ترمب وستارمر يعلنان عن استثمارات ضخمة في قطاع التقنية تُجدّد «العلاقة الخاصة»

عكست قوة الروابط بين الحليفين رغم خلافاتهما على صعيد السياسة الخارجية

TT

ترمب وستارمر يعلنان عن استثمارات ضخمة في قطاع التقنية تُجدّد «العلاقة الخاصة»

ستارمر وزوجته فيكتوريا لدى استقبالهما ترمب وزوجته ميلانيا في تشيكرز 18 سبتمبر (إ.ب.أ)
ستارمر وزوجته فيكتوريا لدى استقبالهما ترمب وزوجته ميلانيا في تشيكرز 18 سبتمبر (إ.ب.أ)

اختتم الرئيس الأميركي دونالد ترمب زيارته التاريخية إلى المملكة المتحدة بتوقيع اتفاقية تكنولوجية واسعة النطاق مع رئيس الوزراء كير ستارمر، في خطوة عكست قوة العلاقة بين الحليفين رغم خلافاتهما على صعيد السياسة الخارجية.

وجاء توقيع الشراكة التكنولوجية عبر الأطلسي تتويجاً لسلسلة إعلانات عن استثمارات في بريطانيا خلال زيارة الدولة الثانية لترمب إلى بريطانيا، شملت التزام «مايكروسوفت» بضخ 30 مليار دولار حتى عام 2028 لبناء بنى تحتية سحابية ومشاريع في الذكاء الاصطناعي، واستثماراً بقيمة 500 مليون جنيه إسترليني من شركة «إنفيديا» في شركة «إنسكايل» البريطانية، إلى جانب مشروع لتشييد أكبر حاسوب فائق في المملكة المتحدة يعمل على أكثر من 23 ألف شريحة. ووصف ستارمر الصفقات بأنها «أكبر حزمة استثمارية من نوعها في تاريخ بريطانيا».

تجديد «العلاقة الخاصة»

وفي مؤتمر صحافي مشترك عُقد في مقر «تشيكرز» الريفي، حرص ستارمر وترمب على التشديد على متانة العلاقات الثنائية، حيث وصف الرئيس الأميركي الزيارة بأنها «شرف رفيع»، وأشاد بقدرة ستارمر على التفاوض في إبرام أول صفقة جمركية مع واشنطن. وترمب هو الرئيس الأميركي الوحيد في التاريخ الحديث الذي تخصّه بريطانيا بزيارتي دولة، بعد تلك التي قام بها في ولايته الأولى عام 2019.

أعلن ترمب وستارمر عن حزمة استمارات مليارية في قطاع التقنية 18 سبتمبر (أ.ب)

من جانبه، قال ستارمر: «لقد جددنا العلاقة الخاصة لعصر جديد. هذه الشراكة هي إشارة إلى عزمنا تحقيق النمو وخلق وظائف وخفض الفواتير، ووضع المزيد من المال المكتسب بشق الأنفس في جيوب الناس». وردّ ترمب: «نحن مرتبطون إلى الأبد، ونحن أصدقاء إلى الأبد، وسنظل دائماً أصدقاء».

وجاء المؤتمر الصحافي في أجواء ودية، رغم بعض الأسئلة المحرجة حول رجل الأعمال الأميركي جيفري إبستين المدان في جرائم جنسية، وعلاقته بسفير بريطانيا السابق في واشنطن، بيتر ماندلسون، المقرّب من دائرة ترمب الضيقة.

حربا أوكرانيا وغزة

وتطرّق الزعيمان في المؤتمر الصحافي إلى حربي أوكرانيا وغزة، التي قال ستارمر إنهما هيمنتا على غالبية نقاشاتهما الثنائية، الخميس.

وفيما يخصّ الحرب الأوكرانية - الروسية المستمرة منذ فبراير (شباط) 2022، رأى رئيس الوزراء البريطاني أنه ينبغي «تكثيف الضغط» على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وقال: «علينا ممارسة ضغط إضافي على بوتين (...) علينا تكثيف هذا الضغط»، عادَّاً أن سلوك الرئيس الروسي ليس سلوك «شخص يريد السلام».

أعلن ترمب وستارمر عن حزمة استمارات مليارية في قطاع التقنية 18 سبتمبر (رويترز)

بدوره، عبّر ترمب عن خيبة أمله من صعوبة إنهاء هذه الحرب، وقال إن بوتين «خذله». كما ذكّر الرئيس الأميركي بنجاحه في «إنهاء سبع حروب»، بعضها كان مستمراً منذ «عشرات السنين».

