مصر: اختفاء «سوار أثري» يثير تساؤلات بشأن ثغرات تأمين المتاحف

«السياحة» تنفي فقد مقتنيات من «اليوناني الروماني» بالإسكندرية

 واجهة المتحف المصري بالتحرير (الصفحة الرسمية للمتحف على فيسبوك)
واجهة المتحف المصري بالتحرير (الصفحة الرسمية للمتحف على فيسبوك)
TT

مصر: اختفاء «سوار أثري» يثير تساؤلات بشأن ثغرات تأمين المتاحف

 واجهة المتحف المصري بالتحرير (الصفحة الرسمية للمتحف على فيسبوك)
واجهة المتحف المصري بالتحرير (الصفحة الرسمية للمتحف على فيسبوك)

أثار اختفاء «سوار أثري» من معمل الترميم بالمتحف المصري في التحرير، تساؤلات بشأن ثغرات تأمين مقتنيات المتاحف، خصوصاً مع تكرار وقائع متفرقة مشابهة، وهو ما أقلق آثاريين مصريين دعوا إلى «مزيد من الإجراءات لحماية الآثار».

وكانت وزارة السياحة والآثار المصرية أعلنت عن اختفاء «سوار أثري» من معمل الترميم بالمتحف المصري في ميدان التحرير، مؤكدة في بيان صحافي، الثلاثاء، أنه «تم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، وإحالة الواقعة للجهات الشرطية المختلفة والنيابة العامة، وإبلاغ الجهات المعنية كافة لاتخاذ الإجراءات اللازمة في هذا الشأن، وذلك فور علمها بالواقعة». وأكدت الوزارة في بيانها أنه «تم تشكيل لجنة متخصصة لحصر ومراجعة المقتنيات الموجودة كافة بمعمل الترميم».

السوار المفقود (وزارة السياحة والآثار)

وعقب الجدل الذي أثارته واقعة اختفاء السوار الذهبي، نفت وزارة السياحة والآثار خبراً جرى تداوله على شبكات التواصل الاجتماعي ومواقع إخبارية يفيد باختفاء 5 قطع أثرية وتَحطم قطعة أخرى من المتحف اليوناني الروماني بالإسكندرية، وأكدت الوزارة في بيان، الأربعاء، أن هذا الأمر عار تماماً من الصحة، وأن جميع القطع الأثرية بالمتحف سواء المعروضة أو المخزنة موجودة بالكامل في أماكن عرضها أو تخزينها، وفي حالة جيدة من الحفظ.

المتحف اليوناني الروماني بالإسكندرية (وزارة السياحة والآثار)

وعلى الرغم من اتباع معايير التأمين المعروفة للحفاظ على القطع الأثرية بالمتاحف المصرية، فإن تكرار وقائع مشابهة أثار قلق آثاريين، الذين طالبوا بمزيد من آليات التأمين، وسد «الثغرات» التي تتضمنها الإجراءات الأمنية.

ويرى الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار في مصر، الدكتور محمد عبد المقصود، أن «تكرار وقائع اختفاء بعض القطع الأثرية يتطلب مزيداً من إجراءات التأمين لسد الثغرات»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «واقعة اختفاء سوار المتحف المصري ما زالت غامضة، وهو أمر سوف تكشفه تحقيقات الجهات المختصة، لكنه يستدعي مراجعة إجراءات تأمين القطع ضمن روتين العمل اليومي»، وبحسب عبد المقصود، فإن «وجود السوار بمعمل الترميم ليس غريباً ولا يتضمن أي مخالفة، فكل قطعة تستعد للمشاركة في أي معرض، يجب أن تدخل إلى معمل الترميم، لكن لا أحد يعرف ماذا حدث، هل خرجت من المتحف أم تم إخفاؤها؟»، مؤكداً أن «تحقيقات النيابة ستحدد ثغرات التأمين التي يجب ترجمتها إلى إجراءات أمنية إضافية».

إقبال على زيارة المتحف المصري بالتحرير (صفحة المتحف على فيسبوك)

وبحسب الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، «شهد متحف التحرير واقعة شهيرة وأكثر غرابة في فترة التسعينات، حيث اختفت مجموعة قطع ذهبية ما بين 20 إلى 30 قطعة في ظروف غامضة، ولم يتم التوصل إلى الفاعل أو حقيقة ما حدث».

