توقيف مالك باخرة «النترات» يفعّل تحقيقات انفجار مرفأ بيروت

القضاء اللبناني يستعجل استرداه والبيطار يتحضّر لاستجوابه

جانب من الدمار بموقع الانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت 4 أغسطس 2020 (رويترز)
جانب من الدمار بموقع الانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت 4 أغسطس 2020 (رويترز)
TT

توقيف مالك باخرة «النترات» يفعّل تحقيقات انفجار مرفأ بيروت

جانب من الدمار بموقع الانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت 4 أغسطس 2020 (رويترز)
جانب من الدمار بموقع الانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت 4 أغسطس 2020 (رويترز)

شهد ملفّ انفجار مرفأ بيروت تطوراً قضائياً بالغ الأهمية، تمثل بإعلان السلطات البلغارية توقيف المواطن الروسي إيغور غريتشوشكن، مالك الباخرة «روسوس» التي نقلت شحنة نترات الأمونيوم من جورجيا إلى مرفأ بيروت، قبل أن تنفجر في 4 أغسطس (آب) 2020، وتتسبّب بتدمير نصف العاصمة اللبنانية، وقتل 230 شخصاً وإصابة آلاف آخرين.

ووفق مصادر قضائية بلغارية، أُوقف غريتشوشكن لدى وصوله إلى مطار صوفيا آتياً من مدينة بافوس القبرصية، وذلك بناءً على نشرة حمراء صادرة عن الإنتربول الدولي بطلب من القضاء اللبناني، الذي كان قد أصدر مذكرة توقيف غيابية بحقه في 29 سبتمبر (أيلول) 2020.

ملف الاسترداد

وعلى ضوء هذا التوقيف، شرعت النيابة العامة التمييزية اللبنانية برئاسة القاضي جمال الحجار، في إعداد ملف استرداده من السلطات البلغارية. وأفاد مصدر قضائي لبناني لـ«الشرق الأوسط»، بأن القضاء «تبلّغ رسمياً يوم الاثنين بتوقيف غريتشوشكن في صوفيا، وأن النائب العام التمييزي يولي هذه المسألة أهمية قصوى، وسارع إلى الطلب من المحقق العدلي القاضي طارق البيطار تزويده بكامل المستندات والمعلومات التي استند إليها التحقيق لملاحقة هذا الشخص؛ تمهيداً لإرسال طلب رسمي عبر وزارة الخارجية اللبنانية إلى الحكومة البلغارية».

معطيات جوهرية

ورغم عدم وجود اتفاقية تعاون قضائي بين لبنان وبلغاريا، يعوّل القضاء اللبناني على تجاوب صوفيا مع الطلب، أو على الأقل إتاحة المجال لاستجواب غريتشوشكن على أراضيها. ووفق المصدر القضائي، فإن «إمكانية انتقال القاضي البيطار إلى بلغاريا مطروحة، في حال رفضت الأخيرة تسليم الموقوف».

وقال إن استجواب غريتشوشكن «قد يكشف عن معطيات جوهرية حول الجهة الحقيقية التي كانت ستستلم شحنة نترات الأمونيوم»، مشيراً إلى أن «إحدى أبرز النقاط التي سيركز عليها البيطار هي التحقق مما إذا كانت شحنة النترات متجهة من جورجيا إلى موزمبيق كما جاء في الوثائق الرسمية، أم أن بيروت كانت وجهتها المقصودة منذ البداية؟».

موقع الانفجار الذي وقع 4 أغسطس 2020 في مرفأ بيروت (رويترز)

ويرجّح أن يكون غريتشوشكن على دراية بهوية الأشخاص الذين اشتروا الشحنة لصالح شركة «سفارو ليمتد» البريطانية، وفق تقدير المصدر القضائي اللبناني، والتثبّت من «علاقته برجلي الأعمال السوريين مدلل وعماد الخوري، المعروفين بصلاتهم الوثيقة بالنظام السوري، واللذين يُعتقد أنهما سدّدا ثمن الشحنة».