أما فيما يتعلق بالشرق الأوسط، فقال ترمب إنه يختلف مع ستارمر حول مسألة الاعتراف بدولة فلسطينية. وقال: «أختلف مع رئيس الوزراء في هذا الشأن، وهو أحد خلافاتنا القليلة في الواقع».

من جهته، قال ستارمر إنه وترمب متفقان على هدف إرساء السلام في المنطقة. وأضاف ستارمر: «نحن متفقان تماماً على الحاجة إلى السلام وخريطة طريق؛ لأن الوضع في غزة لا يحتمل». ورداً على سؤال حول التقارير التي تفيد بأنه ينتظر مغادرة ترمب البلاد ليعترف رسمياً بدولة فلسطينية مطلع الأسبوع المقبل، أجاب ستارمر: «أوضحت موقفي في نهاية يوليو (تموز) فيما يتعلق بالتوقيت، وهو أمر لا علاقة له بزيارة الدولة هذه». وتابع: «ناقشت الأمر مع الرئيس، كما هو متوقع، بين زعيمين يحترم كل منهما الآخر ويحبان بعضهما ويريدان التوصل إلى حل أفضل بأمثل طريقة ممكنة».

ترمب وميلانيا لدى مغادرتهما المملكة المتحدة من مطار ستانستد 18 سبتمبر (أ.ف.ب)

في ملف خارجي آخر، كشف الرئيس الأميركي عن محاولات أميركية لـ«استعادة» قاعدة باغرام الجوية في أفغانستان. وقال: «نحن نحاول استعادتها»، في تصريح جاء في إطار انتقاده صعوبة إنهاء الحروب وربطه بانتقاد للرئيس جو بايدن بشأن طريقة تنفيذ الانسحاب الأميركي عام 2021. وعدَّ ترمب دعوته إلى إعادة تمركز القوات الأميركية في باغرام «خبراً عاجلاً»، وجدد التأكيد أن للقاعدة قيمة استراتيجية نظراً لقربها من الصين، التي وصفها بأنها «أهم منافس اقتصادي وعسكري» للولايات المتحدة.

نشر الجيش في بريطانيا

على صعيد السياسات الداخلية، هيمنت قضية حرية التعبير والهجرة على تصريحات الزعيمين.

وتطرّق ستارمر إلى ملف حرية التعبير، مؤكداً أن بريطانيا تحمي هذه الحرية بشدة، لكنه «يضع حدوداً عندما تتحوّل الخطابات تحريضاً مباشراً على أذى حقيقي، خاصة عبر الإنترنت».

وفي ملف الهجرة، قال ستارمر إنه من الضروري إنجاح الاتفاق مع فرنسا، بينما شدّد ترمب على أن «أي وسيلة، بما في ذلك نشر الجيش، قد تكون ضرورية لوقف المهاجرين غير النظاميين»، محذراً من أن «الهجرة تدمر الدول من الداخل».

استقبال ملكي حافل

جاء المؤتمر الصحافي غداة استقبال ملكي حافل حظي بها ترمب في قلعة ويندسور.

الملك تشارلز والملكة كاميلا يصطحبان ترمب وميلانيا إلى المأدبة الملكية 17 سبتمبر (رويترز)

وفي مأدبة عشاء فاخرة، رحّب الملك تشارلز الثالث مساء الأربعاء بـ«الالتزام الشخصي» للرئيس الأميركي تجاه إنهاء النزاعات في العالم. وقال الملك خلال المأدبة الرسمية إن «بلدينا يعملان معاً لدعم الجهود الدبلوماسية الحاسمة، خصوصاً سيدي الرئيس التزامكم الشخصي تجاه إيجاد حلول لبعض النزاعات الأكثر تعقيداً في العالم، لضمان السلام».

بدوره، وصف الرئيس الأميركي ثاني زيارة دولة يقوم بها إلى المملكة المتحدة بأنّها «أحد أسمى التكريمات في حياتي». وقال ترمب أمام 160 ضيفاً في قلعة ويندسور، إنّ هذا الحدث غير المسبوق هو «حقاً أحد أسمى التكريمات في حياتي»، عادَّاً أنّ المملكة المتحدة والولايات المتحدة هما «نغمتان في وتر واحد... كلّ منهما جميلة بحدّ ذاتها، لكنّهما في الحقيقة مصمّمتان لأن تُعزفا سوياً».


