خلافات بين الدبيبة والمنفي حول رئاسة جهاز الشرطة القضائية

خالد حفتر يزور القاهرة... وقوات من «الجيش الوطني» تواصل تدريبها في بيلاروسيا

لقاء سابق بين الدبيبة والمجلس الرئاسي بقيادة المنفي (المجلس الرئاسي الليبي)
لقاء سابق بين الدبيبة والمجلس الرئاسي بقيادة المنفي (المجلس الرئاسي الليبي)
TT

خلافات بين الدبيبة والمنفي حول رئاسة جهاز الشرطة القضائية

لقاء سابق بين الدبيبة والمجلس الرئاسي بقيادة المنفي (المجلس الرئاسي الليبي)
لقاء سابق بين الدبيبة والمجلس الرئاسي بقيادة المنفي (المجلس الرئاسي الليبي)

في تطور يعكس عمق الانقسامات داخل مؤسسات الدولة الليبية، تفجرت أزمة جديدة حول قيادة «جهاز الشرطة القضائية»، بعد أن أصدر رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة عبد الحميد الدبيبة، قراراً بتعيين اللواء عبد الفتاح دبوب رئيساً للجهاز، متجاهلاً تعييناً موازياً كان قد أعلنه المجلس الرئاسي برئاسة محمد المنفي، لصالح اللواء عطية الفاخري.

دبوب المعين رئيساً لجهاز الشرطة القضائية في غرب ليبيا (وزارة العدل)

ويُهدد هذا التضارب «الاتفاق» المُبرم برعاية تركية لخفض التصعيد في العاصمة طرابلس، بخلخلة الترتيبات الأمنية الهشة.

ويتعارض القرار الذي أصدره الدبيبة مساء الأحد، بتسمية دبوب، الرئيس السابق لفرع جهاز الشرطة القضائية في الزاوية، رئيساً للجهاز، مع بنود الاتفاق الذي تم بين الحكومة و«جهاز الردع» لخفض التصعيد في طرابلس، برعاية المجلس الرئاسي، وبوساطة تركية.

وينصّ الاتفاق على أن اختيار رئيس الجهاز يتم بواسطة المجلس الرئاسي ضمن سلسلة تغييرات يفترض أن تشمل قيادة الشرطة القضائية وأمن المطارات، حيث شمل الاتفاق أيضاً تعيين أمراء كتائب أمن لبقية المطارات من قبل رئيس أركان المنطقة الغربية محمد الحداد، بالتشاور مع المنفي والدبيبة.

وكان مكتب المنفي قد أعلن، لدى تعيين الفاخري آمراً لجهاز الشرطة القضائية، أنه يتوقع التزام الحكومة بتنفيذ الاتفاق، لافتاً إلى أن الفاخري «يتمتع بحيادية ومهنية، ويحظى بقبول الأطراف جميعها».

وسبق للدبيبة أن عيَّن نائب وزير العدل علي شطيوي، المعروف بلقب «السرعة»، رئيساً لجهاز الشرطة القضائية بدلاً من رئيسه الحالي صبري هدية، الذي رفض قرار الدبيبة بإقالته، وحصل على حكمين قضائيين لصالحه من محكمة استئناف طرابلس في يوليو (تموز) الماضي بإلغاء قرار الدبيبة.

بدورها، أعلنت مصلحة المطارات التابعة لوزارة المواصلات بحكومة «الوحدة» بدء أعمال «رصف» المهبط الرئيسي بمطار طرابلس في خطوة نحو إعادة تأهيله وتشغيله من جديد.

وقال بيان للمصلحة، مساء الأحد، إن انطلاق «رصف» المهبط الرئيسي تحت إشراف جهاز تنفيذ مشروعات المواصلات يمثل محوراً أساسياً في مشروع إعادة الإعمار الشامل، وفيما أشار إلى أن اكتماله شرط جوهري لاستئناف العمليات الجوية بشكل آمن، أكد حرص إدارة المطار على المتابعة الميدانية المباشرة لجميع مراحل التنفيذ لضمان أعلى معايير الجودة والسلامة.

