رفض شيوخ عرب شمال سوريا تناقض رسالة أوجلان مع مطلب رمي السلاح في تركيا

مؤيدون للرسالة: «قسد» هي العمود الفقري لحماية المنطقة

لجنة من الإدارة الذاتية لشمال شرقي سوريا التقت وجهاء عرباً في مدينة القامشلي بمحافظة الحسكة (هاوار)
لجنة من الإدارة الذاتية لشمال شرقي سوريا التقت وجهاء عرباً في مدينة القامشلي بمحافظة الحسكة (هاوار)
TT

رفض شيوخ عرب شمال سوريا تناقض رسالة أوجلان مع مطلب رمي السلاح في تركيا

لجنة من الإدارة الذاتية لشمال شرقي سوريا التقت وجهاء عرباً في مدينة القامشلي بمحافظة الحسكة (هاوار)
لجنة من الإدارة الذاتية لشمال شرقي سوريا التقت وجهاء عرباً في مدينة القامشلي بمحافظة الحسكة (هاوار)

لاقت دعوة عبد الله أوجلان زعيم حزب العمال الكردستاني لشيوخ ووجهاء قبائل وعشائر مناطق شمال وشمال شرقي سوريا إلى دعم «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، رفضاً من قِبل بعض ممثلي المكون العربي، مؤكدة أنها «مع وحدة سوريا أرضاً وشعباً ومحاربة الإرهاب والتطرف». لكن لم يخلُ الأمر من مؤيدين للدعوة بزعم أن «قسد» هي «العمود الفقري لحماية المنطقة».

أوجلان في رسالته التي أرسلها من سجنه بجزيرة إيمرالي التركية، ونُشرت، الأحد، قال إن «وحدة العرب والكرد على أساس الأمة الديمقراطية تمثل ركيزة لبناء سوريا ديمقراطية وآمنة»، داعياً إلى «دعم (قوات سوريا الديمقراطية) في مواجهة التحديات الراهنة».

عبد الله أوجلان من سجن إيمرالي بتركيا مطالباً حزبه برمي السلاح (إعلام تركي)

وكشفت وسائل إعلام كردية، عن مضمون الرسالة التي كُتبت بتاريخ 27 يوليو (تموز) الماضي. وهي موجّهة إلى شيوخ ووجهاء العشائر العربية في الجزيرة السورية، أي دير الزور والرقة والطبقة، وجاء فيها أن «وحدة العرب والكرد على أساس الأمة الديمقراطية تمثل ركيزة لبناء سوريا ديمقراطية وآمنة»، داعياً إلى تعزيز الأخوة التاريخية بين المكوّنات ودعم «قوات سوريا الديمقراطية» في مواجهة التحديات الراهنة.

زارت اللجنة وجهاء شيوخ قبيلة المحلمية وقبيلة بني ربيعة في مدينة القامشلي بمحافظة الحسكة (هاوار)

من جهته، قال رئيس المجلس الأعلى للقبائل والعشائر السورية في سوريا، الشيخ مضر حماد الأسعد، في ردّه على دعوة أوجلان: «نحن وباسم المجلس الأعلى للقبائل والعشائر السورية، نؤكد لأوجلان أن أهالي منطقة الجزيرة والفرات يرفضون رفضاً قاطعاً دعواته وأعمال حزبه وأعمال (قسد)».

الشيخ مضر حماد الأسعد رئيس مجلس القبائل والعشائر السورية بالجزيرة السورية (حساب فيسبوك)

وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط»، شدد الأسعد: «نحن مع وحدة سوريا أرضاً وشعباً ومحاربة الإرهاب والتطرف»، موضحاً أن أوجلان و«قسد» يريدون من أبناء القبائل والعشائر العربية أن يقدموا أرواحهم في سبيل تحقيق مشروع حزب العمال الكردستاني بفرعه الإدارة الذاتية لشمال شرقي سوريا، بإقامة دويلة أو كانتون في منطقة غالبية سكانها من العرب المسلمين.

وحسب الأسعد، فإن شيوخ القبائل والعشائر المؤيدين للإدارة الذاتية و«قسد»، «قلة وليس لهم تأثير على أرض الواقع سوى أنهم يحملون أسماء عوائلهم الكبيرة في عشائر الجبور وشمر وطيء والعكيدات والبكارة والبوشعبان...».