مقالات ذات صلة

مبعوثو ترمب إلى الشرق الأوسط... تغريد خارج سرب البيروقراطية

الولايات المتحدة​ ويتكوف في برلين في 15 ديسمبر 2025 (أ.ب)

مبعوثو ترمب إلى الشرق الأوسط... تغريد خارج سرب البيروقراطية

لم يدخل الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض في عهده الثاني برتابة الرؤساء السابقين الذين التزموا بالسياسات الأميركية التقليدية والأعراف الدولية.

رنا أبتر (واشنطن)
أوروبا صورة للقاء عاصف بين ترمب وزيلينسكي في البيت الأبيض يوم 28 فبراير (أ.ف.ب)

الرئيس الأوكراني: اتفقنا مع الجانب الأميركي على عقد اجتماع مع ترمب قريباً

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي اليوم الجمعة إن وفد بلاده المفاوض اتفق مع الجانب الأميركي على عقد اجتماع مع نظيره دونالد ترمب في المستقبل القريب.

«الشرق الأوسط» (كييف)
يوميات الشرق الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ب)

طرد مُعلم بريطاني من مدرسة لعرضه مقاطع فيديو لترمب على الطلاب

اتُّهم مُدرّس في مدرسة بريطانية بتعريض الأطفال للخطر، وأُحيل إلى برنامج مكافحة الإرهاب الحكومي بعد عرضه مقاطع فيديو للرئيس الأميركي دونالد ترمب على طلابه.

«الشرق الأوسط» (لندن)
تحليل إخباري رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ونظيره اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس خلال مؤتمر صحافي مشترك عقب مباحثاتهم في إسرائيل 22 ديسمبر (أ.ف.ب)

تحليل إخباري تصعيد في الخطاب الإسرائيلي - التركي... هل المراد صفقة متبادلة؟

تصاعدت لهجة الخطاب السياسي بين إسرائيل وتركيا، وحملت تلميحات متبادلة تزامناً مع حراك سياسي وعسكري في بحر إيجه، فيما اعتبره البعض جزءاً من ضغوط لإبرام «صفقة».

نظير مجلي (تل أبيب) سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية صاروخ باليستي إيراني يُعرض في شارع وسط طهران بجوار لافتة تحمل صورة المسؤول السابق للعمليات الخارجية في «الحرس الثوري» قاسم سليماني ومسؤول البرنامج الصاروخي أمير علي حاجي زادة الذي قُتل بضربة إسرائيلية في يونيو الماضي (رويترز) play-circle

نتنياهو سيعرض معلومات استخباراتية على ترمب

قال مسؤول عسكري إسرائيلي إن الهجوم على إيران «لا مفر منه» إذا لم يتوصل الأميركيون إلى اتفاق يقيد برنامج طهران للصواريخ الباليستية.

«الشرق الأوسط» (لندن-تل أبيب)

الرئيس الأوكراني: اتفقنا مع الجانب الأميركي على عقد اجتماع مع ترمب قريباً

صورة للقاء عاصف بين ترمب وزيلينسكي في البيت الأبيض يوم 28 فبراير (أ.ف.ب)
صورة للقاء عاصف بين ترمب وزيلينسكي في البيت الأبيض يوم 28 فبراير (أ.ف.ب)
TT

الرئيس الأوكراني: اتفقنا مع الجانب الأميركي على عقد اجتماع مع ترمب قريباً

صورة للقاء عاصف بين ترمب وزيلينسكي في البيت الأبيض يوم 28 فبراير (أ.ف.ب)
صورة للقاء عاصف بين ترمب وزيلينسكي في البيت الأبيض يوم 28 فبراير (أ.ف.ب)

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي اليوم الجمعة إن وفد بلاده المفاوض اتفق مع الجانب الأميركي على عقد اجتماع مع نظيره دونالد ترمب في المستقبل القريب.

وأضاف زيلينسكي في منشور على حسابه بمنصة «إكس»: «يمكن حسم الكثير من الأمور قبل حلول العام الجديد».

زيلينسكي داخل مكتبه الرئاسي بكييف يوم 23 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

كان زيلينسكي قال أمس الخميس إنه ناقش مع المبعوثين الأميركيين ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر هاتفياً سبل إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية بخطوات واتفاقات «واقعية وموثوقة»، معبراً عن أمله في أن تكون الأفكار والتفاهمات التي طرحت مع المبعوثين بمثابة خطوة أخرى نحو السلام.


