25 سفينة، وستحمل الأولى اسم «يو إس إس ديفاينت» (USS Defiant) وستكون أطول وأكبر من السفن من فئة آيوا التي تعود إلى حقبة الحرب العالمية الثانية.

وأعلن ترمب أيضاً مشاركته الشخصية في تصميم هذه السفن، مشدداً على أن السفن ستكون «أجمل» لأنه شخص يمتلك ذوقاً رفيعاً، وانتقد مظهر السفن الحالية الذي وصفه بأنه «قديم ومتعب وعفى عليه الزمن».

وتمتلك البحرية الأميركية 290 سفينة معظمها مدمرات وفرقاطات وحاملات طائرات وسفن برمائية وغواصات. وتعزز السفن الجديدة أسطول البحرية الحالي الذي يضم أكثر من خمسين مدمرة من طراز أرلي بيرك التي وصفها ترمب بأنها غير قادرة على منافسة سفن الأساطيل الأجنبية.

الإعلان، الذي جاء خلال مؤتمر صحافي في مقر إقامته في مارالاغو بفلوريدا، يمثل محاولة لإعادة تشكيل البحرية الأميركية في مواجهة التحديات الإقليمية، خاصة مع الصين التي تفوق الولايات المتحدة في عدد السفن الحربية. ومع ذلك، يثير الإعلان تساؤلات حول جدواه العسكرية، وتكاليفه الاقتصادية، ودلالاته السياسية، وسط تقارير استخباراتية وتحليلات عسكرية تبرز المخاطر والفرص.

سفن عملاقة بتقنيات مستقبلية

ويأتي إعلان ترمب في سياق تقارير عسكرية أميركية تشير إلى تراجع الولايات المتحدة خلف الصين في عدد السفن (290 مقابل 340، مع توقعات تصل إلى 400 بحلول 2030). ففي تقرير قدم إلى الكونغرس في وقت سابق هذا العام، عبر المسؤولون العسكريون عن قلقهم من وتيرة بناء السفن الصينية، مما يجعل «الأسطول الذهبي» جزءاً من استراتيجية لاستعادة الهيمنة البحرية. كما تشمل الخطة زيادة في سفن أخرى مثل فرقاطات أصغر، واستثمارات في ناقلات وأساطيل دعم لوجيستي.

من الناحية العسكرية، يُنظر إلى الإعلان كخطوة نحو تعزيز «الجودة على الكمية». السفن الجديدة، المصممة لتكون متعددة المهام، يمكن أن تواجه تهديدات حديثة مثل أسراب الطائرات المسيّرة (بفضل الليزر الرخيص التكلفة) والصواريخ فرط الصوتية. وتقول تقارير وزارة الدفاع الأميركية إن هذه التقنيات – مثل المدافع الكهرومغناطيسية (railguns) التي تطلق قذائف بسرعة ماخ 7 بتكلفة 25 ألف دولار فقط – يمكن أن تغير قواعد الاشتباك البحري، خاصة في مواجهة الصين في المحيط الهادئ.

عرض تصوّري للسفينة «يو إس إس ديفاينت» المقترحة من «فئة ترمب» خلال إعلان الرئيس الأميركي مبادرة «الأسطول الذهبي» للبحرية الأميركية (رويترز)

مع ذلك، يحذر محللون عسكريون من مخاطر «تركيز القوة» في سفن كبيرة، مما يجعلها أهدافاً مغرية للهجمات المشبعة أو الهجمات الإلكترونية. تقرير أمني أميركي (مستمد من تحليلات لأحداث مثل هجمات الحوثيين في البحر الأحمر) يشير إلى أن السفن الكبيرة قد تكون عرضة للإعاقة دون إغراقها، مما يعرض الاستراتيجية للخطر في عصر الطائرات المسيّرة والصواريخ الباليستية. بالإضافة إلى ذلك، لم تُبنَ سفن حربية كبيرة منذ 1994، والبحرية الأميركية تركز تقليدياً على حاملات الطائرات، مما يثير تساؤلات حول جاهزية الصناعة لإنتاج سريع. من الناحية الاقتصادية أشار الأدميرال المتقاعد مارك مونتغمري المدير بمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات إلى أن كل سفينة حربية جديدة ستتكلف ما لا يقل عن 5 مليارات دولار، في وقت يركز فيه الرئيس على ضبط التكاليف وخفض الدين العام الأميركي.

