اتهام إسرائيل بـ«الإبادة الفلسطينية» يحتاج إلى محكمة دولية

غوتيريش يتجنب إحالة التقرير الأممي لمجلس الأمن

شاشة عملاقة في «تايمز سكوير» بوسط مانهاتن كتب فيها «إسرائيل ترتكب إبادة» (رويترز)
شاشة عملاقة في «تايمز سكوير» بوسط مانهاتن كتب فيها «إسرائيل ترتكب إبادة» (رويترز)
TT

اتهام إسرائيل بـ«الإبادة الفلسطينية» يحتاج إلى محكمة دولية

شاشة عملاقة في «تايمز سكوير» بوسط مانهاتن كتب فيها «إسرائيل ترتكب إبادة» (رويترز)
شاشة عملاقة في «تايمز سكوير» بوسط مانهاتن كتب فيها «إسرائيل ترتكب إبادة» (رويترز)

رغم الاتهامات الخطرة التي وجهتها لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة المعنية بالأرض الفلسطينية المحتلة -بما فيها القدس الشرقية- وإسرائيل، في شأن ارتكاب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في غزة، تجنب الأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو غوتيريش، اتخاذ خطوة يتيحها له الميثاق بإحالة القضية إلى مجلس الأمن، مشيراً إلى قضية مرفوعة أمام محكمة العدل الدولية.

وانضمت لجنة التحقيق الدولية التي أنشأها مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان عام 2021، إلى مجموعة واسعة من الدول والهيئات والمنظمات الدولية التي تتهم إسرائيل بارتكاب عملية إبادة ضد الفلسطينيين في حربها المتواصلة منذ نحو سنتين في غزة.

ويعد الطريق إلى وقف عملية الإبادة بالوسائل القانونية، ومعاقبة المسؤولين عنها محدداً بوضوح في اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، المعروفة اختصاراً باسم «اتفاقية الإبادة الجماعية» التي وقعت في ديسمبر (كانون الأول) 1949، وصارت نافذة في مطلع عام 1951.

رئيسة لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة المعنية بالأرض الفلسطينية المحتلة -بما فيها القدس الشرقية- وإسرائيل نافي بيلاي خلال مؤتمر صحافي في جنيف (أ.ف.ب)

وصارت هذه الاتفاقية أحد صكوك القانون الدولي، محددة أن الإبادة الجماعية «جريمة يمكن ارتكابها في زمن الحرب والسلم على حد سواء». وتعرّفها المادة الثانية من الاتفاقية بأنها «جريمة ترتكب بقصد تدمير جماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية، كلياً أو جزئياً».

ويعكس هذا التعريف التوافق الذي توصلت إليه الدول الأعضاء في الأمم المتحدة أثناء صوغ الاتفاقية التي «تُلزم الدول الأطراف باتخاذ تدابير لمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها»، بما في ذلك سن التشريعات المناسبة ومعاقبة مرتكبيها «سواء كانوا حكاماً مسؤولين دستورياً، أو مسؤولين حكوميين، أو أفراداً عاديين».

«قتل جماعي غير مسبوق»

وخلال مؤتمر صحافي تلقى فيه سيلاً من الأسئلة حول التقرير الأممي، لفت غوتيريش إلى أنه ليس من صلاحياته أن يصدر حكماً قانونياً في شأن الإبادة الجماعية، مشيراً إلى أن هذا الأمر يعود إلى الهيئات القضائية المختصة، وتحديداً محكمة العدل الدولية، التي تنظر حالياً في قضية «تطبيق اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها في قطاع غزة»، حيث «نشهد تدميراً هائلاً للأحياء، والآن تدميراً ممنهجاً لمدينة غزة. نشهد قتلاً جماعياً للمدنيين بطريقة لا أتذكرها في أي نزاع» منذ توليه منصب الأمين العام.

فلسطينيون يصلون على جثامين ضحايا غارة إسرائيلية استهدفت مدرسة في غزة يوم الخميس (أ.ف.ب)

وتحدث غوتيريش عن «عوائق خطيرة أمام توزيع المساعدات، التي توقفت تماماً في مرحلة معينة، مع ما يترتب على ذلك من معاناة للشعب الفلسطيني ووضع مروع يتمثل في المجاعة، وعدم القدرة على الوصول إلى أي نوع من الدعم الصحي، واستمرار النزوح، والخطر الوشيك بفقدان حياتهم في أي لحظة». وأكد أن «هذا أمر غير مقبول أخلاقياً وسياسياً وقانونياً».