ألمانيا لن تشارك في قوة استقرار بغزة «في المستقبل المنظور»

وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول (د.ب.أ)
وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول (د.ب.أ)
TT

ألمانيا لن تشارك في قوة استقرار بغزة «في المستقبل المنظور»

وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول (د.ب.أ)
وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول (د.ب.أ)

أعلن وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول أن ألمانيا لن تشارك في المستقبل المنظور في قوة دولية للاستقرار في غزة ضمن خطة السلام الخاصة بالقطاع.

وقال الوزير المنتمي للحزب المسيحي الديمقراطي في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية في برلين بعد مرور نحو شهرين ونصف على بدء وقف إطلاق النار في غزة إن مثل هذه القوة ليست مجرد قوة وساطة «بل يجب أن توفر الأمن بشكل ملموس للغاية عند الضرورة»، وأضاف: «لا يمكن للكثيرين أن يتصوروا قيام جنود وجنديات ألمان بذلك في هذه المنطقة تحديدا».

وتابع فاديفول: «لن نشارك في قوات الاستقرار في المستقبل المنظور»، موضحا ردا على سؤال حول ما إذا كان ذلك يشمل أيضا التدريب والتنظيم: «في الوقت الحالي لا يتوقع أحد منا المشاركة في مهمة الاستقرار الدولية»، مؤكدا في المقابل أن ألمانيا مستعدة للمساهمة بشكل بناء في الهياكل الواردة في قرار مجلس الأمن الدولي، مثل مجلس للسلام، مشيرا إلى أن برلين لم تتلق حتى الآن دعوة رسمية للمشاركة في هذا المجلس.

وتنص المرحلة الثانية من خطة السلام المكونة من 20 نقطة التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترمب على نزع سلاح حركة حماس ونشر قوة دولية للاستقرار، إلا أن الحركة ترفض بشكل قاطع التخلي عن أسلحتها. ودعا فاديفول إلى الإسراع في بدء المرحلة الثانية من خطة السلام، قائلا إنه بعد إجراء مشاورات أولية مع الدول المحتمل أن ترسل قوات، هناك حاجة الآن إلى إطار سياسي يتضمن هيكلا أمنيا توفره قوات الاستقرار والقوات الأمنية الفلسطينية، وأضاف: «من المهم أن نبدأ كل ذلك في وقت قريب للغاية»، وحذر قائلا: «يجب ألا يحدث أن يتحول التقسيم الحالي في غزة بين جزء تسيطر عليه القوات الإسرائيلية وآخر تزداد فيه سيطرة حماس إلى وضع دائم».


أوكرانيا تستخدم صواريخ «ستورم شادو» البريطانية لاستهداف مصفاة نفط روسية

جندي بريطاني يمر أمام صاروخ «ستورم شادو» في معرض فارنبورو للطيران بلندن في 17 يوليو 2018 (أ.ف.ب)
جندي بريطاني يمر أمام صاروخ «ستورم شادو» في معرض فارنبورو للطيران بلندن في 17 يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

أوكرانيا تستخدم صواريخ «ستورم شادو» البريطانية لاستهداف مصفاة نفط روسية

جندي بريطاني يمر أمام صاروخ «ستورم شادو» في معرض فارنبورو للطيران بلندن في 17 يوليو 2018 (أ.ف.ب)
جندي بريطاني يمر أمام صاروخ «ستورم شادو» في معرض فارنبورو للطيران بلندن في 17 يوليو 2018 (أ.ف.ب)

أعلن الجيش الأوكراني أنه استخدم صواريخ ستورم شادو البريطانية لاستهداف مصفاة نفط روسية الخميس.

وأفادت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الأوكرانية في بيان نشر على مواقع التواصل الاجتماعي، أن الصواريخ أصابت مصفاة نوفوشاختينسك وسُجلت «انفجارات عديدة». وسبق لأوكرانيا أن استخدمت هذه الصواريخ البريطانية لضرب مواقع صناعية داخل روسيا. وجاء في البيان «نجحت وحدات من القوات الجوية الأوكرانية في استهداف منشأة نوفوشاختينسك للمنتجات النفطية في منطقة روستوف بروسيا الاتحادية، بصواريخ كروز ستورم شادو التي تطلق من الجو».

وأوضحت القوات المسلحة الأوكرانية أن منشأة نوفوشاختينسك تعد من أهم موردي المنتجات النفطية في جنوب روسيا «وتساهم بشكل مباشر في تزويد القوات المسلحة الروسية» بوقود الديزل والكيروسين. وتسعى أوكرانيا التي تواجه هجمات روسية بالصواريخ والطائرات المسيرة يوميا، إلى الرد بشن هجمات داخل روسيا تستهدف منشآت الطاقة والبنية التحتية.