دانيال داي لويس يعود بعد اعتزال طويل... مثله فعل كبار الممثلين

فيلمه الجديد ينطلق قريباً بالتعاون مع ابنه كتابةً وإخراجاً

دانيال داي لويس يعود بعد اعتزال طويل... مثله فعل كبار الممثلين
TT

دانيال داي لويس يعود بعد اعتزال طويل... مثله فعل كبار الممثلين

دانيال داي لويس يعود بعد اعتزال طويل... مثله فعل كبار الممثلين

يحبّ دانيال داي لويس لعبة الاعتزال بقَدر ما يحب لعبة السينما. يبتعد سنوات ليعود بشكلٍ مفاجئ كما هو الحال الآن. فبعد 8 أعوام على إعلانه اعتزال التمثيل، يطلّ الفنان البريطاني على الشاشة الكبيرة من جديد في فيلم Anemone (شقائق النعمان) من إخراج ابنه رونان داي لويس.

لولا الأبوّة، لما تمّت العودة على الأرجح. بشخصية «راي ستوكر»، يضرب داي لويس (68 عاماً) موعداً مع جمهوره المشتاق إلى أداءٍ استثنائيّ استحق عنه الممثل 3 جوائز أوسكار خلال مسيرته. وليس الدور غريباً عمّا اختبره داي لويس خلال السنوات الماضية، فهو يؤدّي شخصيةً اعتزلت الضوضاء، وحضارة البشر، وذهبت للعيش في عزلة تامة وسط الغابة.

عاد من أجل ابنه

شارك داي لويس ابنه رونان (27 عاماً) كتابة السيناريو، وقال بوضوح على هامش العرض العالمي الأول للفيلم في نيويورك: «كنت متردداً في العودة إلى الضوء من جديد، لكن رونان كان قاطعاً بأنه لن يصنع فيلماً إن لم أشارك فيه». وفي حوار مع مجلة «رولينغ ستون»، أقرّ داي لويس بأنه نادم على إعلانه الاعتزال عام 2017: «كان من الأفضل بالتأكيد أن أبقي فمي مغلقاً»، قال.

الممثل دانيال داي لويس يعود إلى السينما بعد اعتزال استمر 8 أعوام (الشركة المنتجة Focus Features)

المرة الأولى التي أعلن فيها داي لويس الاعتزال لم يأخذ الجمهور والنقّاد قراره على محمل الجدّ. فهو قال حينها إنه سيترك التمثيل ويذهب إلى إيطاليا لاحتراف صناعة الأحذية. حدث ذلك عام 1997. اختفى بعدها الرجل 5 سنوات ليظهر من جديد عام 2002 خالي الوفاض من أي أحذية، إنما عاد حاملاً شخصية «بيل اللحّام» في فيلم مارتن سكورسيزي Gangs of New York. أما الاعتزال الثاني فقرره عام 2017 بعد تقديمه فيلم Phantom Thread.

يؤكد داي لويس أن عشقه للتمثيل لم يخفت أبداً، موضحاً أنه توارى بسبب أسلوب العيش الذي تفرضه تلك المهنة، والذي لم يلائمه منذ بداياته حتى اليوم. لكنه لم يتصوّر أن يدخل ابنه المجال فيما هو بعيد عنه، لذلك اقتضت العودة.

داي لويس قبل الاعتزال الثاني عام 2017 في فيلم Phantom Thread (الشركة المنتجة)

أودري هيبورن اعتزلت في الـ38

ليس دانيال داي لويس الممثل العالمي الوحيد الذي اتّخذ قرار الاعتزال ثم رجع عنه. إنها ظاهرة عابرة للأجيال في عالم هوليوود الذي يأخذ من الممثل بقَدر ما يمنحه.

وهي بعدُ في أوج عطائها وشبابها، قررت أيقونة السينما أودري هيبورن أن تنسحب من تحت الأضواء وتقفل باب الشهرة. ففي عام 1967، وهي كانت حينها في الـ38 من العمر، أعلنت هيبورن الاعتزال من أجل التفرّغ لعائلتها. لم تَعُد سوى بعد 10 سنوات، واقتصرت أدوارها حينذاك على 3 إطلالات سريعة.