ويجري الأسعد حالياً مشاورات مع شيوخ القبائل والعشائر، لإصدار بيان جماعي يتضمن رفضاً لدعوة اوجلان، موضحاً: «وصلتني تقريباً حتى الآن موافقات من 70 في المائة من شيوخ القبائل والعشائر».

وعدّ الأسعد رسالة أوجلان: «تصبّ الزيت على النار ويدعم تقسيمها تحت مسميات الديمقراطية وغيرها»، مشدداً على أن «هذا التنظيم العابر للحدود لا يمثل الشعب السوري أو القبائل والعشائر العربية، ولا حتى العشائر والقبائل الكردية وباقي قوميات وإثنيات الشعب السوري».

توقيت لافت

يلاحظ أن رسالة أوجلان تتزامن مع جمود في المفاوضات بين دمشق والقامشلي بشأن تنفيذ اتفاق العاشر من مارس (آذار) الماضي، الذي ينص على دمج مؤسسات «الإدارة الذاتية» في مؤسسات الدولة السورية.

وحسب الأسعد: «لا يمكن حل ما يجري في منطقة الجزيرة والفرات إلا من خلال تنفيذ اتفاق 10 مارس (آذار) الماضي».

ويرى مراقبون للشأن السوري، أن رسالة اوجلان تحمل تناقضاً، يتمثل بأنه دعا أنصاره في تركيا في 27 فبراير (شباط) الماضي، إلى حل الحزب وإلقاء السلاح، على حين في سوريا يريد حالياً تثبيت «الإدارة الذاتية» و«قسد» وسلاحها.

مدينة الرقة الواقعة شمال سوريا تنتشر فيها عشائر الولدة والبوشعبان والفداعلة (الشرق الأوسط)

أما بالنسبة للشيخ فرج الحمود الفرج السلامة وهو من شيوخ قبيلة البوشعبان في محافظة الرقة، فقد شكك في صحة الرسالة، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «أعتقد أنه لا صحة لها بحكم أن أوجلان مسجون لدى تركيا، ولن يستطيع دعم (قسد) بهذه الرسالة، وسبق أن طلب منها إلقاء السلاح والعودة للحل السياسي».

ورأى، أن «(قسد) تحاول استرضاء شيوخ القبائل ببيان مزور، بعد أن همشت دورهم الاجتماعي، وهي تحاول الهروب إلى الأمام، وكسب الوقت والمؤيدين لها من مرتزقة العشائر والقبائل».

شيخ مؤيد

لكن هناك من العرب في مناطق سيطرة «قسد» لديه رأي آخر، ويؤيد ما جاء في رسالة أوجلان. ومن هؤلاء «هفل عبود الجدعان الهفل» الذي قدم نفسه على أنه أحد شيوخ قبيلة العكيدات في مدينة ذيبان بدير الزور، ورأى أن الرسالة «تحمل الكثير من المعاني المهمة، خاصة فيما يتعلق بتعزيز العلاقات بين الشعبين العربي والكردي».

الشيخ إبراهيم جدعان الهفل (متداولة على المواقع)

وأضاف هفل لـ«الشرق الأوسط» في رسالة مكتوبة: «نحن كعشائر عربية نؤكد على تلك العلاقة والتحالف بين العرب والكرد، وهي أساس تاريخي واجتماعي وسياسي هام لبناء سوريا ديمقراطية وآمنة وموحدة، وبناء نظام ديمقراطي يضمن المساواة والعدالة لجميع المكونات السورية، بما في ذلك العرب والكرد والسريان والأشوريين». وأهمية الوقوف مع (قسد) من وجهة نظر هفل تأتي من كونها «العمود الفقري لحماية المنطقة».

أحد وجهاء عشائر القامشلي بمحافظة الحسكة (هاوار)

وكانت وكالة «هاوار» الكردية، قد تحدثت، الأحد، عن لجنة مٌشكَّلة من شخصيات في مناطق سيطرة الإدارة الذاتية لتسليم رسالة القائد عبد الله أوجلان إلى شيوخ ووجهاء العشائر. وأوضح عضو هيئة الأعيان همبر حسن، أنه «من المقرر أن تستمر الزيارة لمدة 3 أيام». وأكد أن «رسالة القائد عبد الله أوجلان ستصل إلى جميع الوجهاء العرب في عموم مناطق الجزيرة».