ترمب يعلن عن مبادرة «الأسطول الذهبي» للبحرية الأميركية وإلى يساره وزيرا الدفاع بيت هيغسيث ووزير البحرية جون فيلان الاثنين (أ.ف.ب)

ويقول المحللون إن الإعلان يعكس نمط ترمب في وضع بصمته على المؤسسات الفيدرالية، مثلما قام بإعادة تسمية مؤسسات مثل مركز كيندي للفنون، ليضع اسمه، وعلى المعهد الأميركي للسلام ليصبح معهد ترمب للسلام، ويضع أيضاً اسمه على هذا الأسطول في تكريم ذاتي غير مسبوق ومخالف للتقاليد البحرية الراسخة، حيث يتم تسمية الفئات العسكرية للرؤساء السابقين. ومع ذلك، يدعمه وزراؤه مثل بيت هيغسيث وزير الحرب وماركو روبيو وزير الخارجية، اللذين حضرا الإعلان، وشددا على أهمية الأسطول الجديد في مواجهة التهديدات العالمية.


وزارة العدل الأميركية: الوثائق الجديدة في قضية إبستين تتضمن مزاعم «غير حقيقية» بحق ترمب

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)
TT

وزارة العدل الأميركية: الوثائق الجديدة في قضية إبستين تتضمن مزاعم «غير حقيقية» بحق ترمب

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)

نشرت وزارة العدل الأميركية، اليوم الثلاثاء، آلاف الوثائق الجديدة المرتبطة بفضيحة جيفري إبستين المدان بالاعتداء الجنسي، بعد اتهامها بحجب معلومات والتباطؤ في كشف تفاصيل الملف.

وأدرج على الموقع الإلكتروني للوزارة قرابة ثمانية آلاف ملف جديد يحتوي، بحسب تحليل لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، على مئات مقاطع الفيديو والتسجيلات الصوتية، بما في ذلك لقطات من كاميرات مراقبة تعود إلى أغسطس (آب) 2019، عندما عُثر على إبستين ميتاً داخل زنزانته، حيث كان يقبع في انتظار محاكمته بتهم الاتجار الجنسي.

جيفري إبستين (رويترز)

ونشرت الوزارة نحو 11 ألف رابط لمستندات على الإنترنت، لكن بدا أن بعضها لا يؤدي إلى أي وثيقة.

وأكدت الوزارة أن بعض الوثائق الأخيرة التي نُشرت تتضمن «مزاعم غير حقيقية ومبالغاً فيها ضد الرئيس (دونالد) ترمب تم رفعها إلى (مكتب التحقيقات الفيدرالي) مباشرة قبل انتخابات 2020»، من دون أن تحدد الاتهامات التي تعتبرها كاذبة. وأضافت: «لو أن فيها ولو ذرة من المصداقية، لكانت استُخدمت ضد الرئيس ترمب بالفعل».

وكان الكونغرس أقر بالإجماع تقريباً «قانون الشفافية في قضية إبستين» الذي وقّعه ترمب. وهو يفرض نشر كل الملفات المرتبطة بالقضية بحلول يوم الجمعة الماضي.

وأرجع نائب وزيرة العدل تود بلانش التأخير إلى الحاجة لإخفاء هويات ضحايا إبستين البالغ عددهن أكثر من ألف، ونفى الاتهامات بحماية ترمب الذي كان صديقاً مقرّباً للثري الراحل.

وشكت مجموعة من الضحايا في وقت سابق من أن «جزءاً» فقط من الملفات نُشر، وأن هذا الجزء حتى خضع لتنقيح «غير طبيعي ومفرط من دون أي تفسير».

