إعلان زعيم بونتلاند الترشح للرئاسة يعمّق «الاستقطاب السياسي» بالصومال

دني رفض الحوار مع شيخ محمود

رئيس ولاية بونتلاند سعيد عبد الله دني (صفحته على إكس)
رئيس ولاية بونتلاند سعيد عبد الله دني (صفحته على إكس)
TT

إعلان زعيم بونتلاند الترشح للرئاسة يعمّق «الاستقطاب السياسي» بالصومال

رئيس ولاية بونتلاند سعيد عبد الله دني (صفحته على إكس)
رئيس ولاية بونتلاند سعيد عبد الله دني (صفحته على إكس)

أتى إعلان مبكر من رئيس إقليم بونتلاند سعيد عبد الله دني بشأن الترشح للانتخابات الرئاسية في الصومال المقررة في عام 2026، وسط خلافات جذرية مع رئيس البلاد حسن شيخ محمود، لا سيما منذ بداية العام.

تلك الخطوة المبكرة يراها خبير في الشؤون الصومالية والأفريقية، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، تعطي المشهد السياسي بُعداً استثنائياً وتعمق الاستقطاب السياسي بالصومال وتفتح الباب أمام معادلات وتحالفات جديدة محتملة.

وكشف وزير إعلام بونتلاند، محمود عيديد درر، أن دني سيترشح في الانتخابات الرئاسية المقررة العام المقبل، قائلاً: «حكومة بونتلاند، ذراع الدفاع والتنمية، مستعدة لإنقاذ الدولة الصومالية»، وفق ما أورده الموقع الإخباري الصومال الجديد، الاثنين.

وأضاف: «كما أنقذها سابقاً الرئيس الأسبق عبد الله يوسف أحمد (شغل منصب أول رئيس لبونتلاند من عام 1998 إلى عام 2004) سينقذها مرة أخرى رئيس بونتلاند، سعيد عبد الله دني»، مؤكداً أن «الصوماليين يحتاجون اليوم إلى سعيد عبد الله دني صاحب الإنجازات».

وسبق أن احتل رئيس بونتلاند سعيد عبد الله دني المرتبة الثالثة بعد الرئيس الحالي حسن شيخ محمود، والرئيس السابق محمد عبد الله فرماجو في الانتخابات الرئاسية التي عقدت في مقديشو في 15 مايو (أيار) 2022.

وفي أغسطس (آب) 2024، فاز سعيد عبد الله دني في الانتخابات الرئاسية في مدينة غروي عاصمة ولاية بونتلاند في شمال شرقي الصومال، وذلك بفترة رئاسية ثانية مدتها خمس سنوات في الجولة الثالثة والأخيرة ضد منافسه غوليد صالح بري.

هل ترشحه مفاجئ؟

الخبير في الشؤون الأفريقية، الدكتور علي محمود كلني، يرى أن إعلان الرئيس سعيد عبد الله دني مبكراً عن ترشحه للانتخابات الرئاسية الصومالية 2026 لم يكن مفاجئاً من حيث المبدأ، مع ترقب دوائر سياسية وإعلامية خطوته منذ فترة طويلة، غير أن التوقيت المبكر لهذا الإعلان هو ما أضفى على المشهد بُعداً استثنائياً وأثار أسئلة عديدة حول دوافعه وحساباته الاستراتيجية.

وثمة عوامل عدة عجّلت بقرار دني، بحسب كلني، أبرزها انتهاء فرصته الدستورية في ولاية بونتلاند بعد ولايتين متتاليتين، ما جعل طموحه السياسي يتجاوز حدود الولاية إلى الفضاء الوطني، كما شكل ظهور إدارة الشمال الشرقي المولودة حديثاً مؤخراً بدعم من الرئيس الصومالي تحدياً سياسياً غير مسبوق لدني؛ إذ اعتُبرت ضربة موجعة لهيبته في الداخل وعجز عن احتوائها أو إيجاد تسوية ناجعة لها.

يضاف إلى ذلك «حالة السخط الشعبي المتنامي في بونتلاند تجاه سياساته، حيث يرى قطاع واسع من المواطنين أن نهجه ارتكز على مصالح شخصية ضيقة أكثر من كونه مشروعاً وطنياً جامعاً، ومع ذلك، فإن الدعم غير المعلن الذي تلقّاه من المعارضين السياسيين ضد الحكومة الفيدرالية عزز موقعه وأعاد إليه الثقة والقدرة على خوض مغامرة جديدة في قلب السياسة الصومالية»، وفق كلني.