وكانت السلطات الروسية رفضت طلباً تقدّم به المحقق العدلي السابق القاضي فادي صواّن خلال شهر سبتمبر 2020، وطلب فيه من روسيا مساعدته على استجواب غريتشوشكن والأخوين خوري وقبطان الباخرة الذين يحملون جميعهم الجنسية الروسية، إلّا أن السلطات الروسية أعلنت رفضها التعاون مع لبنان بهذا الصدد.

طلب الاسترداد الذي سيرسله القضاء اللبناني إلى بلغاريا عبر وزارة الخارجية، لا يعني أن صوفيا قد تستجيب لهذا الطلب، في غياب اتفاقية تعاون قضائي بينها وبين لبنان، لكنّ المصدر القضائي شدد على أن لبنان «سيقوم بواجبه بهذه المسألة، ويترك الأمر لتقدير السلطات البلغارية». وعن إمكانية انتقال القاضي البيطار إلى بلغاريا لاستجواب غريشوشكن في حال رفضت تسليمه، لفت المصدر القضائي إلى أن الأمر «يتوقّف على ردّ بلغاريا وما إذا قبلت التعاون مع لبنان».

النشرة الحمراء

إلى ذلك، نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مصدر قضائي قوله أن غريتشوشكن «أوقف لدى وصوله من مدينة بافوس القبرصية، تنفيذا لنشرة حمراء صادرة عن الإنتربول». وأعلنت النيابة العامة البلغارية في بيان، الثلاثاء، أن «الإنتربول أصدر النشرة الحمراء بناءً على طلب السلطات القضائية اللبنانية، استناداً إلى مذكرة توقيف صادرة في 29 سبتمبر 2020»، وأوضحت النيابة العامة أن غريتشوشكن «مطلوب بتهمة إدخال متفجرات إلى لبنان، في عمل إرهابي أدى إلى وفاة عدد كبير من الأشخاص».

بدورها، أفادت شرطة الحدود البلغارية، بأنها أوقفت غريتشوشكن «أثناء إجراءات روتينية بحق المسافرين الواصلين من بافوس». وقال قائد شرطة الحدود في مطار صوفيا زدرافكو سامويلوف للصحافيين، الثلاثاء، إن الموقوف «لم يبدِ أي مقاومة، لكنّه أصرّ طويلاً على التحدث إلى محامٍ، وبعد استشارة أحدهم، تعاون بشكل كامل»، مشيراً إلى أن الموقوف «أبلغ عناصر شرطة الحدود بأنه يزور صوفيا للسياحة».


مقالات ذات صلة

البرلمان اللبناني يقرّ قرض إعادة الإعمار بمقاطعة «القوات» و«الكتائب» ومستقلين

المشرق العربي النواب اللبنانيون يقفون دقيقة صمت في مستهل الجلسة التشريعية بالبرلمان (الوكالة الوطنية)

البرلمان اللبناني يقرّ قرض إعادة الإعمار بمقاطعة «القوات» و«الكتائب» ومستقلين

لم تحل مقاطعة حزبي «القوات اللبنانية» و«الكتائب اللبنانية» ونواب مستقلين وتغييريين للجلسة التشريعية دون اكتمال نصاب الجلسة بعد انفراط عقدها لمرتين متتاليتين.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي غارات إسرائيلية تواكب جهود دعم الجيش اللبناني وعشية اجتماع «الميكانيزم»

غارات إسرائيلية تواكب جهود دعم الجيش اللبناني وعشية اجتماع «الميكانيزم»

صعّدت إسرائيل، الخميس، عملياتها العسكرية في الجنوب والبقاع عبر سلسلة غارات جوية وتحليق كثيف للطيران المسيّر في الأجواء اللبنانية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
أوروبا جنديان من الجيش اللبناني (رويترز - أرشيفية)

فرنسا: اتفاق على عقد مؤتمر في فبراير لدعم الجيش اللبناني

قال متحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية إن الأطراف السياسية التي اجتمعت في باريس، اليوم (الخميس)، اتفقت جميعها على عقد مؤتمر في فبراير (شباط).