مَن يتهم مَن؟

وطبقاً لذلك، يمكن لأي فرد أو دولة أو هيئة دولية اتهام إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية، بما يتسق ونصوص اتفاقية منع الإبادة. ولكن «لا يمكن إلا لمحكمة مختصة أو هيئة قضائية دولية إصدار قرار قانوني رسمي».

وتتولى المحاكم والهيئات القضائية الدولية تقديم إعلانات قانونية نهائية وملزمة بالإبادة الجماعية بعد «تحقيق شامل وعملية قضائية».

وبالإضافة إلى القضية المرفوعة أمام محكمة العدل الدولية، وهي محكمة دائمة أُنشئت لمقاضاة الأفراد على أخطر الجرائم الدولية، بما في ذلك الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب. ومع أنها «لا تملك سلطة قضائية على المسؤولية الجنائية الفردية، فإنها تستطيع إصدار أوامر ملزمة قانوناً للدول لمنع أعمال الإبادة الجماعية».

ما الوسائل الأخرى؟

ويمكن اعتماد وسائل أخرى إذا قرر الأمين العام للأمم المتحدة استخدام صلاحياته في المادة 99 من الميثاق «إحالة أي مسألة تهدد السلم والأمن الدوليين إلى مجلس الأمن، حتى دون طلب صريح من المجلس».

وبمجرد أن يأخذ مجلس الزمن علماً بالأمر، يمكنه «اتخاذ قرار بالتحقيق فيه، أو التوصية بحلول سلمية، أو اتخاذ إجراءات أخرى لمعالجة التهديد».

ولجأ غوتيريش بالفعل إلى المادة 99 للمرة الأولى منذ توليه منصبه أواخر عام 2023، عندما دعا مجلس الأمن إلى «اعتماد قرار يهدف إلى الضغط على إسرائيل لتبني وقف إطلاق نار كامل في غزة لتجنب كارثة إنسانية»، ولكن هذا التحرك ذهب سدى.

ما السوابق؟

أنشأ مجلس الأمن محاكم تاريخية خاصة، مثل المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة والمحكمة الجنائية الدولية لرواندا، للمقاضاة على جرائم الإبادة الجماعية. وكانت المحكمة الجنائية الدولية لرواندا أول محكمة دولية تصدر حكماً في شأن الإبادة الجماعية عام 1998.

ورغم أن هيئات الأمم المتحدة يمكنها مناقشة وإقرار قرارات تتعلق بالإبادة الجماعية، فإن التوصل إلى استنتاج قانوني رسمي يتطلب محكمة. على سبيل المثال، يمكن للجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة اتهام دولة ما بارتكاب إبادة جماعية بناء على أدلة، لكن مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان سيشير إلى القانون الدولي، ويؤكد أن المحكمة وحدها هي المخولة بإصدار حكم قانوني نهائي.

وكذلك يمكن للحكومات الاعتراف سياسياً بحالة ما على أنها إبادة جماعية. وعلى سبيل المثال، اعترفت الحكومة الأميركية بالعديد من جرائم الإبادة الجماعية في العقود الأخيرة، مع أن هذا قرار سياسي وليس قانونياً. يمكن لهذه التصريحات أن تؤثر على السياسة الخارجية، لكنها لا تحمل وزن حكم المحكمة نفسه.


مقالات ذات صلة

للمرة العاشرة... حكومة نتنياهو تطلب تمديد منع دخول الصحافة الأجنبية إلى غزة

شؤون إقليمية عناصر من الدفاع المدني الفلسطيني يزيلون ركام منزل مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة بحثاً عن جثث فلسطينيين يوم السبت (إ.ب.أ)

للمرة العاشرة... حكومة نتنياهو تطلب تمديد منع دخول الصحافة الأجنبية إلى غزة

للمرة العاشرة على التوالي، تقدَّمت الحكومة الإسرائيلية بطلب للمحكمة العليا لتمديد مهلة الرد على التماس «رابطة الصحافيين الأجانب»؛ للسماح بالدخول الحر لقطاع غزة.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي أطفال ينتظرون الحصول على نصيبهم من الطعام بمخيم النصيرات في غزة (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: ندعو لدخول الإمدادات والمعدات الطبية الأساسية لغزة

