عبد العاطي في الرياض... تعزيز «آليات التكامل» واستمرار «التنسيق الإقليمي»

وزير الخارجية المصري يناقش ملفات التعاون السياسي والاقتصادي

وزير الخارجية السعودي خلال استقباله نظيره المصري (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية السعودي خلال استقباله نظيره المصري (الخارجية المصرية)
TT

عبد العاطي في الرياض... تعزيز «آليات التكامل» واستمرار «التنسيق الإقليمي»

وزير الخارجية السعودي خلال استقباله نظيره المصري (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية السعودي خلال استقباله نظيره المصري (الخارجية المصرية)

في إطار تعزيز «آليات التكامل» بين السعودية ومصر في شتى المجالات، بحث وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، خلال زيارته للرياض «التنسيق بين البلدين إزاء مختلف ملفات التعاون الثنائي».

وتوجّه عبد العاطي إلى الرياض، الخميس، في زيارة رسمية. وحسب إفادة لـ«الخارجية المصرية»، فقد «تتناول الزيارة ملفات التعاون السياسي والاقتصادي والاستثماري بين البلدين»، إلى جانب «التشاور حول أبرز القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك».

وأشاد وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، خلال لقاء نظيره المصري، بـ«المستوى المتميز الذي ارتقت له العلاقات الثنائية والتنسيق رفيع المستوى بين البلدين الذي عكسته زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى مدينة نيوم، في 21 أغسطس (آب) الماضي».

وشدد الوزيران خلال محادثات مشتركة على «أهمية تشجيع الاستثمارات المتبادلة، بما يحقق المصالح المشتركة».

واتفقت السعودية ومصر على تطوير العلاقات المشتركة بإنشاء «مجلس التنسيق الأعلى المشترك». ووقّع ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، والرئيس السيسي على محضر تشكيل المجلس بين البلدين، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وحسب بيان لـ«الخارجية المصرية»، مساء الخميس، أعرب وزيرا خارجية مصر والسعودية عن ارتياحهما تجاه خطوات تفعيل مجلس التنسيق الأعلى المصري - السعودي المشترك، وأكدا «أهمية الحفاظ على وتيرة الزيارات المتبادلة على كافة المستويات».

وبشأن التطورات الإقليمية الأخيرة، جدد وزيرا خارجية السعودية ومصر إدانتهما بأشد العبارات العمليات العسكرية الإسرائيلية في مدينة غزة، في حين حذر عبد العاطي من «التبعات الإنسانية الكارثية لهذا التصعيد، وما يصاحبه من سياسات ممنهجة للتجويع ومحاولة التهجير».

أيضاً أشاد وزير الخارجية المصري بـ«الزخم المتنامي في العلاقات الاقتصادية بين القاهرة والرياض»، وأشار خلال لقائه وزير التجارة السعودي، ماجد القصبي، إلى أن «المملكة العربية السعودية تعد ثاني أكبر شريك تجاري لمصر عالمياً، وأكبر شريك عربي»، وقال إن «حجم التبادل التجاري بين البلدين يشهد نمواً مطرداً خلال السنوات الماضية».

وثمّن عبد العاطي جهود وزير التجارة السعودي في «تعزيز الشراكة الاستراتيجية الممتدة بين البلدين، والحرص على دعم التعاون الاقتصادي والاستثماري»، كما شدد على «أهمية التوسع في الاستثمارات السعودية المباشرة في مصر، لا سيما في القطاعات المرتبطة بسلاسل الإمداد والصناعات التحويلية وتوطين التكنولوجيا، وتجارة الخدمات والترانزيت، بما يدعم الأهداف التنموية المشتركة».

وارتفع حجم التبادل التجاري بين السعودية ومصر ليسجل 5.9 مليار دولار خلال النصف الأول من العام الحالي (الدولار يساوي 48 جنيهاً في البنوك المصرية)، مقابل 4 مليارات دولار خلال نفس الفترة في عام 2024، وفق بيان لـ«الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء» المصري، في أغسطس الماضي.

محادثات وزير الخارجية المصري مع وزير الصناعة السعودي (الخارجية المصرية)

وفي نفس الوقت، أكد وزير الخارجية المصري أهمية «المضي قدماً في تنفيذ مشروعات التكامل الاقتصادي والصناعي بين البلدين»، وشدد خلال لقائه وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، بندر بن إبراهيم الخريف، على أهمية «التعاون الثنائي في القطاعات ذات الأولوية، وعلى رأسها قطاعات التعدين، وصناعة السياسات، والأدوية، والصناعات الغذائية»، إلى جانب «الصناعات المرتبطة بالطاقة الجديدة والمتجددة وتحلية ومعالجة المياه»، حسب إفادة لـ«الخارجية المصرية».