يذكر أنه لا توجد إحصائيات رسمية دقيقة لحجم القبائل والعشائر في سوريا والتي تتركز في محافظات حمص، وحماة، ودير الزور، والرقة، والحسكة، والسويداء، ودرعا والقنيطرة، لكن التقديرات تشير إلى وجود ما بين 25 و30 قبيلة يتفرع منها عدد من العشائر. بينما حضر «المؤتمر التأسيسي للمجلس الأعلى للقبائل والعشائر السورية» الذي عُقد في إسطنبول أواخر عام 2018، ممثلون عن 92 قبيلة وعشيرة.

وانسحب جيش النظام السوري السابق من مناطق شمال وشمال شرقي سوريا، بينما أنشأ الفرع السوري حزب العمل الكردستاني وبدعم أميركي، «إدارة ذاتية» أوائل عام 2014، ضمت مؤسسات تعليمية واجتماعية وخدمية، وذراعاً عسكرية عام 2015 أطلق عليها «قوات سوريا الديمقراطية» لمحاربة تنظيم «داعش»، هيمنت عليها «وحدات حماية الشعب» الكردية التي تعدّها تركيا امتداداً للحزب التركي المحظور، في حين تقول «قسد» أنها شكلت رأس حربة في قتال التنظيم الذي تم دحره من آخر معاقل سيطرته في الباغوز عام 2019.

عربات أميركية في دورية عسكرية تَعبر حقول رميلان النفطية بريف المالكية شمال شرقي سوريا (أرشيفية)

وتضم المناطق التي تسيطر عليها «قسد» أبرز حقول النفط والغاز، وتعدّ السلة الغذائية الرئيسية للبلاد. ويتهم المعارضون «قسد» بسرقة الثروات الباطنية والزراعية والمنشآت الخدمية، وإغلاق المدارس والجامعات وتدمير البنى التحتية، عدا عن تجنيدها الأطفال والقاصرات وزج أكثر من 75 ألف عربي في معتقلاتها.

يذكر أن حزب العمال الكردستاني تأسس في تركيا عام 1978، وطالب بإقامة دولة كردية مستقلة. وعلى خلفية ذلك شهدت تركيا منذ عام 1984 اندلاع مواجهات دامية مع الحزب الذي تعدُّه أنقرة وواشنطن والاتحاد الأوروبي منظمة إرهابية. وأسفرت المواجهات عن مقتل أكثر من 40 ألف شخص، بينما انسحب مقاتلو الحزب من تركيا بعد موجة العنف الأخيرة في 2015 - 2016، إلى شمال العراق وشمال شرقي سوريا.


مقالات ذات صلة

تركيا تُطالب «قسد» بخريطة طريق لتنفيذ اتفاق الاندماج في الجيش السوري

شؤون إقليمية تركيا تطالب «قسد» بالاندماج في الجيش السوري أفراداً وليس وحدة منفصلة (أ.ف.ب)

تركيا تُطالب «قسد» بخريطة طريق لتنفيذ اتفاق الاندماج في الجيش السوري

طالبت تركيا «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) بالتخلّي عن خطابها «الانفصالي»، والتخلُّص من «الإرهابيين» بصفوفها، والاندماج في الجيش السوري، والخضوع لسلطة مركزية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي الرئيس السوري أحمد الشرع -على اليمين- يصافح مظلوم عبدي قائد «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من الولايات المتحدة والتي يقودها الأكراد... في العاصمة السورية دمشق 10 مارس 2025 (سانا)

تقرير: مساعٍ حثيثة لإنقاذ اتفاق دمج قوات «قسد» بالدولة السورية قبل نهاية العام

قال أشخاص مشاركون ومطّلعون على محادثات لدمج قوات كردية مع الدولة السورية إن مسؤولين سوريين وأكراداً وأميركيين يسعون لإظهار تقدّم في اتفاق متعثر بهذا الشأن.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي مسلحون من «قسد» خلال عرض عسكري في مدينة القامشلي (أرشيفية - رويترز)