وفور اكتشاف واقعة اختفاء السوار الأثري من متحف التحرير وما صاحبها من جدل، بدأت السلطات المصرية ملاحقة القطعة، خشية أن يتم تهريبها خارج البلاد انتظاراً لمعرفة ملابسات الواقعة من خلال تحقيقات الجهات الأمنية والقضائية، وأكدت وزارة السياحة والآثار في بيانها السابق أنه «في ضوء الإجراءات الاحترازية، تم تعميم صورة القطعة المختفية على جميع الوحدات الأثرية بالمطارات المصرية والمنافذ والمواني البرية والبحرية والحدودية على مستوى الجمهورية».

وأكد الخبير الأثري الدكتور أحمد عامر، الذي يعمل مفتشاً أثرياً بوزارة السياحة والآثار، أن إدارته «تلقت نشرة من وزارة السياحة والآثار تتضمن صورة السوار المفقود»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن المنفذ الذي يعمل به «يقوم بمتابعة وتفتيش أي طرود يشتبه في احتوائها على أي قطع أثرية».

وكان قد تعرض المتحف المصري بالتحرير إلى الاقتحام خلال أحداث ثورة يناير (كانون الثاني) 2011، وسرقة بعض مقتنياته، ووفق بيان لوزير الآثار حينها الدكتور زاهي حواس تحت عنوان «أخبار حزينة»، فإنه «تم نهب 18 قطعة أثرية في عملية الاقتحام، منها تمثال مصنوع من الخشب المذهب للملك توت عنخ آمون تحمله إحدى الآلهة على رأسها، وأجزاء من تمثال آخر للملك توت وهو يصطاد السمك برمح».

وشهدت مصر وقائع متفرقة لاختفاء بعض القطع الأثرية، بينها محاكمة عدد من الموظفين بالمتحف المصري الكبير العام الماضي عقب اكتشاف سرقة تمثال لأوزيريس «البرونزي» يعود إلى العصر الفرعوني المتأخر، من مخازن المتحف، ووفق التحقيقات حينها، قام المتهمون بمحو بيانات وجود التمثال من الأوراق الرسمية. وفي واقعة أخرى تعرّضت لوحة «زهرة الخشخاش» الشهيرة للسرقة من مكان عرضها بمتحف «محمود خليل» بالقاهرة، في أغسطس (آب) 2010.

ويرى عامر أنه «توجد ثغرات في إجراءات تأمين القطع الأثرية بالمتاحف المصرية، منها أن معظم معامل الترميم لا توجد بها كاميرات؛ لأنها من ضمن الأنظمة الأمنية المستحدثة، وهذا يجب تداركه بتركيب كاميرات بخاصية الرؤية الليلية، كما يجب تركيب كاميرات بالمخازن كافة، وكذلك تشديد الإجراءات الأمنية خلال أي عمليات تطوير أو تغيير لسيناريو العرض المتحفي»، وبحسب عامر، من ضمن الثغرات أيضاً «عدم انتظام عمليات الجرد لمعامل الترميم، فهي تتم الآن بنظام التسلم والاستلام، ويجب أن يتم الجرد كل فترة لا تزيد على 15 يوماً».


مقالات ذات صلة

مصر: متحف التحرير يعرض التابوت «الاستثنائي» بعد استعادته من أميركا

يوميات الشرق التابوت الأخضر من القطع الأثرية النادرة (المتحف المصري بالتحرير)

مصر: متحف التحرير يعرض التابوت «الاستثنائي» بعد استعادته من أميركا

أبرز المتحف المصري في التحرير (وسط القاهرة) التابوت الأخضر «الاستثنائي» الذي يعود إلى الكاهن «عنخ إن ماعت» لمصر، مؤكداً على القيمة الكبيرة لهذا التابوت.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق الاحتفاء بالخط العربي في المتحف القومي للحضارة المصرية (المتحف القومي للحضارة المصرية)