«الشرق الأوسط» (باريس)
المشرق العربي لبنانية ترفع إصبعها بعد اقتراعها بالانتخابات المحلية في بيروت 2025 (إ.ب.أ)

مصير الانتخابات النيابية اللبنانية معلّق على لائحة الانتظار الدولي

يترقب اللبنانيون بفارغ الصبر ما سيؤول إليه اللقاء بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي خلال معاينة دبلوماسيين نفقاً لـ«حزب الله» حيّده الجيش اللبناني في منطقة جنوب الليطاني (مديرية التوجيه)

الجيش اللبناني يعثر على نفق لـ«حزب الله» في الجنوب

عثر الجيش اللبناني على أحد الأنفاق التي بناها «حزب الله»، في بلدة تولين بجنوب لبنان، إثر كشف قام به بناء على طلب لجنة «الميكانيزم».

«الشرق الأوسط» (بيروت)

اجتماع باريس: تفهم لوضع لبنان وتحديد موعد لمؤتمر دعم الجيش

قافلة من الآليات العسكرية اللبنانية قرب الحدود مع إسرائيل في بلدة علما الشعب بجنوب لبنان (أرشيفية - أ.ب)
قافلة من الآليات العسكرية اللبنانية قرب الحدود مع إسرائيل في بلدة علما الشعب بجنوب لبنان (أرشيفية - أ.ب)
TT

اجتماع باريس: تفهم لوضع لبنان وتحديد موعد لمؤتمر دعم الجيش

قافلة من الآليات العسكرية اللبنانية قرب الحدود مع إسرائيل في بلدة علما الشعب بجنوب لبنان (أرشيفية - أ.ب)
قافلة من الآليات العسكرية اللبنانية قرب الحدود مع إسرائيل في بلدة علما الشعب بجنوب لبنان (أرشيفية - أ.ب)

النتيجة الأولى والرئيسية للاجتماع الذي حصل في قصر الإليزيه بحضور قائد الجيش اللبناني العماد رودولف هيكل، الذي قام بأول زيارة رسمية له لفرنسا، في إطار مساعي دعم الجيش المهمة الموكلة إليه بحصر السلاح بيد الدولة، وتنفيذ مضمون القرار «1701»، تمثلت في اتفاق فرنسا والولايات المتحدة الأميركية والمملكة السعودية على عقد المؤتمر الرئيسي الدولي الموعود لمساندة القوات المسلحة اللبنانية في شهر فبراير (شباط) من العام المقبل.

بيد أن البيان الذي وزعه قصر الإليزيه، عقب انتهاء الاجتماع لم يأت على ذكر العاصمة التي ستستضيف المؤتمر الذي تأخر انعقاده، فيما يدور الحديث حوله منذ التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي. كذلك فإن الناطق باسم الخارجية، لم يوفر أية معلومات إضافية عندما سئل عن هذا الملف في مؤتمره الصحافي الأسبوعي.

جنود من الجيش اللبناني أمام مبنى استُهدف بغارة جوية إسرائيلية في قرية دير كيفا جنوب لبنان الشهر الماضي (أ.ف.ب)

وثمة مستجد رئيسي يعكس جدية الاتفاق على المؤتمر الدولي والسعي، أخيراً، لالتئامه، أن بيان الإليزيه أشار إلى أن ممثلي الدول الثلاث المعنية اتفقوا، في إطار سعيهم إلى توفير الدعم للبنان لجهوده الرامية إلى تنفيذ وقف الأعمال العدائية الصادر في 26 نوفمبر 2024 وخطة «درع الوطن»، على إنشاء فريق عمل ثلاثي للتحضير للمؤتمر الدولي لدعم القوات المسلحة اللبنانية وقوى الأمن الداخلي، المقرر عقده في فبراير من عام 2026.