دمشق و«قسد» تُسارعان لإنقاذ اتفاق الدمج قبل انقضاء المهلة

قال عدة أشخاص مشاركين في محادثات لدمج القوات الكردية مع الدولة السورية إن المسؤولين السوريين والأكراد والأميركيين يسعون جاهدين لإظهار تقدم في اتفاق متعثر.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية رئيس الأركان التركي سلجوق بيرقدار أوغلو وقادة القوات المسلحة أجروا تفتيشاً بمقر القيادة الرئيسي للفيلق السادس في كليس على الحدود السورية الأربعاء (الجيش التركي - إكس)

تركيا تُحذر «قسد»: «صبرنا بدأ ينفد»

حذرت تركيا قوات سوريا الديمقراطية (قسد) من أن صبرها بدأ ينفد إزاء عدم تحركها لتنفيذ اتفاق الاندماج في الجيش السوري، مؤكدةً أنها لا تؤيد استخدام القوة العسكرية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية لجنة «التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية» بالبرلمان التركي تستعد لمناقشة الاقتراحات الخاصة بعملية السلام (حساب البرلمان في إكس)

تركيا: تباينات في مواقف الأحزاب بشأن «عملية السلام» مع الأكراد

تستعد لجنة شكّلها البرلمان التركي لاقتراح الإطار القانوني لحل حزب «العمال الكردستاني» ونزع أسلحته للمرحلة الثانية من عملية السلام وحل المشكلة الكردية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

تشييع 6 أشخاص قضوا بقصف إسرائيلي على مدرسة للنازحين في غزة

خلال تشييع جثامين قتلى القصف الإسرائيلي على مركز إيواء للنازحين بغزة (رويترز)
خلال تشييع جثامين قتلى القصف الإسرائيلي على مركز إيواء للنازحين بغزة (رويترز)
TT

تشييع 6 أشخاص قضوا بقصف إسرائيلي على مدرسة للنازحين في غزة

خلال تشييع جثامين قتلى القصف الإسرائيلي على مركز إيواء للنازحين بغزة (رويترز)
خلال تشييع جثامين قتلى القصف الإسرائيلي على مركز إيواء للنازحين بغزة (رويترز)

تجمّع عشرات الأشخاص، السبت، في مدينة غزة لتشييع 6 أشخاص قضوا بالأمس في قصف إسرائيلي على مدرسة تؤوي نازحين، فيما عدته «حماس» «خرقاً واضحاً ومتجدداً لوقف إطلاق النار».

وكان الجيش الإسرائيلي قد قال، مساء الجمعة، ردّاً على استفسارات بشأن هذه الضربة إنه «خلال نشاط عملياتي في منطقة الخط الأصفر شمال قطاع غزة، تم رصد عدد من الأفراد المشبوهين في مراكز قيادة غرب الخط الأصفر»، مشيراً إلى أن قواته أطلقت النار على المشتبه بهم «للقضاء على التهديد».

وهو أقرّ بأنه «على علم بالادعاء المتعلق بوقوع إصابات في المنطقة، والتفاصيل قيد المراجعة»، معرباً عن أسفه «لأي ضرر لحق بالأفراد غير المتورطين»، وهو «يعمل على تخفيف الضرر قدر الإمكان».

خلال تشييع جثامين قتلى القصف الإسرائيلي على مركز إيواء للنازحين في غزة (أ.ب)

أما حركة «حماس»، فوصفت القصف المدفعي على مدرسة تؤوي نازحين في حيّ التفاح شرق مدينة غزة «وما أسفر عنه من استشهاد عددٍ من المواطنين، معظمهم من الأطفال» بأنه «جريمة وحشية تُرتكب بحقّ المدنيين الأبرياء، وخرق فاضح ومتجدّد لاتفاق وقف إطلاق النار».

وأشارت في بيان أصدرته، السبت، إلى أن «الاحتلال لا يكتفي باستهداف المدنيين، بل يُمعن في تعميق الكارثة الإنسانية عبر منع سيارات الإسعاف والطواقم الطبية من الوصول إلى أماكن الاستهداف لإسعاف المصابين، وعرقلة عمليات الإنقاذ».

وطالبت «الوسطاء الضامنين للاتفاق والإدارة الأميركية بالاضطلاع بمسؤولياتهم تجاه هذه الانتهاكات».