عادت لتغيب مرة أخرى ما بين 1981 و1989 لتختتم مسيرتها إلى جانب المخرج ستيفن سبيلبرغ في فيلم Always. مع العلم أن معظم سنوات الاعتزال أمضتها هيبورن منشغلةً بمهماتها الإنسانية، إذ كانت سفيرة لمنظمة اليونيسف.

أيقونة السينما أودري هيبورن خلال سنوات عملها إلى جانب اليونيسف (أ.ب)

زلزال فاعتزال

أسطورة أخرى من أساطير هوليوود، الممثلة شيلي دوفال، أمضت 21 عاماً في الاعتزال ما بين 2002 و2023. أما الأسباب التي دفعت بها إلى ذلك القرار في سن الـ53، فكانت أولاً صعوبة التآلف مع أسلوب العيش الذي يفرضه عالم النجومية، وثانياً دمار منزلها على أثر زلزال لوس أنجليس عام 1994، ما اضطرّها إلى الانتقال للعيش في تكساس. أمضت سنوات الاعتزال هناك وسط الطبيعة وحيواناتها الأليفة، وهي لم تعُد إلى هوليوود سوى مرة واحدة وأخيرة عام 2023 للظهور في فيلم الرعب The Forest Hills. حدث ذلك قبل سنة من وفاتها، وهي قالت حينذاك إنها وجدت في تلك الإطلالة مناسبة لإعادة إحياء ما انقطع بينها وبين الصناعة السينمائية.

الممثلة الأميركية الراحلة شيلي دوفال في صورة من عام 1983 (أ.ب)

جين فوندا عادت في الـ68

15 سنة أمضتها جين فوندا في الاعتزال. ففي 1991 وبعد تقديمها فيلم Stanley and Iris، فاجأت الممثلة الأميركية جمهورها والإعلام بقرارها الابتعاد عن التمثيل. قالت حينذاك إنها ما عادت تستمتع بالأمر. طوَت فوندا صفحة نجوميةٍ استثنائية وغابت خلال 14 عاماً، لتكسر في 2005 قرار الاعتزال وتطلّ في فيلم Monster-in-Law عن سن 68. قالت إنها شعرت ببساطة برغبة العودة إلى التمثيل، ومنذ ذلك الحين ما زالت فوندا تقدّم فيلماً كل سنتَين تقريباً، انطلاقاً من رفضها التمييز على أساس السن، والذي يقع ضحيته مَن تخطّوا الـ60 من بين ممثلي هوليوود.

عادت جين فوندا إلى التمثيل بعد 14 سنة من الاعتزال (رويترز)

دفع ضريبة الشهرة المبكرة

هو أشهر الممثلين الأطفال على الإطلاق في تاريخ هوليوود. ماكولاي كالكن الذي أحدث عاصفة عالمية في فيلم «هوم ألون» بجزأيه مطلع التسعينات، اختار شبهَ اعتزال مبكر جداً. بعد إطلالته في «ريتشي ريتش» عام 1994، اختفى الولد عن الشاشة، ولم يعد سوى بعد 10 سنوات ضمن أفلام معدودة.

كالكن الذي غالباً ما أعلن أنه تعرض للاستغلال المادي من قِبَل والده الذي كان يُرغمه على العمل، سدّد غالياً ثمن الشهرة المبكرة. أمضى سنواتِ مراهقته وشبابه ضحيةً للإدمان، وهو لذلك ما عاد يلهث خلف الأدوار الكبيرة، بل يكتفي بإطلالات سينمائية قليلة تفصل بينها 6 سنوات أحياناً.

اختار ماكولاي كالكن الابتعاد عن الأضواء بعد أن أنهكته الشهرة المبكرة (شركة «سوني» للإنتاج)

«أفضل 10 سنوات في حياتي»

في الـ42 من عمرها، قررت كاميرون دياز اعتزال التمثيل. حدث ذلك في 2014، وهو العام الذي شاركت فيه بـ3 أفلام مختلفة. شعرت الممثلة المحبوبة بالحاجة إلى التركيز على نفسها وعائلتها، مشيرةً إلى أنها لم تستطع التأقلم وسط متطلبات السفر والعمل المستمرين. وصفت فترة انقطاعها التي استمرت عقداً من الزمن بـ«أفضل 10 سنوات» في حياتها.