ولزعيم بونتلاند سعيد عبد الله دني رفقة رئيس إقليم غوبالاند أحمد مدوبي، مواقف مخالفة عديدة لرئيس البلاد، وتختلف الحكومة والولايتان في ملفات عدة محل نقاشات مستمرة منذ سنوات، وفي مقدمتها قضية استكمال الدستور المؤقت في 2012، قبل أن يوافق برلمان الصومال أواخر مارس (آذار) 2024، على تعديلات دستورية، تشمل تغيير نظام الحكم من البرلماني إلى الرئاسي، واعتماد نظام الاقتراع العام المباشر، وتمديد الفترة الرئاسية من 4 إلى 5 سنوات، ورفضت ذلك القرار ولايتا بونتلاند وغوبالاند.

وبعدها أسس الرئيس الصومالي في 13 مايو (أيار) الماضي «حزب العدالة والتضامن» ليضُم في صفوفه قيادة الحكومة الفيدرالية، وقادة الولايات الإقليمية، باستثناء رئيس بونتلاند، سعيد عبد الله دني، وغوبالاند، أحمد مدوبي، اللذين غابا عن اجتماع المجلس الاستشاري للبلاد قبل تأسيس الحزب بأيام.

وانتُخب شيخ محمود زعيماً للحزب ومرشحاً له في الانتخابات المباشرة المرتقب عقدها في البلاد عام 2026 بعد 57 عاماً من آخر اقتراع أُجري عام 1968، بديلاً عن نظيرتها غير المباشرة في عام 2000، التي تعتمد بشكل رئيس على المحاصصة القبلية، في ولاياته الخمس التي جرى العمل بها بعد «انقلابات وحروب أهلية».

ولاقى الحزب الجديد رفضاً من ولايتي بونتلاند وغوبالاند وقتها في مواقف رسمية منفصلة، وأوائل سبتمبر (أيلول) الجاري أطلقت ولايتا بونتلاند وغوبالاند دعوة للحوار مع الحكومة الفيدرالية في الصومال بشأن أزمة «الانتخابات المباشرة» المقررة في عام 2026، وسط رفض مشروط من الولايتين وقطاعات من المعارضة.

وجاءت دعوة الولايتين غريمتي الحكومة الفيدرالية عقب انشقاقات طالت «منتدى إنقاذ الصومال» المعارض واختيار مسؤولين بارزين فيه مسار رئيس البلاد حسن شيخ محمود لإجراء الانتخابات بنظام الاقتراع المباشر.

وبدأ الرئيس الصومالي جولات للحوار غابت عنها الولايتان، عبر عقد منتدى المشاورات الوطنية في العاصمة مقديشو في 16 يونيو (حزيران) الماضي، لمناقشة القضايا الأربع، بخلاف حوارات في يونيو (حزيران) ويوليو (تموز) مع منتدى الإنقاذ لم تصل لاتفاق، قبل أن يحدث انشقاق بالمنتدى أواخر أغسطس (آب) الماضي ويختار مسؤولون بارزون فيه تأسيس حزب جديد لخوض الانتخابات.

ويتوقع كلني، أن تشهد المرحلة المقبلة تحركات متسارعة بين دني ورموز المعارضة المؤثرين، في إطار لقاءات تنسيقية وتحالفات أولية، قبل أن يعلن بشكل رسمي انضمامه الكامل إلى المنتدى وتعهده بالعمل المشترك تحت مظلته، مؤكداً أن هذه الخطوة، إن تمت، ستغير موازين القوى السياسية في مقديشو، وتفتح الباب أمام مواجهة مفتوحة مع الرئيس حسن شيخ محمود وحزبه الحاكم.

وإعادة ترشح دني تمثل، بحسب كلني، تحذيراً جدياً بضرورة استعداد الحزب الحاكم لخوض معركة انتخابية قد تكون أكثر تعقيداً وشراسة من سابقتها، خصوصاً إذا ما جرت الانتخابات في ظل معطيات سياسية جديدة ونظام انتخابي مختلف.

والتحدي الأكبر أمام دني يكمن في استعداده لاحتمالية الانتقال إلى نظام الاقتراع الشعبي المباشر، وهو خيار تسعى الحكومة الحالية إلى فرضه، وفق كلني، مؤكداً أن رئيس بونتلاند سيتوجب عليه أن يعيد ترتيب أوراقه بعيداً عن تجربة 2022 التي اقتصرت على أصوات أعضاء البرلمان، وعليه أن يقنع قواعده الشعبية في بونتلاند بجدوى المشاركة، وأن يعيد تفعيل المنظمات السياسية داخل الولاية، فضلاً عن حشد دعم شعبي واسع النطاق يتجاوز حدود منطقته.