السبت، أمام مشرحة مجمّع «الشفاء»، وقف رجل يحمل بين ذراعيه جثّة طفل ملفوفة بكفن أبيض، بحسب صور التقطتها كاميرا «وكالة الصحافة الفرنسية».

وكانت 5 جثث أخرى مكفّنة مصفوفة على الأرض. وأقام رجال صلاة الجنازة قبل دفن الضحايا.

وكان الدفاع المدني في غزة قد أبلغ بدايةً «وكالة الصحافة الفرنسية»، الجمعة، عن «انتشال 5 شهداء جراء القصف الإسرائيلي لمركز إيواء مدرسة شهداء غزة» في حيّ التفاح شرق مدينة غزة.

والسبت، قال الناطق باسمه محمود بصل إن الحصيلة ارتفعت إلى 6 قتلى، في حين ما زال هناك شخصان مفقودان تحت الأنقاض.

فلسطيني يبكي شقيقه البالغ من العمر 5 أشهر الذي قُتل بقصف إسرائيلي أصاب مركز إيواء للنازحين بغزة (أ.ف.ب)

ومن بين الضحايا رضيع في شهره الرابع وفتاة في الرابعة عشرة من العمر وسيّدتان، وفق محمد أبو سلمية مدير مستشفى «الشفاء».

وقال نافذ النادر من أمام المستشفى: «هذه ليست هدنة، بل حمّام دماء نريده أن يتوقّف»، في إشارة إلى وقف إطلاق النار الساري منذ مطلع أكتوبر (تشرين الأول) في غزة بين إسرائيل و«حماس».

وصرّح عبد الله النادر الذي فقد أقرباء له في الغارة الإسرائيلية: «كانت منطقة آمنة، مدرسة آمنة وفجأة بدأوا بإطلاق مقذوفات من دون سابق إنذار، مستهدفين نساءً وأطفالاً ومدنيين».

لا يزال وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في العاشر من أكتوبر، هشّاً مع تبادل الجانبين الاتهامات بانتهاكه.

مقاتلون من «حماس» في غزة (أرشيفية - رويترز)

وبموجب الاتفاق الذي توسطت فيه الولايات المتحدة بين إسرائيل و«حماس» في غزة، انسحبت القوات الإسرائيلية إلى مواقع شرق ما تسميه «الخط الأصفر»، وهو خط غير محدد، داخل القطاع.

والسبت، أعلنت وزارة الصحة التابعة لـ«حماس» في القطاع عن مقتل 401 فلسطيني على الأقلّ بنيران الجيش الإسرائيلي منذ سريان وقف إطلاق النار.

وقضى مذاك 3 جنود إسرائيليين في غزة.


رئيس المخابرات التركية ناقش مع «حماس» المرحلة الثانية من خطة السلام في غزة

عناصر من «كتائب القسام» التابعة لحركة «حماس» في رفح جنوب غزة (أرشيفية - رويترز)
عناصر من «كتائب القسام» التابعة لحركة «حماس» في رفح جنوب غزة (أرشيفية - رويترز)
TT

رئيس المخابرات التركية ناقش مع «حماس» المرحلة الثانية من خطة السلام في غزة

عناصر من «كتائب القسام» التابعة لحركة «حماس» في رفح جنوب غزة (أرشيفية - رويترز)
عناصر من «كتائب القسام» التابعة لحركة «حماس» في رفح جنوب غزة (أرشيفية - رويترز)

ذكرت مصادر أمنية تركية ​أن رئيس جهاز المخابرات التركي إبراهيم كالين التقى اليوم السبت مع رئيس حركة «حماس» في ‌قطاع غزة ‌وكبير ⁠مفاوضيها ​خليل ‌الحية، وناقشا الإجراءات اللازمة للانتقال إلى المرحلة الثانية من خطة السلام في غزة.

مقاتلون من حركة «حماس» في غزة (أرشيفية - رويترز)

وأوضحت المصادر، التي ⁠طلبت عدم الكشف عن ‌هويتها، أن ‍كالين التقى ‍بوفد «حماس» في ‍إسطنبول في إطار اتفاق وقف إطلاق النار في غزة ،وأن الجانبين ​ناقشا الخطوات اللازمة لمنع ما وصفوها ⁠بانتهاكات إسرائيل لوقف إطلاق النار.