ما كان لهذا القرار أن يصدر من غير التقييم الإيجابي لما يقوم به الجيش اللبناني حتى اليوم في عملية حصر السلاح في منطقة جنوب الليطاني برغم بروز الحاجة إلى تطوير أدائه. فالأطراف الثلاثة التي استمعت للعماد هيكل شارحاً ما قام به الجيش اللبناني في إطار تنفيذ خطة «درع الوطن» أثنت على إنجازاته. وجاء في البيان المشار إليه سابقاً، أن الموفدين الخاصين للأطراف الثلاثة «أعربوا عن دعمهم للقوات المسلحة اللبنانية وللتضحيات التي تقدمها».

وفي السياق عينه، قال باسكال كونفافرو، إن الأطراف الثلاثة «عبّرت وبشكل جماعي عن تقييم إيجابي بخصوص انخراط القوات المسلحة اللبنانية» في تنفيذ المهمات الموكلة إليها.

قائد الجيش اللبناني العماد رودولف هيكل (مديرية التوجيه)

وأفاد مصدر مواكب، بأن هذا التقييم يعد عاملاً مهماً في دعم السلطات اللبنانية التي تواجه انتقادات إسرائيلية يومية تتهم الجيش بعدم تنفيذ مضمون القرار المنوط به، والخطة التي عرضها والمشكلة من خمس مراحل، حيث يتم تناول نزع سلاح «حزب الله» في منطقة جنوب الليطاني.

وفي هذا الخصوص، قالت الخارجية الفرنسية، إن الأطراف المعنية (في إشارة إلى اللجنة الخماسية التي تشرف على احترام وتنفيذ آلية وقف إطلاق النار، المسماة الميكانيزم)، تعود إليها صلاحية تمديد المرحلة الأولى لما بعد نهاية العام الحالي.

رغم الثناء المشار إليه، فإن تحسين آلية عمل اللجنة، كان جزءاً من المناقشات التي حصلت قبل ظهر الخميس في القصر الرئاسي. وتجدر الإشارة إلى أن فرنسا التي تستشعر الأخطار التي تحيط بلبنان، والتهديدات الإسرائيلية المتواترة بالعودة إلى الحرب المتوقفة نظرياً منذ ما يزيد على العام بسبب ما تعده تل أبيب مساعي لـ«حزب الله» لإعادة تسلحه، وترميم بناه التحتية العسكرية، تريد أن يوثق الجيش اللبناني ويظهر ما يقوم به.

قائد الجيش اللبناني العماد رودولف هيكل يتفقّد موقع تفجير منشأة «حزب الله» في الجنوب (مديرية التوجيه)

وقالت الخارجية إن «ثمة حاجة إلى توفير الوسائل الضرورية ميدانياً لآلية الميكانيزم لإبراز التقدم الذي تحرزه الوحدات العسكرية اللبنانية» في عملية نزع سلاح «حزب الله». وقد أفادت بأن محادثات الخميس «ركزت على كيفية إظهار إحراز تقدم ملموس فيما يتعلق بنزع سلاح (حزب الله). وترى باريس في ذلك حجة لدرء الأخطار». وأفاد مصدر مطلع لـ«الشرق الأوسط»، بأن من بين المطلوب من الوحدات العسكرية اللبنانية «سد الثغرات» التي تتسلل منها إسرائيل لاتهام الجيش بالتقصير، ومن ذلك الضغوط التي تمارسها من أجل تفتيش المنازل التي تدعي أنها تستخدم لتكديس سلاح «حزب الله».