مقالات ذات صلة

محادثات «شيخ محمود - آبي أحمد»... هل تلقي بـ«ظلال إيجابية» على الصومال؟

شمال افريقيا آبي أحمد خلال استقبال الرئيس الصومالي (وكالة الأنباء الإثيوبية)

محادثات «شيخ محمود - آبي أحمد»... هل تلقي بـ«ظلال إيجابية» على الصومال؟

تأتي محادثات بين رئيس الصومال حسن شيخ محمود، ورئيس وزراء إثيوبيا، آبي أحمد، في توقيت مهم لمقديشو، إذ تتواصل لقاءات للمعارضة الصومالية في ولاية غوبالاند

محمد محمود (القاهرة )
أفريقيا الجيش النيجيري خلال تمشيط منطقة تنشط فيها مجموعات إرهابية (إعلام محلي)

نيجيريا: مقتل قيادي «إرهابي» في عملية للجيش

أعلن الجيش النيجيري مقتل قائد إرهابي ومصوّره وعدد من العناصر الإرهابية الأخرى، ضمن المهام التي تنفذها قوات عملية «هادين كاي» العسكرية، في ولاية بورنو.

الشيخ محمد ( نواكشوط)
العالم العربي الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال لقاء سابق مع قيادة «الملتقى الصومالي للإنقاذ» الذي يضم قوى سياسية معارضة (وكالة الأنباء الصومالية)

المعارضة الصومالية تجتمع في غوبالاند وسط توترات مع الحكومة

تجتمع المعارضة الصومالية في ولاية غوبالاند التي تشهد خلافات حادة مع الحكومة الفيدرالية بمقديشو، وسط توترات سياسية متصاعدة بسبب الانتخابات والدستور.

محمد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا خلال انعقاد الدورة الأولى للجنة المشتركة بين مصر وأنغولا (الخارجية المصرية)

مصر تؤكد رفض أي «إجراءات أحادية» تُصعّد التوتر في القرن الأفريقي

أكدت مصر رفض «أي تدخلات خارجية في شؤون القارة الأفريقية»، ورفض أي إجراءات أحادية في منطقتَي القرن الأفريقي والبحر الأحمر قد تُسهم في زيادة التوتر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
أفريقيا طائرة تجسس

ساحل العاج تسعى لنشر طائرات تجسس أميركية للتصدي لمتشددين مرتبطين بـ«القاعدة»

قال مسؤولان أمنيان إن ساحل العاج تريد من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب نشر طائرات تجسس أمريكية لتنفيذ عمليات عبر الحدود ضد متشددين متحالفين مع "القاعدة".

«الشرق الأوسط» (داكار - أبيدجان )

بيانات أممية: 35 % من اليمنيين الخاضعين للحوثيين تحت وطأة الجوع

49 % من اليمنيين الخاضعين للحوثيين يخفضون غذاء البالغين لصالح الأطفال (الأمم المتحدة)
49 % من اليمنيين الخاضعين للحوثيين يخفضون غذاء البالغين لصالح الأطفال (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: 35 % من اليمنيين الخاضعين للحوثيين تحت وطأة الجوع

49 % من اليمنيين الخاضعين للحوثيين يخفضون غذاء البالغين لصالح الأطفال (الأمم المتحدة)
49 % من اليمنيين الخاضعين للحوثيين يخفضون غذاء البالغين لصالح الأطفال (الأمم المتحدة)

كشفت بيانات أممية حديثة عن تفاقم مقلق لأزمة الجوع في المناطق الواقعة تحت سيطرة الجماعة الحوثية، بالتزامن مع إجراءات قمعية طالت مئات الموظفين المحليين العاملين لدى الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية، ووضعتهم فعلياً تحت قيود إقامة شبه جبرية، مع مخاطر اعتقال قائمة في أي وقت.

وأعلنت مصادر محلية أن الأمم المتحدة أوقفت أنشطتها في مناطق الحوثيين بعد اعتقال 69 من موظفيها، في خطوة تعكس حجم الانتهاكات التي تطال العمل الإنساني، وتلقي بظلال ثقيلة على ملايين المستفيدين من المساعدات، في بلد يعاني واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.

وأفاد أحدث تقرير شهري لـ«برنامج الغذاء العالمي» بشأن الأمن الغذائي في اليمن، أن 32 في المائة من الأسر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، عانت من جوع يتراوح بين المعتدل والحاد خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، حيث واجهت تدهوراً غذائياً عند مستوى «الأزمة»، المرحلة الثالثة من التصنيف المتكامل لانعدام الأمن الغذائي، أو أسوأ من ذلك.

الأمم المتحدة أوقفت أنشطتها في مناطق سيطرة الحوثيين بعد اعتقال 69 من موظفيها (إعلام محلي)

ويعني هذا أن أسرة واحدة على الأقل من بين كل خمس أسر تعاني فجوات كبيرة في استهلاك الغذاء، مصحوبة بسوء تغذية حاد مرتفع أو أعلى من المعتاد.