وقال «المجلس الاجتماعي لسوق الجمعة والنواحي الأربع» إنه بحث مساء الأحد في طرابلس آخر المستجدات على الساحة السياسية في البلاد، وأسباب تأخر مجلسي النواب والدولة في تنفيذ المرحلة الأولى من العملية السياسية، مؤكداً «ضرورة وضع آليات عملية تكفل الالتزام بالإطار الزمني المحدد في خريطة الطريق المعتمدة».

كما شدّد المجلس على أهمية التواصل المباشر مع بعثة الأمم المتحدة لضمان المُضي قدماً في المسار السياسي وفق الجداول الزمنية المتفق عليها بما يسهم في تحقيق الاستقرار، واستكمال الاستحقاقات الوطنية المنتظرة.

وفي شأن آخر، التزم عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، الصمت حيال معلومات عن اجتماع غير معلن عقده مؤخراً في القاهرة مع عبد الشفيع الجويفي وزير الحكم المحلي بحكومة «الوحدة»، بينما بدأ الفريق خالد حفتر، رئيس أركان «الجيش الوطني» زيارة إلى القاهرة، وفق وسائل إعلام محلية، لبحث ملفات التعاون المشترك.

وقالت قناة «ليبيا الحدث» الموالية للجيش، الاثنين، إن رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة المصرية الفريق أحمد خليفة استقبل الفريق خالد حفتر.

وبثت شعبة الإعلام الحربي بـ«الجيش الوطني» المتمركز في شرق البلاد، مساء الأحد، لقطات لتدريبات القوات الخاصة (الصاعقة والمظلات) في بيلاروسيا، شملت القفز المظلي بالتجهيزات العسكرية من ارتفاعات مختلفة، ضمن برنامج تدريبي متقدم في مهام الإنزال خلف خطوط العدو، وتنمية قدرات الجنود على أداء المهام الخاصة.

وأدرجت الشعبة هذه التدريبات في إطار رؤية القائد العام للجيش المشير خليفة حفتر «2030» لتطوير وتحديث قوات الجيش، مشيرة إلى أنها تتم بإشراف ومتابعة نائبه، ونجله الآخر الفريق صدام حفتر.


مقالات ذات صلة

احتجاجات مستمرة وقطع طرق بالعاصمة الليبية

شمال افريقيا رئيس حكومة الوحدة الليبية عبد الحميد الدبيبة (مكتب الدبيبة)

احتجاجات مستمرة وقطع طرق بالعاصمة الليبية

عاشت العاصمة الليبية طرابلس ليلة جديدة على صفيح ساخن، مع تجدُّد موجة احتجاجات غاضبة ضد حكومة «الوحدة» المؤقتة.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا شهدت مدن غرب ليبيا احتجاجات شعبية واسعة للمطالبة برحيل حكومة الدبيبة (إعلام محلي)

تجدد المطالب في غرب ليبيا برحيل الدبيبة وإجراء انتخابات رئاسية

أُقيمت في العاصمة الليبية طرابلس، السبت، مراسم تأبين رسمية وعسكرية مهيبة لرئيس أركان قوات حكومة «الوحدة» (المؤقتة)، محمد الحداد، ومرافقيه.

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا سجن معيتيقة في طرابلس (المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان)

«تكدس مراكز الاحتجاز» في ليبيا يعيد ملف السجناء للواجهة

دفعت الشكاوى المتصاعدة بشأن «تكدس مراكز الاحتجاز» وتردّي أوضاع السجناء، حكومتي شرق وغرب ليبيا إلى إعادة فتح ملف السجون.

علاء حموده (القاهرة )
شمال افريقيا الحداد خلال حفل تخرج سابق لفوج جديد من الضباط في ثكنة الخمس العسكرية (رويترز)

ما هي تداعيات وفاة رئيس الأركان الليبي وتأثيرها على المؤسسة العسكرية؟

عدَّ المحلل السياسي، فرج فركاش، أن غياب رئيس الأركان الليبي، الفريق أول محمد الحداد، بهذا الشكل المفاجئ «يشكل ضربة قوية للمؤسسة العسكرية في غرب البلاد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا لجنة التحقيق في حادثة سقوط الطائرة التي كانت تقل الحداد ورفاقه (وزارة الداخلية بطرابلس)