بتشجيعٍ من زوجها وزملائها، استأنفت دياز نشاطها من خلال فيلم «Back in Action» على «نتفليكس» عام 2024، وأكدت أنها ستقدّم المزيد في عودةٍ نهائية عن قرار الاعتزال.

قالت الممثلة كاميرون دياز إن السنوات الـ10 من الاعتزال كانت الأفضل في حياتها (أ.ب)

«بريدجت جونز» العائدة أبداً

ليس كل ابتعادٍ عن الشاشة اعتزالاً، لكنّ بعض الممثلين يغيب لفتراتٍ طويلة جداً إلى درجة أنّ متابعيهم يظنّون أنهم اعتزلوا فعلاً. هكذا حصل مع رينيه زلويغر التي ربما ما كانت لتطلّ من جديد لولا شخصية «بريدجت جونز» التي اشتُهرت بها.

عام 2010، وهي في ذروة مسيرتها، قررت الممثلة البريطانية أخذ استراحة طويلة من التمثيل، بسبب تعب المهنة، ورغبةً منها في إعادة تقييم مسيرتها. عادت بعد 6 سنوات لتقديم الجزء الثالث من سلسلة «بريدجت جونز»، ثم أطلّت في بعض الأفلام لتغيب 6 أعوام جديدة في 2019. لم ترجع زلويغر إلى الشاشة سوى في 2025، وذلك لتقديم الجزء الرابع من الفيلم الجماهيري.

رينيه زلويغر خلال العرض الأول للجزء الرابع من «بريدجت جونز» (رويترز)

حالاتٌ مشابهة من الاعتزال المؤقّت عبرت في مسيرة ممثلين كثر، من بينهم ميغ راين، وبرندان فريزر وجو بيشي.


مقالات ذات صلة

انتحار الممثل الأميركي جيمس رانسون

يوميات الشرق أرشيفية للممثل الأميركي جيمس رانسون (ا.ب)

انتحار الممثل الأميركي جيمس رانسون

توفي الممثل الأميركي جيمس رانسون، الذي جسد شخصية «زيجي سوبوتكا» في مسلسل «ذا واير» وظهر في العديد من المسلسلات التلفزيونية والأفلام الأخرى.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس )
الولايات المتحدة​ نيك راينر خلال العرض الأول لفيلم «سباينال تاب 2: النهاية مستمرة» في 9 سبتمبر 2025 بمسرح إيجيبشن في هوليوود (أ.ب) play-circle

نجل المخرج روب راينر أثار الفوضى في حفل قبل ساعات من مقتل والديه

أُلقي القبض على نجل المخرج روب راينر، المتهم بقتل والده وزوجته، بعد أن أثار ضجة في حفل استضافه الممثل الكوميدي كونان أوبراين ليلة وقوع الجريمة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق النجم الأميركي جورج كلوني (أ.ب)

جورج كلوني يُقدم تحديثاً مفاجئاً حول مسيرته المهنية

كشف النجم الأميركي جورج كلوني أن دوره في الإخراج تراجع أمام دور الأبوة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق البابا ليو مصافحاً الممثلة كيت بلانشيت خلال زيارتها الفاتيكان مع وفد فني (رويترز)

الفاتيكان محجّة الفنانين... والبابا ليو ذوّاقة سينما وثقافة

البابا ليو يفتح أبواب الفاتيكان أمام فنّاني هوليوود ويشاركهم قائمة بأفلامه المفضّلة، محذّراً من أن مستقبل السينما في خطر.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق الممثل الأميركي كيفن سبيسي يحمل جائزة بعد تكريمه في إيطاليا (أرشيفية - رويترز)

بعد 7 سنوات من اتهامه بالتحرش... كيفن سبيسي «بلا مأوى»

بعد سبع سنوات من فضيحة اعتداء جنسي هزت مسيرته المهنية، كشف كيفن سبيسي أنه بلا مأوى.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