وأظهرت البيانات أن حدة الجوع في مناطق سيطرة الحوثيين لا تزال أشد مقارنة بالمناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً، حيث أبلغت 25 في المائة من الأسر هناك عن معاناتها من الجوع.

تفاقم الأزمة

ويشير التقرير الأممي إلى أن استخدام استراتيجيات التكيف القاسية مع الأزمات أو حالات الطوارئ، مثل الاستغناء عن بعض الوجبات اليومية، كانت أكثر انتشاراً في مناطق سيطرة الحوثيين بنسبة 66 في المائة مقابل 58 في المائة في مناطق الحكومة.

وذكر برنامج الغذاء العالمي أن 49 في المائة من الأسر في مناطق سيطرة الحوثيين، قيّدت استهلاك البالغين من الغذاء لصالح الأطفال، مقارنة بـ44 في المائة في مناطق الحكومة.

المئات من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية منعوا من مغادرة مناطق سيطرة الحوثيين (إعلام محلي)

وأرجع البرنامج تفاقم أزمة الجوع في مناطق الجماعة بشكل رئيسي إلى استمرار تعليق المساعدات الغذائية لفترات طويلة، ومحدودية فرص كسب العيش، وتراجع القدرة الشرائية للأسر.

وتأتي هذه المؤشرات في وقت حساس، إذ تتزامن مع توقف واسع للأنشطة الإنسانية، نتيجة الاعتقالات والقيود المفروضة على حركة العاملين، ما ينذر بتدهور إضافي في الأمن الغذائي لملايين السكان.

قوائم أمنية وإقامة قسرية

بالتوازي مع الأزمة الغذائية، تؤكد مصادر عاملة في قطاع الإغاثة لـ«الشرق الأوسط»، أن الحوثيين منعوا مئات الموظفين اليمنيين العاملين لدى الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية الدولية والمحلية، وكذلك مَن سبق لهم العمل مع بعثات دبلوماسية أجنبية، من مغادرة مناطق سيطرتهم.

وحسب المصادر، يخضع هؤلاء لإقامة شبه جبرية، وباتوا عرضة للاعتقال في أي وقت.

وأفادت المصادر بأن الجماعة استخدمت بيانات الموظفين التي كانت تُسلَّم سابقاً عبر المنظمات إلى ذراعها الاستخبارية، «مجلس الشؤون الإنسانية»، وعمّمت قوائم بأسماء جميع العاملين لدى المنظمات، إضافة إلى مَن عملوا مع بعثات دبلوماسية، على نقاطها الأمنية المنتشرة من ضواحي صنعاء وحتى خطوط التماس مع مناطق سيطرة الحكومة.

ومع ارتفاع عدد المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة إلى 69 شخصاً، ورغم إيقاف الأنشطة الإغاثية، أكدت المصادر أن الموظفين الذين كانوا يأملون الانتقال إلى مناطق الحكومة والعمل من هناك، باتوا غير قادرين على ذلك، إذ تقوم نقاط الحوثيين بإيقاف السيارات الخاصة ووسائل النقل العامة، وفحص هويات المسافرين من الجنسين، ومطابقتها مع القوائم الأمنية قبل السماح بالمرور، أو اعتقال مَن يظهر اسمه ضمنها.

ويروي موظف سابق لدى منظمة إغاثية، وزوجته، أنهما تمكنا من الفرار إلى مناطق الحكومة بمساعدة مهربين خشية الاعتقال، بعد مداهمة منازل زملاء لهما واحتجازهم.

ويقول إن الوضع في العاصمة اليمنية الخاضعة لسيطرة الحوثيين «أصبح لا يُطاق»، موضحاً أن أسر العاملين، الذين كانوا يشكلون فئة اجتماعية ذات مستوى اقتصادي متوسط بفضل رواتبهم، باتت تعيش اليوم «جحيماً» بعد أن طالت الاعتقالات نحو 200 من الموظفين والعاملين لدى مكاتب الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية الدولية والمحلية وبعض البعثات الدبلوماسية.

وتحذر الأوساط الإنسانية من أن استمرار هذه السياسات سيقود إلى مزيد من تسييس العمل الإغاثي، ويعمّق معاناة المدنيين، ويقوض ما تبقى من قدرة المجتمع الدولي على الاستجابة للاحتياجات المتزايدة في اليمن.