نقل الصندوق الأسود لطائرة رئيس الأركان الليبي إلى ألمانيا للتحقيق

توقع مصدر ليبي مقرب من المجلس الرئاسي وصول جثامين ضحايا الطائرة المنكوبة إلى البلاد، السبت، وذلك عقب انتهاء مراسم تأبينهم بقاعدة مرتد العسكرية في أنقرة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

مصر تُصعّد أفريقياً في مواجهة الاعتراف الإسرائيلي بـ«أرض الصومال»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستقبل الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود في مدينة العلمين (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستقبل الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود في مدينة العلمين (الرئاسة المصرية)
TT

مصر تُصعّد أفريقياً في مواجهة الاعتراف الإسرائيلي بـ«أرض الصومال»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستقبل الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود في مدينة العلمين (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستقبل الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود في مدينة العلمين (الرئاسة المصرية)

مواقف مصرية متتالية لليوم الثالث، تشتبك فيها مع الاعتراف الإسرائيلي بإقليم «أرض الصومال» الانفصالي بمقديشو، الذي تجمعه بالقاهرة اتفاق دفاع مشترك.

تلك المواقف المصرية يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تصعيداً أفريقياً محسوباً في مواجهة ذلك الاعتراف الإسرائيلي دون أن يصل لصدام، مشيرين إلى أن مصر ستتحرك عبر المؤسسات الدولية والأفريقية والدول المشاطئة للبحر الأحمر، لتوحيد المواقف وتعظيم الضغوط الرافضة، مع عدم استبعاد قيام القاهرة بوساطة لحوار صومالي - صومالي.

وطالبت مصر، الاثنين، بعقد جلسة طارئة لمجلس السلم والأمن الأفريقي، لرفض الاعتراف الإسرائيل بالإقليم الانفصالي أرض الصومال، وذلك في كلمة لوزير الخارجية بدر عبد العاطي، في الجلسة الوزارية لمجلس السلم والأمن الأفريقي، التي عُقدت افتراضياً، وفق بيان لـ«الخارجية المصرية».

وأعاد عبد العاطي في كلمته «تأكيد رفض مصر التام للاعتراف الإسرائيلي بما يسمى أرض الصومال بوصفه انتهاكاً صارخاً لمبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة والقانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي، ويقوّض أسس السلم والأمن الإقليمي والدولي، وبصفة خاصة في منطقة القرن الأفريقي».

وطالب عبد العاطي بـ«عقد جلسة طارئة لمجلس السلم والأمن الأفريقي لتناول هذا التطور الخطير، ولتأكيد وحدة وسلامة الأراضي الصومالية ورفض الإجراءات الأحادية الإسرائيلية التي تهدد السلم والأمن الإقليميين والدوليين».

والجمعة، أفاد رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، في بيان لمكتبه، بأنه «أعلن الاعتراف الرسمي بجمهورية أرض الصومال دولة مستقلة ذات سيادة»، بينما لا يتمتع ذلك الإقليم باعتراف رسمي منذ إعلانه الانفصال عن الصومال عام 1991، وتوالت المواقف العربية والمصرية المنفردة والمشتركة.

وعبرت مصر في بيانين مشتركين مع دول منها السعودية والأردن وتركيا، عن رفض ذلك الاعتراف الإسرائيلي، بخلاف بيان مصري منفصل، يؤكد الأمر نفسه، وذلك أيام الجمعة والسبت، والأحد، وفق رصد «الشرق الأوسط».

رئيس الصومال حسن شيخ محمود خلال حفل أقيم بمناسبة الذكرى الثمانين لتأسيس قوة الشرطة (أ ف ب)

ويرى عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير محمد حجازي، أن الدعوة المصرية الأخيرة مرتبطة بتصعيد الموقف الأفريقي تجاه الاعتراف الإسرائيلي عبر مجلس السلم والأمن الأفريقي بوصفه الجهاز المعني بمهددات الأمن على الساحة الأفريقية، إذ إن اعتراف إسرائيل يهدد أحد أهم مبادئ الاتحاد الأفريقي وهو مبدأ «قدسية الحدود»، مشيراً إلى أن دعوة مصر تأتي للتعبير عن المخاطر التي يحملها قرار الاعتراف على القارة السمراء بوصفه تهديداً صريحاً للأمن الأفريقي، لا سيما أنه يحرض على تنشيط «حركة الشباب» الإرهابية بهذه المنطقة.