معرض تراثي في متحف الحضارة المصرية يحتفي بفنون الخط العربي

ضمن فعاليات متنوعة احتفاء باليوم العالمي للغة العربية، استضاف المتحف القومي للحضارة المصرية معرضاً تراثياً لفنون الخط العربي، وتضمنت الفعاليات معرضاً فنياً.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق صحن مسجد محمد علي   (وزارة السياحة والآثار)

مصر: مخاوف متجددة من «فوضى» حفلات الزفاف بالمساجد التاريخية

تجددت الانتقادات والجدل في أوساط الآثاريين والمهتمين بالسياحة بمصر حول استخدام المواقع الآثارية في استضافة الفعاليات والاحتفالات الجماهيرية الصاخبة.

حمدي عابدين (القاهرة )
يوميات الشرق جدارية من عصر الملك تحتمس الثاني (المتحف المصري الكبير)

«مقبرة الملك تحتمس الثاني» بالأقصر ضمن أهم 10 اكتشافات أثرية لعام 2025

جاءت مقبرة الملك تحتمس الثاني ضمن قائمة أهم 10 اكتشافات أثرية على مستوى العالم لعام 2025، وفقاً لما أعلنته مجلة الآثار الأميركية «Archaeology».

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق المعارض الأثرية المؤقتة بالخارج جذبت ملايين الزوار (وزارة السياحة والآثار)

العاصمة البريطانية تتأهب لاستقبال «رمسيس وذهب الفراعنة»

بدأت الاستعدادات في قاعة «Neon Battersea Power Station» بلندن، لاستقبال المعرض الأثري المصري المؤقت «رمسيس وذهب الفراعنة» المقرر افتتاحه في 28 فبراير المقبل.

محمد الكفراوي (القاهرة )

حكم قضائي يعاقب مها الصغير بالحبس لـ«انتهاك حقوق الملكية الفكرية»

الإعلامية مها الصغير (حسابها على موقع فيسبوك)
الإعلامية مها الصغير (حسابها على موقع فيسبوك)
TT

حكم قضائي يعاقب مها الصغير بالحبس لـ«انتهاك حقوق الملكية الفكرية»

الإعلامية مها الصغير (حسابها على موقع فيسبوك)
الإعلامية مها الصغير (حسابها على موقع فيسبوك)

أصدرت محكمة القاهرة الاقتصادية، السبت، حكمها على الإعلامية المصرية مها الصغير بالحبس لمدة شهر وغرامة مالية قدرها 10 آلاف جنيه (الدولار يساوي نحو 47 جنيهاً مصرياً)، بعد اتهامها بانتهاك حقوق الملكية الفكرية في قضية «اللوحات» الفنية الشهيرة، التي ثبت ملكيتها لعدد من الفنانين العالميين، وأثيرت في مصر قبل عدة أشهر، الأمر الذي أثار انتقادات واسعة حينها.

وأثيرت الواقعة بعدما ظهرت المذيعة مها الصغير في برنامج «معكم منى الشاذلي»؛ إذ أفادت بأنها رسمت اللوحات التي عرضت خلال الحلقة، بينما تبين لاحقاً أنها ليست ملكها، وهو ما اعترفت به على حسابها على «فيسبوك»، مؤكدة أن اللوحات تعود ملكيتها لفنانة دنماركية.

وحذف برنامج «معكم منى الشاذلي»، حديث الصغير من حساباته الرسمية على «السوشيال ميديا»، بينما استدعى المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام مسؤولي القناة لمعرفة تفاصيل الواقعة.

وبدورها، نشرت الفنانة التشكيلية الدنماركية ليزا اللوحة على حسابها على موقع «إنستغرام»، وأوضحت تفاصيل ادعاء مها الصغير بملكية اللوحة، بينما علقت الإعلامية منى الشاذلي على الحلقة، وأكدت تواصل فريق عمل برنامجها مع الرسامين أصحاب اللوحات، وتوجيه الدعوة لهم ليكونوا ضيوفاً على إحدى الحلقات، في خطوة اعتبرها البعض تداركاً للخطأ الذي وقعوا فيه لعدم تحري الدقة.