وزير الإعلام السعودي: لا تسامح مع استخدام حرية التعبير لخلق فوضى

وزير الإعلام السعودي سلمان الدوسري والعضو المنتدب لشركة «القدية للاستثمار» عبد الله الداود خلال المؤتمر (وزارة الإعلام)
وزير الإعلام السعودي سلمان الدوسري والعضو المنتدب لشركة «القدية للاستثمار» عبد الله الداود خلال المؤتمر (وزارة الإعلام)
TT

وزير الإعلام السعودي: لا تسامح مع استخدام حرية التعبير لخلق فوضى

وزير الإعلام السعودي سلمان الدوسري والعضو المنتدب لشركة «القدية للاستثمار» عبد الله الداود خلال المؤتمر (وزارة الإعلام)
وزير الإعلام السعودي سلمان الدوسري والعضو المنتدب لشركة «القدية للاستثمار» عبد الله الداود خلال المؤتمر (وزارة الإعلام)

شدد سلمان الدوسري وزير الإعلام السعودي، الاثنين، على عدم التسامح مع من يحاولون استخدام «حرية التعبير» لخلق فوضى في الفضاء الإعلامي، أو استخدام خطاب شعبوي زائف الهدف منه زيادة أعداد المتابعين، وذلك خلال المؤتمر الصحافي الحكومي بالعاصمة الرياض.

وقال وزير الإعلام السعودي إن القوانين والأنظمة في السعودية تكفل حرية التعبير كحق أصيل، لكن في الوقت نفسه تميز بوضوح بين الرأي المسؤول والنقد البناء، وبين التحريض الذي يهدف إلى التضليل أو تأجيج الرأي العام.

وبيّن أن إجراءات هيئة تنظيم الإعلام لا تستهدف الآراء أو النقد البناء، بقدر ما تأتي في إطار تطبيق الأنظمة تجاه أي ممارسات تتجاوز المسؤولية الإعلامية وتمس السلم المجتمعي.

وكشف الوزير الدوسري خلال المؤتمر، الذي عقد للحديث عن تطورات مشروع مدينة القدية، أن العمل جارٍ لإطلاق مشروع «مدرسة الموهوبين الإعلاميين»، وذلك بالتعاون مع وزارة التعليم، لاكتشاف ورعاية الموهوبين من مراحل مبكرة.

وأوضح أن مدينة القدية ستستضيف الملتقى الثاني لصناع التأثير إمباك 2026، لافتاً إلى أن العمل قائم مع الشركاء في القدية لإطلاق مشروع «بيت إمباك».

واستعرض وزير الإعلام السعودي مجموعة من الإنجازات التي حققتها السعودية خلال الفترة الماضية، ومن ذلك زيادة مساهمة الأنشطة غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، حيث بلغت 55.4 في المائة خلال الربع الثالث من العام الماضي، مقارنة بـ45.9 في المائة في الربع الثالث من عام 2016. فيما ⁠«بلغت نسبة تملُّك الأسر السعودية للمنازل في نهاية العام الماضي 65.4 في المائة».

وتابع: ⁠«احتلّت المملكة المركز الأول عالمياً في عدد الجوائز التي نالتها في مسابقة الذكاء الاصطناعي العالمية للشباب بـ26 جائزة، كأكبر دولة في العالم تنال هذا العدد من الجوائز في تاريخ المسابقة».

وأضاف الوزير الدوسري أن قطار الرياض استقبل 120 مليون راكب منذ بدء انطلاق المشروع وحتى أكتوبر (تشرين الأول) 2025، وسجّل أعلى درجات الانضباط في التشغيل، بنسبة التزام بلغت 99.8 في المائة لعام 2025. مشيراً إلى أن السعودية تستهدف تنفيذ المرحلة السابعة من مشروع قطار الرياض خلال العام المقبل.

من جهته، قال العضو المنتدب لشركة «القدية للاستثمار»، عبد الله الداود، أن القدية مدينة فريدة من نوعها تجمع أكثر من 70 أصلاً في مكانٍ واحد، من بينها استاد الأمير محمد بن سلمان، ومجمع التنس الوطني، ومركز الفنون الأدائية، والعديد من الأصول النوعية الأخرى. ‏وأكد الداود أن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان يؤمن بالمشاريع النوعية التي تضيف لحياة الناس ولها القدرة على خلق اقتصادات وقطاعات جديدة، ولذلك كان كل العمل منصباً على تنفيذ أفكار الأمير محمد وتطلعاته، مشيراً إلى أن مشروع القدية يأتي من قلب «رؤية 2030»، وأن القدية تتبنى مفهوماً متكاملاً يندمج فيه الترفيه والرياضة والثقافة والسياحة بشكل متجانس.