وتقدم الحكومة المصرية تسهيلات لتدفق الاستثمارات السعودية، وفق عبد العاطي الذي أشار إلى أبرز الإصلاحات والتسهيلات المقدمة للمستثمرين، ومنها «الرخصة الذهبية، وتوحيد سعر الصرف، وتيسير تحويل الأرباح بالعملة الصعبة»، منوهاً باتفاقية «حماية وتشجيع الاستثمارات المتبادلة» التي جرى توقيعها على هامش زيارة ولي العهد السعودي للقاهرة، في أكتوبر الماضي.

وإلى جانب ملفات التعاون الثنائي، تأتي زيارة وزير الخارجية المصري للرياض، لتعزيز التنسيق السعودي -المصري تجاه التطورات التي تشهدها المنطقة، وفق عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، السفير رخا أحمد حسن، الذي أشار إلى أن «الزيارة تأتي لمتابعة مخرجات ونتائج القمة العربية - الإسلامية التي استضافتها الدوحة أخيراً».

وأضاف حسن لـ«الشرق الأوسط» أن «السعودية ومصر تقومان بأدوار مهمة في لمّ الشمل العربي، ومواجهة التحديات الناجمة عن العملية البرية الإسرائيلية في قطاع غزة، وتداعياتها التي تهدد السلم في المنطقة»، إلى جانب «التنسيق المشترك قبل اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، والتي سيتم مناقشة مشروع (حل الدولتين) على هامش انعقادها في نيويورك».

وتعقد الأمم المتحدة بنيويورك في 22 سبتمبر (أيلول) الجاري، مؤتمراً دولياً لمناقشة سبل تنفيذ مشروع «حل الدولتين» والاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية.


مقالات ذات صلة

«غروب آي بي»: الدفاع التعاوني صمام الحماية للتحول الرقمي في السعودية

عالم الاعمال «غروب آي بي»: الدفاع التعاوني صمام الحماية للتحول الرقمي في السعودية

«غروب آي بي»: الدفاع التعاوني صمام الحماية للتحول الرقمي في السعودية

أكد ديمتري فولكوف، الرئيس التنفيذي لدى «غروب آي بي» أن مشهد الأمن السيبراني في السعودية يتسارع مع تسارع التحول الرقمي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق طفل يبحث عما يشبهه من كتب تحاكي ذاته (الشرق الأوسط)

650 ألف زائر يرسخ مكانة معرض جدة للكتاب كمنصة ثقافية إقليمية

مع رحيل آخر أيام معرض جدة للكتاب، يطرح المشهد الثقافي جملةً من الأسئلة حول المعرض وترسيخ مكانته كأحد أبرز الفعاليات الثقافية في المملكة.

سعيد الأبيض (جدة)
يوميات الشرق الكاتبة خيرية المغربي مع إصداراتها الأدبية (الشرق الأوسط)

«فلمّا أفَلَت»... حين تدخل الرواية السعودية إلى فضاء السؤال الفكري

في مشهد ثقافي سعودي يتسع للأسئلة بقدر ما يحتفي بالحكايات، تبرز أعمال روائية لم تعد تكتفي برصد التحولات الاجتماعية، بل تمضي أبعد من ذلك، نحو مساءلة الفكر.

أسماء الغابري (جدة)
الاقتصاد جانب من مشاركة «سيسكو» خلال فعالية «بلاك هات» التي عقدت مؤخراً في الرياض (الشرق الأوسط)

«سيسكو»: السعودية وجهة عالمية صاعدة لتطبيقات الذكاء الاصطناعي

أكدت «سيسكو» العالمية أن السعودية باتت إحدى أكثر الأسواق ديناميكية في تبني الذكاء الاصطناعي والتحول إلى الخدمات السحابية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
عالم الاعمال بنك التنمية الاجتماعية يجهز لإطلاق ملتقى «DeveGo 2025» لريادة الأعمال

بنك التنمية الاجتماعية يجهز لإطلاق ملتقى «DeveGo 2025» لريادة الأعمال

استكمل بنك التنمية الاجتماعية استعداداته لإطلاق النسخة الثانية من ملتقى ريادة الأعمال وأنماط العمل الحديثة «DeveGo 2025».