وكان المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، قد تلقى شكاوى من مؤسسات فنية أوروبية خلال شهر يوليو (تموز) الماضي، أفادت باستخدام مها الصغير أعمالاً تخص عدداً من الفنانين دون الحصول على إذن منهم، حيث عرض البرنامج لوحات محمية بحقوق «الملكية الفكرية»، دون الرجوع إلى أصحابها أو الجهات المالكة لها، وهو ما اعتبرته النيابة تعدياً.

وأصدر المجلس حينها قراراً بمنع مها الصغير من الظهور إعلامياً لمدة 6 أشهر، لمخالفة المعايير والأكواد الصادرة عنه، إلى جانب إحالة الشكاوى إلى النيابة العامة للتحقيق، والتي قررت إحالة الصغير إلى المحاكمة، كما قام المجلس بلفت نظر فريق عمل برنامج «معكم منى الشاذلي»؛ لعدم تحرِي الدقة.

من جانبه، أكد المحامي المصري، صبرة القاسمي، أن الحكم يمكن الاستئناف عليه وتخفيفه، موضحاً أن «هناك 3 سيناريوهات متوقعة أمام محكمة الجنح المستأنفة، إما الاستئناف ووقف التنفيذ، وإما تخفيف الحكم، وإما إلغاؤه، و​قد تقرر المحكمة الاكتفاء بالعقوبة المالية (الغرامة) وإلغاء عقوبة الحبس تماماً، خصوصاً إذا قدم الدفاع ما يثبت عدم القصد الجنائي، أو إذا تم الصلح أو التسوية مع أصحاب الحقوق الأصليين، على الرغم من أن الحق الأدبي يظل قائماً»، وفق قوله.

​وأشار القاسمي في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه «في حالات الملكية الفكرية، غالباً ما تميل المحاكم للتخفيف إذا ثبت أن الغرض لم يكن بهدف التربح التجاري».

الإعلامية مها الصغير هي ابنة مصفف الشعر محمد الصغير، وعملت بالتقديم التلفزيوني منذ سنوات عبر برنامج «الستات ميعرفوش يكذبوا»، وقبل ذلك عملت في برنامج «It’s Show time»، وكان من المفترض أن تقدم أحد البرامج الحوارية أخيراً، لكن القناة التي أعلنت عنه أوقفته عقب إثارة أزمة اللوحات.


مصر: انتقادات تدفع مسؤولين للتراجع عن منع جلوس السيدات بجوار سائقي «الميكروباص»

قرار منع السيدات من الجلوس بجوار السائقين تم إلغاؤه (صفحة إدارة المواقف العامة بمحافظة البحيرة)
قرار منع السيدات من الجلوس بجوار السائقين تم إلغاؤه (صفحة إدارة المواقف العامة بمحافظة البحيرة)
TT

مصر: انتقادات تدفع مسؤولين للتراجع عن منع جلوس السيدات بجوار سائقي «الميكروباص»

قرار منع السيدات من الجلوس بجوار السائقين تم إلغاؤه (صفحة إدارة المواقف العامة بمحافظة البحيرة)
قرار منع السيدات من الجلوس بجوار السائقين تم إلغاؤه (صفحة إدارة المواقف العامة بمحافظة البحيرة)

تسبب القرار الذي صدر بمنع السيدات من الجلوس بجوار سائقي الأجرة بمحافظة البحيرة (شمال مصر) في انتقادات، ما استدعى محافظة البحيرة للتدخل وإلغاء القرار والتأكيد على احترام وتقدير المرأة وتعظيم دورها في المجتمع.

وكان القرار الذي نشرته صفحة بعنوان «مشروع مجمع مواقف البحيرة» بتخصيص الكرسي المجاور للسائق للرجال قد أثار جدلاً وانتقادات وشكاوى، وصلت إلى ديوان محافظة البحيرة، وأصدرت المحافظة بياناً، السبت، يلغي هذا القرار، مؤكدة أنها تكنّ كل التقدير والاحترام لجميع المواطنين على حد سواء، «خصوصاً المرأة البحراوية التي نسعى للحفاظ على كل حقوقها وتعزيز تلك الحقوق، وتعظيم دورها في المجتمع»، وفق ما ورد بالبيان.

