أعلنت «قوات الدعم السريع»، الأربعاء، أنها قتلت العشرات من جنود الجيش السوداني والقوات المساندة له، في هجوم مباغت شنته على بلدة رهيد النوبة، التي تبعد نحو 20 كيلومتراً جنوب مدينة أم درمان، ثانية كبرى مدن العاصمة الخرطوم.
وتداولت حسابات تابعة لــ«الدعم السريع»، عبر منصات التواصل الاجتماعي، تسجيلات مصورة، تظهر تناثر عشرات الجثث لأفراد الجيش، داخل الأبنية السكنية في المنطقة.

وظهر جنود من «قوات الدعم» في الفيديوهات، مؤكدين إحكام سيطرتهم على البلدة، ومعلنين نيتهم التقدم نحو مدينة أم درمان.
وتقع رهيد النوبة التي تبادل الطرفان السيطرة عليها منذ أشهر، في طريق الصادرات الاستراتيجي الذي يربط مدينة بارا، التي استعادها الجيش أخيراً، ومدينة أم درمان، وهو المخطط المعلن من «الدعم السريع» للعودة مجدداً «لاستعادة كل مدن العاصمة» الخرطوم.
وفي حين لم يصدر بيان رسمي من الجيش حول هذه التطورات الميدانية، يمثل الهجوم، في رأي مراقبين، ضربة لخطوط الدفاعات المتقدمة له في تأمين منطقة عازلة لمنع أي توغل إلى عمق الخرطوم.
وفي المقابل، واصلت قوات الجيش و«القوة المشتركة» الحليفة لها، تقدمها في ولاية شمال كردفان، وعززت مواقعها بالآليات والجنود، واقتربت من فرض حصار خانق على مدينة جبرة الشيخ، شمال كردفان.
وأفادت مصادر بأن الجيش اشتبك في الطريق إلى المنطقة مع قوة من «الدعم السريع»، وقتل منها العشرات، واستولى على سيارات قتالية بكامل عتادها العسكري.

ويخوض الطرفان معارك كر وفر عنيفة في مناطق خلوية مكشوفة بالإقليم، تعتمد على الهجوم المفاجئ، واستخدام كثيف للقوة النارية والالتفافات، لإحداث أكبر خسائر في الطرف الآخر.
وتعرض الجيش لخسائر كبيرة في صفوفه إبان المعارك التي دارت في مناطق عدة بالإقليم، منتصف مايو (أيار) الماضي، أجبرته على الانسحاب وإعادة التموضع في القاعدة العسكرية الرئيسية في مدينة الأُبيّض، عاصمة شمال كردفان.
وتأتي هذه المعارك، بعد إعلان الجيش إطلاق عملية عسكرية واسعة لاستعادة المدن التي سيطرت عليها «قوات الدعم السريع» في كردفان، ثم التوجه بعدها نحو إقليم دارفور المجاور، وتشير الاستعدادات إلى أنه يتأهب لمعارك طويلة، يسعى من خلالها إلى التوغل، وفرض سيطرته على كامل أراضي البلاد.
وتسيطر «قوات الدعم السريع» حالياً على 5 محليات في ولاية شمال كردفان، في حين يسيطر الجيش على ثلاث، وتدور المعارك حالياً في شمال الإقليم وغربه.

من جهة ثانية، قال الجيش إنه صد هجمات متتالية لــ«قوات الدعم السريع» خلال الساعات الـ24 الماضية على محاور مختلفة في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور.
وأضاف، في بيان، أن «الفرقة السادسة مشاة في الفاشر تمكنت من صد الهجوم، وكبّدنا ميليشيا العدو خسائر كبيرة في العتاد والأرواح، واستعدنا السيطرة على المحاور كافة».
وأفادت مصادر محلية «الشرق الأوسط» بأن الهدوء عاد إلى المدينة بعد اشتباكات عنيفة وقعت الثلاثاء بين الجيش و«الدعم السريع» التي حاولت تنفيذ هجوم واسع من محاور عدة للتوغل أكثر إلى داخلها.
وتحاول «قوات الدعم السريع» الاستيلاء على المدينة، والقاعدة العسكرية التابعة للجيش، وهي آخر معاقل الجيش في كل ولايات دارفور، بينما ذكرت مصادر عسكرية، أن القوات المدافعة عن المدينة صدت الهجوم، وألحقت خسائر كبيرة بالقوة المهاجمة.
وتشدد «الدعم السريع» الحصار على المدينة منذ مايو 2024، وأغلقت كل الطرق والمسارات، وتمنع وصول المساعدات الإنسانية، ما أدى إلى موت مئات المدنيين من الجوع ونقص الدواء.
وحال سيطرت «قوات الدعم السريع» على إقليم كردفان، فستكون قد استولت على منطقة جغرافية كبيرة جداً من البلاد، تضم إقليمي دارفور وكردفان، بما يتيح لها فرصة التقدم تجاه العاصمة الخرطوم، واستعادة المناطق التي كانت تسيطر عليها منذ بداية الحرب في منتصف أبريل (نيسان) 2023.