رحب مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، الأحد، بالتقدم الذي أُحْرِزَ بشأن المجاعة في غزة، لكنه أوضح أن هذا التقدم لا يزال هشاً للغاية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية سيدات فلسطينيات أمام جنود إسرائيليين يعتقلون مواطنين في مخيم نور شمس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

تقرير: إسرائيل تسمح للآلاف من جنود الاحتياط بالاحتفاظ ببنادق في منازلهم

يستعدّ الجيش الإسرائيلي لتسليح نحو 10 آلاف جندي احتياطي من الفرقة 96 ببنادق طويلة تُحفظ في منازلهم على مدار العام

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع نظيره اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس خلال اجتماع سابق (أرشيف - رويترز)

تقرير: اليونان تدرس إرسال مهندسين إلى غزة ضمن المرحلة الثانية من خطة ترمب

ذكرت قناة «إن 12» الإخبارية الإسرائيلية، يوم السبت، أن اليونان تدرس إرسال مهندسين إلى قطاع غزة ضمن المرحلة الثانية من اتفاق ترمب لوقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (أثينا)
المشرق العربي والدة أحمد زيود خلال تشييع جثمانه خلال جنازته قرب جنين في الضفة الغربية اليوم (أ.ب)

مقتل 3 فلسطينيين بقصف إسرائيلي على شرق مدينة غزة

قُتل ثلاثة فلسطينيين، صباح اليوم الأحد، في قصف إسرائيلي استهدف حي الشجاعية شرق مدينة غزة، فيما قتل فتى وشاب برصاص الجيش الإسرائيلي في واقعتين منفصلتين بالضفة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

إقرار بناء 19 مستوطنة بالضفة واستمرار الخروقات في غزة

إقرار بناء 19 مستوطنة بالضفة واستمرار الخروقات في غزة
TT

إقرار بناء 19 مستوطنة بالضفة واستمرار الخروقات في غزة

إقرار بناء 19 مستوطنة بالضفة واستمرار الخروقات في غزة

وافق مجلس الوزراء الأمني المصغر في إسرائيل، أمس، على إقامة 19 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية المحتلة، في خطوة وصفها وزير المالية اليميني المتطرف، بتسلئيل سموتريتش، بأنها «تاريخية»، وقال إنها تهدف إلى «منع إقامة دولة فلسطينية». وبهذا الإعلان، يرتفع عدد المستوطنات التي تمت الموافقة عليها خلال السنوات الثلاث الأخيرة إلى 69 مستوطنة. تزامن هذا مع استمرار الخروقات الإسرائيلية في قطاع غزة، إذ قُتل ثلاثة فلسطينيين في قصف بحي الشجاعية شرق مدينة غزة، أمس، بينما أصيب آخران بالرصاص، أحدهما بالحي نفسه، والآخر في جباليا البلد بشمال القطاع.وفي الضفة، قُتل فتى وشاب برصاص الجيش الإسرائيلي في واقعتين منفصلتين.

وفيما يتعلق بـ«اتفاق غزة»، خرجت تسريبات إسرائيلية تحمل تلميحات عن نزع سلاح منطقة «الخط الأصفر»، الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية بالقطاع، التي لا توجد فيها «حماس»، وتمهيدها لإعمار جزئي منفرد بعيداً عن المرحلة الثانية من الاتفاق، في خطوة عدَّها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ورقة ضغط على الوسطاء وعلى «حماس» للمضي في نزع سلاحها بالمناطق التي تسيطر عليها.

يأتي هذا بعد أيام قليلة من لقاء عقده رباعي الوساطة في «اتفاق غزة» بمدينة ميامي الأميركية، ودعوا فيه جميع الأطراف إلى الوفاء بالتزاماتها، وضبط النفس، كاشفين عن استمرار المشاورات في الأسابيع المقبلة لدفع تنفيذ المرحلة الثانية.