عقوبات قاصرة... الحوثيون يُعيدون رسم خريطة التهديد

بعد أكثر من عامين من التطورات التي شهدتها المنطقة تضاعفت التهديدات الحوثية للأمن الإقليمي (أ.ب)
بعد أكثر من عامين من التطورات التي شهدتها المنطقة تضاعفت التهديدات الحوثية للأمن الإقليمي (أ.ب)
TT

عقوبات قاصرة... الحوثيون يُعيدون رسم خريطة التهديد

بعد أكثر من عامين من التطورات التي شهدتها المنطقة تضاعفت التهديدات الحوثية للأمن الإقليمي (أ.ب)
بعد أكثر من عامين من التطورات التي شهدتها المنطقة تضاعفت التهديدات الحوثية للأمن الإقليمي (أ.ب)

على الرغم من تجديد مجلس الأمن الدولي عقوباته على الحوثيين لاحتواء تهديداتهم، تُشير كثير من الوقائع والآراء إلى أن هذه الضغوط لم تُحقق التأثير المأمول منها، إذ يتواصل الكشف عن مؤشرات على أن الجماعة المتحالفة مع إيران تُعيد إنتاج نفسها بوصفها تهديداً أكثر تعقيداً واتساعاً، وتطوّر قدراتها العسكرية، وتوسع نطاق عملياتها البحرية.

وكان مجلس الأمن الدولي قد جدد منتصف الشهر الماضي العقوبات على الجماعة الحوثية، بما في ذلك حظر الأسلحة المفروض منذ أكثر من عقد، ومدّد ولاية فريق الخبراء المعنيّ بمراقبة تنفيذ العقوبات حتى ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وذلك على خلفية استمرار أنشطتها وهجماتها على الشحن التجاري وعلى دول المنطقة، وتهديدها المدنيين والشحن الدولي والسلام والأمن الإقليميين.

وبينما يعكس القرار الأممي إدانة متجددة لسلوك الحوثيين، تستمر الجماعة في نقل تكلفة العزلة الدولية إلى مستويات أخرى من الأنشطة المزعزعة للأمن، وتنقل عزلتها الخارجية إلى توسع في الأنشطة والعلاقات العسكرية مع كيانات وأطراف معزولة بدورها، تأكيداً على أن الضغط على القرار السياسي لم يكسر بعد منطق القوة الذي يحكم سلوكها.

في هذا السياق، كشفت دراسة حديثة صادرة عن «مركز لاهاي للدراسات الاستراتيجية» عن أنه، ورغم تراجع الهجمات، فإن التهديد الحوثي في البحر الأحمر أصبح خلال العام الحالي، أكثر خطورة وتعقيداً مقارنة ببداية أزمة الممر المائي العام قبل الماضي، بعد مسارعة الجماعة للارتباط بشبكات تعاون مع تنظيمات إرهابية.

صورة عبر قمر اصطناعي تظهر النفط المتسرب من سفينة «روبيمار» بعد هجوم حوثي قبالة سواحل الحديدة (أ.ب)

ولا يُعدّ انخفاض وتيرة العمليات تراجعاً في قدرات الجماعة وفقاً للدراسة، بل هو تحول في طبيعة الهجوم إلى أساليب أشد تأثيراً، بعد مراكمة الخبرات وتطوير منظومات تسليحها، واتساع نطاقها.

وتمتلك الجماعة الحوثية، بعد كل ما تعرضت له من هجمات، ترسانة عسكرية متقدمة تشمل صواريخ باليستية مضادة للسفن، وقوارب مسيّرة انتحارية، وطائرات دون طيار، إلى جانب توسع جغرافي لعملياتها بين شمال البحر الأحمر وبحر العرب إلى محيط أرخبيل سقطرى في المحيط الهندي، وفقاً لتقديرات أميركية استندت إليها الدراسة.

روافد تمويل جديدة

وتلفت الدراسة إلى احتمالية أن تكون الجماعة قادرة على تهديد مناطق أبعد، بما فيها البحر الأبيض المتوسط، بوصف ذلك قفزة نوعية مقارنة بقدراتها قبل عامين. ويفرض هذا التحول، حسب «مركز لاهاي»، تحديات مباشرة على دول المنطقة، في ظل استمرار هشاشة التنسيق الأمني الإقليمي، وغياب استراتيجية شاملة لأمن البحر الأحمر، في حين مكّن استمرار الوضع غير المستقر في اليمن، ووقوعه في حالة «اللاسلم واللاحرب» الجماعة، من تعزيز تفوقها النوعي، وفرض قواعد اشتباك جديدة، ما يجعل المرحلة المقبلة حاسمة لأمن أحد أهم الممرات المائية في العالم.

الجماعة الحوثية تستغل العقوبات داخلياً لقمع السكان وإجبارهم على مناصرتها وفق الخبراء (أ.ب)

يذهب علي الخولاني، الأكاديمي والباحث السياسي اليمني، إلى أن تراخي المجتمع الدولي «مكّن الجماعة الحوثية من التوغل، حتى أصبحت اليوم تهديداً حقيقياً لدول الجوار والملاحة الدولية، في حين يُمثل استمرار المجتمع الدولي في رفع راية الحوار السياسي والسلام معها، دعماً لتفكيك اليمن إلى كانتونات ميليشاوية، مذهبية، جهوية وطائفية لابتزاز واستنزاف دول الخليج».

