بدا مفاجئاً قرار رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بإعفاء رئيس ديوان الوقف السني مشعان محيي الخزرجي من منصبه، وسط تباين في المواقف بشأن خلفيات القرار، إذ يأتي في توقيت دقيق مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية.
وقال بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء، الخميس، إن القرار جاء «استناداً إلى كتاب من المجمع الفقهي العراقي، الذي رشّح ثلاثة أسماء بديلة لتولي المنصب، وفقاً للمادة (4/ثانياً) من قانون الوقف السني رقم (56 لسنة 2012)».
وكلّف السوداني عامر شاكر الجنابي، المدير العام في ديوان الوقف السني، بتولي رئاسة الديوان بالوكالة لمدة 6 أشهر. ووجّه الجنابي بـ«تعزيز الخطاب المعتدل، ونبذ التطرف، وإبعاد المؤسسة الدينية عن أي استثمار سياسي أو انتخابي».
خلفيات متباينة
رغم أن القرار جاء بشكل مفاجئ، فإن مصادر أشارت إلى وجود تراكمات أسهمت في إقالة الخزرجي، منها ما يتعلق بخلافات داخل المكون السني، وأخرى تتصل بمزاعم اتهامات بالفساد الإداري.
ويجري الحديث عن الفساد في المجال العام في العراق من دون أدلة بسبب غياب الوصول الحر للمعلومات، وشيوع استخدام المزاعم المتعلقة بالشبهات في سياق التنافس الحزبي، مع كل موسم انتخابات.
وبحسب مصادر مقربة من المجلس الفقهي العراقي، وهو المرجعية الدينية السنية الأعلى في البلاد، فإن الإقالة جاءت بعد تصاعد التوترات داخل الوسط السني، لا سيما بعد حادثة مقتل أحد الخطباء في مسجد الدورة ببغداد، عقب أيام من تكليفه من قبل الخزرجي، وسط مطالبات بتهدئة الخطاب الديني وتعزيز الاعتدال.
في المقابل، قال مسؤول في ديوان الوقف السني، طلب عدم كشف هويته، لـ«الشرق الأوسط»، إن «القرار لا يرتبط بشكل مباشر بالخلافات السنية – السنية، بل جاء نتيجة وجود ملفات فساد تتعلق بإدارة الخزرجي، وقد وصلت إلى رئاسة الوزراء وأدت إلى التعجيل بإقالته».
ورداً على سؤال حول ما إذا كان السوداني استجاب لضغوط من أطراف سنية لإقالة الخزرجي، قال المصدر إن «هذا الأمر مستبعد»، مضيفاً أن «الخلافات السنية، سواء كانت دينية أم سياسية، تبقى محصورة داخل البيت السني، ولا مصلحة لرئيس الوزراء في التدخل على هذا الأساس».

ردود فعل
من جهته، وصف رئيس تحالف «السيادة» خميس الخنجر القرار بأنه «بادرة مهمة»، وقال في تدوينة عبر منصات التواصل الاجتماعي، إن «اعتماد ترشيحات المجمع الفقهي العراقي، بوصفه الممثل الشرعي لأهل السنة، خطوة تعكس احترام الدولة للمؤسسات الدينية ودورها في تحصين المجتمع من التطرف والانقسام».
وأعرب الخنجر الذي يعتقد أن من الحلفاء المحتملين لرئيس الحكومة، عن أمله في أن «يسهم الرئيس الجديد للوقف السني عامر الجنابي في تطوير عمل المؤسسة بما يرسّخ وحدتها ويعزز رسالتها الدينية والمجتمعية والوطنية».
مع ذلك، يرى مراقبون أن توقيت الإقالة، مع اقتراب الانتخابات، يفتح المجال لتفسيرات متعددة، وسط تنافس بين قوى سياسية ومسلحة في المناطق السنية.
ويتهم بعض خصوم الخزرجي بأنه كان يروّج لتوجه ديني معين على حساب آخر، في ظل تقاطعات متزايدة بين القوى السنية التقليدية وتلك المرتبطة بجماعات مسلحة وفصائل الحشد الشعبي. ولم يصدر عن الخزرجي أي تعليق رسمي على قرار إقالته.
ويشرف ديوان الوقف السني في العراق على إدارة المؤسسات الدينية السنية، بما في ذلك المساجد والمدارس الدينية والأوقاف. وقد شهدت المؤسسة في السنوات الأخيرة تجاذبات سياسية، أثّرت على أدائها وحيادها، بحسب مراقبين.