وأضافت، دون الخوض في التفاصيل، أنهما بحثا أيضاً الإجراءات اللازمة لحل القضايا العالقة تمهيداً للانتقال إلى المرحلة الثانية من الخطة.


«حزب الله» محشور بـ«حصرية السلاح»... وحواره مع عون يراوح مكانه

كتلة «حزب الله» برئاسة النائب محمد رعد في القصر الجمهوري بعد لقائها الرئيس جوزيف عون في وقت سابق (رئاسة الجمهورية)
كتلة «حزب الله» برئاسة النائب محمد رعد في القصر الجمهوري بعد لقائها الرئيس جوزيف عون في وقت سابق (رئاسة الجمهورية)
TT

«حزب الله» محشور بـ«حصرية السلاح»... وحواره مع عون يراوح مكانه

كتلة «حزب الله» برئاسة النائب محمد رعد في القصر الجمهوري بعد لقائها الرئيس جوزيف عون في وقت سابق (رئاسة الجمهورية)
كتلة «حزب الله» برئاسة النائب محمد رعد في القصر الجمهوري بعد لقائها الرئيس جوزيف عون في وقت سابق (رئاسة الجمهورية)

تبقى الأنظار الدولية واللبنانية مشدودة إلى «حزب الله» لمعرفة مدى استعداده للتجاوب مع الخطة التي أعدّتها قيادة الجيش لاستكمال تطبيق حصرية السلاح، على أن يبدأ ذلك من شمال نهر الليطاني فور الانتهاء من تنفيذ عملية سحب السلاح في منطقة جنوب النهر، وبمواكبة من قيادة قوات الطوارئ الدولية «يونيفيل» ولجنة «الميكانيزم»، التي ستُعاود عقد اجتماعها في السابع من يناير (كانون الثاني) المقبل؛ حيث سيُدرج على جدول أعمالها تقويم مستوى الإنجاز الذي حققته الوحدات العسكرية عبر إحكام سيطرتها على جنوب النهر.

فـ«حزب الله» لا يزال يحتفظ بسلاحه، ولا يستخدمه التزاماً بوقف الأعمال العدائية، وحواره مع رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون يراوح مكانه، وهذا ما ينسحب أيضاً على تواصله بفرنسا ومصر.

وأشار مصدر وزاري إلى أن «حزب الله» يمتنع عن كشف أوراقه، ويصر، عبر تصريح أمينه العام الشيخ نعيم قاسم، على رفع سقوفه السياسية، متهماً حكومة الرئيس نواف سلّام بارتكاب خطيئة لموافقتها على حصرية السلاح، رغم تأييده بيانها الوزاري الذي نصّ على احتكار الدولة للسلاح، ومشاركته في الحكومة بوزيرين على هذا الأساس.

وكشف المصدر أن القيادة الإيرانية لم تستجب لوساطة فرنسا ومصر بالتدخل لدى «حزب الله» لإقناعه بإعادة النظر في موقفه بتسهيل استكمال حصرية السلاح.

وقال إنه ترتب على موقفها خفض منسوب التواصل، سواء معها أو مع الحزب، الذي لم يتجاوب مع الوساطة التي قام بها مدير المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد، والذي اقترح عليه الموافقة على خطة قيادة الجيش لتطبيق حصرية السلاح، بوصفها الممر الإلزامي لبسط سلطة الدولة على أراضيها تنفيذاً للقرار «1701».

قائد الجيش اللبناني العماد رودولف هيكل يتفقّد موقع تفجير منشأة «حزب الله» في الجنوب (مديرية التوجيه)

ورأى المصدر أن هناك مبالغة في الحديث عن استمرار التواصل بين الحزب ومصر، مؤكداً أنه أقل من المطلوب في ضوء عدم تجاوب الحزب مع الأفكار التي طرحها اللواء رشاد خلال زيارته إلى بيروت.

وأوضح أن أحمد مهنا، العضو في الفريق الذي يرأسه رئيس كتلة الحزب النائب محمد رعد، والمكلّف بالحوار مع رئيس الجمهورية ميشال عون، التقى مسؤول الأمن في السفارة المصرية على هامش زيارة رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي إلى بيروت.