ويدخل كل ذلك «في إطار مخطط الشرق الأوسط الجديد الذي يسعى إلى تفكيك الدول الوطنية في الوطن العربي، بما يخدم ويُحافظ على مصالح الولايات المتحدة وعلى أمن إسرائيل»، طبقاً لحديث الخولاني لـ«الشرق الأوسط» الذي ذكّر فيه: «بمنع القوى الدولية تحرير الساحل الغربي للبلاد حيث محافظة الحديدة».

ويخلص الخولاني، وهو أيضاً رئيس «المركز اليمني المستقل للدراسات الاستراتيجية»، إلى أن قرار مجلس الأمن لا يُقدم جديداً في الإجراءات سوى توسيع نطاق المراقبة والتفتيش، لكنه يعكس نفوذ الدول دائمة العضوية فيه، على المنطقة.

الجماعة الحوثية أظهرت تحدياً لمختلف القوى الدولية رغم ما تعرضت له من هجمات (أ.ب)

وباتت علاقات الجماعة أكثر إثارة للقلق بعد تعاونها مع تنظيمات إرهابية، مثل «القاعدة» في جزيرة العرب و«حركة الشباب» الصومالية، حسب الخبراء الأمميين، وهي تطورات جعلت من الجماعة، مورداً رئيسياً للسلاح بوصفه رافداً حيوياً لتمويلها واستمرار عملياتها، طبقاً للدراسة الدولية.

إجراءات غير كافية

لم تدفع العقوبات الجماعة إلى المرونة بل رفعت منسوب التهديد العسكري والإقليمي، واستخدمت التصعيد ورقةَ تفاوض غير مباشرة.

ويرى فيصل المجيدي، الباحث القانوني ووكيل وزارة العدل اليمنية، «أن تجديد مجلس الأمن العقوبات على الجماعة الحوثية، لا يُعدّ إجراءً دوريّاً بقدر ما يُمثل تثبيتاً قانونياً جديداً لوضعها بوصفه تهديداً للأمن والسلم الدوليين، لا طرفاً محلياً في نزاع داخلي»، متوقعاً: «بدء الانتقال من إدارة العقوبات إلى تفعيلها عملياً، وتحويل الضغط القانوني إلى أداة ردع فعلي».

وهذا التوصيف القانوني، حسب حديث المجيدي لـ«الشرق الأوسط»، يُعزز الإطار القانوني الدولي الذي يسمح بملاحقة شبكات التمويل والتهريب الداعمة للجماعة، ويوسّع صلاحيات تتبّع مصادر التسليح والمكونات العسكرية، وتشديد الخناق الدبلوماسي والاقتصادي والأمني عليها.

مخاوف كبيرة يبديها المراقبون من تأثير العقوبات الدولية على السكان في مناطق سيطرة الحوثيين (غيتي)

ودعا المجيدي «مجلس القيادة الرئاسي اليمني والحكومة الشرعية، إلى تعزيز التعاون المباشر مع فريق الخبراء، وتفعيل منظومة وطنية للملاحقة المالية تشمل قوائم سوداء محلية للأفراد والكيانات، وتحويل العقوبات إلى رافعة سياسية لدعم موقف الحكومة في المسار التفاوضي، بحيث لا يُكافأ الحوثيون سياسياً، وهم يخرقون القرارات الأممية».

وتلجأ الجماعة إلى استثمار العقوبات وتوظيفها دعائياً، لتبرير أعمال القمع والتجنيد وتشديد القبضة الأمنية.

ويتوقع خبراء اقتصاد الحرب أن العقوبات لن تضعف اقتصاد الجماعة إلا بشكل محدود، ما لم تُقترن بمسار سياسي صارم وضغط وتعاون إقليميين.

من جهته، يجد فارس البيل، الباحث السياسي والأكاديمي اليمني، في تمديد العقوبات على الجماعة الحوثية، «تعميقاً لعزلتها السياسية بوصفها طرفاً منبوذاً، وتقييداً لقدرتها على التحرك السياسي أو الاستفادة من المناورات السياسية التي تجريها، ومحاولة فتح ممرات سياسية تستفيد منها وتراوغ من خلالها أو تحتمي بها».

التعاون بين الحوثيين و«حركة الشباب» الصومالية يضاعف من المخاطر على الأمن الإقليمي وأمن الملاحة (أ.ف.ب)

لكنه يلفت إلى أن هذه الإجراءات «قد تنعكس بشكل غير مباشر على الأوضاع المعيشية في مناطق سيطرة الجماعة، دون أن تُمَكِّن من هزيمتها عسكرياً بالضرورة، وإن كانت ستُسهم في إضعاف قدراتها اللوجيستية والعسكرية، خصوصاً المرتبطة بالبحر الأحمر، وتعزز الرقابة الدولية».