ويشير الخبير في الشؤون الأفريقية، مدير «مركز دراسات شرق أفريقيا» في نيروبي، الدكتور عبد الله أحمد إبراهيم، «لوجود علاقات استراتيجية بين مصر والصومال، وهناك اتفاق دفاع مشترك، ومصر تتحرك من منطلق موقف وطني عربي بالمقام الأول، خصوصاً أن أي دور لإثيوبيا أو إسرائيل في باب المندب عبر الإقليم الانفصالي عن الصومال، تهديد لأمن مصر ودول البحر الأحمر»، مؤكداً أن هذا التصعيد الذي تدفع نحوه مصر مهم لتأمين الجبهة الأفريقية تزامناً مع خطوات دولية قد تتخذها مصر بمجلس الأمن.

ذلك الموقف المصري، يتناسب مع مشاركة القاهرة في اجتماع طارئ في الجامعة العربية على المندوبين، الأحد، والذي قرر تقديم طلب لمجلس الأمن لاتخاذ موقف حازم إزاء الاعتراف الإسرائيلي بإقليم الشمال الغربي للصومال ما يسمى إقليم أرض الصومال، مشدداً على حق مقديشو في الدفاع الشرعي عن أراضيها.

ويبحث مجلس الأمن لاحقاً التداعيات السياسية والقانونية لاعتراف إسرائيل بـ«أرض الصومال» دولةً مستقلة، بناءً على طلب عاجل تقدمت به الحكومة الفيدرالية في الصومال، التي عدت الخطوة الإسرائيلية «هجوماً متعمداً» على سيادتها ووحدة أراضيها.

وسبق أن رفضت مصر بقوة أي وجود إثيوبي في أرض الصومال عقب توقيع الجانبين اتفاقية في مطلع 2024، تسمح لأديس أبابا بالوجود عبر البحر الأحمر، وأبرمت في أغسطس (آب) من العام نفسه، اتفاقاً عسكرياً مع الصومال وأمدتها بمعدات وأسلحة في الشهر الذي يليه.

يلوح السكان بأعلام أرض الصومال وهم يتجمعون للاحتفال بإعلان إسرائيل الاعتراف بدولة أرض الصومال وسط مدينة هرجيسا (أ.ف.ب)

ويستبعد حجازي أن تصل الأزمة لصدام، وتوقع «تحركاً مصرياً متوالياً عبر المؤسسات الدولية والأفريقية وعبر مجلس الدول المشاطئة للبحر الأحمر، لتوحيد المواقف وتعظيم الضغوط الرافضة، مع تحرك مصري محتمل للقيام بوساطة وحوار صومالي - صومالي قبل الانتقال لأي مرحلة جديدة».

ورغم هذا التصعيد المصري، فإن إبراهيم، لا يعتقد أنها ستصل إلى مرحلة الصدام؛ إذ إن مصر وإسرائيل دولتان جارتان ولديهما علاقات دبلوماسية والقضية خارج حدودهما، لافتاً إلى أن الضغوط المصرية ستحاول إيجاد مخرج للقضية يحفظ الأمن القومي للبلاد وأمن دول البحر الأحمر على أساس أن استقرار الصومال هو استقرار للأمن القومي العربي، وفي المقابل هناك ترقب إسرائيلي للمواقف العربية لا سيما المصرية للبناء عليها بالتجميد أو التصعيد.


أكثر من 800 ألف نازح في جنوب كردفان و16 ألفاً دون مأوى في الخرطوم

 نازحون سودانيون بالعراء بعدما فروا من بلدة هجليج التي سيطر عليها «الدعم السريع» بغرب السودان إلى مدينة القضارف في الشرق 26 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)
نازحون سودانيون بالعراء بعدما فروا من بلدة هجليج التي سيطر عليها «الدعم السريع» بغرب السودان إلى مدينة القضارف في الشرق 26 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)
TT