مع التأكيد أنه تم إلغاء ما صدر في هذا الشأن، وأن الهدف الأساسي الذي نسعى إليه هو تحقيق بيئة آمنة ومناسبة للجميع مع التركيز والتأكيد على حقوق كل أفراد المجتمع، وتحقيق الصالح العام. وأشار البيان إلى أن «ما تم تداوله على صفحة مشروع مجمع المواقف عقب ورود عدد من الشكاوى، لا يعكس السمة الأساسية للغالبية العظمي من سائقي البحيرة من الشهامة والكفاءة».

وحقوقياً، أبدت مبادرة المحاميات المصريات لحقوق المرأة، وهي مؤسسة نسوية معنية بالدفاع عن حقوق النساء والفتيات وتعزيز مبادئ المساواة وعدم التمييز، عن بالغ قلقها إزاء ما تم تداوله بشأن صدور توجيهات إدارية بمنع السيدات والفتيات من الجلوس بجوار سائقي الميكروباصات ووسائل النقل الجماعي بمحافظة البحيرة، حتى وإن جرى التراجع عنها لاحقاً.

وتؤكد المؤسسة، في بيان، السبت، أن «مثل هذه القرارات، سواء طُبّقت أو لم تُطبّق، تمثل انتهاكاً صريحاً لأحكام الدستور المصري، وتعكس منطقاً تمييزياً خطيراً في إدارة المرافق والخدمات العامة».

وعدّت رئيسة مؤسسة «مبادرة المحاميات المصريات لحقوق المرأة»، هبة عادل، «التذرع بمفهوم الآداب العامة لتبرير مثل هذه القرارات يمثل توسعاً خطيراً في تقييد الحقوق»، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «رغم أن التراجع السريع عن القرار يُعد خطوة صحيحة، فإنه يكشف عن خلل في آليات اتخاذ القرار وغياب المراجعة الدستورية المسبقة، وهو ما يستدعي إصلاحاً مؤسسياً وتشريعياً حقيقياً».

وأكدت ضرورة «إقرار القانون الموحد لمناهضة العنف ضد النساء والفتيات، بوصفه الإطار التشريعي القادر على منع مثل هذه الانتهاكات»، على حد تعبيرها.

وشهدت وسائل التواصل الاجتماعي تعليقات متنوعة على هذا القرار، رغم التراجع عنه، وهو ما عدّه المتخصص في علم النفس الدكتور جمال فرويز، قراراً تم اتخاذه نتيجة موقف فردي من سائق تجاه سيدة بجواره، ومثل العادة تم التعميم، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «لقد تم التراجع عن القرار مثل الكثير من القرارات الانفعالية التي تصدر من دون دراسة علمية».

وتوالت التعليقات التي أخذت القرار على محمل قد يتسبب في «وصم غير مفهوم لسيدات وسائقين»، وفق الخبير السوشيالي، معتز نادي، الذي رصد انتشار هذا القرار بشكل واسع، وأرجع ذلك لـ«كونه تصرفاً مثيراً للجدل ويفتح باباً للسخرية والتندر، ويثير علامة تعجب حول اتخاذه والتراجع عنه بسرعة»، وفق تصريحاته لـ«الشرق الأوسط».


هل يصلح النرجسيون للعمل معاً؟

عادة ما تكون العلاقة بين الأشخاص النرجسيين آسرة ومضرة (رويترز)
عادة ما تكون العلاقة بين الأشخاص النرجسيين آسرة ومضرة (رويترز)
TT

هل يصلح النرجسيون للعمل معاً؟

عادة ما تكون العلاقة بين الأشخاص النرجسيين آسرة ومضرة (رويترز)
عادة ما تكون العلاقة بين الأشخاص النرجسيين آسرة ومضرة (رويترز)

يُنظر إلى النرجسية عادةً على أنها صفة فردية. فالنرجسيون، المقتنعون بقدراتهم ومواهبهم، يبدو أنهم مصممون على شق طريقهم بأنفسهم نحو القمة. وعندما يلتقي نرجسيان، قد نتوقع أن يكره كل منهما الآخر بدلاً من السعي إلى التآلف والانسجام معاً. ومع ذلك، تستند نتائج دراسة جديدة إلى كتابات عالم النفس والفيلسوف الألماني الأميركي، إريك فروم، لتُظهر كيف يمكن أن يألف النرجسيون العمل معاً في جماعات.