ومع ذلك، يخلص البيل إلى «محدودية فاعلية العقوبات بوصفها أداة ضغط دون دمجها بضغوطات كبيرة سياسية وتمويلية وعسكرية أيضاً، وإلحاقها بتوجهات للتعامل مع الحوثيين بكونهم جماعة إرهابية متطرفة تؤذي اليمن والإقليم والأمن الدولي».

يشار إلى أنه بات واضحاً أن الجماعة الحوثية تتعامل مع العزلة والعقوبات بوصفهما عبئاً يمكنها تحميله للسكان من خلال الجبايات وإجراءات تزيد من معاناتهم، وليس إنذاراً يجبرها على التراجع.


ما تأثير التوترات بين مصر وإسرائيل على استدامة «اتفاقية الغاز»؟

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2017 (رويترز)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2017 (رويترز)
TT

ما تأثير التوترات بين مصر وإسرائيل على استدامة «اتفاقية الغاز»؟

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2017 (رويترز)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2017 (رويترز)

تُصر مصر على أن تضع «صفقة الغاز» مع إسرائيل في إطارها التجاري في ظل تعدد الملفات الخلافية بين البلدين. وعزز ذلك النفي الرسمي القاطع من جانب القاهرة بشأن وجود ترتيبات للقاء يجمع بين الرئيس عبد الفتاح السيسي، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ما يطرح تساؤلات حول تأثير استمرار التوتر على استدامة الصفقة التي تستمر حتى عام 2040.

وقال رئيس «هيئة الاستعلامات» المصرية، ضياء رشوان، إن الحديث عن الترتيب للقاء بين الرئيس المصري ورئيس الوزراء الإسرائيلي في واشنطن «شائعة لا أساس لها من الصحة مطلقاً»، مشيراً في تصريحات إعلامية، مساء الجمعة، إلى أن «هذه الأخبار المتداولة يروّجها الإعلام الإسرائيلي في الأساس».

وكانت تقارير إسرائيلية قد أشارت إلى محاولة واشنطن ترتيب لقاء بين السيسي ونتنياهو، ضمن زيارة محتملة من كليهما إلى الولايات المتحدة قريباً للقاء الرئيس دونالد ترمب.

وتتعدد ملفات الخلاف بين مصر وإسرائيل وتتعلق بالأوضاع في قطاع غزة وتحميل إسرائيل مسؤولية عدم البدء في تنفيذ المرحلة الثانية من «اتفاق وقف إطلاق النار»، وكذلك فتح معبر رفح مع وجود رغبة إسرائيلية لأن يكون في اتجاه واحد، وملف تهجير الفلسطينيين، والتواجد الإسرائيلي في «محور فيلادلفيا» والتأكيد المصري على ضرورة إيجاد مسار سياسي لدولة فلسطينية، ما يتعارض مع توجهات اليمين الإسرائيلي المتطرف.

وظلت «صفقة الغاز» التي أعلن نتنياهو، الأربعاء الماضي، الموافقة عليها أسيرة موقف إسرائيلي رافض لإتمامها رغم الإعلان عنها في أغسطس (آب) الماضي، قبل أن تتدخل الولايات المتحدة التي تعد شركاتها جزءاً من الصفقة للضغط على إسرائيل لضمان عدم انهيار الصفقة.

وذكرت «الخارجية الأميركية» في بيان، الخميس، أن «موافقة إسرائيل على اتفاقية الغاز التي أبرمتها شركة (شيفرون) مع مصر، إنجاز كبير للأعمال التجارية الأميركية والتعاون الإقليمي». وأضافت أن «اتفاقية الغاز بين إسرائيل ومصر لا تعزز أمن الطاقة فحسب، بل تدعم أيضاً الجهود الأوسع نطاقاً لتحقيق الاستقرار وإعادة إعمار غزة».

واعتبر خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن المصالح الأميركية يمكن أن تضمن استدامة «اتفاق الغاز»، لكن ذلك لا يمنع من تأثر التعاون في مجال الطاقة بين مصر وإسرائيل بالتوترات الإقليمية، وكذلك بما تؤول إليه تطورات الصراع في غزة وانعكاساته على العلاقة بين الطرفين.

سياج أمني على الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)

وتمتلك شركة «شيفرون» الأميركية 40 في المائة من حقل «ليفياثان» الإسرائيلي الذي يتم من خلاله تصدير الغاز إلى مصر إلى جانب شركة «نيو ميد إنرجي» الإسرائيلية، وتُقدر احتياطات الحقل بنحو 600 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي.