وأكد أن اللقاء لم يدم طويلاً؛ نظراً لأن الحزب لم يبدل موقفه تجاوباً مع إصرار الحكومة على حصرية السلاح وعدم العودة عن قرارها في هذا الخصوص.

وقال إن مهنا هو مَن يتواصل مع العميد رحال، الذي يلتقي عند الضرورة برعد، وإن كان الحوار بدا متقطعاً في الآونة الأخيرة، لأن الحزب يمتنع عن كشف أوراقه، وأن ما يُنقل إلى رحال يبقى محصوراً بمواقفه العلنية التي اعتاد قاسم طرحها، ما يعني، من وجهة نظر رسمية، أن الحزب يرفض التقاط الفرص للانخراط في مشروع الدولة بتخليه عن سلاحه.

الرئيس اللبناني جوزيف عون لدى اجتماعه برئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي في قصر بعبدا أمس (الرئاسة اللبنانية)

وكشف أن رشاد موجود حالياً، وبتكليف من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في واشنطن لحث الإدارة الأميركية على الضغط على إسرائيل، ومنعها من توسعة الحرب وإلزامها بوقف الأعمال العدائية.

وأكد أن تواصل عون مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري مستمر، ويكاد يكون تعويضاً عن المراوحة التي طغت على حواره بالحزب. علماً بأن العميد رحال مكلف بتكثيف تواصله مع بري، ليس لأنه يحمل تفويضاً من «حزب الله» الذي كان وراء التوصل، مع الموفدين الأميركيين، إلى اتفاق لوقف النار برعاية واشنطن وباريس فحسب، بل لأنه الأقدر على استيعاب موقف الحزب وضبط أدائه، وقيادة عملية احتضانه التسوية من أجل إعادة الاستقرار إلى الجنوب. كما أنه يلتقي الموفدين الدوليين والعرب إلى لبنان، على عكس الحزب الذي لم يعد له حليف سوى إيران، واضعاً كل أوراقه في سلتها.

وفي هذا السياق، قال مصدر سياسي إن على قيادة «حزب الله» أن تُدرك جيداً أن هدر الوقت ليس لمصلحتها، ولم يعد أمامها أي خيار سوى الانخراط في مشروع الدولة، مشروطاً بتسليم السلاح، لأنها لا تملك، على الأقل في المدى المنظور، القدرة على استخدامه.

وتساءل المصدر: ما الجدوى من إيداع السلاح بعهدة طهران لاستخدامه لإعادة الاعتبار لمفاوضاتها مع واشنطن، كونها وحدها القادرة على تقديم الثمن لها، في مقابل تسليمها السلاح لأنها صاحبة الحق فيه وأمنت وصوله للحزب؟

وأكّد المصدر أن لدى أصدقاء لبنان قناعة راسخة بامتناع الحزب عن التجاوب مع الوساطات؛ لأنه ماضٍ في وضع سلاحه بخدمة إيران ليكون في وسعها تحسين شروطها في حال أبدت واشنطن استعدادها لمعاودة المفاوضات. وقال إن موقفها يؤدي حتماً إلى حشر الدولة، ويزيد من الإرباك الذي تتخبط فيه قيادة الحزب، ولا تأخذ بالنصائح لإنزالها من أعلى الشجرة.

ومع أن المصدر لم يستبعد مجيء وزير خارجية إيران عباس عراقجي إلى بيروت، فإنه يؤكد أن لقاءاته لن تُقدّم أو تؤخر، وأنه لا مجال أمامه للإمساك بالورقة اللبنانية لتسييلها، بالمفهوم السياسي للكلمة، لفتح ثغرة في الحائط المسدود الذي يقف عائقاً أمام استئناف مفاوضاتها مع واشنطن.

وعليه، يقف لبنان حالياً على مشارف حسم موقفه بإعداد جدول زمني لاستكمال حصرية السلاح، في ضوء فترة السماح التي أُعطيت له من قبل الدول التي شاركت في الاجتماع التحضيري الذي رعته باريس لانعقاد المؤتمر الدولي لدعم الجيش في فبراير (شباط) المقبل.

الدخان يتصاعد بعد غارات إسرائيلية استهدفت جنوب لبنان هذا الأسبوع (أ.ف.ب)