تأتي الدراسة الجديدة بالتزامن مع الاحتفال بالذكرى 125 لميلاد فروم، الذى يُعد من أبرز مفكري القرن العشرين الذين مزجوا بين التحليل النفسي وعلم الاجتماع والفلسفة.

والنرجسية هي سمة شخصية يعاني أصحابها من التركيز المفرط على الذات، وعادة ما يكون ذلك على حساب الآخرين. ويتصف النرجسيون بالأنانية، وبالتوق إلى الإعجاب بأنفسهم، وغالباً ما يُظهرون نقصاً في التعاطف والتواصل مع الآخرين. وبدلاً من ذلك، ينظرون إلى العلاقات على أنها فرص لتعزيز سيطرتهم عليهم.

كتبت الدكتورة سوزان كراوس ويتبرن، الأستاذة الفخرية في العلوم النفسية والدماغية في جامعة ماساتشوستس أمهيرست بالولايات المتحدة، في تعليق لها على نتائج الدراسة، المنشورة الجمعة، على موقع «سيكولوجي توداي»، كان فروم قد تناول في ستينات القرن العشرين ظاهرة أطلق عليها اسم «النرجسية الجماعية»، وربطها بمصطلح نفسي ظهر في منتصف القرن العشرين يُعرف باسم «الشخصية السلطوية». إذ يعارض الأشخاص الذين يتمتعون بهذه الصفات أي مفاهيم للحرية، ويسعون جاهدين لقمع أي تعبير عن الاستقلالية لدى الآخرين.

يُعيد الباحث فولفغانغ فريندته، من جامعة فريدريش شيلر في ألمانيا، إحياء هذا المصطلح ليُطبّق على ما يعتقده الكثيرون بأنه عودةٌ حاليةٌ للسياسات الاستبدادية، مشيراً إلى أن «الأشخاص ذوي التوجه القوي نحو الهيمنة يُقيّمون الآخرين بناءً على انتمائهم الجماعي، ويعتقدون أن مجموعتهم أفضل أو أكثر قيمةً من مجموعات الآخرين». ومن ثم، ينتقل الارتباط من الاستبداد إلى النرجسية الجماعية عبر مسار توجه الهيمنة الاجتماعية.

ويؤكد فريندته على أن النرجسية الجماعية تندرج ضمن هذا التفسير، إذ إن الرغبة في استمرار وجود المجموعة تضمن بقاء أفرادها. وكما هي الحال في النرجسية الفردية السامة، ينتج عن هذا الشكل من النرجسية الجماعية رغبة في سحق من ليسوا ضمن المجموعة، مما يؤدي إلى التمركز العرقي والقومية المتطرفة.

ووفق الدراسة، تسعى هذه الجماعات إلى قادة يميلون هم أنفسهم إلى النرجسية السامة، ساعين إلى تعزيز شعور المجموعة بالتفوق وقمع الغرباء. فمن خلال التماهي مع جماعتهم، لم يعودوا يشعرون بالوحدة، ولا يضطرون لمواجهة أسئلة مُقلقة حول معنى الحياة.

ويعتمد فريندته على نتائج دراسات سابقة كشفت أيضاً أن مشجعي الفرق الرياضية المتنافسة عادة ما يقعون ضحية لهذا التحيز بسهولة. تخيل حجم العداء الذي قد ينشأ بين أشخاص كان من الممكن أن يكونوا أصدقاء لولا كراهيتهم لفريق كل منهم المفضل.

ويؤكد على أن الخروج من هذه المعضلة يتطلب فهم مفهوم «الحرية الإيجابية»، وهو مصطلح آخر مستوحى من فروم. فالحرية الإيجابية تُمكّنك من رؤية نفسك ككائن مستقل، حتى وإن كنت تُعرّف نفسك من خلال انتمائك إلى جماعة.