ليبيا: «مفوضية الانتخابات» لإعلان نتائج المرحلة الثالثة من استحقاق البلديات

صورة وزعتها مفوضية الانتخابات لمركزها للعد والإحصاء الأحد (مفوضية الانتخابات)
صورة وزعتها مفوضية الانتخابات لمركزها للعد والإحصاء الأحد (مفوضية الانتخابات)
TT

ليبيا: «مفوضية الانتخابات» لإعلان نتائج المرحلة الثالثة من استحقاق البلديات

صورة وزعتها مفوضية الانتخابات لمركزها للعد والإحصاء الأحد (مفوضية الانتخابات)
صورة وزعتها مفوضية الانتخابات لمركزها للعد والإحصاء الأحد (مفوضية الانتخابات)

تستعد المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في ليبيا لإعلان نتائج المرحلة الثالثة من انتخابات المجالس البلدية التي أُجريت مؤخراً في مدن شرق البلاد وجنوبها.

وأعلنت المفوضية في بيان، الأحد، أن مركزها للعدّ والإحصاء استكمل إدخال جميع بيانات استمارات النتائج الواردة من المكاتب الانتخابية، في إطار الإجراءات الفنية المعتمدة و«وفق أعلى معايير الدقة والمراجعة»، مشيرة إلى أن «العمل حالياً متوقف عند انتظار أحكام القضاء المختص بشأن الطعون المقدمة؛ التزاماً بمبدأ سيادة القانون، وضماناً لنزاهة وشفافية العملية الانتخابية».

ونفت المفوضية ما جرى تداوله بشأن صدور النتائج الأولية لهذه الانتخابات، مؤكدة أن الإعلان عن أي نتائج سيتم فقط عبر القنوات الرسمية للمفوضية، وبعد استكمال جميع المراحل القانونية والإجرائية، مجددة «التزامها بإطلاع الجميع على أي مستجدات في حينها وبكل شفافية».

وتنتظر المفوضية أحكام المحاكم المختصة في 7 طعون بالبلديات التي أجريت بها عملية الاقتراع السبت الماضي؛ لإعلان النتائج الأولية.

من جهة أخرى، أدانت لجنة متابعة الأجهزة الرقابية بمجلس النواب بشرق ليبيا، الهجوم الذي استهدف مقر «الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد» في مدينة جنزور بالعاصمة طرابلس، وعدّته «اعتداءً خطيراً على مؤسسات الدولة، ومحاولة لإفشال جهود مكافحة الفساد وتقويض ثقة المواطنين».

وطالبت اللجنة، في بيان مساء السبت، بفتح تحقيق عاجل وشفاف لملاحقة الجناة وتقديمهم للعدالة، مع اتخاذ إجراءات لحماية المؤسسات الرقابية، مؤكدة تضامنها الكامل مع العاملين بالهيئة، واستمرار دعمها لمسار الإصلاح وبناء دولة القانون.

وكان مقر هيئة مكافحة الفساد في جنزور بغرب ليبيا، تعرض لهجوم الأسبوع الماضي، أدى إلى أضرار مادية دون إصابات بشرية، وسط تعهدات بتحقيق سريع وإدانات رسمية؛ باعتباره استهدافاً مباشراً لمؤسسة رقابية معنية بحماية المال العام.

وفي شأن يتعلق بالأرصدة الليبية المجمدة في الخارج، قال رئيس لجنة التحقق من الأموال الليبية المجمّدة بالخارج بمجلس النواب، يوسف العقوري، إنه «يتابع باهتمام بالغ، إحاطة مجلس الأمن الدولي التي عُقدت الجمعة، وذلك في إطار متابعة ملف الأموال الليبية المجمّدة في الخارج، وما يحيط به من تجاوزات خطيرة».

ونقل العقوري مساء السبت، عن السفير عمار بن جمعة، المندوب الدائم للجزائر لدى الأمم المتحدة، قوله إن «الأرصدة المالية الليبية المجمّدة تتعرض للتآكل وسوء الاستخدام من قبل بعض المؤسسات المالية الأجنبية المودعة لديها، في خرق واضح للقانون الدولي وللقرارات الأممية ذات الصلة».

وقال العقوري إن السفير الجزائري، طالب باسم بلاده وباسم المجموعة الأفريقية، «بضرورة إجراء عملية محاسبة شاملة وشفافة، ومساءلة الجهات المسؤولة عن هذه الانتهاكات، مع إلزامها بتعويض الدولة الليبية عن أي خسائر لحقت بهذه الأرصدة».