وأعلن العضو المنتدب لشركة «القدية للاستثمار»، خلال المؤتمر، أن تاريخ 31 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، هو موعد افتتاح مدينة القدية لأول أصولها، منتزه «سيكس فلاغز»، مؤكداً أن الافتتاح سيشكل نقلة نوعية تحولية في مسيرة المدينة.

وأضاف الدواد أن منتزه «Six Flags» نجح في كسر عدد من الأرقام القياسية، وذلك من خلال 5 ألعاب في مكان واحد، من أبرزها لعبة أفعوانية الصقر التي تحطم 3 أرقام قياسية كأطول أفعوانية في العالم، وأسرع أفعوانية في العالم، وأعلى أفعوانية في العالم.

وكشف الداود أنه تم الانتهاء الكامل من منتزه «Six Flags» الذي صمم لاستقبال نحو 10 آلاف زائر يومياً، ومن المتوقع أن يتجاوز أعداد زوار المنتزه مليوني زائر خلال 2026، فيما تم الانتهاء من أكثر من 95 في المائة من منتزه أكواريبيا المائي وسيفتتح خلال العام المقبل، إضافة إلى المرحلة الأولى للبنية التحتية في الطرق والكهرباء والاتصالات وخدمات الطوارئ.


«خريطة رأس السنة»... دراما مصرية عن الأمومة و«متلازمة داون»

ريهام وأسماء أبو اليزيد في العرض الخاص (الشركة المنتجة)
ريهام وأسماء أبو اليزيد في العرض الخاص (الشركة المنتجة)
TT

«خريطة رأس السنة»... دراما مصرية عن الأمومة و«متلازمة داون»

ريهام وأسماء أبو اليزيد في العرض الخاص (الشركة المنتجة)
ريهام وأسماء أبو اليزيد في العرض الخاص (الشركة المنتجة)

يقدّم الفيلم المصري «خريطة رأس السنة» تجربة سينمائية إنسانية تنطلق من علاقة عائلية واضحة منذ اللحظة الأولى؛ إذ يعرف الطفل «نور» (يقوم بدوره الطفل آسر) أن «حبيبة» (ريهام عبد الغفور) هي خالته، ويتعامل معها على هذا الأساس، فالطفل المتفوق في المدرسة الداخلية التي يدرس فيها بالمجر، يخطط لمفاجأة والدته في رأس السنة بزيارتها في باريس مع تحضير مفاجأة لها، لتكون العطلة بمثابة بداية لأيام مختلفة في حياته.

نشاهد الفيلم من منظور الطفل «نور» على مدار الأحداث، بداية من المدرسة الداخلية التي يدرس فيها بالمجر والتي تقع بالقرب من منزل «حبيبة» وصديقتها التي تقيم معها، وكلتاهما من أصحاب «متلازمة داون»، مروراً بتواصله مع «سارة» (هنادي مهنا) باعتبارها والدته التي لم تأتِ لزيارته ولقائه من باريس منذ عامين، في حين يقتصر التواصل بينهما على الاتصالات الهاتفية.

يعتمد الفيلم بالكامل على رؤية العالم من خلال «نور»، فنحن نراه ونفهمه كما يراه هو، ونشهد تحوّلاته النفسية من دون تدخل تفسيري مباشر للقاءات التي يخوضها في الطريق مع غرباء، وتبدّل الأمكنة، والضغط المتواصل الناتج عن السفر، والظروف الاضطرارية التي تعوق ترتيب رحلته وإكمالها بالطريقة التي يريدها، مع إعادة ترتيب الأنشطة والأماكن التي يوجد فيها قبل الوصول إلى والدته.

في الأحداث التي تستمر على مدار أكثر من 90 دقيقة نتابع رحلة «نور» التي تشمل توقفات بعدد من المدن الأوروبية قبل الوصول لوجهته النهائية في باريس؛ توقفات لرغبته في تنفيذ مفاجأة استثنائية لوالدته وهدية لذكرى والده الراحل.

