تسعى إيران عبر تمسكها بالدبلوماسية إلى تجنب تفعيل «الترويكا» الأوروبية (بريطانيا وألمانيا وفرنسا) آلية العقوبات، المعروفة بـ«سناب باك»، الخاصة بالملف النووي الإيراني، وذلك مع اقتراب انتهاء المهلة الأوروبية لتفعيلها، والمحددة في نهاية سبتمبر (أيلول) الحالي.
وهذا ما عبَّرت عنه تصريحات مسؤولين إيرانيين، إضافة إلى الصحف الفارسية الصادرة الخميس، وذلك غداة مكالمة هاتفية بين وزراء خارجية «الترويكا» الأوروبية، بالإضافة إلى كايا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، وعباس عراقجي، وزير خارجية إيران.
وطبقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، فإن الهدف من المكالمة الهاتفية مناقشة تفعيل «سناب باك»، والتأكيد على الشروط التي حددتها الدول الأوروبية لطهران لتأجيل هذا القرار.
وكانت «الترويكا» الأوروبية أخطرت مجلس الأمن في 28 أغسطس (آب) الماضي عزمها تفعيل آلية «سناب باك» ضد طهران، والتي تضم 6 مجموعات من العقوبات الدولية على إيران.
وكانت العقوبات قد جُمّدت بعد التوقيع على الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة «5+1» صيف عام 2015.
الإعلام الفارسي
وأكدت صحيفة «دنياى اقتصاد»، المقربة من التيار الأصولي، أن «طهران لا تزال متمسكة بالحلول الدبلوماسية، لكنها ترفض المطالب الأوروبية المتعلقة بتفتيش منشآتها النووية»، محذرة من أن «الاستمرار في هذه الضغوط قد يؤدي إلى وقف التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية».
من جانبها، نقلت صحيفة «اعتماد» الإصلاحية آراء عدد من الخبراء الذين شددوا على أن «الدبلوماسية تبقى الخيار الوحيد لتقليل تداعيات أي تصعيد محتمل». كما دعوا إلى «فتح باب الحوار المباشر مع الولايات المتحدة»، عادّين أن «التفاوض مع (الترويكا) الأوروبية لم يعد مجدياً في ظل التوازنات الدولية الراهنة».
في المقابل، ترى صحيفة «جوان»، المحسوبة على «الحرس الثوري»، أن «أوروبا تحاول عبر الملف النووي الإيراني استعادة مكانتها الدولية المتراجعة، خاصة بعد ضعف أدائها في ملفات مثل أوكرانيا». واتهمت الأوروبيين بـ«افتقاد الجدية والإرادة الحقيقية للحل»، مشيرة إلى أنهم «يلجأون للتصعيد وخلق ذرائع بدلاً من تقديم حلول».
بدورها، حذَّرت صحيفة «شرق» الإصلاحية من «مخاطر سوء التقدير السياسي»، مؤكدة أن «تصاعد الضغوط الغربية والفجوة المتزايدة في المواقف قد يقود إلى أخطاء باهظة الثمن». ودعت إلى «التحلي بالحكمة وبذل جهود جادة للتوصل إلى تسوية عادلة قبل فوات الأوان».
الموقف الأوروبي
وكان أعلن وزراء خارجية الدول الأوروبية الثلاث ومسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي أعلنوا، الأربعاء، أن طهران لم تقم بعد بخطوات «منطقية ومقبولة» لتمديد قرار مجلس الأمن 2231 بشأن رفع العقوبات، وفق ما جاء في بيان للخارجية الألمانية عقب المكالمة الهاتفية مع عراقجي.
وأكد وزراء خارجية بريطانيا وألمانيا وفرنسا وكالاس خلال المكالمة على «استمرار الجهود الدبلوماسية».

وقال بيان الخارجية الألمانية: «يجب على إيران استئناف المفاوضات، والسماح بالتفتيش على المواقع الحساسة، والرد بشأن مخزونات اليورانيوم عالي التخصيب». وشددت الدول الأوروبية الثلاث على إلحاح المسألة وعزمها على دفع إعادة فرض العقوبات في حال عدم اتخاذ إيران خطوات ملموسة في الأيام المقبلة.
عراقجي والدبلوماسية
من جانبه، قال عراقجي عقب المحادثات إن «إيران مستعدة لحل عادل ومتوازن يضمن المصالح المشتركة. إن تحقيق هذا الهدف يتطلب نهجاً مسؤولاً ومستقلاً من جانب الدول الأوروبية الثلاث، وعدم التأثر بجهات فاعلة».
وأوضح وزير الخارجية الإيراني، أن طهران وفي خطوة مسؤولة، انخرطت للحوار مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية من أجل صياغة وثيقة جديدة وواضحة بشأن كيفية تنفيذ تعهداتها المتعلقة باتفاقية الضمانات؛ مؤكداً على ضرورة أن يدرك جميع الأطراف أهمية هذه الخطوة وقيمتها.
وأضاف: «الآن، حان دور الأطراف الأخرى لكي تغتنم هذه الفرصة لمواصلة المسار الدبلوماسي ومنع أزمة يمكن تجنبها، وإظهار جديتها وإيمانها بالدبلوماسية»، مشدداً على أن «إيران مستعدة للتوصل إلى حل عادل ومتوازن يضمن المصالح المتبادلة».
وأشار عراقجي إلى أن «تحقيق هذا الهدف يتطلب نهجاً مسؤولاً ومستقلاً من قِبل الدول الأوروبية الثلاث، وابتعادها عن التأثر بالجهات الفاعلة التي لا تعير أي اعتبار للدبلوماسية أو للقانون الدولي».
وبدأت الدول الأوروبية الثلاث الموقعة على البرنامج النووي عملية تفعيل «سناب باك» لإعادة فرض العقوبات.
وأعلنت بريطانيا وفرنسا وألمانيا في 28 أغسطس (آب) في رسالة إلى مجلس الأمن قرارها ببدء عملية تفعيل «سناب باك» وإعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على إيران.
وبالتالي، لدى إيران فرصة فقط حتى نهاية سبتمبر للتوصل إلى اتفاق مع الغرب ومنع إعادة العقوبات.
وفي الأيام الأخيرة، تصاعدت التكهنات بشأن مصير البرنامج النووي الإيراني، وقرار «الترويكا» الأوروبية بتفعيل «سناب باك»، ورد الفعل المحتمل للنظام الإيراني.
وقال ماركو روبيو، وزير الخارجية الأميركي، يوم 15 سبتمبر خلال مؤتمر صحافي في القدس إن «إيران النووية تحت حكم رجال الدين الشيعة المتطرفين، مع أسلحة نووية وصواريخ بعيدة المدى، تشكل خطراً غير مقبول ليس فقط على إسرائيل وأميركا، بل على العالم بأسره».
في حين قال أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، في 16 سبتمبر لـ«إيران إنترناشيونال» إنه «لا يزال هناك وقت لمنع تفعيل (سناب باك)».