ورحب العقوري بـ«الدعم الدولي لموقف ليبيا الذي يطالب بتدقيق مالي لجميع الأرصدة، وتعويضها عن أي مخالفات بشأنها»، وأضاف أن «أي تلاعب أو سوء إدارة لهذه الأرصدة، يُعدّ اعتداءً مباشراً على السيادة الليبية وحقوق الأجيال القادمة».

وانتهى إلى أن اللجنة «لن تتهاون في هذا الملف، وستتخذ كل الإجراءات البرلمانية والقانونية والدولية اللازمة لملاحقة المتسببين، وضمان حماية الأموال الليبية واسترداد حقوق الدولة كاملة بالتنسيق الكامل مع الدول الصديقة الأعضاء في مجلس الأمن».


الجزائر تعتزم ملاحقة أموال الفساد في «الملاذات الضريبية»

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في افتتاح «معرض الإنتاج الوطني» بالجزائر العاصمة (الرئاسة)
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في افتتاح «معرض الإنتاج الوطني» بالجزائر العاصمة (الرئاسة)
TT

الجزائر تعتزم ملاحقة أموال الفساد في «الملاذات الضريبية»

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في افتتاح «معرض الإنتاج الوطني» بالجزائر العاصمة (الرئاسة)
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في افتتاح «معرض الإنتاج الوطني» بالجزائر العاصمة (الرئاسة)

أعاد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون طرح ملف «الأموال المنهوبة» إلى الواجهة، مؤكداً أن «معركة استرجاع ممتلكات الشعب لا تزال مستمرة»، وتمر حسبه عبر مسارين: داخلي حقق نتائج ملموسة، وخارجي ينتظر «ساعة الحقيقة». ومنذ سقوط حكم الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة عام 2019، أطلقت السلطات حملة في الداخل والخارج، تستهدف وجهاء في النظام محل شبهة اختلاس أو تحويل أموال عامة.

وفي خطوة تهدف إلى جرد حسابات واحدة من أعقد القضايا الاقتصادية في تاريخ الجزائر، تناول الرئيس تبون في تصريحات حديثة «قضية المال المسروق»، لمناسبة حضوره «معرض الإنتاج الوطني» الذي تجري فعالياته بالعاصمة منذ الخميس الماضي، وذلك بحضور الوزير الأول سيفي غريب، وكثير من المسؤولين المدنيين والعسكريين.

رجال أعمال جزائريون في السجن بتهم فساد (الشرق الأوسط)

وأكد الرئيس تبون أنه «تم اختلاس مبالغ ضخمة من قبل أوليغارشيين»، في إشارة ضمناً، إلى رجال أعمال كانوا نافذين في اتخاذ القرار السياسي خلال فترة حكم بوتفليقة (1999 - 2019)، لافتاً إلى أنهم «أخفوا الأموال في الجزر العذراء»، في إشارة إلى البلدان التي يفترض أنها تحتضن شركات وهمية، منشأها أموال عامة جزائرية من عائدات «الفساد»، أو ما يسمى في الإعلام «الملاذات الضريبية».

وجهاء من النظام السابق

وحسب الرئيس تبون، فإن «البلاد عاشت كارثة حقيقية، حيث تعرضت الأموال للسرقة، فضلاً عن تفشي ظاهرة تضخيم الفواتير، واليوم يجب استرجاع أموال الدولة». ويقصد تبون بـ«الكارثة» فترة حكم الرئيس السابق، التي تميّزت، وفق تقدير الفريق المسيّر للبلاد حالياً، بممارسات فساد مالي وأخلاقي غير مسبوقة. ويُطلق على رجال تلك المرحلة وصف «العصابة»، علماً بأن تبون تولّى خلالها مسؤوليات وزارية بارزة، ويؤكد أنه كان شخصياً أحد «ضحايا العصابة»، بعد عزله من رئاسة الوزراء سنة 2017، عقب ثلاثة أشهر فقط من توليه المنصب، مُرجعاً ذلك إلى كونه «شكّل مصدر تهديد لمصالح الأوليغارشية». وقال تبون بهذا الخصوص، في «معرض الإنتاج الوطني»: «بالنسبة للأموال المخفية في الجزر العذراء أو في أي مكان آخر، سيأتي يومها... وفي كل الحالات، بالنسبة للأشياء الظاهرة، سيسمح ذلك للخزينة العامة باسترجاع جزء من آلاف المليارات من الدينارات». يقصد بـ«الأشياء الظاهرة»، الشركات والأموال التي تم حجزها ومصادرتها، بقرارات قضائية، والتي توجد في الجزائر وتعود في الأصل إلى رجال أعمال أدانتهم المحاكم بأحكام ثقيلة بالسجن بين عامي 2020 و2021. وتم ضم هذه الأملاك إلى «الشركات القابضة» المملوكة للدولة.