ريهام عبد الغفور مع عدد من الحضور في العرض الخاص (الشركة المنتجة)

الفيلم الذي شارك في بطولته إلى جوار ريهام وآسر كل من هنادي مهنا، وأسماء أبو اليزيد، وعدد من الممثلين الأجانب، كتبه يوسف وجدي، ويخرجه رامي الجندي في أولى تجاربه الإخراجية، في حين صُوّر بين 6 مدن أوروبية مختلفة على مدار أكثر من عام.

وقال المخرج رامي الجندي لـ«الشرق الأوسط» إن نقطة الانطلاق في «خريطة رأس السنة» كانت تحديد زاوية الرؤية للأحداث، وإن القرار الأهم تمثّل في أن يُروى الفيلم بالكامل من داخل وعي الطفل «نور»، فالمتفرج لا يُفترض به أن يرى الشخصيات من الخارج، بل يختبر العالم بذات الدرجة من البراءة والارتباك والأسئلة غير المكتملة التي يعيشها البطل، وهو ما فرض إيقاعاً هادئاً ولغة بصرية تميل إلى المراقبة أكثر من الشرح، وفق تعبيره.

وأوضح الجندي أن «العلاقة بين (نور) و(حبيبة) لا تقوم على المفاجأة أو الاكتشاف، بل على المعرفة المسبقة، وهو ما منح الفيلم مساحة أعمق للاشتغال على الاختبار الإنساني، لا الصدمة الدرامية»، مشيراً إلى أن هذا الاختيار أتاح له التركيز على التفاصيل الصغيرة في العلاقة، وعلى التحوّلات التدريجية في فهم الطفل لمعنى المسؤولية، بدلاً من اللجوء إلى حلول سردية مباشرة.

ولفت المخرج إلى أن «اختيار التصوير في أجواء (الكريسماس) بأوروبا كان تحدياً كبيراً؛ إذ يُعد هذا التوقيت الأصعب من حيث الإجازات والتحكم في المواقع وحركة المدن»، على حد تعبيره، وقال إنه قام بتقسيم التصوير إلى ثلاث مراحل، عبر ست دول أوروبية مختلفة، معتبراً أن السيطرة على هذا الكم من التفاصيل لم تكن سهلة، لكنها كانت حاسمة للحفاظ على الإحساس الحقيقي بالطريق.

وأضاف الجندي أن «العمل مع ممثلين أجانب جرى بالكامل عبر الإنترنت، من خلال شركات متخصصة، وهو ما تطلّب تحضيرات طويلة قبل التصوير».

الملصق الترويجي للفيلم (الشركة المنتجة)

وأكد مؤلف الفيلم يوسف وجدي لـ«الشرق الأوسط» أن العمل لا يتعامل مع «متلازمة داون» بوصفها موضوعاً مستقلاً، بل كجزء من نسيج إنساني أوسع، موضحاً أن «التحدي الحقيقي كان في تجنّب الخطاب المباشر أو التفسير الأخلاقي الجاهز، خصوصاً أن ما شغله منذ البداية مرتبط بطبيعة الاختلاف بين كل حالة، والتفاوت الموجود لدى كل شخص، وكيف يمكن أن يستفيد منه ليعيش حياته بشكل أفضل».

وأضاف وجدي أن «فكرة العمل استُلهمت جزئياً من قضايا حقيقية أُثيرت في فرنسا، تتعلق بالأهلية الأسرية، وبالنظرة القانونية والاجتماعية إلى مفهوم المسؤولية لمن يعاني من (متلازمة داون)»، مشيراً إلى أن هذه القضايا فتحت أمامه مساحة للتفكير في الفجوة بين القانون والمشاعر، وبين ما يُعتبر صحيحاً على الورق وما يحدث فعلياً داخل البيوت والعلاقات اليومية.