كذلك ثمة مطلب آخر يتمثل بمواكبة «اليونيفيل» للوحدات العسكرية اللبنانية عند قيامها بمهامها. بيد أن هذا الأمر لم يحسم بعد، علماً بأن ثمة تساؤلات عما سيؤول إليه الوضع بعد بدء انسحاب قوات الأمم المتحدة من جنوب لبنان مع بداية عام 2026، وطبيعة القوة التي سوف تحل مكانها، والدور المنوط بها. بيد أن هذه المسألة سيعود البت بها لمجلس الأمن الدولي، إن لجهة سرعة ووتيرة انسحاب «اليونيفيل» أو الصورة التي سيرسو عليها تشكيلها.

غير أن مسألة تفتيش المنازل كما تطالب بذلك إسرائيل قد تثير مشاكل وخلافات مع الأهالي فيما يسمى «بيئة حزب الله». وسبق أن اعترض عدد منهم أكثر من مرة على هذا الأمر. وأفادت الأنباء الورادة من الجنوب بأن دورية لـ«اليونيفيل» تعرضت للمضايقة، الخميس في بلدة كفركلا الجنوبية.

آليات لقوات «اليونيفيل» خلال دورية على طريق الناقورة بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

وتكمن أهمية اجتماع باريس، في أنه جاء قبل يوم واحد من اجتماع هيئة «الميكانيزم» التي من المفترض أن يشارك فيها المبعوث الرئاسي الفرنسي الوزير السابق جان إيف لودريان والمبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس، والمفترض أن يكونا شاركا في اجتماع الخميس. وسبق لمصادر فرنسية، أن توقفت عند المخاوف مما قد تقدم عليه إسرائيل، وما سيقرره رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو ربطاً بوضعه الداخلي ونزوعه إلى مواصلة حروبه ومنها حربه في لبنان.

كذلك تتخوف باريس من قراءة «حزب الله» لمضمون اتفاق وقف إطلاق النار، وهي تعد أن المراحل اللاحقة ستكون أكثر تعقيداً مما كانت عليه المرحلة الأولى. وفي هذا السياق، يبرز تعليق رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري الذي رأى في الهجمات التي قامت بها المسيرات الإسرائيلية يوم الخميس «رسالة» إلى المجتمعين في باريس، وللجنة مراقبة وقف إطلاق النار.

الرئيس اللبناني جوزيف عون (يمين) مجتمعاً مع المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان يوم 8 ديسمبر في قصر بعبدا (الرئاسة اللبنانية)

ولاكتمال الصورة، تتعين الإشارة إلى أن أحد الملفات المطروحة، يتناول عمل الآلية بعد أن ضُم إليها مدنيان من لبنان وإسرائيل، والمدى الذي ستصل إليه فيتناول المسائل الخلافية بين البلدين.

وفي أي حال، فإن اجتماع باريس يعد مثمراً، لأنه أتاح من جهة لقائد الجيش أن يعرض من جهة، حاجات قواته من السلاح والعتاد والتمويل، ومن جهة ثانية ما حققته ميدانياً. كذلك، فإن تحديد تاريخ للمؤتمر الدولي لدعم الجيش، وحتى من غير تعيين مكان التئامه، يعد أيضاً تقدماً ملموساً إضافة إلى أن الاجتماع وفّر للبنان ولجيشه دعماً معنوياً هما بحاجة ماسة إليه، في الوقت الذي يتعرض لضغوط من الداخل والخارج.


مقتل طفل وإصابة آخرين جراء انفجار أجسام من مخلّفات إسرائيلية في غزة

فلسطينيون يسيرون في شارع محاط بمبان دُمّرت خلال العمليات الجوية والبرية الإسرائيلية بمدينة غزة 17 ديسمبر 2025 (أ.ب)
فلسطينيون يسيرون في شارع محاط بمبان دُمّرت خلال العمليات الجوية والبرية الإسرائيلية بمدينة غزة 17 ديسمبر 2025 (أ.ب)
TT

مقتل طفل وإصابة آخرين جراء انفجار أجسام من مخلّفات إسرائيلية في غزة

فلسطينيون يسيرون في شارع محاط بمبان دُمّرت خلال العمليات الجوية والبرية الإسرائيلية بمدينة غزة 17 ديسمبر 2025 (أ.ب)
فلسطينيون يسيرون في شارع محاط بمبان دُمّرت خلال العمليات الجوية والبرية الإسرائيلية بمدينة غزة 17 ديسمبر 2025 (أ.ب)

قالت وكالة وفا الفلسطنينة إن طفلاً قُتل، وأُصيب عدد من المواطنين بجروح، على أثر انفجار أجسام من مخلَّفات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.