أكثر من 800 ألف نازح في جنوب كردفان و16 ألفاً دون مأوى في الخرطوم

 نازحون سودانيون بالعراء بعدما فروا من بلدة هجليج التي سيطر عليها «الدعم السريع» بغرب السودان إلى مدينة القضارف في الشرق 26 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)
نازحون سودانيون بالعراء بعدما فروا من بلدة هجليج التي سيطر عليها «الدعم السريع» بغرب السودان إلى مدينة القضارف في الشرق 26 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

أعلنت منظمات مدنية بالسودان نزوح أكثر من 800 ألف مواطن من مدن ولاية جنوب كردفان المحاصرة إلى مناطق سيطرة «الحركة الشعبية لتحرير السودان» مع تعرُّض عاصمة الولاية كادوقلي ومدينة الدلنج ثاني أكبر مدنها لقصف بالمدفعية والمسيّرات على مدى أشهر؛ كما أفادت بأن أكثر من 16 ألفاً في الخرطوم أصبحوا يعيشون في العراء منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بعد أن أزيلت منازلهم.

وقال «تحالف قوى جبال النوبة المدنية» في بيان إن إحصاءاته الأولية تشير إلى نزوح نحو 825 ألف سوداني من مدن ولاية جنوب كردفان، خصوصاً مدينتي كادوقلي والدلنج اللتين تحاصرهما قوات «الدعم السريع»، وحليفتها «الحركة الشعبية لتحرير السودان» تيار عبد العزيز الحلو.

وذكر البيان أن أكثر من 583 ألفاً منهم نزحوا إلى المناطق التي تقع تحت قيادة «الحركة الشعبية لتحرير السودان - شمال» وفق أحدث إحصائية.

وأدان التحالف ما أطلق عليه «الانتهاكات وعمليات القتل» التي قال إنها شملت مدنيين نتيجة للتصعيد العسكري من الطرفين.

وأوضح البيان أن المرافق العامة الاستراتيجية في مدينة الدلنج ظلت تتعرض للاستهداف بالمسيّرات والمدفعية طوال الشهر الماضي، ما أدى إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى، دون توفر إحصاءات عن أعدادهم.

تعطل الحركة وتعثر الخدمات

وتخضع مدن ولاية جنوب كردفان خصوصاً العاصمة كادوقلي ومدينة الدلنج لحصار خانق تفاقمت حدته عقب استيلاء «الدعم السريع» على مدينة بابنوسة وبلدة هجليج النفطية بولاية غرب كردفان، وانسحاب قوات الجيش التي كانت في تلك البلدات إلى دولة جنوب السودان.

وقال التحالف إن الحصار أدى إلى تعطيل الحركة والتنقل، وإلى تعثر الخدمات بما في ذلك انقطاع الاتصالات، ما جعل عائلات كثيرة «في حالة عجز كامل عن النزوح أو البقاء».

نازحة سودانية بمدينة القضارف بشرق السودان بعد فرارها من منطقة هيجليج في الغرب 26 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

وحذر البيان من معلومات قال إنها متداولة عن فرض بعض الأطراف العسكرية رسوماً كبيرة على المواطنين للسماح لهم بالمرور، مع مصادرة مستنداتهم الرسمية؛ دون أن يسمي تلك الأطراف.

وقال البيان إن مسارات عبور الفارين من القتال تقع تحت سيطرة أطراف القتال، وناشدها عدم تعطيل خروج المواطنين من مدينتي كادوقلي والدلنج، وإلى عدم استخدام المُسيرات القتالية في المناطق المأهولة وتجمعات النازحين.

جوع ومرض وبرد

وعلى صعيد الحياة المعيشية، قال البيان: تسببت موجات النزوح وعمليات التصعيد العسكري في ارتفاع «خانق» للأسعار والإيجارات ووسائل النقل.

وأشار إلى أن الراغبين في الخروج من مدنهم يستخدمون عربات «التوكتوك»، بتكلفة تزيد على مليوني جنيه سوداني (548 دولاراً)، فيما تصاعدت أسعار السلع الرئيسية؛ فعلى سبيل المثال بلغ سعر الكيلوغرام الواحد من السكر 24 ألف جنيه، بينما كان سعره حوالي 600 جنيه قبل الحرب، وارتفع سعر كيلوغرام العدس إلى 26 ألفاً مقارنة مع 900 جنيه تقريباً قبل الحرب.

