لا تزال احتفالات «زينيا (Zegna)» بمرور قرن على تأسيسها مستمرة. الدار التي انطلقت من بلدة تريفيو في شمال إيطاليا عام 1910، تعرف تماماً أنها ليست بحاجة إلى التعريف بإرثها أو تاريخها من جديد. فزبائنها، من كل الأعمار، يدركون ما تكون، ويقدرون الحرفية التي شكّلت هويتها كل هذه العقود. من هذا المنظور، لا تبدو معنية كثيراً بـ«النفخ في صورتها». لكن مائة عام من التطور المستمر، تستحق الإشادة والاحتفال، ولو ببدلة.
في بيان صحافي وزعته على وسائل الإعلام، كشفت «زينيا» عن تفاصيل تشكيلتها لموسم «خريف وشتاء 2025». كانت البدلة النجم الرئيسي، وجاء فيه: «إنها ليست بدلة؛ إنها (زينيا - ZEGNA)». جملة تستدعي إلى الأذهان الشعار الشهير الذي أطلقته شركة «باتيك فيليب» للساعات الفاخرة في عام 1996 وتحول إلى مقولة مأثورة أصبحت مرادفاً للدار: «لن تمتلك ساعة (باتيك فيليب) أبداً، بل فقط ستعتني بها من أجل الجيل التالي».

التشابه بين العلامتين لا يتوقف عند الشعارات، فكلتاهما تنطلق من تاريخ عريق وشغف بالحرفية بصفتها استثماراً طويل الأمد قد يصل إلى التوريث. قد تختلف الخامات والألوان والنقشات، لكن تبقى الحرفية دائماً الخيط الرابط بينها مهما تغير الزمن والأذواق.
في حملتها الترويجية الأخيرة، اختارت «زينيا» النجم مادس ميكلسن (Mads Mikkelsen) بطلاً لها. اختيارها الممثل الهولندي الأصل ليس صدفة. في البيان تصفه الدار بأنه «شخص متزن وواثق بنفسه، ويرتبط بمعانٍ جوهرية تتعدى المظهر الخارجي». وبما أن تشكيلتها لـ«خريف وشتاء 2025»، تندرج تحت مفهوم «الأناقة الصامتة» بطابعها البسيط ظاهرياً لكنه ينبض بالذوق الرفيع في كل تفاصيله، فإن ميكلسن خير وجه يمكن أن يُمثِّل البدلة المقترحة عابرة للزمن والأجيال والثقافات.

من بين التصاميم المقترحة، تبرز بدلة «فيلوس أوريوم (Vellus Aureum)» ولها قصة وتاريخ. في نسختها الأولى، صُنعت من صوف «فيلوس أوريوم» الذهبي، وأعيد تصميمها هذا الموسم باستخدام قماش فلانيل ناعم وخفيف الوزن مع اهتمام بالتفصيل والتفاصيل البعيدة عن الاستعراض.
وتشرح الدار أنها حافظت في تصميم البدلة على تقنيات الأزياء الراقية؛ بدءاً من السروال بلمساته النهائية اليدوية وبطانته من الحرير الخالص، وصولاً إلى التفاصيل الهندسية المتفردة التي تحرص «زينيا (ZEGNA)» على تطبيق تقنياتها. هذه البدلة لها مكانة خاصة في أرشيف وثقافة الدار، رغم أنها وُلدت منذ قرن من الزمن.
البداية:
المجموعة عموماً وبدلة «فيلوس أوريوم (Vellus Aureum)» تحديداً مستوحاة من منهجية بدأها المؤسس إريمينغيلدو زينيا Ermenegildo Zegna، في عام 1910 في تريفيو، شمال إيطاليا. وانطلق فيها من رؤية أرادها أن تتخطى حدود الأقمشة التقليدية والخياطة الرجالية التقليدية التي كانت سائدة حينها.
كان يُدرك أنه، ولكي يتميز ويتفوق على غيره من الخياطين الذين كانت تزخر بهم منطقة تورينو، عليه ابتكار أجود أنواع الأقمشة. لصياغتها استعان بخياطٍ شخصي من مدينة تورينو، تميز بأنامل من ذهب. كان ماهراً في تحويل الأقمشة المميزة إلى بدلاتٍ أنيقة، والأهم من هذا كان ماهراً في ترجمة رؤية إريمينغيلدو. وبينما كانت التصاميم من بنات أفكار المؤسس، كان التنفيذ لخياطه الخاص، الذي ساهم في بلورة أسلوب الدار في عالم التفصيل الرجالي كما نعرفه اليوم.

من بين ما أثمره هذا التعاون آنذاك، بدلة «فيلوس أوريوم» الأيقونية. طلبها إريمينغيلدو Ermenegildo من خياطه من صوف «فيلوس أوريوم» الذهبي، وهو من أغلى الخيوط التي ابتكرها على الإطلاق. كان حريصاً على أن تكون في غاية الأناقة لتليق بدعوة لحضور حفل في مسرح «ريجيو دي تورينو»؛ أعرق مسارح المدينة. والنتيجة كانت بدلة غير مسبوقة، ويمكن القول إنها الشرارة التي أطلقت أسلوب تورينو المميز في فضاءات الأناقة.
النسخة المعاصرة
واليوم، بعد أكثر من قرن، تكتب «زينيا (ZEGNA)» فصلاً جديداً يحتفي بالمؤسس وما خلّفه من أرشيف غني، تجسّد في تصاميم ابتُكرت بإلهام من بدلة المؤسس، لكن بصياغة معاصرة، تأخذ فيها الأكتاف أشكالاً هندسية محددة، والياقاتُ أشكالاً عريضة. هذا؛ وتتميز كل سترة بأكمامٍ مزينة بصف من 3 أزرار، بالإضافة إلى جيوب دائرية متوافرة بقصتين مخفية ومبطنة. وتأتي هذه العناصر جميعها لتُبرز أسلوب تورينو الأنيق. فالفكرة لا تزال نفسها: قطع لا تعترف بزمن.
