وقُتل الطفل على أثر انفجار جسم من مخلّفات في منزل سكني يعود لعائلة الصوري في شارع الجعوني بمخيم النصيرات وسط القطاع، كما أُصيب عدد من المواطنين بانفجار جسم من مخلّفات الاحتلال في الشارع الثاني بحي الشيخ رضوان بمدينة غزة.

وأفاد مجمع ناصر الطبي بوصول إصابتين بنيران إسرائيلية في منطقتيْ بطن السمين وقيزان رشوان، جنوب مدينة خان يونس.

فلسطينيون أمام موقع منزل انهار أمس بعدما دُمّر جزئياً خلال الحرب في مخيم الشاطئ بمدينة غزة (رويترز)

وأتمّت الطواقم الطبية والإنقاذ والدفاع المدني، اليوم، عملية انتشال جثامين 60 شخصاً من عائلة سالم، من تحت أنقاض منزل عائلة أبو رمضان، الذي دمّره العدوان الإسرائيلي، خلال عدوانه على حي الرمال غرب مدينة غزة.

وجرى انتشال الجثامين من تحت أنقاض المنزل المدمَّر، بعض الجثامين كانت رفات، في حين جرى نقل 17 جثماناً دُفنت في محيط المنزل خلال العدوان، مشيراً إلى أن عملية انتشال الجثامين استغرقت ثلاثة أيام متواصلة نظراً لضعف الإمكانيات.


تنديد بمنع إسرائيل منظمات إنسانية من دخول غزة

فلسطينيون يسيرون حاملين أكياس طحين على طول شارع الرشيد في غرب جباليا 17 يونيو 2025 بعد أن دخلت شاحنات مساعدات إنسانية شمال قطاع غزة عبر معبر زيكيم الحدودي الذي تسيطر عليه إسرائيل (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون حاملين أكياس طحين على طول شارع الرشيد في غرب جباليا 17 يونيو 2025 بعد أن دخلت شاحنات مساعدات إنسانية شمال قطاع غزة عبر معبر زيكيم الحدودي الذي تسيطر عليه إسرائيل (أ.ف.ب)
TT

تنديد بمنع إسرائيل منظمات إنسانية من دخول غزة

فلسطينيون يسيرون حاملين أكياس طحين على طول شارع الرشيد في غرب جباليا 17 يونيو 2025 بعد أن دخلت شاحنات مساعدات إنسانية شمال قطاع غزة عبر معبر زيكيم الحدودي الذي تسيطر عليه إسرائيل (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون حاملين أكياس طحين على طول شارع الرشيد في غرب جباليا 17 يونيو 2025 بعد أن دخلت شاحنات مساعدات إنسانية شمال قطاع غزة عبر معبر زيكيم الحدودي الذي تسيطر عليه إسرائيل (أ.ف.ب)

ندد كثير من المسؤولين في منظمات إنسانية دولية، الخميس، بسعي إسرائيل إلى فرض «سيطرة سياسية» على أنشطتها في غزة، بعد منع 14 منظمة من دخول القطاع، في تطور أكد المخاوف بشأن إجراءات التسجيل الإسرائيلية الجديدة الصارمة.

وسط الكارثة الإنسانية في القطاع الفلسطيني الذي دمرته الحرب، والمحروم من المياه والكهرباء، يخيّم قدر كبير من عدم اليقين على مستقبل نشاط المنظمات الدولية في غزة بعد 31 ديسمبر (كانون الأول)، وهو الموعد النهائي للحسم في طلبات التسجيل بموجب القواعد الإسرائيلية الجديدة.