اتهامات أميركية لـ«حزب الله» بالسعي لإعادة تسليح نفسه

عناصر من «حزب الله» خلال مناورة عسكرية بجنوب لبنان في مايو 2023 (د.ب.أ)
عناصر من «حزب الله» خلال مناورة عسكرية بجنوب لبنان في مايو 2023 (د.ب.أ)
TT

اتهامات أميركية لـ«حزب الله» بالسعي لإعادة تسليح نفسه

عناصر من «حزب الله» خلال مناورة عسكرية بجنوب لبنان في مايو 2023 (د.ب.أ)
عناصر من «حزب الله» خلال مناورة عسكرية بجنوب لبنان في مايو 2023 (د.ب.أ)

غداة إعلان الحكومة اللبنانية عن اقتراب الجيش من تنفيذ خطة حصرية السلاح بالكامل في جنوب نهر الليطاني، اتهم عضو مجلس الشيوخ الأميركي، الجمهوري ليندسي غراهام أمس «حزب الله» بالسعي إلى إعادة تسليح نفسه.

وقال خلال زيارته لإسرائيل: «أرى أن (حزب الله) يحاول صنع مزيد من الأسلحة... وهذا أمر غير مقبول».إلى ذلك، وبعد عامين على نزوحهم جراء الحرب والانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة لاتفاق الهدنة، استقر نحو 90 ألف نازح من القرى الحدودية في جنوب لبنان، في مناطق سكناهم الجديدة ونقلوا أعمالهم إليها.

وتوجد فئة منهم في مدن وقرى جنوبية، والفئة الأخرى نزحت إلى الضاحية الجنوبية ومناطق بيروت، وبينهم من اختار الإقامة في ضواحي جبل لبنان قرب العاصمة.


مسؤول أممي يتوقع عودة مليون لاجئ إلى سوريا في عام 2026

قادمون من لبنان عند معبر «جديدة يابوس» جنوب غربي سوريا في 6 أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)
قادمون من لبنان عند معبر «جديدة يابوس» جنوب غربي سوريا في 6 أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)
TT

مسؤول أممي يتوقع عودة مليون لاجئ إلى سوريا في عام 2026

قادمون من لبنان عند معبر «جديدة يابوس» جنوب غربي سوريا في 6 أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)
قادمون من لبنان عند معبر «جديدة يابوس» جنوب غربي سوريا في 6 أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)

توقّعت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عودة نحو مليون لاجئ سوري إلى بلادهم خلال عام 2026، في ظل التعافي التدريجي الذي تشهده سوريا عقب سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول) 2024.

وقال غونزالو فارغاس يوسا، ممثل المفوضية في سوريا، إن نحو 1.3 مليون لاجئ سوري عادوا بالفعل إلى بلادهم منذ ديسمبر 2024، إضافة إلى نحو مليونَي شخص من النازحين داخلياً الذين عادوا إلى مناطقهم الأصلية.

وأوضح أن ذلك يعني أن أكثر من 3 ملايين سوري عادوا، خلال فترة زمنية قصيرة نسبياً، إلى مناطقهم في بلد أنهكته الحرب على المستويات الاقتصادية والبنيوية والخدمية.

تكدُّس السوريين أمام البوابات الحدودية في تركيا انتظاراً لعودتهم إلى بلادهم (أ.ب)

وقال المسؤول الأممي لوكالة «الأناضول»، إنه كان في سوريا قبل أشهر قليلة من سقوط النظام المخلوع، وشهد عن قرب مرحلة الانتقال السياسي في البلاد. وأشار إلى أن الخوف الذي كان يهيمن على المجتمع السوري «تراجع بسرعة، ليحلّ محله شعور واسع بالأمل».

وأضاف أنه توجّه مع فريقه يوم 9 ديسمبر 2024 إلى الحدود اللبنانية، حيث شاهد آلاف السوريين يعودون تلقائياً إلى بلادهم بعد أكثر من 14 عاماً من اللجوء القسري. ولفت إلى أن الكثير من العائدين السوريين عبّروا عن فرحتهم ببلوغ وطنهم عبر تقبيل الأرض فور وصولهم.

الحاجة للدعم الدولي

وفي ما يخص التوقعات المستقبلية، قال يوسا: «منذ 8 ديسمبر 2024، عاد لاجئون سوريون بشكل أساسي من تركيا ولبنان والأردن، وبنسب أقل من مصر والعراق».

وأضاف: «تشير تقديراتنا إلى أن عام 2026 قد يشهد عودة نحو مليون شخص إضافي، ما يعني أن أكثر من 4 ملايين سوري سيعودون خلال فترة عامين». وأشار إلى أن «هذا الحجم الكبير من العودة يتم في ظروف بالغة الصعوبة، ما يجعل الدعم المالي الدولي مسألة عاجلة وحاسمة لضمان الاستقرار ومنع تفاقم الأزمات الإنسانية».