وسبق أن أوقفت إسرائيل تصدير الغاز إلى مصر دون إخطار مسبق في ظل حربها على قطاع غزة وكذلك مع بدء الضربات على إيران خلال يونيو (حزيران) الماضي، وفي ذلك الحين أكد رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، أن «الحكومة وفّرت بدائل لتأمين احتياجات البلاد خلال فترات توقُّف الإمدادات الإسرائيلية، عبر تشغيل سفن لاستقبال الغاز المسال لضمان استمرار تشغيل المصانع ومحطات الكهرباء دون انقطاع».

الباحث في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، سعيد عكاشة، قال إن الولايات المتحدة لديها رغبة في استدامة «اتفاقية الغاز» بين مصر وإسرائيل بما يحفظ الحقوق التجارية لشركاتها، وفي حال جرى استخدامه كأداة ضغط سياسي على مصر فإن القاهرة لن ترضخ لذلك وهو ما يجعل الاتفاق لا يترك تأثيرات سياسية على علاقة البلدين.

وأضاف عكاشة أن التحولات الإيجابية في العلاقة بين البلدين تتوقف على بدء دخول المرحلة الثانية من اتفاق «وقف إطلاق النار» وإيجاد مسار واضح لدولة فلسطينية مستقبلية وتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني ووقف أي محاولات من شأنها تهجير الفلسطينيين إلى شبه جزيرة سيناء، موضحاً: «يمكن أن يفتح ذلك المجال أيضاً لعقد لقاء في المستقبل بين الرئيس السيسي ونتنياهو كما يضمن استدامة صفقة الغاز». وأشار إلى أن ملف الطاقة دائماً ما يشكل مشكلة، وسبق أن تسببت الهجمات على أنابيب الغاز المصرية في سيناء في أعقاب الاضطرابات الأمنية في عام 2011 في توقف الإمدادات المصرية إلى إسرائيل، وكان من الصعب تحمل تكلفة التأمين وتضررت القاهرة كما الوضع بالنسبة لإسرائيل.

مصر تعدد خياراتها لتحقيق الاكتفاء المحلي من الغاز الطبيعي (وزارة البترول المصرية)

وأوضح عكاشة أنه «في حال جرى عرقلة الاتفاق الذي أعلن نتنياهو التصديق عليه أخيراً، فإنه سيكون أمام التزامات قانونية يصعب تجاوزها، كما أن مصر أثبتت خلال الأشهر الماضية أنها لن تقبل بأن يتم الضغط عليها سياسياً بورقة الغاز».

وفي مطلع سبتمبر (أيلول) الماضي، أعلن نتنياهو رفض التصديق على الاتفاق «بسبب تحركات الجيش المصري في شمال سيناء»، وهدّد بتجميده أو إلغائه إذا لم يُحصَل على موافقته الشخصية على أي خطوات لاحقة، قبل أن يُعاد التصديق عليه بعد استكمال المفاوضات.

ووقّع البلدان صفقة لتصدير الغاز الإسرائيلي إلى مصر في عام 2019، قبل تعديلها لتنص على توريد 130 مليار متر مكعب من الغاز الإسرائيلي لمصر بقيمة 35 مليار دولار حتى عام 2040، بمعدل يومي قدره 1.8 مليار قدم مكعب.

خبير أسواق الطاقة، رمضان أبو العلا، يرى أن المصلحة الأميركية في استدامة «صفقة الغاز» تشكّل عاملاً مهماً في التزام إسرائيل بالاتفاق، خاصة أنه يحقق مكاسب إيجابية لجميع الأطراف الموقعة على الصفقة، لكن في الوقت ذاته فإن الحكومة المصرية تتوقع جميع الاحتمالات، ما يجعلها تعتمد على 4 سفن لـ«التغييز» لاستقبال الغاز المسال.

الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)

وسبق أن تحدث خبراء لـ«الشرق الأوسط» عن توجه القاهرة نحو تنويع مصادر الغاز الطبيعي دون انتظار موقف إسرائيل من الصفقة أبرزها إنشاء 4 محطات لتمويل السفن بالغاز الطبيعي، والتوسع في استيراد سفن الغاز من دول مختلفة، إلى جانب تعزيز الاكتشافات المحلية، وتشجيع الشركات الأجنبية على توسيع عمليات التنقيب.

وتبلغ احتياجات مصر اليومية من الغاز الطبيعي نحو 6.2 مليار قدم مكعب يومياً، وتستهدف الحكومة زيادة إنتاج الغاز الطبيعي بنهاية العام الحالي إلى نحو 5 مليارات قدم مكعب يومياً، ويُقدر حالياً بنحو 4.2 مليار قدم مكعب يومياً، خاصة مع زيادة الاحتياجات اليومية لنحو 7 مليارات قدم مكعب يومياً في أشهر الصيف، وفق تقديرات حكومية.