معرض تراثي في متحف الحضارة المصرية يحتفي بفنون الخط العربي

الاحتفاء بالخط العربي في المتحف القومي للحضارة المصرية (المتحف القومي للحضارة المصرية)
الاحتفاء بالخط العربي في المتحف القومي للحضارة المصرية (المتحف القومي للحضارة المصرية)
TT

معرض تراثي في متحف الحضارة المصرية يحتفي بفنون الخط العربي

الاحتفاء بالخط العربي في المتحف القومي للحضارة المصرية (المتحف القومي للحضارة المصرية)
الاحتفاء بالخط العربي في المتحف القومي للحضارة المصرية (المتحف القومي للحضارة المصرية)

ضمن فعاليات متنوعة احتفاء باليوم العالمي للغة العربية، استضاف المتحف القومي للحضارة المصرية معرضاً تراثياً لفنون الخط العربي، وتضمنت الفعاليات معرضاً فنياً ضم مجموعة من اللوحات التي تُبرز جماليات فن الخط العربي، إلى جانب معرض متميز لأعمال ومقتنيات عائلة صوفي زاده، شمل لوحات فنية وأفلاماً تسجيلية توثّق مسيرتها الفنية بوصفها رائدة في فنون الخط العربي.

وتحت شعار «إرث يتجدد بخط يتألق»، جاءت الفعاليات المتنوعة، بالتعاون مع سفارة سلطنة عُمان بالقاهرة، وجمعية أصدقاء المتحف القومي للحضارة المصرية، ومشيخة الأزهر الشريف، والمجمع اللغوي بالقاهرة، وعائلة صوفي زاده؛ تأكيداً على الدور المحوري للغة العربية بوصفها أحد أهم روافد الهوية الثقافية والإنسانية.

واحتفلت أكثر من مؤسسة مصرية باليوم العالمي للغة العربية المقرر في 18 ديسمبر (كانون الأول) عبر ندوات وأنشطة ومعارض متنوعة، من بينها: ندوة مشتركة بين كلية دار العلوم ودار الكتب والوثائق القومية، واحتفالية بجامعة الدول العربية، وفعاليات ملتقى القاهرة الدولي للخط العربي الذي أقيم في قصر الفنون وضم لوحات العديد من رواد الخط العربي فضلاً عن الفنانين المعاصرين.

وتسعى الفعاليات التي نظمها متحف الحضارة إلى «نشر الوعي بالتراث المصري وتعزيز قيمه الحضارية، وإيماناً بأهمية اللغة العربية ومكانتها التاريخية بوصفها وعاءً للهوية وذاكرة للأمة»، وفق بيان للمتحف.

وأكد الدكتور الطيب عباس، الرئيس التنفيذي لهيئة المتحف القومي للحضارة المصرية، أهمية هذه الفعاليات في «صون التراث المصري وتعزيز الوعي به»، مشيراً في البيان إلى أن اللغة العربية ليست مجرد أداة للتواصل، بل هي وعاء الحضارة وذاكرة الأمة، وحلقة الوصل بين الماضي والحاضر، بما تحمله من قيم ثقافية وجمالية قادرة على التعبير عن هوية الشعوب وصون تراثها عبر العصور».

ولفت إلى أن مقتنيات المتحف تضم العديد من القطع الأثرية، لا سيما الإسلامية منها، التي تزخر بنماذج راقية من الفنون والزخارف والخطوط العربية، وتعكس تطور الكتابة وجمالياتها عبر العصور، بما يجعلها شاهداً حياً على عبقرية الفنان المصري وقدرة اللغة العربية على التجدد والتألق.

فيما عدّ المستشار محمد شيرين فهمي، رئيس مجلس إدارة جمعية أصدقاء المتحف القومي للحضارة المصرية، اللغة العربية «ركيزة أساسية في حفظ الذاكرة الحضارية المصرية ونقلها إلى الأجيال المتعاقبة»، مشيداً بالدور الذي يقوم به المتحف في صون هذا الإرث الثقافي.

وتضمّنت الفعالية عرض فيلم تسجيلي قصير عن تراث عائلة صوفي زاده، إحدى أعرق العائلات التي توارثت فنون الخط العربي والزخرفة والرسم والنحت والتذهيب عبر خمسة أجيال متعاقبة.

وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة أصدرت قراراً عام 1973 بإدراج اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل بالأمم المتحدة، في 18 ديسمبر، وهي المناسبة التي تم خلالها عدّ هذا اليوم يوماً عالمياً للغة العربية.