السوريون في تركيا يواصلون عودتهم إلى بلادهم منذ سقوط نظام الأسد (أ.ب)

دور تركي فاعل

وأشاد يوسا بدور تركيا، موضحاً أنها استضافت أعداداً كبيرة من اللاجئين السوريين لسنوات طويلة، ولعبت في الوقت ذاته «دوراً إيجابياً» في دعم الحكومة السورية الجديدة عقب 8 ديسمبر 2024.

وأشار إلى أن ممثلين عن القطاع الخاص التركي بدأوا بزيارة سوريا لاستكشاف فرص الاستثمار. واعتبر المسؤول الأممي خطوة المستثمرين الأتراك «مؤشراً مهماً» على بدء مرحلة جديدة من التعافي الاقتصادي وإعادة الإعمار.

عودة بعد عزلة

وفي تقييمه للمرحلة الراهنة، اعتبر يوسا أن ما تشهده سوريا هو عملية انتقالية معقّدة ستستغرق وقتاً، في ظل الدمار الواسع الذي خلّفته الحرب على مدى 14 عاماً.

وقال: «بعد حرب طويلة، من الطبيعي أن تكون البلاد مدمرة اقتصادياً وبنيوياً، وهذا التعافي لن يكون فورياً. ومع ذلك، فإن الحكومة والشعب السوري يستحقون إشادة كبيرة لنجاحهم في إعادة ربط البلاد بالعالم خلال فترة قصيرة نسبياً».

وأشار إلى أن سوريا كانت معزولة عن الساحة الدولية لأكثر من 14 عاماً، قبل أن تعود خلال عام واحد فقط إلى إقامة علاقات مع عدد متزايد من الدول، وهو ما اعتبره «تطوراً بالغ الأهمية».

وأكد المسؤول الأممي أن رؤية أعداد كبيرة من السوريين يعودون إلى ديارهم «تمثّل مؤشراً إيجابياً، إلا أن تحسن الأوضاع الاقتصادية بشكل ملموس سيحتاج إلى وقت، ما يستدعي دعماً دولياً منسقاً ومستداماً».

محل صرافة وتحويل أموال في دمشق يوم 18 ديسمبر بعد أن أُلغيت عقوبات «قيصر» الصارمة التي فُرضت على سوريا في عهد الرئيس السابق بشار الأسد (رويترز)

مفتاح التعافي

وسلّط ممثل «المفوضية» الضوء على جملة من العوامل الضرورية لتسريع عملية التعافي في سوريا، وفي مقدمتها الرفع الكامل للعقوبات.

وأعرب عن أمله أن يفتح رفع العقوبات الباب أمام استثمارات واسعة من القطاع الخاص في خطوة ضرورية لمرحلة إعادة الإعمار والتنمية.

وأوضح أن «المفوضية» وشركاءها يقدّمون دعماً مباشراً للعائدين، خاصة في ما يتعلق بإعادة استخراج الوثائق الرسمية.

ولفت إلى أن أكثر من ربع العائدين يفتقرون إلى وثائق أساسية مثل الهويات الشخصية أو سندات الملكية.

مطار دمشق الدولي يستقبل آلاف السوريين منذ سقوط النظام (سانا)

والخميس، وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في حفل بالبيت الأبيض قانون تفويض «الدفاع الوطني» لعام 2026 المتضمن بنداً لإلغاء العقوبات المفروضة على سوريا بموجب «قانون قيصر»، وبذلك تم رفع العقوبات رسمياً عن سوريا.

وفي 11 ديسمبر 2019 أقر الكونغرس الأميركي «قانون قيصر» لمعاقبة أركان نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد على «جرائم حرب» ارتكبها بحق المدنيين.

وجرى توقيع «قانون قيصر» خلال ولاية ترمب الرئاسية الأولى (2017 ـ 2021)، لكن تطورات سوريا أواخر العام الماضي دفعته إلى العمل على إلغائه.

ورحبت «الخارجية السورية» في بيان، الجمعة، بـ«الإزالة النهائية» للعقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا بموجب «قانون قيصر»، وما تضمنه من إجراءات أثرت على مختلف مناحي الحياة المعيشية والاقتصادية.

وأضافت الوزارة أن الخطوة «تطور مهم يسهم في تخفيف الأعباء عن الشعب السوري، ويفتح المجال أمام مرحلة جديدة من التعافي والاستقرار».