ويبلغ متوسط الأجور بالسودان نحو 150 ألف جنيه. (الدولار يساوي 3650 جنيهاً سودانياً)

وتفشت ظاهرة النهب والسرقة التي يتعرض لها النازحون في أثناء فرارهم.

وأشار أيضاً «تحالف قوى جبال النوبة المدنية» إلى تدهور الوضع الصحي نتيجة مغادرة الكوادر الطبية وخروج المستشفيات، بما فيها المستشفى العسكري، عن الخدمة بسبب القصف.

وقال البيان: «مستشفى واحد فقط يعمل حالياً»، وسط نقص حاد في المستلزمات الطبية.

وناشد المنظمات الإقليمية والدولية وصناديق الدعم التحرك العاجل لإنقاذ النازحين «من الجوع والمرض والبرد»، وطالب كلاً من الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» فتح المسارات البرية لتوصيل المواد الإغاثية.

إزالة مساكن

وفي الخرطوم نقلت «طيبة برس»، وهي هيئة إعلامية مستقلة، أن أكثر من 16 ألفاً من مواطني أحياء جنوب الخرطوم أصبحوا يعيشون في العراء بسبب إزالة منازلهم من قبل «سلطات» تابعة لولاية الخرطوم.

وقالت إن السلطات نفذت حملة إزالة لمساكن قالت إنها «مخالِفة» في محلية جبل أولياء بجنوب الخرطوم ابتداء من الثالث من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، شملت 3600 منزل في حي «مانديلا»، و2046 منزلاً في حي أنقولا، و1450 منزلاً في مربعات (2، 3، 5، 6).

ورسمياً، نسبت حملة «أصوات السودانيين» إلى مدير «جهاز حماية الأراضي وإزالة المخالفات» بولاية الخرطوم، عبد العزيز عبد الله، اعترافه بإزالة 3668 «مسكناً عشوائياً» - على حد تعبيره - بالرغم من أن الإحصاءات الفعلية تشير إلى إزالة أكثر من 11 ألف منزل دون إنذار مسبق، وفقاً للحملة.

وذكرت الحملة أن مواطنين متضررين طالبوا ببدائل عاجلة وإجراء دراسات اجتماعية قبل الإزالة، وحذروا من أخطار التشريد وتأثير الحرب على النساء والأطفال والمرضى.


أول بعثة أممية إلى الفاشر في السودان تتحدث عن مدنيين في حالة «صدمة» وظروف عيش «مُهينة»

فتاة سودانية نازحة في مخيم بمدينة القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)
فتاة سودانية نازحة في مخيم بمدينة القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)
TT

أول بعثة أممية إلى الفاشر في السودان تتحدث عن مدنيين في حالة «صدمة» وظروف عيش «مُهينة»

فتاة سودانية نازحة في مخيم بمدينة القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)
فتاة سودانية نازحة في مخيم بمدينة القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)

حذّرت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان دينيس براون، الاثنين، عقب عودتها من الفاشر في غرب السودان، عن حالة «صدمة» يعيشها السكان في «ظروف مهينة وغير آمنة».

تمكنت بعثة لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا» من دخول الفاشر، الجمعة، للمرة الأولى بعد شهرين من سيطرة قوات الدعم السريع عليها، عقب «مفاوضات شاقة»، وفق ما ذكرت براون، في مقابلة مع «وكالة الصحافة الفرنسية» عبر الفيديو.

وقالت براون: «هؤلاء الأشخاص يعيشون في ظروف هشة للغاية... بعضهم يعيش في مبانٍ مهجورة. وآخرون... في ظروف بدائية، مع أغطية بلاستيكية ودون وسائل نظافة، ولا ماء. هذه طروف مُهينة وغير آمنة للناس».

وفي أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أحكمت «قوات الدعم السريع» سيطرتها على مدينة الفاشر، آخِر معاقل الجيش السوداني في إقليم دارفور، بعد حصار استمرَّ لأكثر من 18 شهراً، تخلّلته معارك عنيفة، وسط تقارير وأدلة على وقوع عمليات قتل جماعي، واختطاف، واغتصاب بحق المدنيين.