وأشاد تبون بـ«النفس الجديد الذي نشهده اليوم فيما يخص جهود استرجاع الأموال المنهوبة، بعد التراخي الذي لوحظ في هذا الجانب»، مشدداً على «ضرورة أن يُعطى لقيصر ما هو لقيصر».

وتحدث عن سيفي قائلاً: «منذ أن كان وزيراً للصناعة، هو من استرجع غالبية الشركات»، في إشارة إلى ضم 37 مؤسسة للصناعات الغذائية إلى مجمع عمومي مختص في هذا النشاط، وهي حالياً تعمل بكامل طاقتها الإنتاجية، حسب تصريحات سابقة للوزير الأول. وكانت هذه المؤسسات ملكاً لرجال أعمال متهمين بالفساد. وأوضح المسؤولون للرئيس، في «معرض الإنتاج الوطني»، أن جميع الوظائف في هذه المؤسسات تم الحفاظ عليها، كما تم إجراء توظيفات جديدة، وكذلك تطوير وتحديث هذه المؤسسات. والهدف من ذلك هو تنويع منتجات المجمع الحكومي للصناعة الغذائية، ودعم السوق المحلية بالمنتجات والسلع، والتوجه نحو التصدير. ويعمل في هذا المجمَع حالياً 2234 شخصاً، حسب المسؤولين أنفسهم.

أرقام مجهولة

ولا تُعرف حتى الساعة قيمة «المال المسروق» الموجود في الخارج. أما في الداخل فقد صرّح تبون عام 2023 بأن قيمة الأملاك والأموال التي صادرها القضاء، بعد محاكمات في إطار «الفساد»، تصل إلى 22 مليار دولار. وكتبت الصحافة يومها أن جهاز الأمن اكتشف أموالاً طائلة مخزنة في شقة بالعاصمة، ملك لمسؤول عسكري كبير هارب من القضاء يعيش حالياً في الخارج.

الجنرال غالي بلقصير قائد الدرك سابقاً صدرت بحقه مذكرة توقيف دولية بتهم فساد (الشرق الأوسط)

وأطلق القضاء الجزائري منذ عام 2021 مذكرات اعتقال دولية بحق عدة مسؤولين مدنيين وعسكريين، بعد إدانتهم غيابياً بتهم فساد، أبرزهم وزير الصناعة عبد السلام بوشوارب، ووزير الطاقة شكيب خليل، وقائد سلاح الدرك الجنرال غالي بلقصير، وكلهم يقيمون في بلدان مصنفة «ملاذات ضريبية».

رئيس مجموعة «سوناطراك» سابقاً عبد المؤمن ولد قدور (إعلام حكومي)

تعاون دولي متباين

وتتعاون الدول بشكل مختلف مع مذكرات الاعتقال الجزائرية. ففي أغسطس (آب) 2021 تسلمت الجزائر من دولة الإمارات، رئيس شركة «سوناطراك» للمحروقات سابقاً عبد المؤمن ولد قدور، إثر الحكم عليه قضائياً بتهمة «تضخيم فواتير» في صفقة شراء مصفاة نفطية من إيطاليا.

وسبق للرئيس الجزائري أن صرّح، لوسائل إعلام أجنبية، بأن فرنسا «لا تتعاون بالقدر المطلوب» مع الجزائر فيما يخص طلبات التحفظ على أرصدة مالية وممتلكات عقارية تعود لمسؤولين ونافذين، كانوا جزءاً من منظومة الحكم في فترات سابقة.

وزير الصناعة سابقاً عبد السلام بوشوارب (الشرق الأوسط)

ويُعدّ الوزير عبد السلام بوشوارب (2015 - 2017) أبرز هذه الحالات، إذ رفض القضاء الفرنسي، في مارس (آذار) الماضي، طلب تسليمه إلى الجزائر، عاداً أن حكومتها «لم تقدم ضمانات حول تنظيم محاكمة عادلة له». وبخلاف باريس، أظهرت سويسرا استعداداً للتعاون مع الجزائر في هذا المجال. فبعد تسليمها عام 2023 وديعة بقيمة 1.7 مليون يورو تعود لبوشوارب، تعهد وزير العدل والشرطة السويسري خلال زيارته الجزائر في يوليو (تموز) الماضي، بأن برن «ستقدّم كل الدعم للجزائر في مساعيها الرامية إلى استرجاع الأموال التي تعود ملكيتها إلى الشعب الجزائري».