دخول غير كافٍ للمساعدات

وقالت «وزارة شؤون الشتات ومكافحة معاداة السامية» التي تدير إجراءات التسجيل الإلزامية الجديدة منذ مارس (آذار)، في بيان أرسلته إلى «وكالة الصحافة الفرنسية» إنه من بين نحو مائة طلب تسجيل تم تقديمها في الأشهر الأخيرة «تم رفض 14 طلباً فقط» بحلول نهاية نوفمبر (تشرين الثاني).

وتابعت: «لقد تمت الموافقة على الطلبات الأخرى أو هي قيد المراجعة»، مضيفة أن «إسرائيل تشجّع العمل الإنساني، لكنها لن تسمح لأي جهة معادية أو أي داعم للإرهاب بالعمل... تحت ستار المساعدات الإنسانية».

يأتي هذا القرار في وقت لا تزال المساعدات التي تدخل غزة غير كافية إلى حد كبير.

فلسطينيون نازحون يتجمّعون لتلقي حصص غذائية من تقدمة أحد المتبرعين في مطبخ خيري بخان يونس جنوب قطاع غزة 17 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

ورغم أن اتفاق وقف إطلاق النار الساري منذ 10 أكتوبر (تشرين الأول) ينص على دخول 600 شاحنة يومياً، فإن عدد الشاحنات التي تعبر إلى القطاع حاملة مساعدات إنسانية يراوح بين 100 و300 فقط، وفق منظمات غير حكومية والأمم المتحدة، أما باقي الشاحنات فتحمل في الغالب سلعاً تجارية لا يمكن للغالبية العظمى من سكان غزة تحمّل تكلفتها.

من بين المنظمات غير الحكومية التي رفضت إسرائيل تسجيلها منظمة «أنقذوا الأطفال»، وهي واحدة من أشهر وأقدم المنظمات حضوراً في غزة، حيث تساعد 120 ألف طفل، ولجنة خدمة الأصدقاء الأميركية (إيه إف إس سي)، وفق قائمة رسمية أولية نُشرت مؤخراً.

يعني رفض التسجيل أن أمام المنظمة 60 يوماً لسحب جميع موظفيها الدوليين من قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة وإسرائيل، ولن تكون قادرة بعد ذلك على تقديم أي مساعدات مباشرة، ناهيك عن الصعوبات في الوصول إلى النظام المصرفي الإسرائيلي الذي تعتمد عليه لدفع الإيجارات والرواتب.

تنديد بمعايير «غامضة»

ونددت وكالات الأمم المتحدة وكثير من المنظمات غير الحكومية في بيان مشترك، الخميس، بعملية تسجيل «تستند إلى معايير غامضة وتعسفية ومسيسة للغاية».

وأكدت أن «الأمم المتحدة لن تكون قادرة على التعويض عن انهيار عمليات المنظمات غير الحكومية الدولية» التي تقدم أكثر من مليار دولار من المساعدات سنوياً، ودعماً حاسماً للمنظمات غير الحكومية الفلسطينية.

على سبيل المثال، تدير منظمة «أطباء بلا حدود» حالياً نحو ثلث أسرّة المستشفيات البالغ عددها 2300 سرير في غزة. كما أن المراكز الخمسة لعلاج الأطفال الذين يعانون سوء التغذية الحاد الوخيم مدعومة جميعها من منظمات غير حكومية دولية.

كما أن نحو 70 في المائة من نقاط توزيع الوجبات الساخنة «تعتمد بشكل مباشر على المنظمات غير الحكومية الدولية من حيث الموظفين أو الإمدادات أو التشغيل»، وفق البيان.