وهدد النائبان الديمقراطي رو خانا والجمهوري توماس ماسي بتوجيه تهم الازدراء إلى وزيرة العدل بام بوندي لفشلها في الامتثال للقانون.

وزيرة العدل الأميركية بام بوندي (أ.ب)

واقترح زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ تشاك شومر قراراً الاثنين يدعو إلى تحرّك قانوني ضد إدارة دونالد ترمب لفشلها في نشر ملفات إبستين كاملة.

وقال في بيان: «بدلاً من الشفافية، نشرت إدارة ترمب كمية يسيرة من الملفات وحجبت أجزاء ضخمة من القليل الذي وفّرته»، مضيفاً: «هذا تستر فاضح. بام بوندي وتود بلانش يحميان دونالد ترمب من المحاسبة، وعلى مجلس الشيوخ واجب التحرك».

وكان بلانش، وهو محامٍ شخصي سابق لترمب، أكد في تصريحات تلفزيونية الأحد أن وزارة العدل لن تحجب «أي معلومات تخص الرئيس» في هذه القضية.

وأشار إلى أن إحدى الصور التي يظهر فيها ترمب سحبت لفترة وجيزة من الملفات لمخاوف تتعلق بهويات الضحايا. وأعادت وزارة العدل نشر الصورة بعدما تبين أنها لا تكشف هوية أي منهن.

«كشف انتقائي»

حاول ترمب بداية منع كشف الملفات. لكن الرئيس الذي قطع علاقته بإبستين قبل سنوات من توقيف الأخير ولا يواجه أي اتهامات في هذه القضية، خضع لضغوط الكونغرس ووقّع القانون الذي يلزم الإدارة نشر الملفات.

الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون والمغني البريطاني ميك جاغر من فرقة «رولينغ ستونز» وبينهما امرأة وجهها محجوب... في صورة نشرتها وزارة العدل الأميركية ضمن ملف إبستين (أ.ب)

وبعد أشهر من التأخير، بدأت وزارة العدل الجمعة نشر آلاف الصور ومقاطع الفيديو والوثائق المتعلقة بالرجل المتهم باستغلال أكثر من ألف شابة جنسياً، من بينهن قاصرات، والمعروف بعلاقاته مع شخصيات بارزة، من بينهم الرئيس الحالي، والأسبق بيل كلينتون، إضافة إلى أثرياء وفنانين وشخصيات نافذة من الولايات المتحدة وخارجها.

وأثار الحجب باللون الأسود لأجزاء واسعة من الملفات المنشورة، إضافة إلى تحكم مسؤولين في إدارة ترمب بالإفراج عن المستندات، شكوكاً في ما إذا كان كشف الوثائق كفيلاً بطيّ صفحة نظريات المؤامرة المرتبطة بالقضية.

ورغم أنّ وفاة إبستين اعتُبرت انتحاراً، فإنها لا تزال تغذي عدداً كبيراً من نظريات المؤامرة التي تقول إنه قتل لمنعه من توريط النخب.

ودعا كلينتون في بيان أصدره المتحدث باسمه آنجيل أورينا، وزارة العدل إلى نشر أي وثيقة مرتبطة به، مؤكداً أنه ليس لديه ما يخفيه في هذه القضية.

وتحدث الرئيس الديمقراطي السابق عن «حماية أحد ما أو أمر ما. لا نعرف من وماذا ولماذا، لكن ما نعرفه هو أننا لا نحتاج إلى حماية كهذه». وأضاف أن «خطوات وزارة العدل حتى الآن لا علاقة لها بالشفافية، بل بالتلميح، وذلك عبر اللجوء إلى كشف انتقائي للإيحاء بارتكاب مخالفات من جانب أفراد سبق أن برّأتهم الوزارة نفسها».

وتمضي شريكة إبستين السابقة غيلاين ماكسويل حالياً عقوبة بالسجن لمدة 20 عاماً بعد إدانتها بتهمة الاتجار الجنسي بقاصرات وجرائم أخرى مرتبطة بهذه القضية.