10 قتلى بضربة مسيّرة استهدفت سوقاً في ولاية شمال دارفور

عناصر مسلحة من «قوات الدعم السريع» يستقلون سيارة في الخرطوم في 23 أبريل 2023 (لقطة من فيديو - أ.ف.ب)
عناصر مسلحة من «قوات الدعم السريع» يستقلون سيارة في الخرطوم في 23 أبريل 2023 (لقطة من فيديو - أ.ف.ب)
TT

10 قتلى بضربة مسيّرة استهدفت سوقاً في ولاية شمال دارفور

عناصر مسلحة من «قوات الدعم السريع» يستقلون سيارة في الخرطوم في 23 أبريل 2023 (لقطة من فيديو - أ.ف.ب)
عناصر مسلحة من «قوات الدعم السريع» يستقلون سيارة في الخرطوم في 23 أبريل 2023 (لقطة من فيديو - أ.ف.ب)

قُتِل 10 أشخاص في نهاية الأسبوع جرّاء ضربة بواسطة طائرة مسيّرة على سوق مزدحمة في ولاية شمال دارفور السودانية، على ما أفاد به مسعفون لم يذكروا الجهة التي نفذت الهجوم.

ويأتي الهجوم في وقت اشتدت المعارك في مناطق سودانية أخرى؛ ما دفع إلى إجلاء العاملين في مجال الإغاثة، الأحد، من مدينة كادوقلي الجنوبية المحاصرة والتي تعاني المجاعة.

وأسفرت الحرب المتواصلة في السودان منذ 15 أبريل (نيسان) 2023 بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان و«قوات الدعم السريع» بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو عن مقتل عشرات الآلاف، وتسببت بنزوح نحو 12 مليوناً، وأدت إلى «أسوأ أزمة إنسانية» في العالم، وفق الأمم المتحدة.

وأوضح مجلس غرف طوارئ شمال دارفور، وهو إحدى مئات المجموعات التطوعية التي تنسق المساعدات في السودان، أن ضربة بطائرة مسيّرة «استهدفت، السبت، سوق الحارة بمحلية المالحة».

ولم يشر المجلس إلى الجهة التي نفّذت الهجوم، موضحاً أنه أدى إلى «وقوع حريق جزئي في المحال التجارية وخسائر مادية كبيرة». ولم يصدر تعليق فوري من الجيش السوداني أو من «قوات الدعم السريع».

وتتركز الحرب راهناً في جنوب كردفان، وتصاعدت حدة الاشتباكات في كادوقلي، عاصمة الولاية؛ حيث أسفر هجوم بطائرة مسيّرة، الأسبوع الفائت، عن مقتل 8 أشخاص في أثناء محاولتهم الفرار من المدينة الخاضعة لسيطرة الجيش.

وقال مصدر في منظمة إنسانية تعمل في كادوقلي، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، الأحد، إن المنظمات الإنسانية «أجلت جميع عامليها» من المدينة بسبب الأوضاع الأمنية.

وجاء الإجلاء عقب قرار الأمم المتحدة نقل مركزها اللوجيستي من كادوقلي، بحسب المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه، لكنه لم يشر إلى الوجهة التي نُقل إليها العاملون. وتحاصر «الدعم السريع» وحلفاؤها كادوقلي ومدينة الدلنج المجاورة منذ اندلاع الحرب.

وأعلنت «قوات الدعم السريع»، الأسبوع المنصرم، سيطرتها على منطقة برنو، وهي خط دفاعي رئيسي على الطريق الذي يربط كادوقلي بالدلنج.

وبعد سيطرتها في أكتوبر (تشرين الأول) الفائت على مدينة الفاشر، آخر معاقل الجيش في دارفور، ركّزت «قوات الدعم السريع» على إقليم كردفان الغني بالموارد، وهو خط استراتيجي يربط مناطق الشمال والشرق الخاضعة للجيش بدارفور التي تسيطر عليها «قوات الدعم السريع» في الغرب.

وأدت الحرب في السودان إلى تقسيمه فعلياً إلى شطرين، أولهما في قبضة الجيش الذي يسيطر على الشمال والشرق والوسط، بينما تسيطر «قوات الدعم السريع» على عواصم الولايات الخمس في دارفور، وعلى أجزاء من الجنوب مع حلفائها.