خيام بجوار منطقة غمرتها المياه بعد هطول أمطار غزيرة بمخيم مؤقت للنازحين الفلسطينيين في زويدا وسط قطاع غزة 17 ديسمبر 2025 (أ.ب)

«قبضة بيروقراطية خانقة»

ترفض إسرائيل تسجيل المنظمات التي تعدّها «معادية» أو متورطة في «الإرهاب» أو «معاداة السامية»، وكذلك تلك التي تتهمها بالعمل على «نزع الشرعية عن دولة إسرائيل».

ويؤكد المحامي الإسرائيلي يوتام بن هليل الذي يساعد كثيراً من المنظمات في إجراءات التسجيل، أن هذه العبارات فضفاضة، مشيراً إلى أنه قدم بالفعل طعوناً إلى المحكمة العليا.

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «لا نعرف حتى ما معنى نزع الشرعية. السلطات لا تقدّم أي دليل على ما تدعيه؛ لذا من الصعب للغاية على المنظمات غير الحكومية الرد على هذه الادعاءات».

بدوره، يقول رئيس منظمة «أطباء العالم» جان فرنسوا كورتي: «إذا تم عدّ المنظمات غير الحكومية التي تنقل شهادات السكان، وتقوم بأعمال ميدانية، وتخبر بما يحدث، بأنها ضارة بمصالح إسرائيل وبالتالي ينبغي حظر عملها، فهذا إشكالي للغاية».

أكدت منظمات غير حكومية تواصلت معها «وكالة الصحافة الفرنسية»، أنها امتثلت لمعظم متطلبات إسرائيل بتقديم ملف كامل. ومع ذلك، رفض بعضها تجاوز «خط أحمر» بتقديم معلومات حساسة عن موظفيها الفلسطينيين.

ويقول رئيس إحدى المنظمات غير الحكومية: «لأننا تحدثنا عن الإبادة الجماعية، ونددنا بالظروف التي شُنّت فيها الحرب، وكذلك القيود المفروضة على دخول المساعدات، فإن جميع تلك الأوصاف تنطبق علينا»، مشيراً إلى أنه يتوقع أن يتم رفض طلب منظمته للحصول على التصريح.

ويضيف: «مرة أخرى، يتم استخدام القبضة البيروقراطية الخانقة لأغراض السيطرة السياسية التي ستكون لها عواقب كارثية».

شاحنات تحمل بضائع من الأردن تتحرك بالقرب من معبر جسر اللنبي بين الضفة الغربية والأردن بعد إعادة فتحه في الضفة الغربية المحتلة 10 ديسمبر 2025 (رويترز)

«البدء من الصفر»

يعرب جميع هؤلاء الفاعلين في المجال الإنساني في غزة عن مخاوفهم بشأن ما سيحدث في بداية عام 2026، مع خطر الاقتصار على تسجيل منظمات غير حكومية لا تمتلك القدرة أو الخبرة التي تتمتع بها المنظمات الناشطة في القطاع الفلسطيني منذ فترة طويلة.

يقول فرنسوا كورتي: «إذا كانت هناك عمليات فحص للمستفيدين، وإذا كانت هناك شروط لتوزيع المساعدات... فهذا أمر مثير للقلق، وخصوصاً أن كل ذلك سيديره بالكامل عسكريون».

وأكد كثير من العاملين في المجال الإنساني لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أنهم «لم يسمعوا قط» ببعض المنظمات غير الحكومية المعتمدة والتي ليس لها حالياً أي وجود في غزة، ولكن يُقال إنها مدرجة في خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للقطاع.

ويشير مصدر دبلوماسي أوروبي يعمل في المنطقة، إلى أن «الولايات المتحدة تريد البدء من الصفر (فيما يتعلق بالتنسيق الإنساني)، ومع إجراءات التسجيل الجديدة، ستغادر المنظمات غير الحكومية»، محذّراً من أنهم «قد يستيقظون في الأول من يناير (كانون الثاني) ليجدوا أن ليس لديهم بديل».